الفيلم الثالث لمحمد خان كان (الثأر) عام 1980. فيلم من نوعية أفلام
الحركة، يقدم به عملاً تجارياً نظيفاً، يعتمد على التشويق والإثارة.
عمل سينمائي سريع الإيقاع ومتقن في بناءه الدرامي، ويتناول فيه ظاهرة
الاغتصاب المنتشرة في المجتمع المصري. الفيلم يعتمد على قصة حقيقية ـ كتب
السيناريو لها فايز غالي ـ وقعت لزوجة يخطفها أربعة شبان من بين يدي زوجها.
يحكي الفيلم عن مأساة المهندس الشاب أحمد (محمود ياسين) وزوجته (يسرا) التي
تختطف أمام عينيه وهو غير قادر على فعل أي شيء سوى إبلاغ الشرطة التي
بدورها تقوم بعملية بحث مكثفة عن الزوجة. في صباح اليوم التالي يفاجأ أحمد
بزوجته تعود إليه وهي في حالة انهيار تام إثر تعرضها للاغتصاب، وإصابتها
بنزيف حاد حيث يكتشف فيما بعد أنها حامل، تدخل المستشفى للعلاج وهي ما بين
الحياة والموت.
هنا تبدأ رحلة انتقام الزوج، دون أن يترك للشرطة مهمة البحث عن المجرمين،
وتكون نتيجة انتقامه المجنون قتله لثلاثة شبان يتضح في النهاية أنهم أبرياء
من جريمة الاغتصاب، وإن كانوا يعملون في تهريب المخدرات. ومن الجانب الآخر
تتوصل الشرطة إلى ثلاثة شبان آخرين يعترفون بمسئوليتهم عن اختطاف الزوجة
واغتصابها.
يؤكد فيلم (الثأر) على مقولة أن القانون يجب أن يأخذ مجراه الطبيعي. كما
يشير إلى تأثير أفلام العنف والكاراتيه سلبياً على الشباب. وهو بذلك يستعرض
نماذج شبابية سلبية، ولكنه لا يناقش ظروفها. إن محمد خان في هذا الفيلم لا
يخفي تأثره بالأفلام الأجنبية التي تتناول عالم المخدرات والعصابات، مع
الإشارة إلى أن فيلمه هذا يحاكي في بعض تفاصيله ومعالجته فيلماً أمريكياً
يتناول نفس الموضوع. يعتمد محمد خان اعتمادا كلياً على التصوير الخارجي،
كما في فيلميه السابقين، فلغة الكاميرا كانت أهم عوامل نجاح الفيلم. إن
الشكل الذي اختاره المخرج قد أعطى للكاميرا فرصة أكبر لإظهار إمكانياتها في
التعبير عن الأحداث، وكان الحوار طبيعياً ومناسباً بحيث لم يؤثر على شكل
العمل ككل. كما وفق محمد خان في تجسيد بعض المشاهد درامياً، مثل مشهد وقوف
الزوجة تحت (الدوش) وهي تنتفض من هول ما حدث، وكأنها تغسل عنها العار الذي
ألحقه بها المغتصبون.. إنه حقاً مشهد عميق ومعبر للغاية، هذا بالرغم من
قصره الزمني. إلا أن هذا لا ينفي وجود بعض الثغرات التي فرضتها حبكة
الفيلم، كالإطالة في مشاهد الكشف عن هوية الخاطفين الحقيقيين، والتي أعطت
فرصة للزوج في مواصلة انتقامه، كما أن التحقيق مع الخاطفين لم يكن مقنعاً
ومبرراً لاعترافهم السريع بما فعلوه.
إن محمد خان في فيلم (الثأر) يختلف إلى حد كبير عما قدمه في فيلميه
السابقين من ناحية المضمون الدرامي، فهو هنا لم يهتم برسم شخصياته بدقة،
ولم يتعمق أكثر في الغوص في أعماقهم، واكتفى بالجانب التشويقي في الفيلم،
وركز على الحبكة الدرامية للأحداث ومفاجأة المتفرج. كما أن الفيلم بشكل عام
جاء أقل مستوى مما صنعه خان من قبل، وقد فقد الكثير من مميزات أسلوبه
السينمائي.