ملفات خاصة

 
 
 

"الذراري الحمر"..

القليل من المعلومات والكثير من الشعر

جدة -رامي عبد الرازق*

البحر الأحمر السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

فتيان في مأزق وجودي، وكلب مبتور الأذن يحصل على هجرة إلى كندا، وحصان مخمور، وفتاة قصيرة القامة محبوسة داخل جسد لم تختاره، هذه هي بعض النماذج الدرامية التي حصدت جوائز اليسر العديدة من بين التجارب المشاركة ضمن مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي (5-14 ديسمبر) والتي تورط معها الجمهور عاطفياً، واستغرق في حكاياتها المفتوحة على تأويلات شتى عبر شاشات ميدان الثقافة، الذي شهد فعاليات الدورة الجديدة من المهرجان في قلب جدة التاريخية هذا العام.

من بين 8 جوائز أساسية لمسابقة الأفلام، حققت السينما العربية 7 جوائز لخمسة أفلام، حيث فاز الفيلم الفلسطيني "نحو عالم مجهول" للمخرج مهدي فليفل في أولى تجاربه الطويلة بجائزتي أفضل ممثل لمحمود بكري واليسر الفضية، وذلك في عرضه الأول بالشرق الأوسط، كما فاز التونسي "الذراري الحمر" بجائزة أفضل إخراج وأفضل فيلم -اليسر الذهبية- عقب افتتاحه العالمي في مهرجان لوكارنو بدورته الأخيرة.

في حين حققت مصر جائزتين هامتين، هما أفضل ممثلة لمريم شريف في أولى بطولاتها السينمائية بفيلم "سنو وايت" للمخرجة تغريد أبو الحسن، والثانية هي جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم الرائع "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" إخراج خالد منصور، والذي سبق له المشاركة في مهرجان فينيسيا الدولي قبل شهرين.

في حين تحصلت التجربة الشعرية العراقية المعنونة بـ"أناشيد آدم" للمخرج عدي رشيد، على جائزة أفضل سيناريو، وذهبت جائزة أفضل إسهام فني للفيلم المنغولي "لقتل حصان منغولي" إخراج تاو كيو، وهو الفيلم غير العربي الوحيد ضمن مجموعة الفائزين.

فُتَيان والعالم

يتقاطع كل من "أناشيد آدم" و"الذراري الحمر" في كون أبطالهما فَتَيان في رحلات غريبة، يحوطها الشك والدم والخوف، ويؤطرها السلام المفقود والحاجة إلى أن يعاد ترتيب العالم بأولويات البراءة والرحمة والأمان الروحي.

في "أناشيد آدم"، يتوقف نمو الفتى "آدم" في لحظة معينة حين يقرر من داخله أنه لا يريد أن يموت، بينما يحضر غسل جده وتكفينه ودفنه، ومن ثم يشيخ العالم من حوله بينما يظل هو على طفولته وبراءته وحبه للحياة التي تتلوث في بلد لا يتوقف فيه "العراك" طوال أكثر من نصف قرن، بداية من تعرضه للاحتلال الأجنبي وصولاً إلى حروب واحدة من أقبح أيديولوجيات التطرف الديني "داعش".

وفي "الذراري الحمر" يتعرض "أشرف" راعي الغنم الصغير إلى تجربة دموية، على يد الدواعش أيضاً، حين يجبر على حمل رأس ابن عمه المقطوعة انتقاماً أو ترهيباً ليعود بها إلى قريته، في رحلة تذكرنا برأٍس آخر قطع قبل قرون في معركة أيديولوجية لا تزال آثارها باقية إلى الآن، من أجل أن يتحقق كامل الرعب في قلوب كل آمن أو مطمئن.

كلا الفيلمين يدوران في بلدات بعيدة، معزولة عن مركزية العاصمة أو بطن الأحداث الجسام، لكن بلداتهم لا تخلو من التأثر المباشر سواء بالصراع السياسي أو المسلح، والوقوع الأهم تحت وطأة الوضع الاقتصادي والمادي المتردي أو الخامل، صحيح أن الفيلم العراقي يجرد بلدة الفتى "آدم" بغرض توسيع دائرة الاشتباه الدرامي، ولكن هذا التجريد مقبول بحكم كون الفيلم ينتمي إلى ما فوق الطبيعي، بينما يعتمد التونسي "الذراري الحمر" على واقعة حقيقية كما هو مكتوب في بداية التيترات ومدون في نهايته، وهي حادثة وقعت بالفعل في منطقة جبلية بتونس وبطلها راع غنم قطعت رأسه من قبل الدواعش وعاد بها أخاه إلى بلدتهما، ثم بعد عامين قطعت رأس الأخ هو الآخر بنفس الطريقة -ولا ندري هل وجد من يعود بها أم لا!- وهي الحادثة التي حركت خيال المخرج لطفي عاشور، ودفعته إلى الإمساك بالكاميرا وكتابة فيلمه الشعري المدمم.

يمكن أيضاً أن نشير إلى أن كلا التجربتين تسردهما عينا الفتيان اللتان يملئهما الشغف للحياة، والتوق للانفلات من الأفق الضيق مهما علا الجبل الذي يرعى فيه "أشرف" التونسي الماعز أو اتسع الحقل الذي تسكنه نظرة "آدم" البعيدة، ولكن تصدهما خشونة الوجود، وصيرورة التماهي مع أقدار لم يختاروها، فرضت على أجسادهما الغضة، وأرواحهما التي لن تأمن أبداً إثر التداعي المستمر لعوالمهما الهشة.

حمرة العمر والمسار

تعبير "الذراري" هو تعبير تونسي دارج يعني "الصغار"، الذين لا يزالون دون همة جسدية أو خبرة كافية بالعالم تمكنهم من مواجهة الارتفاعات القياسية في مستويات الأسى والخشونة والعنف باذخ الدم، بلفظة الذراري يجرد "لطفي" أبطاله "أشرف" و"نزار" من الحول والقوة، فهما فتيان على قارعة الجبل يرعان الماعز وينشدان ملاعب طفولية بدائية كعين ماء يغطسان فيها برؤوسهما أو لحظات من مرح الغناء الأجش بأصواتهما التي لا تزال عرضة للتغيرات الهرمونية القادمة.

وبالإنجليزية يأتي اسم الفيلم red path  أي المسار الأحمر، في إشارة إلى تحول لون مسار رعي الأغنام البدائي إلى الأحمر الدامي، عقب تعرض الفتيان لهجوم الدواعش وفقدان نزار لرأسه الملئ بالأحلام الحلوة والعمر الذي ذابت زهرته قسراً.

يأتي السرد كما أشرنا من عينا "أشرف" طوال الوقت، ربما باستثناء مشاهد قليلة التي ينتقل فيها إلى "رحمة" حبيبة "نزار" الفتية التي لن ينهض قلبها الغض من المآساة أبداً، أو كما نراها في النهاية وهي تتهيأ خيالياً لأن يظل خاطر خطبتها من "نزار" مهيمناً على رأسها الصغير كجزء من تعويض الفقدان الذي منيت به في حبيبها المذبوح، لكن حضور "أشرف" المادي والتخاطري مع طيف "نزار" الهائم حوله لا يمنع من تجريد المخرج لوجوه الدواعش بما يتفق مع عنصر التعميم، فهو لا يحدد وجوه ممثلين بعينهم بل لا نرى وجوهاً من أساسه، بل مجرد كيانات وظلال تتحرك بشكلٍ عنيف وشبحي أمام عينا "أشرف" بعد أن هاجموه وابن عمه من الخلف وطرحوه أرضاً وقذفوا رأس ابن عمه المقطوعة أمام عينيه، التجريد هنا يدفع الجمهور إلى تصور القتلة في وجوه كل الدواعش وأشباههم، وهو ما يخلق تأثير مضاعف على نفسية المشاهد.

على المستوى البصري وفيما يخص التوحد مع "أشرف" في مآساته الخارقة، نلاحظ أن الكاميرا تلتصق به بشكلٍ متعمد، حيث نراه في تكوينات ضيقة -لقطات قريبة- لا تشرح لنا فقط هول الرعب على وجهه الصغير وعيناه المذعورتين، بل تعزل العالم كله في خلفيته، حيث تظهر التفاصيل وراء وجه "أشرف" وهي غائمة تماماً، كأن الدنيا انتهت بالنسبة له، أو كأنه مهجور بمفرده في مسار الدم الذي تتساقط قطراته من الرأٍس المحمول في حقيبته أثناء العودة به إلى القرية.

هذه العزلة البصرية التي يفرضها المخرج على "أشرف"، خصوصاً في مسار العودة تخلق قدراً كبيراً من الاستغراق والتوحد الشعوري مع الشخصية التي ستبدأ خلال وبعد الرحلة، ثم في رحلة الرجوع لإحضار جثة "نزار" في الخوض ذهنياً داخل تهويمات شعرية، يملئها شبح "نزار" الحي بالتواصل الروحي، والحضور الطيفي لذكرياتهما سوياً، والتي لم تجف أحبارها في دماغ "أشرف" الصغير بعد.

يفتت لطفي عاشور، رحلة العودة القصيرة بالرأس من الجبل إلى القرية عبر ظهور طيف "نزار"، وتداخلات الماضي مع الحاضر في خطوات "أشرف" المتعثرة في دموعه، ثم يكون اللقاء مع "رحمة" هو أول مواجهة مع المهمة الكابوسية الموكلة إليه، إبلاغ أهل القرية بما حدث لترهيبهم.

في البداية يمنح "أشرف" لحرمة العنزة الصغيرة التي ماتت أمها في انفجار لغم عقب ذبح "نزار"، كأنه يهيئها للخبر، أو كأن روح "نزار" حلت فيها، حيث كانت آخر ما أخذه بين ذراعيه الشابتين، ثم يقفز سردياً فوق اللحظة الميلودرامية الزاعقة حين يبلغ "أشرف" "رحمة" بخبر الذبح، يتجاوز المعلومة المعروفة مسبقاً للمشاهد إلى ما بعدها، التأثر والألم وحرقة الفراق، تماماً كما يفعل مع "أم نزار"، يقفز فوق لحظة الإبلاغ، يتجنب المعلوم والبديهي من ردود الفعل، مقدمات الخبر، صراخ الصدمة الأولى، والإنكار، بل يذهب إلى الأكثر وجعاً واختناقاً.

الشعر يبدأ حين تنتهي المعلومة، هكذا خط تاركوفسكي قانون الشعرية في السينما، المعلومات سهلة، متاحة، ومعروفة سلفاً، لكن ما بعدها، وما ورائها هو ما تُصنع الأفلام من أجله، المعلومات تنسى لكن الشعر أبقى.

الصوت والزمن

يشتغل المخرج على شريط صوت متقشف موسيقياً، يترك أصوات البيئة تشغل حيز السمع لدى المشاهد، قلة الموسيقى تدفع الميلودراما بعيداً قدر الإمكان، بينما تجلب الأصوات الطبيعية للبيئة الجبلية مشاعر الكآبة والفراغ، بل وتدعم الخلفية الواقعية للأحداث، خاصة مع القدر الكبير من الشطح الخيالي لكل من "أشرف" و"رحمة"، يتسرب "أشرف" بعيداً في لحظات كثيرة، لكن الأصوات ترده إلى واقعية اللحظة ودهشتها المسممة، تعذبه الذكريات بدلاً من أن تُسكن ألمه.

وفي خيالاتهم المشتركة، ترى "رحمة" نفسها مع "أشرف" و"نزار"، بينما يتدفق مرحهم الزائل، الغائب بذبح ثالثهم، التواق للعودة بلا أمل، أو كما يصورهم المخرج في لقطة واسعة كأنهما مصلوبان فوق جدران الجبل الصخرية تحت شمس الحقيقة المدماة.

هنا يلعب المونتاج أيضاً على تحرير الزمن شعرياً، لا ندري هل المشاهد المتداخلة مع سرحات "أشرف" و"رحمة" هي لحظات مستعادة من الماضي أم مأمولة بشكلٍ مستحيل في المستقبل -بلغة التقنيات لا ندري هل هي فلاش باك أم فلاش فورورد متخيل- خاصة عند إحضار جثة نزار قرب النهاية، ففي مقابل مشاهد الزفة والرقص في السيارات -كعادة أهل الجبل- وحيث يرقص الجميع وكأنهم يحتفلون بخطبة "نزار" و"رحمة"، نرتد إلى واقع اللحظة، حيث الجسد المسجى فاقد الرأس، والجنازة المتحققة كاملة الأسى.

وبمناسبة اللقطات الواسعة، فثمة ملاحظة تخص التناقض بين الكادرات الضيقة لوجه "أشرف" خاصة في رحلة العودة بالرأس، واللقطات الواسعة للبيئة الجبلية والسهول والبيوت، هذا التناقض يضع المتلقي مقارنات بصرية بين اتساع العالم الذي يمكن أن ينضم الجميع في سلام ودعة وبين محاولات الدواعش ومن على شاكلتهم التضييق على كل أشكال الحياة التي يمنحون لأنفسهم الحق بانتزاعها باسم الله والدين.

تبقى الإشارة إلى أن "الذراري الحمر" يدين الكل في النهاية بنسب متفاوتة، والمقصود بالكل الفقر والتهميش والإهمال الاجتماعي والمركزية وبالطبع الدواعش، فكما لا نرى قتلة "نزار" ولا نرى أيضاً لا الشرطة ولا الجيش ولا أي مسؤول تحرك باتجاه القرية لاتخاذ أي إجراء بخصوص الفاجعة البشعة، بل يظل سر ذبح "نزار" تائهاً بين شكوك الجميع، هل كان مخبراً للحكومة يجمع المعلومات من الجبل حول المختبئين من الجماعات كما يصوره فيديو الذبح! وذلك من أجل المال! أم أنه اعترف بذلك خوفاً من التعذيب، وكان الذبح بغرض الترهيب وإسكات من تسول له نفسه الإبلاغ عن جحورهم العفنة!.

نحن لا نرى الدواعش ولا نرى الحكومة أيضاً، نحن بعيدون في الجبل، وكل ما نسمعه هو صوت طائرة هليكوبتر تحوم! ولا ندري هل تراقب أم تنقل أم تعبر دون اكتراث! وحتى عندما يقرر أهل "نزار" إحضار جثته، يضطرون إلى هذا عبر المسار الدموي لرحلة عودة "أشرف" بالرأس، لأن السلطة غير معنية بحرقة قلوب الأهل على صغيرهم المذبوح وجثته المتروكة في عراء النهش المادي والمعنوي!.

ربما لم يشهد مهرجان البحر الأحمر في دوراته السابقة منافسة قوية وشديدة البأس بين تجارب عربية مفعمة بالشعر والسينما والألم كما شهدتها مسابقته الرئيسية هذا العام، وهو ما يحسب بلا شك إلى القائمين عليه، لكن القيمة الأهم من التنافس، هو المستوى المرموق من الجهد والإبداع الذي حققته الإنتاجات العربية خلال 2024، والتي تضمن لنا أملاً في استمرارية براقة وصاعدة بلا توقف.

* ناقد فني  

 

الشرق نيوز السعودية في

22.12.2024

 
 
 
 
 

"روج" للمخرجة السعودية سماهر موصلي في أيام قرطاج السينمائية

البلاد/ مسافات

عرضت المخرجة السعودية سماهر موصلي فيلمها القصير "روج" ضمن فعاليات "أيام قرطاج السينمائية" اليوم الخميس 19 ديسمبر 2024 وهو العرض العالمي الأول للفيلم.

روج هو الإنتاج الأول لفيلم من إخراج إمرأة تقوم بدعمه مجموعة "تلفاذ 11" كما شارك في دعمه المركز الثقافي "إثراء" وشركة Centerframe Production  - لندن.

عن روج

تفاجأ المذيعة السعودية دانا، في عيد ميلادها التاسع والثلاثين، بخبر يُهدد مسيرتها المهنية؛ عام واحد يفصلها عن فقدان وظيفتها. تُقرر الخضوع لجراحة تجميلية في محاولة يائسة لإنقاذ مسيرتها المهنية المُتعثرة، ولكن سرعان ما تجد نفسها في مواجهة تبعات هذا القرار الذي غيَّر مجرى حياتها.

الفيلم  يعالج حالة نفسية  معينة حول صناعة التجميل في السعودية. لقد أصبحت هذه الظاهرة تثير القلق ، حيث تفرض توقعات غير عادلة على النساء الشابات وتقلل من شعورهن بالثقة بالنفس. إنها ظاهرة تتسارع ليس فقط في السعودية ولكن في جميع أنحاء العالم. وهذا ما دفع المخرجة موصلي لتروي قصة تتناول الضغوطات الاجتماعية وأيضًا الحرب الداخلية التي تدور في عقول النساء.

 

البلاد البحرينية في

19.12.2024

 
 
 
 
 

كريم الرحباني: «آخر واحد» يعكس حالتي وحالة لبنان

احمد العياد

في وقتٍ يلفّه الإحباط والركود في لبنان الجريحة، يطلّ المخرج اللبناني كريم الرحباني بفيلم قصير يحمل روح الأمل والمقاومة، ليؤكد أن السينما ليست مجرد فن، بل نافذة للتشبث بالحياة وسط الحرب والنزوح والدمار. فيلمه الجديد “آخر واحد”، الذي عرض عالميًا للمرة الأولى في مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، ينسج قصة رجل مسنّ يعيش على هوامش الحياة، لكنه يجد في حادثة عابرة دعوة للعودة بقوة إلى قلبها.

بين جدّية الطرح ودفء الطرافة، يتناول الرحباني موضوعات الشيخوخة والإنسانية، مستلهمًا التجارب الشخصية والظروف الصعبة التي أحاطت به وبعائلته، ليحكي عن لبنان الذي يرفض الموت ويتمسك بالحياة رغم كل شيء.

فاصلة التقت بالمخرج ابن أسرة الرحباني العريقة، أثناء تواجده في جدة ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي، للحديث عن إنتاجاته الفنية في السينما والدراما، وكان لنا هذا الحوار.

هذا هو فيلمك القصير الرابع، فهل ستستمر في العمل على الأفلام القصيرة دون غيرها؟ 

عملي لا يقف عند الأفلام القصيرة، بل أعمل على عدة مشاريع فنية أخرى، منها مسلسل “عقول مظلمة Dark Minds” الذي عرض على قناة ديسكفري الشرق الأوسط ويُبّث حاليًا عبر نتفليكس. وهو عبارة عن سبع حلقات منفصلة مدة كل منها 50 دقيقة، وتتناول كل حلقة منها قصة قاتل متسلسل في بلد عربي، وهناك مشاريع أخرى في طور الإعداد أو الانتهاء من عملية الإنتاج تمهيدًا للظهور للجماهير

بالموازاة وبسبب من الأوضاع الصعبة التي تعيشها لبنان والتي تفاقمت جراء الحرب الأخيرة، فكرنا في شركتنا “رحباني 3.0” في أن نقدم منتجًا فنيًا يدعم الروح المعنوية لأهل لبنان، فأطلقنا حملة وطنية بعنوان “مشوار رايحين مشوار” ع كان صعبًا جدًا في لبنان مؤخرًا، لذا قررنا في شركتنا، رحباني 3.0 (شركة عمر رحباني وشركتي)، أن نقدم شيئًا إيجابيًا. فأطلقنا حملة وطنية للبنان بعنوان “مشوار رايحين مشوار”. وأعدنا توزيع الأغنية التي تحمل العنوان نفسه وصورناها في مختلف أنحاء لبنان، ونجحت فعلا في بث طاقة إيجابية كبيرة بين الناس وهو ما كنا نسعى إليه في ظل الظروف التي نمر بها

يناقش الفيلم أفكار الوحدة والشيخوخة ومقاومة رتابة الحياة عبر رجل مسن، فكيف واتتك الفكرة واستقريت على هذا التناول؟

بالنسبة لي، السينما التي أحب أن أعمل عليها ترتكز دائمًا على شخصيات مثيرة للاهتمام، خاصة المسنين والأطفال. هؤلاء الأشخاص يعطون السينما بُعدًا حقيقيًا ومميزًا. الأطفال لا يجيدون الكذب، وكبار السن لم يعد لديهم حاجة للتظاهر أو الدبلوماسية، مما يجعلهم صادقين في انفعالاتهم وتواصلهم مع الآخرين

في الفترة التي واتتني فيها فكرة الفيلم كنت أمر بوقت صعب مليء بالاستسلام والركود. شعرت أن الجميع حولي، بمن فيهم أنا وعائلتي، عالقين في هذا الجو العام من الاستسلام والرضوخ، لا أحد يخرج من منزله، الكل مستسلم للظروف. من هنا جاءت فكرة كسر هذا الشعور.

الفيلم يحكي عن رجل في الثمانين من عمره ينتظر الموت، ولكن حادثة غير متوقعة تغيّر حياته وتدفعه لاتخاذ قرار مفاجئ بالعودة إلى الحياة. هذا الرجل، بالنسبة لي، يمثل حالتي وحالة عائلتي، بل وربما يمثل لبنان ككل؛ بلد يرفض أن يموت ويتمسك بالحياة رغم كل الظروف.

من المعروف أن التعامل مع كبار السن في التمثيل صعب، سواء من ناحية الحفظ أو الأداء. كيف كانت تجربتك في توجيه بطل الفيلم وتعاونك معه؟ 

صحيح، التعامل مع كبار السن فيه تحديات كبيرة. بالنسبة لهذا المشروع استعنت بالممثل عفيف مزبودي، وأوجه له تحية كبيرة. وهو ليس ممثل محترف.

حاولت في البداية إجراء تجارب أداء لاختيار بطل الفيلم، لكني لم أجد الشخص المناسب الذي يجسد الشخصية كما رسمتها في النص.

الفكرة كانت أن الشخصية يجب أن يكون لها ماضٍ وتاريخ يظهر بمجرد النظر إليها. في أثناء بحثي، كنت أتمشى في شوارع بيروت، تحديدًا عند الروشة، وهناك رأيت صياد سمك بملامح رائعة وكاريزما استثنائية. اقتربت منه وبدأت الحديث معه، وبالتدريج طرحت عليه فكرة التمثيل. في البداية اندهش من دعوتي وضحك على الفكرة، لكنه بعد حوار طويل اقتنع بأن يجرب.

اكتشفت أن هناك أشخاصًا يحملون موهبة التمثيل في داخلهم دون أن يدركوا ذلك. ورغم الصعوبات، مثل صعوبة الحفظ وأداء المشاهد بشكل دقيق، عملنا معًا لفترة طويلة حتى وصلنا للنتيجة التي أردناها. كانت تجربة صعبة جدًا، لكنها ممتعة ومليئة بالتحديات التي جعلت العمل أكثر قيمة.

هل كان الدور جريئًا بالنسبة له؟ وكيف تقبل الفكرة؟

صحيح، كان السيناريو جريئًا بالنسبة له. أكثر من مرة جاء ليقول: “كريم، لا أريد الاستمرار”. لكنني كنت أطمئنه وأوضح له الفكرة، وقلت له: “عفيف، أولاً أنت لا تمثل فقط، بل تعيش الشخصية. ثانيًا، المعالجة ستكون حساسة جدًا”.

الموضوع الذي تناوله الفيلم دسم وعميق، فهو يتحدث عن الشيخوخة، وعن إنسان يستسلم لفكرة الموت لكنه في الوقت ذاته يرفض هذا الاستسلام. ورغم جديّة الموضوع، عالجناه بطريقة إنسانية وبسيطة، بحيث تصل الرسالة دون استفزاز.

هل اشترط مشاهدة الفيلم قبل العرض؟

لا، ولم يشاهده بعد. قبل قليل [من حوار المخرج مع فاصلة] كان يتصل بي ليسأل عن موعد عرض الفيلم. أخبرته أنه سيُعرض قريبًا في لبنان، لكننا ننتظر أولًا عرضه في المهرجانات.

ما هي خططك القادمة في مجال الأفلام؟

لدي مشروع جديد أحاول تطويره، وهو مسلسل غير متصل الحلقات، فكرته تقوم على أن كل حلقة تتناول موضوعًا مختلفًا. على سبيل المثال، حادثة تعيد التوفيق بين زوجين كبيرين في السن وتمنحهما دفعة ليشعرا بالحياة من جديد. هذا الموضوع يثير اهتمامي وأرغب في تطويره. بالإضافة إلى ذلك، أعمل حاليًا مع عمر على فيلم روائي طويل. لدي أيضًا مشروع فيلم تحت التطوير بعنوان “شميم” كنت قد بدأت العمل عليه منذ فترة وأريد العودة إليه.

هل كونك من عائلة موسيقية وفنية، دفعك للتفكير في تقديم عمل موسيقي أو مسرحي مستوحى من تراث عائلتك؟ خاصة مع إرث جدك منصور رحباني وأعمامك غدي وعاصي.

بالتأكيد، رغم أنني اخترت الإخراج، إلا أن لدي إحساسًا موسيقيًا جيدًا كما يُقال. عمر أيضًا مؤلف موسيقي، وفي شركتنا نتشارك هذا الشغف بالموسيقى.

شخصيًا، نشأت في كواليس المسرح، وعشت تلك الأجواء منذ طفولتي. أذكر أنني كنت أنام على أزياء الممثلين وأصحو على أدوار ومشاهد يجري التحضير لها.

المسرح جزء مني ومن تكويني الفني، لذلك فكرة تقديم عمل موسيقي أو مسرحي مستوحى من هذا الإرث تراودني دائمًا. إنها فكرة كبيرة وأحلم بتنفيذها. وبالمناسبة، مسرحيات الرحابنة جميعها قريبة إلى قلبي.

ما هي المسرحية الأقرب إلى قلبك من أعمال الرحابنة؟

صعب جدًا الإجابة على هذا السؤال لأن كل مسرحيات الأخوين رحباني لها مكانة خاصة لدي. إذا تحدثنا عن مسرح منصور رحباني، فأعتبر “المتنبي” عملًا عظيمًا جدًا، و”ملوك الطوائف” أيضًا من المسرحيات التي أحبها كثيرًا. كذلك “ناطورة المفاتيح” و”باترا” من الأعمال التي لها تأثير كبير عليّ. بصراحة، كل مسرحية لها سحرها الخاص، لذلك من الصعب اختيار واحدة فقط.

هذه السنة شهدنا تراجعًا في السينما اللبنانية، سواء على مستوى جودة الأفلام المنتجة أو عددها.. برأيك، ما التحديات التي تواجه السينما اللبنانية حاليًا، بعيدًا عن التحديات السياسية؟

السبب الرئيسي وراء قلة الأفلام اللبنانية في السنتين الأخيرتين هو الوضع العام في البلد. حتى لو كنت تملك الأفكار، من الصعب جدًا تنفيذها في ظل الظروف الحالية. أتحدث من تجربتي الشخصية، فقد عملت على فيلم في ظل الحرب، وكنا نصور في ظروف صعبة للغاية.

العديد من المخرجين وصنّاع السينما الذين كانوا يخططون لإنتاج أفلام اضطروا لمغادرة البلد بسبب الظروف الأمنية والسياسية. هذا أثر بشكل مباشر على الإنتاج السينمائي. ومع ذلك، أنا أؤمن أن هناك العديد من الأفلام قيد التطوير، وسيظهر تأثيرها لاحقًا.

التحديات ليست فقط في الإنتاج المادي، بل أيضًا في غياب الاستقرار. لكي يزدهر الفن، نحتاج إلى استقرار فكري، أمني، وسياسي. الفن عادةً يأتي في النهاية، بعد انتهاء الحروب والأزمات، لأن الناس غالبًا ينظرون إليه على أنه رفاهية. لكن بالنسبة لنا، الفن هو أساس مهم، وبدونه لا يمكن التعبير عن الواقع.

ما هي أخبار عملك القادم؟ 

أعكف الآن على كتابة فيلم روائي طويل ولو سار جدول العمل كما أتوقع له سنبدأ التصوير في نهاية 2025، أنا وعمر نعمل على المشروع بشكل جدي.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

20.12.2024

 
 
 
 
 

محمود يوسف مدير تصوير «هوبال»:

التصوير في الصحراء هو أصعب تحدي

فاصلة

قدّم مدير التصوير محمود يوسف تجربة فنية متميزة من خلال تصوير مشاهد فيلم  «هوبال» المتوج بجائزة الجمهور من فيلم العُلا لأفضل فيلم سعودي في الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في بيئة صحراوية نائية.

محمود يوسف يشاركنا تجربته في التعامل مع بيئة جديدة وتحديات التصوير، فضلاً عن رؤيته الفنية لعملية صناعة الفيلم، في حوار خاص مع «فاصلة». 

ويدور فيلم  «هوبال»، للمخرج عبدالعزيز الشلاحي، في أجواء التسعينيات، حيث يرصد قصة عائلة بدوية تعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي، بعدما أقنعهم الجد بأن علامات الساعة قد اقتربت، ويقدم الفيلم صورة حية للمجتمع السعودي في تلك الحقبة، ويستكشف تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على حياة هذه العائلة.

قال محمود يوسف: «بالتأكيد، التصوير في بيئة جديدة، وخاصة في فيلم سعودي، كان تحديًا مختلفًا. بالنسبة لي، الموضوع كان يختلف قليلاً، ولكن بما أنني عربي وسعودي، فالأمر ليس غريبًا تمامًا. ليس أول فيلم سعودي أعمل عليه، فقد سبق لي العمل في مسلسلين سعوديين. لكن تصوير الفيلم في الصحراء، هو شيء آخر».

أضاف: «التصوير في الصحراء يشبه التصوير أي مكان آخر، مثلما صورت في مصر أو أي دولة أخرى. لكن الصعوبات التي واجهتها تكمن في الظروف البيئية، والتي كان لها تأثير على الإضاءة والموقع

استطرد قائلًا: «في هذا الفيلم، اعتمدنا بشكل كبير على الإضاءة الطبيعية، حيث كانت المشاهد بحاجة إلى التصوير في أماكن صحراوية واسعة، وكانت المشاهد قد تستغرق عدة أيام للتصوير. هذا يتطلب تخطيطًا دقيقًا، فكنت أضطر للتخطيط لتصوير مشهد واحد على مدار أيام متعددة. كنا نصور من الساعة 6 أو 7 صباحًا وحتى الساعة 10 صباحًا، ثم نستأنف في اليوم التالي. المحافظة على تماسك المشاهد عبر الأيام كان هو التحدي الأكبر

وعن أسباب انجذابه للمشروع، قال: «القصة نفسها كانت مغرية بالنسبة لي. كانت موضوعات جديدة علىّ تمامًا، خاصة فيما يتعلق بالثقافة التي لم أكن على دراية بها، وسألت المخرج عبد العزيز الشلاحي عن الكثير من التفاصيل أثناء التحضير للفيلم. كان ذلك جزءًا من التجربة التي أحببتها

وحول التحديات التي واجهته في التصوير، أضاف محمود: «التحديات كانت كثيرة. مثلًا، كانت هناك صعوبات في التعامل مع الظروف الجوية غير المتوقعة. في البداية، كانت الأمور تسير بشكل طبيعي، ولكن بعد فترة بدأنا نواجه الأمطار، الرياح، والغيوم. هذا جعل تصوير المشاهد في الصحراء أكثر تعقيدًا. إضافة إلى ذلك، كان هناك تحدي لوجيستي يتمثل في صعوبة الوصول إلى المواقع وعدم وجود شبكة اتصال قوية، ما كان يعطل بعض العمل

وأردف قائلاً: «ومن أكبر التحديات كانت السيطرة على الأطفال والحيوانات في المشهد، إذ كان من الصعب التعامل مع هذه العناصر التي تتطلب تنسيقًا كبيرًا. ولكن في النهاية، يعود الفضل في التنسيق والمجهود الأكبر للمخرج عبد العزيز الشلاحي

وعن مدى متابعة السينما السعودية، قال محمود: «في الحقيقة، لم أكن متابعًا للسينما السعودية بشكل مكثف. لقد عملت في مسلسلات سعودية من قبل، لكن في ما يتعلق بالأفلام، لم أتابع سوى بعض الأعمال مثل فيلم «الشلاحي» السابق «حد الطار». بالنسبة لي، هذا هو أول فيلم سعودي أعمل فيه، وأنا متحمس للغاية

وفي ختام حديثه، عبر محمود يوسف عن تفاؤله قائلًا: «أنا متحمس جدًا لهذا الفيلم. على الرغم من التحديات، خاصة أننا واجهنا صعوبات غير متوقعة أثناء التصوير، إلا أنني متفائل للغاية بأن الفيلم سيخرج بشكل جيد. التحضير كان جيدًا، وكل شيء كان يسير كما توقعنا. بالطبع، هناك بعض الأمور التي كانت خارج إرادتنا، لكن في النهاية أنا متفائل بأن النتيجة ستكون رائعة

 

####

 

ريم فهد: التقمص الكامل لشخصيتي في «هوبال»

كان التحدي الأكبر في مشواري الفني

فاصلة

في فيلم «هوبال»، الفائز بجائزة الجمهور من فيلم العُلا لأفضل فيلم سعودي في الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، قدمت الفنانة ريم فهد دوراً مميزاً يجسد شخصية «صيته بنت مبارك»، التي تنتمي إلى بيئة بدوية صحراوية قاسية، وتخوض رحلة صراع داخلي مع نفسها ومع عائلتها

ويدور فيلم  «هوبال»، للمخرج عبدالعزيز الشلاحي، في أجواء التسعينيات، حيث يرصد قصة عائلة بدوية تعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي، بعدما أقنعهم الجد بأن علامات الساعة قد اقتربت، ويقدم الفيلم صورة حية للمجتمع السعودي في تلك الحقبة، ويستكشف تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على حياة هذه العائلة.

في تصريحاتها مع فاصلة، تحدثت ريم عن تجربتها مع هذا الدور، مشيرة إلى التحديات والمتعة التي واجهتها أثناء التحضير والتجسيد لشخصيتها في هذا العمل السينمائي.

قالت ريم فهد: «هذه تجربتي الثانية في السينما، لكنها تعتبر الأولى الحقيقية لي، لأنني عملت فيها بشكل مختلف تمامًا. في البداية، عندما قرأت النص، كان المخرج عبد العزيز الشلاحي والكاتب مفرج المجفل هما العاملين الرئيسيين في تحفيزي على قبول الدور. دخلت الشخصية وأنا على دراية تامة بالمسؤولية التي يحملها هذا العمل

وأضافت: «شخصيتي هي صيته، بنت مبارك، وهي امرأة بدوية من الصحراء، وتعكس قصة حياتها تباينًا بين مشاعر الأمومة والتضحية وصراعها الداخلي. كان هناك تناقض بين الشعور بالمسؤولية تجاه عائلتها وبين التحدي النفسي الذي كانت تواجهه

وحول سبب انجذابها لهذه الشخصية، أوضحت ريم: «لم يكن الأمر مجرد تمثيل، بل كان تحديًا نفسيًا وفنيًا. التقمص الكامل لهذه الشخصية كان يتطلب مني الانغماس في عالمها بشكل عميق، والتفاعل مع بيئتها وتفاصيل حياتها

وأضافت ريم عن تجربتها في السينما مقارنة بالمسلسلات: «الفيلم يختلف عن المسلسل في طريقة التعامل مع الشخصية. في المسلسل، هناك 30 حلقة، ولكن في الفيلم، يجب أن تتقن الشخصية منذ البداية وحتى النهاية. في الفيلم، أنا أعرف أين تبدأ الشخصية وأين تنتهي، بينما في المسلسل يكون هناك تطور تدريجي ومفاجآت تطرأ مع تقدم الحلقات

وفيما يخص كيفية دخولها في أجواء الشخصية، قالت: «لا أستدعي حالات معينة من الذاكرة إلا في بعض الأمور البسيطة. لكنني عشت تجربة الشخصية بشكل حقيقي. كانت لحظة دخول الشخصية في زيها ومكياجها وفي المواقع التي صورت فيها، خاصة في المطبخ، هي اللحظة التي جعلتني أشعر بوجود صيته بشكل قوي. هذا الشعور لم يكن واضحًا لي إلا عندما لاحظت ردود فعل الناس، حيث بدأوا يرونني كما رآيت صيته

وفي ختام حديثها، عبرت ريم عن فخرها بالعمل وأمله في أن يكون له تأثير طويل: «أنا فخورة جدًا بهذا الدور وأشكر الله على هذه الفرصة. أتمنى أن يكون هذا العمل خالدًا وأن يظل مخلدًا في ذاكرة الناس

الفيلم يعد من الأعمال البارزة التي تمثل رؤية جديدة في السينما السعودية، ويبرز قدرة ريم فهد على تقديم أدوار ذات عمق وجدلية داخلية تنعكس في أدائها المميز.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

21.12.2024

 
 
 
 
 

عُرض ضمن فعاليات «البحر الأحمر السينمائي» ..

مخرج «سابا» البنجلاديشي يستلهم فيلمه الروائي الأول من حادث سيارة لزوجته ووالدتها

«سينماتوغراف» : إنتصار دردير

استلهم المخرج البنجلاديشي مقصود حسين إلهامه من قصة شخصية لصياغة أول فيلم روائي له، «سابا»، والذي يستكشف حياة امرأة شابة تعتني بمفردها بأمها المصابة بالشلل النصفي.

الفيلم، الذي عُرض مؤخرًا في الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، متجذر بثقة في الواقعية. حيث يصور قصة من الحياة تدور أحداثها في دكا.

هذا الالتزام بالواقعية نابع من المسؤولية التي شعر بها حسين وهو يسعى إلى ترجمة حدث حقيقي إلى الشاشة الكبيرة.

يقول حسين: "لقد توصلت إلى القصة عندما كنت أفكر في هذا الحدث. تعرضت زوجتي ووالدتها لحادث سيارة كاد أن يودي بحياتهما في بنجلاديش منذ ما يقرب من 25 عامًا. ومنذ ذلك الحين، أصبحت حماتي مشلولة وتعتمد على زوجتي ووالدها لرعايتها على أساس يومي.

بدأ حسين في التفكير في واقع لم يكن لديهما وشارك المفهوم مع زوجته، تريلورا خان. ثم سرعان ما بدأ الاثنان في كتابة سيناريو الفيلم. يقول حسين: "ماذا ستفعل امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا في موقف كهذا للتأكد من أن والدتها تعيش بأي ثمن؟" "لذا من هذه الفكرة، توصلنا إلى سابا."

يبدأ الفيلم بمشهد سابا وهي تسعى جاهدة لتلبية احتياجات والدتها اليومية، مثل الاستحمام وإعداد الطعام. وتتوتر علاقتهما، وتزداد حدة كلما حاولت الابنه تأمين المال لدفع تكاليف جراحة والدتها، فتحصل على وظيفة في مقهى للشيشة.

تتولى مهزابين شودري دور سابا ببراعة، وتقدم أداءً مشوقًا إلى جانب زميلتها في البطولة روكيا براشي، التي تلعب دور والدتها شرين. تقول شودري، التي ظهرت في مئات الإنتاجات التلفزيونية في بنغلاديش، إنها انجذبت على الفور إلى القصة عندما رواها لها حسين.

وتضيف: "كانت الفكرة نفسها حقيقية للغاية. هذا شيء عاشه هو وزوجته، حتى يتمكنا من تقديم وجهة نظرهما الحقيقية حول الصدمات العاطفية التي تمر بها الشخصيات. شعرت أن وجودهما إلى جانبي سيجعل من السهل عليّ تجسيد الشخصية بشكل أكبر".

في الفيلم، تمثل سابا مجموعة من المشاعر التي تتراوح بين الحب والرعاية لأمها، إلى الشعور بالاختناق الذي ألحقته بها حالتها. أصبحت تجاربها أكثر تعقيدًا بعد أن بدأت العمل وصادقت مدير المقهى أنكور (مصطفى منوار). سرعان ما بدأت تتخيل كيف ستكون حياتها خارج ظل والدتها، وهي حلم يقظة مليء بالذنب.

بصفتها شخصية، كانت سابا مثيرة للتفكير. تقول شودري: "سابا ليست شخصية ذات طبقة واحدة. لديها الكثير من الأحداث. لقد لعبت الكثير من الأدوار في حياتي، أكثر من 400 دراما للتلفزيون، لكن هذا كان أول فيلم روائي طويل لي في المسرح. فكرت، ربما كان هذا شيئًا كنت أنتظره لفيلمي الأول. ستكون هذه رحلة عاطفية للغاية لمن يشاهدها".

كما يتتبع التصوير السينمائي للفيلم الحياة الداخلية لسابا، بدءًا من اللقطات العريضة وحتى اللقطات الأكثر رعبًا مع اشتعال التوتر. يقول المصور السينمائي بركات حسين بولاش إنه كان مدركًا لكيفية تحول الفيلم بالكامل من منظور سابا وسعى جاهدًا لكي تعكس الكاميرا ذلك.

ويضيف: "كانت الكاميرا تتبعها دائمًا. نحاول أن نجعل هذه المساحة مريحة قدر الإمكان، حتى تتمكن تشودري من التحرك بحرية".

وقد حظي فيلم "سابا" بتعليقات إيجابية، وحصل على تقييم 8.5 على موقع IMDb. ويقول حسين إن هذه التجربة أثبتت له أنه مخرج قادر، وتجعله يتطلع إلى مشاريع مستقبلية.

وكان العرض الأول للفيلم في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي من أبرز الأحداث التي شهدها الفيلم. فقد حضرت زوجته العرض، وبحلول الوقت الذي ظهرت فيه التترات الختامية للفيلم، "بدأت الدموع تنهمر على وجهها"، كما يقول حسين.

ويضيف: "تأثرت زوجتي كثيراً بالفيلم، وكان ذلك فوزاً كبيراً بالنسبة لي. لأنني صنعت الفيلم احتراماً لوالدتها وقصتها".

وكان انتصار شخصي آخر قد تحقق خلال العرض الأول للفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي. ويقول حسين: "لقد شاهدت الفيلم على الشاشة الكبيرة مع سبايك لي. كان يضحك ويعلق. وإذا حدث شيء فظيع للشخصية، كان يصرخ: "أوه، لا!". كان ذلك رائعاً، لقد تلقيت رد فعل مباشر من سبايك لي!"

 

الشرق الأوسط في

23.12.2024

 
 
 
 
 

فاز بجائزة اليُسر لأفضل كاتب سيناريو ..

مراجعة فيلم | «أنَاشِيْدُ آدَمَ» لـ عدي رشيد صدمات الزمن في رحلة طفل لا يكبر

«سينماتوغراف» ـ إنتصار دردير

ماذا لو توقفت الساعة البيولوجية لديك، وظل جسدك مجمدًا في سن الثانية عشرة تقريبًا؟، هذا ما يتناوله الفيلم العراقي «أنَاشِيْدُ آدَمَ» الذي فاز مخرجه عدي رشيد بجائزة اليُسر لأفضل كاتب سيناريو في الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي..

الوقت هو عام 1946، والمكان قرية نائية في الصحراء العراقية. يعيش آدم (عزام أحمد علي) مع عائلته في كوخ بدائي. ذات يوم، يأخذ شقيقه الأصغر علي ليرى جسد جده العاري الذي لا حياة فيه وهو يُغسل من أجل جنازته. لا تستطيع ابنة عمهما إيمان الانضمام إليهما لأنها فتاة. يصاب آدم من هذا المشهد بصدمة عميقة لدرجة أنه يرفض ببساطة أن يكبر أكثر.

وكأنها ساعة استجابة، يظل آدم محاصرًا في نفس الجسد لبقية حياته. لم يتم الكشف عن عمره الدقيق أبدًا، إلا أن مظهره يشير إلى أنه لم يتعد سن البلوغ بعد.

إنه طويل ونحيف وخالٍ من الشعر على وجهه وصوته طفولي. إن قدرات آدم الخارقة التي لا يمكن تفسيرها ورغبته المتقلبة على ما يبدو في تجنب مرحلة البلوغ، تذكرنا على الفور بشخصية بيتر بان وأوسكار، من فيلم فولكر شلوندورف الكلاسيكي المناهض للحرب The Tin Drum (1979).

الفرق مع الفيلم الألماني هو أن دوافع آدم أقل وضوحًا بكثير. بالإضافة إلى ذلك، فإن حياته أقل أحداثًا بكثير من حياة الناس في جمهورية فايمار. لا يوجد نازيون في الأفق. أناشيد آدم ليس فيلمًا سياسيًا، لكنه في الغالب يطأ أرضًا شعرية.

لا يستطيع القرويون تحديد ما إذا كان آدم مباركًا أم ملعونًا. الغالبية العظمى من الناس لديهم آراء سلبية للغاية، ويحاولون نبذه والابتعاد عنه. يعتقد شقيقه أنه يجب أن يكون في مستشفى ببغداد. إيمان هي واحدة من القلائل الذين يؤيدونه، ويقترحون أن حالته هي في الواقع الحفاظ على البراءة، وعلى الرغم من الضغوط الاجتماعية، يظل آدم متمسكًا برفضه للنمو.

في معظم مدته التي تبلغ 93 دقيقة، يعتبر فيلم أناشيد آدم دراما هادئة وقاسية. يشاهد آدم أقاربه يكبرون وينجبون أطفالًا، بينما يظل هو دون تغيير، ويمنحه وجوده الدائم غير المتغير والمتحفظ نسبيًا هالة الملاك الحارس.

ينتقل الفيلم إلى عام 1952، ثم إلى عام 1981، ثم إلى عام 2014. ينجو آدم ليرى جهاديي داعش يرهبون شعبه. ومن الغريب أنه لا يوجد أي إشارة تقريبًا إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد، والندوب التي خلفها على الشعب العراقي.

يتقدم الفيلم بسرعة كبيرة في الوقت، مما يترك للمشاهدين ملء الفجوات بمعرفتهم أو خيالهم. الفيلم أكثر حزماً برسالته عن السلام والمساواة بين الجنسين. تمنع قامة آدم الطفولية من حمل السلاح. وبفضل حساسية إيمان الأنثوية - على الرغم من القوى القمعية التي تسعى إلى إسكات النساء - يكتسب آدم في النهاية القبول والمودة أيضًا.

أحمد علي الشاب ممثل ناضج وواثق. يمزج ببراعة بين البراءة والسخط لتحقيق نتائج ممتازة. التصوير السينمائي للصحراء - والذي تم تصويره في الغالب في ظل ظروف غائمة وضبابية - يضفي على الفيلم لمسة من الحزن والغرابة. والنتيجة هي فيلم ممتع يستحق المشاهدة والتأمل.

 

الشرق الأوسط في

26.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004