شون بن يتحدث عن السياسة والفن وحرب أوكرانيا
يتحدث الممثل والمخرج عن لقائه مع فلاديمير بوتين
وفولوديمير زيلينسكي والحرب في أوكرانيا وكيف ضلت الولايات المتحدة طريقها
تحت قيادة ترمب
جيفري ماكناب
التقى شون بن ذات مرة فلاديمير بوتين. كان ذلك في عام 2001،
عندما ذهب هو وجاك نيكلسون إلى مهرجان موسكو السينمائي لحضور العرض الأول
لفيلم بن "العهد"
The
Pledge
في روسيا، فجاء الرئيس لمقابلتهما. حتى في ذلك الوقت، أي قبل أكثر من 20
عاماً من الغزو الروسي لأوكرانيا، تولد لدى بن شعور سيئ للغاية تجاه
السياسي الذي يسميه الآن "المتنمر الصغير المخيف".
خلال زيارتهما إلى روسيا، تم نقل بن ونيكولسون إلى منزل
روسي ريفي (يسمى تقليدياً داتشا) يملكه المخرج الروسي الحائز على جائزة
الأوسكار والمشجع المتحمس لبوتين، نيكيتا ميخالكوف.
يتذكر بن: "تم وضعنا في ناقلة... كنا نعلم أن بوتين سيكون
ضيف الشرف. ضمن السياق الطبيعي لتلك الحقبة وذلك المكان، قبلنا الدعوة.
ركبنا في تلك الناقلة، وكانت تتحرك بالسرعة التي يريدها السائق، من دون
الاكتراث باحتمال أن يكون ذلك خطراً في القرى التي مررنا بها. عندما كان
المزارعون الذين يقودون عربات تجرها الخيول يحاولون العبور، كان رجال الأمن
في سياراتنا يخرجون رؤوسهم من النوافذ ليهشموهم بالهراوات. كان تصرفاً
عدوانياً بلا داع على الإطلاق".
ولدت رحلة السيارة لديه "شعوراً بارداً وقبيحاً". يتم
التعبير عن هذا الشعور بإسهاب في الفيلم الوثائقي الجديد "الدولة العظمى"
Superpower،
الذي شارك بن في إخراجه مع آرون كوفمان. كان الغرض الأولي من العمل الذي
بدأ بن تحضيره في عام 2021 أن يكون نظرة طريفة على فولوديمير زيلينسكي،
الممثل الكوميدي الذي أصبح رئيساً لأوكرانيا. من أجل الفيلم، توجه بن إلى
أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) من العام الماضي، وهو اليوم الذي أرسل فيه
مضيفه القديم، بوتين، جيشه عبر الحدود لمحاولة الاستيلاء على البلاد.
بدأ بن العمل في الفيلم الوثائقي بفضول ساخر حول زيلينسكي،
الشخصية المشهورة التي تحولت إلى زعيم سياسي. الآن يقدر بقاء القائد
الأوكراني في كييف بعد الغزو، بدلاً من اتباع النصائح الأميركية بالخروج من
المدينة. يقول، "يخبرنا التاريخ أنهم يهربون... يركبون طائرات بلاك هوك
ويذهبون إلى بر الأمان، لكنه لا يقوم بذلك".
يجلس بن في غرفة اجتماعات صغيرة في الطابق الأول من فندق
ريتز في منطقة بوتسدامر بلاتز ببرلين، في اليوم التالي للعرض الأول لفيلم
"الدولة العظمى". يبدو متعباً قليلاً وصوته مبحوح، يرتدي قبعة بيسبول
ويخفضها من الأمام كما لو أنه يريد إخفاء وجهه. مع ذلك، فإن سلوكه ناري كما
عهدناه دائماً. وبينما يتذكر لقاء بوتين، يفكر بالفعل في الوقت الذي سيلي
الانتصار في الحرب.
يقول، "سيكون هذا أحد الأجزاء المهمة حقاً بعد فوز
أوكرانيا... كيف يمكنك تطبيق خطة عسكرية على ثقافة تمت إماتة مخيلتها لدرجة
أنها تحتاج إلى ديكتاتور كي تتمكن من العيش يوماً بيوم، بدلاً من السماح
لها بالحلم والازدهار". يبدو أنه يتوقع هزيمة روسية ستسمح بتجديد البلاد
بعد الحرب، التي من شأنها عكس ما أحدثته المساعدات الأميركية لأوروبا
الغربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ويبدو أيضاً أنه يفترض أن الرئيس
بوتين لن يكون في السلطة بعدها.
يتعرض بن في الفيلم لمواقف تفصل بين الحياة والموت. إنه يرى
بأم عينه الدمار الذي لحق بالعائلات الأوكرانية بسبب القنابل الروسية. لقد
غذت تجربة وجوده هناك إحساساً
جديداً بالمثالية لديه.
أثناء مقابلتنا (وكذلك في الفيلم نفسه) تحدث عن الشعور "المجتمعي" في
أوكرانيا منذ بدء الحرب. يقول، "إنهم يهتمون ببعضهم البعض. هناك مجال
للاختلاف. هناك مجال لقيام جندي بانتقاد رئيسه بارتياح رغم معرفته بأنه
سيظهر في الفيلم ويعلم أنه لن تكون هناك عواقب". يستشهد بفيلمه الوثائقي
كمثال، ففي "الدولة العظمى"، كان هناك عديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم
قبل الغزو الروسي لأوكرانيا وأظهروا معاداتهم أو رفضهم لزيلينسكي أمام
الكاميرا. من الواضح أنهم شعروا بحريتهم في التعبير عن آرائهم.
على النقيض من ذلك، فإن أي شخص في روسيا يعبر عن أدنى
معارضة يكون عرضة للملاحقة القضائية والزج به في السجن. يقول، "ليس من
الفرادة أن يكون الناس بالعموم في أفضل حالاتهم خلال أسوأ الأوقات... ، لكن
من الفريد أنه منذ عام 2014 [وقت ثورة الميدان، حين أطيح رئيس أوكرانيا
–الذي كان يسعى إلى إقامة علاقات أوثق مع روسيا- في غمرة تظاهرات واسعة
النطاق] بدأ الاعتراف يتزايد بالقيمة الثمينة للمجتمع". إنه يتحدث عن
المدنيين الأوكرانيين الذين تصدوا للدبابات بزجاجات المولوتوف منذ الغزو
الروسي العام الماضي، ويقول، "لقد ذاقوا طعم الحرية. إنهم لن يتوانوا".
بالنسبة إلى البعض، كان وجود بن في أوكرانيا تصعيدياً. إنهم
يعتبرونه تفاخراً، رحلة مغرورة لأحد مشاهير هوليوود البارزين الذين يمكنه
الدخول إلى البلاد والخروج منها كما يشاء، بينما ينتظره منزله الفاخر في
سانتا مونيكا للعيش فيه بين الزيارات (في نهاية الفيلم، يتندر زيلينسكي حول
قدومه لزيارة بن في منزله بمجرد انتهاء الحرب). على كل حال، فإن صدق بن
واضح.
ليس لدى الممثل الأميركي كثير من الأمل في التوصل إلى تسوية
عبر المفاوضات. يقول، "من وجهة النظر الأوكرانية، وأعتقد أن وجهة النظر
الألمانية أو وجهة النظر الأميركية ستكون كذلك، إذا تعرضت للغزو آنياً من
قبل بلد عدواني وتم التفريق بين مدنييك وأطفالك وأمهاتك وآبائك وقتلهم
واغتصابهم، لا يمكن أن يكون هناك نقاش في
تسليم أراض أوكرانية. قد يدور النقاش حول التفاوض على عدد [الروس] الذين
ترغب في مقاضاتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وعدد الأشخاص الذين ستسمح لهم
بحفظ ماء الوجه من دون تأثيم. أود رؤية تحقق العدالة في أكبر عدد ممكن من
هذه المظالم. أعتقد أن لدينا خيارين: إما أن نظهر للعالم أن المتنمرين
المالكين للأسلحة النووية يفوزون أو أن نغامر ونقاتل من أجل الحياة التي
نستحقها جميعاً".
كان بن يبذل قصارى جهده لحشد الدعم للقضية الأوكرانية في
أميركا. سألته عن مدى سهولة بدء الحوار مع بعض من أشرس خصومه، على سبيل
المثال، شون هانيتي، مقدم البرامج في قناة فوكس نيوز اليمينية (الذي أجرى
معه مقابلة السنة الماضية لمناقشة موضوع الحرب). هل يمكن الآن ردم الهوة
بين الليبراليين والمحافظين، التي اتسعت أكثر خلال عهد ترمب؟
يقول، "يجب أن تستمر هذه الحوارات، ليس فقط بين شون بن وشون
هانيتي، ولكن بين هذا المزارع وذاك اللذين يتجادلان في الاجتماعات المدرسية
في المنطقة ويريدان تهديد الناس وقتلهم... في بلدنا، لم يعد لدينا أي نوع
من رفاهية التزمت السياسي الذي يخلق هذه الانقسامات...".
يشير إلى أن السر يتمثل في قيام المعارضين في كل مشارب
الحياة الذين يختلفون حول 99 قضية من أصل كل 100، بالعثور على القضية
الوحيدة التي يتفقون عليها. كان الرابط بينه وبين هانيتي هو موضوع أوكرانيا
والكره المشترك لبوتين.
"لكن هذا مجرد ترفيه، لأن [هانيتي] والأشخاص في موقعه
سيغيرون رأيهم كيفما تبدلت السياسة. قلت له إنني لا أثق به، لكنني أعتقد أن
هؤلاء الأشخاص في كل الأوقات يعتبرون أنفسهم جيدين ونواياهم حسنة، لذا فقد
وجدنا فسحة اتفقنا فيها على شيء واحد هو دعم أوكرانيا".
يطالب بن بأن تكون العقوبات ضد روسيا أكثر صرامة ونافذة
بشكل أفضل. أشير إلى أن أيادي القادة الأميركيين ليست نظيفة عندما يتعلق
الأمر بسياستهم الخارجية، فيعترف بتعقيد المسألة ويقول، "هذه معركة مختلفة
وعلينا اختبارها في صندوق الاقتراع". ويضيف بصراحة أن ما
يحدث في أوكرانيا الآن
هو "الحرب الأقل غموضاً التي أشهدها في حياتي".
لكن بن يتحدث بفتور عن كيف ضلت الولايات المتحدة طريقها
خلال عهد ترمب، ويقول، "ربما كنا منغمسين جداً في هرائنا لدرجة أننا أصبحنا
دولة شعبوية استعراضية نوعاً ما. عندما جاء ترمب، إذا اختار خلق سرد جديد
لقصة تشارلي مانسون [المجرم الذي يقف وراء جرائم قتل شارون تيت]، سيرتدي
الناس قمصاناً تحمل صورة تشارلي مانسون كما لو أنهم يرتدون قمصاناً عليها
صورة تشي غيفارا. كانوا مستعدين ببساطة... للانقياد مع الريح. أنا لا
أقارننا بألمانيا النازية لكنني أعبر عن شيء من فهمي لما حدث هناك".
بينما تستمع إلى النجم الحائز على الأوسكار مرتين وهو يتحدث
عن تفاصيل السياسة الأميركية والأوكرانية، لا يسعك إلا الاعتقاد أنه قطع
شوطاً طويلاً للغاية منذ أن لعب دور البطولة في شخصية راكب الأمواج الثمل
دائماً، سبيكولي، في فيلم "أوقات سريعة في ثانوية ريدجمونت" الذي أخرجته
إيمي هيكرلينغ عام 1982. في الوثائقي الأخير، يتحدث الأشخاص الذين تمت
مقابلتهم عن نجوم السينما الذين تحولوا إلى سياسيين، مثل ريغان. زيلينسكي
نفسه هو مثال على هذه الظاهرة. هل من المحتمل أن يحذو بن حذوه؟ يجعله
السؤال يتراجع بسرعة قائلاً، "أحب أحياناً الاستيقاظ في الثالثة صباحاً،
وأن يكون يومي قصيراً ثم أنصرف للهو". إنه يبدو مثل سبيكولي قليلاً، وهو
يشرح لي لماذا لن نراه في البيت الأبيض قريباً، ويضيف، "لا يزال يتعين علي
الالتزام بجدول زمني منتظم...".
كان العرض العالمي الأول لفيلم "الدولة العظمى" في مهرجان
برلين السينمائي هذا العام وسيصدر في المملكة المتحدة في وقت لاحق هذه
السنة.
© The Independent |