"الجبل
بيننا"..
فيلم هوليودي للافتتاح.. في الدورة الأسوأ
خيرية البشلاوي
المخرج الفلسطيني الأصل. الإسرائيلي المولد.
الهولندي الجنسية ـ هاني أبو أسعد "1961" استطاع أن "يبيع المية في
حارة السقايين" واللافت أنه نجح وأخرج للجمهور الغربي فيلماً
هوليودياً تجارياً يلغي تميزه كمخرج من أصول عربية فلسطينية
وخصوصية أفلامه التي عالجت هموم وقضايا الشعب الفلسطيني ولفتت
إليها الأنظار عندما نجح في الوصول بها إلي المهرجانات الأوروبية.
الفيلم الذي نقل أبو أسعد إلي الجانب الآخر من
المحيط يحمل عنوان "الجبل بيننا" الذي اختارته إدارة مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي ليكون فيلم الافتتاح في دورته الأخيرة
الـ"39" المنعقدة حالياً.
وهاني أبو أسعد هو مخرج فيلمي "الجنة الآن" "2005"
و"عمر" "2013" والاثنان حظيا باهتمام وتقدير نقدي وحظي أحدهما
بترشيح الاكاديمية الأمريكية "الأوسكار" في مسابقة أفضل فيلم غير
ناطق بالإنجليزية مثلما فاز بجائزة الجولدن جلوب. والجائزتان
أمريكيتان.
البطل.. الموضوع
لقد احتلت أفلام هذا المخرج أهمية خاصة بالنسبة لنا
كجمهور عربي بسبب موضوعاتها المرتبطة بالصراع الفلسطيني
الإسرائيلي. وهي قضية القضايا بالنسبة لغالبية شعوب المنطقة
العربية. ونالت استحساناً للجماهير خارج هذه المنطقة بسبب أسلوبها
البسيط الناعم والمهموم أكثر بمعالجة القضايا الإنسانية وبالتركيبة
الخاصة للإنسان في ظروف قامعة تجعله مضطراً للعيش داخل أسوار وطنه
مسلوب الحرية رغم مقاومته ضد احتلال أرضه.
وقد نجح المخرج في تحقيق معالجة متوازنة للغاية
تتضمن اعترافاً ضمنياً بحقوق "الآخر" المغتصب جعلته مقبولاً جداً
في المحافل السينمائية الأوروبية لكونه فنانا "سلميا" يدافع عن
حقوق الفلسطيني بسلاح ناعم ورومانسي مصنوع بلغة الاحساسيس والمشاعر
ولا تحتاج إلي مترجم ولا تخوض في السياسة وتلفظ العنف ضمنياً
ويعتمد فقط حبكات محكمة بأبطال محليين لشباب ضاقت بهم سبل الحياة
الطبيعية بلا نقاط تفتيش وبلا تفتيش قصري داخل الصدور والضمائر
يفرضه المحتل.
ماذا يضيف "الجبل"؟
فيلم "الجبل بيننا" أول أعمال أبو أسعد في هوليود
وبتركيبة ومعايير هوليودية وبميزانية ضخمة لم يعتدها وأبطال من
أكبر نجوم هوليود ولكنه يتناول موضوعاً تكرر في عشرات الأفلام
الهوليودية ذات الانتاج الضخم وأعني موضوع "النجاة" أو "الصراع من
أجل البقاء" في ظروف كارثية إما طبيعية أو من جراء الحوادث
المأساوية مثل تهشم الطائرات أو الغرق في المحيطات بسبب العواصف.
أو البراكين.. باختصار صراع الإنسان مع أقدار ليست من صنعه وقوي
أكبر بكثير جداً من إمكانياته البشرية.
الفيلم "الجبل بيننا" يعالج هذا الموضوع نفسه من
خلال بطلين التقيا بمحض الصدفة واضطرا بصدفة ثانية أن يستقلا طائرة
خاصة تسقط بهما وسط الجبال الصخرية الوعرة المغطاة بالثلوج. وفي
قلب مساحات شاسعة من الصقيع الكاسر للعظام ومن فخاخ الصخور المسننة
المخيفة تحت طبقات الجليد في متاهات البراري البيضاء المزودة بلا
ملامح أو علامات تشير إلي أثر بشري ينبئ بالنجاة أو يهدي الضحايا
المغلقين بين الحياة والموت بلا ماء أو طعام ولا اسعافات تداوي
الجروح النازفة من جراء السقوط.
يوجد عشرات الأفلام الهوليودية الناجحة التي حققت
إيرادات ضخمة وآخرها فيلم "العائد" "2015" بطولة ليورنادو دي
كابريو الذي تم تصويره في براري كندا الجليدية وفي طبيعة مشابهة
لنفس الأماكن التي صورها أبو أسعد في فيلمه "الجبل بيننا".
يقوم ببطولة فيلم "الجبل بيننا" نجمان من أكبر نجوم
هوليود هما كيت ونسليت "تيتانك" والممثل الأمريكي الأفريقي "إدريس
إلبا".
و"الجبل" الذي يشير إليه العنوان أذابه السيناريو
بقصة رومانسية تنبت وسط أكوام الجليد وصخور الجبال البيضاء.
باعتبار أن المشاعر الدافئة ضرورة حتمية لضمان إبقاء الحياة
واستمرار تدفق الدم في العروق ومن ثم تأجيل النهاية المحتومة..
فكرة لا بأس بها وإن ظلت عادية.
والبطلان "بن" "إلبا" و"الكس" "ونسليت" التقيا في
أحد المطارات الأمريكية هي في طريقها إلي نيويورك للاحتفال بزواجها
في اليوم التالي مباشرة. وهو للقيام بعملية جراحية عاجلة لمريض في
حالة خطيرة.
وهي مصورة صحفية وهو جراح مخ وأعصاب.
هي شقراء وهو أسود. هي فنانة تعيش بالمشاعر ولغة
القلب وهو طبيب مهموم بالعقول والاثنان إذن بلا جسور مشتركة ولا
اهتمامات يمكن أن تكون واحدة. ولكنها الأقدار ومواجهة الموت وجهاً
لوجه في مغامرة وعرة جداً وطبيعة قاهرة تتجاوز إمكانيات الفرد
الأعزل.
الاثنان يفاجآن أثناء وجودهما في المطار بالغاء
جميع رحلات الطيران بسبب عاصفة محتملة والاثنان في حالة عجلة
لأسباب جد مختلفة هي "للزواج" وهو "لانقاذ حياة مريض". فيقرران بعد
تعارف سريع جداً ونفعي يتفقان علي استئجار طائرة صغيرة خاصة
تحملهما إلي مدينة "دنفر" ومن هناك يستقل كل منهما الطائرة التي
تحمله إلي حيث يتجه.
ويتصادف بعد استئجار الطائرة والصعود إليها والتعرف
علي صاحبها وسائقها "والتر" "بوبردجز" وكلبه الظريف الذكي أن يصاب
الطيار "والتر" بأزمة قلبية تعجزه عن القيادة وتجعله ينحرف
بالطائرة التي تسقط وتتهشم ثم يموت وينجو "بن" و"الكس" وثالثهما
الكلب.
بداية المشوار
والمشوار قاتل فيه محاولة للفكاك من أشباح الموت
وسط هذا الفراغ الهائل من البياض المسيطر والملوّح بنهاية فاجعة.
مشوار يجمع الثلاثة في مغامرة من أجل البقاء يصاب
فيها "بن" ويكاد يموت وكذلك تتعرض "ألكس" للموت غرقاً في بحيرة
جليدية ويظل الكلب الذي يسند له السيناريو دوراً طريفاً وملطفاً
كمخلوق ذكي بحاسة استشعار قوية وقدرة علي التفاعل والوعي بالفاجعة
التي أودت بصاحبه وتركت ركابه الاثنين في مواجهة تحديات الطبيعة في
أقسي تجلياتها.
وحتي هذا المكان الشاسع الموحش الغارق في الصقيع
والجليد وتغطية صخورأقرب إلي الفخاخ في صعودها وهبوطها وغياب
ملامحها تحت أمتار الجليد.
"المشوار"
إذن مغامرة محفوفة بالأخطار وتستدعي قطع المسافات والبحث عن مأوي
واستدعاء بواعث للقوي الداخلية للإنسان عندما يتهدده الموت.
وتصور الكاميرا هذا المأزق الإنساني بتشكيلات توحي
بمدي ضآلة الإنسان عندما تتوه منه البوصلة ويجد نفسه في جحيم ثلجي
بلا معالم أو إشارات وموعود في كل خطوة بالعذاب والحيرة في رحلة لا
تلوح لها نهاية وتطرح تحديات شتي وغريبة مثل مقاومة أسد مفترس يغير
فجأة علي مأوي ترقد فيه "ألكس" وهي مثخنة بالجراح فتواجهه وتعجزه
حتي يأتي "بن" ويحوله إلي "لحم" يقتاتون منه لأيام!!
وتدريجياً ومع مرور الأيام ثم الأسابيع وبعد حوارات
واشتباكات واحتمالات يعتاد أحدهما علي الآخر. ويصبح علي "بن" أن
يتولي شئون "ألكس" حتي الصغيرة والخاصة جداً مثل احتياجها إلي
"التبول" بينما هي عاجزة لا تقوي علي خلع ملابسها ثم احتياجها إلي
الدفء بعد صدمة السقوط والغرق وانقاذها بعد جهد جهيد من الموت..
فكلما دنا الموت أو التهديد به يصبح التقارب بين الرجل والمرأة رغم
كل الاختلافات بينهما ضرورة حتمية. ويصبح التقارب الحسي والمعنوي
وبالضرورة الجنسي من عناصر البقاء.
السيناريو الذي كتبه الأمريكيان "كريس وتنر. ومايلز
جودلو" يمزج بين "الرومانسي" و"الكارثي" الذي تفرضه ضرورة الصراع
من أجل الحياة وأيضا بين حتمية الحب وحتمية الموت وقد يكون العنصر
الأول "الحب " وسيلة لتجنب الثاني "الموت" فقد مات سائق الطائرة
وصاحبها الطيار الظريف الذي حارب في فيتنام واحب امرأة كانت هي حبه
الوحيد ولكنها ضاعت منه ولم يعرف عنها شيئاً. باختصار فرط فيها
وتعامل مع الحب بلا مبالاة. وقد ساق كتاب السيناريو هذه الاقصوصة
سريعاً ولكنها ليست بلا معني كما نري وكذلك "الكلب" الذي فقد صاحبه
الوحيد وجد الحياة في "حب" الراكبين وعطفهما عليه ثم مع تبني "بن"
له في نهاية الرحلة.
البطل الحقيقي في هذا العمل والذي يمنح خيوط
الحكايات العادية بعيدة الاحتمال حضورها القوي ومعناها الذي يجعل
للصراع من أجل البقاء قيمة هو عنصر الأداء التمثيلي القوي والحضور
الآسر القادر علي الاستحواذ لكل من "إدريس البا" و"كيت ونسلت"
والكلب المدرب علي دوره بمهارة فائقة.
ويتفوق علي الجميع عنصر التصوير والتشكيلات البليغة
لعناصر الطبيعة في علاقتها بالإنسان فالذي لا شك فيه أن التصوير
أعطي للفيلم قيمة بصرية جمالية وضعته في مستوي لا يقل كثيراً عن
التصوير في فيلم "العائد" مثلاً والجدير بالاهتمام أن هذه المهمة
الصعبة تعود لمصورة سينمائية استرالية هي ماندي والكر "مواليد 1963
وفي قائمة أعمالها المهمة دليل آخر علي تمرسها وأحقيتها كعنصر
ابداعي بدونه يفقد الفيلم كثيراً من قيمته.
المخرج هاني أبو أسعد لاشك سعيد بهذه التجربة التي
نقلته إلي الجانب الآخر من المحيط ووضعته في قائمة المخرجين
"الأجانب" الموهوبين الذين تسمح لهم هوليود بالإقامة والعمل في
قلعتها. مثل المكسيكي اليخاندرو جونز اليس اناريتو "1963" مخرج
فيلم "العائد" الذي يندرج تحت نفس النوع فيلم "جبل بيننا" فالاثنان
تجربتان صعبتان في خضم الصراع من أجل البقاء.
####
الميراث الأيديولوجي والثقافي للعنف.. ضد المرأة
إنه اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وهذا
اليوم 25 نوفمبر يعتبر مناسبة للتنديد بالعنف ضد المرأة ولكن ماذا
عن العنف ضد الرجل؟؟ فبالأمس فقط سقط مئات الشهداء من الرجال أثناء
خشوعهم للصلاة أمام الله في يوم الجمعة وفي قرية مسالمة في
العريش؟؟ أليس هذا عنف إجرامي وحشي يواجهه الرجال؟؟
ان العنف ضد الرجل في الأفلام السينمائية ـ
بالمناسبة ـ أكثر من العنف ضد المرأة.. وردود الفعل ازاء قتل
الرجال علي الشاشة ليس بنفس الحدة لو تعرضت امرأة للتحرش.. فأين
المساواة والسؤال ليس من عندي فقط.. كثيرون طرحوا هذا التساؤل.
سائق التاكسي أقسم لي ذات يوم انه يتعرض للتحرش
كثيرا من قبل إناث يركبن معه"!!"
فالكلام عن موضوع العنف ضد المرأة في الأعمال
الفنية يجد صدي كبيرا وتعليقات شتي من قبل الجمهور في حين ان
الرصاص في الأفلام السينمائية الذي يوجه في العادة إلي صدور الرجال
ومن أسلحة رجال لا يحرك ذلك ساكنا ولا نسمع عنه شكاوي رغم
المطالبات المستمرة بالمساواة!! فإذا كان العنف ضد المرأة يساوي
العنف ضد الرجال وهذا بالمناسبة غير صحيح إذن لا داعي للإشارة إلي
العنف ضد المرأة من منظور "النوع الجنسي" وبقول آخر الجندر
"gender"
وهناك عنف مجتمعي يصيب الرجل والمرأة علي حد سواء ومقاومته مطلوبة
لصالح الجنسين.
ان العنف ضد الإناث في الأفلام يتم بأساليب جنسية
في معظم الأحيان ولكن بدوافع انتقامية من الذكر ممثلا في الزوج أو
العشيق أو الأب أو الشقيق.. إلخ. فالعنف الجنسي ضد الإناث يمارس
حالياً من قبل الجماعات الارهابية بهدف الترويع وإشاعة الخوف أو
الترغيب لتجنيد الشباب وفي النهاية لأسباب سياسية وتحت حجج
وتفسيرات "دينية".
وفي الأفلام لا يتأثر الجمهور أو لعله يبتهج عندما
يواجه الرجال أقسي أنواع العنف سواء في أفلام الكوارث أو أفلام
الجريمة حين يسقطون بالعشرات ففي صناعة الترفيه يتساوي العنف ضد
المرأة مع العنف ضد الرجل ولكن تختلف وسائل ممارسته.
عشرات الأفلام تناولت موضوع العنف ضد المرأة ومن كل
الجنسيات ومنها أفلام وأعمال درامية مصرية عديدة ولكن تظل المشكلة
في اسلوب عرض المشكلات التي تصور العنف ضد المرأة أو العنف المضاد
الذي تمارسه المرأة كنوع من الانتقام ورد الاعتبار!
ويظل السؤال هل تقدم الأفلام أو الأعمال الدرامية
بغرض تسليط الضوء علي مشكلات المجتمع ومنها مشكلة العنف ضد المرأة
أم ان السبب وراء اختيار هذه الموضوعات في معظم التجارب لإشباع
الخيال الجنسي وتحفيز الغريزة الحيوانية باستخدام العنف وتضخيمه
والمبالغة فيه علي أمل تحقيق النجاح التجاري وجذب نسبة كبيرة من
المشاهدين وبدعوي ان هذا ما يحدث في المجتمع فعلاً.
ان النزوع نحو العنف سواء ضد المرأة أو الرجل وسيلة
من وسائل الجذب في الأعمال الفنية حيث اعتادت السينما التركيز علي
الدوافع الأولية المرتبطة بالغريزة والمفارقة ان النتيجة ليست في
صالح التخلص من ظاهرة العنف وانما في تكريسه ودعمه بعناصر الاثارة
بل وتأصيله ثقافيا.
فالعنف ضد المرأة سواء كان عنفا معنويا أو نفسيا أو
بدنيا أو جنسيا يرتبط في المجتمعات الشرقية والعربية بالتقاليد
والأعراف والمفاهيم الثابتة النمطية عن علاقة المرأة بالرجل وهي
علاقة تبعية في جوهرها لا تجد في الضرب أو التعنيف اللفظي خروجا عن
التقاليد فالمرأة المطيعة الخانعة أفضل من المرأة القوية والمرأة
الواعية بحقوقها هي في النهاية امرأة شقية لأنها تشتبك مع كل
مؤسسات المجتمع ومنها المؤسسة الزوجية.
فالعنف ظاهرة مجتمعية ترتبط بالمرأة والرجل
والمشاهد التي تعبر عنه وقد أصبحت مألوفة علي الشاشة وليست مستهجنة
وخنوع المرأة لسلطة الأب أو الزوج أو الشقيق فرض اجتماعي واجب ومن
هنا فإن المرأة القوية علميا وعمليا والتي تعمل في مؤسسات نافذة
قليلة الظهور جداً في الأعمال الدرامية لأن هذه الأعمال التي يقف
وراءها "الرجل" في الأغلب تسعي سواء بوعي أو بحكم التقاليد الراسخة
إلي اعتبار المرأة "سلعة" وأداة من أدوات خدمة الرجل وامتاعه
و"ضربها" نوع من العقاب الذي لا يرفضه العُرف ولا الدين ولا القيم
المتوارثة جيلا وراء جيل بل ان المرأة نفسها تدعم هذا المفهوم في
تفريقها التلقائي بين الذكر والأنثي من الأبناء وتبرير العنف بقوة
اذا تعارض السلوك مع ما تؤمن به كحق من حقوق الذكر.
تناولت السينما المصرية موضوع التفريق المبين وغير
المنصف بين الرجل والمرأة وموقف المجتمع من الاثنين في أفلام عديدة
أفضلها تلك التي اعتمدت علي الأدب وعلي روايات لكتاب مصريين
ويعرفون طبيعة المجتمع ويسلطون الضوء ضد نواقصه خذ فيلم "دعاء
الكروان" مثلاً والمصير الذي لاقته إحدي بطلاته علي يد الخال
الصعيدي علي مرأي ومسمع من الأم وموقف السيد ابن القاهرة من
الخادمة الريفية وخذ أيضاً نموذج "سي السيد" الذي يحلل لنفسه
الحرام ولا يقبل مجرد خروج الزوجة لزيارة "الحسين".. وعلي مستوي
الواقع كثير من حوادث القتل بدوافع أخلاقية تتباين ردود الأفعال
جداً إزاء الرجل الذي لا يدفع ثمن اثمه بينما المرأة قد تدفع
حياتها مقابل نفس "الإثم" الذي اقترفته مع نفس الرجل.
فالعنف ضد المرأة له أساس "أيديولوجي" يدعمه
التفسير الأخلاقي لكثير من ظواهره وهو يصيب المجتمع ككل فإذا كانت
المرأة مفعول به فإن الرجل فاعل والاثنان يجتمعان في جملة واحدة لن
تكون مفيدة إلا اذا تساوي الاثنان.
لقد ناقشت السينما ظاهرة التحرش وعالجتها في أفلام
ناجحة حديثة مثل "678" للمخرج محمد دياب ولكن الفن وحده لا يصلح
التقاليد المتجذرة منذ بداية الخليقة فليس الرجل كالأنثي وليس
بالوعظ وحده نعالج الآثام ولكن بجذب المجتمع ككل إلي أعلي لكي
يتجاوز ميراثه المتخلف وتقاليده العتيقة ولكي تتحقق العدالة
الاجتماعية بقوانين يتم إنفاذها من دون وساطة وبإعمال العقل من
خلال التعليم المحترم والذي لم يعد قادرا علي انتاج "عقول" تدفع
حركته الأخلاقية والإنسانية والعلمية والحضارية إلي الأمام. |