ملفات خاصة

 
 
 

مصر تقرأ الفاتحة في (أوسكار 97)!!

طارق الشناوي

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 97)

   
 
 
 
 
 
 

أعلنت نقابة السينمائيين التى يقودها المخرج مسعد فودة عن اختيار فيلم (رحلة ٤٠٤) لتمثيل مصر فى مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم (دولى) أجنبى، التى تحمل رقم (٩٧) وتعلن ٢ مارس ٢٠٢٥. هذه هى المرة الثانية للمخرج هانى خليفة، الأولى مع أول فيلمه (سهر الليالى) قبل نحو ٢٠ عاما.

تم تشكيل اللجنة من عدد من المبدعين والنقاد، وكلهم من الأسماء التى تحظى بالتقدير والاحترام، تطبق النقابة المعايير التى وضعتها الأكاديمية الأمريكية (لفنون وعلوم الصور المتحركة) والتى تشترط عرض الفيلم تجاريا فى البلد الذى يحمل اسمه قبل نهاية العام.

لست عضوا باللجنة، المفروض أن كل مداولاتها سرية، تشترط الأكاديمية أن من مضى عليه عشر سنوات، يتوقف عامين متتاليين عن المشاركة فى عضوية اللجنة، وهذا هو بالضبط ما حدث معى، وعدد من الزملاء، ولهذا فأنا لا أذيع أسرارا كنت شاهدا عليها، ولكنى أحلل الموقف، كما أراه من خارج اللجنة.

اختيار فيلم للمسابقة لا يعد انتصارا، وعدم الاشتراك فى الأوسكار، لا يعد هزيمة، أن تتقدم بفيلم كحد أدنى قادر على المنافسة، قطعا هو هدف مشروع، (رحلة ٤٠٤) حظى بما يقترب من الإجماع داخل اللجنة.

طموحنا المنافسة والتى من الممكن أن نقيمها بخطوة الوصول إلى (القائمة الطويلة)، فى العادة فإن متوسط الأفلام المشاركة فى تلك المسابقة، يصل إلى ٨٠، كل منها يمثل دولة، بينما يتم اختيار ١٥ فيلما فى البداية، ويتم الإعلان عنها، فى نهاية شهر ديسمبر، ومع اقتراب إعلان الجوائز فى فبراير نصل إلى (القائمة القصيرة) ٥ أفلام، والسينما المصرية لم تصل حتى الآن إلى القائمة الطويلة!!. بدأ (الأوسكار) عام ١٩٢٧، إلا أن (أوسكار) أفضل فيلم أجنبى أضيفت فى منتصف الخمسينيات، ومقصود بها (غير ناطق بالإنجليزية)، وكان المركز الكاثوليكى للسينما المصرية، هو الجهة المعتمدة لاختيار الفيلم- الأكاديمية لا تتعامل مع هيئات حكومية.

أول الأفلام المصرية التى رشحت (باب الحديد) يوسف شاهين ١٩٥٨، وتعددت بعدها الترشيحات مثل (أم العروسة) عاطف سالم و(الحرام) هنرى بركات و(زوجتى والكلب) سعيد مرزوق، (أرض الخوف ) داوود عبدالسيد، ثم تغيرت جهة الترشيح عام ٢٠٠٥، وكلمة حق يجب أن أذكرها فى حق المركز الكاثوليكى أن أبانا الراحل يوسف مظلوم وكان معه أبونا بطرس دانيال لم يمارس أى منهما ضغوطا على اختيارات اللجنة، حتى الشرط الأخلاقى المباشر، لم يضعاه كمؤشر حاسم، وانحازا فقط للفن.

فى المرحلة التالية لترشيح الأوسكار أصبح الكاتب الكبير محمد سلماوى هو المسؤول، عن اللجنة، وتمت الاستعانة بمجموعة محكمين منبثقة عن مهرجان القاهرة، ومن بين الأفلام التى تم ترشيحها (رسائل البحر) داوود عبدالسيد.

بعد ثورة ٣٠ يونيو صارت نقابة السينمائيين هى الجهة المعتمدة رسميا، عند الأكاديمية.

مصر من أكثر دول العالم مشاركة فى تلك المسابقة، وأظنها تحتل المركز الأول أيضا فى عدد الإخفاقات!!.

لا يكفى فى الأوسكار اختيار فيلم يحظى بلقب الأفضل، بين المتنافسين داخل الوطن، هناك مجهود يجب أن تبذله جهة الإنتاج، بتقديم عروض فى (لوس أنجلوس) لعدد من أعضاء الأكاديمية، الذين لهم حق التصويت.

ترشيح فيلم مصرى للأوسكار أقرب فى (عقد القران) إلى قراءة الفاتحة، ولكن من طرف واحد، لا تعنى شيئا حقيقيا يستحق البهجة، إذا لم نبذل أى جهد مواز للترويج، فهل نحن حقا جادون فى مواصلة طريق محفوف بالأشواك إلى الأوسكار ٩٧، أم نكتفى بقراءة الفاتحة من طرف العريس؟!.

 

المصري اليوم في

18.09.2024

 
 
 
 
 

جوائز الأوسكار 2025 |

إسبانيا تختار فيلم «عودة زحل»  للسباق الدولي للأفلام الطويلة

مدريد ـ «سينماتوغراف»

اختارت إسبانيا فيلم ”عودة زحل، Saturn Return “، وهو فيلم سيرة ذاتية لفرقة الروك الإسبانية المستقلة ”لوس بلانيتاس“ الذي تدور أحداثه في التسعينيات، لتمثيل البلاد في سباق أفضل فيلم روائي دولي لجوائز الأوسكار لعام 2025.

الفيلم من إخراج إيساكي لاكويستا وبول رودريغيز، وعُرض لأول مرة في مهرجان ملقة السينمائي، وفاز بجوائز أفضل مخرج وأفضل مونتاج وأفضل فيلم إسباني. شارك الفيلم في المهرجانات وعُرض في مهرجان سياتل السينمائي ومهرجان جوادالاخارا السينمائي الدولي ومهرجان بوينس آيرس الدولي للسينما المستقلة.

يركز الفيلم على قصة نشأة الفرقة في أواخر التسعينيات في غرناطة عندما كانت فرقة لوس بلانيتاس تواجه أزمة قبل إنتاج ألبوم سيغيرها ويغير المشهد الموسيقي الإسباني إلى الأبد.

يلعب دانيال إيبانيز وكريستالينو وستيفاني ماجنين ومافو وتشيسكو رويز وإيدو ريخون دور البطولة في فيلم عودة زحل. كتب لاكويستا وفيرناندو نافارو السيناريو.

أنتج الفيلم كل من إيكيرو فيلمز ولا تيرازا فيلمز وأرالان فيلمز وبيتام برودز وسيدرال سينما ولوس إيلوسوس فيلمز وتوكسيكوزموس أيه آي إيه، وقامت شركة بيتام بيكتشرز بتوزيعه في إسبانيا.

من أفلام لاكويستا الروائية الطويلة ”الجلد التالي“ (2016)، و”بين مائين“ (2018)، و”سنة واحدة، ليلة واحدة“ (2022). أخرج رودريغيز فيلم ”كواتريتونديتا“ (2016).

إسبانيا من المنافسين الدائمين في سباق أفضل فيلم دولي، حيث ترشحت 21 فيلماً كان آخرها العام الماضي بفيلم ”مجتمع الثلج“ للمخرج ج. أ. بايونا وفاز 4 أفلام.

 

####

 

فرنسا تختار فيلم «إميليا بيريز» لأوسكار 2025

باريس ـ «سينماتوغراف»

اختارت فرنسا فيلم ”إميليا بيريز“ للمخرج الفرنسي جاك أوديار في فئة أفضل فيلم روائي دولي طويل، ليكون منافسها في سباق الأوسكار لعام 2025.

تلعب زوي سالدانا وسيلينا غوميز وأدريانا باز دور البطولة إلى جانب الممثلة الإسبانية كارلا صوفيا غاسكون في الفيلم الذي يدور حول تاجر مخدرات مكسيكي (غاسكون) يستعين بمحامية (سالدانا) للخضوع لعملية جراحية لتأكيد جنسه.

عُرض فيلم ”إميليا بيريز“ لأول مرة في مهرجان كان، حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم بالإضافة إلى جائزة أفضل ممثلة مشتركة للمجموعة التي شاركت في الفيلم.

رشح أوديار بالفعل سابقاً لجائزة الأوسكار عن فيلم ”نبي“ عام 2009. تتضمن سيرته السينمائية أفلامًا مثل ”الصدأ والعظام“ (2012) و”الأخوات والأخوات“ (2018) و”ديبان“ (2015).

تقليدياً، كانت فرنسا منتظمة في سباق أفضل فيلم روائي عالمي وفازت بهذه الفئة 12 مرة. لكن المرة الأخيرة التي فازت فيها الدولة التي اخترعت السينما بالجائزة كانت في عام 1992 بفيلم ”إندوشين“ للمخرج ريجيس وارنييه.

استُبعدت فرنسا من الترشيحات في السنوات الأخيرة، حيث فشل فيلم ”طعم الأشياء“ الذي نافس العام الماضي وفيلم ”تيتان“ الذي اختير عام 2022 في الوصول إلى القائمة النهائية.

تعرضت لجنة اختيار الأفلام الفرنسية لجوائز الأوسكار لضغوطات من أجل عكس هذا الاتجاه، خاصة بعد أن اختارت فيلم ”طعم الأشياء“ وهو فيلم رومانسي عن فترة الطعام من إخراج تران آنه هانغ، على فيلم ”جوستين ترييه“ الفائز بالسعفة الذهبية”تشريح السقوط“ والذي حقق خمسة ترشيحات للأوسكار وفوزاً واحداً عن أفضل سيناريو أصلي.

الموعد النهائي لتقديم الترشيحات لجوائز الأوسكار 96 هو 14 نوفمبر. سيتم الإعلان عن القائمة المختصرة لأفضل الأفلام العالمية المتنافسة في 17 ديسمبر. سيتم الإعلان عن الترشيحات في 17 يناير 2025. ستُقام جوائز الأوسكار لعام 2025 يوم الأحد 2 مارس.

 

####

 

الإعلان متوالي عن ترشيحات بقية الدول ..5

أفلام عربية حتى الآن دخلت سباق أوسكار 2025

«سينماتوغراف» ـ متابعات

من بين أكثر الفئات التي يترقبها محبو السينما في حفل أوسكار 2025، فئة "أفضل فيلم دولي"، والتي تضم أفلاماً من خارج هوليوود، وذات حوار بلغة غير الإنجليزية بنسبة أعلى من 50%.

وفي السطور التالية، نرصد الأفلام التي تمثل الدول العربية حتى الآن في انتظار ترشيحات أخري خلال الأسابيع المقبلة، وينافس عربياً في أوسكار أفضل فيلم دولي، كلاً من ..

1 ** مصر: رحلة 404

وهو ثاني عمل للمخرج هاني خليفة يمثل مصر في سباق أوسكار أفضل فيلم عالمي، وسبقه فيلم "سهر الليالي".

يدور فيلم وحلة 404 حول امرأة تتوب من العمل كفتاة ليل وتستعد لأداة فريضة الحج حتى تجد نفسها في مأزق يتطلب زيارتها لماضيها. الفيلم من بطولة منى زكي، محمد فراج، محمد ممدوح ومن تأليف محمد رجاء.

2 ** الجزائر: 196 متر/الجزائر

تدور أحداثه في إطار بوليسي عن اختطاف فتاة صغيرة في الجزائر العاصمة حيث تشارك طبيبة نفسية مع مفتش الشرطة في حل اللغز.

لفيلم بطولة هشام مصباح ومريم مجكان وشهرزاد كراشني وعلي ناموس ونبيل عسلي ومن إخراج شكيب طالب بن دياب.

3 ** العراق: ميسي بغداد

فيلم "ميسي بغداد" يدور حول طفل يسعى لتحقيق حلمه واحتراف كرة القدم، بعد أن فقد ساقه في حادث إرهابي.

الفيلم من إخراج سهيم عمر خليفة ومأخوذ عن فيلمه القصير ذو نفس الاسم.

4 ** المغرب: الجميع يحب تودا

اختارت المغرب فيلم "الجميع يحب تودا" للمخرج نبيل عيوش ليمثلها في سباق الأوسكار، بعد أن شار بمهرجان كان السينمائي.

يدور الفيلم حول امرأة تسعى جاهدة لبناء مستقبل أفضل لابنها الأصم وتطمح للغناء في كازابلانكا.

5 ** فلسطين: من المسافة صفر

مشروع توثيقي سينمائي يضمّ 22 فيلماً قصيراً أنتج عام 2024، ومدة العرض 100 دقيقة للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، من توقيع السينمائيين والمخرجين والفنانين في قطاع غزة الذين يعيشون الأحداث عن قرب ليقدموا حكاياتهم السينمائية ويوثقونها خلال فترة العدوان الإسرائيلي على غزة ما بعد 7 أكتوبر.

يذكر أن الإعلان عن القائمة المختصرة للأفلام المتنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم دولي والتي تضم 15 فيلماً سيكون في 17 ديسمبر المقبل.

ومن المقرر أن يتم الإعلان عن القائمة الكاملة للترشيحات في 17 يناير، ويقام الحفل في مسرح دولبي في 17 مارس.

 

موقع "سينماتوغراف" في

18.09.2024

 
 
 
 
 

نساء ألمودوفار ينتظرن الموت في "الغرفة المجاورة"

المخرج الإسباني يتحدى سلطة السينما الأميركية بجمالياته البصرية

هوفيك حبشيان 

ملخص

حقق المخرج الإسباني بدرو ألمودوفار خلال الأسابيع الأخيرة إنجازاً على مقدار من الأهمية بنيله جائزة "الأسد الذهبي" عن فيلمه "الغرفة المجاورة"، في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية السينمائي.

لعل التكريم الدولي الذي حظي به المخرج ألمودوفار في مهرجان البندقية يعد بمثابة اعتراف دولي كان يطمح إليه منذ فترة طويلة، وبخاصة بعد مشاركاته السابقة في مهرجان "كان"، إذ لم يظفر بـ"السعفة الذهبية" على رغم محاولاته المتكررة لاقتناصها. ومع أنه نال في الماضي جوائز عن أفلام مثل "كل شيء عن أمي" فإن "الأسد الذهبي" هي أرفعها شأناً في مسيرة بدأها خلال السبعينيات من القرن الماضي. صحيح أن جديده لا ينزل تحت المستوى الذي عودنا عليه صاحب "العناقات الكسيرة"، إلا أن هناك أسباباً عدة تجعلنا نعتقد أن الجائزة تأتي بمثابة تكريم عن مجمل مسيرته، لا عن فيلمه هذا تحديداً. 

يتناول "الغرفة المجاورة" فكرة الموت الرحيم الذي قد يلجأ إليه البعض عندما تصبح الحياة مستحيلة. ويحكي عنه من خلال قصة سيدة مصابة بالسرطان (تيلدا سوينتون في ثاني تعاون لها مع المخرج) تقرر إنهاء حياتها بطريقة هادئة تكشف تصالحاً مع الذات. وتخطط لذلك برفقة صديقتها (جوليان مور) التي تريدها إلى جانبها في لحظاتها الأخيرة، قبل الانتقال إلى العالم الآخر. هذه السيدة فقدت الرغبة في الحياة بعدما أدركت أن لا أمل من شفائها وهي لا تريد أن تعاني أوجاع الجسد.

يؤفلم ألمودوفار هذه الفكرة الحساسة بطرف أصابعه وبدقة ساعاتي وبأسلوب بعيد من البكائيات والوعظ، رافضاً السقوط في الدراما المباشرة أو مناقشة الموضوع باعتباره "قضية". وهذا ما يميز الفيلم عن عديد من الأعمال التي تطرقت إلى مواضيع مثيرة للجدال، ولكن كمن يحمل ملفاً يجب الإحاطة بكل جوانبه دفعة واحدة. واهتمام ألمودوفار الضمني بالمسألة التي يطرحها لا يمنعه من الاعتناء بالجماليات البصرية والشخصيات المعقدة والأفكار الملتبسة. أما الموت فيتعامل معه باعتباره بداية أخرى لا نهاية، مركزاً على اللحظات الحميمية التي تتولد بين الصديقتين والحوار الفلسفي الذي يدور بينهما، ليتحول العمل تدريجاً إلى نص عن الصداقة وربما أشياء أخرى قد يراها كل مشاهد من منظوره الخاص.

"الغرفة المجاورة" نقلة نوعية في مسيرة ألمودوفار فهو أول فيلم ينجزه خارج إسبانيا وبلغة إنجليزية، مما يشكل تجربة جديدة ومختلفة عن أفلامه السابقة، وبخاصة على مستوى الثقافة الجديدة التي يتعامل معها والبقعة الجغرافية التي يموضع فيها الأحداث. باختصار، لقد عرض المخرج نفسه لتفاعلات ثقافية أميركية وهي تختلف عن الأوروبية عموماً، ونجح إلى حد كبير في تخطي كل العقبات المرتبطة بها، منصهراً فيها تماماً. ومع ذلك، وعلى رغم جمالياته ومضمونه الجريء والعميق والأعمال الفنية المتقنة، يثير الفيلم تساؤلات حول ما إذا كان يمكن اعتباره واحداً من أعظم إنجازات ألمودوفار.

المخرج المجدد

بصرياً، يحافظ ألمودوفار على أسلوبه المجدد والخاص الذي يسهل تحديده والذي يركز على تفاصيل الأماكن والألوان القوية والكادرات المشغولة بعناية. إنه نمط جمالي يحاكي العين. أما الغرفة المجاورة التي تحمل عنوان الفيلم فهي عنصر رمزي يتعلق بالمكان الذي ينتظر فيه الموت، لكنه لا يأخذ الدور المحوري الذي قد يتوقعه البعض. وبدلاً من ذلك تُظهر القصة نزعة المخرج إلى الأبعاد العاطفية والعلاقات الشخصية، أكثر من تركيزه على التصورات النمطية للموت الذي سيأتي كتحصيل حاصل من ضمن القصة.

أحد أبرز محاور الفيلم هو العلاقة بين الشخصيتين سوينتون ومور. ألمودوفار المعروف بتعامله الحساس مع الممثلات يبرز هذه العلاقة على نحو يعكس عمق تفكيره تجاه النساء ودورهن في تولي السرد. وهذا الاهتمام الواضح تجلى في أعماله السابقة لكنه يحمله هنا إلى مرتبة أخرى من خلال تعامله مع موضوع الموت والغياب بأقل مقدار من الميلودراما والعواطف، تلك العواطف التي يبدو أنها أصبحت من ماضيه. ويجب القول إن الأفلام التي ينجزها المخرجون في شبابهم تختلف حتماً عن أفلامهم وهم في منتصف الـ70. 

لا يخلو الفيلم من نقاط ضعف على غرار بعض القصص الثانوية المتداخلة مع الحبكة الرئيسة التي تشكو خللاً واضحاً، مثل الإشارات إلى تغطية سوينتون التي تعمل صحافية، لحرب العراق إذ تبدو غير متوافقة مع السياق العام ولا تقول شيئاً بل لا تشكل أية إضافة، بل تمدنا بشعور من الزيف. أما صديقتها التي من المفترض أنها كاتبة فهي الأخرى لا تجعلنا نقتنع بأنها فعلاً تتعاطى هذه المهنة. كما أن التركيز على العلاقات الأسرية، مثل علاقة سوينتون بابنتها التي لم تعرف والدها، أضاف تعقيداً من دون أن يكون بالضرورة الجزء الأقوى في تسلسل الأحداث، على رغم تفهمنا أن هذا كله من شأنه أن يبني ملامح الشخصية ويرسم مسارها داخل تجربتها الحياتية. 

لا شك أن ألمودوفار لم يبع نفسه إلى الأميركيين في أولى تجاربه الطويلة خلف الأطلسي، لكنه على رغم إعجاب لجنة البندقية برئاسة الممثلة إيزابيل أوبير به لا يشكل ذروة ألمودوفارية. وهناك عديد من العناصر التي تعوق انتقال الفيلم إلى التحفة الفنية. وتبقى أن مشاهدته متعة، أقله بسبب المعالجة الهادئة والمبهجة لموضوع ثقيل كالموت الذي يتحول تدريجاً إلى فيلم عن الحياة. 

 

الـ The Independent  في

22.09.2024

 
 
 
 
 

عودة "الجوكر" مرتبكة: تخبّط في استثمار نجاحٍ

محمد هاشم عبد السلام

إنجاز نسخة جديدة من فيلم قديم (ريمايك)، وتنفيذ أجزاء لاحقة على الأول من فيلمٍ ناجح، أمرٌ انتشر بكثافة في صناعة السينما. هذا رهان غير مفهوم، ومخاطرة غير محسوبة. فالنتيجة غالباً غير متغيّرة: إخفاق متكرّر. مع هذا، يُصرّ أرباب الصناعة على المقامرة باستغلال نجاح القديم واستثماره لتحقيق أقصى استفادة مادية ممكنة، خاصة لو كانت إيرادات الأول طائلة"الجوكر" (2019) لتود فيليبس مثلٌ، فإيراداته تجاوزت المليار دولار أميركي بقليل.

لكنّ هذا "الجوكر" لم يعجب نقّاداً كثيرين، خاصة القائمين على صناعته وإنتاجه. سرت أقاويل كثيرة عنه، وبسبب نجاحه الجماهيري الهائل وغير المتوقع، تحوّل إلى فيلمٍ نخبوي وفلسفي وسياسي وتنبؤي بامتياز، فحصل تراجعٌ. ثمّ خُطِّط لجزءٍ ثان، رغم تأكيد فيليبس أنّه لن ينجز تتمة له، قبل أنْ ينكص تأكيده لشدّة الضغوط عليه، متأمّلاً تحقيق نجاح مماثل: إيرادات قريبة على الأقل.

إنجاز فيليبس انقلابٌ دمّر رسوخ الأول وصلابته. فالجديد دراما رومانسية غنائية ترفيهية لطيفة، من دون عمق. بهذا، سيَلفظ الأول، لفرط صدقه وعمقه وأصالته، تتمته مع الوقت، ويجعلها منسية. ستؤكّد وتُرسّخ قاعدة إخفاق الأجزاء اللاحقة على الأول لفيلم ناجح.

افتتاح "الجوكر: على حافة الجنون" مُشوّق ومثير وواعد. دقائق مُمتعة ومبهجة ومكثّفة، من رسوم متحركة ساخرة، تلخص الجزء الأول حتى دخول آرثر فيليكس (واكين فينكس) السجن. ثم مباشرة إلى مؤسّسة "أركام": آرثر نحيل. يُقيم في مؤسّسة للاضطرابات العقلية. ذات يوم، في مشاركته صفّ الغناء، يلمح لي كوين (ليدي غاغا) عبر الحجرة. واضحٌ أنّ لديه مُعجبات، في الخارج والداخل.

العالم يعرف الجوكر، ويُحبّه نجماً وشخصيةً مُلهمة، رغم كراهية جاكي (براندن جليسون)، الحارس السادي وكرهه إياه بلا سبب، الذي يسأله يومياً نكتة جديدة. لكنْ، واضحٌ أنّ شخصاً واحداً على الأقلّ في "أركام" يعشقه بشدّة. ورغم أنّ عديدين يعتقدون أنّه مجنونٌ، لكنّ نظرة لي كوين إليه مغايرة تماماً، فينخرطان في علاقة غرامية.

يُحاكَم آرثر بتهمة قتله المتعمّد خمسة أشخاص. لا أحد يجادل في هذا، ولا آرثر نفسه. تبدأ المحاكمة. الوقائع تتناول قضية واحدة: هل يُعلَن أنّه مجنونٌ؟ ما الذي سينقذه من عقوبة الإعدام؟ تجادل محاميته ماريان (كاثرين كينر) بأنّ آرثر لم يرتكب الجرائم فعلاً، لأنّه منقسم الشخصية، ومُختلّ نفسياً بسبب تربيته السيئة، وأنّه يستحق العلاج في المستشفى لانعدام مسؤوليته عن أفعاله. المدعي العام لمدينة "غوثام" ينقض هذا: إنّه ليس شخصين، آرثر والجوكر، وهو يُسَأل عن أفعاله، ومُدان يجب إعدامه.

لا يُمكن إنكار أنّ "الجوكر" الجديد ـ المعروض في مسابقة الدورة الـ81 (28 أغسطس/آب ـ 7 سبتمبر/أيلول 2024) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي" (لم ينل جائزة واحدة، علماً أنّ للأول جوائز عدّة)، والذي تبدأ عروضه التجارية الأميركية في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل ـ ينطوي على فكرة جديدة وجريئة وجذّابة، تعمل في السياق الأصلي للحبكة الرئيسية للفيلم الأول. لكنْ، غابت عنه جرأة التقديم وتطرّف المعالجة وحدّة التنفيذ، إذْ لم تكن في الثاني بالمستوى نفسه للأول، ولا تتمتّع بحِرفية التمسّك بالفكرة وذكائها ومهارتها وتطويرها، والوصول إلى مداها. إلى إفراغ الشخصية من مقوّمات قوّتها وسحرها وعبقريتها السينمائية السابقة، والأسوأ تدجينها في استعراضات غير مناسبة لها، وفي غير محلها، وليست جديدة ومُبتكرة وجذّابة.

كان على تود فيليبس (كتب السيناريو مع سكوت سيلفر) الإعلاء كثيراً من سقف طموحاتهما، لتجاوز تقديمهما الشخصية الأسطورية، الجوكر، مهرّجاً بائساً، بُتِرَت أجنحته، وظهر دميةً تغنّي وترقص وتعيش في خيالها. لذا، تخبّط الفيلم للحصول على هوية واضحة عمّا يريد أن يكونه آرثر، الذي يُدرك أنّ ادّعاء الجنون فرصته الوحيدة، لكنّه يتوق أيضاً إلى احتضان مصير الجوكر مجدّداً. أي شخصية المهرّج المخيف والمجنون، التي وضعته في مصاف المشاهير والأبطال، وأوقعت هارلي في حبّه. لكنّ الانقسام المطروح لم يمضِ صوب المُفارق وغير المتوقّع واللامعقول، فمسخ الشخصيتين، آرثر والجوكر.

لم يُصوَّر آرثر بطلاً مأساوياً أو شريراً كاملاً. لم يعتنق كلّياً شخصيته كجوكر، ولم يلفظها بالمرّة. إنّه رجل في حالة عدم يقين مستمرّ، تترك المشاهدين غير متأكّدين مما هو عليه حقاً، أو مدى انكساره أو صلابته.

اللافت للانتباه فنياً أنّ الفقرات الغنائية، غير المُشبِعَة وغير المُمتعة وغير المُعمِّقة للموضوع والشخصيات والأداء ولعلاقة الحبيبين، فرضها وجود ليدي غاغا، ودفع واكين فينكس إلى مجاراتها غنائياً بصوته الغليظ الأجشّ، رغم جهده المُقنع في الاستعراض والرقص، وحتى الرقص النقري المنفرد. لكنْ، ضاعت ضحكة الجوكر، المُجلجلة والساخرة والعصبيّة، وغير المسبوقة وغير المعهودة، وتاهت وسط خليطٍ مصنوع أساساً لتقديم غاغا، والاستفادة من إمكانياتها. لكنّ ثقل حضورها التمثيلي، رغم موهبتها الصوتية، وفشل الكيمياء الرومانسية بينها وبين فينكس، وحَبْك قصّة حبهما على نحو مُقنع، أفسد الكثير.

رغم تقديمه "الجوكر 2" دراما غنائية استعراضية، بدا تود فيليبس غير قادر أو غير مُهتمّ بتخيّل فقرات موسيقية غنائية راقصة وتصويرها وإخراجها، تحمل تجديداً وابتكاراً وبراعة وجماليات، بفنّيات بصرية تضاهي مثلاً ما أنجزه جاك أوديار في فيلمه الاستعراضي الغنائي "إيميليا بيريز" ("العربي الجديد"، 5 أغسطس/آب 2024).

 

العربي الجديد اللندنية في

25.09.2024

 
 
 
 
 

سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي بدأ عربياً وأجنبياً

بينها فلسطين والجزائر والأردن والعراق

لندن: محمد رُضا

لم تتقدّم بعد أي دولة عربية بفيلم لها في غمار سباق أوسكار «أفضل فيلم عالمي» (أفضل فيلم أجنبي)، وسيكون من الملاحظ أن الزحام الذي حدث في العام الماضي، عندما وجدنا 9 دول تقدّمت بتسعة أفلام في هذا السباق، قد لا يحدث هذا العام بالحجم ذاته.

مشاركات عربية

الدول العربية التي تقدّمت بأفلامها قبل نهاية عام 2023 لسباق سنة 2024 كانت السعودية (لأول مرّة بفيلم «الهامور ح.ع» لعبد الله القريشي)، ومصر (عبر «فوي! فوي! فوي!» لعمر هلال)، والعراق («جنائن معلّقة» لأحمد ياسين الدراجي)، والأردن («إن شاء الله ولد» لأمجد الرشيد)، والمغرب («كذب أبيض» لأسماء المدير)، وفلسطين («باي باي طبريا» للينا سويلم)، والسودان («وداعاً جوليا» لمحمد كوردفاني)، وتونس («بنات ألفة»)، واليمن («المرهَقون» لعمرو جمال).

هذا العام، وحتى اليوم، فإن الدول العربية المتقدّمة لأوسكار أفضل فيلم عالمي، يصل عددها إلى ست فقط مع احتمال غياب إنتاجات تونسية وسودانية ولبنانية وهي: الجزائر (فيلم بعنوان «الجزائر» لشكيب طالب بن دياب)، ومصر («الرحلة 404» لهاني خليفة)، والعراق («ميسي بغداد»، وهو فيلم كردي لسهيم عمر خليفة)، والأردن (عبر فيلم ناطق باللغة الأرمينية لسارين هربديان عنوانه My Sweet Land)، والمغرب («الجميع يحب تودة» لنبيل عيوش)، وفلسطين («قصص غير محكية من غزة من المسافة صفر» من إخراج 22 فرداً).

ليس من بين هذه الأفلام ما شُوهد باستثناء «الرحلة 404»، الذي هو جهد واضح لتقديم المختلف، لكن ذلك لا يضمن له الترشح رسمياً لأن المختلف هو قاسم مشترك لمعظم الأفلام التي تم ترشيحها حتى الآن والتي تبلغ 69 فيلماً من 69 دولة.

بالنسبة للاشتراك الفلسطيني فإنه لم يسبق لدولة ما أن تقدّمت باشتراك واحد يحتوي على 22 فيلماً قصيراً. هذه تذكرة فورية لإغفال هذا الفيلم كذلك حقيقة أن مثل هذه المجموعة من الأفلام لا بدّ أن تحتوي على أعمال بمستويات مختلفة ما يزيد صعوبة قبول هذا الاشتراك أساساً.

آسيويات وأوروبيات

بالنسبة للاشتراكات العالمية، فإن ما شوهد منها يمنحنا فرصة، ولو مبدأية ومبكرة، لقراءة ما يمكن أن يصل منها بالفعل إلى الترشيحات الرسمية الخمسة.

هناك، الفيلم الأرجنتيني «اقتل الجوكي» (Kill the Jockey)، الذي شوهد في «ڤينيسيا» مؤخراً، يبدأ لافتاً وعلى قدر من الإبهار لكنه لا يحافظ على هذه الميزة طويلاً.

في الجوار الفيلم البرازيلي «أنا ما زلت هنا» (I’m Still Here)، وهو فيلم العودة للمخرج وولتر سايلس بعد طول غياب. دراما سياسية عن الفترة التي تسلّم فيها اليمين المتطرّف الحكم في البلاد، والأزمة الصعبة التي تمر بها عائلةٌ بعد القبض على رب الأسرة وإعلان موته لاحقاً.

هذان الفيلمان يمكن توقع دخولهما القائمة الرسمية.

ألمانيا تقدّمت بفيلم للإيراني محمد رسولوف «بذرة شجرة التين المقدّسة»، الذي موّلت معظم تكلفته. أما إيران نفسها فتبرّعت بفيلم «أذرع الشجرة» لباباك لطفي خاجاباشا.

هناك أفلام آسيوية عدّة تستحق لفت الانتباه إليها أحدها هو الفيلم القرقزستاني «الجنة تحت أقدام الأمّهات» لرسلان أكون، وهو عن رجل في الـ35 من عمره توقف نموّه الذهني عند سن الثامنة، يصاحب والدته سيراً على الأقدام صوب مدينة مكّة المكرّمة لأداء فريضة الحج.

من إندونيسيا نجد «نساء من جزيرة روت» لجيرمياس نيانغون وفيه حكاية عن الهجرة والعودة منها لامرأة تعرّضت لاعتداء جنسي. إنه الاشتراك الإندونيسي الـ25 وكان حظي بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان «نيويورك للأفلام الآسيوية» العام الحالي.

الفيلم الياباني «غيمة» (Cloud) لكيوشي كوروساوا كان شُوهد في مهرجان «ڤينيسيا» الأخير خارج المسابقة وحكى قصّة شابٍ يمر في سلسلة من الأحداث الغامضة التي تهدّد حياته.

الجارة الكورية الجنوبية اختارت «12:12: اليوم» لكيم سونغ-سو الذي تناول أحداثاً وقعت سنة 1979 عندما سعى القائد العسكري تشون دو-هوان للقيام بانقلاب عسكري في البلاد.

بطبيعة الحال، تتقدم الدول الأوروبية بثقة صوب هذا المضمار المثير وبحضور كبير يتألف حتى الآن من 35 دولة من بينها دول يتكرّر حضورها في كل سنة مثل بريطانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والسويد وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وبولندا والدنمارك.

هذه الأخيرة تعرض فيلماً حققه مانغوس ڤون هورن بالأبيض والأسود بعنوان «الفتاة ذات الإبرة» (The Girl With the Needle) ويدور حول أحداث وقعت فعلياً ما بين 1913 و1920.

وفي حين تبنت الأردن فيلماً أرمينيّ اللغة، وألمانيا فيلماً فارسياً، نجد بريطانيا تتقدّم بفيلم هندي سبق ونال تقديراً نقدياً بعنوان «سانتوش»، تقع أحداثه في الهند على خلفية حققته سانديا سوري (Suri)، وشهد عرضه العالمي الأول في قسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» العام الحالي.

 

####

 

شاشة الناقد: حروب أهلية

لندنمحمد رُضا

خط أخضر ★★★

* عودة إلى الحرب اللبنانية في فيلم تسجيلي بتوقيع سيلڤي باليو (لبنان، قطر، فرنسا - 2024).

تسعى المخرجة الفرنسية سيلڤي باليو جهدها للبقاء محايدة خلال تناولها الحرب الأهلية في لبنان، تلك التي يرى بعضنا أن آثارها ما زالت تتفاعل في وجوهٍ وجوانبَ متعددة. تمنح شريكتها في كتابة السيناريو، فِدى بزري مساحة كاملة لعرض التاريخ من دون تأييد طرف ضد آخر.

الآنسة بزري كانت فتاة صغيرة عندما نشبت تلك الحرب في منتصف السبعينات. تتذكر ما مرّت به جيداً والرعب الذي عاشته والآخرون وحادثة توجيه أحد المحاربين بندقيّته صوبها وهي بعدُ دون العاشرة من العمر.

تستعين بدمى وألعاب توزّعها كأنها خريطة كلما تحدّثت مع محارب سابق. هنا مبنى تحتلّه قوّة من اليمين المسيحي. هنا مبنى تحميه قوّة من الأحزاب اليسارية. هذا هو الشارع الفاصل. تُحرّك تلك الدمى كما يحرّك لاعب الشطرنج حجارته، وتتوقع من الشخص الذي تتحدّث إليه مشاركتها هذا التحريك. يوافق هنا ويُصحّح هناك ويُعلّق دوماً.

يجمع الفيلم عدداً كبيراً من المحاربين على نحوٍ منفرد باستثناء مشاهد أخيرة حيث يجلس حِزبيّ يساريٌّ مع حزبي يميني يسترجعان معاً ذكريات الحرب. أحدهما يريد أن ينسى. الآخر لا يستطيع أن ينسى.

بين تلك المقابلات يعرِض الفيلم مشاهد وثائقية من تلك الحرب. كثيرٌ منها في الناحية الغربية من بيروت حيث «تَمَترست» قوات أحزاب المرابطين، والاشتراكيين، والقوميين السوريين، والشيوعيين، ليتبادلوا النار على خط التماس (أو ما يسمّيه الفيلم بـ «الخط الأخضر») مع محاربي الكتائب والقوّات اللبنانية. شهادات هؤلاء وسواهم (مقابلتان مع مقاتلة ومقاتل مسيحيين سابقين) تكشف عن ذلك الخلاف الجذري الكبير ما بين طرفي الحرب. لكن المُشاهد لن يخرج بتحليلِ سياسي بقدر ما سيُتابع مسائل تتعلّق بوجهات النظر فيما حدث، ولماذا تصرّف كلّ مقاتلٍ تلتقيه المخرجة على النحو الذي تصرّف عليه.

بعض الأسئلة التي تُصّر عليها بزري، والفيلم من خلالها، ساذجة وربط النقاط المختلفة بين ذكرياتها ومحاولة فهمها اليوم عمّا دار وكيف ولماذا، تبدو بدورها متأخرة وملحاحة، عوض التّوجه صوب أسئلة مختلفة حين يتطلّب الأمر كذلك، لكن الفيلم يبقى واعياً لدوره ومرتبطاً به. معظم المتحدثين غير نادمين على الاشتراك في تلك الحرب، كل لحماية مبادئه ومعقله، لكنهم نادمون على أن الحرب نفسها وقعت.

* عروض: مهرجان لوكارنو.

THE SEED OF THE SACRED FIG ★★★☆

* «بذرة شجرة التين المقدّسة»: دراما سياسية لمحمد رسولوف (فرنسا، ألمانيا- 2024)

هروب المخرج محمد رسولوف من سجنه في إيران يشبه هروب المخرج يلماز غونيه من سجنه التركي في الثمانيات. كلاهما سُجن بسبب مواقفه السياسية، وكلاهما هرب من السجن (وإن كنا لا نعرف كل التفاصيل حول كيفية الهروب) وعُرض فيلمه الممنوع في مهرجان «كان». كلاهما كذلك دخل وخرج من السجون أكثر من مرّة.

الموضوع الذي يتطرّق إليه رسولوف مختلف عن ذاك الذي قدّمه غونيه في «الجدار» (1983، قبل عام واحد من وفاته)، لكن كليهما له علاقة بالوضع السياسي وما يخلقه من اضطرابات كبيرة في حياة الأفراد. فيلم رسولوف هذا يعمد لانتقاد النظام القضائي ومن ناحية أخرى نظام الحكم ومتاعبه مع الجيل الجديد الذي يُنادي بالحريات والتحديث وإيقاف القمع.

يدور حول محقق قضائي اسمه إيمان (ميزاغ زاري) موعود بالارتقاء لمنصب قاضي عمّا قريب. زوجته نجمة (سهيلة غولستاني) تفرح للخبر كون منزلهما لم يعد كافٍ لعائلة من أربعة. ابنتيهما، رجفان (مهسا روستامي) وسانا (ستاره ماليكي) كَبِرا، وكلٌ منهما تحتاج إلى غرفة منفردة. في يوم يفتقد إيمان مسدّسه الذي عادة ما يتركه في الدُّرج بجانب السرير فلا يجده. كل سعيه للارتقاء، كل شعوره بالأمان وكل ثقته بمحيطه في العمل وفي البيت يتهاوى.

لا يُحسن الفيلم اختصار الوقت الطويل الذي يمضيه في تكرار هذا الموقف ولا في عملية استجواب الفتاتين حول من التي سرقت المسدّس. هناك فصلٌ كاملٌ لاستجواب آخر يقوم به طبيب نفسي لا يصل الفيلم معه إلى نتيجة.

إيمان لا يستطيع إخبار الجهة الرسمية التي يعمل بها حتى لا يجد نفسه في السجن لثلاث سنوات. يرزح الآن تحت وطأة الاحتمالات قبل أن يقرّر الهرب إلى مكان في منطقة مهجورة، بحجة أنه يريد إعادة الّلُحمة العائلية كما كانت عليها. لكنه في الواقع يريد استجواب زوجته وابنتيه ويفعل ذلك برفق في البداية ومن ثَمّ يتأكّد أن عائلته تكذب عليه فيَسجن زوجته وابنته رجفان في زنزانتين منفردتين (يتبيّن أن المكان كان سجناً قديماً) في حين تهرب ابنته الأصغر سانا التي هي من سرقت المسدس.

المحور هنا أن ابنتيه ضدّ النظام، الأمر الذي لا يستطيع الأب قبوله. لكن الخيط الرفيع الذي يمشي الفيلم عليه، بالكاد يتحمّل هذا السرد المكبّل باختيارات أحداث جانبية وبانتقال نقطة الاهتمام ما بين الأب وعائلته في كَرٍ وفرٍ دخولاً إلى فصل نهائي لا يجسّد الفكرة الأساسية بل يحوّلها إلى منوال تشويقي يمكن له الانتماء إلى فيلم آخر.

«بذور شجرة التين المقدّسة» فيلم مهم أكثر منه جيّداً. رسولوف نفسه كان أكثر تحديداً وإجادة قبل 7 سنوات عندما قدّم «رجل ذو نزاهة» (A Man of Integrity). أو قبل عامين عندما عُرض «لا يوجد شر» (There is No Evil).

* عروض: مهرجان «كان».

ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز

 

الشرق الأوسط في

26.09.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004