قدم المخرج البحريني بسام الذوادي فيلمه الروائي الثالث «حكاية بحرينية» في حفل
افتتاح مسابقة أفلام من الإمارات (الدورة السادسة)، في المجمع الثقافي في أبو ظبي.
الفيلم كما يراه مخرجه يستعرض أحلام الإنسان البحريني كامتداد للأحلام التي ولدت مع
الوحدة العربية ثم تحطمت في هزيمة عام 1967. إضافة الى مجموعة من الأفراد يجدون
أنفسهم في صراع قاس ومؤلم مع محيطهم من أجل تحقيق أحلام صغيرة يفقدونها تدريجاً،
وصولاً الى السقوط المدوي للأحلام الكبيرة كما تبدت مع رحيل جمال عبدالناصر. في
سياق الفيلم يطل الصبي ذو الاثني عشر ربيعاً خليفة ليشهد على قسوة هذا المحيط وهو
يتفتت حوله، وليكشف في الوقت نفسه عن حيرة المجتمع في لحظة السقوط المدوية هذه.
هنا حوار مع المخرج الذوادي حول الفيلم:
·
لماذا «حكاية بحرينية»... هل هناك ما
هو خاص فيها الى هذا الحد؟
- مع انها حكاية بحرينية، إلا أنها تظل حكاية عربية ولا تنفصل في أي شكل عن حكاية
الوطن العربي نفسه. لقد كان عنوان الفيلم «أحلام صغيرة»، لكننا اكتشفنا أن هذا
عنوان فيلم آخر للمخرج خالد الحجر ما اضطرنا الى ان نستبدله بـ «حكاية بحرينية»،
وهو ما أراده كاتب السيناريو فريد رمضان.
·
هل تشكل عودتك الى هذه الحكاية نوعاً
من الحنين، أم محاولة منك لتوصيف ما هو مسكوت عنه كما تقول في مكان آخر؟
- أعتقد بأن «حكاية بحرينية» يتحدث عن الوضع العربي الراهن وليس عن البحرين فقط.
الوحدة الوطنية كما أراها بعيداً من العقائد والديانات والمذاهب، ففي السابق عندما
كنا نقول مثلاً فلسطين كان العالم كله يتحرك من حولنا، واليوم بتنا نفتقد مثل هذا
الشعور. لقد أردت أن أذكِّر بالماضي والى أين وصلنا من خلال حدوتة بحرينية بسيطة في
مجتمع بسيط.
·
هذا التبسيط ألا يضر ببنائية الفيلم؟
- لا أعتقد. لاحظ أن البناء في أساسه بسيط، وما قدمه فريد رمضان لم يكن يحتمل
رموزاً أكثر أو إسقاطات أكبر. عندما تشاهد الشخصيات، فإنك ستعتبرها شخصيات تعيش في
أي بلد عربي في كامل عفويتها. لقد جاء البناء بسيطاً ليتلاءم مع طبيعة هذه
الشخصيات، لا ليغدر بها.
·
هل كانت هذه الرموز بمجملها كافية
لتوصيل فكرتك؟
- بالنسبة إلي كمخرج لهذا الفيلم، أعتقد بأن لطيفة كانت رمزاً، والابنة فاطمة التي
أحرقت نفسها كانت رمزاً، والشاهد خليفة هو رمز بدوره، وأعتقد جازماً بأنهم تجمعوا
ليقدموا دلالات مختلفة للفكرة التي أردت إيصالها.
·
هذه العودة المكلفة الى الوراء ألا
تمثل نوعاً من القسوة في حق الذات؟
- لا أوافقك الرأي، فأنا أعتقد بأن العودة الى الوراء كانت مهمة بالنسبة إلينا في
الخليج، وفكرة أن هذه الدول مترفة فقط ليست صحيحة، وارتباط هذه الدول بالأحداث
السياسية التي عصفت بالمنطقة غير معروف لبقية الشعوب العربية، وبالتالي فإن العودة
بالزمن الى الوراء هي حق علي، فما أريد أن قوله في الفيلم اننا جزء من هذا الوطن
الكبير، وكيف أن الخليج في كل أنسجته كان مدمجاً مع الوطن العربي في ذلك الوقت.
·
هل هذا هو المسكوت عنه فقط؟
- أنا أقف أمام مسؤولية تكمن في الحفاظ على ذاكرة الشعب العربي وتجسيدها من خلال
أفلامنا السينمائية. السينما مجال مفتوح لكل الصور والأخيلة والأزمنة، وعندما أشاهد
مثلاً فيلم «لائحة شيندلر»، هل علي أن أفهم أن سبيلبرغ يجتر القديم أم يعمل على
تثبيت الذاكرة؟!
·
ما هي حدود علاقتك مع الرقابة في خصوص
بعض طروحات الفيلم؟
- البحرين بلد منفتح، وتستطيع أن تجد في مجلس الشورى شخصية تمثل جالية معينة، وكل
الطوائف لها من يمثلها، وأعتقد بأن هذا الجو سمح لنا أن نقدم ما نراه مناسباً.
·
ما هي دلالة أن تكون فاطمة ابنة للأب
وليست ابنة للزوجة... وهي من تقوم بإحراق نفسها؟
- حمد هو من يقول ان فاطمة مزروعة في قلبي مثل البلد، وفاطمة هي البلد الذي يرفض أن
يستغل يومياً وينتهك. هي مرتبطة بالواقع، فنحن عندما نشاهد انتصار القوات المصرية
الوهمي ترانا في الوقت نفسه نشهد على زواج وهمي يليه موت فاطمة الحقيقي مصاحباً
هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران (يونيو) 1967.
·
هذا هو فيلمك الروائي الطويل الثالث...
كيف ترى خريطة السينما في البحرين عموماً؟
- أعتقد بأن هناك مجموعة من الشباب تبشر بالخير ولديها القدرة على تحمل المسؤولية
أكثر منا نحن الذين انتظرنا ثلاثة عقود كي نصنع سينما. على أي حال تظل أهمية القطاع
الخاص عندنا في المرتبة الأولى على ان يتلقى الدعم الحكومي من دون أن يعني ذلك
تنفيذ ما تريده الحكومة من صانع الفيلم.
·
ولكن حتى هذا القطاع الخاص له مطالب
وحسابات؟
- القطاع الخاص واعٍ العملية الإنتاجية أكثر، ومن حقه أن يربح أيضاً في أفلام تحمل
مضموناً وشكلاً جيدين وقريبين من شباك التذاكر.
·
أليس هناك انفتاح مستقبلي على تجارب
عربية وليست خليجية فقط؟
- التجارب العربية مهمة للغاية، والتعاون معها مهم، لكنها في حاجة أيضاً لمن
ينتشلها مما هي فيه.
الحياة اللندنية في 13 أبريل 2007 |