وداعاً سمير فريد
..
ترك
50
كتابا عن السينما مترجماً لأكثر من لغة وصفته صفحة مهرجان برلين
بأنه من أهم نقاد السينما فى الوطن العربى
تقرير :
عمرو
محيى
الدين
رحل
عميد
النقاد
العرب سمير
فريد بعد
أن
أثرى
الحياة
الثقافية
والنقدية
عن
عمر
ناهز
الـ
73
عامًا
تاركًا
خلفه
سمعة
طيبة
ورصيدًا
من
المقالات
الرائعة
والمؤلفات
المؤثرة
والتي
تمت
ترجمتها
لأكثر
من
لغة
ليصل
إلى
العالمية...
ولد سمير
فريد في
القاهرة عام
1943،
وتخرج في قسم النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية عام
1965،
بخلاف كونه ناقدًا فنيًا فإن بدايته كانت من باب
"صاحبة
الجلالة"،
فقد عمل صحفيًا في جريدة الجمهورية، قبل أن يكشف الغطاء عن مكانه
الحقيقي كعميد النقاد السينمائيين العرب وذلك من
1964
إلى
2003 .
جوائز وتكريمات
أسهمت إصداراته المهمة التي تجاوزت الخمسين كتاباً
مؤلفاً ومترجماً بالعربية ولغات أخرى في إثراء المكتبة الثقافية
العربية، بالإضافة إلى دوره الكبير في تأسيس الكثير من المهرجانات
المصرية والعربية، والجمعيات السينمائية، فضلاً عن مشاركاته
الفاعلة في لجان السينما، وعلى رأسها عضويته في اللجنة الدولية
لكتابة التاريخ العام للسينما في الأمم المتحدة عام
1980،
ورئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة
والثلاثين.
وكان
محل تكريم وحفاوة كبيرين في المحافل السينمائية العالمية، مثل
مهرجان كان الذي منحه ميدالية
"كان"
الذهبية في آخر دورات القرن العشرين عام
2000،
والجائزة التقديرية في مهرجان أوسيان بالهند، و"جائزة
تكريم إنجازات الفنانين"،
التي منحها له مهرجان دبي السينمائي عام
2012،
فضلاً عن فوزه بجائزة الدولة للتفوق في الفنون التي استحقها في مصر
عام
2002،
كما كرمه مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ67،
بأن منحه
"كاميرا
البرلينالي"
التقديرية، ليكون أول ناقد عربي، وأول شخصية مصرية، عربية،
وأفريقية، يفوز بالجائزة، منذ بدأت في العام
1986،
وتذهب إلى
"شخصيات
ومؤسسات ساهمت على نحو متفرد في فن الفيلم".
مهرجان قومي للسينما
كان سمير
فريد صاحب
فكرة إنشاء المهرجان القومي للسينما، كما كان مديرا لمهرجان
القاهرة السينمائى عام
1985
ومدير
مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام الوثائقية والقصيرة عام
1995،
ومديرا لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال
1998
ومستشارا لمهرجان ابو ظبي السينمائي الدولي
2007 - 2008،
وأصدر الكاتب الكبير عشرات الكتب السينمائية في هذه المهرجانات كما
أصدر مجلة السينما والتاريخ وكان يكتب مقالا يوميا في النقد
السينمائى بجريدة
"المصري اليوم"،
كما أفرد الناقد السينمائي صفحة للسينما بجريدة الجمهورية على مدار
أربعين عاما منذ عام
1964 .
كان الراحل الكبير من النقاد القلائل الذين واظبوا
على حضور مهرجانات السينما العالمية في برلين وكان وفينيسيا وكرمه
مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الأخيرة
2017تقديرا
لعطائه السينمائي الكبير وهو تكريم لم يحظ به أي ناقد عربي.
استغل الناقد السينمائي المولود عام
1943،
فرصة مشاركته في ندوة
"ربيع
السينما العربية"
ضمن
فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، ليؤكد للجميع أنه لا يزال يؤمن
بالربيع العربي رغم كل المآسي، التي أعقبته لكونه فكرة قوية مرفقة
بإرادة حقيقية وتغيير على أرض الواقع.
دعم السيناريوهات
حرص فريد دائماً على أن يكون متميزاً، بدأ في
التعامل مع السينما المصرية بمنظور آخر، كان دائماً وحسبما صرح في
حواراته الصحفية حريصاً على متابعة الأعمال السينمائية يومياً،
وكان يشاهد ما لا يقل عن فيلمين في اليوم الواحد،
ورغم ما يُردد من القليلين عن أنه من السهل متابعة الأفلام ونقدها،
فلم يكن ذلك فقط ما يشغله بل كان مهموماً بالصناعة منذ نشأتها،
وكان يؤكد دائماً أنه يجب ترميم الأفلام المصرية.
وقف داعما لسيناريوهات كثيرة كى تخرج إلى النور
وتصبح من أهم أفلام السينما ومنها
"
زوجة
رجل مهم"
و
"
الطوق
والأسورة"
و"
البداية"
و
"
للحب
قصة أخيرة"
وغيرها.
لم يكن سمير
فريد موالياً
للأصدقاء، فكان يصرخ برأيه على صفحات الجرائد دون أن يخشي أحدًا
وكان لا يخشي خسارة بعض السينمائيين، فكان أخر من هاجمهم هو المخرج
الراحل محمد خان، قائلاً في حواراته النادرة:
"كل
مخرج له جمهوره..
وجمهور
خان قليل لأنه مش بيرضى الفئة الكبيرة من الجمهور التى تحب
الكوميديا، وهذا موجود فى كل دول العالم".
لم يكن سمير
فريد يريد
من الدنيا سوى أن يعيش للسينما، وفي السينما، وحبذا أن يكون رفيقه
في مساره هاملت الشكسبيري الذي كان حلم حياته أن يؤفلمه يوماً.
أدرك سمير أن تكوين صداقات مع النجوم يضعه دائمًا
في مواقف لا يحسد عليها لذا لم يطور صداقاته بالفنانين حتى يكتب
بحرية وبدون أي إملاءات أو مجاملات.
كان حريصاً على دعم الشباب سواء كانوا مخرجين أو
نقاداً...
مصريين
أو عرباً ، وتجلى ذلك فى إدارته للمهرجانات حيث حرص على إسناد
المسئولية للشباب ايمانا بهم.
كما شارك فى تأسيس ما يقرب من
90%
من
المهرجانات العربية، وكان أحد العناصر التى وضعت لوائحها
وإجراءاتها، لأنه كان متحمسا دائماً لكل الأشياء النبيلة فى
السينما باعتباره مثقفا عاما، فهو ليس ناقدا سينمائيا فقط وإنما
كان مشتبكا دائماً مع كل قضايا الوطن.
دعم السينما المستقلة
أول من تبنى السينما المستقلة وأول من رحب واحتفى
بالصحافة السينمائية ومجلات السينما ابتداء من الفن السابع وحتى
سينما جودنيوز، وأول من رحب بالأفكار والأساليب الجديدة للمخرجين
الشباب وفى صحيفة المصري بمقالاته اليومية
لم يترك نشاطا سينمائيا إلا وذكره ونوه عنه.
اختلف معه الكثيرون من النقاد فى الآراء ولكنه لم
يحول الاختلاف يوما إلى خصومة وخلاف.
احتفى الموقع الرسمي لمهرجان برلين فى فبراير
2017
بالناقد الكبير سمير
فريد ووصفت
الصفحة الرسمية للمهرجان فريد بأنه أهم نقاد السينما البارزين فى
العالم العربي كونه خبيراً سينمائياً يقدم نصائحه وأراءه لعدد من
مهرجانات السينما العالمية إلى جانب مرافقته لمهرجان برلين فى عدد
من الدورات السابقة، وكرم مهرجان برلين الناقد الكبير ومنحه جائزة
:كاميرا
البرلينالي"
التقديرية.
استطاع سمير
فريد قبل
وفاته أن يخطف تكريمًا خاصًا له من قبل المهتمين بالشئون الثقافية
في مصر، لذلك قررت جمعية نقاد السينما المصريين تكريمه بإطلاق اسمه
على جائزة الجمعية التي تمنحها جميع لجان تحكيمها في المهرجانات
المصرية، فيما جاء تكريمه بعد أن أعلنت الجمعية أن سمير
فريد يستحق
هذا التكريم، نظراً لدوره التاريخي في إثراء الثقافة السينمائية في
مصر والعالم العربي، فيما تبحث إدارة مهرجان الإسماعيلية وكثير من
النقاد والسينمائيين تكريمه في الدورة الجديدة من المهرجان،
وإهداءها لروحه.
####
النقاد فى وداع سمير فريد
:
الأكثر إخلاصاً للمهنة واعتزازاً بقلمه ودعماً
للشباب
كتب
:
عمرو محيى الدين
رحل
عميد
النقاد
العرب
ورائد
النقد
السينمائي سمير
فريد بعد
صراع
مع
المرض،
تاركا
أكثر
من
50
كتابا
عن
السينما،
وواضعاً
أسساً
للمهرجانات
الرسمية
فى
مصر،
ولجان
التحكيم
التى
شارك
فيها،
كان
خبر
وفاته
بمثابة
صدمة
للكثير
من
تلاميذه
وزملائه
من
النقاد
الذين
تأثروا
به
وبكتبه..
سألنا
النقاد عن سمير
فريد مهنيا
وإنسانيا فأجمعوا علي أنه ما زال حيا ولم يغب عن عالمنا وذلك
بأعماله التى أثرت الحياة الثقافية والنقدية.
رائد النقد الفنى
تقول الناقدة والكاتبة ماجدة خير الله: سمير
فريد تاريخ
طويل أثر فى أجيال كثيرة من النقاد، فهو رائد من رواد النقد ومن
العلامات البارزة فى هذا المجال، وكان يقدم للقراء آخر إنتاجات
السينما من خلال مقالاته ومتابعته للمهرجانات، إضافة إلي كونه عضو
لجنة تحكيم للمهرجانات ووضع أسسا لكثير منها ولم يبخل بالدعم علي
الكثير من السيناريوهات الجيدة التى تحمل فى طياتها ثقافة ووعياً،
وكان مؤيدا للحركات السينمائية الجديدة، وداعماً لكل صاحب مشروع
فني هادف، فلم يكن مجرد كاتب مقال، بل إنه مؤسس جمعية نقاد السينما
التى تضم عددا كبيرا من شباب النقاد حتي صار منارة للكثير من الناس
ودوره لم ينته بوفاته.
كثافة سينمائية واسعة
وعن كتبه تقول ماجدة خيرالله
:
كتب سمير
فريد ما
يقرب من
50
كتابا،
وأتذكر كتاباته عن الواقعية فى السينما المصرية، كما كان له دور
ملموس ووضع أسسا فى اختيار الأفلام المشاركة فى المهرجانات سواء فى
مسابقات رسمية او غيرها، كما كان له دور مؤثر عند إدارته لمهرجان
سينما الأطفال، فكان حريصاً علي اختيار الأفلام التى تغرس قيمة
ثقافية، وتتعامل مع الطفل على أنه ناضج، وهو ما نفتقده الآن.
مختتمة:
كل
الكلام لن يفي سمير
فريد حقه
ولن ينساه الجمهور والنقاد.
أما الناقدة ماجدة موريس فتقول:
عندما
عملنا معاًَ، أسس وقتها سمير
فريد جريدة
السينما، التي عمل بها عدد كبير من النقاد السينمائيين وأذكر أن سمير
فريد عند
توجهه لمهرجان كان أو برلين كان يستقى خبرات كبيرة، عن كل ما يدور
هناك ليقدمها لنا وينقلها إلى قرائه.
وتضيف:
اتسم
بثقافة سينمائية واسعة، وفى إدارته لمهرجانات القاهرة والاسماعيلية
وسينما الطفل، كانت له بصمة فريدة فى الاستعانة بالشباب إيماناً
منه بقدراتهم المختلفة، كان يكتب كتابا دوريا عن اهم الافلام فى
العالم ، كما كتب كتابا مهما عن شكسبير فى السينما..
رحل سمير
فريد لكن
انتاجه لا يمكن أن يرحل وسيبقى دائما لان الجهد الذى قدمه وحبه
السينما ترجمها لتعليم وبرامج وكتب وهذه الأشياء لا ترحل برحيل
صاحبها.
لا يدخل في صراعات صغيرة
فيما يتحدث الناقد هاشم النحاس عن صديقه سمير
فريد ويقول:
عندما
تولى رئاسة مهرجان القاهرة الدولى منذ عامين استطاع ان يحوله الى
مهرجان دولى بحق، سواء من ناحية اختار لجنة تحكيم او اختيار
الافلام، واضاف أوجهاً جديدة من النشاط الثقافى وخلق تعاونا بين
المهرجان والنشاط الاهلي وأسند لجمعية النقاد تنظيم اسبوع خاص بهم
داخل المهرجان العام، يمنحون فيه جائزة لأفضل الافلام التى تم
اختيارها ونظرا لتشعب علاقاته بالنقاد العرب دعا مجموعة منهم الى
المهرجان، فقام بتوسيع دعواته للنقاد العرب.
وقد
ترك كتابا جمع فيه اوراقاً بحثية عن السينما بشكل عام اسمه
«تاريخ
السينما».
وتحدث النحاس عن سمير
فريد الإنسان
فقال:
كان
انيقا فى ملبسه وفى اخلاقه كذلك، لا يدخل فى صراعات صغيرة أبدا،
يعتز بقلمه بشكل كبير، كان يحترم نفسه ويحترم الآخرين واذكر اننى
اختلفت معه كثيرا لكن هذا الاختلاف لم يؤد أبدا الى انقطاع العلاقة
بيننا لأن كل منا كان يحترم رأى الاخر وان جاء مخالفا وهذا لا يمنع
انه كان يغضب احيانا.
الكتابة عن المرأة في السينما
والدكتورة ماجدة واصف مديرة مهرجان القاهرة
السينمائي أكدت مدى الحزن الذى انتابها أثناء توديعه فى جنازته إلى
مثواه الأخير بعد أن جمعتهما صداقة كبيرة ، وعلاقة طيبة على
المستوىين الإنساني والمهني.
وأضافت:
كانت
نسبة كبيرة من كتب سمير
فريد عبارة
عن تجميع مقالاته عن السينما، وأكثر ما استهواني هو تطرقه فى كتبه
للمرأة فى السينما، وكذلك ربطه بين الربيع العربي والسينما فى كتاب
استعرضه فى مهرجان القاهرة السينمائي أثناء رئاستي له، فقد جاء إلى
المهرجان وحرص على التواجد رغم مرضه، فهو تاريخ طويل من العطاء ما
يقرب من نصف قرن، ورصد تاريخ السينما فى كل حقبة وكتب عنها، كان
يشجع التجارب الجديدة، وله تأثير ليس فى مصر فقط بل في العالم
العربي كله.
اسمه مرادف للمهنة
الناقد طارق الشناوي يرى أن اسمه عند كثيرين ممن
يمارسون النقد السينمائى فى العالم العربى أصبح مرادفاً للمهنة،
فهو أحد أهم النقاد فى الساحة ممن يتعاطون مع الكلمة المطبوعة على
مدار خمسة عقود من الزمان وبغزارة ودأب وإصرار وتحد، كان أحد أهم
الفاعلين فى الحياة السينمائية، من خلال مشاركته فى اللجان ورئاسته
لبعضها وإقامته عدداً من المهرجانات، كان مدافعا شرسا عن الحرية
والتى يراها حقاً للجميع، وليس فقط ممن يتوافقون معه فكريا أو
سياسيا، لم أضبطه يوما صامتا أمام أى اعتداء لكبت الآراء يمارس على
الفنانين أو الكتاب والصحفيين.
ولكن
لم يحدث أن امتد الاختلاف فى وجهات النظر إلى خلاف شخصى، على العكس
تماما عندما نلتقى، خاصة خارج مصر لا يتبقى سوى الدفء.
ويضيف:
سمير
بين النقاد هو الأكثر إخلاصا للمهنة، ولم يضبط يوما متوجها نحو
الشاشة الصغيرة فى رمضان، مثل أغلب النقاد، وأنا منهم، نهجر
السينما تماشيا مع رغبات القراء فى هذا الشهر الكريم، وهكذا نتحول
إلى كائنات تليفزيونية نتابع الدراما ونملأ المساحات المتاحة بتلك
المادة التليفزيونية المطلوبة صحفيا.
لكنه
يعتبر هذا الشهر فرصة لكى يلتقط أنفاسه ويعيد شحن بطارية أفكاره،
ليظل محتفظا بإيقاعه السينمائى، ولا يمارس فعل الخيانة مع
التليفزيون.
تقابلنا أكثر من مرة لمتابعة الرسائل من المهرجانات
معا مثل
(برلين)
و(كان)،
أتذكر الفيلم اللبنانى
(ربيع)،
كان معروضا فى
(كان)
مايو
الماضى بقسم
(أسبوع
النقاد)،
كان سمير قد سبقنى فى الدخول لدار العرض، كما أنه يحمل الكارنيه
(الأبيض)،
وهو الناقد العربى الوحيد الذى يحمله، والذى يوفر له التواجد فى كل
الأفلام، مهما كانت موجات الازدحام، رغم ذلك وجدته ينتظرنى على
الباب، حتى نشاهد الفيلم معاً، وهذه الدورة فى برلين التقينا، فى
الفيلم البلجيكى
(انسرياتيد)
الذى
كان معروضا فى سينما
(ماكس7)،
وقبلته مهنئاً بالجائزة، ويقينى أن
(كاميرا
البرينالى)
فى
مهرجان برلين، التى حصل عليها، بداية لرحلة عطاء قادمة رائعة
يملؤها بقلمه إبداعاً.
####
الراحل
..
الصديق
..
شديد الإحساس بمصر الوطن
..
سمير فريد
كتب
:
يحيي تادرس
في البداية:
لتعذرني
-
عزيزي
القارئ عن تذكري بالتفصيل والتواريخ بعض الأحداث التي قادتني إلي
الاقتراب بشدة إن جاز التعبير مع الراحل الأقرب للصديق
- سمير
فريد -
لكن
هناك أحداثا جسام وتاريخا مليئاً بالظلمات لابد من ذكرها:
3
سبتمبر
1981
ملحوظة
(
في
كتاب خريف الغضب يصفها الجورنالجي العظيم محمد حسنين هيكل:
(القارعة
ما القارعة
وما أدراك ما القارعة:
القرآن الكريم
-
سورة
القارعة)
..
في هذا اليوم تحديدا
تصدر قرارات اعتقال عشوائية لعشرات من أبرز المثقفين والكتاب ورجال
الدين في سابقة لم تحدث ولن تحدث بإذن الله
-
في مصر.
..
وإلي
جانب من طالتهم الاعتقالات
-
كان
هناك من طالتهم
-
ظلاله القاتمة وأخذهم الخوف بأنهم قريبا سيلحقون
بمن تمتليء بهم وقتها المعتقلات
..
من بين
هؤلاء كان: سمير
فريد
..
كان
معظم أصدقائه
-
وزملائه يتجنبونه
-
رعبا
مما قد يحدث لهم إذا كان غضب السادات
(يبدو
هذا في كل صوره وقتها ساحقا ماحقا ومنذرا بل رهيبا.
..
في ذلك التوقيت أو قبله تمت خطوات
(مهرجان
القاهرة السينمائي
-
وكنت
كما تسعفني الذاكرة
-
قد تم اختياري
(أمينا)
للجنة
اختيار الأفلام مع عدد من أبرز النقاد السينمائيين، والاعتراف
بالحق فضيلة:
لم أدع يوما بأنني ناقدا مبرز
-
له
رؤية
-
وأعتقد
أنه تم اختياري
-
لثقة
الأستاذ الراحل سعد الدين وهبة الشخصية في شخصي
-
إلي
جانب نشاط التليفزيون ومنصبي
(أمين
مركز الثقافة السينمائية).
المهم:
أحسست بأن هناك شخصاً جديراً بأن ينضم إلي الأعضاء
-
ناقدا
مثقفا دارساً وله رؤية وحضور
-
هو
.. سمير
فريد
و..
عرضت الأمر علي
«سعد
الدين وهبة»
-
فوافق علي الفور
..
وحين
عرضت الأمر علي الأستاذ سمير
(فوجئت
بالدموع تملأ عينيه)
إذ كان
هذا القرار يعني الخروج من عزلته وخوفه وتوقعاته..
بالمعتقل
...
كان اختياره موفقا
-
بكل
المقاييس
-
إذ
أضاف للمهرجان وهجاً وحساً راقياً وتوهجاً
-
كان المهرجان في أشد الحاجة إليه
..
وتمر السنوات حتي عام
1992
حين فوجئت بتكريمي
-
تكريماً شديد الخصوصية
-
من
المركز الكاثوليكي وأهداني
-
جائزة
شرف شخصية من لجنة برئاسة
(سمير
فريد).
..
بعدها
-
وبعد
اغتيال السادات
-
وأحداثه معروفة وقرار الرئيس مبارك بالإفراج عن المعتقلين
-
أصبحنا
نتقابل في مقهي
(رباعيات
الخيام)
-
بالزمالك
-
نتبادل
آراء في كل مناحي الشأن المصري حينذاك.
...
ولم أعتبر طوال علاقتي به
-
أنني
التقي بناقد سينمائي له
(طعم
خاص)
-
بل
بمصري شديد القلق
-
علي
(مِصره)
-
ومصرنا
-
يمتلك
القدرة علي استشراف
-
مقدرات
الوطن..
بالطبع
-
هناك
من هو أقدر مني علي الكتابة عن
(أبعاده)
كناقد
-
لكنني
أكتب عنه
-
كإنسان..
####
قيمة سمير فريد
بقلم
:
أشرف غريب
فى
زمان
عزت
فيه
الأستاذية
كان
الناقد
السينمائى
الراحل
سمير
فريد
كبير
الأساتذة
،فى
زمان
شحت
فيه
النفوس
السوية
كان
الرجل
صاحب
نفس
رقيقة
وروح
أرق
،
فى
زمان
غص
بأنصاف
المواهب
وأشباهها
كان
فريد
موهبة
حقيقية
فى
عالم
النقد
والتأريخ
السينمائى.
رحل سمير فريد إذن فأصبح البحث عن الأساتذة أصحاب
النفوس السوية والمواهب الحقيقية فى هذا الزمان أقرب إلى المستحيل
الرابع ، نعم كان سمير فريد أستاذا ليس فقط لأنه صاحب مدرسة فى
النقد ، وإنما أيضا لأنه كان يؤمن بأن أستاذية بلا تلاميذ ، ومن
هنا فإن نفسه السوية وروحه الرقيقة لم تكن تبخل على أحد بالتشجيع
والإطراء والنصح أيضا والتوجيه ، وكثيرا ما منح الفرص لأجيال لاحقة
استطاعت أن تثبت نفسها بفضل الأيادى البيضاء الدائمة التى كان
يمدها سمير فريد بكل محبة ونكران للذات
..
حاول
أن تجرب واسأل عشرة أسماء من العاملين بالمهنة عن هذا الرجل ، حتما
ستجد فى نفس كل واحد منهم مكانا خاصا ومميزا لسمير فريد وفضلا
كبيرا لا يمكن نسيانه لهذا الرجل ، وأنا شخصيا واحد من هؤلاء
.
لن أحدثكم عن مبادرات تشجيعه المتكررة لى منذ بداية
طريقى فى هذه المهنة ، ولا عن لفتاته المعتادة مع كل عمل أقدمه،
وآخرها هذه المرات الثلاث التى كتب فيها بالمصرى اليوم عن
كتابى
"
الوثائق الخاصة لليلى مراد»
، يكفى
أن أذكر أنه حينما توليت رئاسة تحرير الكواكب عام
2012
كان هو
فى طليعة المهنئين ، لكنه لم يكتف بالتهنئة ، وإنما عرض
-
وهو
الناقد الكبير
-
أن
يكتب على صفحات المجلة بداية من العدد الأول ، فاستأذنته أن أرجئ
نشر مقاله للعدد الثانى لأننى كنت قد استقبلت مبادرة رقيقة أخرى من
الكاتب الكبير وحيد حامد بالكتابة فى العدد الأول تحت رئاستى ،
وكان من المهم جدا بالنسبة لى نشر مقال وحيد حامد فى العدد
الافتتاحى لأن فى ذلك رسالة محددة كنت حريصا على توصيلها لمن كانوا
ساعتها يحكموننا باسم الدين ، وتفهم سمير فريد الأمر وأيدنى فيه ،
وكتب بالفعل المقال فى العدد التالى مباشرة ، ليس هذا فقط بل أنه
عرض أن يرسل للكواكب رسائل خاصة من مهرجان فينيسيا الذى كان على
الأبواب ، وهكذا لم تنقطع لفتات سمير فريد الكريمة تجاهى وتجاه كل
الذين عرفوه وعرفهم
.
وحتى فى مساجلاتنا المنشورة أو غير المنشورة كان
الرجل راقيا فى اختلافه ، رقيقا فى عرض وجهة نظره ، متواضعا فى
اعترافه بعدم صحة موقفه إذا استدعى الأمر ذلك حتى لو كان أمام أحد
تلامذته أو حتى خصومه، إن كان له خصوم ، وكنت دائما أقول له إنه
واحد من الذين رسخوا فى عالم الكتابة الصحفية والنقدية آداب
الاختلاف وأخلاقياته تماما مثل الراحل الكبير رجاء النقاش ، فكان
يرد بأنه تعلم ذلك بالفعل من العظيم رجاء النقاش منذ أن عرفه فى
منتصف الستينيات وقت أن كان فريد فى بداية الطريق ، وهذا ملمح مهم
من ملامح الأستاذية ومكون أصيل من مكونات النفس السوية التى كان
يتمتع بهما كل من رجاء النقاش وسمير فريد.
وليس هناك من شك فى أن عشرات الكتب وآلاف المقالات
والدراسات التى كتبها سمير فريد سوف تبقى زادا دائما لكل الباحثين
عن الثقافة السينمائية الرفيعة ، أما نحن الذين تعاملنا معه
واقتربنا منه فلن تغيب عنا روحه الرقيقة وأخلاقياته الكريمة
ومواقفه النبيلة ، وأنا شخصيا سوف أفتقده كثيرا فى كل مرة أشعر
فيها بأننى بحاجة إلى سداد رأيه ونبل مواقفه
.
####
تجربتي مع مهرجانات السينما في مصر من القاهرة
1985
إلي شيك الصندوق
بقلم: سمير
فريد
نمطان من المثقفين نجدهما في كل عصر وفي كل مكان،
نمط يتفرغ لتنمية معرفته، وتنمية معرفة الآخرين عن طريق كتبه
وأبحاثه، مثل عبدالرحمن بدوي، أو عبدالغفار مكاوي، ونمط لا يكتفي
بذلك، ويعمل أيضاً علي تغيير الواقع من خلال العمل العام عبر
القبول بالانتماء إلي حزب سياسي، أو القبول بوظائف حكومية في مجال
تخصصه.
كان حلمي أن أكون الأول، أن أكتب تاريخ السينما في
مصر أو في العالم أو كليهما، أو أن انتهي علي الأقل من وضع
فيلموجرافيا للأفلام المصرية أو العربية أو كليهما، وأن أقوم
بترجمة أهم الكتب عن تاريخ السينما، ولكن رجاء النقاش، وهو أستاذ
وصديق في الوقت نفسه منذ الستينيات، دفعني لاكون من النمط الثاني،
أو بالأحري النمط الآخر، وكان ما كان من إنشاء للجمعيات
والمهرجانات السينمائية والقبول بوظائف حكومية من عضوية اللجان إلي
عضوية المكتب الفني لوزير الثقافة.
كنت أحضر مهرجان كان منذ عام
1967،
وهو المثل الأعلي للمهرجانات في العالم.
ومن
خلال حضوري مهرجان كان، تعلمت أن لكل مهرجان رئيسا مثل رئيس مجلس
إدارة المؤسسة الصحفية مثلا، ومديرا مثل رئيس التحرير، وتعلمت كيف
يوضع البرنامج بحيث يحترم قواعد الاتحاد الدولي.
وضعت
ميزانية المهرجان علي أساس دعم حكومي قدره مائتا ألف جنيه، ولكن
رئيس مجلس الوزراء علي لطفي آنذاك كان يرفع شعار الجهود الذاتية،
وفضل سعد الدين وهبة أن يقام المهرجان بالجهود الذاتية، وكان قراره
هذا في آخر لحظة، وفي وقت أزمة السفينة أكيلي لاورو، وكان يعني
إلغاء بند الأجور تماما، ومع ذلك نجح المهرجان وغطي تكاليفه وحقق
أرباحا بلغت
50
ألف
جنيه مصري دون عرض أية أفلام غير مراقبة بعد منتصف الليل،
وبالاحترام الكامل للقواعد الدولية.
وفي يوم ما بعد أسبوعين أو نحو ذلك من نهاية
المهرجان استدعاني سعد الدين وهبة رحمه الله وقال لي إنه أخذ
المهرجان من وزارة الثقافة، وسوف ينظمه بواسطة اتحاد النقابات
الفنية، وكان يرأس الاتحاد إلي جانب كونه نقيبا للسينمائيين.
سألته
وهل وافق أحمد هيكل بهذه البساطة، قال نعم.
قلت له
وما الهدف من ذلك قال إن المهرجان يمكن أن يحقق
500
ألف
جنيه.
لا
50
ألفا
وبذلك يصبح مهرجانا كبيرا، ولن يمكن عمل ذلك من خلال وزارة
الثقافة، وسألني أن استمر في العمل كمدير للمهرجان علي هذا الأساس
فاعتذرت، وضحك رحمه الله وقال كنت أعرف ذلك، وقد
«ذاكرت»
جيداً
ما فعلته في المهرجان، ويمكنني الاستمرار بدونك.
ومنذ دورة
1986
جعل
سعد الدين وهبة من رئيس المهرجان كل شيء في المهرجان، ولم يعد
الأمر مثل مهرجان كان أو غيره من المهرجانات الدولية، وأصبح تعبير
رئيس المهرجان في مصر يعني كل شيء في أي مهرجان سواء للسينما أو
غير السينما، ولاتزال مصر تنفرد بهذا الوضع الإداري.
ولكني
عندما كلفت بمهرجان الاسماعيلية سميت نفسي مديرا علي أن يكون
الرئيس مدير صندوق التنمية الثقافية الذي ينظم المهرجان، فلا
يمكنني تجاهل معرفتي، واقتنع مدير الصندوق بذلك، ولكنه أثناء
المهرجان لم يستطع التفرقة عمليا بين حدود رئيس المهرجان وحدود
مدير المهرجان.
لا أستطيع تقييم مهرجان
1985
في
القاهرة أو مهرجان
1995
في
الاسماعيلية فالمرء كما ذكرت لا يستطيع أن يقوم بعمل ما، ويقوم
بتقييمه في الوقت نفسه.
مقتطفات من مقال نقدى له بالكواكب - العدد
2448- 30/6/199 |