مخرج فيلم "تمساح النيل": نفذت وعدي لأبو هيف بعد 30 سنة
عمان-
محمد عبد الجليل
يُشارك الفيلم الوثائقي المصري "تمساح
النيل"،
للمخرج نبيل الشاذلي، في الدورة الثالثة من مهرجان عمّان
السينمائي الدولي،
المُنعقد حالياً وحتى يوم 27 يوليو الجاري.
يرصد الفيلم رحلة السباح المصري العالمي عبد اللطيف أبو
هيف، بدايةً من نشأته بالاسكندرية، مروراً بكندا والسفر حول العالم، وأبرز
الجوائز التي حصدها طوال مسيرته، إذ يضم هذا العمل أهم المقابلات مع السباح
الراحل وآخرين، بجانب مواد أرشيفية توثق رحلته نحو العالمية.
عُرض "تمساح النيل" لأول مرة خلال فعاليات الدورة الـ43 من
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وحظي بردود فعل جماهيرية واسعة آنذاك.
"عن
طريق الصدفة"
وروى المخرج نبيل الشاذلي، رحلته مع صناعة فيلم "تمساح
النيل"، خلال حديثه لـ"الشرق"، قائلاً إنّ قرار صناعة هذا العمل الفني، جاء
"عن طريق الصدفة في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ولم يكن مُخططاً له
على الإطلاق"، رغم صداقتهما منذ الستينيات.
وقال الشاذلي، إنه التقى بعبد اللطيف أبو هيف خلال فترة
الستينيات بالقاهرة، ثم في كندا خلال مشاركته في سباق بمدينة مونتريال،
والذي امتد لـ30 ساعة، متابعاً أن "صداقتنا توطدت في هذه السفرية، خاصة
بعدما استضفته في بيتي ليلتين، وبعد العودة إلى مصر، انقطعت لقاءاتنا لمدة
تجاوزت 20 عاماً".
وأوضح أنه التقى صدفة بأبو هيف، مطلع التسعينيات، في "مركز
شباب الجزيرة" بالقاهرة، قائلاً: "فجأة وجدت رجلاً مسناً صاحب كاريزما خاصة
داخل حمام السباحة، ذهبت له فوراً وذكرته بنفسي، وخلال هذا اللقاء راودتني
فكرة صناعة فيلم وثائقي عنه، ورحب بالأمر بعدما عرضت عليه التفاصيل".
وأشار مخرج "تمساح النيل"، إلى أن علاقته بالسينما، بدأت في
التسعينيات، بالتزامن مع عمله داخل شركة "أفلام مصر العالمية" للمخرج يوسف
شاهين، حيث عمل كمنتج منفذ للأعمال الأجنبية التي تُصور في مصر.
"كاميرا
يوسف شاهين"
وكشف المخرج كواليس صناعة فيلم "تمساح النيل"، موضحاً أنه
استعان بكاميرا المخرج يوسف شاهين الخاصة، بمساعدة المنتج جابي خوري،
موضحاً: "تعاون معي مصور مبتدئ وقتها، وتوجهنا إلى نادي الجزيرة، ورحبت
الإدارة بالفكرة، ومنحتنا فرصة التصوير من دون أي رسوم".
وقال إنّ أبو هيف تلقى خلال تصوير الفيلم خطاباً بضرورة
السفر إلى فلوريدا في الولايات المتحدة، "إذ جرى اختياره كسباح القرن
عالمياً. وبالفعل سافر إلى هناك لاستلام الجائزة، وبعد عودته، زودني بشريط
مُسجل له خلال حفل توزيع الجوائز".
وأكد أن "إدارة نادي الجزيرة، احتفلت مع أبو هيف بتلك
الجائزة، من خلال إطلاق اسمه على أكبر حمام سباحة هناك، بجانب حفل داخل
مركب بالنيل".
رحلة مليئة بالصعوبات
واستعرض الشاذلي، حجم الصعوبات التي واجهته طوال رحلته مع
الفيلم، من أبرزها عدم وجود مواد مصورة لأبو هيف خلال مشاركته في المسابقات
المحلية والدولية المختلفة.
وقال إنه سعى لوضع بدائل عدّة لمواجهة إشكالية قلة المواد
المصورة، "فخلال زيارتي لبناتي في مونتريال، تواصلت مع سباح كندي كان
يتنافس أمام عبد اللطيف أبو هيف لتسجيل لقاءٍ معه، خاصة وأنه صاحب خبرة
كبيرة ويمتلك مدرسة سباحة هناك، وبالفعل رحب بالأمر وسجلت معه".
وأضاف: "فور عودتي للقاهرة، تواصلت مع أبو هيف، للحديث عن
أزمة قلة المواد المصورة عنه، فأخبرني بأن هناك أخوين لبنانيين كانا
يصورانه دوماً في كل المسابقات بالكاميرا الخاصة بهما، لكنه لا يملك وسيلة
اتصال بهما"، متابعاً: "أصبت بيأسٍ شديد، وأوقفت العمل على المشروع، ولم
أكن أعلم إن كنت سأنهيه أم لا".
وتابع أنه قطع رحلة بحث عن المواد البصرية الخاصة بأبو هيف،
وحصل على جزء من الأرشيف الخاص به من تلفزيون كندا، مقابل 1500 دولار،
والأمر ذاته مع التلفزيون المصري، مقابل الحصول على ملكية مسابقة "سباق
النيل المصري"، لافتاً إلى أن الصدفة جمعته بناصر ابن عبد اللطيف أبو هيف،
حيث أخبره بالعثور على صندوق به شرائط 8 ملم لوالده العام الماضي، ليحصل
عليها ويُحولها إلى "ديجيتال" للاستعانة بها.
واستطرد المخرج نبيل الشاذلي، أنه تواصل مع المنتج جابي
خوري، بشأن إنتاج الفيلم، الأمر الذي رحب به على الفور، متابعاً: "اقترحت
عليه الاستعانة بأغنية أجنبية لنختم بها الفيلم، وكانت تكلفة الحصول على
حقوق استغلالها مرتفعة للغاية، وصلت إلى 3 آلاف دولار حال العرض داخل
المهرجانات فقط".
عهد وندم
وأشار إلى أنه طوال فترة تنفيذ الفيلم، والتي تجاوزت 30
عاماً تقريباً، زار أبو هيف داخل المستشفى قبل وفاته بأيامٍ قليلة،
متابعاً: "كنت أعتذر له عن توقف المشروع بسبب الصعوبات التي واجهتها في
العثور على المواد المصورة، إلا أنني وعدته بالعمل على الفيلم، حتى خروجه
للنور".
وأضاف "بعد وفاة أبو هيف، كنت مشغولاً في أحد المشاريع
السينمائية، إلا أنني أرسلت مصوراً للاسكندرية، لتصوير الجنازة والاستعانة
بها في الفيلم".
وأشار المخرج نبيل الشاذلي، إلى استعداده لعرض الفيلم في
مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، في دورته المقبلة، ليُعرض
وسط أسرة أبو هيف، كما يتمنى عرضه في نادي الجزيرة الذي يحمل قاعة باسمه،
بالإضافة لرغبته في عرضه بمهرجان مونتريال في كندا، وتوجيه دعوة للسباح
الشهير جون لاكورسير الذي سجلت معه هناك قبل سنوات.
وأعرب مخرج "تمساح النيل" عن ندمه الشديد لعدم عمله في
الإخراج طوال مسيرته، قائلًا: "هذا كان خطأ كبيراً مني، رغم وجود فرصة لدي
لإخراج عدد من المشاريع، لكن أنا سعيد بتاريخي بشكلٍ عام".
يذكر أنّ نبيل الشاذلي، بعد حياة مهنية طويلة في مجال
الاستثمار والتمويل بكندا والسياحة بمصر، بدأ عمله في السينما عام 1990 مع
"شركة أفلام مصر العالمية" كمنتج منفذ على الأفلام الأجنبية في مصر، وعمل
في العديد من المشاريع مع صانعي أفلام في مصر والعالم، مثل يوسف شاهين،
ورضوان الكاشف، سبايك لي، ميشيل جافراس. |