"المرهقون"
ومضة يمنية في نفق الحرب
حصد جائزتين في النسخة 73 من مهرجان برلين السينمائي الدولي
توفيق الشنواح وهشام الشبيلي
على رغم عتمة الحرب إلا أن ومضات تأتي من #اليمن لا علاقة
لها بلهب آلة القتال ولكنها مقبلة من ضوء عدسة السينما إذ إن الظروف لا
تمنع فرص #الفن_السابع من
إحداث نتاجات إبداعية مع الظروف القاسية في البلد الغارق بالصراع.
وإن كان ثمة وجه مضيء للحرب، فهو فوز الفيلم الروائي
"المرهقون" للمخرج عمرو جمال بجائزتين من منظمة العفو الدولية ضمن فعاليات
النسخة 73 من مهرجان
برلين السينمائي الدولي
حيث شهد عرضه العالمي الأول ضمن قسم البانوراما.
روائي والأكثر تأثيراً
وفاز "المرهقون" الذي يعد أول فيلم يمني يشارك في المهرجان
منذ تدشينه بالجائزة (تقدر قيمتها بـ 5 آلاف يورو)، خلال حفل توزيع جوائز
لجان التحكيم المستقلة في المهرجان بجائزة الفيلم الأكثر تأثيراً. كما حصل
أيضاً على المركز الثاني كأفضل فيلم روائي في قسم البانوراما بتصويت
الجمهور الذي يشارك فيه أكثر من 20 ألف زائر من زوار المهرجان.
وحضر مراسم تسليم الجوائز فريق عمل الفيلم والمنتج محسن
الخليفي والمخرج عمرو جمال، ابن مدينة عدن الساحلية الذي عقب على الفوز
"يغمرني شعور بالامتنان نتيجة الاستقبال الإيجابي من الجماهير للفيلم. خرج
المرهقون إلى النور بدافع الحب والتفاني والإصرار حتى يسلط الضوء على قصة
واحدة ضمن قصص عدة في بلد يعاني تحت نيران الحرب. يسعدني أن الجمهور في
مهرجان برلين شعروا بأننا قدمنا الفيلم على النحو الصائب، لقد بذلنا حقاً
ما في وسعنا".
والفيلم إنتاج مشترك بين اليمن المنتج الرئيس وشركة صندوق
البحر الأحمر لدعم الأفلام من السعودية وشركة "ستيشن فيلمز" من السودان،
ومن إخراج عمرو جمال الذي شارك في كتابة السيناريو مع مازن رفعت وإنتاج
محسن الخليفي ومحمد العمدة إضافة إلى أمجد أبو العلا.
من واقع البلد الجريح
وأُخذت قصة الفيلم من الواقع الصعب المعاش الذي يرزح تحت
نيره ملايين اليمنيين جراء الحرب التي أشعلها الانقلاب الحوثي عام 2014
ويجسد قصة حقيقية لزوجين هما أحمد وإسراء وأولادهم الثلاثة الذين يعيشون في
مدينة عدن، حيث تعاني الأسرة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للبلاد، وبعد
اكتشاف الأم حملها بالطفل الرابع، يحاول الأبوان إيجاد طريقة للإجهاض على
رغم موقف مجتمعهما المحافظ تجاه هذا الأمر، مما يجبر العائلة على اتخاذ
قرارات صعبة للنجاة من هذا المأزق.
والفيلم مدته ساعة ونصف ومن بطولة خالد حمدان وعبير محمد
وسماح العمراني وإسلام سليم ورؤى الهمشري وعمر إلياس.
عامان و70 يوماً
ويعد الفيلم ثاني فيلم روائي طويل للمخرج ذاته بعد "عشرة
أيام قبل الزفة" (2018)، إذ كان أول فيلم
روائي طويل
يعرض جماهيرياً في اليمن بعد ثلاثة عقود من اختفاء السينما في البلد الغارق
بالصراع، وفاز بعدد من الجوائز المهمة منها جائزة الجمهور في مهرجان سان
دييغو السينمائي الدولي بأميركا وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان أسوان
الدولي لأفلام المرأة وغيرهما.
وعبر جمال عن سعادته بالحصول على الجائزتين للفيلم الأكثر
تأثيراً بالتأكيد فإن الجائزة الأهم هي اختيار الجمهور وحللنا في المرتبة
الثانية بفارق بسيط عن فيلم آخر من ضمن 22 ألف مصوت حصلنا على ثقتهم.
يتطرق جمال خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى مراحل
العمل التي جرت في ظل ظروف صعبة تعيشها بلاده إذ "أخذ منا التصوير 70 يوماً
بعد عامين كاملين من الإعداد والتجهيزات وصعوبات كثيرة واجهتنا نتيجة للوضع
الأمني غير المستقر وسوء الخدمات في عدن ومنها انقطاع كهرباء وغياب
المشتقات النفطية الأمر الذي صعب مهمات التنقل وانطفاء المولدات الكهربائية
وغيرها"، إضافة إلى ما صادف فترة التصوير من "انهيار كبير للعملة المحلية
مقابل الدولار ولهذا كانت موازنة العمل تتغير يومياً وهو ما أربكنا وسبب
لنا مآزق كثيرة وغيرها من المصاعب الجمة التي يعانيها المواطن اليمني جراء
الظروف الصعبة بفعل الحرب ولكننا تحدينا كل هذه الصعاب واستطعنا إنجاز
الفيلم".
وحصلت
MAD
Solutions
على حقوق توزيع "المرهقون" في العالم العربي، فيما تتولى شركة
Films
Boutique
المبيعات الدولية.
هدية لعدن والوطن
وعلى نطاق واسع تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن
خبر التكريم، إذ اعتبر نجاح الفيلم نقطة مضيئة واعدة في نفق الحرب الطويل.
وتقول بطلة الفيلم عبير محمد، "نشعر بفرحة واعتزاز لحصدنا
جائزتين دوليتين في يوم واحد كثمرة جنيناها بعد الجهد الذي بذلناه مع
الطاقم كافة وهو هدية بسيطة لبلدنا عموماً وعدن على وجه الخصوص".
وعلى ما في النجاح من تجربة ملهمة منحت اليمن جائزتين بدلاً
من أنباء القتل والدمار، إلا أن عبير التي جسدت دور "إسراء" تطرقت إلى جملة
من الصعوبات التي واجهوها خلال عملية التجهيز ومراحل تصوير المشاهد منها
صعوبة الطقس جراء ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة العالية في عدن إذ جرى
التصوير خلال الصيف الماضي، وتحمل الفريق المصاعب كافة لتوفير سبل الراحة
للممثلين قبل أن تستدرك للإشادة بما وصفته "جمال مشاعر الناس وترحيبهم
وتعاونهم مع طاقم الفيلم، الأمر الذي هيأ الجو العام لإكمال مراحل التصوير
في أحياء عدن وشوارعها وبرز تعاونهم الذي تعززه محبتهم للسينما وأعمال
المخرج عمرو جمال فهم يقدرونه كثيراً ويتلهفون لمتابعة أعماله".
لها ما بعدها
وعن تجربتها السينمائية الأولى، ترى أنها فرصة "مفيدة
ومميزة ولها ما بعدها كونها أول تجربة سينمائية بطولة مطلقة مع خالد حمدان
وفخورة بأني كنت على قدر المسؤولية لأن الفيلم كان تجسيداً موضوعياً لكثير
من اليمنيين في ظل الحرب وما سببته من أزمات متلاحقة ووضع اقتصادي خانق
وانهيار الخدمات وانقطاع الكهرباء والرواتب". ولهذا ارتبط نجاح العمل "بأن
كل يمني سيجد نفسه في إحدى شخصيات الفيلم".
ندرة شركات الإنتاج
وبنظرة مستقبلية تشير عبير محمد إلى جملة من العقبات التي
تحول دون مزيد من الأعمال السينمائية في اليمن التي منها "انعدام الشركات
المنتجة بالمواصفات المواكبة من حيث العدة والعتاد بإمكانها تحمل إنتاج
أعمال سينمائية تنافس عالمياً وتملك معايير الجودة في اختيار الكتاب
والشخصيات ولهذا نشكر عمرو جمال والمنتج محسن الخليفي على إنجاز أعمال كهذه
في ظل ظروف معقدة".
ولم تنس عبير أن تبارك لليمن وعدن التي قالت أخيراً إنها
ستفرح ويعود اسمها للذكر في مهرجانات عالمية كبرى. |