(الكتابة بالضو) لامين صالح..

رؤى نقدية فـي فضاء (الفن السابع)

عمان - ناجح حسن

صدر عن نادي المنطقة الشهرية الادبي ضمن منشورات مسابقة افلام السعودية في دورتها الاولى كتاب  الكتابة بالضؤ  للاديب البحريني امين صالح وفيه يناقش تاليفا وترجمة جملة من الموضوعات والقضايا التي تتعلق بتيارات واتجاهات السينما العالمية المعاصرة .

يستهل الكتاب موضوعاته في التعريف بالمخرج الروسي الراحل اندريه تاركوفسكي .. شاعر السينما كواحد من ابرز صناع السينما العالمية والذي جاء ضمن مجموعة من الاسماء تحت عنوان  شخصيات سينمائية  وعنه يستشهد بشهادات لاقرانه من مخرجي السينما العالمية حيث يقول عنه انجمار برغمان  تاركوفسكي في نظري هو الاعظم هو الذي ابتكر لغة جديدة تعبر تماما عن طبيعة الفيلم ذلك لانها تاسر الحياة كانعكاس الحياة كحلم  ثم ينطلق منه الى عالم سينما المخرج الفرنسي / البولندي الاصل كيشلوفسكي وبراعته في استنطاق المجهول صاحب ثلاثية الالوان الشهيرة احمر ابيض ازرق والذي اشاد النقاد بسشائر افلامه اللافتة جماليا وفكريا .

وفي ترجمة لحوار مع المخرج الايراني عباس كيروستامي اجري معه في الولايات المتحدة الاميركية بمناسبة تسلمه جائزة اكيرا كيروساوا يقول فيه ان زمن شهرزاد ولى .. مبينا ان السينما تصنع لكل بني البشر رغم اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم نظرا لانها تحكي جوانب من الالم والسعادة وهي تجمع بين كل الحضارات الانسانية ومن السينما الاسبانية يتأمل صالح ملامح من سينما فيكتور ايرثيه وتلك اللغة المتفجرة من الشفق وواحد من اكثر مخرجي العالم انحيازا الى السينما الفنية الخالصة النقية ذات اللغة الشعرية رغم انه لم ينجز طوال العقود الثلاثة الاخيرة سوى ثلاثة افلام : روح خلية النحل  و  الجنوب  بالاضافة الى فيلمه التسجيلي المعنون  شمس شجرة السفرجل  .

ومن السينما الفرنسية يعرج الكتاب على مسيرة المخرج جورج فرانجو صاحب المبادرات السينمائية الخلاقة عندما ساهم مع زميله هنري لانجلوا بتاسيس السينماتيك الفرنسي الذائع الصيت وهو المخرج الاقل شهرة وانتاجا وعادة ما تتسم افلامه بالغرابة والدعابة السوداء والروح التهكمية والعنف والمسحة الجمالية .

ويختار صالح شخصية الممثل والمخرج الاميركي باستر كيتون التي يصفه بعبقري الكوميديا حيث يعثر المشاهد لاعماله على مخزون من الضحك لكن في مزيج من الالم ويلخص افلامه التي حققها قبل ان تنطق السينما 1920- 1927 بانها تظل حية وطرية وقوية ومحركة للمشاعر ومضحكة على نحو مدهش بل هي من اغنى مراحل كيتون واكثرها تالقا.

وكان لابد من الوقوق ايضا على شخصية على ذات المنوال من الفرادة الابداعية في حقل الكوميديا وهو شارلي شابلن .. الرجل الصغير الذي نجح في توظيف الكوميديا كاداة للكشف عن التناقضات المتجذرة في المجتمع والاشارة الى تعارض بين الالية والحاجات الانسانية الاساسية .

وبعيدا عن عالم الاخراج يقتطف الكتاب من شخصية مدير التصوير السينمائي فيتوريو ستورارو عنوانه  الكتابة بالضؤ  باعتباره المعنى المرادف لعملية التصوير السينمائي والذي قاده لان ينال العديد من الجوائز ..

حيث فاز بجائزة الاوسكار ثلاث مرات عن افلام :  القيامة الان  وفيلم  حمر  وفيلم  الامبراطور الاخير  .

يطرح الكتاب في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان  اتجاهات / قضايا  العديد من المسائل والاشكاليات التي تتعلق بخطاب السينما كفن سابع جديد مع غيره من الفنون الاخرى : فهناك قراءات لاوجه الشبه والخلاف بين البناء الدرامي للفيلم وسرد ية الرواية والفن التشكيلي في الوانه المتفجرة والموسيقى وترانيمها الثرية ثم يعاين السينما الهندية والسينما المصرية في تسلسل تاريخي جذاب وصولا الى رؤية المؤلف الى تلك العلاقة التي تجمع بين الفيلم والمتفرج .

في الفصل الثالث والاخير المعنون  افلام  يختار الكاتب عشرين فيلما سينمائيا من قامات الابداع في السينما المعاصرة محللا ومفككا لنواحيها الجمالية والفكرية وعارضا اتجاهاتها وتياراتها ومعرفا بمخرجيها القادمين من ثقافات متباينة لافتا ايضا الى الاشارات والدلالات العميقة التي تنهض عليها تلك الافلام وكيف غدت من العلامات الاكيدة العالقة في ذاكرة الفن السابع. لا شك ان الكتاب يسد ثغرة في المكتبة العربية بحيث يستفيد منه عشاق هذا النوع من الفنون ويعمل على تعريف الاجيال الجديدة من المخرجين الشباب بتلك الطاقات الابداعية في مضمار السينما في تنوع فريد طافح بالرؤية والتحليل النقدي الوافي.

الرأي الأردنية في 7 أغسطس 2008