تفتح (سيدني بريستو) عينيها فتكتشف انها في شارع خلفي في هونغ
كونغ، وفي لحظة ذهولها وشرودها تتصل بوكالة المخابرات المركزية
الأمريكية فتصطدم بحقيقة أن الجميع اعتقد انها ماتت منذ عامين، وان
حبيبها وزميلها في الوكالة، نثر بنفسه رمادها في البحر، وتكتشف أنها
تعرضت لعملية غسيل دماغ فلم تعد تتذكر ما حدث لها في العامين
الماضيين.. انها نفس الدهشة التي تصاب بها (سيدني بريستو) حين تكتشف
ذات صباح أن قسم العمليات الخاصة بالسي آي أيه، التي تعمل فيها والتي
تعتقد انها (تحارب الأشرار) كانت في حقيقة الأمر مأوى لأخطر الأشرار،
وهي نفس الدهشة التي تعتريها حين تكتشف أن أمها، أستاذة الأدب
الانجليزي، ما هي إلا عميلة للاستخبارات السوفيتية، وأن والدها، الذي
من المفترض أن يعمل بائعاً لقطع غيار الطائرات، ما هو إلا عميل مزدوج،
وأن رئيسها في العمل (أرفن سلون) هو المشتبه الأول في مقتل خطيبها،
واختطاف صديقها، وأن حبيبها (مايكل فون) هو عضو في جماعة سرية اسمها
(النبي الخامس) تابعة للسي آي أيه.
هذا هو عالم المسلسل التلفزيوني
ALIAS
(تعني الاسم البديل أو المزيف) حيث نواجه بعالم من الغموض المتواصل،
والأسرار الخفية، والصراع المرير بين الخير والشر. ورغم أن (سيدني
بريستو) بطلة المسلسل (تؤدي دورها باقتدار الممثلة جنيفر غارنر،
الحائزة على جائزة غولدن غلوب كأفضل ممثلة تلفزيونية عن دورها في
المسلسل) تعمل ضد الشر المذهل المحاط حولها: في عائلتها، وفي وكالة
الاستخبارات، وفي العالم كله، إلا أنها تحاول، بشتى الوسائل، التوافق
بين حياتها الشخصية وواجباتها الوظيفية كعميلة محترفة. وينجح المسلسل
في أخذ المتفرج إلى أعلى درجات الغموض، والمفاجآت والأحداث غير
المتوقعة في كل حلقة من حلقات المسلسل التلفزيوني، فالمتفرج لا يعرف عن
الشخصيات إلا أفعالها الحاضرة، الآنية، والتي تكون لها صلة ما بالحياة
اليومية للعميلة (سيدني بريستو)، والمسلسل يتعمد أن لا يعطي المتفرج
أية تفاصيل عن حياة وتاريخ هذه الشخصيات وحالاتها الاجتماعية والنفسية،
أن وجودها مرتبط بوجود (سيدني بريستو)، فالشخصيات كلها مليئة بالغموض
والأسرار والأقنعة، ويمكن في أية لحظة أن تكتشف أن هذه الشخصية التي
أمامك هي على عكس ما كانت تظهر عليه قبل قليل. وأفضل مثال على ذلك هو
رئيس القسم (أرفن سلون) بما يكتنفه من غموض وأسرار وخبث. تقول له
الطبيبة النفسانية: (أنت عالم من الأسرار والغموض)، فلا يجيب بل يبتسم
ابتسامة قصيرة والتماعة شيطانية تشع من عينيه.
عالم (أرفن سلون) هو عالم الكذب والخداع والمؤامرات، أنه أقدر
شخص يدير وكالة الاستخبارات، وحتى حين يلقى القبض عليه ويودع السجن،
تعود السلطات وتعفو عنه وتعيده إلى وظيفته لأنها بحاجة إلى خبرته
ودهائه.
(أرفن سلون) هو نوع من الأشرار الخطرين، فهو يدرك أنه شرير،
وهو غير راض عن أفعاله وشخصيته الشريرة، ويحاول في مرات عديدة أن يصلح
من نفسه، بفعل الأبوة أحياناً، والشعور بالذنب أحياناً، إلا أنه ينجذب
مرة أخرى إلى مدار الشر، وهذا ما يدفع المشاهد إلى النفور منه والإعجاب
به في نفس الوقت، فهو يتوقع منه في كل مرة يقرر فيها إصلاح نفسه أن
يكون صادقاً ولو لمرة واحدة، ولكن (سلون) يخيب ظن المتفرج في كل مرة.
إضافة إلى كون (أرفن سلون) رئيساً لقسم العمليات الخاصة
بالوكالة، فهو مهووس إلى حد الجنون بأبحاث العالم الإيطالي (ميلو
جياكومو رامبالدي)، وهي شخصية عاشت في الفترة من 1444-1496 جمعت بين
عبقرية ليوناردو دافنشي ونبوءات نوسترادموس، فقد كان عبقرياً في علم
الحركة، والجينات الوراثية، وهندسة البروتينات والرياضيات وعلم
التشفير، ويقال أنه سبق عصر المعلومات الالكترونية باختراعه لغة
التشفير في القرن الرابع عشر، وتم إعدامه حرقاً بتهمة الهرطقة. (أرفن
سلون) يسعى، بكل وسيلة، إلى الحصول على مخطوطات (رامبالدي) وهو في سبيل
ذلك لا يتواني عن ارتباك أفظع الجرائم، ولا يعنيه سقوط الضحايا ونوع
الضحايا، فهو يتسبب بقتل زوجته، ويعرض ابنته الوحيدة (ناديا) إلى خطر
الموت اعتقاداً منه انها (المسافرة) التي تحدث عنها (رامبالدي) في
مخطوطته.
على البطلة (سيدني بريستو) أن تحارب كل الأشرار والإرهابيين
والمتطرفين الدينيين في كل مكان من العالم، يساعدها في ذلك والدها (جاك
بريستو) المليء بالغموض والأسرار، وحبيبها (مايكل فون) الذي يتضح انه
شخص آخر في نهاية المسلسل، وعليها أن تقرر بنفسها ما هو الصواب وما هو
الخطأ، فأتباع (رامبالدي) المهووسون لا يعنيهم الصواب ولا الخطأ في
تنفيذهم لوصاياه الغامضة، وهم على استعداد للتضحية بالحياة البشرية
نظير وصولهم إلى هدف غامض غير مفهوم وغير موجود.
الأيام البحرينية في 1 ديسمبر 2007
|