ملفات خاصة

 
 
 

خالد محمود يكتب:

سوريا على الشاشة.. حياة معلقة

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

تبقى دائما للسينما شهادتها الخاصة فى مشهد الأوطان ومتغيراتها وثوابتها، و يجئ المشهد السورى ليطرح السؤال.. كيف مثلت الأفلام الأزمة بين واقع ومستقبل، هل اكتفت بالتوثيق من أجل أجيال قادمة، أم تجاوزت رؤيتها لتتنبئ بما هو قادم بين يأس وأمل، كمرحلة فاصلة بين كابوس وحلم.

دون شك كانت هناك أفلام كثيرة تناولت عبر قصصها وحكاياتها وصورتها مشاهد اليأس ومخاوف الأيام ورعب الزمن من تلاعب سياسات وأطراف وجماعات كثيرة، وأيضا الآمال البسيطة في سوريا، بينها ما كان رمزيا والبعض كان أكثر دقة و وضوحاً، والتي صنعها أشخاص على الأرض يستمعون إلى أصوات لم يسمع بها أحد من قبل.

حتى سنوات قليلة مضت، أدت الحرب في سوريا إلى نزوح 13 مليون شخص ومقتل نصف مليون شخص. ويحاول اللاجئون إيجاد لقمة العيش في مخيمات اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن أو يخاطرون بحياتهم بحثاً عن اللجوء في أماكن أبعد.

أتذكر فيلم “مدينة الأشباح” City of Ghosts، الوثائقى الامريكى للمخرج ماثيو هاينمان والذى ألقى بظلاله على مشهد قاس في مُحافظة الرقة السورية، خُصوصا بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة سنة 2014.

يتتبع فيلم “مدينة الأشباح” للمخرج ماثيو هينمان، مجموعة من الصحفيين المواطنين الذين يطلقون على أنفسهم اسم “الرقة تُذبح بصمت”. يتظاهر الرجال من أجل “الحرية والعدالة والمساواة والكرامة”، ولكن عندما يُقتل رفاقهم ويتعرضون هم أنفسهم للتهديد، يفرون معتمدين على جهات الاتصال المتبقية في سوريا لإرسال صور الفظائع حتى يتمكنوا من رفع مستوى الوعي في العالم الأوسع عبر الإنترنت. يستخدم هاينمان لقطات فيلم “الرقة تُذبح بصمت” لتتبع داعش أثناء استغلالها للفراغ في السلطة الذي خلفته الثورة، وهناك مقاطع مرعبة لعملاء داعش الملثمين وهم يعدمون الرجال ويقطعون رؤوس الجثث، ويعلقونها على المسامير، ويعذبون المدنيين، ويغسلون أدمغة الأطفال، إلى جانب مقاطع فيديو لتجنيد أفراد داعش.

إن فيلم “مدينة الأشباح” هو تاريخ حديث قوي وسهل التذكر. لقد أقام هاينمان صداقة مع الناشطين المنفيين، ولكن اللقطات الأكثر إقناعاً في الفيلم هي لقطاتهم، وليس لقطاته. إن تجربتهم الشخصية مؤلمة، فهم يعيشون في ألمانيا حيث يشهدون مظاهرات عنصرية معادية للمسلمين؛ وفي الوقت نفسه، يصفق لهم الأثرياء الأميركيون البيض في حفل توزيع جوائز حقوق الإنسان في نيويورك. وعلى الرغم من المخاطرة بحياتهم لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فإنهم كطالبي لجوء في أوروبا ليس لديهم الحق في العمل.

وهناك أيضا فيلم “عن الآباء والأبناء” وهو وثائقى المانى إخراج طلال ديركى حول الجهادية المتطرفة والتدريب الإرهابي في سوريا.

وأيضا “من أجل سما” هو فيلم وثائقي تم إنتاجه في سوريا والمملكة المتحدة وصدر في سنة 2019، من إخراج ورواية وعد الخطيب وأنتجه إدوارد واتس، والذى يحكى قصة حصار حلب، حيث تدور الأحداث حول مغامرة ملحمية لوعد الخطيب وطفلتها الرضيعة سما على مدار خمس سنوات من الحب والزواج والحياة في حلب وقت الحرب، تظهر معاناة المرأة خلال الحروب، حيث يركز الفيلم على رحلة وعد كزوجة حمزة الخطيب أحد الأطباء القلائل الذين تركوا في حلب أثناء قيامهم بتربية ابنتهم سما أثناء الحرب الأهلية السورية.

وهناك فيلم “آخر الرجال في حلب” إخراج فراس فياض، وهو فيلم وثائقي صدر عام 2017؛ يحكي عن الثورة السورية وما خلفته من دمار. ويحاول الفيلم الوثائقي توثيق الحياة في حلب خلال الحرب ويسلط الضوء بشكل خاص على عمليات البحث والإنقاذ التي قام بها الدفاع المدني السوري (تُسمى أحيانا بالخوذ البيض) المعترف بها دوليا، وهي منظمة تتكون من مواطنين عاديين هم أول من يندفع نحو الضربات الجوية العسكرية والهجمات بالبراميل المتفجرة على أمل إنقاذ الأرواح. كما يُسلط الفيلم الوثائقي الضوء على حياة ثلاثة من ذوي الخوذ البيض المؤسسين، وهم خالد عمر هارا، صبحي الحسين ومحمود الذين لم يجدوا بدا من الفرار من سوريا على الرغم من أن الفرصة أُتيحت لهم في العديد من المناسبات، وفي المقابل يُفضلون البقاء في بلادهم والكفاح من أجلها.

كما كانت أفلام “قصص سورية: حياة معلقة” و”راديو كوباني” و” طعم الأسمنت” تقدم  تأملات حول سوريا، وكانت هناك مجموعة من الأفلام التي تنقل التأثير الذي أحدثه نظام الرئيس بشار الأسد، وتنظيم الدولة الإسلامية. وظهرت الأفلام بطابع مباشر للغاية، ففى “طعم الأسمنت” يصور عمال البناء السوريين المنفيين في مواقع البناء في لبنان. وقد تم تصوير الفيلم على نطاق ملحمي، مع تفاصيل مذهلة على الشاشة، فالمدينة الضخمة في بيروت تتناقض مع صور المباني المدمرة التي تعرضت للقصف في سوريا، والمواطنين الذين ينتشلون مواطنين آخرين من تحت الأنقاض بأيديهم العارية. والعمال المنفيون لا يتحاورون، ويتم إطلاق النار عليهم في عزلة تأملية وهم يمثلون الرمزية المؤلمة الصريحة المتمثلة في بناء منازل فاخرة بشكل غير مرئي ودون اسم وبصمت لأشخاص لا يريدونها بعد تدمير منازلهم.

إن أفلاماً كهذه واضحة في صورها وسردها وهدفها لأي شخص يريد التعمق في التاريخ السوري والأفلام السورية الحديثة.

كان الفيلم القصير الشهير “الخوذ البيضاء” للمخرج أورلاندو فون والذي يتتبع فريقًا يتفاعل مع الضربات الجوية التي يشنها الأسد مؤثرًا بقوة، وفيلم “آخر رجل في حلب” الذي يتناول نفس الموضوع، وينطبق نفس الشيء على الفيلم الوثائقي “صرخات من سوريا” للمخرج يفجيني أفينيفسكي لعام 2017، والذي يتضمن لقطات لانفجارات القنابل، والذعر الشديد، وإطلاق النار المفتوح، والأقارب الحزينين، والأطفال المصابين بصدمات نفسية، والزعماء الثوريين.

ويعتبر الأسوأ لهذا النوع من الأفلام هو فيلم “الجحيم على الأرض: سقوط سوريا وصعود داعش” 2017 للمخرج سيباستيان جونجر ونيك كويست، اللذين جمعا روايتهما من نشرات الأخبار وتقارير هيومن رايتس

ربما تسئ صناعة السينما العالمية إلى سوريا من خلال منح الصفقات والدعاية والتوزيع فقط لأولئك المخرجين الذين لديهم الرغبة الشديدة في ألعاب الحرب والذين يجمعون لقطات مجانية يتم التقاطها بمخاطر كبيرة لتقديم الأفلام الأكثر إثارة لفهم ما يحدث في سوريا حقًا وإدراك عمق آلام مواطنيها، والحقيقة لا ينبغي أن تُروى التجربة السورية من قبل آخرين متحمسين لصورتهم الشخصية بتصوير الوضع مجرد كارثة ثم يبحثون عن غيرها بمجرد ظهور كارثة أخرى فضلاً عن بساطة السرد والرؤية.

ويجئى فيلم Lost in Lebanon للمخرجتين جورجيا وصوفيا سكوت، يقطع شوطًا طويلاً فى المسار القاسى، حيث تم تصوير الفيلم في مخيم للاجئين في لبنان، حيث يوثق الحياة اليومية لسكان المخيم المحبطين، بما في ذلك فنان وسيم عالق بين الإبداع والهروب من الكحول، وامرأة شابة، ريم، التي تحطمت آمالها في أن تصبح مهندسة معمارية بعد إدراجها على القائمة السوداء في عام 2012 بسبب احتجاجها على النظام.

ويتحدث الفيلم الوثائقي عن تكرار الصدمات المتعددة الطبقات التي يسببها الصراع، ويخلق دورات من الغضب والألم. وتتحدث ريم عن مشاهدة حالات انتحار الأطفال، وعن الأطفال الذين شهدوا الحرب والموت والقتل والتعذيب. وتقول: “هؤلاء الأطفال قنابل حية. هكذا تصنع الإرهابيين”.

وفيلم “حياة معلقة” من إخراج هبة ظهير حمدي وإسراء عبد الحميد إبراهيم أواي وحماد عزمت اللباد، ويركز على قائد سابق في جيش الأسد انشق بعد 35 عامًا ليجد نفسه في المنفى في الأردن. إنه أحد أفضل الأفلام السورية توازن بين المشهد القاسى والجماليات الفنية يتضمن انتقادات مدروسة للنظام؛ وموضوعاً أساسياً عن الهروب والمنفى، والخوف من الأماكن المغلقة وعدم التسامح؛ وهو لا يتجاهل النساء؛ ويعكس مقاومة أجيال متعددة ضد داعش، وضد بشار الأسد، وضد والده حافظ الأسد؛ ومع ذلك فإنه لا يتخلى أبداً عن المستقبل من خلال أشخاص مثاليين، ومجموعة من الكتاب والفنانين الذين تتعرض تحركاتهم السلمية نحو الحرية لتهديد متزايد، مما يزيد من تصميمهم.

في فيلمه “راديو كوباني” 2016 يرى ريبر دوسكي أن هيمنة داعش ليست نهاية حتمية. ففي مدينة كوباني التي دمرها داعش، ينشئ المراسل ديلوفان كيكو محطة إذاعية ويجري مقابلات مع المتمردين والناجين والمثقفين. وفي حين يتضمن الفيلم لقطات مروعة لجثث محطمة معلقة في حفارات الطرق، فإن الرسالة العامة التي تنقلها الكاميرا بنعومة ودفء هي عن الشباب الذين يؤمنون بالمستقبل.

راديو كوباني” نجح في التعبير عن العواقب المتكررة للحرب، بطرق صارمة عاطفياً، ومشحونة سياسياً، ومتطورة إبداعياً.

وفي فيلم “سوريا الحلوة” للمخرج عمار البيك لعام 2014، يستخدم الفيلم لقطات تم العثور عليها، بما في ذلك لقطات التقطها جنود الأسد داخل طائرة هليكوبتر وهم يسقطون القنابل على المدن الواقعة تحتها بمرح. ويتخلل هذا الفيلم، الذي يحمل قدراً كبيراً من الرمزية، لقطات غير ذات صلة من سيرك أجنبي، حيث يغضب فريق من الأسود ويهاجمون مدربيهم بينما يصرخ المتفرجون في رعب. “الأسد” يعني الأسد ــ ولا شك أن أي سوري يشاهد الفيلم سوف يستوعب الانتقادات الموجهة للنظام.

لم انسى الفيلم القصير الشاعري “بحرنا” ( Mare Nostrum) لعام 2016 للمخرجين أنس خلف ورنا كزكز، وكلاهما سوريان من دمشق والذى يُظهِر الفيلم الخالي من الكلمات رجلاً يعيش على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ​​يرمي ابنته الصغيرة مرارًا وتكرارًا في البحر لتعليمها كيفية السباحة بهدوء. إنها مصدومة ولا تعرف لماذا يفعل ذلك؛ ولكن عندما يفرون من سوريا في الظلام ويحاولون الهروب عن طريق الماء، تكون هي الناجية الوحيدة.

وهناك فيلم “رغوة” للمخرجة ريم علي عام 2006 ويحكي قصة بسيطة عن زوجين سوريين يعيشان حياتهما. وسرعان ما يتحول الفيلم إلى صورة مدمرة لآثار القمع، حيث يتبين أن الزوجين كانا شيوعيين في شبابهما ونجيا من السجن والتعذيب على يد نظام الأسد الأب.

كان والد المرأة يضرب زوجته، وهذا أصبح رمزاً ثقيلاً للسادية الدكتاتورية التي لا مفر منها والتي لها عواقب طويلة الأمد. والآن تتحدث الأسرة بشكل مهووس عن رغبتها في الرحيل، والأجواء القاتلة والضاغطة التي يخيم عليها هذا الفيلم الذي تم تصويره قبل خمس سنوات من ثورة 2011. تتطلع إلى المستقبل الذي يتفجر فيه الاستياء والخوف من الأماكن المغلقة.

 

الشروق المصرية في

14.12.2024

 
 
 
 
 

أبو زعبل 89”.. حكاية الغياب المحملة بأثقال عائلية وسياسية

إسلام السيد

في ظل تراجع المجال السياسي، وتفعيل سياسات اقتصادية مهلكة في مصر، وتتابع الأزمات العالمية من كوارث وحروب وإبادة، يعاصر المجتمع المصري مرحلة تتفكك فيها تعريفات الجماعة والرفقة والقدرة على التكاتف، وتسود مركزية السعي الفردي، الذي يتجه إلى علاقة انفصالية مع التاريخ، ويجعل الحدث السياسي حركة سائلة، يتفتت معها ببطء الشعور بالمكان.

هنا تحضر قيمة الاستدعاء المرتكز على المكاشفة القائمة على تتبع الأثر، من دون الوقوع في فخ الحنين، الميال إلى قطب البطولة المطلقة أو الشيطنة.

ويعتمد تتبع الأثر على تقدير الزمن، وما به من تجارب تعكس خبرة على المستوى العام، وفضاء للمكاشفة على المستوى الخاص، حيث تتولد الرغبة بتجميع جوانب الزمن الثلاثة في قطب واحد، يتيح للمتتبع أن يتقبل خطوة ظنية تقوم على المجازفة والإيمان الخطير بالخطوات المرتكزة على مساءلة الذاكرة، التي تجعل علامات رحلة التتبع وجها محتملا للوصول، وآخر للتيه الذي يمنع العودة إلى نقطة البدء.

يرتكز فيلم “أبو زعبل 89” على أساسي الكشف وتقفي الأثر، من خلال استعادة المخرج بسام مرتضى حدث اعتقال والده محمود مرتضى، بسبب تضامنه مع إضراب مصنع الحديد والصلب في 1989.

حصد الفيلم جائزة أفضل فيلم وثائقي بمهرجان القاهرة 2024، وهو لا يتوقف عند الرغبة بتوثيق حدث الاعتقال أو تشريحه في إطار المناخ السياسي، بل يخلق لغة تواصل تجاه الحدث وانعكاساته، وتجاه المشكلات السلبية على مستوى شخصي، وهي تحيلنا إلى تعرية ثنائية الأبوة والبنوة، بشكل شديد الخصوصية.

لا أستطيع أن أرى يدي أمامي

عندما تولى حسني مبارك رئاسة الجمهورية عام 1981، شارك سلفَه الخوفَ من الحركة الطلابية، وأصدر قرارا بإدخال الأمن إلى الحرم الجامعي، ليمارس نشاطا أخلاقيا وسياسيا قائما على تحييد النشاط الطلابي.

وخلال ذلك العقد، كانت المطالب العمالية ما زالت قائمة على اختلاف القضايا المطلبية. ففي عام 1986 طالب عمال شركة “إسكو” بتلقي أجور أيام الراحات، وفي العام نفسه طالب عمال السكة الحديد بكادر خاص للسائقين.

وفي صيف 1989، طالب عمال “الحديد والصلب” برفع الحوافز الشهرية والسنوية، وتضامن معهم مجموعة من المثقفين اليساريين، فنشروا بيانا يطالب بالاستجابة لمطالب العمال، ولم تكتفِ حينها أجهزة الأمن باقتحام الاعتصام، والقبض على 52 مثقفا مصريا تضامنوا مع العمال، بل لفقت لهم تهمة “تأسيس وإدارة تنظيم سري لقلب نظام الحكم”.

بقليل من البحث، تجد على موقع “بوابة الاشتراكي” تقارير وقصصا صحفية عن حيثيات هذا الإضراب.

وفي كتاب “أبو زعبل 1989” لفاروق عبد الجواد الذي كان من المعتقلين، يستعيد الكاتب الظرف الداخلي للسجن، فيقول: المكان مظلم تماما، فلا أستطيع أن أرى يدي أمامي. رائحة البول والبراز تزكم الأنوف، وأسفل قدمي أشياء تتحرك وتقفز، دون أن أستطيع تحديد ماهيتها، وفوق رأسي مباشرة حشرة بشعة تطير، ويسبب أزيزها الرهبة والخوف، أخذت أطاردها بيدي في الظلام دون جدوى، أتوجه إلى حيث الصوت، فيصطدم رأسي بالحائط. أقفز من هنا وهناك في محاولة لتجنب الفئران التي تجري بين قدمي. بدأت قدماي تنهار ولا تقوى على حملي.

مناخ الحدث.. بعث الصورة من غياهب الذاكرة

يدرك الفيلم منذ بدايته ماهية اللغة، وأدوات الاشتباك التي يمكنها أن تخلق بعدا جديدا للحدث، لذلك ينأى عن الانتهاء عند أساس الهم التوثيقي، ويضع مكانه تنويعات فنية وحكائية، تستعرض التجربة من خلال أطراف متعددة، عاشت جميعا ذلك الزمن من جهات شتى.

يمكن إدراك أساس “الاعتقال” بإشارات واضحة وسريعة، لكن ما يستحق التتبع هو الدواخل الخافتة التي أحاطت مناخ الحدث، وخلقت صورة للمحة تاريخية معنية بالمجتمع، وأخرى خاصة لتاريخ عائلي طويل.

مثلت بداية الفيلم أساسا واضحا لمتن حدث السجن، الذي سيتحول من مركز حقيقي إلى آخر وهمي في منتصف الفيلم، فالشخصيات الماثلة أمامنا تدرك غياب شيء ما، لكنها لا تدرك كُنهه، وهي أقرب إلى الخوف من المكاشفة والقدرة على السير تجاهها.

لذلك يبدأ الفيلم بسحب الحدث إلى عالم الشاشة، فيتحول من صورة في الذاكرة إلى لحظة راهنة في الحاضر.

قدرة الذاكرة على الانفكاك من سلطة الحدث

ينطلق الفيلم من مشهد تحضير وجبة سمك للوالد الجالس، وهي مشاهد ضيقة في المطبخ مبهمة ومشوشة، ترى بعين الاستدعاء، وتؤسس لحركة متأرجحة تخلق جسرا بين زمنين.

من زمن الحاضر، يدخل الفيلم إلى الحكاية من تفريعة جانبية، عبر سؤال يظهر بين بسام ووالديه، ألا وهو: هل كان نائما حين اقتحام المنزل والقبض على الوالد؟

وبهذا السؤال، تتعاظم قدرة الفيلم على تفعيل شكل جديد من الحرية، وهو اختبار قدرة الذاكرة على الانفكاك من سلطة الحدث، كأن فعل الاعتقال حين يبدأ من الطرق العنيف على الباب، وينتهي بالخروج من السجن، يدخل في هوة داخلية تنحبس خلالها الذاكرة، وينزع معها فعل الاعتراف.

لذلك، تتحقق القدرة على الحكي تدريجيا، تبدأ من الأسئلة الجانبية، ثم تتحرك إلى المركز، وخلال هذه الحركة التي تنطوي على مقاومة ما، وسعي إلى الكشف ضد الرغبة في التستر، تتكون الحكاية بأبعاد جديدة، تنفي عن الفعل محدوديته في كونه حكاية فردية، وتصبح الحكاية متعددة، بما فيها من حكاية سياسية وعائلية، وفي الأساس هي حكاية خاضها كل فرد حسب معطياته الشخصية.

علاقة تنافرية بين جيلين يحملان أثقال الهزيمة

خلال نشاط الحركة حول أساس الحكاية وملاحقتها من شتى الجوانب، لتحرير الذاكرة وإعطائها قدرة على التدفق، يظهر عائق يخلق علاقة تنافرية، بسبب الفوارق الجيلية بين الشخصيات.

كان جيل محمود مرتضى وزملائه آخر الأجيال الفاعلة في المجال العام بمصر، فعقب ذلك دفع النظام السياسي المجتمع المصري إلى السعي الفردي، وأما الجيل الآخر المتمثل في بسام مرتضى وأصدقائه، فقد خاض تجربة ثورة يناير 2011 وفشل فيها تماما.

يضع مشترك الهزيمة نزعة هروبية، تقوم على الانفصال، الذي يخلق قطيعة عدائية مع ما هو سابق من التاريخ، كما يخلق عطبا في الانتماء العائلي، وتصبح معه تعريفات ذاتية معنية بالأبناء والآباء، قائمة على الوقوف العاجز أمام انطباع مشترك من الفراغ.

تناول الفيلم هذا الانفصال الجيلي بفهمه أولا، وذلك بذكاء يقوم على فهم ضرورة التكاتف البشري، القائم على التقبل والاحتضان، وخلال محاولة دؤوبة للحركة، لتحقيق إمكانية النظر للحكاية من داخلها ومن خارجها، لكسر الجانب الكتيم من الاعتراف المتبادل.

كذلك لا يقوم أساس الفهم على الانسحاق العاطفي تجاه نموذج “الأب”، لأن هناك تحديقا في دواخل الحكاية، يقوم على الندّية واللوم الواضح والودود، الذي يصاغ بنضج في نهاية الفيلم إلى قبول للتجربة ومآلاتها.

فردوس.. أم وزوجة وناشطة تجسد بديل الحكي

تأتي ممارسة تبادل الفهم وحضور الندية في آن، من داخل العائلة لا من خارجها، فحين تقهر إرادة الوالد في السجن ويخرج، نجد بديل الحكي حاضرا بخصوبة وتدفق لدى زوجته فردوس، وهي والدة بسام.

تقف فردوس على حدود الحكاية من أكثر من جهة، بصفتها أما وزوجة وناشطة سياسية، وتتعاطى مع هذا الوجود المركب، بقدرة على التحديق في واقع تاريخها العائلي، فتكسبها حضورا متكلما، حين لا يبدو للجميع أن هناك شيئا يمكنهم أن يقولوه.

حين تشتبك الحكايات أكثر ما بين داخل السجن وخارجه، وداخل العائلة وخارجها، يأخذ الاستدعاء والتعاطي الحر مع الذاكرة بعدا وظيفيا، وتكتسب المشاهد الكثيرة اليومية والعادية بين بسام ووالده جانبا حميميا، لأنهما يحاولان التفكير في تجربتهما، وقد ارتكزت أساسا على الغياب، الذي يضع متطلبات ذاتية، تذيب القطب الجيلي ومشتركات الهزيمة السياسية.

النسور الصغيرة”.. صور أخرى من الغياب

يتحرك فيلم “النسور الصغيرة” للمخرج المصري محمد رشاد من نقاط مقاربة لفيلم “أبو زعبل”، فالغياب يحمل هاجسا مماثلا، لكنه يتعاظم بين رشاد ووالده، ويترك آثارا مختلفة.

لم يحظ رشاد بمناخ سياسي من خلال والده، لكن تأثيرات السياسة تكمن في قلب حياته، فقد ظل الوالد يعمل في وظيفتين بالقطاع الخاص، وعندما تقاعد افتتح محلا لكي الملابس، لذلك لم يكن غائبا فقط، بل كان غائبا عن العائلة وحيدا بلا أصدقاء.

تعمل التعريفات التقليدية المعممة في إطار الطبقة الوسطى، على خلق صيغة جديدة، يحاول رشاد إدراكها من خلال الفيلم، عبر مجاورة حياته بالحياة العائلية لصديقيه بسام وسلمى، اللذين يمثلان عصب فيلم “أبو زعبل”.

في النسور الصغيرة يتحدث محمود مرتضى عن داخل السجن أكثر، فيتأثر ويبكي، لكن مساحة التورط والحرج في “أبو زعبل” تجعله يبدأ من التشوش والحذر، لأنها حكاية هو مركز أساسي فيها، حتى وإن كان مركزا غائبا في أوقات كثيرة.

هذا التباين الحاصل بين الأب الذي يتحرك فرديا على الهامش، وبين الآخر الذي حظي بفاعلية سياسية ومجال عام، وكلاهما انتهى إلى فراغ أبوي وشكل مستقل من الغياب، يحيل إلى التفكير في مادتي الفيلم بوصفهما أدوات كاشفة، ترتكز على جانب مفقود في السينما المصرية منذ زمن، ألا وهو البدء بالحكاية الذاتية من نقطة النظر إلى ما هو سياسي وما هي تأثيراته، وكيف يمكننا أن نفهم علاقتنا بذواتنا وبالآخرين من خلال هذه التأثيرات؟

أبو زعبل”.. تطويع أدوات السينما لخدمة السرد

ينتمي فيلم “أبو زعبل” إلى نوع “الدكيودراما”، وهو نوع يوظف الجانب السينمائي والأدائي لصالح الأساس الواقعي للحكاية، ويقوم أساسا على أدوات التتبع المعتادة في الفيلم الوثائقي.

عادة ما يظهر المتخيل في الأفلام الوثائقية على نحو وظيفي، فيتسيّد الواقع لغة الفيلم، وتنحصر الخبرة الجمالية المرتبطة بالجانب السينمائي في مساحة جانبية، تتجه لإبراز مزيد من الحيثيات الواقعية للحكاية.

حافظ المخرج بسام مرتضى منذ بداية الفيلم على خلق مساحة مستقلة للجانب السينمائي، بتأسيس رؤى متعددة يمكن أن نرى بها الفيلم، لذلك برز الجانب السينمائي تحت ضرورة خلق مساحة من الفراغ بين المشاهد والفيلم، تجعل المشاهدة قائمة على معايشة الزمن الفائت، بدلا من النظر إليه بصفته تاريخا.

عين الكاميرا.. تشكيل صورة بشرية للذاكرة

تأتي مشاهد تحضير وجبة سمك لمحمود مرتضى وزملائه في السجن، لتكون افتتاحا مشهديا لعالم معايشة الزمن الماضي، كي تسحبنا بسرعة إلى عالم الشاشة، ولننظر إلى الحدث من جانب الطفولة البعيد، الذي يتعذر عليه فهم الأحداث، لكنه يستطيع أن يشعر به.

ولأن هذه اللحظة تحتاج كثافة شعورية، وتأسيسا تقنيا يرتبط زمنيا بالحدث، فقد صُورت مشاهد الاستدعاء بشريط خام 35 مم، وعملت على الارتكاز على لقطات ضيقة وثنائية، استطاعت تقديم صورة “بشرية” للذاكرة، فالكاميرا ليست ساردا مستقلا، بل هي عين قاصرة تنظر في حدود التجربة البشرية.

يتحرك بسام زمنيا من موقعه إلى موقع زمن الفيلم، ويسحب معه امتدادات الحدث بداخله، من الأمام إلى الخلف، يستبدل والده أحيانا، ويتجرد من هويته الابن، ويحاول التحرك منفردا في أحيان أخرى، وهذا ما يكوّن تغذية جمالية للفيلم عن طريق الجانب البصري، الذي أسهم فيه مدير التصوير ماجد نادر بشكل شديد التميز والتماهي.

إعادة الحكاية والمعايشة الآنية.. حصار بالصورة والسرد

في أحد مشاهد الفيلم، نرى مشهدا يتجاور فيه سرد الأب محمود ومعايشة الابن بسام لذات الحدث، حين يستسلم بسام في حوض استحمام ممتلئ بمياه عكرة، فيتكون بعد جديد للصورة القائمة على المعايشة والتأثير العاطفي المضمر، ويصبح تأثير الحدث هو المركز، بعيدا عن ماهية من عاشه، وكأن هذه التجربة تجربة مجتمع، وبداخلنا صدى غير واع، يجعلنا نفزع منها بسهولة.

وخلال نشاط ملاحقة الذاكرة بالجانبين التوثيقي والبصري، نعايش تنويعات مختلفة جذريا في آليات الاستعادة، منها المونودراما (نص مسرحي لممثل واحد) التي أداها الممثل سيد رجب، من خلال تجربته مع نفس حدث الاعتقال.

تعطي مشاهد المسرحية انطباعا جيدا عن الحكاية، لأنها تقوم على أساس الاعتراف المباشر من خلال الحكي، كذلك يمكن استعادة حضور فردوس مرة أخرى، لكون حديثها المباشر الحاد أداة ذات موقع فني من أطراف الحكاية، يتحقق أيضا عن طريق وفرة الاعتراف.

وعلى مستوى داخلي، تتمثل المشاهد العادية المعاشة، مثل إقامة عيد ميلاد بسيط لأحد أصدقاء محمود مرتضى والتجمعات الليلية في مركب على النيل والغناء، بوصفها مواد تشير إلى عدم قصدية الحكي، فهذه ليست شخصيات خارقة، بل لديها خوف من المواجهة، وشعور تجاهها بالتردد والحرج، تبحث عن اللجوء الجماعي والرفقة.

تكاتف الشخصيات والتقنيات الفيلمية

عبر التعاطي الحساس مع الحكاية، نأتي عند نصف الفيلم محملين بأبعاد بشرية للتجربة، تبدأ من التردد والهروب والخوف والتوتر، ثم يتكون فعل “الرفقة” بوصفه قيمة إنسانية وفنية، حضرت في تكاتف تقنيات الفيلم، وكذلك تكاتف الشخصيات وتصادمها المتكرر، الذي يتجه في النهاية إلى تكوين رؤى مشتركة لذات الحكاية.

ولكي لا يستهلك الحدث العام، ويحاول استحقاق القيمة لمجرد أنه شيء من التاريخ، يعود الحدث الأساسي إلى الخلفية، ويوضع في إطار مسببات غياب الوالد عن ابنه.

ومن خلال هذا التطور، يسحب بسام مفردة “الغياب” معه، لينفرد فيما بقي من الفيلم بحكايته هو ووالده، هذا الغياب هو ما شكل غلاف الحكاية منذ بدايتها، فظهر في الرسائل والأشرطة المسجلة من محمود إلى بسام، في غياب القدرة على التواصل الجيلي، إضافة إلى البعد الصلب الذي شكله الغياب الأول بسبب الاعتقال.

مقاومة الغياب.. بديل التواصل مع سلطة تجهيل التاريخ

يتمحور الفيلم حول مقاومة الغياب، أولا من خلال فهم كل بعد له في سياقه، وثانيا من خلال التحديق في رماديته، عبر الاشتباك الذي يحاول التحديق في صلب الحكاية.

لذلك تطلب الأمر مدلول بداية جديدة حقيقية في أرض جديدة، استنادا إلى مبدأ عام يصوغ الخبرة البشرية، وهو أن مسار الحياة يبدأ من الرغبة في الخروج من البيت، وخلال رحلة العودة إليه تتشكل التجربة.

يذهب محمود وبسام إلى أرض في المكان الأول، هي مكان العائلة، وفيها تتلاشى المشاهد الهروبية التي نراها للوالد والابن وهما يتحركان حول الحدث بصمت، ويحضر الحوار المباشر وتبادل النبش في الذاكرة العائلية والشخصية.

يعيدنا فيلم “أبو زعبل 89” إلى صياغة مباشرة للجانب السياسي والقدرة السينمائية على توظيفه لأجل فهم الواقع، أمام الانغماس في دواخل تجربة ما، أساسها سياسي، ليس على المشاهد أن يتخذ مقعد التنظير كي يفهم، لأن الوسيط الفني يخلق جسرا تواصليا، يقوم على الفهم بدلا من هشاشة الاشتباك النظري.

ومن جهة عامة، يخلق الفيلم بديلا للتواصل مع سلطة تجهيل التاريخ، فالحاضر يفرض مسارا عالميا قائما على الانغماس في الآنية، والهوس بالذات، عبر ملاحقة ما هو جديد في كل شيء.

 

الجزيرة الوثائقية في

15.12.2024

 
 
 
 
 

متل قصص الحب”.. 3 حكايات تختزل يوميات الحرب والحب في لبنان

حسام الخولي

المقهى معتم مرّة أخرى، وهي (البطلة) في زاويتها تنظر إلى زبائن المقهى الموزّعين أزواجا، ذكرا وأنثى يتهامسان، يتضاحكان، ولكن كأن لا عيون ترى ولا آذان تسمع. المقاعد ذات حواجز عالية، فكل واحد منها عالم مستقل.. أعشاش للحب”.

هكذا يبدأ المقطع الثاني والعشرون من رواية “طواحين بيروت”، التي كتبها توفيق يوسف عوّاد.

وهكذا تظهر تخييلات وجود حرب أهلية لبنانية، في إطار من المحبة الصافية، يتفاعل من خلالها الأبطال في داخل العمل الأدبي.

تبدو الرواية هنا أداة تتخيل مسار الحرب الأهلية قبل حدوثها، لكن في إطار جديد على العالم، فتبدو تلك الحرب نتيجة محبة ضلت طريقها بين الجميع.

ومنذ تلك اللحظة أُنتج عدد من القصص الأدبية والسينمائية، تحكي المأساة اللبنانية العربية، بوصفها قصة حب كانت نهايتها حزينة لدى الجميع. وربما هكذا أيضا يأتي الفيلم اللبناني “متل قصص الحب”، الذي عرضه مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأحدث (14 -22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024).

فيلم “متل قصص الحب” أخرجته ميريام حاج، وهو أول وثائقي طويل لها، وكان قد عُرض ضمن برنامج بانوراما في الدورة الـ74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي، وهو من إنتاج ميريام ساسين، وتوزيع شركة “ماد سيلوشن”.

3 شخصيات تعكس الأجيال اللبنانية

يوثّق فيلم “متل قصص الحب” 4 سنوات حرجة من تاريخ لبنان المعاصر، بداية من 2018 حتى 2022، مقسّمة إلى 2018-2020، ثم 2020-2022 وأخيرا حتى بدايات 2024. ويبدو هذا التقسيم ظاهريا فقط على الشاشة، لكن المخرجة تطرحه بتماهٍ يكاد يسيطر فيه العجز على الأغلبية في كل الأوقات.

يظهر الدمار اللبناني والعجز عن تجنّبه عبر 3 شخصيات رئيسية؛ ألا وهي:

جمانة حداد، وهي إعلامية وناشطة سياسية لبنانية.

بيرلا جو معلولي، وهي فنانة وناشطة شابة.

جورج مفرج “أبو الليل”، وهو أحد المنخرطين في الحياة السياسية، وكان قد أطلق الرصاصة الأولى التي تسببت باندلاع الحرب الأهلية.

على مدار ساعتين تقريبا، تصحبنا المخرجة اللبنانية ميريام الحاج في يوميات بمنزلة رحلة مع 3 شخصيات، يُعبّرون عن 3 أجيال لبنانية مختلفة.

كنتُ أريد إنجاز فيلم عن الحاضر

تقول المخرجة ميريام الحاج في حوار مع الجزيرة الوثائقية: هذه الشخصيات التي تخيلت أنها تمثّل لبنان في تلك السنوات، هي من اختارتني لأجسدها على الشاشة، مثلما اخترتها بشكل أو بآخر.

فقد كان جورج صديقا لأحد أصدقائي، وكنت أريد أن أنجز عنه فيلما مستقلا، لكنني تراجعت، لأنني كنت أريد إنجاز فيلم عن الحاضر أيضا لا الماضي.

وأما جمانة، فقد تعرفت عليها في الانتخابات اللبنانية، ثم تعرفت على بيرلا قبل أسبوعين فقط من قرار تصويري الفيلم، وسريعا ما أصبحت جمانة شخصية رئيسية في الفيلم.

لذلك فإنني إجمالا لم أنبّش في الفيلم عن شخصيات خاصة، بل شخصيات عادية، ليبدو أن لدى كل لبنان ذات المأساة الكبرى.

كل شيء يحدث في لبنان يفاجئني

كيف يمكن أن نستمر في الحلم والبلاد تنهار؟ هكذا تتحرك المخرجة من خلال قصص هؤلاء الثلاثة، لمحاولة طرح السؤال من زوايا شتى، والسعي كل مرة للإجابة عليه من خلال كل التجارب الشخصية.

تترك المخرجة حكايات الصنّاع تطرح ذاتها، لكنها تتدخل أحيانا للتعليق بأسئلة ذاتية عن الحياة والوضع العام، فيخرج الفيلم كأغلب الخطابات السينمائية الحديثة، التي تدمج بين الخاص والعام، بين العوار الشخصي والأزمة اللبنانية العامة.

تعرض ميريام خلال حوارها مساحة الصعوبات التي واجهتها أثناء تصوير هذا الفيلم، فتقول: كان كل شيء يحدث في لبنان يفاجئني؛ فلم أكن أعرف أو أتوقع حدوث حرب مرة أخرى، أو حدوث انفجار في مرفأ بيروت، ويمثل صدمة كبيرة عما سبقه.

كما أني لم أكن أدرك أن الليرة اللبنانية سيصل تدهورها إلى ذلك المستوى. لذلك ثمة درس قاس استفدته أثناء العمل على هذا الفيلم، وهو مساحات التأقلم مع الواقع، مهما كان ذلك، أو مهما تطلب الأمر.

إصلاح يأباه الساسة ويتجاهله المجتمع

على مستوى آخر تنفعل ميريام نسبيا أثناء حديثها لتوضح أننا لم ننتهِ بعد من الحديث عن الحرب اللبنانية، حتى بعد إنجاز الأفلام الوثائقية والروائية التي تناولت حروب لبنان في سياقات شتى، على مدار عشرات السنوات الماضية، لا سيما الحرب الأهلية التي لم ينتصر فيها أحد، فالجميع قد خسِر فيها بالداخل والخارج.

وهي تبرر تلك المواصلة المستمرة في الحديث عن الحرب، بأن السياسيين لم يتقدموا ليدركوا ذلك العمل الإصلاحي والتنويري، كما أن المجتمع يتجاهل الإصلاح.

فقد أصبح على الفنان أن يتحمّل تلك المسؤولية، لأننا في كل الحالات علينا تقديم ذلك الوعي، لكي يفهم الجميع ما حدث، ويعلم كيف وصل لبنان إلى ذلك الدمار؟

حلم انتهاء الحرب المدمرة.. رسالة الفيلم

يبدو حديث ميريام إجمالا بمنزلة تنظير إصلاحي مجتمعي، يحاول أن ينتشل لبنان من حفرة سحيقة. تماما مثل اللغة البصرية التي اختار أن يعبّر بها في مناطق متفرقة من الفيلم.

ويبدو أنها قد استخدمت كل إمكاناتها الكتابة والإخراجية، للتأكيد على إنتاج شعور مكثّف؛ ألا وهو الحلم بانتهاء تلك الحرب المدمرة، التي تركت آثارها على الكبير والصغير، ولم يتجاوزها الجميع بعد.

لدينا في الفيلم 3 نماذج؛ أحدهم اتخذ مسارا عاما سياسيا، والثاني دعم الضغط الفني والحراك الاجتماعي، وآخرهم جلس يوميا يتمنّى التغيير بعد أن عجز عن تحقيقه سنوات. ويبدو الجميع -على اختلافهم- عند النقطة ذاتها.

لبنان إلنا كلنا

يُفتتح المشهد الأول من الفيلم على مشهد الجبل من الأعلى، مع حوار ذاتي وتساؤل طويل يبدو أنه مستمر في الحالة اللبنانية سواء على مستوى الشخصي للأبطال أو العام للبلد عموما.

تقول المخرجة بصوت يبدو تساؤلا مباشرا للسماء: “ليش مش زابطة معي عاطفيا طيب؟” هذا حديث ذاتي حالم وحميمي عن محاولات متكررة لعمل علاقة عاطفية، تجد البطلة أنها قد تنقذها من المأساة العامة.

في أحد مشاهد الفيلم التالية، يتدرب شبان على هتافات، يحلم كل منهم بقولها في الشارع، أحدهم يقول “عندي حلم أنسى إني درزي مسيحي مسلم، عندي حلم أبقى لبناني”.

ثم يخرجون جميعا في تظاهرة بهتافات قوية تقول: “لبنان إلنا كلنا.. لبنان إلنا كلنا”. ويظهر المشهد هنا كأنه حلم يعبر الشارع اللبناني، ويرى الشباب أنه قد ينقذهم من الشتات الذاتي.

وهنا لدينا محاولتان منفصلتان متصلتان، يبدو الأمر فيهما أشبه بأُمنية طفولة، تحاول أن تستند إلى أي شيء شخصي أو عام، يمكن أن ينقذ اللبناني من العطب الذي أفسد الأشياء. لكن في المرتين يبدو الطلب -على مشروعيته- حميميا للغاية.

متل قصص الحب

هكذا يبدو وجيها سردُ هذا العجز أو الفراغ الحياتي في إطار بصري، يبدو “متل قصص الحب” كما قررت المخرجة أن تسميه، فالحرب الداخلية والخارجية التي لا تتوقف إلا لماما، تبدو قصص حب حزينة يتورط فيها الإنسان من دون رغبته، ولا يتمكن من إنجاحها.

السؤال الفلسفي الأكثر مركزية الذي يطرحه كل ذلك هو: هل يمكن أن تؤدي “رمنسة” الحرب إلى إنتاج خطاب يتقبل وجودها الدائم أو يتماهى معه؟ سواء بشكل مباشر أو عبر سيطرة الفساد الذي لا يفارق البلد، ويجعلها في حرب باردة؟

تفاجئ الجميع بطلة الفيلم جمانة حداد، وهي إعلامية وناشطة سياسية، وهي على خبرتها تسبق الجميع بفرحة نكتشف زيفها لاحقا، بعد فوزها في الانتخابات البلدية الداخلية، قبل أن تزوّر النتائج لصالح موالين السلطة الحالية، التي يتهمها كثيرٌ من اللبنانيون بالفساد.

أبو الليل.. شخصية جذابة تختزل قصة لبنان

ظهرت التجارب متفرّقة، مع أن المخرجة أعطت الجميع فرصا متساوية في الفيلم، لطرح معاناة السنوات من خلال التجربة الذاتية، التي تقاطعت مع الشأن العام.

فالصحفية جمانة هادئة مع صخب معركتها السياسية، أما بيرلا الفنانة فلا تحمل شخصيتها أبعادا سوى الغضب المستمر نحو كل شيء حولها، أو هكذا حصرتها المخرجة تماما في ذلك الإطار.

وأما أبو الليل فهو البطل الأكثر جاذبية وقوة في الفيلم، بل يبدو أحيانا كأنه يمثل فيلما مستقلا لا يمل، مع أن أغلب مشاهده مكررة في مكان واحد لدى حلاقه، فهو يذهب كثيرا إليه لتجميل وجهه وشعره، بشكل شديد الدقة لدرجة ملفتة للأنظار.

كان أبو الليل قد قُطعت إحدى قدميه أثناء الحرب، ومع قلة حركته، فإنه يصر دائما على ضبط خصلات شعره، وإزالة الشعرات الزائدة في وجهة بصرامة، وهو يبدو -بما حمّلته الحرب- مثالا نموذجيا للبنان كلها.

أبطال تطحنهم الحرب وينقذهم الحب

لا تبدو القطعات المونتاجية في العمل موفقة تماما، بداية من استعراض تاريخ السنوات استعراضا تقويميا قاطعا، ثم التداخل الذي تحاول طرحه بين ذكريات الحرب القديمة -لا سيما الحرب الأهلية- وبين اللحظة الفارغة الحالية المليئة بالفساد. وربما يساعد على ذلك ندرة وجود الموسيقي المصاحبة للعمل.

ويبدو فيلم “متل قصص الحب” في زاوية من التحليل شبيها برواية “طواحين بيروت”، فكلاهما يحمل قصصا مختلفة لأبطال تطحنهم الحرب، وينقذهم حبهم رغم كل شيء.

تجلت النهاية التي يطرحها الفيلم، من خلال مسار الإجابة بصريا وخطابيا على الأسئلة التي طرحها في البداية، وقد جاءت قوية ومؤثرة وثورية للدرجة القصوى، وتحقق الوعد الحقيقي الذي يمثله الفيلم: أن شعور الإنسان اللبناني العادي تجاه الدولة يبدو غالبا “متل قصص الحب”.

 

الجزيرة الوثائقية في

17.12.2024

 
 
 
 
 

فيلم «أبو زعبل 89».. كيف يعيش الابن مع إرث أب هزمه الوطن

نسرين سيد أحمد

القاهرة – «القدس العربي» : يباغتنا الوثائقي «أبو زعبل 89» للمخرج المصري بسام مرتضى، وهو الفيلم الذي حصل على العديد من الجوائز في مهرجان القاهرة السينمائي لهذا العام، ومن بينها جائزة أفضل فيلم وثائقي، بألم لم نكن نتوقعه. مزيج من الألم والشجن والشفقة والحزن يجتاحنا، ونحن نشاهد كيف هزم ظلم الوطن جيلا متحمسا للتغيير، وكيف يتعامل الأبناء مع تركة هذه الهزيمة التي يتحملون تبعاتها منذ نعومة أظفارهم. الشخصية المحورية في الفيلم هو بسام، وهو مخرج الفيلم، الذي ربما يحاول مداواة ذاته بالحكي، أو يحاول أن يفهم نفسه عبر محاولة فهم أبيه الذي كسره المعتقل، وأمه التي حملت العبء كاملا.

والد بسام هو محمود مرتضى، وهو مناضل ثوري وعمالي، كسره المعتقل، وابن جيل مهزوم، ليس مهزوما لضعفه، ولكن لأن بطش النظام كان أكبر من قدرته على الصمود. عبر قصة والده، يؤرخ بسام لجيل الثمانينيات من القرن العشرين. ينطلق الفيلم، وكفاح محمود مرتضى والد بسام، من اعتصام عمال الحديد والصلب للمطالبة بحقوقهم، ذلك الاعتصام الذي كان محمود من أفراده المؤسسين، وما جاء إثر هذا الاعتصام من بطش السلطات بمن شارك في الاعتصام أو خطط له، وأسرهم. جاء اعتصام عمال الحديد والصلب في أغسطس/آب عام 1989 احتجاجا على مساعي الإدارة تمرير قرارات مجحفة، خاصة بظروف العمل، لكن قوات الأمن تقتحم المصنع وتنكل بالعمال وتعتقل العديد منهم. عبر قصاصات صحف حكومية تحمل تقارير عن الاعتصام نرى عنوانا على لسان زكي بدر وزير الداخلية في تلك الفترة، يقول فيه، إن استخدام القوة والعنف لا يعوق مسيرة الديمقراطية. تقتحم قوات الأمن الخاصة المصنع تحت غطاء من المروحيات. تلقي السلطات القبض على أعداد كبيرة من المعتصمين، ومن بينهم مجموعة وجه لها الاتهام بتأسيس تنظيم شيوعي سري يحرض العمال في المصنع على العصيان. وكان محمود مرتضى والد بسام، من بين هؤلاء الذين اعتقلوا بذريعة الانضمام لتنظيم شيوعي.

«أبو زعبل» الذي يعنون الفيلم هو اسم المعتقل سيئ السمعة الذي اقتيد إليه محمود مرتضى، ويتذكر بسام الطفل حينذاك، تلك الليلة حين اعتقل والده وما سبقها من تأهب وخوف، حيث طلب منه والداه التظاهر بالنوم إذا طرقت قوات الأمن الباب.

يتناول «أبو زعبل» سردية متعددة المستويات، فهو لا يبقى في الماضي، في لحظة اعتقال الوالد، بل يتخذ من تلك اللحظة شهادة على الواقع القمعي في مصر في تلك اللحظة. كما أنه يعطينا أصداء ذلك الواقع القمعي في لحظتنا الحالية، من أم حملت من العبء النضالي والأسري ما تنوء به الجبال، من ابن يتنازعه الشعور بين احترام الماضي النضالي لوالده والرثاء لانكساره وفراره بعد الخروج محطما نفسيا من المعتقل، ودوره هو كابن يتعين عليه في صباه أن يكون رجلا يحاول أن يساند أمه وألا يتحطم ويفر كما فعل والده.

المعتقل في الفيلم ليس مجرد مكان جاثم على الصدور، وليس مجرد روايات يحكيها الأب عن محبسه الانفرادي، ولكنه أيضا رمز، حتى بعد أن مرت الأعوام وخرج الأب من معتقله وغادر مصر لأوروبا، ثم عاد إليها ليبقى السجن قائما كشبح لا يراه الجميع، ولكنهم يستشعرون وجوده وثقله، هذا السجن هو الذي حال بين هذا الأب وابنه يبقى قائما كحاجز بينهما حتى يومنا هذا. يروي الأب أنه يوم خرج من الحبس الانفرادي في المعتقل وجد نفسه في قاعة في السجن فيها حوض فيه ماء أسود راكد متسخ، ولكن هذا الحوض هو ما يجده ليبرد عن جوفه حرارة القهر والفكر في السجن الانفرادي. يحاكي بسام في أحد مشاهد الفيلم هذا المشهد من حياة أبيه في المعتقل، حيث يرقد في حوض فيه ماء آسن متسخ، علّه يشعر بما شعر به والده. ولكن هذا الماء المشبع بالطين والشوائب يصبح رمزا لحياة الأسرة كاملة منذ اعتقال الأب، ويبقى الابن عالقا في وحله حتى يومنا هذا، وربما يكون هذا الفيلم محاولة للتطهر من آثار هذا القمع الذي حاق بالأب، ودفع ثمنه الأب والأم والابن على حد سواء.

حين نرى فردوس بهنسي، والدة بسام والزوجة السابقة لمرتضى، نراها نحيلة مريضة واهنة الجسد، حتى نخالها جدة بسام وليست والدته، ولكنها رغم مرضها ووهنها الجسدي، ما زالت قوية الشكيمة كما عهدها بسام طوال حياته. في بدايات ظهورها في الفيلم تتذكر فردوس كيف كانت تعد متطلبات زوجها وبعض الطعام وتحمله له في يوم الزيارة في المعتقل، وكيف كان طفلها الصغير يصحبها في ذلك اليوم. تتشتت الأسرة بعد ما تعرض له الأب من تعذيب. حملت الأم أكثر مما تحتمل بين التردد على السجن لزيارة زوجها ومساندته ورفاقه في النضال، وعملها لتوفر قوت أسرتها، وعملها النضالي، وتربية الابن.

لا ينصر الفيلم طرفا في الأسرة على طرف، فكلهم ضحايا لهذا المعتقل، حتى إن كانوا جسديا خارجه. يخرج الأب من السجن بعد سنوات من التعذيب والتنكيل، يخرج عازما على أن يحيى وأن يختلس لنفسه بعض السعادة، حتى إن بدت تخليا عن ماضيه الثوري أو عن أسرته. أما فردوس، فبعد سنوات من التحمل ولعب جميع الأدوار أثناء مكوث زوجها في غياهب المعتقل، فتتوقع من زوجها أن يحمل عن عاتقها بعض الحمل، ولكنها تجده بعيدا يحاول الابتعاد عن البلاد. أما بسام الصبي فكان ممزقا بين أبويه. يحاول أن يتفهم انكسار أبيه، ويحاول أن يساعد أمه، ولكنه في جميع الحالات يشعر بالحيرة والوجل من أن يصبح في نظر أمه ضعيفا جبانا، كما أصبحت ترى أباه.

ضمّن المخرج فيلمه أنماطا إبداعية أضفت المزيد من الرصانة عليه، وأخرجته من إطار أزمة أسرة واحدة إلى إطار أزمة وطن أو جيل. نسمع في الفيلم رسالات صوتية متبادلة بين بسام وصديقة في عمره خارج مصر الآن، وهي ابنة صديق لوالده إبان اعتصام عمال الحديد والصلب. هي الأخرى صوت آخر لهذا الألم الذي عم هذه الأسر بسبب المعتقل. ويضم الفيلم أيضا سردا للممثل سيد رجب، الذي كان أيضا سجينا في المعتقل، يروي فيه ما تعرض له من تعذيب وألم. القصة إذن ليست فردية، ولكنه عذاب جمعي لمن تجرأ على الاعتراض. ورغم ما يحمله الفيلم من ألم إلا أنه لا يهدف إلى التمرغ في الرثاء للذات. يروي المخرج قصته الذاتية وقصة والده بصدق شديد، ولكنه يحاول أيضا أن يجد بعض الضوء في اجتماع بعض الأصدقاء في عيد ميلاد أحد المعتقلين السابقين، وفي تصوير كيف تحاول تلك الأسر لملمة شتاتها وتضميد جراحها.

 

القدس العربي اللندنية في

17.12.2024

 
 
 
 
 

أفلام مهرجان القاهرة السينمائي في القائمة المرشحة للأوسكار 2025.. ما القصة؟

كتب: محمود زكي

أعلنت الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما عن إدراج ثلاثة أفلام عُرضت في الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ضمن القائمة القصيرة لجائزة أفضل فيلم دولي. الأفلام هي: «من المسافة صفر» من فلسطين، «ما زلت هنا» من البرازيل، و«داهومي» من السنغال.

أعرب رئيس المهرجان، الفنان حسين فهمي، عن سعادته بهذا الإنجاز قائلا: «إن إدراج هذه الأفلام في القائمة القصيرة للأوسكار ليس مجرد تكريم لصناعها، بل هو تأكيد على أن السينما جسر يربط بين الثقافات ويُعلي من قيم الإنسانية. مهرجان القاهرة كان وما زال منصة لإطلاق هذه الإبداعات، مما يثبت أن السينما المصرية في قلب المشهد الفني العالمي.»

فيلم «من المسافة صفر» (فلسطين) هو عمل سينمائي فريد يجمع 22 فيلمًا قصيرًا أُنتجت في غزة، توثق الحياة اليومية والتحديات التي يواجهها الفلسطينيون. حصل المشروع على ثلاث جوائز في المهرجان مقدمة من شركة مصر العالمية (يوسف شاهين)، مما يعكس التقدير الكبير لهذا العمل الجماعي.

يحكي فيلم «ما زلت هنا» (البرازيل) عن أم تجبر على إعادة اكتشاف نفسها عندما تتعرض حياة عائلتها للانهيار بسبب أعمال عنف خلال القبضة المتزايدة للديكتاتورية في البرازيل عام 1971. حاز الفيلم على إعجاب النقاد خلال عرضه في مهرجان القاهرة، حيث تم تقدير الأداء القوي والإخراج المتميز.

وفيلم «داهومي» (السنغال) هو عن رحلة 26 كنزًا ملكيًا نُهب من مملكة داهومي وعُرض في باريس، والآن يتم إعادتها إلى بنين. تميز الفيلم بسرد قوي وإخراج مبدع، مما أهّله للفوز بجائزة أفضل فيلم أفريقي في المهرجان مقدمة من مؤسسة «أفريكا نو فيلتر».

أُقيمت الدورة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في الفترة من ١٣ إلى ٢٢ نوفمبر، وشهدت مشاركة واسعة من مختلف أنحاء العالم. تضمنت الفعاليات عرض أكثر من 190 فيلمًا من 70 دولة، مما يعكس التنوع الثقافي والاهتمام المتزايد بالسينما العالمية.

يُعتبر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من أبرز المهرجانات السينمائية في المنطقة، حيث يُسهم في تعزيز الحوار الثقافي ودعم المبدعين من مختلف أنحاء العالم. الدورة الـ45 شهدت تنوعًا كبيرًا في الأفلام والفعاليات، مما يعكس التزام المهرجان بتقديم محتوى فني رفيع المستوى. كما تميزت هذه الدورة بتكريم شخصيات بارزة في عالم السينما، مثل المخرج المصري يسري نصر الله والممثل أحمد عز والمخرج البوسني دانيس تانوفيتش، مما أضاف بريقًا خاصًا للمهرجان.

 

المصري اليوم في

18.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004