سميحة أيوب .. رحيل أسطورة المسرح العربى
«وهبت حياتها للفن وأعمالها منارات للأجيال القادمة»
كتب: هالة
نور, أنس
علام, منى
صقر, أمنية
فوزي
بعد مسيرة طويلة من العطاء الفنى، رحلت الفنانة القديرة
سميحة أيوب، «سيدة المسرح العربى»، عن عالمنا أمس، عن ٩٣ عامًا. وقد شُيّع
جثمانها من مسجد الشرطة بمنطقة الشيخ زايد، ونُقلت إلى مثواها الأخير
بمقابر العائلة، بحضور مجموعة من المقربين منها، منهم الفنانون رشوان
توفيق، مديحة حمدى، خالد جلال، ولقاء سويدان، والذين دخلوا فى حالة حزن
عميق برحيل «سميحة»، وحرصوا على التواجد بمنزلها فور علمهم بنبأ وفاتها،
وألقوا نظرة الوداع الأخيرة عليها.
تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ما يشبه «سرادق عزاء»
فى وداع الراحلة، التى كان لها مشوار حافل بالأعمال المسرحية والإذاعية
والتلفزيونية والسينمائية، وكانت رمزًا للفن العربى، والمسرح العربى الذى
لُقبت فيه بلقبها الشهير «سيدة المسرح العربى»، من خلال عملها الجاد على
خشباته، وإعادتها الانضباط إلى أروقته، إذ جمعت بين العمل الفنى والإدارى
له.
طالما عُرفت بموهبتها وشخصياتها التى قدّمتها، كما عُرفت
بقيمتها واحترامها للفن وقيمها التى لم تتبدل أبدًا، رغم مرور السنوات
وتغيّر الحال الفنى خلال السنوات الأخيرة، وظلت «سميحة» رمزًا للعطاء
والعمل والنشاط الفنى حتى آخر أيامها، رغم حالتها الصحية مع تقدّمها فى
العمر.
رثاء رسمى وجماهيرى لـ«صاحبة المسيرة الذهبية»
رحلت عن عالمنا الفنانة القديرة سميحة أيوب، التى فارقت
الحياة بعد تاريخ حافل من الإنجازات الفنية بين المسرح والسينما والدراما،
وشُيعت جنازتها من مسجد الشرطة بالشيخ زايد، وحضره عدد كبير من الفنانين
الذين أعربوا عن حزنهم على رحيلها، ومنهم أشرف زكى، وفاء عامر، مديحة حمدى،
نور النبوى، إلهام شاهين، وغيرهم من الفنانين، سواء تعاونوا معها فى أعمال
فنية أم لا، كأن الجميع أراد إلقاء نظرة الوداع على سيدة المسرح العربى.
بكلمات مؤثرة نعت جميع الأوساط الثقافية والفنية الراحلة:
قال الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، إن الراحلة قدمت مسيرة فنية
حافلة امتدت لعقود، وأثرت خلالها الحياة الثقافية والفنية فى مصر والعالم
العربى، وقدمت خلالها أعمالًا خالدة، لافتًا إلى أنها كانت نموذجًا للفنانة
الوطنية المخلصة والمبدعة، التى أعطت للفن حياتها، ووهبت جمهورها مشوارًا
استثنائيًا من الإبداع والتفرد، مختتمًا بأن الراحلة ستظل أعمالها منارات
تُضيء طريق الأجيال القادمة، وستبقى ذكراها خالدة فى قلوب محبيها، وأن
رحيلها يمثل خسارة فادحة للفن المصرى والعربى، لما كانت تمثله من قيمة فنية
وإنسانية رفيعة. ونعى الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، قائلًا إن
الراحلة صاحبة مسيرة كبيرة من الأعمال ستظل خالدة فى ذاكرة ووجدان زملائها
وجمهورها ومحبيها، لافتًا إلى أنها أثرت الفن بتاريخ ورصيد كبير ومتنوع.
وأشار المخرج خالد جلال، رئيس قطاع المسرح، إلى أن الفنانة
رحلت بعد أن تركت لنا إرثًا فنيًا كبيرًا، أثرت به الفن والإبداع المصرى
والعربى، مضيفًا أن اليوم تنكس رايات الإبداع ألمًا ووفاءً لرحيل «سيدة
المسرح العربى»، وإحدى أبرز القامات الفنية الشامخة. وأضاف أنه ربطته
بالراحلة الكبيرة علاقة وثيقة، لمس خلالها قدرًا كبيرًا من الولع بالفن،
والإخلاص له على مر السنين.
وأضاف الفنان هشام عطوة، رئيس البيت الفنى للمسرح، أن
الفنانة سميحة أيوب قدمت مسيرة فنية وإنسانية عظيمة، أثرت خلالها الحياة
المسرحية والدرامية فى مصر والعالم العربى بأعمال خالدة وبصمة لا تُنسى،
لافتًا إلى أنها تعد رمزًا للفن الراقى، وعلامة بارزة فى تاريخ المسرح
العربى، وقدمت خلال مشوارها الممتد لعقود طويلة العديد من الروائع المسرحية
التى شكّلت وجدان أجيال.
ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد
المسلمانى، الراحلة التى قدمت مسيرة طويلة من العطاء، قدمت خلالها فنًا
راقيًا أصيلًا، أثرت به العمل الفنى وتربّى عليه أجيال. وفى بيان رسمى، لفت
المسلمانى إلى أن إبداع الفنانة من دراما ومسرحيات، رسّخ لقيم ومبادئ
مجتمعية أصيلة، وأسهم فى تشكيل الوعى وتنوير العقول، وستظل أعمالها خالدة
فى عقل ووجدان المشاهد المصرى والعربى.
كما نعى المهندس محمد سيف الأفخم، الرئيس الشرفى للهيئة
الدولية للمسرح، الفنانة سميحة أيوب، قائلًا إن رحيلها يُعد خسارة فادحة
للفن العربى، وللمسرح بشكل خاص، باعتبارها واحدة من أبرز الرموز المسرحية
التى تركت أثرًا لا يُنسى على مدار عقود. مشيرًا إلى أن الفنانة كانت
مثالًا للتفرد والريادة، ونجحت فى ترسيخ مكانة المسرح العربى فى محافل
دولية عديدة.
وقالت الفنانة نادية الجندى إن لسانها يعجز عن التعبير عن
الحزن الذى بداخلها، لافتة إلى أن الراحلة فنانة جميلة من الزمن الجميل
الذى لا يُعوض، وإنسانة وصديقة قبل كل شىء، مشيرة إلى أنها كانت من أكثر
الشخصيات المقربة لها.
كما حرصت الفنانة الكبيرة نبيلة عبيد على نعى الفنانة سميحة
أيوب، قائلة إن برحيلها فقد الفن العربى قامة شامخة أثرت وجدان الملايين
بأدائها القوى، وقدرتها الفائقة على تجسيد مختلف الشخصيات، لافتة إلى أن
ذكراها ستظل خالدة فى قلوب محبيها، وإلهامًا للأجيال القادمة من الفنانين
والمبدعين. وأعرب الفنان محمد رياض، رئيس المهرجان القومى للمسرح المصرى،
عن حزنه لرحيل الفنانة سميحة أيوب، قائلًا إنها الأم الحنون، والأستاذة
الكبيرة، احترمت فنها فاكتسبت حب واحترام وتقدير العالم العربى.
ونعى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، برئاسة الفنان حسين
فهمى، «سيدة المسرح العربى»، مؤكدًا أن الراحلة تركت خلفها تراثًا فنيًا
خالدًا، ومسيرة إبداعية امتدت لعقود.
وأعرب حسين فهمى عن حزنه العميق لرحيل «سميحة»، قائلًا إنها
ستبقى بيننا بما قدّمته للفن من أدوار خالدة وتجارب ملهمة، لافتًا إلى أنها
كانت إنسانة وفنانة من طراز نادر، جمعت بين القوة والنعومة، وبين الصرامة
والحنان، وكانت طوال الوقت رمزًا للمرأة المصرية القوية المثقفة.
وقالت الفنانة صفاء أبوالسعود إن الفنانة صاحبة رحلة فنية
وثقافية حافلة بالأعمال العظيمة والنجاحات المؤثرة، مضيفة أنها أسطورة من
الأساطير الفنية التى لن يطويها النسيان.
توثيق سيرة «أيقونة الفن» .. أيمن الحكيم: كانت كريمة فى
حكيها عن مسيرتها.. وتابعت كرة القدم من أجل حفيدها
تحدث الكاتب الصحفى أيمن الحكيم عن تجربته فى كتابة السيرة
الذاتية للفنانة الراحلة سميحة أيوب، والتى جاءت تحت عنوان: «سميحة أيوب..
أسطورة المسرح العربى»، مشيرًا إلى أن علاقته بها بدأت من إعجابه الفنى
بها، حيث كانت أول مرة يشاهدها على خشبة المسرح من خلال عرض «الخديوى»،
ومنذ ذلك الوقت بدأت علاقتهما تتوطد، خاصة أنها كانت من أقرب صديقات
الفنانة نادية لطفى، التى كانت تربطها بها صداقة شخصية قوية.
وقال «الحكيم» فى تصريحات لـ«المصرى اليوم: «الكتاب صدر عن
دار نهضة مصر، وسميحة وافقت على توثيق سيرتها الذاتية بحكم علاقة الصداقة
بيننا، وقد سجلت معها على مدى سبعة أشهر كاملة، وكانت كريمة جدًا فى حكيها،
بل أكثر مما توقعت. كنت أذهب إلى بيتها فى الزمالك، وكان اتفاقنا أن نتحدث
بكل صراحة عن محطات حياتها المختلفة».
وأضاف: «أسعدنى كثيرًا رأيها فى المذكرات بعد صدورها، وكان
لها رد فعل رائع أسعدنى شخصيًا. وتناولت المذكرات حياتها منذ النشأة، وغطت
الجوانب الفنية والإنسانية والاجتماعية وحتى السياسية منها، وقد أدهشنى
تمتعها بذاكرة قوية، كانت تتذكر أدق التفاصيل وكأنها حدثت بالأمس».
وتابع الحكيم: «كنت حريصًا على اختيار عنوان يليق بها،
ووجدت أن (أسطورة المسرح العربى) هو التعبير الأدق، وكنت دائمًا ألقبها
بالأسطورة الحية».
كما كشف عن الجانب الإنسانى فى شخصية سميحة أيوب، قائلًا:
«كانت تعشق المسرح إلى حد التفانى، وكانت تشارك فى الأعمال السينمائية فقط
من أجل الحصول على أجر يساعدها فى تمويل مشاريعها المسرحية، أما فى حياتها
الخاصة فقد كانت تتحول إلى طفلة حين تكون مع حفيدها يوسف، وكانت تشاهد كل
مباريات كرة القدم فقط من أجله».
واختتم حديثه: «رحيل سميحة أيوب خسارة كبيرة، وأرى أنه يوم
حزين فى تاريخ المسرح المصرى والعربى».
فى آخر حوار لها بـ«المصرى اليوم» .. «سميحة»: «الخطأ فى
مؤهلى بمناهج الابتدائى ليس جريمة»
تحدثت الفنانة الراحلة سميحة أيوب، فى آخر حوار لها
بـ«المصرى اليوم»، خلال فعاليات مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى،
عن مشوارها الفنى، وكشفت خلاله آراءها عن الكثير من الموضوعات، وكذلك
كواليس لقبها بـ«سيدة المسرح العربى» ورأيها عن أحب الألقاب بالنسبة لها،
وكذلك رأيها عن «التريند»، وما أسفر عنه فى الوقت الراهن. وحول كواليس
لقبها، اعتبرت سميحة أيوب أنها لا تحب أى لقب سوى اسمها، لافتة إلى أنها لم
تطلق على نفسها «سيدة المسرح العربى»، ولكن من لقبها بذلك لأول مرة هو
الرئيس حافظ الأسد، خلال تسليمه لها وسام الاستحقاق، حيث ناداها على المسرح
قائلًا: «تقدمى يا سيدة المسرح العربى»، وبمجرد مغادرتها القصر الجمهورى فى
سوريا أصبح كل من فى الشارع من الجمهور ينادونها بذلك اللقب.
كما علقت «سميحة» خلال لقائها الأخير، حول وجود اسمها
بمعلومات غير دقيقة فى مناهج الصف السادس الابتدائى، قائلة إن الخطأ كان
شيئًا واحدًا وهو بدلاً من خريجة معهد التمثيل، كتبوا خريجة معهد السينما،
وأن ذلك ربما خطأ مطبعى، معربة عن سعادتها، وذلك بعد أخذ الفنان مثالاً،
وهذا ما برهن على الرقى لذا سعدت جدًا بما حدث، وبشكل عام الخطأ ليس جريمة.
كما تحدثت عن تأثير «السوشيال ميديا» و«التريند» قائلة إن
«السوشيال ميديا» شىء «سخيف جدًا» وربما هى سلاح ذو حدين، أحيانًا يتخذها
البعض منصة للتعبير عن رأيه، وربما يقول بعض النصائح، ولكن البعض الآخر
يتخذها أداة للتجريح، لذا لا تصدق ما يُقال أو يُذاع من خلال كونها مفتقدة
للمصداقية، ورغم أنها تحقق الشهرة لبعض الشباب الذين يقتحمون مجال التمثيل
من خلالها، ولكن بالطبع الموهبة ستظل هى الباقية والأهم.
وعن علاقتها بأصدقائها وحرصها على مشاركتهم فرحتها وحزنها،
أشارت إلى أنها ليست لديها عدة الثرثرة أو كثرة الحديث، وتحب أن تفكر فى
خطواتها المقبلة، ولا تشغل فكرها بأى أمور أخرى، مؤكدةً أن أصدقاءها
المقربين ليسوا كثيرين، وبينهم سميرة محسن، وسميرة عبدالعزيز، ومديحة حمدى،
وآمال بكير. كما كشفت سميحة أيوب أن بدايتها كانت صعبة، إذ لم تتلق
المساعدة من أحد، ولكن فقط اعتمدت على ذاتها ومجهودها الشخصى فى المسرح
والتمثيل، مضيفةً: «مالقتش حد جانبى وأنا ماكنتش محتاجة لحد»، مؤكدةً أنها
لم تشعر أنها تحتاج أن يقدمها أحد للجمهور.
وكشفت «سميحة» أن من أكثر الأشياء التى تضايقها عدم تصوير
كل المسرحيات، إذ يندثر التاريخ بفكرة عدم توثيقه، ومن المسرحيات التى تمنت
لو تم تصويرها وعرضها فى التليفزيون قالت: «الندم» عن سارتر، و«الفتى
مهران» تأليف عبدالرحمن الشرقاوى، وغيرهما من الأعمال المسرحية المتعددة،
وهى خسارة للجمهور الذى لم يشاهد هذه الأعمال الهامة.
وأشارت «سميحة» إلى أنها كانت من الفنانات اللاتى ضحين بكل
شىء ووافقن على التمثيل دون مقابل من أجل المسرح وحب الفن، إذ أشارت إلى
أنها طوال حياتها كانت توافق على التمثيل حتى دون عائد مادى، وأحيانًا تحصل
على أجر رمزى، مضيفةً أنها قدمت تجارب متعددة وهدفها تقديم محتوى جيد
للجمهور يقبل أن يعيش لسنوات طويلة مثل اليونانيات وكل الروافد الفنية.
وضمن حوارها علقت سميحة أيوب على لجوء بعض المخرجين لشباب
«التيك توك» بدلًا من أبناء المسرح، مشيرةً إلى أنه فى اعتقادها الشخصى لا
يوجد مخرج محترم يستعين بممثل من السوشيال ميديا، إلا إذا كانت لديه موهبة
فذّة، وأراد أن يحتضنه ويمرنه ويعطيه دورًا مناسبًا له، ولكن فكرة استعانة
مخرج بممثل من «السوشيال ميديا» فقط من أجل الشهرة فوصفتها بالشىء المُخزى.
سميحة تصل إلى«سكة السلامة»
تُعد الفنانة القديرة سميحة أيوب، الملقبة بـ«سيدة المسرح
العربى»، أيقونة فنية مصرية وعربية. وتُمثّل علاقتها بالفن قصة شغفٍ وتفانٍ
امتدت لعقود طويلة؛ لم يكن الفن بالنسبة لها مجرد مهنة، بل كان بمثابة
الهواء الذى تتنفسه، والكيان الذى احتواها وشكّل وجدانها منذ نعومة
أظفارها.
ظهر حب سميحة أيوب العميق للفن جليًا فى كل مرحلة من مراحل
مسيرتها الفنية الحافلة. فمنذ بداياتها الأولى، أظهرت شغفًا لا حدود له
بالوقوف على خشبة المسرح وتجسيد مختلف الشخصيات ببراعة واقتدار. لم تكن
تسعى للشهرة أو المجد بقدر ما كانت تسعى لإشباع هذا العشق الفطرى للتمثيل،
وللتعبير عن قضايا المجتمع والإنسان من خلال أدوارها المتنوعة.
فعلاقتها بالفن علاقة تكاملية؛ أعطاها الفن هويتها
ومكانتها، وهى بدورها أثرته بإبداعها وموهبتها الفذّة، والتزامها الراسخ
بأخلاقيات المهنة. وتحدثت الراحلة فى عدة لقاءات عن أحب وأقرب الأدوار لها
خلال مشوارها الفنى، وبصمة بعض أعمالها عليها؛ حيث قالت فى برنامج «صاحبة
السعادة» مع إسعاد يونس:
«أقرب عمل لقلبى هو مسرحية (سكة السلامة) مع سعد الدين وهبة
ويوسف إدريس، لأنى حسيت إنى بقدم حاجة للوطن قبل ما أكون بمثل».
١٧٠
عملًا مسرحيًا خلال مشواره الفنى على خشبة أبوالفنون.
٤٤
فيلما قدمتها الفنانة سميحة أيوب خلال مسيرتها السينمائية.
١٤
عامًا تولت إدارة المسرح القومى لفترتين من عام ١٩٧٥ حتى
عام ١٩٨٩.
٥
رؤساء كرموا سميحة أيوب هم: جمال عبدالناصر والرئيس الفرنسى
فاليرى جيسكار ديستان والسادات وحافظ الأسد والرئيس السيسى. |