أعمال الكاتب وحيد حامد باتت نوعا من التأريخ لحقب زمنية
متعاقبة وتنبّؤا بالمستقبل وقد واجه من خلالها طيور الظلام وقدم توثيقا
جديدا للمتطرفين والإرهاب.
ودعت مصر يوم السبت 2 يناير المؤلف والسيناريست وحيد حامد
بعد مشوار امتد لأكثر من نصف قرن أثرى خلاله الدراما السينمائية
والتلفزيونية والإذاعية بأعمال جسدت هموم وأحلام مجتمعه، ما جعله أبرز
كتّاب السيناريو في مصر والعالم العربي لما لأعماله من تأثير كبير.
القاهرة- لم
أجد الكلمات الكافية لرثاء المؤلف والسيناريست المصري وحيد حامد الذي رحل
عن دنيانا، صباح السبت، لكن المؤكد أن خسارة الفن برحيله فادحة، فقد قدم
أعمالا مهمة في السينما والدراما، وسوف تظل علامات فارقة في طريق الفن، فكل
عمل منها ترك بصمة معينة.
كم هي ثقيلة الكتابة عن الراحل، فقبل رحيله بيوم واحد كنت
أتأمل صورا شخصية جمعتني به عبر لقاءات عدة، أو خلال حوارات صحافية أجريتها
معه على مدار السنوات الماضية، كشف فيها الكثير من أسرار أعماله الفنية،
منها حوار صريح
ومطول نشرته “العرب” منذ حوالي عامين، حول الإرهاب والمتطرفين وجماعة
الإخوان.
هاتفته أكثر من مرة لإجراء حوار جديد معه لـ”العرب”، للحديث
عن مشروعه الخاص بالجزء الثالث لمسلسل “الجماعة”، فرد ببساطة “لا يمكن أن
أرفض لك طلبا” وحددنا الموعد، لكن هاتفني قبل الموعد بيوم وطلب التأجيل
بسبب ظروفه المرضية، وقد تكرر الأمر أكثر من مرة، ولم أتخيل لحظة أن القدر
سبّاق ولن تتاح فرصة لإجراء الحوار معه.
كان يجلس على ضفاف النيل بأحد الفنادق الكبرى، وهو مكانه
المعتاد لإجراء اللقاءات وكتابة أعماله، ولم يبرحه على مدار مسيرته
الطويلة. وطالما راودني التفكير؛ هل النيل من مصادر إلهامه، ومنه استمد
أفكاره؟
سؤال أجاب عنه بقوله “لا أحب الحواجز أو الأماكن المغلقة،
حيث تربيت في القرية، ورأيت الكون أكثر اتساعاً، والخلاء بامتداد ناظري،
لذلك اعتدت البراح، وأسافر دوما إلى الأماكن الفسيحة، وعندما يصيبني الملل
ألجأ إلى أماكن مفتوحة تطل على البحر، فقد أذهب إلى الإسكندرية أو الغردقة
بمصر أو مدينة نيس الفرنسية، وأجلس في مقهى يطل على البحر”.
استشعار بالاكتفاء
"الجماعة"
من أشهر أعمال الكاتب حيث قدم من خلاله دراما تفضح رموز التطرف مثل سيد قطب
في إحدى المرات خلال شهر رمضان عام 2017 حين جمعني به حوار
حول الجزء الثاني من مسلسل “الجماعة”، الذي ناقش فيه علاقة الإخوان بالرئيس
الراحل جمال عبدالناصر، وتطرق فيه إلى حياة منظر الجماعة سيد قطب، كنت
شاهدة على مدى دقته وبراعته في تتبع كل الخيوط التاريخية، فأطلعني في حينها
على أوراق تخص تفاصيل محاكمة وأوراق قضية سيد قطب وكواليس إعدامه، فقد كان
يعكف على كتابة مشهد إعدام قطب، مستعينا بالوثائق ليخرج المشهد واقعيا
ومحاكيا للحقيقة.
وقتها قال “جئت فجأة ودون إعداد أو تجهيز، وهذه الوثائق معي
أستند إليها في الكتابة”، وأطلعني بالفعل عليها، وكانت تلك المستندات تعود
إلى دار الوثائق المصرية، ودهاليز المحاكم، بشأن التحقيق في قضية 1965 أمام
الدائرة 43 من قلب سجلات المحاكم ومكتوبة على الآلة الكاتبة.
آمن حامد بدنوّ الأجل منذ زمن، فإذا سألته عن مشروع مستقبلي
يعكف عليه أو يشرع في العمل عليه يسبق كلامه بعبارة “إذا أمد الله في
أجلي”، ومن بينها مشروع فيلم “قيس وليلى” الذي كان يعكف على كتابته، وقال
وقتها “لو في العمر بقية، وتمكنت من الانتهاء من الفيلم، أفكر أن أرتاح
قليلا، وأنتقل إلى جمهور المشاهدين.. خلاص”.
الكاتب كان يعايش المواقف الحياتية المختلفة لشخصياته
وينسجها في شكل حكايات أبطالها شخوص من لحم ودم
أسرّ لي بهذه الرغبة منذ ثلاث سنوات، وسألته عن أسبابها،
حيث كنت أعتقد أن شخصا مثله لا يمكن أن يعتزل، ولا خيار له في ذلك، فالعطاء
ينبغي أن يظل متدفقا بلا انقطاع كي تتعلم منه الأجيال المتعاقبة.
وأوضح أن هناك أسبابا كثيرة تدفعه إلى القرار، فمن حق المرء
أن يستريح، وفي قرارة نفسه شعر أنه لم يقصر في تقديم شيء طيب للناس، سواء
كان مخطئا أو على صواب، فهو صادق في الحالتين، فليس شرطاً أن يكون على
صواب، لكنه كان ملتزما الصدق دوما، فقد يحمل وجهة نظر ويظل مقتنعا بها فترة
زمنية، وفي فترة لاحقة تتغير، وبالتالي يأتي الحكم مختلفا.
وحامد صاحب توقعات مستقبلية تحققت فعلاً عقب سنوات من
صياغتها، ونال درجة كاتب برتبة خبير سياسي واجتماعي، حيث توقع عبر مؤلفاته،
خاصة في السينما، الكثير من التحولات التي طرأت على المجتمع المصري، ورصد
المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهبوط شرائح وصعود أخرى،
وواجه التيارات المتطرفة وأباطرة الفساد بكتاباته.
باتت أعمال حامد نوعا من التأريخ لحقب زمنية متعاقبة، جاءت
حصيلة فكره ورؤيته المستنيرة، حيث صاغ الواقع ببراعة، واجتذب النخبة
والجماهير إليه، لم يكن راصداً فحسب، بل تمتع برؤية ثاقبة جعلته قادراً على
التحليل واستشراف المستقبل.
ولد حامد في قرية “بني قريش” في محافظة الشرقية عام 1944،
في كنف أسرة ريفية بسيطة، ثم انتقل إلى القاهرة لدراسة علم الاجتماع وتخرج
في كلية الآداب سنة 1965.
تشكل وجدان الكاتب بداخله عبر قراءاته المتنوعة لكبار
الأدباء والمثقفين في مصر والعالم، وبدأ ككاتب للقصص القصيرة التي لاقت
رواجا، ولم تخف غزارة موهبته، وحين اتجه إلى الكتابة الدرامية لقي نجاحاً
لافتاً.
حملت غالبية أفلامه من فرط واقعيتها عبارة “هذا الفيلم خيال
سينمائي، وأي تشابه محض صدفة”، وجمعته شراكة سينمائية بنخبة من أهم مخرجي
السينما وغيرهم، بينهم عاطف الطيب، أحد أفضل مخرجي الواقعية، عبر خمسة
أفلام من إجمالي 21 عملاً للمخرج الراحل. يتصور البعض أن دراسته حامد لعلم
الاجتماع ساعدته في فك شفرات المجتمع المصري كثيرا، لكن تضاف إليها الموهبة
والذكاء والملاحظة الدقيقة والتحليل العميق والقدرة على الصياغة.
ترسخ في وجدانه أن الإبداع لا يحتاج إلى مؤهل دراسي معين،
فهناك شاعر أو فنان مبدع ربما لا يحمل مؤهلا دراسيا، فالعلم مطلوب
بالتأكيد، لكن لا بد من توافر الثقافة، والانخراط الكامل في المجتمع، ومن
هنا يستطيع المبدع بموهبته ودراسته لأحوال الناس وقناعته، التعبير عنهم.
في مواجهة التطرف
واجه الراحل التطرف في أوج سطوة المتطرفين وتهديدهم لرموز
المجتمع المصري خلال فترة التسعينات، وغاص في العوالم الداخلية لجماعات
الإسلام السياسي، كما لو كان يعيش بينهم أو اعتنق فكرهم يوما.
قال في أحد لقاءاتنا التي تعددت “اعتدت عندما أقدم على
كتابة عمل أو موضوع ما أن أستعد له جيدا، وحين تطرقت إلى قضية الإرهاب في
بعض أعمالي، حرصت على دراستها، واعتمدت على الحقيقة عبر جمع المادة الخاصة
بي، فهذا الشأن الخيال به قليل للغاية، وتحتل الوقائع التاريخية الأولوية،
لذا كان لا بد من الاطلاع على دراسات من مصادر مختلفة للتوصل إلى الحقيقة،
فهذا توثيق جديد لفكر الإرهاببين بدون كذب”.
لم يرصد حامد هذه الحقائق الخاصة بقضية التطرف والإرهاب
الذي عايشه الجميع، لكنه تمكن من قراءة المستقبل من خلال أعمال عدة، أهمها
فيلم “طيور الظلام” الذي توقع الصدام بين الحزب الوطني الحاكم في مصر،
وجماعة الإخوان، وألمح إلى أن العلاقة إلى فراق.
وحيد حامد بدأ ككاتب للقصص القصيرة التي لاقت رواجا وحين
اتجه إلى الكتابة الدرامية لقي نجاحا لافتا
رفض المزاعم التي قالت إنه يعلم الغيب، وأوضح “لا يعلم
الغيب إلا الله، كنت مثل طلبة الكليات العلمية، ففي الكيمياء مركب مع مركب
يقدم مركبا مختلفا، وكونت رؤية صادقة للمجتمع، ونظرة لما سوف يحدث، وإلى
أين سوف يذهب بنا هذا الطريق، اعتدت أن أطرح السؤال والمعطيات وأصل من
خلالهما إلى النتائج”. وأضاف “الأمر ليس به سحر أو شعوذة، المسألة هي
القراءة الصحيحة للواقع، وهو ما استقرأته منذ سنوات، لأن الاحوال ثابتة،
بينما يتغير الشكل والأشخاص فقط”.
تتعلق الإشكالية بعرض الحقيقة، لذا حرص عندما كان يتطرق إلى
قضية الإرهاب على تحري الحقائق وجمع المادة الخاصة بأدبيات المتطرفين، لأنه
لا مجال للخيال في ذلك إلا قليلاً، حيث تحتل الوقائع التاريخية الأولوية.
كان حامد قادرا على معايشة المواقف الحياتية المختلفة،
ونسجها في شكل حكايات وتحويل أبطالها إلى شخوص من لحم ودم، فلم تأت كتاباته
من فراغ، بل عبر مواقف من حياته عايشها واختزنها في عقله، وحين يحتاجها
يستدعيها تلقائيا بمفردها.
وهو ما حدث مع فيلمه “البريء”، بطولة الفنان الراحل أحمد
زكي، فشخصية “سبع الليل” التي جسدها، تمثل نمطا عرفه وصادفه حامد في قريته،
وكتب العمل مدفوعاً بمعايشته لموقف شخصي مماثل، وأخبرني بذلك قائلا “في
أثناء مشاركتي في مظاهرات يناير 1977، تعرضت للضرب بضراوة من أحد جنود
الأمن المركزي (قوات مكافحة الشغب)، توجعت والتفتّ إليه ففوجئت بأنه
يناديني يا (بلدياتي)، أي من نفس القرية، ويعرف كلانا الآخر، وحينها بادرني
بسؤال استنكاري؛ أستاذ وحيد هو أنت من أعداء الوطن؟ ومن هنا جاءت فكرة فيلم
البريء”.
حمل الفيلم إسقاطات سياسية عميقة، من حيث استغلال جهل وأمية
جنود الأمن المركزي، ورسخ قادتهم في أذهانهم أن من يشاركون في المظاهرات
ويدعون إلى الديمقراطية والحرية هم أعداء الوطن. كان ابن القرية الشاب
الجامعي “حسين وهدان” الذي جسده الفنان الراحل ممدوح عبدالعليم، وعلّم “سبع
الليل” مبادئ الوطنية وشجعه على الالتحاق بالقوات المسلحة لم يكن سوى وحيد
حامد نفسه في شبابه.
واجه الراحل خلال مسيرته محاولات المنع والتلاعب في أفلامه،
فتم تغيير نهاية فيلم “البريء”، وأخبرني أنه جرى حذف دقيقتين كاملتين،
وقرابة 15 جملة حوارية منه، لينتهي نهاية مصطنعة، حيث يصرخ أحمد زكي بينما
هو يقبض على سلاحه، ولم يعلم حامد كيف تم ذلك.
وقال لي شخصيا “لم يجر حذفهما من قبل الرقابة، لكن عبر جهة
لم أعلمها حتى الآن، ولم نتوصل إلى تلك الجهة التي أعتقد أنها أمنية، وأدى
حذف المشهد إلى التأثير على المستوى الفني والرأي العام، مع ذلك لا يزال
يلقى قبولاً جماهيريا غير عادي”.
وجرى الاعتراض على فيلمه “ملف في الآداب”، لاحتواء القصة
على انتهاكات شرطية، فقال حامد “وقعت والمخرج عاطف الطيب تحت طائلة الضغوط
الأمنية ولم نرضخ لها، وأمام إصررانا استنادا إلى القانون خرج هذا العمل
وغيره إلى النور، فالكتابة سهلة لكن الدفاع عنها أمر صعب”.
مشروعات مؤجلة
الفكرة بالنسبة إلى حامد مثل “النطفة”، تحتاج فترة من الحمل
كي ينمو الجنين ويخرج مولوداً، ويفكر الكاتب بها حتى يصيغها عبر كلمات
متقنة.
تمكن من سبر أغوار المجتمع المصري وتحولاته، لاسيما الطبقات
الدنيا والفقيرة بدقة، ويعود ذلك إلى انتمائه لعائلة ريفية فقيرة، لكنه
ترعرع خلال فترة تمتع فيها الريف المصري بطابع مهم للغاية، أضحى مفقوداً
حاليا، حيث كانت الغالبية تتشابه في الفقر والمستوى الاجتماعي والاقتصادي،
ويعملون جميعاً في مهنة الزراعة. لم يكن الفقر عيباً، لكن انعدام الشرف
والكرامة هما العيب الحقيقي، إذ كان الفلاح الفقير لا يملك من حطام الدنيا
إلا قطعة صغيرة من الأرض، وتملأه الكبرياء والشموخ وعزة نفس.
من بين المشروعات المؤجلة، أو تلك التي لم تخرج إلى النور
هناك فيلم “العبّارة”، ويتناول الحادث الشهير لغرق “عبارة السلام” في البحر
الأحمر وعلى متنها أكثر من ألف شخص، خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك،
وكتبه الراحل منذ سنوات، لكنه ما زال في الأدراج.
توج عبر مسيرته الإبداعية بعدة جوائز، بينها جائزة الدولة
التقديرية عام 2008، وحصل عام 2012 على أرفع جائزة تمنحها الدولة وهي جائزة
النيل
فسر وحيد حامد أسباب ذلك بقوله “حقيقة الأمر أنه لا يوجد
تمويل لصناعة الفيلم، فكلفة إنتاجه باهظة للغاية، وتبنّت المشروع شخصية
سعودية بارزة، كانت متأثرة للغاية بالحادث وأمدني الرجل بمعلومات ووثائق
كثيرة حول الحادث، وأعلن أنه سينتج الفيلم، لكنه تراجع أمام ارتفاع
التكلفة، ربما تراجع عن الإنتاج، لكنه كان شريفاً للغاية، وبعد الانتهاء من
السيناريو أعجب بالعمل وحصلت على حقوقي المادية كاملة”.
من بين مشروعاته التي كان يعكف عليها لتحويلها إلى فيلم
رواية “قيس ونيللي” للأديب الراحل محمد ناجي، وقد أخبرني أنه اشترى حقوقها
من الورثة، وعكف على كتابة السيناريو لها.
اعتبر حامد أن الأديب المصري الراحل يوسف إدريس، صاحب فضل
كبير عليه دون أن يعرفه، وتعلم منه الكثير من خلال قراءة أعماله الأدبية
واتخذه قدوة يحتذيها، كذلك نجيب محفوظ، وتأثر بعدد من كتاب المسرح، بينهم
ميخائيل رومان وألفريد فرج وعبدالرحمن الشرقاوي، الذين شكلوا وجدان الكاتب
الفعلي.
أما بالنسبة إلى الأعمال الأجنبية، فكان يقول “جميعنا نهلنا
من مؤلفات شكسبير وموليير وهنريك إيبسن، وغيرهم، فخلال فترة شبابنا قضينا
أوقات الفراغ في القراءة والتثقيف، وكان تحصيل المعرفة متعتنا المحببة، ولم
أتخيل أنني سأصير كاتباً يوما ما”.
وكشف لي ذات مرة، أن الأديب المصري الراحل يوسف إدريس له
مكانة خاصة لديه، وكان عندما يقابله بعد أن أصبح حامد كاتبا مهما للسيناريو
يقول له “يا ولد أنا اللي (الذي) دليتك (أرشدتك) على الطريق، خذ رواية من
رواياتي وقم بتحويلها إلى فيلم”.
لم يفعل ذلك، وشاءت الظروف أن يسدد ابنه المخرج مروان وحيد
حامد دين أبيه لإدريس بعد رحيله، فبدأ مشواره السينمائي بإخرج إحدى قصصه
القصيرة التي كانت مشروع تخرجه في معهد السينما، وأخرج قصة “أكان لا بد يا
ليلي أن تطفئي النور”، والتي تحولت إلى فيلم قصير بعنوان “لي لي”، بطولة
الفنان عمرو واكد، والفنان سامي العدل.
تمكن من سبر أغوار المجتمع المصري وتحولاته، لاسيما الطبقات
الدنيا والفقيرة بدقة، ويعود ذلك إلى انتمائه لعائلة ريفية فقيرة
أيقن أن استعادة المجتمع لوعيه المفقود لن يتأتى إلا من
خلال المعرفة، ويتحتم عدم إهمالها، فهي التي تحمي المجتمع من الإرهاب
والأفكار المتطرفة، فالبندقية ليست السبيل للحماية، قائلا “نحتاج إلى
الاثنين معاً، وينبغي ألا نهمل أحدهما على حساب الآخر، وليتنا نمسك
بالندقية في يد والكتاب في الأخرى”.
كان من مشجعي الفنانين الشباب، أتذكر أنه أثنى أمامي على
أداء وموهبة الفنان محمد فهيم الذي قام بأداء دور سيد قطب ضمن أحداث مسلسل
“الجماعة”، وأطلعني أنه يعد له دورا في أحد أعماله المقبلة، وطلب مني أن
أخبر فهيم بذلك وهو ما حدث. ورشح وحيد حامد، الفنان الشباب لتجسيد دور سيد
قطب، رغم أن فهيم كان وجها مغمورا، لكن اختيار حامد لا يخضع للمجاملة،
واستند فقط إلى البحث عن الموهبة.
توج عبر مسيرته الإبداعية بعدة جوائز، بينها جائزة الدولة
التقديرية عام 2008، وحصل عام 2012 على أرفع جائزة تمنحها الدولة وهي جائزة
النيل، وكان تكريمه الأخير في بداية ديسمبر الماضي ضمن فعاليات مهرجان
القاهرة السينمائي في دورته الثانية والأربعين، بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز
العمر، تقديرا لمشواره الثري في عالم الكتابة السينمائية والتلفزيونية على
مدار خمسين عاما.
جاءت كلمة وحيد حامد مؤثرة للغاية توجه خلالها بالشكر
للحضور الذين وصفهم بعشاق السينما التي أحبها للغاية بقدر من الإخلاص
والتفاني، ووجه الشكر لكل الذين تعلم منهم ووقفوا بجانبه خلال مشواره
الطويل ووصفهم بالفرسان.
كاتبة مصرية |