فضيلة التحدّي
محمد رُضا
طالما كتبتُ في منشوراتٍ، ومواقع، وصحف شتّى عن قيمة التحدّي
الذي على كلّ واحدٍّ منّا، بصرف النظر عن موقعه، وعمله، أن
يقوم به، طالما أشرتُ إنه من دون هذا التحدّي فإنّ الوصول إلى
النتائج عملية صعبة، ومتباعدة الحدوث.
قصدتُ بذلك التحدّي الذي شعر به عمر الشريف عندما قرر أنّ يصبح
ممثلاً عالمياً، التحدّي الذي واكب روبرت فلاهرتي ليكون،
ولزمنِ طويل، أحد أكثر مخرجي السينما التسجيلية شهرة، ونشاطاً.
التحدّي الذي دفع جان-لوك غودار لكي يحرص على تحقيق أفلامه كما
يريد، ويحقق عبرها ما جعله اسماً عالمياً.
التحدّي الذي كان كفيلاً بتحويل العديد من أفلامنا العربية،
ومخرجيها، وفنانيها إلى أسماء عالمية كبيرة عوض الركن الصغير
من الواقع الحالي.
على صفحات العدد الجديد من «شورت/كُراسات الفيلم القصير» تبرز
فضائل هذا التحدّي مجدداً. مجموعةٌ قليلةٌ من المثابرين الذين
لم يتطلعوا إلى المصاعب، بل تسلّحوا بالرغبة في النجاح،
وأنجزوا عملاً لا يُمكن نكران أهميته، ولا حضوره كثقافةٍ
سينمائية تفتقر كلّ دولنا إلى بعضه (أليس هذا معيباً بعد 130
سنة سينما؟)، مجموعةٌ اجتازت عتبة الرغبة إلى الفعل، وذلك لم
يكن إلاّ بسبب التمتع بالتحدّي الذي نتحدث فيه، وعنه.
الفيلم القصير صاحبَ السينما العربية كما سواها منذ بداياتها،
وإلى اليوم، نعم، كان مفروضاً بالأفلام أن تبدأ قصيرة على أيّ
حال، لكن رغم أنّ صناعة الأفلام أخذت بالتمدد زمناً، وبات
الاعتماد على الأفلام الطويلة رأس الحربة في الإنتاجات
العالمية، إلاّ أنّ الفيلم القصير لم ينته، ولم يتوقف، وأمّه
مئات، إن لم نقل آلاف صانعي الأفلام حتى من بين المخرجين
المشهورين، بعض صانعي الأفلام القصيرة رفضوا حتى التحوّل إلى
الفيلم الطويل، وأخلصوا لحبهم الأول.
أقول كلّ ذلك، لأنّ جماعة «شورت/كراسات الفيلم القصير» مخلصون
أيضاً لما أنجزوه، ويرغبون في مواصلة التحدي رغم العقبات
المُحتملة.