ملفات خاصة

 
 
 

فيلم أرزة للمخرجة ميرا شعيب..

من أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الدورة 45

كاظم مرشد السلوم

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الخامسة والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

فلم أرزة للمخرجة ميرا شعيب الحائز على جائزة السيناريو ضمن مسابقة أفاق السينما العربية، جائزة يوسف شريف رزق الله، وحصلت بطلته دايموند عبود على جائزة أفضل ممثلة.

العنوان

أرزة أز الأرز رمز لبنان الدائم والمقدس لدى أبنائه من مختلف القوميات والطوائف والذي تتوسط علمه، اختارته المخرجة ميرا شعيب عنوان لفلمها السهل الممتنع الذي نال رضا الجمهور الذي صفق له طويلاً في عرضيه على صالا الأوبرا المصرية.

الحكاية

أرزة هو أسم بطلة الفلم التي تعيل عائلتها من خلال بيع المعجنات لزبائنها بطريقة التوصيل( الدلفري) ، ولأنها لا تمتلك وسيلة نقل لإيصال معجناتها لزبائنها، تضطر للسير مسافات طويلة لإيصالها، يساعده في ذلك أبنها الشاب المراهق الغير مبالي كثيراً فيما تعانيه والدته.

تعيش معها أختها المتعلقة بأبن أختها والحالمة بأشياء كثيرة بعيدا عن معاناة أختها، والتي ترفض ان تعطيها قطعة ذهب التي تمتلك لشراء دراجة نارية لابنها لتسهيل مهمة توزيع المعجنات الذين زادت طلباتهم، فتضطر لسرقة إسواره أختها وشراء الدراجة، لكن عدم مبالاة الأبن تتسب في سرقة الدراجة منه، لتبدأ أرزة وأبنها رحلة بحث عنها في كل أنحاء بيروت المقسمة طائفياً وأثنياً وهذا البحث هو الذي يرينا واقع المدينة، الناس، المعاناة، وهو الثيمة التي بني عليها الفلم.

الحكاية

عمدت المخرجة شعيب الى جعل حكاية فلمها هي المعبر عن واقع المدينة والانقسام الحاصل فيها، من خلال رحلة البحث عن دراجة أبنها، ففي بداية رحلة البحث تلحق مع ابنها بشاحنة تحمل دراجات نارية مختلفة، وتنجح في ايقافها، لكنها لا تتعرف على درجاتها كونها وضعت ستيكر يحمل أسم أبنها عليها ( كيان ) ، يحتج صاحب الشاحنة ويخبرها ان من يسرق الدراجات هم ( السنة ) ، وللذهاب الى هذه المنطقة عليها ان تشتري حجاب او غطاء رأس لتلبسه، هنا تذهب الى صاحبة متجر تعبر عن حالة المواطن اللبناني الذي عنده كل شيء وليس له علاقة بأي شيْ،

تصل الى المنطقة وحين يسألونها عن أسمها وأسم أبنها تغيرهم بما يتلائم مع أسماء أبناء المنطقة، الذي يخبرونها انها يمكن ان تجد دراجتها عن منطقة ( الشيعة ) فتعود لصاحبة المتجر التي تستغرب ذلك، وتطلب منها ان تعطيها سلسلة فيها سيف الامام علي، وحين تذهب يخبروها ان دراجاتها يمكن ان تكون عن ( المراونة ) فتعود ثانية لصاحبة المتجر الت يتفقد أعصابها لكن في النهاية تعطيها الصليب الذي يرتدون وهو غير الصليب الذي يرتديه باقي المسيحيون، لكنها تفاجأ برد عنيف، لكن شخص ما يخبرها بمكان يتاجر بالدراجات الذي يقابلهم بطريقة تعبر عن لصوصيته ، لكنها تخبره انها تريد ان تشتري دراجة نارية مستعملة فيسمح لهم الدخول الى المكان الذي يحوي مئات الدراجات النارية المسروقة، فيتعرفان على دراجتهم، لكنه يطلب مقابلها ثمن باهض، فيخرجانها من المكان وتطلب من أبنها ان يذهب معه الى غرفة الدارة ليعطيه النقود، بعد ان عرف الابن غاية الأم من ذلك خصوصاً وانهم لا يملكون أي مبلغ من المال، وبمجرد دخول الرجل الى الغرفة يقوم الابن بغلق الباب عليها فيما تشغل هي الدراجة ويهربان بها، ولا يفيد الرجل صراخه وأطلاقه العيارات النارية في الهواء ورائهما.

تأويل النص المرئي

نجحت المخرجة ميرا شعيب بتحويل نصها البصري الى وسيلة لعرض الانقسام الذي يعاني منه مواطني لبنان، ومدى تأثير ذلك على الوضع الأمني والاقتصادي للبلد الذي شهد حربين أهليتين طويلتين، لكنه مازال يعاني من أسباب الحرب والانقسام الذي يمكن ان يشعل حرباً جديدة في أي لحظة.

أرزة البطلة هي أرزة لبنان الشاهدة على مدى الانقسام الذي يعانيه مواطنيها، دون الحرص على بلدهم وانقاذه من مما يعانيه، فالكل يتهم الكل والكل يعتقد انه الأفضل، وأن الأخر هو المذنب والسيء، الأمر الذي يتسبب في ضياع الجيل الحالي، المتمثل هنا بالأبن وزملاؤه الذي يحلمون بالهجرة الى خارج البلاد، اذ لا أمل في بلد يرفض ساسته وطوائفه أن يستقر ليس الأن فقط بل على مدى أكثر من خمسين عاماً، ولم يمر سوى بفترات سلام بسيطة.

الفلم لا يطرح حلول لكنه يطرح رؤيا للوضع العام من خلال حكاية بسيطة لحادثة يمكن ان تحدث في أي زمان ومكان، لكن الفلم يقول ان المكان يمكن ان يختلف عن مكان أخر، والحل يعود للأشخاص او المواطن بتدبير حاله في هذا البلد ( الطريقة التي حصلت فيها أرزة وأبنها على دراجتهم) وهو حل لا يصح أو يصلح دائماُ.

الاشتغال

سهل ممتنع هو الأسلوب الذي اتخذته المخرجة في إخراج فلمها، فيه الكثير من الكوميديا الهادفة ( طريقة كلام الأشخاص في المناطق المختلفة، صاحبة المحل، الأخت الحالمة المغلوبة على أمرها)، كذلك أدارة ممثليها بسلاسة واضحة، ليكون الفلم في النهاية ليس فلما عن أم تحاول ان تعيش من بيع المعجنات، بل هو فلم يعبر عن معاناة مواطنين من فقدان الأمل في العيش باستقرار في بلدهم.

دايموند عبود أجادت دورها ببراعة لا تمتلك الا ان تتعاطف معها ومع معاناتها، وان تضحك على بعض المواقف التي مرت بها.

أرزة هو الفلم الطويل الأول للمخرجة شعيب، التي سبق لها ان أخرجت فلماً قصير بعنوان الزنابق، شارك في مهرجان برلين عام 2017.

 

الحقيقة العراقية في

03.12.2024

 
 
 
 
 

سلاف فواخرجى: النجاح فى مصر له طعم تانى

كتب حوار: مى الوزير

النجمة السورية سلاف فواخرجى مهمومة دائما بقضايا وطنها واستكمالاً لرحلتها فى المشاركة فى أعمال تسلط الضوء على قضايا تخص المجتمع السورى وقضايا إنسانية شائكة تخص كل البشر فى كل مكان، عُرض لها مؤخرًا فيلم «سلمى» على هامش فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، من إخراج جود سعيد، ويسلط الضوء على معاناة المرأة السورية التى تحاول النجاة بأسرتها بعد فقدان الزوج واختفائه. الفيلم الذى يعكس واقعًا مرًا يعيشه المواطن السورى يحمل فى باطنه مواقف كوميدية ساخرة من هذا الواقع من قلب معاناة «سلمى» والتى تماهت معها سلاف.

عن «سلمى» ومشاركته فى القاهرة السينمائى وعن علاقتها بالجمهور المصرى تتحدث سلاف فواخرجى فى السطور القادمة لـ «صباح الخير».

بداية.. ما الذى جذبك لقصة الفيلم هل واقعيتها؟

- هى قصة حقيقية من الواقع من قصص لا تعد ولا تحصى فى سوريا، هى حالة منتشرة فى سوريا وهناك أسر كثيرة فى سوريا تعانى من فقدان أزواجها وأخواتها، وأصبح هذا الفقدان سمة فى المجتمع السورى.

أنا سورية وأعرف وأشاهد الوضع فى سوريا وهناك أسرنا وعائلاتنا الذين نعرف ظروفهم جيدًا، فكل أسرة فى سوريا نالها الضرر والفقدان بأن منهم شهداء، ومن هنا جاء استدعائى للشخصية وتحضيرى لها ولتفاصيلها.

ما وجه الشبه بين سلمى وسلاف؟

- بالتأكيد هناك شبه كبير، المرأة فى حد ذاتها كائن قوى تعطى بلا مقابل رغم احتياجها، سلمى امرأة سورية تشبه الكثير من النساء العربيات بقوتها وصلابتها وتحملها المسئولية وكأنها الأرض التى تحمل الكثير رغم هشاشتها، الشبه يكون بينى وبين أى شخصية أقدمها فحتى إن لم أجد هذا الشبه بوضوح فيجب أن أبحث عن نقاط تجمعنا، ليصبح بيننا حالة تناغم بكل تأكيد، سلمى مثلى فى تفاصيل كثيرة فكل امرأة فينا تحمل العطاء ومشاعر الأمومة والإصرار على الحياة، أنا كنت هى وعشت فى عالمها لفترة من الفترات وفهمتها لذا أحببت سلمى بضعفها وقوتها وعنفوانها

■  مشهد المحكمة والانفعال ولحظة الانهيار كان صعبًا جدًا، كيف كان تحضيرك لهذا المشهد؟

- بالفعل هذا المشهد كان صعبًا جدًا ومُحزنًا ومؤثرًا وعانينا جدا فى تصويره، فأنا فقدت صوتى لعدة أيام بعد التصوير، فهذه هى الأوضاع والظروف التى يعيشها المواطن السورى الآن فأصبحنا فى سوريا بضعة أرقام وأوراق.

تحدث المخرج جود سعيد عن إعادتك لوضع الصوت على بعض المشاهد بعد مرور سنة وبنفس

المشاعر و«تون» الصوت للشخصية مشيدًا بقدرتك على استرجاع تلك اللحظات والمشاعر بعد عام كامل؟ - أعتقد أن السبب فى ذلك أن الفنان مادام قدم شخصية حقيقية، فهى ليست بشكل استهلاكى يمر مرور الكرام، ولكن هذا الدور أصبح جزءًا لا يتجزأ من الفنان، بالتالى فهو يستطيع أن يستعيده ويسترجع تلك المشاعر التى خاضها وعاشها مع تلك الشخصية.

لماذا اخترتم أن تكون قضية سلمى تدور بعد الزلزال الذى ضرب سوريا قبل أعوام وليس بعد الحرب خاصة أنها الحدث الأكثر شمولاً؟

- كل الشعب السورى هم أبطال الحرب وجاء الزلزال وكان كارثة إنسانية صعبة جدا فأصبح وكأن هذا جزء من الحياة العادية فى سوريا فأصبح السوريون فى الحياة العادية أبطالاً خارقين وأصبحت فكرة أن الشعب السورى فى حياته اليومية العادية يعيش بشكل بطولى قد يراه البعض عاديًا، ولكن إذا نظرنا إليه عن قرب نتعجب كيف يستطيع الصمود ويعيش ويُكمل أيامه بشكل عادى.

وماذا عن استخدام الكوميديا فى طرح قضية وقصة مؤثرة وتحمل معاناة أسرة ووطن؟ 

- هذا منطقى جدًا وطبيعى جدًا فدائمًا وسط أى حزن هناك لحظة، فى كل حياتنا تحمل مزاحًا وتحمل كوميديا، وهذا الشىء طبيعى فكل مواقف حياتنا يُخلق منها لحظة كوميدية، إضافة إلى أن هذا الشعب البسيط تجد الناس فيه حقيقيين بشكل كبير يغضبون ويضحكون فى نفس اللحظة، هذه هى البساطة والطبيعية فى الحياة، الكوميديا مُتنفس لكل الناس، نحن تعبنا من الحزن والبكاء ولعل هذه الكوميديا تجعل الطرح أخف وطأة من الواقع الذى نعيشه.

تفاصيل سلمى وملامحها والشحوب على وجهها، لماذا توصلتم أن تكون ملامح الشخصية الخارجية بهذه البساطة؟ 

- بالتأكيد لأننى أمثل ما أتصور، بل كان هناك أيضًا مكياج لجعل سلمى مجهدة ومتعبة وأكبر فى السن وأكثر شحوبًا، وهذا هو الطبيعى لتجسيد شخصية مثل شخصية سلمى. المشاهد إذا شاهدنا بمكياج أو بشكل مختلف لم يكن سيصدقنى وكان سيذهب كل مجهودنا هباءً.

بعد عرضه فى مهرجان القاهرة ما هى أحلامك لـ«سلمى»؟

- أتمنى أن تصل رسالتنا لكل الناس وأن يشاهدوا قصة واحدة من قصص أخرى كثيرة مليئة بالأمل والمثابرة وعدم الاستسلام فى سوريا.

كيف لمست استقبال الجمهور المصرى للفيلم؟

- الجمهور المصرى غير أى جمهور، ولاقونا بحفاوة كبيرة بداية من نفاد تذاكر الفيلم قبل ليلة العرض بيوم، ما يدل على ثقة الجمهور، مرورًا بتفاعل الجمهور أثناء عرض الفيلم سواء بالتأثر والدموع أو بالضحك فى بعض المشاهد، وهذا أسعدنى كثيرًا.

أنا سعيدة جدًا أن العرض الأول كان فى مصر بينى وبين جمهورى محبة متبادلة وردود أفعالهم أسعدتنى، فالجمهور المصرى إذا أحبك فهذه شهادة عبور فى حد ذاتها.

ماذا بعد سلمى؟

- أستكمل الآن تصوير مشاهدى فى مسلسل «ليالى روكسى» الذى سيعرض فى شهر رمضان المقبل.

 

صباح الخير المصرية في

04.12.2024

 
 
 
 
 

دياموند بو عبود: فيلم "أرزة" أبكاني.. وتعلقت بالشخصية

قالت لـ"العربية.نت" إنها تستعد لمسلسل "السراب" مع زوجها الفنان هاني عادل

العربية.نت - محمد حسين

هادئة الملامح، نجحت في جذب أنظار الجمهور المصري مؤخرا ليتابع أعمالها، فازت بجائزة أفضل ممثلة عن فيلمها "أرزة" بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ 45. وفي حوارها مع موقع "العربية.نت/الحدث.نت" تحدثت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن شعورها بعد الفوز في المهرجان ورأي الجمهور به، كما كشفت عن الأسباب التي جعلتها تشارك في الفيلم، وأكثر ما جذبها في شخصية "أرزة"، ورأي زوجها الفنان هاني عادل في الفيلم وتأليفه للموسيقى التصويرية وأعمالهما القادمة معاً.

كما تحدثت دياموند عن كواليس التصوير وإصابتها أثناء العمل وأيضا مدى تأثرها بفيلم "أرزة" وشخصيتها وما يناقشه الفيلم عن المجتمع اللبناني بمختلف طوائفه ولكناته، وتحدثت عن أعمالها كمؤلفة وأيضا شعورها لتمثيل الفيلم للبنان في مسابقة الأوسكار.

*في البداية حدثينا عن شعورك بعد فوز فيلم "أرزة" بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إحداهما جائزة أفضل ممثلة؟

بالطبع سعيدة للغاية بهذا الفوز، فمهرجان القاهرة السينمائي من أهم وأعرق المهرجانات، ودائما ما كنت أتابعه وتمنيت أن يُعرض الفيلم من خلاله ويحبه الجمهور المصري، لذلك سعدت جدا بعد هذا الفوز، خاصة أنه جاء في نفس يوم عيد الاستقلال اللبناني، شعور لا يوصف.

*وما الذي جذبك لتقديم هذا الفيلم؟

أول ما جذبني هو السيناريو، مكتوب بشكل رائع جعلني أبكي في الحقيقة، الفيلم يحكي واقع لبنان بطريقة مختلفة وطريفة، كل ما حدث هناك، مشاعر الناس وما أحدثته مخلفات الحرب، والشخصية أيضا جذبتني فيها الكثير من المتناقضات والتفاصيل التي تمنيت تأديتها، فشخصية أرزة شخصية صامدة محبة للحياة ولديها أمل وأنا كذلك، هذه الأشياء نتوارثها جيلا بعد جيل في لبنان من أهلنا، نحن نؤمن بحق الحياة، لذلك هي تعبر عن المرأة اللبنانية التي أحب أن يراها الجميع.

*وكيف استقبلت النجاح الجماهيري للفيلم؟

بالطبع سعيدة جدا برد فعل الجمهور لأن الناس أذكياء للغاية ولا يجب التقليل من عقولهم، فهم يعرفون الفيلم الجيد ويميزونه، لذلك يجب أن نسعى لتقديم الأفضل دائما، ووصلتني ردود أفعال أسعدتني للغاية.

*وماذا عن رأي زوجك الفنان هاني عادل؟

هاني أحب الفيلم أيضا بمجرد ما شاهده، وقد شاهده قبلي وأعجبته شخصية أرزة للغاية، وهو من قام بتأليف موسيقى الفيلم، لذلك كان حريصا على تقديم "مزيكا" تليق بالعمل وأجوائه وتعبر عن أرزة وما يدور داخلها وما يعبر عن الشارع اللبناني ويشبهه، وقد عشق أدائي للشخصية، وقال لي ذلك بعد مشاهدته.

*وهل نشاهدكما في أعمال قادمة معا؟

صورنا معا مسلسل "سراب" مع النجم خالد النبوي، وإخراج أحمد خالد، سيتم عرضه قريبا، وقد شاركنا من قبل معا في مسلسل "السهام المارق" ولكن لا يوجد لنا مشاهد معا، وبالتأكيد أتمنى أن نقوم بأعمال أخرى مع بعضنا نظهر فيها سويا.

*هل تأخذين رأيه في أعمالك؟

بالتأكيد، هو أول شخص آخذ رأيه في أعمالي وفي كل شيء، وهو أيضا يفعل ذلك، نحن نأخذ رأي بعضنا ونثق فيه.

*وكيف كانت كواليس تصوير الفيلم؟

كواليس التصوير كانت مرهقة للغاية وكان هناك ضغط في الوقت، وبدأنا تصوير الفيلم بعد انفجار مرفأ بيروت لذلك كانت الأجواء صعبة للغاية، ولكن على الرغم من ذلك كنت سعيدة جدا لأنني أحببت الفيلم والشخصية، وتعمقت فيها للغاية وتعلقت بها لذلك كنت أشعر بالسعادة كل يوم، وأنا في طريقي للتصوير لأنني أريد لأرزة أن تظهر ويراها الجميع.

*سمعنا أن هناك إصابات خلال التصوير؟

بالفعل، أُصبت خلال التصوير مرتين، في أول يوم وفي آخريوم، ولكن رفضت تماما إيقاف التصوير لأنني حريصة على الالتزام بالمواعيد.

*هل تأثرت كثيراً بفيلم أرزة؟

نعم لأنه يجعلني أشعر بالانتماء والوجع، لا أريد الشعور بالعجز حتى لا أشعر أننا نخسر قضيتنا، لذلك لا يجب أن ننكسر ويظل لدينا أمل مثل أرزة.

*وهل توحدت مع الشخصية لهذه الدرجة؟

ليس توحد بمعنى أن أنسى الحقيقة، لا فأنا أفرق بين التمثيل والواقع وأعرف جيدا في داخلي أنها مجرد شخصية ألعبها، ولكن هناك أشياء متبادلة بيني وبين أرزة بالتأكيد أعطيتها بعض الأشياء وأخذت منها أشياء أخرى.

*في أرزة هناك مشاهد عن اختلاف الطوائف في لبنان؟

بالتأكيد، في رحلة أرزة هي وابنها للبحث عن الموتوسيكل الذي تمت سرقته نرى معهما بيروت باختلاف أحيائها وطوائفها ولكناتهم ولكن في النهاية أرزة تبعث رسائل بأننا كلنا واحد نتحدث نفس اللغة ونعيش نفس الحياة لذلك كفانا بعدا عن بعضنا، يجب علينا تحمل المسؤولية والتكاتف وليس العكس.

*دياموند لم تغادر لبنان حتى أثناء الحرب ألم يكن صعبا؟

رفضت تماما مغادرة لبنان وقت الحرب وظللت مع أهلي هناك ولكن اضطررت للمغادرة والعودة إلى مصر بعد إصرار زوجي هاني على ذلك خوفا علي وشعرت بحزن شديد وقتها أثناء المغادرة، ولكن لبنان في قلبي بكل مكان.

*دياموند ليست ممثلة فقط ولكن مؤلفة أيضا فهل هناك عمل قادم؟

لدي بالفعل أعمال مكتوبة، فهناك فيلم روائي طويل شاركت في كتابته مع جورج خباز ونيكولا خباز، وهناك فيلم قصير وبعض الأعمال المسرحية آخرها مسرحية عُرضت في فرنسا العام الماضي، تستطيع القول إنني أكتب بطريقة مختلفة.

*وكيف ترين ترشيح الفيلم لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار ؟

بالتأكيد سعيدة جدا، فالفيلم يجوب العالم كله كي يرى الجميع لبنان وواقعها ويرى المرأة اللبنانية وقوتها ويكسر الصورة النمطية عن المرأة العربية التي تستطيع فعل كل شي، صامدة ومحبة للحياة.

*وهل هناك أعمال أخرى قادمة؟

هناك مسلسل سراب مثلما قلت أقدم فيه شخصية مصورة لبنانية ولديها العديد من المتناقضات في شخصيتها، وهو مسلسل مكون من عشر حلقات سيعرض قريبا.

 

العربية نت السعودية في

04.12.2024

 
 
 
 
 

الفيلم الإيراني The witness.. هل كل شيء واضح الآن؟

القاهرة -نور هشام السيف

عُرض الفيلم الإيراني The witness، في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ضمن عروض البانوراما الدولية، حيث قدّم المخرج نادر سيفار في الفيلم الذي كتبه بالتعاون مع المخرج والسيناريست الشهير جعفر بناهي، قطعة سينمائية حادة الحواف، تقطع في العمق السياسي والاجتماعي بإيران، فتسير الأحداث على حبل رفيع بين التصوير الدقيق للواقع.

يعرض الفيلم شخصيات محطمة، كلّ منها يحمل أعباءً من الماضي والحاضر، ويجسد معاناة متراكمة تمثل حالة عامة للمجتمع الإيراني، لكن هل كان الفيلم قادراً على أن يلامس هذه القضايا بأسلوب فني محكم أم أنه سقط في فخ المباشرة والوعظ؟.

الرقص في وجه الريح

يبدأ الفيلم بزاوية ٣٦٠ درجة بخلفية ناصعة البياض داخل مدرسة لتعليم الرقص، يستمر المشهد محاطاً بالبياض حتى في أرضية المدرسة الشاهدة على أحلام الفتيات اليافعات، والتي تحمل خطواتهن الخائفة والمتحمسة كجزيرة صغيرة من الأمل في محيطٍ من القمع.

في المدرسة، تتجسد روح "زارا" مؤسسة المكان، تقوم بدورها الممثلة هنا كامكار، ذات الجمال الحزين، تُعلم الأجساد كيف تتحرر من أثقالها ولو للحظة، ترقص كأنها تقاوم جاذبية الأرض.

تعيش "زارا" في قبضة زواج بارد، مع رجل يُجسد ظلال النظام الحالك، "سولات" ويقوم بدوره الممثل نادر نادربور، ليس فقط شريك حياتها، بل هو حبل مشدود حول حنجرتها، يحاول خنق حريتها قطعة قطعة، يطل سولات كتمثال منحوت من الحجر، خالٍ من أي دفء إنساني. يعرف أن قوته لا تأتي من ذاته، بل من النظام الذي يخدمه بإخلاص. في عينيه هروب دائم، و في خطواته انشغال واستعجال، وفي كلماته تهديد مبطن، لكنه يتقن إخفاءه تحت قناع الخوف والتحفظ واللباقة.

رغم ذلك، تترنح "زارا" بين الرقص والألم، كأنها تكتب قصيدة من خطواتها على الأرض الجافة، هذا الحلم الجميل بدا مهدداً في كل لحظة، مثل شجرة تقف وحيدة في وجه إعصار.

"تارلان".. لوحة مشققة بالزمن

"تارلان" أو السيدة جورباني، تؤدي الدور ببراعة الممثلة مريم بوباني، مثل لوحة عتيقة ممزقة الأطراف تروي قصصاً عن نضال طويل وصراع أبدي. وجهها الذي التهمته الهموم، لم يطفئ عينها النافذة التي ترى المستقبل رغم ظلامه، في محاربة الفئران في مطبخها، فئران تجول في الزوايا  كما تجول الهواجس في عقلها. تستأنس تارلان بوحدتها، تشكو لصاحب المنزل، السيد "خورسو" من حالها، لكنه يرفض قتل الفئران، زاعماً أنها تساعد في التخلص من الحشرات.

هذه المفارقة الصغيرة تسلط الضوء على عبثية الحياة اليومية في ظل ظروف قمعية، خاصة بعد أن ينقلنا السرد إلى حياة السيدة جورباني السابقة، فهي ليست معلمة فقط، بل كانت ناشطة سياسية ونقابية دفعت ثمناً باهظاً لمواقفها، بعد أن فقدت وظيفتها ومنزلها. معاناتها تتفاقم بسبب ابنها السجين، الذي أُفرج عنه بوساطة سولات، مما يضعها في مأزق أخلاقي بين الامتنان لهذا الرجل والاشمئزاز من فساده.

الحبكة: خيوط الخسارة والانكسار

تنسج  الحبكة خيوطها بين شخصيات تعاني من صراعات داخلية وخارجية، "زارا" ليست الابنة البيولوجية لـ"تارلان"، لكنها تمثل الأمل الذي زرعته الأخيرة في حياة فتاة فقدت والديها، علاقة الأمومة البديلة هذه تحمل في طياتها مشاعر معقدة من الحب والتضحية.

"تارلان" التي قدمت نصائحها لـ"زارا" بضرورة إغلاق مدرسة الرقص، كانت تدرك أن الخضوع هو السبيل الوحيد لتجنب العنف والإقصاء، لكن زارا تصر على أن المشكلة ليست المدرسة بحد ذاتها، بل أعمال زوجها المشبوهة التي تجرها إلى هاوية لا مهرب منها.

لقد ركز الفيلم بشكلٍ أساسي على شخصية تارلان، وهي من أبرز نقاط قوة الفيلم، شخصية معقدة، تجمع بين القوة والضعف، الأمل واليأس، ثنائيات تضيف طبقات من العمق للشخصية.

في المقابل لم تحظ الشخصيات الأخرى، مثل ابنة زارا المراهقة، بالعمق الكافي لتوضيح أسباب الخنوع أو المخاوف، مما جعل هذه العلاقات تبدو أحياناً كأطياف تحيط بالبطلة دون تأثير فعلي.

الأسلوب السينمائي.. بين المباشرة والتلميح

يتميز العمل بلغة بصرية وسردية مباشرة، تكشف دون مواربة القضايا الحساسة التي تُعد خطوطاً حمراء في إيران، اختار سيفار بجرأة طرح موضوعات محظورة، فالرقص، الذي كان جزءاً من ماضي البطلة المهني، يتخذ رمزية أكثر عمقاً كفعلٍ محرَّم يجمع بين الحرية الجسدية والروحية، والحجاب ليس بوصفه رمزاً دينياً وثقافياً فحسب، بل أداة قمع وإخضاع، فينقلب إلى قيد يلتف حول الشخصيات النسائية بمختلف أعمارها، هذه المفارقة تُبرز اختلاف النهج بين الأجيال في التعامل مع الظلم.

في الجزء البصري تنتقل الإضاءة الطبيعية التي تسيطر على مشاهد منزل "زارا" الفسيح، الجدير بالملاحظة عدم وجود مشهد واحد يجمع بين "زارا" و"سولات"، وهو تلميح عن مدى الشرخ بين الزوجين رغم إقامتهما تحت سقف واحد، والاكتفاء بتلقي رسائلهما الشفهية عبر البطلة الرئيسة "تارلان".

من جانب آخر، تمكن المخرج من استخدام المساحات الضيقة والإضاءة الخافتة ليعكس الاختناق الذي تعيشه تارلان، وهي تبحث أحياناً عن المؤانسة، تبدو مشاهد منزل السيدة جورباني المظلم مع صوت تحركات الفئران، كأنها استعارة للفساد الذي ينخر في المجتمع.

نستشعر من خلال السرد أن صانع الفيلم لا يثق كثيراً بقدرة المشاهد على فهم الرسائل، إذ أراد المخرج أن يملي علينا معاني الفيلم بدلاً من أن يدعنا نستكشفها بأنفسنا.

لا شك أنه ينقل رسالة واضحة لا لبس فيها عن القمع الذي تتعرض له النساء الإيرانيات. ومع ذلك، هناك فرقاً شاسعاً بين أن تجعل الجمهور يشعر بالحقيقة وأن تُجبره على سماعها!.

ينتهي الفيلم بمشهد حافل بالدلالة، ولكنه لا يخلو من المباشرة. فلم يكفي مشهد الرقصة مع هبوب العاصفة، بل اتبعها بالأغنية الشهيرة "وشاحك" للمغني والملحن مهدي يراحيي، والذي حكم عليه بسبب هذه الأغنية بالسجن والجلد، ترافقها مقاطع واقعية لفتيات يتخلصن من حجابهن في ظاهرة احتجاجية.

لقد أغلق نادر دائرة الفيلم وترك المشاهد مع شعور مُعقد يجمع بين الانتصار الرمزي والهزيمة الواقعية وكأنه يصرخ في وجه المشاهد: "هذه هي الرسالة، هل كل شيء واضح الآن؟".

إرث "بناهي" وتحديات "سيفار"

بالتأكيد، يحمل الفيلم روح جعفر بناهي، الذي تم اضطهاده واعتقاله مراراً، لمواقفه ضد النظام وكشف الحقيقة ومواجهة الظلم، وهو الذي قضى سنوات في السجن، و20 عاماً من المنع من السفر، وصولاً إلى إطلاق سراحه عام 2023، بعد أن خاض إضراباً عن الطعام، ولكن ربما كانت هذه الروح عبئاً على المخرج نادر سيفار، الذي بدا وكأنه يحاول الاستعانة بمكانة بناهي وسمعته لتوجيه رسائل الفيلم بدلاً من تطوير صوته السينمائي الذي يجعل الحقيقة نفسها أداة فنية تُغني أكثر مما تشرح.

يبقى السؤال: هل استطاع "الشاهد" أن يقدم تجربة سينمائية متكاملة؟، الإجابة تتأرجح بين الإيجاب والسلب. قوة الفيلم تكمن في تصويره للواقع، وفي شخصياته التي تحمل أبعاداً إنسانية، لكنه في الوقت ذاته يخسر جزءاً من تأثيره بسبب ميله إلى المباشرة. المشاهد لا يُترك ليتأمل أو يفسر، بل يُقدَّم له كل شيء على طبق من الوضوح.

 

الشرق نيوز السعودية في

04.12.2024

 
 
 
 
 

عطلة في فلسطين”.. تساؤلات فلسفية في رحلة العودة من المنفى إلى القرية

حسام الخولي

كانت المفاجأة الأولى من بين مفاجآت فلسطينية عدة في مهرجان القاهرة السينمائي الـ45، ظهور فرقة دبكة فلسطينية، تفاعل معها الحضور في حفل الافتتاح وتأثر بها. وبعدها مباشرة يشاهد الجمهور فيلم الافتتاح الفلسطيني “أحلام عابرة”، وعددا من الأفلام الفلسطينية، التي تطرح خطابات وأفكارا متنوعة عن فلسطين في لحظة صعبة.

يدخل البلد عامه الثاني في حرب لا تحتمل، وسط صمت عالمي ربما تحرّكه تلك الخطابات الفنية التي تظهر مدى وتأثير الإجرام الصهيوني. وبينما تُطرح تلك الأعمال للحديث عن الداخل الفلسطيني اليوم، كان أكثر تلك الأعمال السينمائية الوثائقية جرأة ومخاطرة تلك التي طرحها فيلم “عطلة في فلسطين”.

هذا الفيلم هو وثائقي عن ناشط سياسي شاب يدعى شادي، يعود لفلسطين بعد أن عاش أكثر من 10 سنوات هناك وأصبح فرنسي الجنسية، وقد جاء بحثا عن الأمل، مع أنه نال فرصا هناك. فماذا يفعل، وفي أي اتجاه يتحرك، أيظل في فرنسا بعيدا عن المأساة، أم يعود ويصلّح من الداخل؟

يطرح الفيلم أسئلة الهجرة والتساؤل عن جدوى الاستمرار في الداخل، وتلك طريق وعرة اختار الفيلم طرح خطابه بها، فيمشي في مسار سؤال صعب، تزداد صعوبته مع الحرب الدائرة -أثناء عرضه- على بعد عدة كيلومترات في الداخل الفلسطيني. الفيلم من إخراج “مكسيم ليندون” وإنتاج “عودة فيلم” للمنتجة مي عودة.

يأتي المخرج إلى مصر أول مرة، وأثناء حوار الجزيرة الوثائقية معه كانت نقطته الأولى تأكيده أهمية القضية، والمساحة الشخصية التي برر بها كونه متزوجا من فلسطينية، وهي أخت منتجته مي عودة.

كل تلك التفاصيل الشخصية ربما كانت بداية لكسر التوتر، وقد كان أكثر ما يخيفه الفهم الخطأ للفيلم أثناء عرضه عربيا، وربما المقارنة التي تُطرح بين خطاب الفيلم والأفلام الأخرى تجاه فلسطين.

حكايات فلسطين في العوالم الروائية

قبل عرض الفيلم بقليل، خرجت القائمة القصيرة لجائزة “البوكر” الأدبية العربية، وكانت من الكتب الستة في القائمة روايتان فلسطينيتان أحدثتا زخما وتساؤلا، وهما “قناع بلون السماء” للكاتب باسم خندقجي.

يطرح بطل الرواية نور مونولوغا يمحور جزءا من خطاب الرواية الأصيل، إذ يقول: أنا لا أرتدي قناعا، أنا أرتدي مسخا، بل أنا هو المسخ الذي ولد من رحم النكبة والأزقة والحيرة والغربة والصمت، وُلدت من رحم التهميش والتصنيف، أنا المسخ يا صديقي، فهل من رحم تلدني مرة أخرى إنسانا؟

قدمت الرواية سردية جديدة، في اختيارها معركة “خطابية” تتجاوز البكائيات الفلسطينية، وتعيد التساؤل عن البطولة الفلسطينية؛ هل تبدو بطولة أساسا؟ هل ما يقدمه الرجل الفلسطيني اليوم بطولة أم انتحار؟ وربما هو التساؤل ذاته الذي يطرحه خطاب فيلم “عطلة في فلسطين”.

أما الرواية الثانية فهي رواية “سماء القدس السابعة” للكاتب أسامة العيسة، وهي غاضبة أكثر، ويبدو الخطاب الذي تنتجه في لحظة ثقيلة صادما نوعا ما، يمكن النظر فيه ومن خلاله إلى ناس فلسطين بعين غير معتادة. فالكاتب ينظر فيه من مسافة بعيدة، ربما من السماء، فيراهم بشرا ضعفاء، ويرفض تصديق بطولاتهم الخارقة، التي يتحاكى بها الخطاب المعتاد في أي حديث عن فلسطين.

واليوم، حتى ونحن نراهم كل يوم يموتون بالآلاف من دون شفقة، نعيد النظر في ضعفهم وضعفنا جميعا أمام هذا الجنون. وفي النقطة التي تظن أنها تتلاقى مع الرواية الأخرى، يهرب أسامة العيسة بأسئلة تدين تلك النظرة ولا تتعاطف معها، وربما في ذلك ما يدعو لإعادة اختبار كلا النظرتين، ومدى اتساق إحداهما عن الأخرى، لا سيما في تلك اللحظة المصيرية.

هذا تحديدا ما يعيده الخطاب الفيلمي في فيلم “عطلة في فلسطين”، فيتساءل عن البطولة في لحظة صعبة، والمواجهة المبنية على التخطيط أكثر من الفدائية، يعيد التساؤلات إلى الواجهة لطرحها ومناقشتها.

الفيلم خطاب عن المنفى

يقول “مكسيم ليندون” مخرج الفيلم: ركزتْ ردود أفعال الجمهور العربي على أصولي اليهودية، وأسباب اهتمامي بالنضال الفلسطيني، فكانت فرصة لدي لمناقشة الارتباك المتزايد الذي يحدث في أوروبا، بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، إنها ظاهرة مقلقة تهمني شخصيا.

يحاول “مكسيم” كسر الجليد بالتأييد المباشر للقضية، والتفرقة بين كونه يهوديا، وكونه في الوقت ذاته مؤيدا للقضية في مواجهة الاحتلال الصهيوني. لذلك كانت النقطة المؤسسة للرجل دعمه الكامل للقضية، بل إن الخطاب في جوهره إدانة لقتل الحياة الذي تفعله إسرائيل يوميا في فلسطين.

يسعى “مكسيم” بكل الطرق إلى قفل الفكرة الأحادية التي تخوّن تساؤل البطل عن البقاء في فلسطين، أو الرجوع إلى فرنسا.

ويستكمل “مكسيم” حواره قائلا: الفيلم خطاب عن المنفى، وأنا -بصفتي مخرجا- أضع نفسي في وجهة نظر أبناء الشتات الفلسطيني الفرنسي، وهو مجتمع أعيش بالقرب منه منذ 15 عاما. فإذا كان ممكنا على المستوى الجيوسياسي أن يضطهد شعب ما شعبا آخر، فلا أظن ثنائية البطل/ الضحية موجودة على المستوى الفردي. وهنا على وجه التحديد أرى أن السينما يمكن أن تدعو نفسها إلى عقول المشاهدين، لتشهد على تفرد التناقضات التي تحركنا.

لقاء الأخ السجين.. تناقضات حوار يعكس الخلفيات

في بداية النصف الثاني من الفيلم، نشاهد مشهدا رئيسيا بين البطل وأخيه الأكبر الذي سُجن سنوات. وتبدو المواجهة بينهما حميمية ومساحة تأمل كبير، فالسجين يرى أن الخروج من الأرض لا يعنيه إطلاقا، في مقابل تساؤل الشاب القادم من فرنسا عن محاولة الاشتباك السياسي البنّاء، وعدم الصدام الذي ينتج العقاب بالسجن.

بدا ذلك المشهد الطويل الثابت أكثر المشاهد جرأة، فهو يضع البطل في مواجهة ذاته وماضيه وحياته التي باتت على المحك، وربما بات عليه أن يحسم قراره تجاهها بلا تراجع ولا مهادنة.

ويفصل المخرج كل المنغصات عن المشهد، فينزع منه الموسيقى، ويتوقف عن اللعب بحركة الكاميرا، في مشهد ثابت يتابع أخوين يتعاتبان في خلفية مدنية، قضية انقسمت أمامها الآراء، لا سيما بعد طوفان الأقصى.

وفق الرؤية التي يطرحها المخرج، قد تجسّد رحلة العودة التوتر المرتبط باقتلاع بطله شادي، الذي أراد التحدث عنه في الفيلم، فخلال إجازته نكتشف شتى وجهات النظر التي قدمتها مجتمعاته حول اختياره، وآثار ماضيها السياسي وعلاقتها الحميمة بالأرض الفلسطينية.

إن المشهد الفيلمي الأخير الذي نراه في فرنسا، إنما هو خاتمة تفتح رهانات المعركة المستقبلية، أي فرحة الأبوة ضد معاناة المنفي الذي لا يتركه. ويمكن أن تكون الخاتمة نقطة البداية لفيلم آخر، وربما يبدو هذا المشهد والمشهد الذي يقابل فيه الأخ هما المرتكز الذي تُطرح خلاله الأسئلة كلها.

سرد الدعاية الإسرائيلية إنما هو انعكاس للإمبريالية

يحكي لنا “مكسيم” أن الهجرة صعبة الفهم لدى الأحباء الذين تركوهم وراءهم، ثم لدى المجتمعات المضيفة أينما كانوا، وهذا من الموضوعات الرئيسية للفيلم. ويحلل ذلك بقوله: وجهة نظري هي أن البشر يغيرون مصيرهم لمليارات الأسباب، وفي هذه الحالات، فإن المغادرة هي خيار اقتصادي في الغالب، وعمل من أعمال الشجاعة.

ثم يقول: إن سرد مشاعر الشتات الفلسطيني هو أيضا تذكير بأن المنفى يشكل تمزيقا للروح ومخاطرة لا يمكن حسابها لمن يتخذونه، على أمل الوصول إلى حياة أفضل تعود بالنفع على الأجيال القادمة. ففي أوروبا حاليا لا يُعد الاستماعُ إليك -وأنت يهودي مناهض للاستعمار ومعادٍ للصهيونية- يهوديةً جديدة، بل هو بيان سياسي.

ويتحدث عن نفسه قائلا: في حالتي، فإن توضيح يهوديتي في سياق الفيلم لا يهم، إلا لأنه يروي تفكيكا للفكر. فمنذ أن خضت تجربة الذهاب إلى فلسطين، كان عليّ أن أتحدى السرد والمعتقدات الراسخة في الذات، التي تأتي من تراث ثقافي وعائلي.

ثم يختتم تلك النقطة قائلا بوضوح ودقة: بوصفي مخرجا سينمائيا، فإن الحديث عن آليات القمع الاستعماري الإسرائيلي في الريف الفلسطيني، هو أيضا وسيلة للتساؤل حول تاريخ الدول الغربية السياسي ومستقبلها. دعونا لا ننسى أن سرد الدعاية الإسرائيلية إنما هو انعكاس للإمبريالية، كما تفهمها الدول الغربية غالبا.

رحلة صناعة الفيلم

يتحدث المخرج “مكسيم ليندون” عن الطريقة التي اتبعها في الفيلم والوقت الذي احتاجه ليصنعه، فيقول: بعد التصوير في عام 2017، استغرقتُ 5 سنوات من الإنتاج الذاتي لترجمة 120 ساعة من اللقطات باللهجة الخليلية الفلسطينية إلى اللغة الفرنسية.

في هذه المرحلة سجل الفيلم إجازته، وكانت هذه المرة مصحوبة بتبادلات مستمرة مع شادي الذي أصبح في الوقت نفسه أبا، واختار البقاء الدائم في فرنسا. وتمكنتُ بذلك من إضفاء شكل سينمائي للقضايا المعقدة والخفية في لقطاتي، وسمح لي التصوير النهائي في فرنسا والكتابة الصوتية المشتركة مع شادي بإضفاء طابع زمني جديد على القصة، وبناء شخصيته من خلال ذكريات إجازته.

هكذا استطاع الفيلم سرد رحلته بصفته ناشطا وشابا على مدى ما يقرب من 10 سنوات.

عطلة في فلسطين”.. معجزة إنتاج ذاتي استغرق أعواما

يمزج فيلم “عطلة في فلسطين” بين الذاتي الحميمي والعام السياسي. ويقول المخرج إن سيعمل على ذلك الخط حتى في أعماله المستقبلية، وإن الفيلم لم يكن ليخرج لولا الفريق الذي لازمه وسانده للعمل على فكرته الأثيرة.

ويقول: الفيلم معجزة إنتاج ذاتي، كان برفقتي “جوليان داراس”، وهو مدير التصوير ومؤلف مشارك ثم منتج منفذ، ومعي روان عودة، وهي المستشارة الفنية والمترجمة وشريكتي في الحياة، ثم شادي الفواغرة الذي لم يخيب ظني أبدا، مع أنه قضى وقتا صعبا أيضا.

وقد سمح لنا دخول منتجين مشاركين عالميين عام 2023 بنيل منحة من مؤسسة الدوحة للأفلام، فاستطعنا تشكيل فريق رفيع المستوى لاستكمال مرحلة ما بعد الإنتاج في مرسيليا، المدينة التي أعيش فيها. هكذا يبرر توازي العام مع الخاص.

أسعى لكشف الآليات الخفية للسياسة الاستعمارية

يختم المخرج “مكسيم ليندون” حواره قائلا: دعونا لا ننسى أن الدعاية الصهيونية التي تبرر استعمار فلسطين إنما هي انعكاس للإمبريالية الهمجية، كما مارستها الدول الغربية قرونا. فمن خلال قصة شادي وقرية وادي رحال التي سحقتها المستوطنة المجاورة عسكريا واقتصاديا، أسعى للكشف عن الآليات الخفية للسياسة الاستعمارية الإسرائيلية.

في النهاية يطرح “عطلة في فلسطين” بورتريها بصريا لحياة أسرة فلسطينية شتتها الحرب. وقد أحكم الفيلم كل عناصره لإظهار ذلك الشتات، فطرح حلولا بديلة تفكر في المقاومة السياسية البطيئة، واستخدام الفلسطيني الموجود في الخارج لأدوات أخرى غير الحرب المباشرة لمواجهة إسرائيل.

هذه الرؤية قد يراها بعض الناس هروبا، لكن الفيلم يطرحها نقطة قوة ومقاومة يحتاجها كل فلسطيني.

 

الجزيرة الوثائقية في

04.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004