الطريق إلى الشجرة النائمة
يقول
محمد راشد بوعلي، مخرج فيلم "الشجرة النائمة" والشريك في شركة "نوران
بيكتشرز" للأفلام الروائية الطويلة، الشركة البحرينية للإنتاج السينمائي،
"كان للسينما تأثيرها الساحر عليَّ منذ كنت صبياً
صغيراً. كنت أنتظر كل عنوان لفيلم جديد لأكون أول من يشاهده"، يقول محمد
راشد بوعلي، المخرج وشريك في “نوران بيكتشرز”، لإنتاج الأفلام في البحرين.
"كنا نهرع أنا وأصدقائي إلى السينما كل أسبوع، حتى كبرت، وبدأت بتتبع قصص
الأفلام وصناعتها على الانترنت، وكنت أشارك بتعليقي الخاص على منتديات
وسائل الإعلام الاجتماعية الإقليمية. كنت أتابع قصص المخرجين والممثلين
فيما وراء الكواليس وكنت أترقب مشاريعهم القادمة".
"قمت بمشاركة جمهور مشجعي ومشاهدي الأفلام، ووجدت الناس الذين يمكنني
التواصل معهم بطريقة مختلفة، والذين اتخذوا فن صناعة الأفلام وسرد القصص
على محمل الجد. حلمت أن أكون قادراً على سرد قصصي وتجربة تقنيات متنوعة كما
رأيت تنفيذها على الشاشة الكبيرة." وفي الواقع اليومي للبحرين، كان من
الصعب العثور على نفس التواصل والتفهم"، واسترسل قائلاً. "لم تكن عائلتي
تدعم أفكاري في البداية ولم تكن البيئة مواتية لذلك. كتبت القصص في المدرسة
وكذلك بنشر وجهة نظري النقدية للعديد من الأفلام في الصحافة المحلية، وكان
مردود ذلك جيداً. ونتيجة لكل ذلك، فكرت في أن أكون مخرجا".
الاستماع إلى بوعلي وهو يحكي حبه للفيلم وتطلعاته في وقت مبكر، يجعلك تفهم
كيف أن فيلم "الشجرة النائمة" يمثل مشروعاً هاماً. لقد واجه باستمرار
الشكوك والانتقادات لفن صناعة السينما من أقرانه والمجتمع ككل، وذهب إلى
الجامعة لدراسة إدارة الأعمال ومن ثم القانون، بدلاً من دراسة أي شيء له
علاقة مباشرة بشغفه بصناعة الفيلم السينمائي.
التطوير الوظيفي
بعد حصوله على ليسانس الحقوق في القانون من جامعة العلوم التطبيقية في
الأردن، عمل في مجال القانون، وقام بالعمل لدى عدة شركات قانونية في
البحرين قبل أن ينضم الى مصرف البحرين المركزي بوظيفة محقق. وبعد مرور عدة
سنوات، اتبع بوعلي حبه وأخرج أكثر من عشرة أفلام روائية قصيرة وأفلام
وثائقية، وقام بذلك ببناء سمعة جيدة لنفسه باعتباره المخرج البحريني الطموح
في المهرجانات السينمائية الإقليمية والدولية التي قامت بعرض أفلامه، ونجحت
في انتزاع جوائز دولية.
حصلت أفلامه على القبول النقدي واهتمام المشاهدين بتجربته، كونها تجربة
قائمة على ثيمة أظهار الثقافة المحلية ببساطة بصرية وحكايات جاذبة، تعكس
حالات مختلفة للإنسان البحريني، وتعكس حياة الأسرة المعاصرة وعلاقتها مع
التراث البحريني وخلفياتهم الثقافية، كان لأفلام بوعلي طابع خاص في العلاقة
الإنسانية وحالة العزلة الخاصة، الأمر الذي أشاد به المشاهدين المحليين
والدوليين، ناهيك عن مجموعة من الجوائز التي حصل عليها، في العام 2010
عن عمله الوثائقي لوزارة الثقافة، حيث ساهم في جعل البحرين تفوز بجائزة
"الأسد الذهبي/ غولدن ليون" لمعرض العمارة الدولي ال 12، بينالي دي فينيسيا
في إيطاليا عن فيلمه "مقابلات البحر"
اليوم، نائب رئيس نادي البحرين للسينما والمدير الفني لمهرجان نقش للأفلام
القصيرة، بوعلي هو خريج من أكاديمية السينما الآسيوية من كوريا وكذلك خريج
دورة "المواهب السينمائيين" من برلين في ألمانيا، الحائزة على منحة المواهب
الإبداعية من المجلس الثقافي البريطاني. انتهى لتوه من تصوير أول فيلم
روائي طويل له "الشجرة النائمة". والذي يتناول علاقة زوجية على وشك
الانهيار بسبب وضع ابنتهما الصحي. تم كتابة "الشجرة النائمة" من قبل المؤلف
وكاتب السيناريو البحريني المعروف فريد رمضان.
الخطوات الأولى
"لقد قمنا بمناقشة قصة الشجرة النائمة لبضع سنوات،" يتذكر بوعلي. "استناداً
على قصة حقيقية مستمدة من تاريخ شخصي، تم زرع هذه البذور منذ زمن بعيد،
حسبما أذكر... انجذب فريد للقصة وكتب السيناريو الذي أثار اهتمام
الكثير من النقاد والمهرجانات الذين اهتموا في تطوير الفيلم ودعم إنتاجه.
لقد أسر مخيلة العديد من القراء، وقام بتوفير مزيد من الزخم بالنسبة لنا
كشركاء، لإنتاج الفيلم على الرغم من التحديات".
فريد رمضان هو واحد من أهم كتَّاب السيناريو في منطقة الخليج العربي. حيث
قام بكتابة اثنين من أهم الأفلام الروائية البحرينية؛ "حكاية بحرينية"
(2006) و "الزائر" (2004)، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأفلام القصيرة
والوثائقية، حقق عمله إشادة من النقاد وأكسبه عددا من الجوائز الدولية. بدأ
الشراكة مع بوعلي منذ عام 2008، عندما كتب رمضان فيلم "البشارة"، واحدة من
الأفلام القصيرة المهمة التي قام بوعلي بإخراجها.
في عام 2012، قررا تحقيق أحلامهما من خلال إنشاء شركة لإنتاج الأفلام، أسست
"نوران بيكتشرز" لتكون حاضنة لصنَّاع السينما وداعمة لهذه الصناعة الناشئة
في البحرين والخليج العربي، فقد تم تشجيع المواهب الإبداعية الأخرى
للكتابة، والإخراج، والتمثيل، وإنتاج أفلام للبحرين. وفاءً لرؤيتهما،
تعاونا لإنتاج "الشجرة النائمة" وقاما بتشكيل فريق إنتاج بحريني كبير من
فني الصوت والمصورين وصولاً إلى فناني الماكياج ومجموعة من المصممين،
حيث كانت الغالبية العظمى منهم من البحرينيين من ذوي الخبرة المحدودة في
السينما.
الرحلة النهائية
إن ضمان جودة إنتاج فيلم تدور أحداثه حول أسرة بحرينية ليس بالمهمة السهلة،
ولكن قام الشريكان بالسعي لخلق بيئة تعليمية خاصة لتقديم "الشجرة النائمة".
بتوجيه من بوعلي ورمضان، تم دعم المواهب الإبداعية للسينما المحلية الشابة
والتي شاركت في صنع أول فيلم روائي في البحرين منذ عشر سنوات. وقد شارك
محمد المغراوي بخبرته كمصور سينمائي تونسي المولد، وذو الشهرة العالمية،
جنبا إلى جنب مع فريق صغير من المساعدين التونسيين، الذين زاروا البحرين
للمرة الأولى هذا العام من أجل المساعدة في فيلم "الشجرة النائمة".
نخبة من الفنانين المحليين؛ جمعان الرويعي وهيفاء حسين بالإضافة إلى
إبراهيم خلفان ومريم زيمان والممثل السعودي إبراهيم الحساوي أمضوا شهراً
معاً خلال تصوير "الشجرة النائمة" حيث قاوموا درجات الحرارة المتزايدة
للطقس المحلي وظروف العواصف الصحراوية، التي هددت المشاهد الخارجية
للفيلم.
"لقد
كان شرفا لي العمل مع بعض من الأسماء الكبيرة في مجال الفنون المرئية
والدرامية البحرينية،" يوضح بوعلي. "لقد أعجبت بعملهم لسنوات وروح فريقهم
كان رائعا. لم يكن تصوير الفيلم هو التحدي الذي واجهوه فحسب، ولكن أيضاً
ظروف البيئة الطبيعية لبعض مواقع التصوير والتي كانت قاسية في بعض الأحيان.
كان علينا إلغاء التصوير في المناطق الصحراوية مرتين بسبب الظروف
الجوية، ومع وجود عدد من المشاهد الخارجية اللازمة، لقد خضع طاقم العمل
لضغط نفسي هائل".
"هل
سأقوم بذلك مرة أخرى؟ نعم، من كل قلبي"، يقول بوعلي. "ولكن آمل في المرة
القادمة أن يكون أسهل؛ إن العثور على المواقع وتأمين الخدمات اللوجستية،
والعمل في طقس لا يمكن التنبؤ به، ودعم الطاقم الفني، جميعها جوانب عملية
تتطلبها صناعة الأفلام. ولكن، حتى الآن التحدي الأكبر هو في تركيب جميع
القطع معا، ونحن لا يمكن أن نصل إلى هذا المستوى من دون الدعم السخي من
الشركاء والرعاة.
"نحن
مدينون بشدة لسعادة السيدة / سميرة رجب، وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق
الرسمي باسم الحكومة، للتشجيع والدعم حيث كان لثقتها في "نوران بيكتشرز" و
"الشجرة النائمة" الدور في دخول هيئة شؤون الإعلام، في اتفاقية الإنتاج
المشترك وتمهيد الطريق لكثير من التسهيلات المحلية التي حصلنا عليها خلال
العام الماضي" كما شرح.
"ونحن أيضا في شراكة مع بنك البحرين للتنمية و مويراي كومينيكيشن، وحصلنا
على دعم الرعاية من فندق شيراتون البحرين وشركة الخليج لصناعة
البتروكيماويات (جيبك)، وطيران الخليج، وبيت السفر "هاوس اوف ترافيل"
وحدائق أمين. كل هؤلاء كانوا داعمين حقيقيين لهذا المشروع، وآمل أن نرقى
إلى مستوى توقعات الجميع عندما نبدأ بعرض الفيلم عالميا في المهرجانات
السينمائية ومحليا في دور السينما". |