20
جائزة أوسكار أثارت حولها علامات الاستفهام
ياسمين عادل – التقرير
حفل توزيع جوائز الأوسكار، عام بعد عام؛ يصبح حدثًا ينتظره الجميع بشغف
ويتابعونه باهتمام وتركيز أكثر من ذي قبل، بل وقد يصل الأمر أحيانًا بين
الأصدقاء للرهان بينهم وبين بعضهم عن من سيفوز بالجائزة هذه السنة.
ولكن، بالعودة إلى الماضي سنكتشف أن أول حفل أوسكار كان عام 1929، وقتها لم
يكن الحفل يحظى بنفس القدر من الاهتمام أو الشعبية كما يحدث الآن؛ حتى إن
نتائج الحفل كانت تُنشر بالصحف قبل الحفل بفترة، أما الآن فلا أحد يعرف من
هو الفائز إلا لحظة فتح المظروف على الهواء مباشرة.
وبالرغم من التطور والتغيرات العديدة التي حدثت، على مر السنوات، سواءً في
عدد الجوائز وتصنيفاتها أو في تفاصيل الحفل؛ إلا أن هناك سؤالًا ظل يطرح
نفسه دائمًا وأبدًا:
هل فاز بالأوسكار الفيلم/الشخص/الجهة الأكثر استحقاقًا هذا العام؟
قد يكون ذلك هو السؤال الأكثر إثارة للجدل كل عام، بعد حفل توزيع الأوسكار،
سواءً من النقاد أو الجمهور، وعلى الرغم من أن النتيجة -كما ذكرنا- لا يعرف
بها أحد إلا وقت الإعلان المباشر، بالإضافة لأن تلك الجوائز تقديرية بحتة
وتخضع لعملية تصويت، من المفترض أن تكون حيادية وعادلة؛ إلا أننا من وقت
لآخر نجد ما يُشبه الإجماع على أن الفيلم/الشخص الفائز ليس هو الأحق
بالفوز، وأن الأكاديمية خضعت لاعتبارات أخرى عند الحُكم والاختيار، مثلًا
أن الممثل قد تم ترشيحه عدة مرات من قبل أو أي اعتبارات أخرى سياسية كانت
أو أخلاقية.
وجدير بالذكر أنك لو بحثت عن جوائز الأوسكار، المشكوك بأمرها، أو التي يظن
البعض أنها لم تكن بمحلها؛ ستجدها محدودة وشبه مُتفق عليها، أشهر تلك
الجوائز التي يصفها البعض بأنها غير مستحقة:
How Green Was My Valley,
Best Picture 1942
لعل تلك الجائزة تعتبر أكبر سقطة في تاريخ الأوسكار؛ حيث كان من المفترض
فوز فيلم
Citizen Kane،
والذي بلا مجال للشك يمكن اعتباره من أفضل الأفلام التي قدمت على الإطلاق.
ولكن بسبب حملة التشهير التي تعرض لها أروسون ويلز (كاتب ومخرج وبطل
الفيلم) من وليام راندولف هيرست، الإعلامي الشهير، ذي النفوذ؛ خرج الفيلم
من المنافسة على أغلب الجوائز؛ حتى إنه تعرض للهجوم عليه أثناء افتتاح
الحفل نفسه، بل وتم وضع أورسون ويلز في القائمة السوداء بعد ذلك وتجاهل
أفلامه؛ ما وضع لجنة التحكيم في محك لم يغفره لها جمهور السينما القادر على
تمييز الأفلام العظيمة.
The Sound of Music,
Best Picture 1966
لا أحد يقلل من شأن فيلم “صوت الموسيقى“، ولكنه فيلم عائلي لطيف قد يتناسب
مع العطلة أو عيد الميلاد المجيد؛ لكنه لا يرتقي لمستوى جائزة الأوسكار
التي من المفترض أن تُمنح للفيلم الأفضل، وربما أن فوزه بالجائزة قد أثار
الاستياء أكثر من فوزه على فيلم
Dr. Zhivago.
Dances With Wolves,
Best Picture 1991
اختارت لجنة التحكيم الاختيار الأكثر أمانًا وذهبت مع ملحمة كيفن كوستنر
التاريخية، غير أن اختيار ذلك الفيلم بدلًا من
Goodfellas
لمارتن سكورسيزي، والذي كان مرشحًا معه بنفس الوقت؛ أثار استياء واندهاش
العديدين، ففيلم سكورسيزي لا تشوبه شائبة سواء في الإخراج أو التمثيل أو
حتى الموسيقى التصويرية؛ حتى إن الكثير من مشاهده يحفظها المشاهدون بالحرف،
بينما لم يكن أي من ذلك متحققًا مع الفيلم الفائز!
Forrest Gump,
Best Picture 1994
بدون أي مجال للشك، فإن فيلم فورست جامب، واحد من أشهر وأفضل الأفلام عند
الكثيرين، أجاد فيه صناعة سواء كتمثيل أو إخراج وكذلك باقي العناصر الأخرى،
ولكن الأمر لا يتوقف فقط على مدى جودة الفيلم؛ بل كذلك على مدى جودته مقابل
الأفلام الأخرى المرشحة معه.
في تلك السنة، كان الأمر حماسيًا وتنافسيًا بشدة؛ فبجوار فيلم فورست جامب،
كانت هناك أفلام أخرى عظيمة سيذكرها التاريخ، وهي:
Pulp Fiction, Ed Wood, The Shawshank
Redemption.
لذا صُدم الكثيرون حين وجدوا فيلم فورست جامب يحصد وحده معظم الجوائز
بمنتهى الإجحاف والتقليل من شأن الأفلام الأخرى، من يصدق أن فيلمًا مثل
The Shawshank Redemption،
والذي صنف على موقع IMDB لسنوات
طويلة أفضل فيلم في تاريخ صناعة السينما على الإطلاق، لم يفز ولو بجائزة
واحدة يومها!
Titanic,
Best Picture 1997
رغم شهرة فيلم تيتانيك الكبيرة، والإيرادات العظيمة التي حققها وقتها؛ إلا
أن بعض النقاد رأى أنه لم يكن يستحق تلك الجائزة أو حتى كل الجوائز التي
نالها، فهو في النهاية ليس سوى قصة حب بين اثنين.
Shakespeare in Love,
Best Picture 1999
تلك الجائزة كانت ومازالت علامة استفهام كبيرة، سواء للجمهور أو النقاد
الذين لا يعرفون كيف استطاع هذا الفيلم الفوز بها، والتي وفقًا لرؤيتهم كان
أحق بها وقتها
The Thin Red Line
أو فيلم
Saving Private Ryan.
Crash,
Best Picture 2005
هناك شبه إجماع أن الفيلم الذي كان أحق بالفوز تلك السنة هو
Brokeback Mountain،
غير أن الأكاديمية أرادت أن تختار الفيلم الأكثر أمانًا؛ فمن ناحية كانت
تعلن أنها ضد العنصرية باختيارها هذا، ومن ناحية أخرى لم تكن تريد أن تمنح
الجائزة لفيلم يتحدث عن اثنين من الشواذ جنسيًا؛ خوفًا من أن يُشاع عنها
وقتها أنها مناصرة للمثليين.
من الأشخاص الذين حصلوا على جوائز أوسكار أثارت جدلًا أو تم تأويلها
بتفسيرات مختلفة:
:Best
Actress 1960: Elizabeth Taylor) Butterfield 8)
حصلت إليزابيت تايلور على جائزة أوسكار عن ذلك الفيلم، بعد تعافيها من نوبة
التهاب رئوي كاد أن يودي بحياتها؛ ما جعل الأكاديمية تتعاطف معها فيمنحونها
الجائزة، والغريب في الأمر أن إليزابيث نفسها تكره هذا الفيلم، وترى أنه لا
يستحق، وأنها ما قدمته إلا للالتزام بعقدها مع الشركة المنتجة.
Art Carney ( Harry and Tonto) Best
Actor 1975:
في تلك السنة، كان يتنافس مع آرت على نفس الجائزة: آل باتشينو عن فيلم
Godfather
الجزء الثاني، وكذلك جاك نيكلسون عن فيلم
Chinatown؛
لذا بين عملاقين مثل هؤلاء كان من الغريب أن يفوز آرت بالجائزة!
Best Director 1977: John G. Avildson (Rocky)
هل لأي شخص متذوق لفن السينما يمكن أن يتخيل أن يفوز مخرج فيلم روكي
بالأوسكار، في الوقت الذي كان يتنافس فيه معه على الجائزة:
Alan
J. Pakula for : All The Presidents Men
Martin
Scorcese for: Taxi Driver
Sidney
Lumet for : Network&!
Best Actor 1992: Al Pacino in (Scent of a Woman)
لا أحد يستطيع أن يقلل من أداء آل باتشينو في ذلك الفيلم، ولكن الغريب هو
أن يفوز بالأوسكار عن دوره هذا، بينما أفلامه الأكثر عظمة والتي قدمها من
قبل؛ تجاهلتها الأكاديمية، ولم تمنحه عنها شيئًا، مثل: (The
Godfather films, Serpico, Panic in Needle Park, Dog Day Afternoon and
Glengarry Glen Ross).
مثل تلك القرارات، هي التي تجعل الجمهور يردد أن الأكاديمية لها حسابات
أخرى، وأنها أحيانًا كثيرة تمنح النجوم الجوائز كما لو كانت آسفة على
تجاهلها لهم بالسابق.
Best Actress 1999, Gwyneth Paltrow (Shakespeare in Love)
جائزة أوسكار أخرى نالها هذا الفيلم؛ جعلت الجمهور والنقاد أكثر غضبًا،
فكيف لأداء جوانيث بالترو بأي شكل من الأشكال أن ينافس ويتغلب على أداء
ميريل ستريب أو كايت بلانشيت في فيلميهما على الترتيب
One True Thing
وElizabeth!
Best Actor 2002 : Denzel Washington) Training
Day)
جائزة أخرى توجه الأنظار تجاه اختيارات الأكاديمية؛ فها هو دينزل واشنطن لا
يفوز بجائزة الأوسكار عن أفلام مثل
Malcolm X أو Philadelphia،
ويفوز عن هذا الفيلم؛ ما يجعل النقاد والجمهور يشعرون كما لو أن تلك
الجائزة كانت تعويضًا عن خساراته في المرات السابقة. وعلينا ألا ننسى أنه
في ذلك العام كان يتنافس معه على نفس الجائزة.
Russell Crowe”A Beautiful Mind”
Sean Penn, “I Am Sam”
&Will
Smith, “Ali”
Best Director 2007: Martin Scorcese (The Departed)
لا أحد يمكن أن يقول إن مارتن سكورسيزي لم يكن يستحق الأوسكار، لكن كل ما
في الأمر أنه ترشح قبل ذلك الفيلم 8 مرات لجائزة الأوسكار؛ لذا كان من
الصعب تصديق ألا يفوز بالجائزة عن أفلام مثل
Raging Bull, Taxi Driver, and Goodfellas،
ثم يفوز بها عن ذلك الفيلم، ما جعل البعض يشعر أن تلك الجائزة ليست فقط
لأنه استحقها، ولكنها بمثابة اعتذار عن تجاهل الأكاديمية له طوال السنوات
الماضية.
Best Performance by an Actor in a Supporting Role 2009
Heath Ledger (The
Dark Knight)
حصول هيث ليدجر على جائزة أوسكار عن فيلمه The Dark Knight، رأى
البعض أنه حدث بسبب وفاته، وأن تلك الجائزة كانت بمثابة تكريم له؛ ليس لأن
دوره في ذلك الفيلم لم يكن عبقريًا بكل المقاييس، ولكن لأنه بالمقارنة بين
دوره في ذلك الفيلم ودوره في فيلم Brokeback
Mountain كان
الأحق له أن يفوز وقتها، لولا التجاهل المقصود الذي تعاملوا به مع الفيلم
للأسباب التي ذكرناها من قبل.
Best Actress 2009: Kate Winslet (The
Reader)
كان ذلك هو ترشيح كايت للمرة السادسة لجائزة الأوسكار ما جعل البعض يعتقد
أن الأكاديمية قد منحتها الجائزة تلك السنة لأنها قد رُشحت عددًا كبيرًا من
المرات دون الفوز؛ لذا فليمنحونها لها تلك المرة.
ولم يكن ذلك التصور مبنيًا على نتيجة مستواها التمثيلي الضعيف بالفيلم،
ولكن لأنها قد قدمت ما هو أفضل في أعمال أخرى، مثل
The Eternal Sunshine Of The Spottless
Mind
وفيلم
Little Children.
ورغم ترشيحها للجائزة عنهما لم تفز، كذلك الفيلم الذي قدمته فيما بعد، في
دور من أفضل أدوارها على الإطلاق، في
Revolutionary Road،
والذي لم تنل عنه حتى ولو مجرد ترشيح!
Best Actress 2010: Sandra Bullock (The Blind Side)
تردد وقتها أن ساندرا فازت بالجائزة ليس لأنها الأحق أو الأفضل، ولكن لأنه
كان دورها تلك السنة للفوز بالجائزة؛ ومن ثَم اللحاق بركب نجمات هوليود
العظيمات، كما لو كانت تلك الجائزة بمثابة مباركة الأكاديمية لساندرا على
الاتجاه الجاد بأفلامها، بعيدًا عن الأفلام الخفيفة التي اعتادت أن تقدمها،
فهل يمكن أن يكون ذلك حقيقيًا؟!
Best Actress 2012: Meryl
Streep) The
Iron Lady(
بلا أي مجال للشك، ميريل ستريب هي الأسطورة الحالية في عالم السينما، مهما
كانت الشخصية التي ستؤديها، سنجدها قادرة على إجادتها وتقديمها بشكل يفاجئ
جمهورها من فرط عظمته؛ حتى إنها أكثر ممثل/ة تم ترشيحها لجوائز الأوسكار.
ولكن! البعض كان يرى أن
Viola Davis،
بطلة فيلم
The Help،
هي الأحق بالفوز تلك السنة، وأنه كان يمكن لميريل ستريب أن تفوز عن دور
أعظم من هذا؛ لأنها قادرة على ذلك، غير أن آخرين وجدوا أن ميريل هي الأحق
بالفوز، وأن ما حدث هو ما كان يجب عليه أن يحدث.
Best Actress 2013: Jennifer
Lawrence
(Silver
Linings Playbook)
نعم، الجميع كان متحمسًا لذلك الفيلم ربما حتى أكثر مما ينبغي! واندهاش
البعض من تلك الجائزة ليس تشكيكًا في قدرات جينيفر لورانس التمثيلية، ولكن
لأن أداء جينيفر في ذلك الفيلم على جودته لم يكن هو أعظم أدوارها؛ إذ رشحت
في 2010 عن فيلم
Winter’s Bone،
لكنها خسرت وقتها أمام ناتالي بورتمان، ودورها الرائع في فيلم
Black Swan.
Best Supporting Actress 2013: Anne Hathaway (
Les Misérables)
أثارت تلك الجائزة علامات استفهام بين الجمهور، على الرغم من الدور الجيد
الذي قدمته آنا بالفيلم، ولكن ربما حدث ذلك بسبب أن الدور كان قصيرًا جدًا؛
حتى إنها ماتت في النصف الأول الفيلم.
وفي النهاية تبقى كل تلك التخمينات والتفسيرات لا تعبر إلا عن آراء أصحابها
أو من يتفقون معها، دون أن يعرف أحد الحقيقة الكاملة، وهل فعلًا كانت تلك
الجوائز كلها أو بعضها غير مستحقة أو جاءت في غير وقتها، أم أن الأكاديمية
كانت ترى شيئًا آخر غير ذلك الذي يراه الجمهور الحقيقي لتلك الأفلام.
مصادر المقال (1)،(2)، (3) |