25
مليون تحت أقدام القديس
العاري:
ما يقارب من
الخمسة وعشرين مليون دولار، وهي ميزانية ضخمة، وضعت تحت تصرف مخرج
فيلم (غاندي)، لتحقيق مشروع حياته.. فالفيلم إنتاج بريطاني/ هندي
مشترك، ساهمت الهند بمبلغ ستة
ملايين دولار أمريكي، قدمتها الشركة القومية للإنتاج السينمائي
الهندي، وذلك
بإيعاز من "أنديرا غاندي"، على أساس أن تسترد الشركة هذا المبلغ من
حصيلة إيرادات
الفيلم، وذلك لدعم صندوق الشركة ومساعدة المخرجين الهنود
الشباب
.
وبين حلم "أتنبرو" بإنتاج الفيلم وبين تحقيق هذا الحلم، عشرون عاماً.. فقد كانت
هناك الكثير
من العقبات التي واجهت إنتاجه، فلولا
موافقة السلطات الهندية على مشروع الفيلم
ومساندتها له، لما كان لهذا الفيلم أن يرى النور.. وكان المخرج قد
حصل على موافقة
رسمية لمشروع الفيلم من الرئيس "نهرو"، وذلك عندما أعلن أمام
البرلمان الهندي »أن
هذا المخرج الإنجليزي صالح تماماً للقيام بهذا العمل« وأن "أنديرا
غاندي" قد قرأت
بالتفصيل سيناريو الفيلم، وإقترحت بعض
التعديلات الهامة عليه، كما أعلن المخرج في
مؤتمر صحفي بعد عرض الفيلم، حيث قال: (...بفضل إقتراحات "أنديرا
غاندي"، أمكننا التقدم بأحداث الفيلم، فنحن لا نقدم فيلماً
تسجيلياً يغطي خمسين عاماً من حياة "غاندي"، بل لكي نكون صادقين مع أنفسنا، فهدفنا من الفيلم هو تقديم
فلسفة وروح
"غاندي"...).
وبالرغم من كل هذه الموافقات الرسمية على مشروع الفيلم، إلا أن
العديد من الصحف الهندية قد أثارت حملة من التشكيك والهجوم قبل
تصوير الفيلم.. فقد
إستنكرت الصحافة أن يتناول مخرج أجنبي شخصية هندية عظيمة، كما أن
بعض السينمائيين
الهنود زعموا بأن "أتنبرو" إنما ينتج الفيلم على حسابهم، لأن الهند
ساهمت في
الإنتاج، في الوقت الذي كانت الحكومة تتردد في منح القروض للمنتجين
الوطنيين.. متناسين ـ بالطبع ـ بأن رأسمال الفيلم سيصرف في الهند،
وسيعود للهنود بطريق غير
مباشر، حيث أن ثلاثين ألف ممثل وكومبارس هندي، تصل أجورهم الى أكثر
من ثمانية
ملايين دولار، قد شاركوا في الفيلم.. هذا فضلاً عن إستخدام عدد
كبير من المهنيين
الهنود، مابين حداد ونجار وبناء وسائق وخياط في عمل الديكورات
اللازمة والقيام
ببعض المهمات التي يحتاجها التصوير
.
كما أن الإعتراضات في الصحافة قد أثارت
قضية الإستعانة بممثلين أجانب لأداء
الأدوار الرئيسية في الفيلم، حيث تردد في
المراحل الأولى من تحضير الفيلم، أن الأسماء المرشحة لتلعب دور
"غاندي"، جميعها
من النجوم الأمريكية والإنجليزية، مثل: ألبرت فيني، داستن هوفمن،
أنتوني هوبكنز، جون هيرت، روبرت دي نيرو.. وذلك لضمان توزيع الفيلم
في أمريكا والعالم، لدرجة
أن إحدى شركات التوزيع الأمريكية إشترطت للمساهمة في تمويل الفيلم
أن يلعب "ريتشارد
بيرتون" دور غاندي، ألا أن المخرج رفض ذلك وصرح بأنه لم يتخيل
أحداً من هؤلاء
النجوم صالحاً للدور، وإنه مقتنع تماماً من
إسناد الدور الى ممثل غير معروف.. فقد
تعاقد، بعد ذلك، مع الممثل المسرحي الإنجليزي (الهندي الأصل) "بن
كنجسلي" الذي عمل لسنوات طويلة في فرقة سكسبير الملكية.
وكعمل سينمائي، ليس في فيلم (غاندي) ما يبهر أو يدير الرؤوس.. ليس
فيه إستعراض للعضلات، أو إظهار مهارات
تقنية فائقة.. إنه فيلم متقن جداً وهاديء،
لا أكثر
.
لقد إستطاع "أتنبرو"
وفريق عمله الفني، إعطاء الصنعة حقها، فجاء
الإخراج جيداً.. وكذلك التصوير في مشاهد أغنتها بإستمرار أقوال
غاندي.. بالإضافة الى موسيقى حميمية متناسبة والحدث
الدرامي.. ويمكننا القول بأن (غاندي) فيلم
ذو مستوى عادي، كعمل سينمائي راقي
ومُعتنى به جيداً.
|