الليلة.. ختام مهرجان كان السينمائي
البلاد/ مسافات
تتجه الأنظار مساء السبت إلى مدينة كان الفرنسية، حيث تستعد
لجنة تحكيم مهرجانها السينمائي المرموق، برئاسة النجمة الفرنسية جولييت
بينوش، لإعلان اسم الفيلم الفائز بـالسعفة الذهبية للدورة الثامنة
والسبعين. تأتي هذه اللحظة الحاسمة بعد منافسة مفتوحة للغاية بين 22 عملًا
سينمائيًا، وفي ظل ترقب كبير حول الفيلم الذي سيخلف "أنورا" للمخرج
الأميركي شون بيكر، الفائز عام 2024.
يزداد التشويق بشكل خاص مع ارتفاع حظوظ بعض المرشحين،
أبرزهم المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي، الذي ترك انطباعًا قويًا
بفيلمه "مجرد حادث". يتناول الفيلم معضلة سجناء سابقين يسعون للانتقام من
جلاديهم، وهو موضوع يذكّر بتجربة بناهي الشخصية في السجن بإيران، ما يضيف
بعدًا سياسيًا قويًا لاحتمالية فوزه. وقد صرّح بناهي لوكالة فرانس برس خلال
المهرجان: "ما يهمّ هو أن الفيلم قد أُنجز. لم آخذ وقتا للتفكير في ما قد
يحدث. أنا حيّ طالما أصنع أفلاما"، معبرًا عن شغفه بالسينما رغم التحديات.
يشكل حضور بناهي في المهرجان بحد ذاته حدثًا بارزًا، كونه كان ممنوعًا من
مغادرة إيران لمدة 15 عامًا.
تحديات لوجستية وصمود المهرجان
شهدت مدينة كان اليوم السبت حدثًا غير متوقع تمثل في انقطاع
واسع النطاق للتيار الكهربائي عن جنوب شرق فرنسا، بما في ذلك مدينة كان
ومحيطها. أثر هذا الانقطاع على 160 ألف منزل، مما أدى إلى شلل شبه كامل في
المدينة، حيث أغلقت المطاعم وانتشرت عناصر الشرطة في الشوارع لتنظيم حركة
المرور بدلًا من إشارات المرور المتوقفة.
وعلى الرغم من هذه الظروف، أكد منظمو المهرجان أن الحفل
الختامي لن يتأثر وسيُقام "في ظروف طبيعية". وأوضحوا أن "قصر المهرجانات
انتقل فورا إلى نظام تغذية كهربائية مستقل ما يسمح بالمحافظة على كل
الفعاليات والعروض المقررة اليوم بما يشمل حفلة الختام، في ظروف طبيعية".
بحلول فترة ما بعد الظهر، ازداد النشاط في مقر المهرجان، مما يؤكد صمود هذا
الحدث السينمائي أمام التحديات اللوجستية.
رسائل سياسية وأعمال سينمائية بارزة
تضم لجنة التحكيم تسعة أعضاء يجتمعون في جلسة مغلقة لاختيار
الفائز، ومن المتوقع أن تُعلن ست جوائز أخرى على الأقل، بما في ذلك جائزتا
أفضل ممثلة وأفضل ممثل، خلال الحفل الختامي الذي ينطلق عند الساعة 18:40
(16:40 بتوقيت غرينتش).
قد تبعث لجنة التحكيم برسالة سياسية قوية من خلال تتويج
الأوكراني سيرغي لوزنيتسا بفيلمه "مدعيان عامان" الذي يقدم تأمّلاً في
الظلم التعسفي، أو السويدي المصري طارق صالح. كما يمكن أن تكافئ المهرجان
إحدى المواهب الشابة الصاعدة، أو تصنع التاريخ بمنح سعفة ذهبية ثالثة
للأخوين البلجيكيين جان بيار ولوك داردين عن فيلمهما "الأمهات الشابات"،
ليصبحا بذلك أول مخرجين ينالان الجائزة المرموقة ثلاث مرات.
عكست الدورة الثامنة والسبعون من المهرجان القضايا العالمية
الراهنة، من حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا، إلى التصريحات السياسية الصريحة،
أبرزها كلمة النجم الأميركي روبرت دي نيرو التي هاجم فيها الرئيس الأميركي
السابق دونالد ترامب.
شهد المهرجان على مدار أسبوعين مرور كوكبة من النجوم على
سجادته الحمراء، من دينزل واشنطن وتوم كروز الذي حضر لمواكبة أحدث أفلام
سلسلة "مهمة مستحيلة"، وصولًا إلى سكارليت جوهانسون في أول تجربة إخراجية
لها، ونيكول كيدمان.
أفلام حظيت بإشادة النقاد وأداءات مميزة
إلى جانب الأعمال المرشحة للسعفة الذهبية، نال العديد من
الأفلام استحسان النقاد والجمهور. من بينها فيلم "موجة جديدة" للمخرج
الأميركي ريتشارد لينكليتر، الذي يقدم تحية للمخرج الفرنسي جان لوك غودار.
وكذلك فيلم "قيمة عاطفية" للنرويجي يواكيم تريير، وهي ميلودراما تجمع بين
الضحك والدموع وحظيت بتصفيق حار من الجمهور لمدة عشرين دقيقة تقريبًا، وهو
ما يُعد مدة قياسية.
يتنافس على جائزة أفضل ممثل النجم السويدي ستيلان
سكارسغارد، والبريطاني جوش أوكونور (الأمير تشارلز في "ذي كراون")،
والأميركي خواكين فينيكس الذي يقدم أداءً قويًا في "إيدينغتون".
على صعيد الأدوار النسائية البارزة، تؤدي الممثلة الأميركية
جينيفر لورانس دور أم تنحدر إلى الجنون في فيلم "داي، ماي لوف". كما تبرز
الممثلة الفرنسية الجديدة ناديا ميليتي في فيلم "لا بوتيت ديرنيير" الذي
يتمحور حول امرأة مسلمة تكتشف مثليتها الجنسية، وفاز الفيلم الجمعة بجائزة
"كوير بالم" التي تُمنح لأفضل فيلم عن المثلية الجنسية. وقد يكافئ مهرجان
كان مخرجته الممثلة الفرنسية حفصية حرزي (38 عامًا)، ليواصل بذلك تجدده
بعدما كافأ في السنوات الأخيرة مواطنتيها جوليا دوكورنو وجوستين ترييه.
كان للمخرج الصيني بي غان (35 عامًا) حضور قوي، رغم أنه
أثار انقسامًا عميقًا بين النقاد. وفيلم "ساوند أوف فالينغ" للمخرجة
الألمانية ماشا شيلينسكي (41 عامًا)، التي تشارك للمرة الأولى في المهرجان،
يتناول متاهة من الصدمات العائلية التي تنتقل من الأمهات إلى البنات. |