خالفنا التوقعات بأن المهرجان سيستمر لعامين فقط
يترقب قطاع كبير من جمهور السينما فى مصر والوطن العربى،
انطلاق الدورة الخامسة لمهرجان
الجونة السينمائى،
اعتباراً من غد حتى يوم 22 أكتوبر الجارى، لما حققه من نجاح كبير على مدار
دوراته الأربع السابقة، إذ أصبح بوصلة السينمائيين فى الدول العربية.
وفى حواره لـ«الوطن» تحدث انتشال التميمى، مدير المهرجان،
عن أبرز الاستعدادات للدورة الخامسة، والتحديات التى واجهت الإدارة،
واختزال الجمهور لهذا المحفل الفنى فى الـ«ريد كاربت» فقط، وحجم المشاركة
العربية لهذا العام، وتكريم النجم أحمد السقا، وغيرها من التفاصيل، وإلى نص
الحوار:
مدير «الجونة السينمائى»: الدورة الخامسة تمتلك حصة الأسد
من الأفلام العربية والوثائقية.. وسياستنا لا تعتمد على تكريم «الراحلين»
·
فى البداية ماذا عن الاستعداد للدورة الخامسة للمهرجان؟
-
عادة، أرى أن أى دورة جديدة تحمل معها تحديات مُختلفة عن الأخرى، لكن
الدورة الخامسة لها طابع خاص من وجهة نظرى، فهناك نوع من الرمزية لهذا
الرقم، ولدىّ شعور بالرضا لما حققناه على مدار الدورات الأربع السابقة،
لذلك فإن الدورة المُقبلة كل ظروف نجاحها محسوسة وملموسة تقريباً، وأعتقد
أنه كانت هناك تصورات واعتقادات بأنّ هذا المهرجان سيستمر عامين أو ثلاثة
على أقصى تقدير مثل كثيرٍ من المهرجانات الأخرى، لكن كل يوم وسنة تمر علينا
يتبين أن «الجونة السينمائى» صار مشروعاً ثقافياً جاداً يحاول أن يلتقى
بالسينمائيين العرب والدوليين، وأصبح علامة مهمة للمجال السينمائى فى الوطن
العربى.
·
هل هناك استراتيجية واضحة للمهرجان منذ الدورة الأولى؟
-
بالطبع، فلا يوجد مهرجان ناجح بلا استراتيجية واضحة للعمل عليها، وفى رأيى
أن أحد أهم أسباب
«الجونة
السينمائى»
حتى الآن هو وجود مفهوم واضح له، سواء كان بعدد الأفلام التى عُرضت ونوعها،
ونوع لجان التحكيم، وكذلك عدد الضيوف، ونوع الحفلات وشكلها، والتغطية
الصحفية والإعلامية، فضلاً عن منصة الجونة السينمائى، فكل هذا كان مرسوماً
بشكلٍ متكامل منذ البداية، حتى نمضى للأمام، فأعتقد أنّ أى مهرجان يقف فى
مكانه لأكثر من دورة يُعد فشلاً ذريعاً جداً، فنضع أعيننا نحو المُستقبل مع
كل خطوة نتخطاها.
·
كم عدد الدول والأفلام المُشاركة فى الدورة الخامسة؟
-
نحن لم نُعلن عن تفاصيل البرنامج بعد، لكن أعلن سلفاً أنّه سيكون لدينا نحو
80 فيلماً من دولٍ مختلفة، حيث جرى الاستقرار على 75 عملاً وما زالت عملية
الانتقاء مستمرة حتى الآن، فمسابقة الأفلام الروائية الطويلة وكذلك القصيرة
والبرنامج الخاص تم اكتمالها بشكلٍ نهائى، ملامح البرنامج خارج المسابقة
ينقصها نحو عملين أو ثلاثة على الأكثر، لكن نحن فى وضع مريح جداً بخصوص هذا
الإطار.
·
وكم عدد الأفلام المصرية على وجه التحديد؟
-
لدينا 7 أفلام مصرية هذا العام، وهو الرقم الأعلى فى تاريخ المهرجان حتى
الآن، وهو ما أرجعه إلى الإنتاج السينمائى، ليس لمجرد أننا «أبطال»، لكن
أعتقد أنّ أبرز ما يُميزنا أننا أصبحنا المكان الذى يرغب كل مخرج أن يوجد
به، ونحن نستقبل ما نراه ملائماً لمنهج البرمجة.
·
ما رأيك فى حجم مشاركة الأفلام العربية بهذه الدورة؟
-
لدينا 16 فيلماً عربياً بالدورة الخامسة، فدوماً نحاول أن نكون المكان الذى
يستقطب ويجذب ليس الأفلام الدولية فقط، وإنما العروض العربية أيضاً،
باعتبار المهرجان يُعقد جغرافياً فى منطقة عربية، فضلاً عن وجود اهتمام
دولى كبير بالسينما العربية حتى من قِبل الأجانب الذين يحضرون المهرجان،
فبالتالى كل عام نسعى أن يكون لدينا تمثيل مصرى وعربى جيد.
·
فى اعتقادك.. ما الذى يُميز «الجونة السينمائى» عن غيره من
المهرجانات بالنسبة للمُشاركة العربية؟
-
فى البداية، أود التأكيد على أن المهرجانات لا تصنع أفلاماً، وإنما هى مجرد
منصة لعرض الأعمال، وبالتالى إن كانت هناك سنة ضعيفة على مستوى إنتاج
الأفلام، سينعكس ذلك بالتبعية على المهرجان والعكس صحيح، وأرى أن ما يُميز
«الجونة السينمائى» عن غيره من المهرجانات هو وجود أفلام عربية فى مسابقاته
المختلفة، وليس هناك قسم خاص بها، ودائماً لا نسمح بأن يزيد عدد الأفلام
العربية فى كل مسابقة على الثلث، هذا للحفاظ على الطبيعة الدولية، فنحاول
استقطاب أفضل العروض العربية بما يتناسب مع برمجتنا، وأعتقد أنّ هذا العام
لدينا حصة الأسد من الأفلام العربية الروائية والوثائقية الجيدة، ولدينا
عرضان وثائقيان من مصر ولبنان سيُعرضان عالمياً لأول مرة من خلال الدورة
الخامسة.
اختزاله فى الـ«ريد كاربت» مرفوض وفرض إجراءات أكثر صرامة
بسبب «كورونا»
·
ما تعليقك على اختزال قطاع من الجمهور للمهرجان فى الـ«ريد
كاربت» فقط؟
-
لا أتصور أن يكون الأمر بهذا الشكل، فصار هناك تبديد لهذه التخيلات
لاعتبارات عديدة، منها أننا ندعو ممثلين عن الكيان السينمائى المصرى
والعربى من فنانين ومصورين ومخرجين بجانب صُنّاع موسيقى الأفلام وكل جوانب
الإنتاج السينمائى، فضلاً عن الصحفيين والإعلاميين وغيرهم، ومن ثمّ فهم
لديهم فرصة للسير على الـ«ريد كاربت»، وأرى أنّ قطاعاً من الجمهور كوّن هذه
الرؤية لأن حفلى الافتتاح والختام يُحققان أعلى المُشاهدات مقارنة بباقى
الفعاليات، باعتبارهما يُعرضان عبر منصات البث التليفزيونى، لكن «الجونة
السينمائى» به مادة فيلمية من كلّ مكان، كما أنّه يُقدم دعماً للسينمائيين،
وكل سنة نحاول التطوير وزيادة الدعم لشباب السينمائيين، فبالفعل قد يكون
هناك تسليط ضوء على حفلى الافتتاح والختام، لكن المهرجان أصبح محل اهتمام
للصحافة والإعلام والسينمائيين طوال العام.
·
ماذا عن الضيوف الأجانب هذا العام؟
-
لدينا عدد كبير من الضيوف هذا العام، سواء محليين أو عرب أو أجانب، لكننا
لا نستطيع الإفصاح عن أى اسم حتى الآن، وهناك جزء كبير تم الحصول منهم على
الموافقة بالحضور، فيما لا يزال جزء لم يتحدد مشاركتهم بعد حتى الآن، وذلك
نظراً لصعوبة إجراءات السفر فى ظل جائحة كورونا، لذلك نواجه صعوبة بخصوص
هذا الأمر، لكن فى كل الأحوال سيكون لدينا عدد ضيوف أجانب لا يُقارن بدورة
العام الماضى، باعتبارها كانت الأصعب فى ظل الجائحة، سندعو أجانب وسيكون
صداها أشبه بالمفاجأة بإذن الله.
المهرجانات السينمائية لا تصنع أفلاماً ولكنها منصات
لعرضها.. والشركات الراعية وراء وجود شخصيات غير معروفة على السجادة
الحمراء
·
برؤيتك.. ماذا عن دور منصة الجونة السينمائية فى دعم صناعة
السينما؟
-
أرى أنّ المنصة واحدة من الجوانب التى نفتخر بها فى المهرجان بشكلٍ عام،
ودورها أن نخلق ظروفاً إنتاجية مناسبة للمشروعات لتُصبح أفلاماً فى
المستقبل القريب ما يدعم السينما العربية، فالمنصة لديها مفهوم ورؤية واضحة
وهو ما لاقى ترحيباً كبيراً من السينمائيين، الذين حرصوا على تقديم أفضل ما
لديهم من مشاريع، لنمضى جميعاً إلى الإمام، وأعتقد أنّ 65% من مشاريع منصة
الجونة شاركت فى مهرجانات عالمية، مثل فيلم «يوم الدين»، لذلك لسنا قلقين
من مستقبل هذه المنصة، بينما نقلق من أنفسنا من أنه كيف نستمر بنفس الشغف
والاهتمام؟.
·
وما سر اختيار الفنان أحمد السقا لمنحه جائزة الإنجاز
الإبداعى لهذا العام؟
-
بالتأكيد الاختيار لم يكن اعتباطياً، دوماً يكون لدينا مجموعة من الترشيحات
بشكلٍ دورى بشأن التصويت على أحدهم، فمصر ولّادة وبها عشرات الأسماء التى
تستحق التكريم، فالأهم بالنسبة لنا كمهرجان عدم الخروج من دائرة الأشخاص
المستحقين للتكريم، ولا الاتجاه لأشخاص أقل استحقاقاً، وأعتقد أننا كرمنا
أسماء مهمة على مدار السنوات الماضية، وأبرزهم عادل إمام ومحمد هنيدى وخالد
الصاوى، بالإضافة للنجوم العالميين بكل تأكيد.
·
ما حقيقة تكريم اسم الفنان الراحل سمير غانم وزوجته الراحلة
دلال عبدالعزيز؟
-
هذه مجرد شائعة، «الجونة السينمائى» لديه نظام بخصوص التكريمات، وليس مثل
بعض المهرجانات التى يصعد على مسرحها 10 مُكرمين، ليأخذ التكريم الطابع
المجانى، فالأمر بالنسبة لنا مختلف تماماً لأننا نُكرم 4 شخصيات كأحد أقصى،
وذات جنسيات مختلفة، كما أننا لم نُكرم فنانين راحلين منذ نشأة المهرجان،
ولكن نحرص على عرض مواد مصورة لهم على هامش الدورة كما حدث العام الماضى،
ولاقى ردود فعل إيجابية من قبل الضيوف، فبالتأكيد سيكون هناك اهتمام كبير
بالفنانين سمير غانم ودلال عبدالعزيز، بالدورة الجديدة، كونهما علامات
بارزة فى السينما المصرية والعربية.
·
هل من الوارد تكريم نجم كبير لكنه مُثير للجدل؟
-
بشكلٍ عام، نحن نتعامل مع التكريمات من الجانب السينمائى، لكن بالطبع لا
يُمكننا إغفال الجوانب الأخرى، لاسيما أنها شخصيات عامة ومؤثرة على المستوى
الاجتماعى والفنى والسياسى، وبالتالى نحرص على تفادى أشكال الإزعاج كافة،
إذ نتعامل مع الأمر بشكلٍ جاد، وحتى الآن المهرجان كرّم أسماء بارزة من مصر
والعالم كله، سواء مُمثلين أو مخرجين أو منتجين أو حتى نقاد، فالتكريم هو
محاولة استعادة جهود الأشخاص المُستحقة.
نلجأ لـ«الفصال» كأننا مهرجان فقير.. وواجهنا إهدار الأموال
بسياسات محكمة.. وأتمنى حصة دعم «ساويرس» أن تكون الأقل مستقبلاً
·
وما ردك على انتقادات بعض الفنانين لعدم توجيه دعوات لهم
بحضور الدورات الماضية؟
-
المهرجان لديه قدرة محددة لدعوة عدد معين من الفنانين، فنوجه فى كل دورة
دعوات للفنانين، على أساس وضعهم من الإنتاج السينمائى السنوى، فليس معنى
أنّ هناك فناناً قديراً كبيراً فى السن وله تاريخ سينمائى مهم، أن تكون
دعوته واجبة، فالأهم هو مستقبل السينما وحاضرها، إذ إن فريق عمل المهرجان
له قدرة محددة لاستضافة عدد معين من الفنانين، وكذلك وفقاً للطاقة
الاستيعابية للفنادق الموجودة بالجونة والسيارات، فضلاً عن الميزانية بشكلٍ
عام، فنحن ندرس كل هذه العناصر، وبالتأكيد لم نُرسل دعوة لأى فنان بشكلٍ
اعتباطى أبداً، فنضع قائمة بمئات الأسماء، ونختار منها بناءً على التصويت،
حتى نستقر على القائمة النهائية، وأود الإشارة إلى أنّ هناك فنانين يضعون
طلبات للمهرجان لكنها غير قابلة للتطبيق، فنعتذر لهم، إذ نتعامل معهم
جميعاً بشكلٍ متساوٍ، أما بخصوص تعليقات البعض بشأن مرور شخصيات غير معروفة
على الـ«ريد كاربت»، فنسعى للسيطرة على هذه الأزمة، كونهم غير مدعوين من
قبل المهرجان، بينما تكون من الشركات الراعية، التى تحصل كل منها على 20
دعوة تقريباً.
·
أخيراً.. ما خطة المهرجان بشأن الإجراءات الاحترازية
لمواجهة كورونا وضمان سلامة الضيوف؟
-
تلقينا بروتوكولاً من وزارة الصحة، قبل أيام، بشأن الاتفاق على التفاصيل
الكاملة بما يتعلق بسلامة ضيوف الدورة الخامسة، إذ ينص البروتوكول على
ضرورة حصول فريق عمل المهرجان على اللقاح دون تهاون، أما الضيوف الأجانب
غير الحاصلين على اللقاح، فسيجرون تحليل
PCR
فور وصولهم القاهرة بيومين، أما فيما يتعلق بالصحفيين لم يتحدد موقفهم بعد،
إما إجراء التحليل وإما التطعيم، بالتأكيد ستكون هناك إجراءات أكثر صرامة
من العام الماضى، لاسيما أن ظروف التطعيم باتت أسهل، وعن نفسى أتمنى مرور
الدورة الخامسة بسلام دون إصابة أى من المشاركين فيها بـ«كوفيد 19».
الميزانية
نحن لا نُعلن عن الميزانية قط، لكنها الميزانية الكافية
لإنجاز العمل، بعيدة تماماً عن الإسراف والتقصير، حيث نستخدم ما لدينا من
موارد بشكلٍ أفضل، ما يُسهم فى خروج الدورة بشكلٍ متميز، وأعتقد أنّ الدورة
الأولى كانت الأعلى فيما يتعلق بالميزانية، والثانية كانت ثابتة لم تتغير،
لكن أصبحنا مسيطرين على الأمر بطريقة أفضل، وصار الإهدار المالى أقل،
فمعرفتنا بالتفاصيل كافة تُساعدنا على إدارة الموارد بأفضل آلية، لكن إلى
أى مدى سنصمد بنفس الميزانية؟، أعتقد سنحتاج إلى ميزانية أعلى حتى يكون
طموحنا أكبر، وبوجهٍ عام أنا أشعر بالراحة بالنسبة لاستخدامنا المالى كونه
مُبرمجاً بشكل جيد، وكثيرٌ من الأشياء «نفاصل» مثلما يفعل أى مهرجان فقير،
وفى الوقت نفسه لا نسمح للظروف المالية أن تُعرقل طريقنا أمام تحقيق أى عمل
مناسب، وأود الإشارة لشىء مهم جداً، أنّ كلّ سنة تمر علينا تكون المُساهمة
المالية من خارج عائلة ساويرس وأوراسكوم أقل، مقارنة بدعم المُعلنين،
وأتمنى أن تقل حصة «ساويرس» الأعوام المُقبلة. |