حوارات سينمائية... ع الماشي
مع الناقد السينمائي السوري صلاح سرميني
ماهي
أول ذكرى لك عن الأفلام؟
كان ذلك في عمر الخامسة، أو السادسة، عندما أخذني أخي
عبد المعطي معه إلى إحدى الصالات الشعبية في حلب
(أعتقد أنها كانت سينما الفردوس)، حيث تعرّفت لأول
مرةٍ على السينما، الأفلام، الظلام، الصياح، المأكولات
السريعة، والمشروبات الغازية، ..والروائح العفنة، بعد
ذلك، أُصبت بعدوى السينما، وأصبحت مدمناً عليها،
وقتذاك، كنت أعتقد بأن كلّ ما نشاهده يحدث خلف شاشة
العرض، وكان يراودني سؤالُ هوسيّ : كيف تموت شخصيةٌ
ما، وتعود إلى الحياة من جديد؟
ما هو أول فيلم أجنبي شاهدته؟ وماذا كانت ردّة فعلك
حياله؟
كان ذلك العرض الأول يتضمّن فيلمان بآنٍ واحد (كعادة
الصالات الشعبية)، الأول فيلم رعبّ، لا أتذكر منه إلاّ
رجلاً ينبتُ الشعر في وجهه، ويتحوّل إلى وحشٍ، جعلني
لسنواتٍ عديدة أخشى البقاء لوحدي في الظلام خوفاً من
ظهور "أبو الشعر"، والثاني، فيلمٌ حربيّ، لا أتذكر منه
أيضاً إلاّ مصفحة عسكرية، وجنوداً، ولكنني ما زلتُ
أتذكر بأنني استغرقت في النوم خلال عرض الفيلميّن،
وكانت تلك الساعات، بالنسبة لي، حلماً.
ما هو الحوار الذي يحضرك دوماً أكثر من أيّ حوارٍ آخر
في الافلام التي شاهدتها؟
بعض حواراتٍ من فيلم "المومياء" لـ"شادي عبد السلام"،
ومنها:
ما نحن إلاّ حبة رملٍ في جوف هذا الجبل، اتبعوني....
بالنسبة للسينمات الأجنبية، أعتقد بأن المُولعين
بأفلام "جان لوك غودار" لن ينسوا تلك الجملة الحوارية
الشهيرة جداً التي يقولها "جان بول بولموندو" في فيلم
"على آخر نفس"
:
« Si vous n'aimez pas la mer, si vous n'aimez pas
la montagne, si vous n'aimez pas la ville. allez
vous faire foutre
!»
لو ما بتحبوش البحر، لو مابتحبوش الريف، لو ما بتحبوش
المدينة...روحوا في ستين داهيه.
إذا وصفنا مهرجان دبي السينمائي الدولي (الذي كنت تعمل
مستشاراً فيه قبل أن يتوقف) على أنه فيلم، فأيّ واحد
سيكون؟
رُبما الفيلم الهنديّ "جودا أكبر" للعظيم
(Ashutosh
Gowariker)
من إنتاج عام 2008، وبالتحديد مشهد الأغنية:
Azeem O Shaan
Shahenshah Jodhaa Akbar
(عظيم الشأن الشاهنشاه جودا أكبر).
ورُبما فيلم (Dune)
الذي لم يتمكن (Alejandro
Jodorowsky)
من إنجازه.
كيف برأيك ستتطور السينما كونها صناعةً، ووسيطاً في
الأعوام المائة المقبلة؟
من هذا "الخبيث" الذي وضع هذا السؤال، وأجبرني على
التفكير لمدة ساعة، ونصف، وأربع دقائق، وثانيتيّن، كان
بإمكاني خلالها مشاهدة نصف فيلم هندي، أو ثلاثة أفلام
تجريبية، وربع.
لقد جعلني هذا السؤال "على آخر نفس" (À
bout de souffle)،
أفكر بالجملة التي ترددها "آنا كارينا" (Anna Karina)
في فيلم "ببيرو المجنون"(Pierrot le
Fou):
Qu'est ce que je peux faire, j'sais pas quoi faire.
ماذا يمكنني أن أفعل، لا أعرف ماذا أفعل.
ولولا ضيق المساحة لكتبتُ شعراً سوريالياً.
ما هو أفضل شيء حظيّت به من السينما؟
منذ تعرّفي على السينما لأول مرة، وعلى الرغم من تأثير
أول فيلم رعب شاهدته في حياتي، إلاّ أنها فيما بعد،
جعلتني أعيش أحلام يقظة بشكلٍ دائم، وكلما خذلني
الواقع، وشخصياته، ألجأ إلى السينما، فأجدها دائماً
أكثر محبةً، وتسامحاً، وانتصاراً للخير، والقيم
النبيلة.
*على الأرجح، تمّ إجراء هذا الحوار المختصر بمناسبة
الدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي |