فيلم ولد من الجنة.. لماذا تستهدف السينما الأزهر؟!
كان : عبد الستار ناجي
عرض الفيلم السويدي ولد من الجنة للمخرج السويدي المصري
الاصل طارق صلاح في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في
دورته الخامسة والسبعون
.
الفيلم يذهب الي محاولة باهتة تستهدف الأزهر الشريف وتجعله
تحت مرمى الاستهداف حينما ياخذنا الفيلم الى نتيجة نهائية تدعي بأن هذا
الصرح وهذه الجامعة الاسلامية رغم استقلاليتها فانها تدار من خلال أجهزة (
السلطة ) . هذا ما يذهب اليه الفيلم وهذا ما يجعلنا نذهب الى سؤالنا
المحوري حول الأسباب التي تدعو مخرج سويدي عربي مصري الأصل لأن يذهب الى
استهدف الأزهر الشريف الذي يعتبر مركز القوة الاساسي للمذهب السني في الدين
الاسلامي بمصر.
وحينما نعلم حيثيات ذلك الاستهداف ومحاولة الاثارة نعلم
جيدا باننا أمام فيلم سرعان ما سيذهب للنسيان بعد ان يحقق شيئا من أهدافه
في اثارة المياه الراكدة والعزف على ما يتم اشاعته من خلاف بين الأزهر
والسلطة وهو أمر لا يمكن له أن يتم فنحن امام جامعة عريقة ومركز اسلامي
شامخ ظل طيلة مسيرته يعتمد على التنسيق مع الجهات الرسمية
.
فيلم ولد من الجنة ( الترجمة الأولية كانت صبي من الجنة
ولكن العنوان الرسمي والمكتوب بالعربية وبالطباشير يشير الى ولد من الجنة
ياخذنا هذا الفيلم الى حكاية الشاب ادم الذي يرشحه أمام القرية التي يقيم
بها والتي يمتهن أهلها صيد الاسماك يرشح اسمه للدراسة في الأزهر الشريف.
وفي أول أيام دراسته يفتي الامام الاكبر للأزهر وتبدأ عملية البحث عمن
يخلفه بين مجموعة من الأسماء . وهذا الأمر لا يتوقف عند قيادات الازهر
ومشايخه واساتذته بل الى المؤسسة الرسمية التي تريد أن تنتهي الأمور
لاختيار احد المشايخ الذين تعرفهم ( ليس عميل بقدر ما هو متعاون ومتفاهم
) .
وسط تلك المعمعة يجد – ادم ( توفيق برهوم ) نفسه متورطا
بعدد من الحكايات اولها تعاونه مع احد المساعدين والمتورط بالعمل مع الجهات
الرسمية الاستخبارتية . والذي سرعان ما يتم اغتياله وسط ساحة الازهر وتتوزع
الاتهامات صوب جماعة الاخوان واخرى صوب المخابرات.
تتطور علاقة ادم مع العقيد ابراهيم ( فارس فارس ) وهذا
الاخير هو النجم الاكثر حضورا في اعمال طارق صلاح . ويقوم ابراهيم بتجنيد
ادم من أجل الحصول على المعلومات . حيث يضطر ذلك الشاب تاره عبر التهديد
واخرى عبر الدعم من اجل علاج والده وثالثة ورابعة.
ومع كل معلومة يحصد الاهتمام والدعم فيما نرصد الصراع على
الوصول الى كرسي الامام الاكبر محاولة افشال هذا الاسم مرة وذاك تارة عبر
الاتهام المباشر واخرى من خلال الضغوط وأيضا عن طريق كشف الأسرار بالذات
حينما يكشف ادم اسرار احد المشايخ الذي يعمل معه بعد اغتيال مساعده وليكتشف
بان هذا الشيخ يرتبط بعلاقة زوجية غير رسمية ( عرفية ) بعد ان حملت منه
ابنة خادمته الخاصة في المنزل
.
كمية من الحكايات الملفقة والباهتة والهامشية. وأيضا
محاولات تبدو غير منطقية للحديث عن صراع ( وهمي ) بين الازهر والحكومة
المصرية وايضا وجود صراعات بين التيارات الدينية داخل الازهر ومن بينها
تحرك الاخوان المسلمين وغيرهم من التيارات الدينية
.
انه الفيلم السادس للمخرج السويدي العربي المصري الاصل طارق
صلاح ونشير الى انه في فيلم حادثة فندق النيل هليتون والذي يتناول التحقيق
في حادثة مطربة لبنانية شهيرة . ومن خلال ذلك تلك القضية تعرض المخرج صلاح
بكثير من القسوة لدور الشرطة المصرية وبكثير من السلبية التي تشرع كم من
علامات الاستفهام حول اسباب ذلك الاستهداف للشرطة المصرية
.
ذات السؤال يعود عن اسباب عملية الاستهداف للشرطة المصرية
واجهزة الامن في موضوع خاص بالازهر الشريف
.
يكمل العقيد ابراهيم مسيرته من أجل تعرية المشايخ وتحقيق
الهدف لتنصيب احد المشايخ الذين تريدهم المؤسسة الرسمية . حيث يطور تعاونه
مع الشاب ادم الذي يمضي في القيام بمهمته حتى يتحقق الهدف . ليأتي القرار
بالتخلص من ادم ولكن العقيد ابراهيم يصر على حمايته وينصحه بالعودة الى
قريته حيث يعود الى صيد الاسماك كما شاهدناه في بداية الفيلم وبهذا نحن
امام فيلم ينطلق من منظور ومعادلة محورية هي – الاستهداف – اولا للجامعة
الاسلامية الاهم في العالم – الازهر – وثانيا الى المؤسسة الرسمية حيث كم
من الاشارات المباشرة تارة وغير المباشرة تارات اخرى.
عملية استهداف لا تقبل الجدل يقوم بها فيلم – ولد من الجنة
– تهدف الى اثارة الجدل ولا شيء أبعد من كل ذلك .. لاننا أمام فيلم سيذهب
الى النسيان شأنه شأن الكثير من الأعمال التي صنعت من أجل الاستهداف وليس
من أجل الفن والسينما والابداع
.
في الفيلم محاولة من الاقتراب من عوالم فيلم باسم الوردة
وأن ظل الأول تحفة مشبعة بالغموض وفيلم ولد من الجنة بلا غموض وبلا أسرار
وبلا مضامين عميقة ثرية.
في الفيلم مجموعة من الأسماء منها فراس فارس ومحمد بكري
وتوفيق برهوم وكم اخر من الاسماء . وقد صورت جميع المشاهد في تركيا وفي
مسجد سليمان أما المشاهد الخارجية فقد صورت في القاهرة من خلال الفريق
الثاني للتصوير.
وحتى لا نطيل .. نقول بان فيلم – ولد من الجنة – انطلق من
معادلة الاستهداف قبل معادلة الفن والسينما والحقيقية والابداع .. والسينما
ليست استهداف بقدر ما هي قيم كبرى وتميز
. |