* التفسيرات السياسية التي راجت عن الجنازة وصاحبها.. والتساؤلات السينمائية التي تدور عن الفيلم الأخير وبطله * الشيخ الذي قام بتغسيل جثمان أحمد زكي طلب من السفير السعودي «ماء زمزم» فأحضر لهم مشكورا 50 جركن من الماء المبارك * وزير الصحة شدد علينا أثناء الجنازة أن نتوقف عن التدخين وشرح لنا مضاره وكوارثه الصحية.. فقلت له إن والدي كان يدخن ثلاث علب سجائر يوميا ومات في الـ87 من عمره! كنت مثل غيري من الملايين أتابع أخبار أحمد زكي من خلال الصحف المصرية والعربية، انشغلت الصحافة بتفاصيل مرض الممثل الأسمر ونهايته المحتومة في دأب شديد، تحاول كل جريدة أن تتسلل داخل أسوار المستشفي البعيدة التي يرقد فيها أحمد زكي تتسلل إلي داخل كل من يكون قريبا منه في أيامه الأخيرة تريد أن تعرف المزيد من التفاصيل لتدعي السبق. أستطيع أن أزعم بأن هذا الاهتمام البالغ لم يحظ بمثله أي نجم من قبل في ميدان التمثيل أو مطرب في حقل الغناء أو أي فنان أو كاتب مهما علا شأنه.لا أستثني في ذلك عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم أساطير الغناء وأستطيع أن أزعم بأن عبدالحليم حافظ قد زاد شهرة علي شهرة أثناء مرض أحمد زكي وارتباط هذا المرض بأدائه دور عبدالحليم حافظ في فيلم «حليم» هذا الفيلم الذي لم يكتمل تصويره ويعلم الجميع بأنه لم يكن سيكتمل ويعلم ذلك الأمر أحمد زكي نفسه. ولذلك فإن السؤال الذي يثير الحيرة في نفوس الكثيرين من العقلاء هو لماذا قررت الشركة المنتجة التي علي رأسها الإعلامي عماد الدين أديب، أن تبدأ بتصوير الفيلم وهي علي يقين من الناحية الطبية أن أحمد زكي إنسان محتوم صرح الأطباء في الخارج والداخل بأنه سوف يموت في غضون ستة أشهر ونحن نؤمن كل الإيمان بأن الأعمار بيد الله، ونؤمن بأن عمر الإنسان لا يزيد لحظة أو ينقص مقدار ثانية إلا بإذن الله الذي لا رد لقضائه. ولست أزعم أن الشركة التي تقوم بإنتاج فيلم «حليم» رجالها أقل منا إيمانا ولكن كان هناك إصرار غريب علي البدء بتصوير الفيلم رغم أنه أمام هذه الشركة بديل آخر، بديل يتمسك به كل صاحب مال عاقل هناك سيناريو كامل عن مطرب مازال يعيش في وجدان الناس حتي الآن ويحظي بشهرة طاغية، وهناك ممثل مهما بلغت عبقريته في التمثيل ما بلغت ولكنه ليس أمامه سوي أيام قليلة لا تكفي لإكمال الفيلم الذي يتكلف ملايين قد تتجاوز العشرة ملايين، إن البديل لهذا الموقف هو التريث الحكيم إذا مات أحمد زكي فهناك من يستطيع غيره وربما أقل كفاءة وربما أكثر فلا أحد يستطيع أن يجزم بهذا الأمر. بتمثيل دور المطرب عبدالحليم حافظ يساعده في ذلك فن الماكياج الذي تطور تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة كما تطور فن السينما في العالم إلا في مصر وقد يجنبهم هذا البديل الخسارة الفادحة وكذلك سوف يستفيدون من سيناريو نال من الشهرة ما ناله رغم أنني لا أعرف في الواقع قيمته الفنية لا أحد يجد إجابة شافية لهذا التساؤل. كثرت الأقاويل هناك من يقول إن الموضوع له بعد سياسي هو محاولة لإلهاء الناس في هذه الفترة الحاسمة في تاريخ الوطن فترة تحتدم فيها النفوس وتحتقن في نفوسهم الرغبة في تغيير المسار السياسي. وكعادة الأنظمة في مصر علي اتباع هذا الأسلوب اتجاه تشتيت الانتباه هذا. جري أسلوب الحكم في مصر منذ عهد عبدالناصر علي إقصاء المواطن المصري بعيدا عن بؤرة الأحداث السياسية التي قد تثير تساؤلاته واعتراضه، استطاع النظام أيام عبدالناصر أن يقسم الشعب المصري إلي حزبين وهي حزب النادي الأهلي وحزب نادي الزمالك ويكافئ الشعب كل أول الشهر بحفل غنائي لكوكب الشرق المطربة العظيمة أم كلثوم ويرفع ترمومتر التأييد الشعبي لكل إنجازاته بأغاني عبدالحليم حافظ عن الحرية والأمل والانتصار أغنيات فقدت مصداقيتها الآن لأن عبدالناصر فشل في تحقيق كل هذه الأماني ونجح في إلحاق هزيمة ساحقة لمصر في حرب 67 ثم توالت أحداث مختلفة في أيام السادات وإذا ما اشتدت الأزمات شغلوا الناس بأحداث جانبية وإلقاء الضوء عليها من جانب أجهزة الإعلام خاصة كتاب الصحف القومية الجاهزين لمثل هذه الأمور ومازالوا جاهزين حتي الآن. وورث النظام الحالي هذه السياسة، ولذلك انتهز النظام فرصة مرض هذا الفنان الكبير الذي يلقي حبا من الشعب في مصر ومن بعض الناس في العالم العربي لتفريغ غضب الشعب المصري وسخطه علي الأحول الاقتصادية والسياسية في البكاء علي هذا الفنان بحيث يمتص هذا الشعور الحزين شحنة الغضب هذه. أو هي تهدئة للنفوس الظامئة للحرية والديمقراطية ووصلت المبالغة ببعض الكارهين للنظام للادعاء بأن أحمد زكي مات قبل إعلان وفاته، وأفتوا بأن التأجيل هذا لكسب أكبر قدر من الوقت وللشائعات عن رغبة السلطة في استغلال الجنازة من باب كسب إرضاء الجماهير وكنوع من الدعاية الانتخابية وهناك من يقول إن العملية كلها من أولها لآخرها عملية تجارية سوف تربح الشركةمن ورائها الكثير تقوم بعملية مونتاج بارعة حتي ولو استلزم الأمر تصوير أجزاء جديدة لم تكن حتي موجودة في السيناريو البائس بدون أحمد زكي، يصبح الفيلم في النهاية أقرب إلي السيرة الذاتية عن هذا الفنان الذي نال مرضه وموته من الدعاية التي كانت قد تكلف الشركة عشرات الملايين لو كانت مشيئة الله أمدت في عمر هذا الفنان، وهناك من يقول إن الصداقة التي كانت بين أحمد زكي وعماد أديب هي صداقة من نوع نادر سوف تظل مثالا رائعا وقدوة تحتذي علي مدار الزمن فقد أراد عماد أديب الصديق الوفي الذي سبق أن كتب لأحمد زكي قصة فيلمه «امرأة واحدة لا تكفي» أن يحقق أمنية غالية لصديقه الفنان العاشق لفنه وهو أن يموت أثناء قيامه بدور كان يتمني أن يمثله، تماما مثل الممثل عاشق المسرح الذي يتمني أن يموت وهو يعمل علي خشبة المسرح. كل هذه الأقوال قيلت منذ أن شعر أحمد زكي بالمرض ودنو الأجل ومنذ أن بدأ تصويرفيلمه الأخير «حليم» وربما يقال غيرها فالناس مشغولة أشد الانشغال بأحمد زكي الذي لن يلبث أن يتحول إلي أسطورة من الأساطير الفنية مثل أسطورة جيمس دين أو رودلف فالنتينو، وسوف يتباري النشطاء في التفسير والتعبير ويحاول كل واحد منهم بما أوتي من مهارة وحنكة في الكتابة أو الكلام أن يقنع القارئ أو المستمع أو المشاهد في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة بأنه كان الأقرب لأحمد زكي والأقرب أيضا إلي أصحاب صنع القرار، وهذا ما حدث ومازال يحدث مع عبدالحليم حافظ وسعاد حسني. دارت كل هذه الأفكار في رأسي بعد أن تلقيت خبر وفاة أحمد زكي كم حزنت كثيرا رغم أنني كنت أتوقع حدوث الوفاة منذ إصابته بهذا المرض اللعين وعلمت أن الحالة متأخرة وكيف لا أحزن وهو إنسان عاشرته كثيرا وكتبت له خمسة أفلام سينمائية وهي «الباطنية ـ الراقصة والطبال ـ الحب فوق هضبة الهرم ـ درب الهوي ـ الهروب». قبل أن أغادر منزلي للمشاركة في الجنازة جاءتني مكالمة تليفونية من صديق لي وهو شاب متدين حتي إننا نناديه دائما بالشيخ رضا مراد قام الشيخ رضا بتعزيتي وأخبرني بأنه انتهي من تغسيل جثمان أحمد زكي كما طلب منه الأخ وطني وهو الذي كان يتولي مسئولية أحمد زكي أثناء التصوير والعناية بمظهره بأن يتولي عملية تغسيل جثمان الفنان الكبير. طلب الشيخ رضا إحضار ماء زمزم وأوصاهم بأن يتصلوا بالسفير السعودي أحضر لهم السفير السعودي مشكورا من السعودية حوالي خمسين «جركن» من ماء زمزم وقام الشيخ رضا بتغسيل جثمان الفقيد غسلا جيدا، في حضور ابنه هيثم ووطني وضمخ هذا الجثمان بالمسك أخبرني أن وجهه كان هادئا مبتسما وطلب الشيخ رضا من هيثم أن يقبل وجه أبيه فهذه هي المرة الأخيرة التي يري فيها هذا الوجه ومال الشاب المفجوع علي وجه أبيه وقبله ثم بكي ولكن الشيخ ألقي بالطمأنينة والهدوء إلي نفسه من خلال بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. كنت في طريقي إلي مسجد مصطفي محمود القريب من مكان بيتي فأنا أسكن في منطقة نادي الصيد بالمناسبة سمي هذا المسجد باسم الطبيب الأديب والمفكر مصطفي محمود رغم أن الذي أقام هذا المسجد هو اخوه والذي حظي بالشهرة الخالدة الكاتب والأديب الذي قد تندثر مؤلفاته في يوم من الأيام وينصرف الناس عن ذكرها ولكن لن يكفوا عن تذكر اسمه باسم مصطفي محمود، كلما قصدوا الجامع للصلاة، كان الطريق في غاية الصعوبة وكان المفروض أن أصل بسيارتي بعد عشر دقائق ولكن استغرقت ما يقرب من النصف ساعة وجدت قوات الأمن تحاصر المنطقة حصارا من الصعب اختراقه عندما تنتشر قوات الأمن في أي منطقة تسود فوضي المرور وتزدحم الشوارع بالسيارات أدركت في البداية أن السبب هو الوزراء الذين سوف يشتركون في الجنازة، ولكن ما لبثت أن أدركت السبب الحقيقي وهو الخوف من الانفلات الجماهيري وأن تتحول الجنازة إلي مظاهرة سياسية مثلما كان يحدث مع الاحتلال الإنجليزي في أيام ثورة 1919، والخوف من أن يهتف المتظاهرون كالعادة هذه الأيام هتافات معادية للنظام. كان السبب في هذا التبريرهو المظاهرة التي أقامتها جماعة الإخوان المسلمين في اليوم السابق علي الجنازة وكاد أن يحدث تصادم لا يحمد عقباه بين قوات الأمن وأعضاء الجماعة. وقبضت مباحث أمن الدولة علي العشرات من قيادات الإخوان المسلمين ومن بينهم أمين عام اتحاد الأطباء العرب. انتهز هذا الطبيب المرموق استراحة المؤتمر السنوي وانضم إلي المظاهرة قبضوا عليه واحتجزوه لمدة 6 ساعات آثار غيابه تساؤل الأطباء المؤتمرين من شتي الدول العربية ولكن هذا لا يهم. عندما اقتربت من الحواجز الكثيرة التي وضعتها قوات الأمن داهمني اليأس بأنني لن أحضر الجنازة ومن الأفضل لي أن أعود إلي بيتي كان رجال الأمن الذين يقفون في تحفز خلف هذه الحواجز ينظرون إلي في شراسة واستنكار وأنا أتقدم ناحيتهم لم ينقذني سوي مجموعة كبيرة من محرري الصحف ومصوري القنوات الفضائية العربية والتليفزيون المصري أحاطوا بي كما اعتادوا أن يحيطوا بكبار رجال الدولة من رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ومجلس الشوري والوزراء بعد أي اجتماع أمطروني بعديد من الأسئلة المتلاحقة عذرت وقتها كبار المسئولين الذين يتعرضون دائما لمثل هذا الهجوم الذي لا يرحم من رجال الإعلام، لا أعرف ماذا قلت لهم ولا أتذكر الأسئلة التي دارت حول الفقيد الراحل، بالطبع أحس رجال الأمن بأهميتي حتي إنهم بعد انتهاء الحديث سارعوا من تلقاء أنفسهم وأزاحوا الحواجز لكي أمر مرور المنتصرين. أخذت أدور بنظراتي أبحث عمن أعرفهم إلي أن وقع بصري، علي ممدوح الليثي وهو يقف مع الدكتور فوزي فهمي وشريف الشوباشي وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لم يكن هناك من المشيعين الذين أعرفهم سواهم بعد العناق وتبادل العزاء انضممت إليهم ننتظر خروج النعش من المسجد توافد عدد من الفنانين الأصدقاء كان الوجوم يسود بيننا لم نكن نتبادل سوي كلمات قليلة أكثرها بلا معني. فجأة وكأن الأرض انشقت وجدنا أمامنا وزير الثقافة ومعه وزير الصحة، تبادلنا المصافحة والعزاء وقف وزير الصحة يتحدث معي وشريف الشوباشي عن تطور حالة الفنان الراحل أخبرني أنه طبيب أمراض صدرية أخذ يحذرنا من التدخين وخطورته وأن السبب في إصابة أحمد زكي هو التدخين سارعت وأخبرته بأنني توقفت عن التدخين منذ حوالي خمسة عشر عاما. أخبره شريف الشوباشي أيضا بأنه لا يدخن وكأننا بقولنا هذا نبعد عن أنفسنا شبح هذا المرض اللعين ووجدت نفسي أخبر وزير الصحة بأن أبي مات في سن السابعة والثمانين وكان يدخن ثلاث علب سجائر في اليوم منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره أخبرني بأن لكل قاعدة استثناء حذرنا الرجل أيضا من التواجد وسط المدخنين نسبة احتمال الإصابة هي ثلث احتمال الشخص المدخن، خشيت أن يكون وزير الصحة بعد كل هذه التحذيرات مدخنا، تعودت كلما ذهبت إلي أطباء الصدر مثلا أشكو لهم علة في صدري أن يحذروني قبل كتابةالدواء من التدخين اكتشفت بعد ذلك أن الطبيب الذي يحدثني وينصحني يمسك بين أصابعه بسيجارة يدخنها وأن أمامه علبة سجائر علي وشك الانتهاء، أجد المنفضة التي علي مكتبه مليئة بأعقاب السجائر. جاء بعد ذلك أمين الحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري الأستاذ صفوت الشريف حرص الرجل علي مصافحة كل الفنانين الموجودين لم يلاحظ وجود وزير الثقافة إلي جواره. ربت فاروق حسني وزير الثقافة عليه ليلفت نظره إلي وجوده مبتسما وعلي الفور صافحه صفوت الشريف علي الفور يتباري وزير الثقافة ورئيس مجلس الشوري في أناقة الثياب لم أر من بين المسئولين من هو في مستوي أناقتهما وحسن الذوق. بدأت أعداد المشيعين تتكاثر خلفنا فجأة تحرك الحرس الخاص بالوزراء بحيث عزلونا عنهم وأصبحنا خلفهم فأدركنا أن الجنازة علي وشك أن تبدأ وبالفعل شاهدنا النعش وهو يخرج من المسجد بعد الصلاة عليه ملفوفا بعلم مصر بعد أخذ موافقة رئيس الجمهورية، أصبح أحمد زكي أول فنان يحاط نعشه بعلم مصر بناء علي طلبه قبل أن يموت. بدأ الوزراء في التحرك ونحن خلفهم نشعر بدفع الجماهير صاح بي فاروق الفيشاوي بأن أتأبط ذراع من علي يميني ومن علي يساري من الأصدقاء لم أستطع أن أفعل هذا من قوة التدافع خلفي، حاولنا أن نسير بضع خطوات في خشوع ولكن ما لبثنا أن أفقنا علي أصوات الدعاء والتكبير تهدر حولنا التفت برأسي لأعرف مصدرها بعد أن أخذت تتباعد اكتشفت أن المشيعين وحملة النعش قد ساروا في طريق معاكس لطريقنا نحن والوزراء أصبحنا وكأننا نسير في مظاهرة صامتة مثل التي يستجديها زعماء أحزاب المعارضة في مصر ويرفض وزير الداخلية أن يمنحهم هذا الحق الوطني، لذلك جاءت الصورة التي التقطت للوزراء ومندوب رئيس الجمهورية ونشرتها الصحف القومية له صورة خالية من النعش. عمت الفوضي لتدخل الأمن. أسرع بعض لواءات البوليس الموجودين بإصدار أوامرهم بالإسراع بوضع النعش في السيارة والانطلاق بها. وقف الناس القاصي والداني في ذهول قد جاءوا لتشييع الجنازة ووداع نجمهم المحبوب فلم يحققوا هذه الرغبة، أجهض الخوف الذي يسيطر علي النظام السياسي في مصر هذه الجنازة. جريدة القاهرة بتاريخ 5 أبريل 2005 |
مصطفي محرم يكتب في وداع بطل خمسة من أجمل أفلامه:
|
أحمد كسب الرهان بعد وفاة الفنان الكبير أحمد زكي اختفت الفنانة رغدة ولم تظهر في مقدمة مودعي صديقها المقرب ، لم تتكلم رغدة عن ذكريات ولم تقف أمام عدسات ودعته في صمت وكتبت له قصيدة ننشرها في إيلاف نقلا عن جريدة "صوت الامة" لأنها في رأينا أفضل ما ظهر حتى الآن في وداع فنان مصر الكبير. كلمات قصيدة: أحمد كسب الرهان أخر قطرة ماء عندي أخر منديل أبيض ماء زمزم فيه،وبعض من وجهك الأسمر أخر قبعة قطنية تلوذ فيها أخر حبة عرق من رأسك وبقايا رائحتك ............ الأحد من مارس والوقت صباح الكل نيام إلا أنا خارج أسوار المبنى الجو فراغ إلا من بعض البسطاء وبعض من شجر أخضر وشمس مطلعها حنان تلمس وجهك توضئة ،لنقرأ بعض الآيات ............ رشفة ماء لا أكثر تتلوها آه ظلمة عينيك تسجيني يدك الممدودة تناديني أمسكها اطرد خوفك ومن حولك بعض ذباب ............ حكايات النوم تنشدها كطفل مصري أسمر آه ما أقسى النوم ............ خذيني من هنا فالوقت أزف والجرح نزف والموت ..مباح وددت لو أنشر وجهي شراعا لك وقلب الحياه أشقه للرحيل بك لو أمرق بك عاصفة في كثبان رملية منسية .......... الوقت يضيع صوتك الواهن جسدك الناحل وجهك المدون في آخر صفحة الذاكرة عيناك رغم ظلمتها تملك الرحيل ترفض الوادع ........... قبل آذان الظهيرة قطرات المنديل الأبيض فوق زجاج الوجه اسحب عنك القبعة القطنية بضعة أمتار رحلتنا لظلال خميلة كتفي الأيسر في يده يهتز إنى أرحل لا .. لن ترحل .......... رشفة ماء أخرى ورهان ودموع في حدقات البسطاء تكبير وتسبيح الخالق أمل .. ودعاء ..... إنى أرحل لا .. لن ترحل ورهان منه ومنى رهان أوقن أن المسافة بيننا تحفر له عمقا خندقا عتمة أخرى يسقط مني أحمد يسقط أخر النبلاء أحمد راهن يا سادة يا سداة أحمد كسب الرهان
• عن جريدة صوت الأمة
|