كوميديا «النقص الكبير» تسدل الستار على فعاليات الدورة الـ 12
«دبي
السينمائي» يصل إلى ليلة اصطياد «المهر» والجوائز
المصدر: محمد عبدالمقصود ـــ دبي
يطوي مهرجان دبي السينمائي الدولي، الليلة، سجادته الحمراء
وفعاليات الدورة الـ12، بعد ثمانية أيام من شغف «الفن السابع»،
شهدت عروض 134 فيلماً، تنوعت ما بين الروائي والوثائقي والقصير،
وتختتم الليلة مع فيلم عالمي بعنوان «النقص الكبير»، الذي يشارك في
بطولته عدد من كبار النجوم.
وكعادة الليالي الختامية فإن توقعات قائمة الأفلام الفائزة بجوائز
المهرجانات المختلفة تبقى هي الأعلى صدى في أروقته وكواليسه
المختلفة.
وإماراتياً تبقى هذه الدورة ذات زخم في المشاركة، ومن ثم أمل في
نصيب جيد من كعكة الجوائز، إذ تشارك الإمارات بنحو 12 فيلماً،
بينها أربعة أفلام روائية، ما يعني أن الفيلم الإماراتي مرشح للمرة
الأولى أن يكون حاضراً ضمن الجائزة الأهم للمهرجان، وهي جائزة مهر
الأفلام العربية.
ويبدو الفيلم الإماراتي بعيون المراقبين والنقاد أكثر نضجاً من
نظيره الخليجي، وهو ما دفع إدارة المهرجان، حسب المدير الفني
للمهرجان مسعود أمرالله، إلى فرز جائزتين مختلفتين، إحداهما مخصصة
للأفلام الإماراتية والأخرى للخليجية، في حين تجني صناعة السينما
المحلية ثمار تواتر إقامة المهرجان، بمنافستها في جائزة المهر
العربي.
خيار كوميدي
الخيار الكوميدي للختام هو محاولة لتغريد مختلف، وغير تقليدي في
نوعية الأفلام المحتفى بها بشكل أكبر، حسب رئيس المهرجان عبدالحميد
جمعة، الذي أكد أن فسحة للكوميديا تبقى التفاتة سيمتن لها الجمهور
كثيراً في خضم ما يسود شاشات غير سينمائية من مشاهد وأخبار، سواء
كانت شاشات التلفاز أو شاشات الحواسب الآلية، ممثلة في المحتوى
الخبري الذي ينقل أحداثاً دامية من شتى أنحاء العالم.
ويأتي فيلم «النقص الكبير» كإحدى روائع الكاتب والممثل الكوميدي
الشهير آدم ماكاي، وهو دراما كوميدية مقتبسة من رواية مايكل لويس
«النقص الكبير» حول الأزمة المالية التي عصفت بالعالم أواسط العقد
الماضي.
يشارك في الفيلم باقة من النجوم العالميين، منهم: براد بيت،
وكريستيان بيل، وريان غوسلنغ، وستيف كاريل، إذ يلعب الأربعة دور
رجال غير معروفين في عالم المال والأعمال، يتنبأون بالانهيار
الكبير لأسواق الائتمان والإسكان، ويقررون معاقبة البنوك الكبيرة
على جشعها وقصر نظرها.
وتبقى ليلة اصطياد المهر، التي من أجلها تتنافس عشرات الأفلام في
جوائز المهرجان المختلفة، وتشهد تسليم الدروع وشهادات التقدير
للفائزين بجوائزه المختلفة في مسرح أرينا بمدينة جميرا، بمثابة
ليلة شديدة الخصوصية، حسب المخرج الإماراتي سعيد سالمين، الذي عرف
طريق منصة التكريم في الدورة الماضية من خلال جائزة أفضل سيناريو
مجتمعي، وهي المسابقة التي تنظمها وزارة الداخلية، إذ يعود سالمين
بعد أن أنجز «ساير الجنة» ليشارك به في مسابقة مهر الأفلام
الروائية العربية.
إشادات
في المقابل، هناك أفلام إماراتية عدة برزت خلال عرضها وحصدت إشادات
نقدية وجماهيرية، ما يقوي ترقب أصحابها للجوائز اليوم، منها «ساير
الجنة» و«زنزانة» لماجد الأنصاري و«رائحة الخبز» لمنال بن عمرو،
و«حجاب» لنهلة الفهد.
توقعات صانعي الأفلام المشاركين بين تفاؤل المشاركين وتحفظ النقاد
تبقى سمة تلك الليلة وصولاً إلى السابعة مساء موعد بدء حفل الختام،
إذ يرفض معظم النقاد ربما لأسباب ترتبط بألا تعكس آراؤهم ضغوطاً
على زملائهم في لجان التحكيم المختلفة، الإشارة لأعمال بعينها على
أنها الأقرب لجوائز المهرجان، وهو ما يؤكده المخرج المصري القدير
محمد خان، مضيفاً: «هناك صعوبة كبيرة تصادفها لجان التحكيم في معظم
المهرجانات الدولية التي تشهد إقبالاً كثيفاً على المشاركة بها،
لكن تلك الصعوبة من دون شك تتفاقم حينما ترتفع السوية الفنية لمعظم
الأفلام المشاركة بحيث يبدو منح الدرجات التحكيمية مهمة شديدة
الدقة بين الأفلام المتنافسة، وهو أمر ينطبق على معظم جوائز مهرجان
دبي السينمائي».
خان يصر بشكل قاطع على رفض فكرة التوقعات، لاسيما أنه مشارك بالفعل
في المسابقة الرسمية للمهر العربي بفيلم «قبل زحمة الصيف»، الذي
يأمل أن يكرر إنجازات فيلم «فتاة المصنع» بحصده العديد من الجوائز
المهمة في المهرجان، وهو الاتجاه ذاته الذي يؤكد عليه الناقد
المصري طارق الشناوي على اعتبار أن «هناك نوعاً من الذاتية
الإيجابية التي يمكن أن تحيط شتى لجان التحكيم المختلفة، ومسألة
التوقعات المحسوبة فكرة غير موجودة في المسابقات السينمائية».
سعيد سالمين: الرسالة وصلت
أعرب المخرج الإماراتي سعيد سالمين الذي يشارك فيلمه «ساير الجنة»
في منافسات جائزة المهر العربي للأفلام الطويلة عن سعادته بالإقبال
الملحوظ الذي شهده عرض الفيلم في مناسبتين مختلفتين، سواء للمرة
الأولى في مسرح أرينا، أو للمرة الثانية في سينما فوكس بمول
الإمارات.
وأضاف: «هذه المساندة الكبيرة من جمهور متنوع، وليس إماراتياً فقط،
بمثابة رسالة، أعتقد أنها وصلت، بأن الفيلم الإماراتي يمكن أن يذهب
بعيداً جداً خارج إطار المحلية».
لكن سالمين الذي وجّه شكره أيضاً للجهات المختلفة التي دعمت إنتاج
الفيلم، رأى أن ذلك لا يعني أن الفيلم الإماراتي تجاوز إشكالية
«الجماهيرية»، مؤكداً أن هناك وقتاً طويلاً لانزال بحاجة إليه من
أجل التواجد «الطبيعي» للفيلم الإماراتي في دور العرض التجارية.
محمد بن نهيان يحضر «حجاب»
حضر الشيخ محمد بن نهيان بن مبارك آل نهيان، مساء أول من أمس، أول
عرض لفيلم «حجاب» في الدولة خلال مهرجان دبي السينمائي، ضمن برنامج
«ليالي عربية».
كما حضر العرض رئيس مهرجان دبي السينمائي عبدالحميد جمعة، والمدير
الفني للمهرجان مسعود أمرالله.
وتم تصوير الفيلم الذي أنتجته مؤسسة أناسي للإعلام ومدته 78 دقيقة
في تسع دول هي: بريطانيا وفرنسا وهولندا والدنمارك وتركيا ومصر
وسورية والمغرب والإمارات.
والفيلم فكرة الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، وشارك
في إخراجه ثلاثة مخرجين هم: السوري مازن الخيرات، والإماراتية نهلة
الفهد، والبريطاني أوفيديو سالازار، ويعد الأخير من أشهر مخرجي
الأفلام الوثائقية.
أفلام قصيرة وطويلة وتسجيلية استقطبت آراء النقاد والجمهور
بصمات إماراتية في «دبي السينمائي»
المصدر: عُلا الشيخ - دبي
شعور بالفخر والفرح ينتاب من تابع تطوّر الحركة السينمائية
الإماراتية، منذ مهرجان صغير كان يطلق عليه «أفلام من الإمارات»،
الذي كان يقام في المجمع الثقافي بالعاصمة أبوظبي، وبعده مهرجان
دبي السينمائي، التي انطلقت معه التجارب الإماراتية إلى منحى مختلف
له علاقة بمفهوم الصناعة التي تطوّرت مع تطوّر الحراك السينمائي،
الذي كان موزعاً بين ثلاثة مهرجات في الدولة، بقي بينهم «دبي
السينمائي»، الذي تألق هذا العام بنوعية الأفلام التي تم برمجتها
وعرضها للجمهور، وشعور بالفرح مع كمية الأفلام الإماراتية المنافسة
في هذه الدورة، بين روائية طويلة وقصيرة وتسجيلية، ناهيك عن
الأفلام العربية التي أسهمت الدولة في إنتاجها، عبر (إنجازوصندوق
سند)، فهذه الدورة حملت بصمة إماراتية كانت حديث الضيوف في أروقة
المهرجان المكتظة من جميع جنسيات العالم.
«زنزانة»،
«عبدالله»، «ساير الجنة»، و«بلال».. عناوين لأفلام روائية طويلة،
«في سيرة الماء والنخل والأهل» فيلم تسجيلي، والأفلام القصيرة:
«رائحة الخبز»، «بشكارة»، «بسطة»، «إلى بيتنا مع التحية»،
و«أمنية».. كل تلك الأفلام من إخراج إماراتي. أما الأفلام التي
أسهمت الإمارات في إنتاجها، سواء من خلال (إنجاز أو سند) وغيرهما،
فهي كثيرة، مثل الفلسطيني «3000 ليلة»، والتونسي «شبابيك الجنة»،
و«على حلة عيني»، واللبناني «روحي»، والسوري «كلايد سكوب».
فالفيلم الروائي الطويل «عبدالله» للمخرج حميد السويدي، في تجربته
الأولى، ومن بطولة محمد أحمد ومنصور الفيلي وألاء شاكر، يحكي قصة
غير سائدة وغير متوقعة، حتى إن القصة تفوّقت وغطت على عيوب تكنيكية
لها علاقة بتجربة أولى للمخرج، مع سيناريو وحوار من كتابة المخرج
نفسه، حيث تدور الأحداث حول شاب إماراتي يعشق الموسيقى والبيانو
تحديداً، تنتابه تلك الهواجس بين تربيته المحافظة ومفهوم الموسيقى
والتعاطي معه، تعيش مع عبدالله كل اللحظات التي تتصارع من خلالها
القرارات النابعة من مشاعر مختلطة، مشاعر مرتبطة بين السائد والذي
قرر تجاوز هذا السائد، فبلغة الموسيقى وأنغامها تتقرب إلى عبدالله
أكثر، وتفهم كل هواجسه وأحلامه.
الفيلم الذي من المتوقع أن يتم عرضه قريباً في دور السينما
المحلية، يقدم قصة جميلة تم تأديتها عبر ممثلين مقنعين في أدائهم،
فمحمد أحمد، الذي أدى شخصية عبدالله، أكد أنه اضطر إلى أن يتعلم
الموسيقى والعزف على البيانو، كي يستطيع إقناع المشاهدين بما يقدمه.
في المقابل، ثمة وثيقة تاريخية، من غير مبالغة، يمكن أن تصبح
مرجعاً في تاريخ الدولة، قدمها الكاتب الإماراتي ناصر الظاهري، من
خلال فيلمه الأول التسجيلي «في سيرة الماء والنخل والأهل»، الذي
يظهر فيه الظاهري، يعود إلى الحي الذي ولد فيه في مدينة العين،
يبدأ الظاهري بطريقة سرده التي تشبه كل القصص التي يكتبها، يحكي
علاقته مع المكان منذ كان طفلاً، هذه العلاقة تنتقل إلى ثلاثة
محاور رئيسة في الفيلم، لخصها في الماء الذي كان قوت معظم
الإماراتيين، حيث الصيد، وبعدها النخل وعلاقته بمدينة العين
تحديداً، التي كانت تشتهر به وبزراعة القمح، وليس انتهاءً بالأهل،
من ناحية تعداد أسماء الجيران بعائلاتهم، وأماكن سكنهم، ومدى قرب
منازلهم إلى منزل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
هذا الفيلم تحديداً، الذي يتمتع بلهجة إماراتية قديمة فيها من
الكلمات التي قد تكون صعبة الفهم على كثيرين، تفوّق برؤيته
البصرية، من خلال الوجوه التي كانت حاضرة، والتي كانت تسرد قصة وطن
وتطوّره، مع ملاحظات الناصري الحاضرة، وغصته التي تظهر عليه في
مشاهد كثيرة.
أما بالنسبة للأفلام القصيرة، ففيلم مثل «رائحة الخبز» للمخرجة
منال بن عمرو، تناول قصة فتاة صماء، تتعرض للاغتصاب. الفيلم من
بطولة أشجان، غانم ناصر، خالد ذياب، مريم سلطان، وسمية الداهش،
تدور أحداثه في منزل قديم، تعيش فيه تلك الفتاة الصماء بين عائلة
كبيرة فيها الأب والأم والجد والجدة، والصهر والأخوة.
الذكاء في الفيلم أنه يجعلك تشك في الجميع.. رب البيت متسلط
ومتعجرف، يمارس ما يحلو له من أمور قد تكون مرفوضة اجتماعياً، لكن
حجته أنه يمارسها في منزله، أما خارج حدود ذلك المنزل فهو ذو الصيت
الطيب، على عكس شقيقه الذي يشرب الخمر ويتلصص على نساء الحي من كل
صنف ولون، حتى إن آخر ضحاياه خادمة في منزل الجيران، وشخصية الرجل
الثالث هو الصهر الذي ينتظر الولد بعد عدد من البنات، لكن الأكثر
خطراً من كل هذا هو قرار العائلة الضمني بالتستر على الأمر، وعدم
البحث عن هوية الفاعل، لينتهي الفيلم بلقطة شاملة على حياة عادية
يومية تمارسها العائلة، مع وجه الفتاة الصماء التي لا صوت لها
لتصرخ وتطالب بحقها. الفيلم جميل ومصنوع بشكل جيد، وطريقة إدارة
المخرجة للممثلين كانت ملفتة وحرفية. |