ملفات خاصة

 
 
 

مهرجان أفلام السعودية 11:

«فخر السويدي» ربما من هنا علينا أن نبدأ كوميديًا!

فهد الأسطاء

أفلام السعودية

الدورة الحادية عشرة

   
 
 
 
 
 
 

يُقال أنه حينما اجتمع المخرج العظيم بيلي وايلدر مع شريكه دايموند لكتابة سيناريو جديد تحول لاحقًا لأحد روائع «وايلدر» بطبيعة الحال، إلا أنه توقف قليلًا في لحظة «جفاف» في الإلهام وقال: «كان الأمر ليبدو أسهل لو كان لوبيتش معنا» ليجيبه دايموند: «نعم، لكننا ما زلنا نمتلك لمسة لوبيتش»، فرد بيلي وايلدر قائلًا: «لا… لقد ذهب لوبيتش وذهبت اللمسة معه».

لقد كان المخرج العظيم أرنست لوبيتش أيقونة كوميدية يؤسس لمنهجية مختلفة في الكوميديا ومن هنا كان الحديث دائمًا في صناعة الكوميديا عن «لمسة لوبيتش»، والتي قال عنها نقاد مجلة كراسايترون الفرنسية أنها «تلك الجودة التي تجعل الكوميديا فيه حزينة قليلًا والتراجيديا مضحكة قليلًا»، فيما يعبر عنها الناقد البريطاني فريديريك رافاييل بأنها «لا تكمن فيما يتم فعله وإنما فيما يتم التلميح له»!! 

 وهي اللمسة التي أصبحت تحمل عدة معايير كالمفارقة الناعمة، وهي حينما تظن أن الموقف الكوميدي قد انتهى بنكتة جيدة، يبرز فجأة وبطريقة ذكية معنى كوميدي آخر!! كما تعني بطريقة أخرى وأوسع، الأسلوب الذكي في الإيحاء وليس التصريح، وفي السخرية من الموقف دون الفظاظة في التعبير عنه، وفي التحكم بإيقاع الكوميديا، حيث تأتي النكتة بطريقة سلسلة وانسياب هاديء، دون المباشرة الفجة، وإذا ما أردنا التعبير المباشر عن هذه اللمسة أيضًا، فسنقول إنها لا تعتمد  على الحوارات فقط في تقديم النكتة، بل تأتي الصورة وعملية التحرير والمونتاج والتلميحات البصرية كشريك أساسي في النكتة، لقد اعتدنا على اختزال كل هذا بما نسميه «كوميديا الموقف»، حتى نقف إزاء ما نسميه أيضًا بـ«كوميديا التهريج»!

«كوميديا الموقف» كانت قد تأسست فعليًا مع أمثال شابلن وباستر كيتون – لم يكن الصوت حينها قد دخل السينما وبالتالي لم يكن هناك أي فرصة لتبادل الحوارات والإضحاك من خلالها – ومن ثم يأتي هارول لويد و الطريفين لوريل وهاردي والأخوة ماكس وآخرين قبل أن يأتي الأيقونة الفرنسية الكوميدية جاك تاتي، والشعبية روان أتكينسون الشهير بـ«مستر بن».

إذن … ما الذي يدعوني لسرد سريع ومختصر حول الكوميديا عند الحديث عن فيلم «فخر السويدي»؟! قبل أن أجيب؛ لا بد وأن أشير إلى أن تركيبة الفيلم السردية التقليدية لم تكن محكمة بالشكل الكافي، والتذبذب الملحوظ في مسار القصة ومنحنيات الأحداث سيكون أمرًا ملحوظًا للغاية، لكن هذا الأمر في حالة هذا الفيلم ليس أمرًا مانعًا من التصريح الذي قلته في مداخلتي بعد عرض الفيلم الأول في مهرجان أفلام السعودية 11: «إذا كنا نطمع بعمل أفلام كوميدية سعودية فعلينا أن نبدأ من هنا»، حيث – ومن خلال متابعتي القديمة والدقيقة للأعمال السعودية – لم أشاهد عملًا كوميديًا بمثل هذا المستوى من الجودة والإتقان وحشد معايير الكوميديا الفعلية كما شاهدت في «فخر السويدي»، بداية من قصة تقليدية ساذجة، تتحول لمسرح أحداث كوميدية متلاحقة، تتناوب فيها جميع الشخصيات في الطرافة والإضحاك، وتأخذ الكاميرا نصيبها من صناعة النكتة، ويصل فيها الممثلون الشباب والجدد بأداء جميل لمرحلة منسجمة ومتناغمة، رغم اختلاف طباعهم، وطريقة تفكيرهم، وانفعالاتهم المضحكة، حسب شخصياتهم في الفيلم.

القصة تدور حول مدير مدرسة ثانوية أهلية، يسعى لتحقيق ذاته، وإثبات جدارته، من خلال افتتاح صف شرعي، وهو التخصص الذي يحيل في ذهنية المجتمع السعودي، أو على الأقل من عاشر تلك الفترة، إلى ذلك الصف الأسهل والأكثر مشاكسة، وتملصًا من الدراسة، وبالمقابل الصف الذي يتجه إليه افتراضًا الطلاب غير المُجدين، وحتى ذوي الأفكار المحافظة، لكنه في الغالب ليس الصف الذي يمكن أخذه على محمل الجد مقابل الصفوف العلمية! وهنا يبدأ الصراع المتوقع، في محاولة المدير إنجاح فكرته المفاجئة هذه، وإثبات خطأ أخيه الأكثر وجاهة ومسؤولية وجدية، والذي يسعى بدوره إلى إجهاض محاولات أخيه الأكبر، مدير المدرسة، من أجل مصلحة المدرسة كما يعتقد، وحصولها على استثمارات داعمة، هنا صراع القصة البسيط وسط طبيعة شخصية المدير الساذجة والحمقاء أحيانًا، والتي يتنازع داخلها رغبته المفرطة في النجاح وتحقيق ما يشعر به بمعنى حياته وجدواها، وطبيعته المتأصلة في الطيبة والحنية والمراعاة، ووسط مجموعة من الطلاب «غريبي الأطوار» لحد ما، وهم من طبقات مختلفة وخلفيات اجتماعية متباينة، وإن خمنت أن هناك الكثير من المعاني الأخلاقية والاجتماعية الجيدة، مثل: الصداقة و«الفزعة»، والوفاء والتعاطف والطموح والشغف، ستبرز عبر مشاهد الفيلم وعلاقات الطلاب فلن يكون تخمينك خاطئًا.

الآن، هل فعلًا بدت القصة تقليدية ومتوقعة؟ بالطبع هي كذلك، ولكن! – وهذا ما يجعل الفيلم مثيرًا للحديث عنه -، هو ذكاء الفيلم وتميزه، حيث خلى من كل التعقيدات المٌفتعلة في تقديم هذه القصة، بجانب معالجته بطريقة كوميدية ومضحكة للغاية، مع قدر جيد من التنفيذ الفني الذي نجح فيه مخرجا العمل السعوديان أسامة صالح وعبدالله بامجبور، ومن قبلهما ورشة كتابة النص بقيادة الشاب يزيد الموسى، لذا فحينما أُعد قائمتي لأفضل الأفلام السعودية خلال السنوات الأخيرة – والتي تكاد تقتصر على الأعمال الدرامية – فسيكون هذا الفيلم هو الكوميدي الوحيد الذي يفرض نفسه عن جدارة، ويشق طريقه إلى تلك القائمة بتميز واستحقاق.

وأخيرًا، لا أعتقد بكل صراحة أنني سأرى عملًا كوميديًا سعوديًا يستلهم «لمسة لوبيتش» بشكل متكامل ومتقن، لكنني حاليًا سأكتفي بالقول أن «فخر السويدي»، هو أقرب الأفلام الكوميدية السعودية حتى الآن التي نجحت في ملامسة تخوم تلك اللمسة العبقرية التي ميّزت سينما لوبيتش. ولهذا، أتمنى من قلبي أن تبدأ الكوميديا السعودية من هنا.

 

####

 

ستة أفلام روائية من مهرجان أفلام السعودية 11: قراءة نقدية

أحمد بن حمضة

تميّزت المجموعة الثانية من عروض الدورة الحادية عشر من مهرجان أفلام السعودية، وهي: (أختين، ملكة، علكة، وهو اللي بدأ، شريط مكس، عثمان في الفاتيكان) بتنوّعها الفني والموضوعي، حيث قدّمت تجارب سينمائية متفاوتة في النضج والإتقان. بعض الأفلام لفتت الأنظار بطرحها الجديد ومعالجاتها البصرية الدقيقة، بينما بدت أخرى أقرب إلى محاولات أولى تفتقر إلى الصقل والخصوصية.  وفي هذه المقالة، أتوقف عند هذه المجموعة لأقدّم مراجعة سريعة لعدد من الأفلام التي تفاوتت في مستواها الفني، وتميّز بعضها بالإتقان والجِدة في الطرح.

وأقصد بـ«الجدّة» هنا قدرة صانع الفيلم على التحكم بأدواته، وإحكام رؤيته السينمائية، سواء على مستوى السرد أو التكوين البصري. وقد تميّز بعض هذه الأعمال بتقديم وجوه تمثيلية جديدة تمتلك خامة صافية وحضورًا لافتًا، يستحق التقدير والانتباه. في المقابل، لا تزال بعض الأفلام تعاني من ضعف في بناء النص وتطوير الحدث، ما يجعلها أقرب إلى أفكار عائمة لا تتجاوز حدود المفارقة في نهايتها. وكأن الفيلم القصير، لدى البعض، بات مرادفًا للمفارقة وحدها، من دون استثمار في القصة أو تطوير حقيقي لمفاصلها.

«هو اللي بدأ» لـ عبدالله العطاس 

في مقدمة مشاهداتي جاء فيلم «هو اللي بدأ»، تأليف وإخراج عبدالله العطاس مدير التصوير الشهير في أولى تجاربه السينمائية ، وتدور أحداثه حول شاب تبدو عليه من الوهلة الأولى ملامح ضعف الشخصية، ويتدرب على رياضة الكاراتيه، يلحّ على مدربه المتغطرس والعصبي أن يعلّمه حركة جديدة لتثبيت الخصم. يوافق المدرب على مضض، مشترطًا عليه أن يتحمّل تكلفة وجبة العشاء في حال خسارته، وهو ما يحدث بالفعل. لتبدأ بعد ذلك سلسلة من الأحداث المتصاعدة، خاصة بعد أن يركله المدرب باستهزاء.

يُعدّ فيلم «هو اللي بدأ» أنضج تجربة في المجموعة، وأكثرها إحكامًا وقدرة على المستوى الفني، سواء من حيث الفكرة المُركزة في حدث بسيط وطريقة تطورها بشكل كوميدي ساخر، أو من حيث أداء الممثلين المتميز، وعلى رأسهم الممثل الشاب عبدالله الجبيلة في دور «المتدرب»، والممثل المعروف محمد الزريق في دور «المدرب».

ويُضاف إلى ذلك التصوير اللافت، وهو أمر غير مستغرب إذا علمنا أن المخرج عبدالله العطاس جاء من خلفية وتجربة في التصوير السينمائي، بالإضافة إلى المونتاج الحيوي والذكي، والذي يذكّرنا بأسلوب المخرج إدغار رايت في تقطيع المشاهد والمونتاج السريع.

ورغم تكرار الفكرة وحضورها في أفلام سابقة، فإن أحداث الفيلم وتبعاتها تذكّر بفيلم «فارجو» للأخوين كوين، من حيث المعالجة الكوميدية للفكرة، وطريقة تطويعها حتى نهايتها. كل ذلك يؤكد أننا أمام مخرج متميز، يدرك تمامًا كيف يخطط لفيلمه.

«ملكة» لـ مرام طيبة

في فيلمها «ملكة» تقدم مرام طيبة -كمخرجة ومؤلفة- رحلة فانتازية لطفلة تسعى لإنقاذ جدتها المريضة من خلال العثور على تاج سحري. ولتحقيق ذلك، تمر البطلة بعدد من المحطات والصعوبات، ضمن سردية تعتمد على الخيال الطفولي

يتميّز الفيلم بعالمه الفنتازي الغني، وطريقة سرده التي تعتمد على راوية تتفاعل أحيانًا مع البطلة، ما يضفي على الحكاية حيوية ويكسر النمط التقليدي في السرد. لكن رغم هذا التميّز، فإن الفيلم يعاني من عدة إشكالات ناتجة عن طبيعة «الرحلة» التي يطرحها، إذ تتنقل البطلة بين العديد من الشخصيات والمواقف، ما يؤدي إلى تبدلات سريعة في مسارها، دون تأسيس كافٍ للحدث أو رسم واضح لجغرافيا المكان. وبسبب قصر مدة الفيلم، لم يُستثمر هذا المسار السردي بشكل مناسب، مما أضعف تجربة المشاهدة وأثّر على وقع النهاية عاطفيًا.

ورغم وجود لمسات سردية لافتة، خصوصًا في توظيف صوت الراوية (التي كان من الممكن أن تضيف للفيلم أكثر لو اتسم أداؤها بمزيد من الخفة والحيوية)، إلا أن التزاحم الزمني وكثافة الأحداث، بالإضافة إلى غموض الرسالة الموجّهة، والتي تبدو موجهة للمراهقين على الأقل، جعلت الفيلم يفتقر إلى الانخراط العاطفي الحقيقي، وترك المشاهد في حالة من الحيرة دون صدى فعلي للتجربة.

وثائقي «عثمان في الفاتيكان» لـ ياسر بن غانم 

الفيلم الوثائقي الوحيد في هذه القائمة هو «عثمان في الفاتيكان»، للمخرج ياسر بن غانم، ويتناول الفيلم سيرة فنان تشكيلي وخطاط من مدينة الخرج بالرياض، بدأ مسيرته كمدرّس لمادة التربية الفنية، قبل أن يترك كل ذلك خلفه ويغادر في بعثة إلى إيطاليا لدراسة الفن. يتتبع الفيلم رحلة المهندس والفنان عثمان الخزيم، منذ بداياته المتواضعة، وصولًا إلى لحظة استثنائية؛ حين صافح بابا الفاتيكان خلال مشاركته في أحد المعارض الفنية المقامة في إيطاليا.

ما يحسب للمخرج ياسر بن غانم هو ذكاؤه في بناء الحكاية وجذب اهتمام المشاهد منذ اللحظات الأولى، من خلال تقديم المعلومة المفصلية حول مصافحة البابا وذكره لاسم عثمان في المعرض، ثم الرجوع بشكل هادئ ومدروس إلى البدايات، لنتعرف تدريجيًا على مسار الشخصية وكيف وصل بها الفن إلى العالمية.

هذا الأسلوب السردي المتقن، إلى جانب قيمة المادة المقدّمة، وطبيعة الشخصية البطلة وأهميتها كفنان ومؤثر، فضلًا عن جودة التصوير وتوظيف المصادر التاريخية والمعرفية، كلها عناصر جعلت من الفيلم تجربة مميزة في موضوعها وطرحها.

وربما تكون أبرز لحظة في الفيلم هي إجابة عثمان عن سؤال: «ماذا قدّم له الفن؟» حين قال: «الفن هو الصوت الحقيقي، لو لم يوجد الفن، لما وُجدنا»..

«شريط مكس» لـ علي سلمان أصبعي

ومن مملكة البحرين يأتي فيلم «شريط مكس»، تأليف وإخراج علي سلمان أصبعي. والذي يعيدنا إلى زمن قديم نسبيًا، حين يحصل شقيقان على مشغّل أشرطة جديد. يملك الأخ الأكبر شريط أغانٍ نادرًا ومميزًا، ما يدفع الأخ الأصغر للاستماع إليه خلسة، دون علم شقيقه. لكن الأمور تنقلب رأسًا على عقب عندما يتعرض الشريط للتلف، ما يُشعل غضب الأخ الأكبر.

يرتكز الفيلم بشكل رئيسي على استحضار النوستالجيا، وتحديدًا لحقبة الأشرطة ونسخها، والأغاني الرائجة حينها، ومحال بيع الأشرطة التي كانت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة جيل بأكمله. إنها فترة تاريخية قريبة، لكنها بدأت تتلاشى من الذاكرة الجمعية، خصوصًا لدى الأجيال التي لم تعش تفاصيلها بشكل مباشر. وقد نجح إلى حدّ كبير في التقاط تفاصيل تلك المرحلة – على الأقل بحسب ذاكرتي الشخصية – وتقديمها بروح صادقة وبأسلوب بصري مناسب. لكن في المقابل، بدا أن العمل قد أثقل نفسه أحيانًا بإسهابٍ توثيقي، وكأنه يسعى لتوثيق اللحظة الزمنية أكثر من خدمتها دراميًا، مما أدى إلى نوع من الترهل في بعض التفاصيل.

«علكة» لـ بلال سليمان البدر 

فيلم آخر ضمن تلك المجموعة هو «علكة» من إخراج بلال سليمان البدر، وتدور فكرته حول الطفل سعد، المصاب بمتلازمة داون، والذي يقع – ببراءة الطفولة – في حب زميلته في الروضة، ويستعرض الفيلم أثر هذا الشعور عليه وعلى عالمه الصغير.

بالرغم من بساطة الفكرة وعذوبتها، ومحاولة المخرج تقديم نظرة داخلية لطريقة تفكير سعد باستخدام رسومات كرتونية تعبّر عن أحلامه وخيالاته، إلا أن الفيلم اعتمد بشكل أساسي على المفارقة في نهايته، دون أن يبني أحداثه بشكل تدريجي أو يُصعّدها دراميًا.

وهذه إحدى الإشكاليات المتكررة في بعض الأفلام القصيرة؛ حين تُبنى على فكرة بسيطة جدًا، ويُكتفى بها دون تطوير واضح للعلاقات أو السياق. فالأفكار وحدها، مهما كانت جميلة، لا تصنع أفلامًا قصيرة مؤثرة، بل قد تتحوّل إلى مجرد مشاهد مقتطعة تفتقر للتماسك.

مع ذلك، تظل تجربة «علكة» لافتة، خصوصًا في محاولتها استثمار خيال الطفل وتجسيده عبر رسوم طفولية تحاكي مشاعره وتصوراته، وهو ما منح الفيلم لمسة إنسانية

«أختين» لـ وليد القحطاني 

الفيلم الأخير في هذه المجموعة هو «أختين» من إخراج وليد القحطاني. وكحال بعض أفلام هذه المجموعة، يفتقر الفيلم إلى حبكة مشوقة أو محور درامي واضح يشد انتباه المشاهد ويدفعه للاهتمام بشخصياته.

يبدأ الفيلم بمقابلة تلفزيونية تجريها إحدى الأختين، والتي يتضح أنها ممثلة. وبسبب سؤال محرج من المذيعة، تتدخل الأخت الأخرى، رافضةً استمرار المقابلة، وتقوم بإخراج أختها منها. هنا نبدأ في تكوين تصور مبدئي عن طبيعة العلاقة بين الأختين، والتي تبدو في البداية علاقة قائمة على الحماية والدعم. لكن الفيلم ما يلبث أن يأخذنا إلى مساحة مختلفة تمامًا فيما بعد، ومن دون رابط واضح، وذلك بتقديم حدث يدور حول حفل عيد ميلاد الأخت الممثلة، حيث تظهر هنا معالم معاناتها النفسية بشكل أكبر.

ربما لو عمد المخرج إلى التأسيس لهذا الجزء منذ البداية، ووضعنا مبكرًا في بؤرة تركيز واضحة على مشاعر البطلة ومعاناتها، لقلل من حالة التشتت التي مر بها الفيلم، ولنجح في بناء رابط سردي أو درامي بين الأحداث. إذ يبدو أن جوهر الفيلم يركّز على الأخت الممثلة ومعاناتها الداخلية أكثر من تركيزه على العلاقة بين الأختين، كما قد يوحي العنوان.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

21.04.2025

 
 
 
 
 

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

«شباب البومب 2» يتصدر الإيرادات... و«إسعاف» و«فخر السويدي» يسجلان حضوراً جماهيرياً كبيراً

الدمامإيمان الخطاف

في الوقت الذي يحافظ فيه الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال، وذلك بعد شهر من بدء عرضه، تشهد الدورة الحادية عشرة من «مهرجان أفلام السعودية» إقبالاً لافتاً على عروض أفلام كوميدية سعودية، في مؤشر يلفت إلى الحضور المتنامي لهذا النوع من الأعمال بين صنّاع الأفلام والجمهور على حد سواء.

ورصدت «الشرق الأوسط» حضوراً جماهيرياً مكثفاً في عروض فيلمين كوميديين هما «إسعاف» و«فخر السويدي»؛ إذ امتلأت صالات العرض، واصطفت الجماهير في طوابير طويلة، معظمهم من فئة الشباب وصغار السن، وهي الفئة التي يستهدفها فيلم «شباب البومب 2»؛ ما يعكس توجه الجمهور المحلي بشكل واضح نحو الكوميديا.

والمشترك بين هذه الأفلام الثلاثة، على تفاوت مستوياتها الفنية، أنها لا تتعامل مع الكوميديا بوصفها هامشاً، بل تقدمها كلغة للتواصل مع الجمهور ومعايشة واقعه ومفارقاته اليومية.

«إسعاف»... مغامرة خطرة

فيلم «إسعاف»، إخراج كولين توج، وبطولة: إبراهيم الحجاج، ومحمد القحطاني، وفيصل الدوخي، وفهد البتيري، ونرمين محسن، ومطلق مطر، ومهند الصالح، وسعيد صالح، وحسن عسيري، ولطيفة المجرن، ونجوم آخرين، تتناول قصته شابين يعملان مسعفَين؛ الأول مستهتر والثاني جاد، وكلاهما يتورطان مع مجرم يلاحقهما بشكل مريب (فيصل الدوخي)، ويحاولان الهرب منه، ولكن يقعان في ورطة كوميدية، تفاعل معها الحضور في قاعة المهرجان بالضحك والتصفيق طيلة مدة الفيلم الذي تمكن من تحقيق المركز الرابع في قائمة شباك التذاكر السعودي، في أسبوعه الأول، بإيرادات تجاوزت 1.8 مليون ريال.

«فخر السويدي»... كوميديا مدرسية

أما فيلم «فخر السويدي» الذي تدور أحداثه داخل مدرسة ثانوية للبنين في حي السويدي بمدينة الرياض، فيتناول قصة مدير المدرسة «شاهين» (فهد المطيري) الذي يخترع فصلاً دراسياً جديداً للطلاب باسم «الفصل الشرعي»؛ ما يعرضه للكثير من المتاعب مع أخيه مالك المدرسة، وكذلك مع الطلاب والمعلمين الذين يحاولون الخروج عن المألوف لتحقيق مطالب المدير «شاهين».

وقد حظي الفيلم كذلك بحضور جماهيري كبير، وتفاعل الجمهور بالضحكات على المواقف الكوميدية التي يمتلئ بها الفيلم، علماً بأنه من المنتظر عرضه في صالات السينما السعودية يوم 8 مايو (أيار) المقبل.

ويضم «فخر السويدي» مجموعة من الممثلين، على رأسهم: فهد المطيري، وفيصل الأحمدي، وسعيد القحطاني، ويزيد الموسى، وياسين غزاوي، وصلاح الدالي، إضافة إلى محمد علي، ومهند الصالح، وعبد الله أحمد، وأسامة صالح، ونايف الفواز، وعبد العزيز المبدل، وأسامة القس. وهو فيلم من تأليف يزيد الموسى، ومن إخراج هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.

وبشكل عام، استطاع مهرجان أفلام السعودية الذي تُنظمه «جمعية السينما»، بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ودعم هيئة الأفلام، أن يجذب شريحة جديدة من فئة الشباب الذين تستهويهم الأفلام الكوميدية، خاصة مع كثافتها في الدورة الحادية عشرة التي يُسدل الستار على فعالياتها مساء الأربعاء المقبل، في حفل كبير يُقام في مسرح «إثراء»، ويتخلله تتويج عدد من الأفلام الفائزة ضمن عدة مسارات.

 

الشرق الأوسط في

21.04.2025

 
 
 
 
 

جلسة حوارية تستكشف أوجه التشابه بين السينما اليابانية والسعودية

الظهران ـ «سينماتوغراف»

من طوكيو إلى الظهران، استمتع جمهور مهرجان أفلام السعودية الحادي عشر بتبادل ثقافي ثري خلال جلسة حوارية تناولت أوجه التشابه والروابط السينمائية بين اليابان والمملكة العربية السعودية.

أدارت الجلسة زهرة آيت الجمر، رئيسة سينما حي جميل، وشارك فيها المخرج والمصور الياباني المقيم في الولايات المتحدة كين أوشياي، ورسام الرسوم المتحركة الياباني المرشح لجائزة الأوسكار كوجي يامامورا، وخبير الأفلام السعودي ماجد ز. سمان من مركز إثراء، والذي يجيد التحدث باليابانية.

قال يامامورا، الذي تمتد مسيرته الفنية لـ 45 عامًا ويُدرّس في جامعة طوكيو للفنون: "ما أصنعه هو أفلام فنية أكثر منها تجارية".

وأشار أوشياي، الذي شاهد الفيلم السعودي "هوبال" في المهرجان، إلى أوجه تشابه لافتة بين التعبيرات الثقافية اليابانية والسعودية في السينما.

وأشاد بفيلم "هوبال"، مشيرًا إلى التركيز القوي على التصوير السينمائي والحوار المختصر والسرد الآسر.

وقال: "البساطة أفضل إذا استطعت إيصال المشاعر من خلال تعابير الوجه".

وأضاف سمان أن الجمهور السعودي لطالما فضّل ثلاث فئات رئيسية من الأفلام: "هوليوود، وبوليوود، والأنمي".

وأضاف أن شغفه بالسينما بدأ أثناء دراسته في طوكيو.

وقال: "نشأ السعوديون على الأنمي الذي كان يُدبلج في الغالب إلى العربية"، مضيفًا أن العديد من الأفلام الشهيرة، مثل "بداية"، كانت مقتبسة من أعمال يابانية أصلية.

وأشار سمان إلى أن الأفلام اليابانية غالبًا ما تتطلب بعض الدراسة المسبقة.

وشرح أوشياي اختلاف أساليب تحرير الأفلام، قائلاً إنه في هوليوود، يتم تصوير عدة لقطات، ثم يتم التحرير لاحقًا. في المقابل، يفضل صانعو الأفلام اليابانيون غالبًا التحرير في الوقت الفعلي، بناءً على لوحة قصة مُخططة بدقة، لتقليل العمل الإضافي.

وقال إنه في حين أن الأفلام اليابانية قد تبدو أحيانًا ناقصة في السياق، إلا أن لكل بلد لغته البصرية الخاصة.

وأشار أوشياي إلى إن جمهور اليوم الذي يركز على الجماليات الرائجة، وخاصةً على تيك توك، قد ينظر في الاتجاه الخاطئ.

وتابع : "ما نحتاج حقًا إلى التركيز عليه هو رسالة الفيلم. كيف تتعلم ليس من يوتيوب، بل من الماضي، كما هو الحال في أفلام الماضي، لأن كل شيء يأتي من القمة.

وأضاف مختتماً : "الفن نسخة من شيء ما. لذا، إذا نسخت نسخة من نسخة من نسخة، فإن جودتها تُضعف، لذا يجب أن تتعلم تاريخ السينما حتى تتمكن أيضًا من تقديم شيء جديد".

 

موقع "سينماتوغراف" في

22.04.2025

 
 
 
 
 

«إسعاف».. كوميديا التخمة

أحمد بن حمضة

لو كان هناك درس وحيد نتعلمه من فيلم «إسعاف» الذي عُرض ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في مهرجان الأفلام السعودية في دورته الحادية عشرة، فهي أن ليست كل خلطة سينمائية مضمونة النجاح؛ مضمونة التوفيق كذلك

بالتزامن مع طرحه في صالات السينما السعودية، جاء صناع فيلم «إسعاف» إلى مهرجان الأفلام السعودية طامحين إلى النجاح النقدي والجماهيري، وقد أعدوا وجبة كوميدية دسمة، لم يحسنوا تقييم مقاديرها جيداً فباتت وجبة ثقيلة متخمة ضمن قالب يجمع بين الأكشن والإثارة والغموض

الفيلم من كتابة بطله إبراهيم الحجاج بالمشاركة مع ألبرتو لوبيز، ومن إخراج كولن تيج. وهو مخرج كان للحجاج تجربة ناجحة معه ممثلاً في مسلسل «رشاش». يشارك الحجاج في بطولة الفيلم كل من: محمد القحطاني، وفيصل الدوخي، وفهد البتيري، ونيرمين محسن، ونواف الشبيلي، وسعيد صالح، ومهدي الناصر، وحسن عسيري، ولطيفة المقرن

من المؤكد أن فيلم «إسعاف» تبنّى خلطة وصيغة سينمائية جاهزة لا جديد فيها، تهدف بالوصول لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور. وهو أمر لا يُعدّ سلبياً في حد ذاته، ما دام العمل قد استفاد من هذه الصيغة في تقديم فيلم ناضج في بنائه ممتع في حكايته، ومسلٍ من دون الوقوع في فخ التهريج أو السذاجة، مع التزام نسبي بمنطقية الأحداث وتصاعد الصراعات. ورغم هذا التوازن، لا يخلو الفيلم بطبيعة الحال من بعض الملاحظات التي تستحق الوقوف عندها، بعضها يكاد يخل بعالم الفيلم السينمائي

لنبدأ من غياب منطقية الحدث العام للفيلم وكذل غياب دوافع الشخصية الرئيسية. إذ يركّز الفيلم على عمل اثنين من المسعفين في مدينة الرياض، التي غالبًا ما تتسم بالازدحام، ويقدّم شخصيتين متناقضتين في الطبع والسلوك: عمر (إبراهيم الحجاج)، شخصية ساخرة ومهووسة بالألعاب الإلكترونية، لا يكف عن إطلاق التعليقات الطريفة من بداية الفيلم حتى نهايته، باستثناء مشهد وحيد يتسم بالجدية. في المقابل، هناك خالد (محمد القحطاني)، الذي يتّسم بالصرامة والانضباط والتجهم. يبدأ تصاعد الأحداث، أثناء عودتهما بسيارة الإسعاف إلى المستشفى

مع اشتداد الزحام، يقرر عمر تشغيل صفارة الإنذار كي يشق طريقه نحو موعد مسابقة الألعاب التي يشارك بها، لكن خالد يعارض بشدة، وعندها يتطور هذا الخلاف إلى شجار حول تشغيل الصفارة من عدمه، ينتهي بانفعال خالد وانطلاقه المفاجئ بالسيارة متجاوزًا الأنظمة، صاعدًا على الأرصفة، حتى يدخل أحد الأحياء ويصدم «طلال» (فهد البتيري). وهنا يتكشف البُعد الحقيقي للأزمة، حين يتبيّن أن المصدوم مصاب بطلقة نارية لا يعرفان مصدرها، وبجانبه حقيبة يكتشفان فيما بعد أنها تحوي مبلغًا كبيرًا من المال وبداخلها هاتفًا يرنّ، وما إن يرد عمر على المكالمة، حتى يدرك أن هناك رهينة محتجزة، وأن تسليم المبلغ شرط لإنقاذها. فيصر عمر على التحرك لتسليم المال وإنقاذ الفتاة، بينما، من ناحية أخرى يبدأ بدر (فيصل الدوخي) في مطاردتهما منذ لحظة الحادث، سعيًا وراء الحقيبة ومحتوياتها. ورغم تصاعد الأحداث، يبقى السؤال المنطقي الأبرز الذي يتبادر إلى ذهن أي مشاهد: لماذا لم يتصل المسعفان بالشرطة؟

يدرك صنّاع العمل هذا الإشكال، ولذلك حاولوا نزع فتيله منذ البداية بجعل شخصية خالد تطرح هذا السؤال مرارًا، انسجامًا مع طبيعته المنضبطة، في مقابل تسويف عمر وتهرّبه من الإبلاغ بحجج واهية، لا تنجح فعليًا في تبرير الموقف أو منحه منطقًا مقنعًا. وهذا يقودنا إلى طبيعة شخصية «عمر» الساخرة والكوميدية وغير المبالية. فمنذ البداية وحتى شارة النهاية، تغرق الشخصية في سيل متواصل من النكات (الإفيهات) والتعليقات الطريفة إلى درجة تجعلها تبدو ذات بُعد واحد، يتسم بالسذاجة المفرطة التي لا تتوافق أحيانًا مع طبيعة عمل البطل مسعفاً، كما لا تتوافق ردود أفعال الشخصية وتعليقاتها مع بعض الأحداث الدرامية التي تمر بها. إذ لا تبدو هذه النبرة الساخرة مناسبة أو منطقية في جميع المواقف، خاصة تلك التي تتطلب حضورًا عاطفيًا أو شعورًا بالخطر

الاعتماد المستمر على كوميديا الإفيه دون تنويع في النبرة أو الإيقاع يصل إلى حد إرهاق المتابع، ويؤدي في النهاية إلى نتيجة عكسية، حين يفقد المشاهد تفاعله العاطفي مع ما يجري. فالتأثير الدرامي لا يتحقق فقط عبر الضحك أو الإثارة، بل يحتاج أيضًا إلى لحظات صمت، ومساحات للتأمل، ووقفة تتيح للمشاهد استيعاب ما يراه. وفقدان هذا التوازن العاطفي، يحوّل التجربة إلى خط سردي واحد ومسطّح.

إن تنويع مستويات الشخصية ينعكس إيجابًا على تفاعل الجمهور، ويمنحه مدخلاً لفهم دوافع الشخصية أو التعاطف معها. أما حين تتحضر الشخصية على الشاشة بسلسلة طويلة التعليقات الساخرة المتواصلة، ثم يُزج بها في مشهد تراجيدي يتيم قرب نهاية الفيلم، فلن يكون لهذا المشهد أي وقع يُذكر، لأنه لم يُبنَ عليه مسبقًا، ولم يُمهّد له شعوريًا.

ومن النقاط التي لا يمكن إغفالها في هذا السياق: الحوار. إذ اتسمت بعض حوارات الفيلم – خصوصًا تلك التي تتعلق بشخصية عمر- بالجنوح إلى الشرح والتفسير المباشر، مثل حديثه عن سبب عمله في الإسعاف بلا أي مبررات أو تمهيد درامي.  وستجد دائماً أن أي حوار بالفيلم غير متسق أو مفاجئ يبدأه عمر عادة بالرد بنكتة أو تعليق ساخر

من ناحية أخرى، وبالرغم من الثنائية المعتادة والمتكررة في كثير من الأفلام – المتمثلة في وجود شخصيتين متضادتين: الأولى مرحة وكوميدية، والثانية جادة ومتجهمة – كما شاهدنا في أفلام مثل Midnight Run (1988)، وRide Along (2014)، إلا أن فيلم “إسعاف”، وبعيدًا عن الملاحظات السابقة، استطاع أن يقدّم هذه الثنائية بنجاح، ويرسم ملامح كل شخصية بوضوح، لا سيما شخصية «خالد» التي يؤديها محمد القحطاني. التي تنوّعت بين الجدية والانضباط والخوف والتردد في بعض اللحظات، وتمكّن القحطاني من الحفاظ على هذا الاتزان في أدائه حتى نهاية الفيلم، مما منح الشخصية عمقًا إنسانيًا.

فيلم إسعاف، بلا شك، هو فيلم شباك تذاكر بامتياز، ومن المرجح أن يجد جمهورًا واسعًا يستمتع بتجربته. ولعل أفضل طريقة للتعامل معه، كنصيحة منّي، هي أن تضع منطقية الفيلم جانبًا، وتنظر إلى التجربة ككل، وتستمتع بركوب رحلة الإسعاف الصاخبة، لعلك تصل سالماً

 

موقع "فاصلة" السعودي في

22.04.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004