ملفات خاصة

 
 
 

ما كان في «كان» وما قد يكون:

بين الخيبة والتطلّع

خالد بن صالح

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

تسعى المهرجانات السينمائيَّة لأن تكون فضاءً حرًّا لعرضِ الأفلام، بكلِّ أنواعها، ومناقشتها وتقييمها من طرف الخبراء والسينمائيِّين، بعيدًا عن منطق الترويج التجاريِّ واحتكار الشركات الكبرى، وبالتالي مدِّ جسور الحوار الإنساني بين مختلف الثقافات، وتحفيز صنَّاع السينما على المنافسة وفق معادلةٍ تجمع بين الإبداع والجوائز والانتشار الجماهيري. ما يجعلُ الخيبات كبيرةً بقدرِ مستوى التطلُّعات!

فلاش عربي بين الأمس واليوم

في خطابه كرئيسٍ للجنة تحكيم مهرجان «كان» السينمائي الدولي دورة 1954، قال الكاتب والمخرج الفرنسي جان كوكتو: «إنَّ المهرجان أرضٌ محايدة، لا وجود للسياسةِ فيها. هو بمثابةِ أنموذج مصغَّر لما يمكن أن يكون عليه العالم إذا ما تواصل البشرُ بشكلٍ مباشرٍ وتحدَّثوا لغةً واحدة». نحن هنا نتحدَّث عن السنة نفسِها التي ستندلعُ فيها حرب التحرير الجزائريَّة (1954-1962) ضدَّ المستعمر الفرنسي الذي حشد جيوشَه لمواجهة الجزائريين الثائرين من أجلِ استعادةِ حرِّيتهم بعد أزيد من قرنٍ وربع من الاحتلال والقتل والإبادة الجماعيَّة.

وفي التفاتةٍ رمزيَّةٍ لمنظِّمي الدورة الـ 78 من مهرجان كان الدولي (من 13 إلى 24 مايو 2025)، «وقائع سنين الجمر» (بنسخة مرمّمة بجودة 4K) للمخرج الجزائري محمد لخضر حمينة، في برنامج «كلاسيكيات كان» (Cannes Classics)، تكريمًا للمخرج بعد 50 عامًا من تتويجهِ بجائزة السعفة الذهبية سنة 1975 - الجائزة الوحيدة للعرب ولأفريقيا حتى تاريخه - ويقول حمينة إنَّه كان ينقصه صوتٌ واحدٌ لينال السعفة الذهبيَّة عن فيلمه«ريح الأوراس» في دورة 1967 - حازَ جائزة العمل الأول - لا سيَّما بعد اعتراضات قُدامى المحاربين الفرنسيِّين آنذاك، إذ لم يكن قد مرَّ على استقلال الجزائر سوى خمسِ سنوات. وفي اختيارٍ رسميٍّ هو الأول من نوعه في تاريخ السينما العراقيَّة ضمن فعاليات المهرجان، سيُعرض في البرنامج ذاتِه فيلم «سعيد أفندي» للمخرج العراقي الراحل كاميران حسني، إنتاج 1956، (يُستعاد بنسخة مرمَّمة أيضًا بجودة 4K).

يُنافس في المسابقة الرسميَّة المخرج السويدي المصري طارق صالح بفيلم «نسور الجمهوريَّة» (The Republic’s Eagles - 2025) والذي يعود فيه الممثل عمرو واكد بعد غياب سنتين عن «كان»؛ فيلم «البنت الصغرى» (The Little Sister - 2025) للممثلة والمخرجة الفرنسية من أصل تونسي حفصيَّة حرزي هو الآخر سيُنافس على السعفة الذهبية لهذا العام. ومن بين العروض التي تُحقّق السبق أيضًا في هذه الدورة الفيلم الروائي الروائي «سماءٌ بلا أرض» (Promis le ciel - 2025) للمخرجة التونسيَّة أريج السحيري المبرمَج في افتتاحِ مسابقة «نظرة ما» (Un Certain Regard)، وهي المرَّة الأولى التي يُعرض فيها فيلمٌ تونسيٌّ في افتتاح المسابقة التي تحتفي بالأسماء السينمائيَّة الواعدة المتميِّزة بطرحها الفنِّي الجريء لمختلف القضايا الإنسانيَّة. كما ينافس إلى جانب السحيري، المصري مراد مصطفى الذي عادَ بفيلم بفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» (Aisha Can't Fly Away - 2025)، والشقيقان عرب وترزان ناصر «كان يا مكان في غزة» (Once Upon a Time in Gaza - 2025). . كما ستعرف جادة لا كروازيت عودة «الجناح المصري» إلى القرية العالميَّة من خلال سلسلة لقاءاتٍ مع المهنيين تعكسُ تطلُّعات السينما المصريَّة للعودة إلى الواجهة بعد تراجُعِها في السنوات الأخيرة.

لعبة بلا قواعد في حقل ألغام

تقاطَعَ مهرجان «كان» مع الحرب والتوتُّرات منذ بدايته المتعثِّرة سنة 1939. فبعد ثلاثة أيامٍ من انطلاقِه اندلعت الحرب العالميَّة الثانية، ليُعلَّق ويؤجَّل إلى غاية نسخته التأسيسيَّة سنة 1946. لكنه عاد وتوقّف بين عامي 1948 و1950 لضُعف الميزانيَّة. كما أُلغي بعدَ يومَيهِ الأوَّلين في 1968 بسبب أحداث مايو الشهيرة ومقاطعة عددٍ من المخرجين المُلتزمين. وليُمسي اليوم بعد عقودٍ طويلة منصَّةً عالميَّةً للتفرُّد السينمائي، لاحتفائه بالأعمال التي تتميَّز بالجرأة والأصالة والقيمة الفنِّية. إلَّا أنَّ المهرجان العريق، الذي تحتضنه مدينة «كان» الساحليَّة جنوب شرق فرنسا في شهر مايو من كلِّ عام، ليس بمعزلٍ عن الانتقادات بوصفهِ حدثًا فنِّيًّا لا يخلو من الجدل والتوتُّر جرَّاء تضارب الإبداع الفني مع المصالح الاقتصاديَّة، والالتزامات السياسيَّة والمطالب الاجتماعيَّة، في مقابلِ سعيهِ لأن يكونَ أرضًا محايدةً تنأى بنفسها عن ازدواجية المعايير والسياسة والتفرقة بين الفنَّانين، أو كما قال كوكتو.

لا شكَّ أن مهرجان «كان» يمثِّل الحدث العالمي السينمائيَّ الأبرز والأكثر أهميَّةً ومتابعةً، لأنَّه - كما يقدِّمه القائمون على تنظيمهِ - لا يَعرض سوى الأفلام التي تستحق المنافسة، بعد مشاهدتها ومراجعتها من لجنة تحكيمٍ تتكوَّن من خبراء ومخرجين وممثِّلين فرنسيِّين وأجانب لتُنافِس على السعفة الذهبية، عدا عن الأفلام التي يسعى أصحابُها للظفر بإحدى جوائز مسابقات المهرجان المرافقة. لكن من بين ما يُؤخذ على المهرجان في الدورات الأخيرة هو تركيزه على أفلام الميزانيَّات الضخمة التي تعمل من خلالها شركاتُ الإنتاج الكبرى على استقطاب نجوم السينما. على سبيل المثال فيلم «توب غان: مافريك» (Top Gun: Maverick - 2022) إخراج جوزيف كوزينسكي، وبطولة توم كروز الذي مُنح سنتها جائزة السعفة الذهبية الفخرية، ويعود هذا العام بالعرض الأول العالمي لآخر أجزاء «المهمَّة المستحيلة: الحساب النهائي» (Mission: Impossible - The Final Reckoning - 2025) من إخراج كريستوفر ماكويري. يأتي ذلك في الغالبِ على حساب السينما المستقلَّة وسينما المؤلِّف والأفلام التجريبيَّة التي تعكس اشتغالًا فنِّيًّا وجماليًّا عميقيْن، لكنها غالبًا ما تجدُ صعوبةً في دخول المسابقة الرسميَّة أو تتعرَّض للتهميش. يضاف إليها الأفلام التي حُرِمَت من التنافس لأنَّها لم تُعرض - أولًا - في صالات السينما الفرنسيَّة، وحدثَ أن عارضت شركاتُ التوزيع في فرنسا بالذات عرضَ أفلام منصَّة نتفليكس التي كانت تشارك في المسابقة قبل أن يتوقف المهرجان عن استضافتها. وليس فيلم «روما» (Roma - 2018)، للمخرج المكسيكي ألفونسو كوارون والحائز على ثلاث جوائز أوسكار وجوائز سينمائية عالمية أخرى، إلّا مثالًا على موقفٍ شبه رافضٍ لمواكبة صناعة السينما الحديثة، مع بعض التحايل أحيانًا، كما حدث العام الماضي مع فيلم «الفصل الثاني» (The Second Act - 2024)للفرنسي كوينتِن دوبيو، وكـأنَّها لعبةُ كرٍّ وفرٍّ بلا قواعد.

اعتبَرَ المخرج البريطاني جوناثان غلايزر الحائز على الجائزة الكبرى عن فيلمه «منطقة الاهتمام» (The Zone of Interest - 2023) في الدورة الـ 76 لمهرجان «كان»، سؤالَ أحد الصحفيين عن شعورهِ بعدمِ الفوز بالسعفة الذهبية سؤالًا لئيمًا… لكن المتتبِّعين اعتبروا فيلم «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall - 2023) المتوَّج ليس أفضل الأفلام المعروضة في تلك الدورة. بدا الأمر كمن يمشي معصوبَ العينين في حقل ألغام، وقد انقسمت الآراء بعدها بسنةٍ حول تتويج فيلم «أنورا» (Anora - 2024)، للمخرج الأميركي شون بيكر بالسعفة الذهبية، بين مَن اعتبر أنَّها «سعفةٌ ذهبيَّةٌ لا يُمكن إنكارها» في مسابقةٍ مخيِّبة للآمال، وبين من أقرَّ بأنَّه "فوزٌ مفاجئٌ" نظرًا لعدم التسامح مع الأفلام الكوميديَّة في المهرجانات السينمائيَّة الكبرى، وبين من رآه فيلمًا مليئًا بالأمل بعيدًا عن بهرجة الأفلام "الكبيرة". هذا ما عكسَه تصريح بيكر الذي قال: «علينا أن نُناضل من أجل صناعةِ أفلامٍ تُعرض في صالات السينما، لنشارك المشاهدَ العاديَّ الحزن والخوف والضحك». لكنَّ الانقسام كان جلِّيًّا بين النقاد والجمهور، فلم يكن هناك فيلم مُفضَّل واضح عليه الإجماع لنيل الجائزة، وهناك من ذهب إلى حدِّ القول إنَّها «قائمةُ جوائز تفتقر إلى الجذريَّة».

عناقٌ وقبلةٌ وثورةٌ وأشياء أخرى

لعلَّ هذا التأرجُح في مستوى الأفلام في الدورات الأخيرة يضع مهرجان «كان» أمام تحدِّياتٍ مستقبليَّةٍ كبيرة، رغم اهتمامِه وسعيهِ لتقديمِ قائمةٍ جيِّدةٍ من الأفلام الفائزة، تعكسُ على وجه الخصوص تثمينه للصناعة السينماتوغرافيَّة العالميَّة مع دعمِ المبادرات الهامَّة في مجال التنوُّع والشموليَّة والمساواة بين الجنسين، والمكانة البارزة التي يجب أن تحتلَّها النساء في عالم السينما والمجتمع.

ترأسُ لجنة تحكيم مهرجان «كان» في دورته الجديدة الممثِّلة الفرنسيَّة الملتزمة جولييت بينوش، التي وصفتها رئيسة المهرجان الألمانيَّة إيريس كنوبلوخ بأنَّها «امرأةٌ فرنسيَّةٌ نادرةٌ حصلت على جائزة الأوسكار، وانتقلت من خلالِ التصوير السينمائي عبر أنحاء العالم، من بولندا إلى إيران، ومن اليابان إلى الولايات المتحدة، لأنَّها تُجسِّد إعادة اختراعٍ دائمة». وتضمُّ اللجنة المكوَّنة من تسعة أعضاء خمسَ نساء، منهنَّ الحائزة على جائزة الأوسكار الأميركية هالي بيري، والكاتبة الفرنسية المغربيَّة ليلى سليماني. كما تدخل سبعُ مخرجاتٍ المسابقة الرسميَّة التي تضمُّ 22 فيلمًا، من بينهن حفصيَّة حرزي كما ذُكر سابقًا، والألمانية ماشا شيلينسكي بفيلم «صوت السقوط» (Sound of Falling - 2025)، مع تسجيل عودة كلٍّ من اليابانية تشي هاياكاوا بفيلم «رينوار» (Renoir - 2025)، والفرنسية جوليا دوكورنو بفيلم «ألفا» (Alpha - 2025) بعد أربعِ سنوات من تتويجها بالسعفة الذهبيَّة عن «تيتان» (Titane - 2021)، الفيلم الذي أحدث سجالًا في الصحافة ولدى الجمهور لاحتوائه على جرعةٍ كبيرةٍ من القسوة والعنف والتعقيد الذي لا يترك أحدًا غير مبالٍ به. مع ذلك تبقى - حسبَ الجمعيَّات النسويَّة - قضيَّة عدمِ التكافؤ بين الجنسين مطروحةً للنقاش، رغم الاختيار الذي اعتبَرهُ الكثيرون موفَّقًا للملصق المزدوَج للمهرجان المستوحى من مشهد العناق الأيقوني لبطَلي فيلم «رجل وامرأة» (A Man and a Woman - 1966) للمخرج الفرنسي كلود ليلوش الحائز على عدَّة جوائز منذ إطلاقه قبل ستِّين عامًا، ولأوَّل مرّة يتمُّ إصدار بوستر مزدوَج تظهر فيه أنوك إيميه في ملصق، بينما يظهر على الملصق الآخر جان لوي ترينتينيان، مع ألوانٍ هادئةٍ وموحيةٍ بجماليَّات السينما العريقة.

كما أن هذه الاستعادة تذكِّرنا بمقاطعةِ كلود ليلوش و جان لوك غودار ومجموعة مخرجي «الموجة الجديدة» (La Nouvelle Vague) في فرنسا، المتضامنين مع المتظاهرين، للمهرجان في مايو 1968 والمطالبة بتوقيفِه. لا أحد ينسى صرخة المتمرِّد غودار في وجه المنظِّمين: «أنتم حمقى!»، لعدمِ تفاعلهم مع احتجاجات الطلَّاب والعمَّال في الشوارع، قبل أن يُلغى المهرجان في يومه الثاني، رغم مشاركة اثنينِ من أفلام المخرجِين الثائرين في المسابقة الرسمية. ومِثْل ليلوش هذا العام، كرَّم «كان» في دورته الـ 71 غودار بملصقٍ رسميٍّ احتفاءً بفيلمهِ «بييرو المجنون» (Pierrot le Fou - 1965) الذي حقَّق نجاحًا عالميًّا. والبوستر يحملُ صورة قبلة النجمين آنا كارينا جان بول بلموندوو.

عالم كل المخاطر... والمهازل!

كيف يُقرأ صدى ما قاله المخرج البريطاني كين لوتش في حفل تتويجه بالسعفة الذهبيَّة سنة 2016: «إنَّ العالم الذي نعيش فيه هو في خانة الخطر»، العالم الذي بات اليوم في قلب كل المخاطر والمهازل أيضًا؟ هل نقلبُ مقولة جان كوكتو على رأسها؟ بينما لا حصر للأفلام والرؤى التي تناهض النيوليبرالية والحروب وقمع الحريَّات واضطهاد الشعوب وتدمير البيئة؟ لماذا تبدو ثقافة الاختلاف والتنوع هشَّة؟ وماذا عن الانتقائيَّة في تسليط الضوء على القضايا الحرجة والملحَّة؟ لوتش الذي لامسَ الخطر المهدِّد للوجود الإنساني في خطابِه منذ أكثر من عشر سنوات، لم تكُن سينماه محايدة، ولم يبالِ بالثمن الذي دفعَه جرّاء انحيازه للطبقة العاملة ومناصرته لقضايا التحرُّر في العالم، بما فيها القضيَّة الفلسطينية، فهو كما يقول يريدُ من وراء صنع الأفلام «أن يُغضِبَ الناس». ما يحيلنا حتمًا إلى أهميَّة استقلاليَّة التصوُّر السينمائي بعيدًا عن تأثير هوليوود والأمركة والامتثال لجشع الربح والانتشار الجماهيري. ومع تسجيل الهيمنة الغربيَّة شبه المطلقة على لجان التحكيم، يُطرح أيضًا سؤال التنوُّع العالمي. كما أنَّ الشراكات مع العلامات التجاريَّة الفاخرة وما عليها من علامات استفهام، في ظل انتشار ثقافة المقاطعة، يفتح باب النقد واسعًا عن بهرجة عروض الأزياء على السجادة الحمراء. السجادة التي بدورها لا تخلو من رسائل احتجاجٍ في بعض الأحيان.

كشخصٍ يجلس في المقعد الخلفي ويعطس

يمكنُ للسينما أن تكونَ أداة احتجاجٍ ووسيلةً للتعبير عن الغضب والرفض. فالسياسة إذن، كانت دائمًا حاضرةً وستظل حاضرةً في ما يُعرض ويناقَش في تلك "الأرض المحايدة" التي تدَّعي أنَّها على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع. لكن سرعان ما تُكشف الفوارق في أوَّل اختبارٍ أخلاقي. يكفي كمثال آنيٍّ الارتباك الذي حدث في صياغة بيان «الصدمة والفزع» عقِب استشهاد المصوِّرة الصحافيَّة الفلسطينيَّة فاطمة حسونة بطلة وثائقي «ضع روحك على كفِّك وامشِ» للإيرانية زبيدة فارسي، عقب إعلان المهرجان اختيار الفيلم ضمن برنامج جمعيَّة السينما المستقلَّة للتوزيع (ACID) بيومٍ واحد! جاء البيان مضطربًا متجنِّبًا عدم التصريح بما ترتكبه إسرائيل من مجازرَ وتفجيراتٍ في قطاع غزَّة كانت حسونة ضحيَّة إحداها، وهي التي كتبت قبلها بأيام: «إذا متُّ، أريد موتًا صاخبًا [...] أريد موتًا يسمعه العالم، وأثرًا يبقى عبر الزمن، وصورة خالدة لا يُمحى أثرها...» في مقابل ذلك تمَّ الكشف عن برنامج «يوم أوكرانيا» تذكيرًا بما سُمِّيَ باِلتزام مهرجان «كان» السينمائي وقدرته على سرد تحدِّيات العالم والمستقبل من خلال السينما. وفي ظلِّ استمرار الحرب فإنَّ المهرجان سيرفضُ الترحيب بالممثِّلين الروس الرسميِّين أو الهيئات الحكوميَّة أو الصحفيِّين الذين يمثِّلون الخطَّ الرسميَّ لروسيا. ولكن لا أحد من منظِّمي «كان» سيتجرأ بالحديث مباشرةً وبهذا الوضوح عن حرب إسرائيل على الفلسطينيِّين، ولعلَّ المتحدث سيبدو حينها كشخصٍ يجلسُ في المقعد الخلفي ويعطس باستمرار، ليحاولَ الجميع إخراجَه من القاعة.

قد تبقى أسئلة المحتوى والشرعيَّة ماثلةً ومتجدِّدةً خلال هذه الدورة وفي دورات مهرجان «كان» القادمة، وسيظلُّ الجدل قائمًا حول أهميَّة إعادة النظر في التوجهات ومعايير التتويج ومدى اتساع المجال لتمثيلِ الرؤى السينمائيَّة العالمية على اختلافها، ما دامَ التطلُّع هو خلقُ فضاء حرٍّ للتواصل بلغةٍ واحدة، ألا وهي... السينما.

بدعم من مبادرة سينماء, نُشرت هذه المقالة أيضًا في منصة ميم السينمائية.

 

موقع "سينماء" السعودي في

15.05.2025

 
 
 
 
 

كان السينمائي:

في "صوت السقوط" نساء يترقبن توحشا ما

سليم البيك

نحن أمام قصة واحدة متصلة، بأزمنة منقطعة، أمام نص نثري، نسمع بصوت نسائي، يروي لنا بضمير المتكلّم، لا ما يحصل بل الشعورَ المرافق لهن، لكل واحدة منهن، لما يحصل. هو كذلك، الصوت، متنقّل في أجيال العائلة، فنسمع قصة واحدة، لنساء تترقّب توحّشاً ما في العائلة، توحّشاً ما في البلاد.

يُداخل الفيلم بين قصص النساء في أجيالهن كأن كل واحدة منها، ومنهن، تحكي عن الأخرى أو تكمل من حيث توقفت. هذا العنف الألماني، الممتد لأكثر من قرن، لم نرَه حقيقةً في الفيلم، رأينا آثاره، رأينا نظرات نسائه المحدّقات في الشمس، في العنف، تحدّياً.

من بعد فيلم افتتاح لا يَخرج منه أحدنا غير متسائل: كيف وصل الفيلم ليكون افتتاح دورة في مهرجان كان السينمائي، وتحديداً في دورة قوية كهذه، كما تشي العناوين والأسماء حتى قبل المشاهدة، من بعدها، من بعد فيلم الفرنسية أميلي بونّان هو Partir un jour في خارج المسابقة، استهلّ المهرجان أفلام مسابقته الرسمية لهذه الدورة بفيلم عالٍ، بجرعات كبيرة من العنف النفسي، المكتوم، فيحوم العنف كالشبح. غير مرئي وغير محكي عنه، نشعر به وحسب.

فيلم الألمانية ماشا شيلينسكي "صوت السقوط" (Sound of Falling)، أو بعنوانه الألماني "انظر في الشمس"، هو البداية المثالية لدورة ممتازة بأفلام مرتقَبة. وقد يزيد من إدراك مثالية استهلال دورة عالية كهذه، لهذا الفيلم، العرضُ الآخر من المسابقة في اليوم ذاته، فيلم تقليدي ممل هو Two Prosecutors للأوكراني سيرجي لوزنيتسا. بهما أنهى المهرجان يومه الأول.

ينقل "صوت السقوط" قرابة ١٠٠ عام لبيت عائلي في الريف الألماني، أجيال من النساء فيها تحديداً، بأعمار متفاوتة. ولا ينقلها بسردية خطّية كأنها أحداث تاريخية، بل في كونها حدثاً واحداً متكرراً، منسوخاً، على نساء العائلة في أجيالهن، مضمونها العنف المكتوم، لا نراه فنرى أثره، النفسي تحديداً، متكشّفاً في نظرات الفتيات والنساء، كأنهن يحدّقن في الشمس، تحديقاً في الآخرين شخصيات في الفيلم ومتفرّجين أمامه. ومن مواقعهن في ظل العائلة الذكورية التي مرّت على حروب هي العالمية الأولى فالثانية مروراً بسقوط جدار برلين وصولاً إلى يومنا.

الفيلم حالة متقدمة جمالياً في السينما الألمانية للسنوات الأخيرة، بصرياً كما هي صوتياً. هذا التفاؤل حيال الفيلم يعود إلى تكامله، فتصميم الصوت وإدارة التصوير كانا حاضرين في الواجهة، بارزين كأن كل منهما شخصية منفصلة عن الأخرى، وعن الآخرين.

انسحابات الكاميرا جعلتنا للحظة نرى بعيون شبح تتردد إشارات له، شبح نسائي يتنقّل من جيل لآخر، يتنقّل لا ينتقِل، فيتحرك جيئةً وذهاباً، متردّداً. نرى انسحابات لكاميرا كأنها تحلّق، بل نرى امرأة من العائلة تحلّق مواجهة العاصفة في وقت اختبأ الجميع خلف ركام القش. الصوت كان كثيفاً، لم يكن خلفيةً، كان في الواجهة كأنه صورة أخرى، كأنه شخصية أخرى. كأنه تفصيلاً ضرورياً في السرد.

لم يحكِ لنا الفيلم قصة نسائية في تاريخ مستقر، في سردية مستقرة، بل كان أسلوب السرد مضطرباً، كما يجب لموضوعه، كما كانت ألمانيا في تاريخها المعاصر. العنف الذكوري الممرَّر على طول القرن، في العائلة، كان موازياً لعنف شعب ودولة طبعت القرنَ ذاته، فطبعت الرجالَ بتلبّسهم العنف وإسقاطه على النساء. ولأن الفيلم شاعري، أقرب إلى نص نثري متقطّع، بفقرات متتالية، متداخلة إحداها بالأخرى، تفوح على الشاشة، تروي كل منها عن واحدة من نساء العائلة لأربعة أجيال، على مدى القرن.

يُداخل الفيلم بين قصص النساء في أجيالهن كأن كل واحدة منها، ومنهن، تحكي عن الأخرى أو تكمل من حيث توقفت. هذا العنف الألماني، الممتد لأكثر من قرن، لم نرَه حقيقةً في الفيلم، رأينا آثاره، رأينا نظرات نسائه المحدّقات في الشمس، في العنف، تحدّياً.

نحن أمام قصة واحدة متصلة، بأزمنة منقطعة، أمام نص نثري، نسمع بصوت نسائي، يروي لنا بضمير المتكلّم، لا ما يحصل بل الشعورَ المرافق لهن، لكل واحدة منهن، لما يحصل. هو كذلك، الصوت، متنقّل في أجيال العائلة، فنسمع قصة واحدة، لنساء تترقّب توحّشاً ما في العائلة، توحّشاً ما في البلاد.

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

 

مجلة رمان الثقافية في

15.05.2025

 
 
 
 
 

ينافس في المسابقة الرسمية لـ «كان السينمائي».. مراجعة | الفيلم الألماني sound of falling

صورةٌ كئيبة ومعقدة لأمة تُكافح لفهم تاريخها المُمزق

كان ـ خاص «سينماتوغراف»

عُرض اليوم دراما ألمانية رائعة من الناحية الجمالية «صوت السقوط ، sound of falling» لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الثامن والسبعين، تمزج فيها مخرجته ماشا شيلينسكي بسلاسة بين البصري والحسي، تمامًا كما تنسج خيوط ثلاث عائلات من عصور مختلفة.

يتابع الفيلم ثلاث عائلات تسكن منزلًا ريفيًا، بطوب أحمر ساحر، ونوافذ عالية، وحظيرة واسعة جدًا. لا يفصل بينهم إلا الزمن.

تدور أحداث القصة الأولى في القرن التاسع عشر، ويتحدثون بلهجة ألمانية بالكاد يفهمها الناس المعاصرون. تقفز إريكا على ساق واحدة، وهي تفكر في لمس جسد رجل عارٍ في السرير. في هذه الأثناء، يصرخ رجل في الخارج مرارًا وتكرارًا: "إريكا، أحضري الخنازير الآن".

بعض هذه التطورات الغريبة ستتضح معالمها لاحقًا في الفيلم، بينما سيبقى بعضها الآخر بلا معنى مثل عنوان الفيلم.

ألما المخيفة، فتاة في الثامنة تقريبًا، بشعرها المضفر بشكل مثالي، وهي محور الاهتمام، حيث تراقب الكبار يتجادلون حول مصيرهم. عمها فريتز بُترت ساقه رغماً عنه، بعد "حادث عمل" مشكوك فيه.

تدور أحداث القصة الثانية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث يتحدثون الآن لغة ألمانية مفهومة. يبدو المنزل متشابهاً تقريباً من الخارج، باستثناء بناء صغير غير مكتمل مُقام على جانب الطريق.

السيارات والملابس هي ما يُشير إلى الحقبة. معرفة أن نهراً يُمثل حدوداً داخلية، وأن أحدهم قد حوّله إلى الغرب، تُؤكد أن الأحداث تجري بالفعل في الدولة الشيوعية البائدة، وتُشكّل أمٌّ صارمةٌ جوهر القصة. ويُكمل أعمامٌ غريبو الأطوار وأطفالٌ صاخبون الصورة.

أما القصة الثالثة فهي الأقل استكشافاً. تدور أحداثها في ألمانيا المعاصرة، حول فتاتين تُحبّان موسيقى الروك المستقلة الحالمة، وتستمتعان بالسباحة في البحيرات العديدة القريبة.

تبلغ مدة فيلم "صوت السقوط" 150 دقيقة، ويستغرق تحديد الفترة الزمنية التي تدور فيها أحداث القصص المختلفة وقتاً طويلاً. وهذا مقصود، حيث تجتهد المخرجة ماشا شيلينسكي، المولودة في برلين والبالغة من العمر واحدًا وأربعين عامًا، إلى إرباك المشاهدين من خلال التلاعب بالصوت والألوان والقوام.

تسعى المخرجة باستمرار إلى استفزاز المشاهدين بتقديم عكس ما هو متوقع. يُزال الصوت في بعض اللحظات الأكثر دراماتيكية، بينما تُضاف أصوات طقطقة وأزيز عشوائي في اللحظات الأقل توقعًا. يتحول اللون البني الداكن فجأة إلى ألوان زاهية، ثم تظهر تأثيرات الضبابية والتشويه من العدم. يتحقق كل هذا بسحر أنيق. تتنقل شيلينسكي بهدوء بين الرعب القوطي، وخيال فيكتور إريك، وأحلام تاركوفسكي، لتُنتج عملاً آسر وبعض الصور التي لا تُنسى.

موضوعيًا، تدور هذه القصة حول العائلة والتقاليد والموت. التركيز المستمر على أجزاء مختلفة من تشريح الإنسان - قدم متسخة، ساق مفقودة، عين جثة مخيطة - يجعل من "صوت السقوط" تجربة ملموسة.

ويصبح التعامل مع الأسماك والثعبان بديلاً عن لمفردات الجنس – التي تُناقش كثيراً. يعاني العم فريتز من آلام وهمية في ساقه المفقودة (كما لو أن الساق لا تزال موجودة)، بينما لا تستطيع أخته القادرة تماماً الشعور بأيٍّ من ساقيها السليمتين دون سبب واضح.

تُصبح هذه الآلام الوهمية مُمثلةً لتجربة الفيلم بحد ذاتها، يختبر المشاهدون المتعة والمعاناة من خلال المحاكاة التفاعلية. بمعنى آخر، نشعر بألم الشخصيات التي لم تعد موجودة.

فيلم "صوت السقوط" هو استكشافٌ بالغ التعقيد ومتعدد الطبقات لإنسانيتنا، لا يخشى أبداً الخوض في أحلك زوايا وجودنا. كما أنه صورةٌ كئيبة ومعقدة لأمة تُكافح لفهم تاريخها المُمزق.

 

####

 

ينافس في مسابقة «نظرة ما»..

مراجعة | فيلم «سماء موعودة» لـ أريج السحيري

يرصد القيود التونسية تجاه الجنس واللغة واللون

كان ـ خاص «سينماتوغراف»

ضمن قسم «نظرةٍ ما» في الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي، عُرض اليوم فيلم «سماء موعودة، Promised Skies » للمخرجة التونسية أريج السحيري، الذي يرصد ثلاث نساء سوداوات في تونس تواجهن التمييز والتحيز من بلد يحكم عليهن بناءً على الجنس واللغة واللون، وتشير السماء في عنوان الفيلم إلى العناية الإلهية التي يؤمن ثلاث نساء بأن الله يمنحهن إياها.

هناك ماري (عيسى مايغا)، قسيسة عازمة على مساعدة كل فرد في مجتمعها على الصمود في وجه نظام تونسي يزداد قمعًا؛ وهناك جولي (ليتيتيا كاي)، طالبة تكافح لإتمام محاضراتها باللغة العربية، رغم وعد من الكلية بإتمام المقرر بلغتها الأم الفرنسية؛ والأبرز من ذلك، هناك ناني (ديبورا كريستيل ناني)، لاجئة تُتاجر بطرق غير قانونية في البلاد على أمل جمع ما يكفي من المال للمّ شملها مع ابنتها المنفصلة عنها. تواجه كلٌّ منهن معركةً تتفاقم مع اعتقال جولي وإجبارها على التحدث بلغة لا تتقنها.

يتناول فيلم «سماء موعودة» قضايا المرأة، كالأمومة والاستقلالية والحياة الجنسية، بذكاء، مُدمجًا هذه المواضيع بسلاسة في القصة.

في السنوات الأخيرة، تناولت السينما التمييز ضد النساء السود في مجتمعنا المعاصر، وفيلم «النمر الأسود: واكاندا للأبد» (رايان كوغلر، 2022) مثالٌ واحدٌ فقط. لكن المخرجة أريج السحيري تخطت هذا الأمر بتركيزها على النساء الأفريقيات المهمّشات في المجتمع. «ألستِ أفريقية أيضًا؟»، تُمازح ماري صاحبة المنزل، مُشيرةً إلى أن التمييز على أساس اللون لا يقتصر على أوروبا.

وعلى الرغم من أن العمل يغلب عليه الطابع الجماعي، إلا أن ناني هي الأقرب إلى لعب دور البطولة، وهو أمر منطقي لأنها الأكثر غرابة ومشاكسة بين الثلاثي. فهي مثقلة بمشاكل الهجران، وتوبخ نفسها لكونها أم سيئة وتشارك في نشاط غير قانوني لجلب طفلها إليها.

وفي أحد الاعترافات تمد يدها نحو الميكروفون أثناء القداس، صارخةً طالبةً الخلاص الذي وعدها به إيمانها. يخرج صديقها الوحيد من خارج الثالوث، فؤاد (فؤاد زعزع)، بكل أنواع الأعذار التي لا يستطيع مساعدتها أكثر من ذلك. «لو عشت وحدي، يمكنني أن أساعدك»، يتمتم، وكل مقطع لفظي أقل صدقًا من سابقه.

لا يُساعدها أن ماري تمرّ بأزمةٍ خاصّة بها، ورغم غضّها الطرف عن بعض التسلّطات، فإنّ عمل ناني الجانبيّ يُشكّل عقبةً يكاد يكون من الصعب تخطّيها. تنهار جولي أخيرًا، وقد غمرها الحزن، وتُعلن عن نفاق القادة الدينيّين: ففي زمن الاضطرابات، تُصبح المغفرة مطلوبةً أكثر من أيّ وقتٍ مضى.

تنبع مشاكل جولي من أكثر القيود تاريخيّاً: الرجال. يُموّل والدها حياتها، وبالتالي يُقيّد أيّ حرّياتٍ تتمناها لنفسها. ثم هناك صفارات الاستهجان التي تتلقاها كل ليلة وهي تمشي في الشوارع، والرجال يحدقون بها من السيارات. يحيط الخطر بهؤلاء الثلاثة في كل مكان في تونس؛ بصفتهم مهاجرين ملونين ناطقين بالفرنسية، يُشتبه بهم على أساس الجنس والمكانة الاجتماعية والعرق.

استخدام أريج السحيري للكاميرا ثابت أحيانًا، مُركزةً انتباهها بوضوح على الممثلين. ما يُضفيه من تداخلات نابع من طاقم الممثلين، ويتجلى ذلك في لحظة تحدق فيها ماري (مايغا) في الكاميرا، غارقة في أفكارها بينما تقودها سيارتها. الصمت قد يكون صاخبًا، وهو كذلك بالفعل في هذا المشهد تحديدًا. مع ذلك، فإن التعديلات البسيطة والطبيعية التي تُفضلها المخرجة تُبطئ أحيانًا من حدة الفيلم.

وبفضل التمثيل المتقن، يسمح الفيلم لناني بالاستمتاع بأكثر اللحظات ثرثرة، ولماري بالتأمل، تاركًا جولي لأداء المونولوجات الغاضبة.

وتُجسّد ليتيتيا كاي بصدقٍ لا مثيل له دور طالبةٍ حُرمت من تجربةٍ جامعيةٍ لصالح نمط حياةٍ قائمٍ على الخوف. في زنزانةٍ مع سجناءَ بلا وثائق، تُناضل جولي من أجل حقها الأساسي في قراءة وثيقةٍ باللغة الفرنسية.

هذه الحريات ملكٌ للجميع في أي بلد؛ وفرصةٌ لفهم الحقيقة. ويُلقي فيلم «سماءٌ موعودة» بظلاله القوية في هذا الاتجاه.

 

####

 

مهرجانات «القاهرة والجونة والبحر الأحمر»  

تبدأ أنشطتها في «كان السينمائي الـ 78»

كان ـ «سينماتوغراف»

مع اليوم الثالث وضمن فعاليات الدورة الـ 78 لمهرجان كان السينمائي، بدأت المهرجانات العربية الإعلان عن أنشطتها، حيث صرح حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مشاركته في جلسة نظمتها رابطة منتجي الأفلام الدولية (FIAPF)، بمشاركة رؤساء ومديري المهرجانات السينمائية، تناولت التحديات المتزايدة التي تواجه المهرجانات السينمائية العالمية، بما في ذلك التحديات المالية والتشغيلية والترويجية، وتسعى إلى استعراض المبادرات الجماعية والاستراتيجيات المشتركة التي يمكن أن تسهم في رسم مستقبل مستدام لهذه المهرجانات.

وأكد فهمي، أن مشاركته في هذه الجلسة جاءت تأكيدًا على التزام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدوره الريادي في دعم صناعة السينما، وحرصه على مواكبة التطورات العالمية، وتعزيز مكانة السينما المصرية والعربية على الساحة الدولية.

فيما استضاف الجناح المصري في مهرجان كان السينمائي جلسة نقاشية، أدارتها ماريان خوري، العضو المنتدب لشركة مصر العالمية للسينما فى مصر والمدير الفني لمهرجان الجونة السينمائي، سلطت الضوء على إمكانات مصر كوجهة رئيسية للإنتاج السينمائي الأجنبي

وتناولت الجلسة جوانب رئيسية من التصوير في مصر، بما في ذلك دور الهيئة العامة للسينما المصرية، والمبادرات الفعالة لجذب المنتجين الدوليين، وتجربة فيليبا نوتجن في تصوير "Fountain of Youth" في مصر.

‏كما استضافت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي يوماً صحفياً ضمن مبادرة "المرأة في السينما"، بحضور النجمات المكرمات هذا العام أمينة خليل، وإلهام علي، وإنجفا واراها، وغايا جيجي، وجاكلين فرنانديز، ورونغانو نيوني، وسارة طيبة، بالإضافة إلى المديرة العامة للمؤسسة، شيفاني بانديا، والمخرجة السعودية الرائدة هيفاء المنصور.

 

####

 

في نظرة ما | «السماء الموعودة» للتونسية أريج السحيري

يحصل على تصفيق 15 دقيقة وإشادات نقدية

كان ـ «سينماتوغراف»

أخذت المخرجة أريج السحيري جمهور الدورة الـ 78 من مهرجان كان السينمائي الدولي ليلة أمس في افتتاح مسابقة نظرة ما، في رحلة إنسانية استثنائية بفيلمها "السماء الموعودة" الذي ينافس ضمن المسابقة التي افتتحها، بحكاية بسيطة عن ثلاثة نساء يعشن في بيت واحد على وشك الانهيار، ويؤازرن بعضهن في مواجهة واقعهن القاسي .

عقب افتتاح المسابقة مباشرة يوم أمس وفي الساعة الـ 7:30، حضرت المخرجة أريج السحيري وبطلات فيلمها الثلاث آيسا مايغا وليتيسيا كي وديبورا ناني، وبطل الفيلم الممثل التونسي محمد جرايا ومديرة التصوير فريدا مرزوق وجميع المنتجين المشاركين، عرض فيلمهم السماء الموعودة في قاعة ديبوسي الشهيرة، وحظى بعدها بوصلة من التصفيق امتدت لـ 15دقيقة كاملين.

بعد العرض صعدت السحيري إلى المسرح، مرتدية دبوسًا عليه العلم الفلسطيني، في لفتة هادئة وجريئة، وألقت خطابًا اتسم بالامتنان والثقة. شكرت فريق مهرجان كان، وكل من شاركها في العمل من ممثلين وفريق العمل، وتمنّت لجميع صانعي الأفلام الآخرين النجاح الذي يستحقونه.

وقالت: "أنا فخورة، ومليئةٌ بالحب لكل من صنع هذا الفيلم معي. آمل أن يُسهم كل فيلم، بطريقته الخاصة، في إنهاء تهميش وتجريد الآخرين من إنسانيتهم". واختتمت كلمتها بتوجيه شكر صادق للجمهور الذي عاش معها الرحلة العاطفية التي نقلها الفيلم.

وبدأت الإشادات النقدية في الظهور منذ لحظة نهاية العرض. لخصّ آلان هانتر من سكرين دايلي الحالة التي أثارها الفيلم حيث كتب "فيلم "السماء الموعودة" احتفالًا تشوبه مرارة بالصمود والتضحية، حيث تُقدّم الممثلة الجديدة البارزة ديبورا ناني أداءً رائعًا كروحٍ نابضة بالحياة، مُصمّمة على الصمود في وجه كل ما تُلقيه الحياة في طريقها".

أما فابيان ليميرسييه من سينيروبا، فركز على الجانب الإنساني العميق في الفيلم، حيث كتب ""تأسر أريج السحيري المشاهدين بفيلم إنساني لا يُصدق، يُركز على ثلاث نساء محبوبات من أفريقيا جنوب الصحراء يعشن في تونس، ويُطورن وعيًا متزايدًا بالعالم".

وأكمل ""بإيقاعه الرائع، وروحه الانسيابية المذهلة في الحركة والديكور، يزيح فيلم "السماء الموعودة" ببطء ومهارة الستار عن الجوانب المختلفة لأبطاله الثلاثة".

السماء الموعودة من إخراج أريج السحيري وشاركت في تأليفه مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، وإنتاجه مع ديدار دومهري، وهو ثاني أفلامها الروائية، يتتبع الفيلم ماري، قسيسة إيفوارية وصحفية سابقة، تعيش في تونس. يصبح منزلها ملاذًا لناني، الأم الشابة التي تسعى لمستقبل أفضل، وجولي، الطالبة الشجاعة التي تحمل آمال عائلتها. يُشكّل وصول طفلة يتيمة صغيرة تحديًا لروح التضامن لديهما في مناخ اجتماعي متوتر، كاشفًا عن هشاشتهما وقوتهما.

ويستكشف الفيلم التوتر والتآزر اللذين ينشآن في أوقات الأزمات.

وهو مستوحى من أحداث حقيقية وقعت في تونس في فبراير، عندما استُهدف المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى بعنف في وسائل الإعلام وفي الشوارع. وقد أجج الخطاب السياسي الملتهب موجة من العداء، أدت إلى اعتقالات تعسفية وطرد.

الفيلم من بطولة آيسا مايغا وليتيسيا كي وديبورا ناني، والممثل التونسي محمد جرايا، وتصوير فريدا مرزوق، المصورة السينمائية الفرنسية التونسية التي سبق لها العمل مع السحيري في فيلم "تحت الشجرة" وعملت مع عبد اللطيف كشيش في ألعاب الحب والصدفة وحياة أديلوشاركت في جميع أفلام جون ويك. وتتولى MAD Distribution توزيعه في العالم العربي.

 

####

 

توم كروز يتلقى أكثر من 7 دقائق تصفيق

عن فيلمه «مهمة مستحيلة» في «كان السينمائي»

كان ـ «سينماتوغراف»

ابتهج توم كروز بنجاح سلسلة أفلامه "مهمة مستحيلة" في مهرجان كان السينمائي، حيث نال صفيقاً حاراً لأكثر من 7 دقائق عن فيلمه "مهمة مستحيلة - الحساب الأخير"، داخل مسرح "غراند تياتر لوميير" أمس الأربعاء.

ونشر موقع "ديدلاين" مقطع فيديو على منصة "إكس" يظهر فيه كروز (63 عاماً) وهو يسير في ممر، بينما يُشيد جمهور المسرح بالفيلم. وانضم إليه المخرج كريستوفر ماكويري، بالإضافة إلى زملائه الممثلين هايلي أتويل، وسيمون بيج، وهانا وادينغهام، وأنجيلا باسيت، وإيساي موراليس، وبوم كليمينتيف، وغريغ تارزان ديفيس.

وفي مقطع فيديو أخر، شكر كروز جمهور المهرجان على تصفيقهم، قائلًا إنه "ممتن للغاية" لكونه جزءاً من هذه السلسلة التي قدّمها على مدار ثلاثة عقود. كما شكر ماك كواري، الذي أخرج أربعة أجزاء من سلسلة "مهمة مستحيلة".

وأضاف: "في كل خطوة من الطريق، ما أنجزته، وكيف طوّرته، وكيف تجاوزت توقعاتنا"، واصفاً المخرج بأنه "رائع للغاية".

وأشار الى أنه يتطلع إلى إنتاج أفلام أخرى مع كواري في المستقبل، قبل أن يتوجه إلى الجمهور ويشكرهم على دعمهم.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان كروز سيعود إلى السلسلة، إذ لم يُخبر المعجبين ما إذا كان فيلم "الحساب الأخير" هو في الواقع ختام شخصيته الشهيرة "إيثان هانت" أم لا.

وحضر الممثل الأميركي ورشة ماك كواري الاحترافية في مهرجان كان السينمائي لعام 2025، وناقش تفاصيل أكثر مشاهد الفيلم "جنوناً"، ورحلة السلسلة التي استمرت قرابة 30 عاماً مع مخرج الفيلم قبل عرضه العالمي الأول في فرنسا.

 

####

 

بحضور يسرا وحسين فهمي ..

ندوة في «كان»  تناقش مكانة السينما المصرية عالمياً وتحدياتها

كان ـ «سينماتوغراف»

نظم اليوم مركز السينما العربية بالتعاون مع سوق الأفلام بمهرجان كان السينمائي الـ 78، ندوة تحت عنوان "مصر: دولة الأفلام الجماهيرية في العالم العربي"، بحضور نخبة من أهم الأسماء في صناعة السينما المصرية، في نقاش ثري بالمعلومات امتد لأكثر من ساعة، وسط حضور كبير.

وقالت الفنانة يسرا عن دور النجوم في نجاح السينما المصرية جماهيريًا مؤخرًا: "النجوم مهمون في نجاح العمل، فالناس يذهبون للسينما لمشاهدة نجومهم، وأن تكون نجمًا يعني أن تكون جزءًا من حياة الجمهور".

وعن كيفية إمكانية تحول السينما المصرية إلى قوة معترف بها عالميًا، أوضحت: "أن المخرج الراحل يوسف شاهين هو من فتح الباب للسينما المصرية، فقد حارب لعرضها أمام العالم، وفتح الباب لآخرين للعمل في فرنسا وبريطانيا وحتى هوليوود، حلمنا أن نكون أكبر ونُعرف كسينما مصرية عالمية".

وقال الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، عن تطور السينما المصرية: "السينما المصرية انطلقت مع بداية اختراع السينما العالمية ونملك تاريخًا طويلًا، وعندما بدأت السينما أحببتها عبر من سبقونا وكانوا أساتذتي".

وأضاف: "نحن نعمل حاليًا على كسر العوائق ومناقشة موضوعات لم يسبق للسينما المصرية مناقشتها، لأننا نستهدف جمهورًا شابًا انعزل بطريقة ما في مواقع التواصل الاجتماعي بعيدًا عن السينما، وكمهرجان القاهرة نقدم حوافز للجمهور الشاب في الجامعات حتى نجذبهم لمشاهدتها".

وعن المنافسة، أكد حسين فهمي أن "المنافسة جيدة لتطوير الصناعة، سواء مع مهرجانات في مصر أو الدول المجاورة"، مشيرًا إلى أن "المواعيد المتقاربة للمهرجانات ليست منافسة صحية لأنها تضع المخرجين في حيرة، وترفع التكلفة وهذه منافسة شرسة".

وعن جذب شركات الإنتاج لمصر، قال أحمد سامي المدير العام للجنة مصر للأفلام: "اللجنة قامت بعدة خطوات منذ 5 سنوات منها أفلام وثائقية ثم انتقلنا لأعمال أكبر تم تصوير بعضها عند الهرم، ونجحنا في تخطي عوائق، فلأول مرة هناك أسلحة مزيفة مسموح بها في مصر، ثم استخدام قوات خاصة في التصوير، ومروحيات عسكرية"، مضيفًا "هناك أيضًا حوافز نعرضها على صناع الأفلام، مثل استعادة نسبة من المبالغ المدفوعة في خدمات مدينة الإنتاج الإعلامي، والمعدات، وخفض لتذاكر الطيران والإقامة الفندقية".

وأكد أنه رغم عدم وجود نظام تعويض مالي رسمي لكن مصر منافس قوي خاصة أنها غنية بالمواقع والتاريخ، الفرعوني، والروماني، والإسلامي، والمسيحي، وبدون نظام التعويض فالأسعار تعد الأفضل مقارنة بالدول المجاورة التي تملك نظام تعويض مالي.

ووجه عمرو منسي، المدير التنفيذي لمهرجان الجونة، الشكر لمركز السينما العربية، وتحدث عن تجربة إنشاء مهرجان الجونة وكيف ساهم في تحريك المياه الراكدة في المنطقة وظهور مبادرات سينمائية جديدة للمواهب الشابة.

وقال المخرج مراد مصطفى، الذي ينافس فيلمه "عائشة لا تستطيع أن تطير" في مسابقة نظرة ما بمهرجان كان: "نحتاج لمزيد من الشركات للتوزيع والتسويق والإنتاج والمبيعات، القادرين على اتخاذ خطوة المخاطرة"، مضيفًا "كنت سعيدًا العام الماضي بدعم مهرجان الجونة للأفلام القصيرة وأعتقد أن الأفلام القصيرة بحاجة لمزيد من الدعم".

وقالت منتجة الفيلم سوسن مصطفى: "لم تعد الأفلام القصيرة تجارب شخصية نعرضها في المهرجانات ثم ينتهي الأمر بها في منزلك، هناك رغبة في ميزانيات أكبر وجودة أكبر وهناك نجوم يعملون فيها ومع فتح مصادر تمويل جديدة لها ما يمنحها فرصة للتنافس في صندوق الإيرادات".

 

####

 

«أفلام في طور الإبداع» جلسة نقاشية اليوم

بمهرجان كان لـ «هيئة الأفلام السعودية»

كان ـ «سينماتوغراف»

تشارك هيئة الأفلام جلسة نقاشية تحت عنوان "أفلام في طور الإبداع" وذلك ضمن فعالياتها بمهرجان كان السينمائي بدورته الـ 78، والتي تستضيف نخبة من صنّاع الأفلام والخبراء لاستعراض أحدث المشاريع السينمائية السعودية، وتسلط الضوء على الفرص والتحديات في صناعة الأفلام بالمملكة".

الجلسة النقاشية ستقام اليوم الخميس 15 مايو 2025 بجناح الهيئة والمتحدثون هم المخرجة هيفاء المنصور والمخرج حسام الحلوة ومدير إدارة الإنتاج لمبادرة كنوز يزيد البدر، أما مدير الحوار فهي أجواء الجودي وهي قائد فريق الحوافز المحلية لهيئة الأفلام السعودية.

وتشمل الجلسات الحوارية الأخرى لهيئة الأفلام السعودية خلال فعاليات مهرجان كان، الطاولة المستديرة "الجانب التجاري في إنتاج الأفلام"، الذي يتناول الأبعاد الاقتصادية لصناعة السينما.

كما تتضمن الفعاليات جلسة تواصل بعنوان "لقاء صنّاع الأفلام السعوديين"، وفعالية غداء التواصل بعنوان "التبادل السينمائي"، التي تجمع ممثلي الهيئة بالقطاع الخاص؛ لاستعراض أبرز إنجازات القطاع السينمائي المحلي وتعزيز فرص التعاون المشتركة.

 

####

 

تعاون تاريخي بين «القاهرة السينمائي» و«الفيبريسي»  

احتفاءً بمئوية الاتحاد الدولي لنقاد السينما

كان ـ «سينماتوغراف»

في خطوة استثنائية تعكس مكانة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الرائدة، يشهد الجناح المصري بسوق كان للأفلام،خلال الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي (13–24 مايو 2025) حدثًا فريدًا يتمثل في تدشين تعاون تاريخي بين مهرجان القاهرة السينمائي الدولي و (فيبريسي)، وذلك ضمن احتفالات مرور 100 عام على تأسيس الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين.

وقد تم الاتفاق بين الجانبين على إصدار كتاب خاص عن الاتحاد الدولي لنقاد السينما، كنتاج لحلقة بحثية يشارك فيها عدد من النقاد أعضاء الاتحاد وأعضاء جمعية نقاد السينما المصريين، عن موضوع يهم تاريخ السينما.

كما سيمنح الاتحاد الدولي لنقاد السينما بالتعاون مع مهرجان القاهرة السينمائي جائزة "فيبريسي 100 – إنجاز العمر" لشخصية سينمائية بارزة، وذلك ضمن أنشطة الدورة السادسة والأربعين للمهرجان المقررة في الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر 2025.

وفي هذا السياق، صرح الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي: "نعتز في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بأن نكون جزءًا من احتفالات مئوية الاتحاد الدولي لنقاد السينما، وأن نرسخ التعاون مع (الفيبريسي) في هذا الظرف التاريخي. إننا نؤمن بأن النقد السينمائي شريك أساسي في تطوير الصناعة، ودورنا كمهرجان لا يقتصر على عرض الأفلام بل يمتد ليشمل دعم الحوار الثقافي والارتقاء بالمعايير الفنية، وهذه الشراكة تمثل خطوة جديدة نحو تعزيز مكانة السينما المصرية والعربية على الخريطة العالمية، وفتح آفاق أوسع أمام المواهب الشابة والمبدعين".

وقال الناقد محمد طارق، المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي: "يمثل هذا التعاون مع الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي) خطوة نوعية في مسيرة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ويعكس التزامنا المستمر بتعزيز الحوار بين صناع السينما والنقاد على المستوى العالمي. نؤمن أن النقد السينمائي هو أحد أعمدة تطور الصناعة، ومن خلال إصدار الكتاب وتنظيم الحلقة البحثية في الدورة المقبلة، نمنح مساحة أكبر لتبادل الخبرات وتوثيق تاريخ النقد السينمائي، بما يسهم في الارتقاء بالمشهد السينمائي المصري والعربي".

أما الناقد أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي)، فقال: "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كان دومًا شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الدولي لنقاد السينما، وكونه أول المهرجانات العربية التي استضافت لجنة تحكيم فيبريسي يعكس عمق العلاقة بين المؤسستين. كما أن أغلب مديري مهرجان القاهرة الفنيين ومبرمجيه، على مدار دوراته المتعاقبة، من أعضاء جمعية نقاد السينما المصريين والاتحاد الدولي للنقاد. ولهذا فإن هذه الشراكة الجديدة مع مهرجان القاهرة تمثل محطة رئيسية ضمن احتفالاتنا بمرور 100 عام على تأسيس الفيبريسي، ونأمل أن تفتح آفاقًا أوسع للتعاون بين النقاد وصناع الأفلام في العالم العربي والعالم".

 

####

 

كان 2025 | «أمروم» لـ فاتح أكين يستكشف فقدان الهوية

في أعقاب الحرب العالمية الثانية

كان ـ «سينماتوغراف»

(لقطات السجادة الحمراء) لـ «أمروم، Amrum» للمخرج فاتح أكين، وهو الفيلم الخامس له ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، والذي يعود إليها بعد 8 سنوات من عرضه لفيلمه «في التلاشي»، الذي فازت عنه ديان كروجر بجائزة أفضل ممثلة عام 2017، وتلعب كروجر دور البطولة في الفيلم الجديد أيضاً، الذي تدور أحداثه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ويظهر في الصور أناماريا فارتولومي، كوستا جافراس، ميلاني لوران، جوزفين جابي.

** يستكشف أكين في أمروم فقدان الهوية، استنادًا إلى نص شعري كتبه هارك بوم حيث تلعب ديان كروجر دور كاتيا، وهي امرأة تعاني من الخسارة المأساوية لزوجها وطفلها. ويعيد الفيلم النظر في بعض هذه المواضيع المألوفة مثل فقدان الهوية والانتقام، لكنه يعيد تصورها في سياق تاريخي بعد الحرب.

 

####

 

كان 2025 | دومينيك مول في «المسابقة الرسمية»

 يتعمق داخل أسرار مؤسسات الشرطة

كان ـ «سينماتوغراف»

(لقطات السجادة الحمراء) لـ«القضية 137، Case 137» للمخرج دومينيك مول، الذي يعود (بعد عامين من نجاح فيلمه «الليلة الـ 12»، الحائز على ست جوائز سيزار)، إلى المسابقة الرسمية للمهرجان بفيلم إثارة جديد يُغرق المشاهدين في أسرار مؤسسات الشرطة، ويتناول قصة مفتشة في الشؤون الداخلية تُكلّف بالتحقيق في قضية عنف تتعلق بزملائها.

ويظهر في الصور طاقم الفيلم، ليا دراكر، ستانيسلاس ميرهار، يوان بلانك، غوسلاجي مالاندا، ماتيلد ريو، كوم بيرونيه، سولان ماتشادو-جرانر، ساندرا كولومبو، ماتيلد روهريش، فالنتين كامبانيا، ثيو كوستا - ماريني، جوناثان تورنبول وجيلز مارشاند.

** وتركز أحداث الفيلم على ستيفاني، التي جسّدتها ليا دراكر، محققة في الشؤون الداخلية، وهي جهاز الرقابة على الشرطة، مُكلّفة بالتحقيق في قضية وحشية من قِبل الشرطة. بينما تمضي في تحقيقها لفحص ملابسات انفجار بندقية مكافحة الشغب، والتي أصابت شابًا بجروح خطيرة خلال احتجاجات السترات الصفراء، تواجه الضابطة ضغوطًا تهز معتقداتها في الصميم.

 

####

 

مراجعة فيلم | «القضية 137» لـ دومينيك مول..

كيف تعجز الإنسانية عن تحقيق العدالة الحقيقية؟

كان ـ خاص «سينماتوغراف»

عُرض فيلم "القضية 137، Case 137" للمخرج دومينيك مول اليوم لأول مرة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الثامن والسبعين، وترصد أحداثه محققة شرطة مستقلة تتعمق في قضية وحشية الشرطة، في هذه الدراسة المتعمقة للقمع والإفلات من العقاب.

في عام 2018، ستيفاني برتراند (التي تؤدي دورها ليا دراكر، الممثلة الهادئة والجذابة)، ضابطة شرطة عازمة على أداء وظيفتها على أكمل وجه. إلا أن مهمتها ليست سهلة أو محبوبة. فهي مسؤولة عن التحقيق في هجوم الشرطة الذي أسفر عن إصابة المراهق غيوم جيرار (كوم بيرونيه) بكسر في الجمجمة وإصابات بالغة الخطورة. قد تُلحق نتائجها الضرر بالمؤسسة التي تعمل فيها.

كيف يُمكن لنفس المؤسسة، التي أُشيد ببطولاتها خلال حادثة باتاكلان الإرهابية قبل ثلاث سنوات فقط، أن تخالف القانون؟، وكيف يُمكن لمن يُفترض بهم حمايتنا أن يُهاجمونا بدلاً من ذلك؟.

سافر غيوم ووالدته وأصدقاؤه المقربون من بلدتهم الصغيرة سان ديزييه إلى باريس للانضمام إلى احتجاجات السترات الصفراء. لم يكن لديهم أي انتماء سياسي واضح، وكان دافعهم إحباطٌ من نظامٍ - من وجهة نظرهم - خذلهم مرارًا وتكرارًا. هذا بالإضافة إلى مجرد الرغبة في السفر إلى العاصمة الفرنسية.

كان غيوم وصديقه ريمي (فالنتين كامباني) يسيران بسلام عندما أطلقت الشرطة النار عليهما لسببٍ غامض. ورغم تردد المؤسسة المُطلق، تمكنت ستيفاني في النهاية من تحديد هوية الجناة واستجوبتهم. تكشف المحادثات أن هؤلاء الضباط الأربعة يمتلكون شعورًا مُفرطًا بالاستحقاق، وتصورًا بأن المتظاهرين أشرارٌ بطبيعتهم.

موضوع العرق محوريٌّ أيضًا. ستيفاني وغيوم وريمي جميعهم من البيض. تُلقي الشاهدة السوداء أليسيا مادي (غوسلاجي مالاندا) ضوءًا جديدًا وغير متوقع على الإجراءات، مما يجعل ستيفاني المتواضعة والمنفتحة تُشكك في قيمها ومبادئها. دور مالاندا قصير، لكنه قوي للغاية - ربما تتذكرون الممثلة لأدائها الآسر في فيلم "سانت أومير" (2022) للمخرجة أليس ديوب. في هذه الأثناء، يُصارع فيكتور (سولان ماشادو-غرانر)، ابن ستيفاني، حقيقة أن كلا والديه من ضباط الشرطة، وأن هذه المهنة تتراجع شعبيتها بشكل متزايد.

يتعين على ستيفاني أن تواجه اثنين من أجهزة الدولة القمعية التي تحدث عنها الفيلسوف الفرنسي ألثوسير: الشرطة والقضاء. وهي معركة من شبه المؤكد أنها ستخسرها، كما تشير البيانات التاريخية. يكشف الفيلم أنه لم يسبق لأي ضابط شرطة في فرنسا أن فقد وظيفته بسبب سلوكه العنيف.

إن إدراك ستيفاني لعجزها في التعامل مع قوات الدولة التي لا تهتم كثيرًا بالعدالة - فالشرطة والقضاء معنيان بالحفاظ على صورتهما العامة أكثر من اهتمامهما بإنزال العقوبة التي يستحقها الضباط - هو أكثر ما يؤثر على ستيفاني. هذا هو الوقت الذي تتألق فيه أنبل قيمها - إحساسها بالإنسانية والرحمة والعدالة الحقيقية. إن هذا الحس الإنساني هو بالتحديد ما يثير الاستهجان في وظيفتها، حيث يراد للسلوك العقلاني أن يسود، ويتم رفض أكثر ردود الفعل الصادقة باعتبارها عاطفية وغير مهنية.

في حوارها مع رئيسها في العمل الذي يبعث على التنوير والتنفيس عن مشاعرها، تتفحص العلاقة الإشكالية بين التشريعات والبوصلة الأخلاقية للفرد، وتكشف في الوقت نفسه الثغرات التي تسمح للإفلات من العقاب بالاستمرار داخل الدولة.

هذا الفيلم، الذي تبلغ مدته 115 دقيقة، عميقٌ ولكنه بالكاد يُحدث نقلة نوعية. من الناحية الأسلوبية، يُصوّر الفيلم في منتصف الطريق، متأرجحًا بين الواقعية والدراما البوليسية.

ومن الناحية الموضوعية، يطرح السؤال الجوهري للغاية: كيف تُحاسب المسؤولين عن العدالة؟ الإجابة للإسف لم تُكتشف بعد.

 

موقع "سينماتوغراف" في

15.05.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004