أبرز الخيارات المحيرة لأكاديمية علوم السينما في منح جوائز
الأوسكار
لطالما أربكت الأكاديمية بخياراتها الجماهير وأحبطتها. قبل
حلول موعد حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام، يستعرض لنا آدم وايت أفظع
الأخطاء في التاريخ الحديث لأرفع تكريم سينمائي
آدم وايت صحافي @__adamwhite
لا أريد القول هنا إن أكاديمية فنون وعلوم السينما دأبت
دائماً على منح جوائزها للأداءات السيئة. ما يميز تلك الجرائم التي ترتكب
في حق السينما هو وجود نجوم موهوبين يحاولون تعويض الخلل قدر استطاعتهم، من
فيولا ديفيس التي حاولت كسب أعلى تكريم عن فيلم “المساعدة”
The
Help،
إلى كولين فيرث الذي بذل أقصى جهده في تقمص الروح الملكية في فيلم “خطاب
الملك”
The
King’s Speech.
في الحقيقة، تميل خيارات
الأوسكار إلى
أن تكون محيرة أكثر من كونها مستهجَنة بشكل صريح. يبدو أن العديد من
الممثلين يفوزون عن الأداء الخاطئ (هل هناك أي شخص يعتقد أن فيلم “ما زلت
أليس”
Still
Alice
هو أفضل عمل قدمته جوليان مور؟)، بينما هناك ميل إلى تجاهل
الأداءات المثيرة في الأفلام
الاستفزازية لصالح
منح الأوسكار للخيارات الأكثر تقليدية.
يعني هذا أن وضع قائمة بأكثر الخيارات "المحيرة" أسهل بكثير
من قائمة الخيارات السيئة حقاً، وأقصد هنا المرات التي بدا فيها أن الفائز
أقل استحقاقاً من بقية زملائه المرشحين، أو عندما تغلبت اعتبارات الأوسكار
الخاصة على الأداء نفسه، مثل: من هو الشخص الذي لم يفز منذ فترة؟ من هو
الذي تجاهلناه مرات عدة؟ من هو الذي خاطر بصحته أكثر من غيره من أجل أداء
دور معين من خلال فقدان الوزن أو اكتساب الوزن أو التعرض لاحتمال انخفاض
درجة حرارة الجسم، وما إلى ذلك؟
قبل حفل توزيع جوائز
الأوسكار لهذا العام،
والذي سيقام في 28 مارس (آذار)، بحثت في الاحتفالات على مدار أكثر من 30
عاماً لأتوصل إلى قائمة تضم 13 من أكثر الأخطاء المحبطة لجوائز الأوسكار في
فئات التمثيل:
1- دانييل داي لويس عن فيلم ”لينكولن“
قول أي شيء سلبي عن دانييل داي لويس هو بمثابة تدنيس
للمقدسات - لهذا لن أفعل ذلك. لكن السيرة الذاتية لأبراهام لينكولن التي
قدمها المخرج ستيفن سبيلبرغ هي أيضاً من بين أقل الأعمال إثارة التي شارك
بها الممثل. كانت الرزانة والتحفظ يسيطران على أدائه لشخصية أحد أعظم رؤساء
أمريكا، وهما صفتان تضعفان حظوظ النجاح بجوائز الأوسكار ببساطة. عند إبقاء
ما سلف في الحسبان، فإن فوز داي لويس في عام 2013 كان مثيراً للحيرة. مع
ذلك، كنا نتمنى لو أن الأكاديمية غامرت في منح الجائزة لعمل آخر بناء على
الأسماء التي كانت مرشحة إلى جانبه. بالمقارنة مع فيلم “المعالجة بالسعادة”
Silver
Linings Playbook
المثير لـ برادلي كوبر، أو الأداء الغريب والمغوي لـ خواكين فينيكس في
فيلم”المعلم“
The Master،
(يمكنني التجرؤ على القول) إن أداء داي لويس بدا مبتذلاً بعض الشيء.
2- ميريل ستريب في فيلم “المرأة الحديدية”
The Iron Lady
ميريل ستريب هي ملكة تقنيات التمثيل. لم تكن أبداً ممثلة
تقدم أداء طبيعياً، إلا أن رؤيتها تتحرك وتومئ وتؤدي لا تزال تجربة مثيرة.
لكن في عمل مثل “المرأة الحديدية”، حيث لعبت دور مارغريت ثاتشر، وصل الأمر
حداً لا يطاق تقريباً. رغم محاولاتها القصوى، يبدو أنها لم تتملك الشخصية
أبداً، ربما لأن “المرأة الحديدية” بالعموم ليس فيلماً جيداً جداً، لكن
أداءها مشتِت بشكل لا يصدق. كما أن سباق الأوسكار في ذلك العام (2012) كان
أيضاً حافلاً بالعروض النسائية الرائعة، لكن معظمهن لم تحصلن حتى على
ترشيحات - مثل تشارليز ثيرون عن فيلم “بالغة شابة”
Young
Adult
، تيلدا سوينتون في “نحتاج إلى التحدث عن كيفن” We
Need to Talk About Kevin،
كريستين ويغ في “الوصيفات”
Bridesmaids،
و إليزابيث أولسن في “مارثا مارسي ماي مارلين”
Martha
Marcy May Marlene.
كان فوز ستريب بجائزة أفضل ممثلة، رغم كل تلك المنافسة القوية، أمراً
فظيعاً بشكل خاص.
3- جوليان مور في فيلم “ما زالت أليس”
Still Alice
كسبت مور هذا الأوسكار لأن "الوقت قد حان لمنحها جائزة".
رُشحت مور بفضل “لا تزال أليس” لجائزة الأوسكار لخامس مرة، فقررت
الأكاديمية أنها تستحق أخيراً مكاناً على منصة التتويج. في حين أنها تقدم
أداء جيداً للغاية بدور امرأة تعاني من مرض ألزهايمر المبكر، إلا أن الفيلم
نفسه لا يعلق في الأذهان. الحل السهل لتأخر مور في الحصول على تكريم كان
ممكناً في منحها الجائزة التي كانت تستحقها فعلاً في عام 1998 عن عملها
الرائع في “ليال مرعبة”
Boogie Nights،
أو عام 2003 عن فيلم “بعيداً عن الجنة”
Far
from
Heaven،
حيث جسدت الهشاشة المفجعة في شخصية ربة منزل معذبة من خمسينيات القرن
الماضي. لو لم تتبع الأكاديمية استراتيجية “حان الوقت لمنح “فلان” الجائزة”
في عام 2015 ، كان من الممكن أن يذهب أوسكار أفضل ممثلة تلك السنة بدلاً من
ذلك إلى الأداء المرعب لـ روزامند بايك في فيلم “الفتاة المفقودة”
Gone Girl.
4- مارتن لانداو في فيلم “إد وود”
Ed Wood
يحب الجميع مارتن لانداو، لذلك من الصعب انتقاد هذا الفوز
كثيراً. كما أن أداءه شخصية “بيلا لوغوسي” في هذا الفيلم الدرامي الذي لم
يحظ بالتقييم الذي يستحقه للمخرج تيم بيرتن كان جذاباً ومؤثراً. لكنه كان
أيضاً يتنافس ضد صموئيل إل جاكسون في “خيال رخيص”
Pulp
Fiction.
لو كان هناك أداء يهز كيان السينما ويصنع نجماً حقيقياً فإنه العمل المضحك
والمخيف والذي يمكن الاقتباس منه من دون توقف الذي قدمه جاكسون في فيلم
المخرج كوانتين تارانتينو الكلاسيكي. من الغريب أنه لم يحقق نجاحاً في حفل
توزيع الجوائز حينها.
5- كريستوف والتز في فيلم “جانغو الحر”
Django Unchained
أو المرة الثانية التي لم يحظ فيها صاموئيل إل جاكسون
بجائزة الأوسكار. في حين أنه يمكنكم تبرير فوز لانداو بسبب جودة أدائه في
“إد وود”، إلا أن اختيار الأكاديمية لـ والتز ليكون الفائز الأبرز من بين
طاقم عمل “جانغو الحر” ما زال محيراً - خاصةً أنه قد فاز قبل ثلاث سنوات
فقط عن فيلم آخر من إخراج تارانتينو هو”أوغاد مجهولون” Inglourious
Basterds.
كما أن النجمين اللذين شاركا والتز بطولة الفيلم - جاكسون وليوناردو دي
كابريو الذي قدم أداء مرعباً بالمثل - لم يحصلا حتى على ترشيح لجائزة أفضل
ممثل مساعد، بالإضافة إلى أن والتز تفوق في النهاية على أداء فيليب سيمور
هوفمان في فيلم “المعلم”
The
Master
فيما يعد آخر أداء رائع لـ هوفمان قبل وفاته المأساوية.
6- هيلاري سوانك في فيلم “فتاة المليون دولار”
Million Dollar Baby
بالنسبة لممثلة فازت مرتين بأوسكار أفضل ممثلة، كانت
المسيرة المهنية لـ هيلاري سوانك غريبة. فبعد آخر أداء لها في شخصية شرطية
مضطربة نفسياً في فيلم الإثارة المذهل “فاتنة”
Fatale،
ربما لم تكن سوانك بحاجة إلى جائزة أوسكار ثانية، عن الفيلم العاطفي المبكي
“فتاة المليون دولار” للمخرج كلينت إيستوود. كما أن منح أوسكار أفضل ممثلة
في ذلك العام لكيت وينسلت - عن أدائها المتميز في فيلم “ إشراقة أبدية لعقل
نظيف”
Eternal Sunshine of the Spotless Mind
- كان سيحرر الأخيرة من القول إنها مُنحت الجائزة فقط "لأن الوقت قد حان"
عندما ظفرت بالتكريم بعد أربع سنوات عن دورها في الفيلم الدرامي القضائي
الخانق “القارئ”
The
Reader
. أوه، أي أداء يستحق الجائزة أكثر.
7- مايكل كين في فيلم “قوانين منزل سايدر”
The Cider House Rules
هذا تلخيص لسباق الأوسكار في زمن هارفي واينستين، حيث مُنحت
من باب المجاملة لنوع الأفلام الدرامية التي تتناول فترة تاريخية محددة
الذي كان واينستين يدعمه بشدة ثم دخل طي النسيان بسرعة. لقد كان أيضاً
فوزاً غريباً - إذ إن مايكل كين حصل على الجائزة من قبل، عن فيلم “هانا
وأخواتها”
Hannah
and Her Sisters
عام 1986، لذلك لم تكن حجة "الوقت قد حان لمنحه الجائزة" تضغط بقوة لصالح
فوزه، كما أنه كان يواجه أربع أداءات متألقة وما زالت تُناقش حتى يومنا هذا
(توم كروز في “ماغنوليا”
Magnolia،
مايكل كلارك دنكان في “ذا غرين مايل”
The
Green Mile،
وهيلي جويل أوزمنت في “الحاسة السادسة”
The
Sixth Sense
، و جود لو في “السيد ريبلي الموهوب”
The
Talented Mr Ripley).
8- جيم برودبنت في فيلم “إيريس”
Iris
كان هذا فوزاً آخر من صناعة هارفي واينستين. فيلم السيرة
الذاتية هذا عن إيريس مردوخ الذي وزعته شركة ميراماكس فيلمز التي يمتلكها
واينستين وقامت ببطولته جودي دينش وكيت وينسلت في دور الصحفية الراحلة،
أُنتج عملياً كي يشارك في الأوسكار. قدم برودبنت أداءً لا بأس به في شخصية
زوج مردوخ المهتم، لكن أداءه لا يعلق في الذاكرة مثل الأداءات التي تنافست
معه على جائزة أفضل ممثل في دور مساعد في ذلك العام، والتي تضمنت أداء بن
كينغسلي المتلون بطريقة مضحكة في فيلم “الوحش المثير”
Sexy
Beast،
و إيان ماكيلين في شخصية “غاندالف” في فيلم “سيد الخواتم: رفقة الخاتم”
The
Lord of the Rings: The Fellowship of the Ring.
9- رامي مالك في فيلم “الملحمة البوهيمة”
Bohemian Rhapsody
في فيلم السيرة الذاتية هذا حول الموسيقي فريدي ميركوري،
يقدم رامي مالك أداءً لا تزيد جودته على ذلك المزيج الشاذ من الأسنان
المركبة والشعر المستعار السيئ والأداء الغنائي الغريب. ولكي نكون منصفين،
كانت معظم الأداءات المنافسة مباشرة لـ مالك في فئة أفضل ممثل في عام 2019
- والتي شملت “فيغو مورتينسن” في “الكتاب الأخضر”
Green
Book
و كريستيان بيل في فيلم “النائب”
Vice
على مستويات مختلفة من الفظاعة، لكن كيف نجح مالك في اجتياح موسم الجوائز
في ذلك العام لا يزال أحد أكبر الألغاز الحديثة في تاريخ هوليوود الحديثة.
كان أداء برادلي كوبر القاسي والمفجع في “ولادة نجمة”
A Star
Is Born
هو الأجدر!
10- جيسيكا تاندي في فيلم “توصيل الآنسة ديزي”
Driving Miss Daisy
هذا مثال على أداء شهير حاز على الأوسكار من السهل نسيانه
لدرجة كأنه لم يحدث أساساً. في الفترة التي سبقت حفل توزيع جوائز الأوسكار
لعام 1990 ، فازت ميشيل فايفر بجميع الجوائز الممهدة عن فيلم “أولاد بيكر
الرائعون” The
Fabulous Baker Boys
- بحيث كان عدم فوزها بالأوسكار أحد أكبر مفاجئات تلك الليلة. مع ذلك، كان
من الممكن أن يكون فوزاً عظيماً. قدم دورها كمغنية مغمورة من الطبقة
العاملة بعضاً من أكثر اللحظات التي لا تنسى في السينما - كمشهد تمايلها
وهي مستلقية فوق البيانو أثناء أداء أغنية "ميكينغ ووبي"- ولغاية سباق عام
2021، لم تفز فايفر حتى الآن بجائزة الأوسكار على الرغم من العديد من
الأداءات التي تستحق الجائزة. إضافة إلى ذلك، مع كل الاحترام الذي تستحقه
تاندي، فإن قيمة “توصيل الآنسة ديزي” قد تدهورت مع مرور الزمن.
11- أليسيا فيكاندر في فيلم “الفتاة الدنماركية”
The Danish Girl
بمناسبة الحديث عن "تدهور الجودة مع الزمن" أذكر هنا فيلم
“الفتاة الدنماركية!”. هذه الغلطة السينمائية حول امرأة متحولة رائدة،
والتي وصل أداء إيدي ريمدمان لها إلى درجات خيالية من السوء، فازت بجائزة
الأوسكار الوحيدة في رصيدها من خلال أداء شخصية زوجة ريدماين على الشاشة.
إنها طريقة كلاسيكية في منح جائزة "أفضل ممثلة في دور مساعد"، حيث أسند لـ
فيكاندر دور شريكة عانت طويلاً وأتيحت لها الفرصة في مشهد واحد على الأقل
للتعبير عن غضبها الشديد. لكن يا لها من هفوة! خاصة بالمقارنة مع زميلاتها
المرشحات الأخريات، ومن بينهن روني مارا عن فيلم “كارول”
Carol
وجينيفر جيسون لي في فيلم “الثمانية المقيتون”
The
Hateful Eight
- للأسف لا يمكننا سوى القول إن الأوسكار مُنح لها فقط لأن "الوقت قد حان".
12- غاري أولدمان في فيلم “الساعة الأحلك”
Darkest Hour
هذا مثال حقيقي عن تمكن المكياج المتقن بشدة من إكساب ممثل
جائزة أوسكار. في تلك المرحلة، كان غاري أولدمان يستحق جائزة أوسكار منذ
عقود، لكن ربما عن عمل مثير أكثر من فيلم السيرة الذاتية الباهت هذا عن
ونستون تشرشل. في هذا السباق، كان أولدمان في مواجهة مع ثلاثة أداءات مذهلة
(دانييل داي لويس في “فانتوم ثريد”Phantom
Thread
، تيموثي شالاميت في “نادني باسمك”
Call
Me by Your Name،
و دانييل كالويا في “اخرج”
Get
Out)
مما جعل أداءه يبدو غير ملهم جداً بالمقارنة. حتى أداء دينزل واشنطن الغريب
في فيلم “رومان جيه إسرائيل”
Roman
J Israel
الذي لم يلفت الانتباه كثيراً، كان من الممكن أن يفوز من دون أن يكون
محيراً لهذه الدرجة.
13- ماهرشالا علي في فيلم “الكتاب الأخضر”
Green Book
ماهرشالا علي هو ممثل استثنائي، لكن لا يمكننا إنكار ذلك
الشعور الفاتر حول فوزه عن هذا الدور. تعرض “الكتاب الأخضر” لهجوم النقاد
الذين جادلوا بأنه يخلد صور المخلص الأبيض ويحرّف حقيقة الشخصية التي
يقدمها علي - الموسيقي الواقعي دون شيرلي. التعاطي مع العمل والحكم عليه
بهذه الطريقة السيئة أفسدا أمراً كان يجب أن يكون مدعاة للاحتفال. ماهرشالا
علي رائع! وكانت تلك المرة الثانية التي يظفر فيها بأوسكار خلال ثلاث
سنوات! لكن “الكتاب الأخضر”، على عكس فيلم” “ضوء القمر”
Moonlight
الساحر والجميل، كان كريهاً حقاً! الأسوأ من ذلك، فوز علي عنى أنه تم تجاهل
الأداء الرائع لـ ريتشارد إي غرانت في فيلم “أيمكنك أن تغفر لي أبداً؟”
Can
You Ever Forgive Me؟،
الذي كان يجب أن يحظى بنصيب من الجوائز أكبر بكثير مما حصل عليه.
© The Independent |