رحل الفنان الأسمر أحمد زكي.. حيث رقد جسد "البطل" واستكانت قبضة "النمر الأسود" بعد صراع مرير مع المرض.. وصمت صوت "الأمبراطور".. ولم يستطع "البريء".. "الهروب" من السرطان اللعين بعد معركة حامية بين الطرفين استطاع فيها أحمد زكي أن ينهض ويفوز في جولات كثيرة.. ولكنها إرادة الله سبحانه وتعالي هي التي حسمت الجولة الأخيرة. لم يحظ فنان وممثل عربي بهذا الاهتمام القيادي والشعبي من قبل فالرئيس محمد حسني مبارك كان يتابع حالته باستمرار بعد أن أمر بتوفير كل الإمكانات لعلاجه في مصر والخارج.. وتجمع الفنانون حول البطل الراحل للشد من أزره طوال فترة مرضه.. ولم تتوقف دعوات 240 مليون عربي طالبة الشفاء لنجمهم المحبوب حتي آخر لحظة في عمره. كل هذا الاجماع في حب النجم الأسمر يجعلنا نلقي الضوء عليه بعمق شديد فهو أحمد زكي عبدالرحمن بدوي ولد في 18 نوفمبر 1949 بالزقازيق محافظة الشرقية.. حصل علي بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1974 وعمل موظفا بالثقافة الجماهيرية ثم تفرغ للتمثيل.. مات والده وتركه ابن ستة أشهر وحيدا بلا إخوة وتزوجت والدته بعد ثلاث سنوات وقتها غضب من أمه وحزن عندما شاهدها تزف الي انسان آخر.. ولكنه تقبل الأمر بعد أن رأي أنه حقها فقد كانت شابة جميلة عمرها 20 عاما وقتذاك. قامت جدته بتربيته ولم ينتبه الي طفولته أحد.. فلم يشعر بحنان أو قسوة وانما لا مبالاة أحاطت به من الجميع وعندما أتم العشرين عاما اكتشف ان اللون الرمادي يكسو حياته وهو ما جعله مغلقا علي ذاته لا يفصح عن فرحه.. ولا يبوح بآلامه للآخرين حتي لاينال عطفهم.. وصار شخصية تأملية.. يتأمل نفسه وكل من حوله.. وفي خطوة نحو الاستقرار وتكوين أسرة أقدم علي الزواج من الفنانة الراحلة هالة فؤاد لكنه انفصل عنها بعد انجاب ابنه الوحيد هيثم. مسرح المدرسة بدأ أحمد زكي تاريخه الفني عقب التحاقه بمدرسة الزقازيق الثانوية الصناعية حينئذ وجد ضالته المنشودة في ناظر المدرسة المحب للفن بدرجة كبيرة حيث كان يحرص علي ان تقدم المدرسة 12 حفلا خلال شهر رمضان من كل عام.. وبذلك تتحول ليالي رمضان الي مهرجان مسرحي صغير داخل هذه المدرسة.. وفي إحدي الحفلات قام الناظر بدعوة صلاح منصور وزكريا سليمان وحسن مصطفي ليكونوا لجنة التحكيم وبعد انتهاء العرض الذي قدمه وأخرجه أحمد زكي استمع من هؤلاء الفنانين الكبار الي كلمات الإعجاب والتشجيع ونصحوه بالالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية فزرعوا في أعماقه الأمل وبذور الإصرار علي إكمال طريق الفن. بعد حصوله علي الدبلوم كان من المفترض ان يكمل دراسته بالمعهد العالي الصناعي ولكنه قام بتقديم أوراقه الي معهد الفنون المسرحية في أكاديمية الفنون بالهرم.. وانتظر النتيجة تحت وطأة القلق الشديد وهو يعلم ان معظم المتقدمين "مسنودين" ولديهم وساطات.. لكنه قبل إعلان النتيجة شاهد في عيون الأساتذة مشاعر الارتياح. وبعد قليل قال أحدهم "فيه واحد فلاح شرقاوي ميكانيكي حصل علي أعلي الدرجات" فاطمأن لأن هذه المواصفات لاتنطبق علي غيره.. وبدخول أحمد زكي المعهد أعاد الدكتور رشاد رشدي النظر في بعض قوانين المعهد حيث كان يحصل علي الدرجات النهائية في جميع المواد بينما يرسب في مادة الانجليزي. قدم أول أعماله الفنية عندما كان في السنة الثانية بالمعهد وقتها وقع عليه الاختيار للمشاركة في مسرحية "القاهرة في ألف عام" وبعدها توالت أعماله في مسرحيات "هاللو شلبي" و"مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت".. وفي السينما شد الانتباه بأدواره في "شفيقة ومتولي" و"اسكندرية ليه" و"العمر لحظة" و"الباطنية" وخطف اعجاب الجماهير مع المسلسل التليفزيوني "الأيام" الذي جسد فيه شخصية د. طه حسين وهو العمل الذي يعد نقطة التحول الرئيسية في تاريخ هذا النجم الذهبي والذي فتح أمامه طريق البطولة المطلقة علي الشاشة الكبيرة. عوامل كثيرة ساعدت أحمد زكي في التعبير الصادق عن معاناة الدكتور طه حسين لاسيما في مرحلة الشباب المبكر منها ذلك الرصيد الضخم من الألم والمعاناة والأحزان المختزنة في "اللاشعور" عند نجمنا الأسمر الذي خرج الي الدنيا يتيما ومنذ أن بدأت مداركه تتفتح حتي أحس أنه وحيد وأنه بالرغم من صغر سنه يحمل مسئولية إعاشة نفسه واستمراره في الدراسة وحضوره الي القاهرة واختياره معهد الفنون المسرحية و"القرشين" اللي تركهما له الأب قد نفدا وهو بعد صغير مما اضطره الي العمل حتي لايحتاج لأحد ومن هنا بدأت شحنات الألم تختزن حتي تفجرت في التعبير عن معاناة د. طه حسين حيث أبدع في تشخيصها بصورة مذهلة. عندما رشح زكي للدور اعترض الكثيرون ولكن المخرج يحيي العلمي راهن عليه وكسب الرهان بعد ان قالت ابنة طه حسين لأحمد زكي "أهلاً يابابا لقد شاهدتك علي الشاشة".. وإذا كانت الكتابة عن الفن الذي قدمه أحمد زكي مهمة صعبة فإن مكمن الصعوبة هو الاحتياج لعشرات الأقلام المختلفة لتكتب عن الشخصيات المتناقضة التي جسدها.. فالنجم الأسمر نموذج فريد بين نجوم الفن لما يتميز به من طابع خاص وفي مشواره استطاع وهو في أول الطريق ان يحطم اسطورة الفتي الوسيم صاحب العيون الجميلة والشعر الناعم والوجه الملائكي الذي تتهافت عليه بنات حواء بشعره "الأكرت" المجعد ولونه الأسمر.. قطع الطريق نحو البطولة بسرعة الصاروخ وأصبح أهم أبطال السينما وأكد ان الفنان لابد ان يعتمد علي موهبته وحضوره بعيدا عن "حلاوته". التوحد مع الشخصية أحمد زكي فنان كبير يقتحم أي عمل فني فيهضمه في لحظة ويغوص في أعماق أي شخصية فيبرز كل ما فيها ويخترق أي دور فيجسده علي طبيعته.. وهو ليس قادرا فقط علي توظيف مشاعره وأحاسيسه لخدمة الدور والشخصية بل وملامحه وشكله أيضا فيصنع ملامحا جديدة لوجهه تتناسب مع الشخصية التي يقدمها أو يضيف "لغداً" فوق رقبته أو يوسع في محور أذنيه أو فتحتي أنفه وظهرت براعته في التوحد مع الشخصية وخاصة التاريخية من خلال تجسيده لشخصية الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر" في أصعب مرحلة تمر بها البلاد خلال فيلم "ناصر 56" ورأينا تمثيله بكتفيه وعضلات جبهته ونبرات صوته وحركة قدميه وكذلك فعل في فيلم "أيام السادات" ومنحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الفنون والعلوم من الطبقة الأولي. أحمد زكي شلال من الموهبة.. لاينضب فهو متدفق باستمرار تنهل منه الجماهير التي.. شاركته أحلامه وآماله في كل الأدوار التي جسدها علي اختلاف أنواعها.. فهو يدخل عالم الكوميديا مرة وعالم المأساة مرات فهو "الكوافير" في فيلم "موعد علي العشاء" والمحامي في "ضد الحكومة" وعسكري الأمن المركزي في "البريء" وضابط أمن الدولة في "زوجة رجل مهم" وخريج الملجأ في "أحلام هند وكاميليا" ومدرس الفلسفة والدجال في "البيضة والحجر" والصحفي في "امرأة واحدة لا تكفي" والفلاح الصعيدي في "الهروب". إذا كانت الواقعية هي من تصنيف المخرجين فإن الفتي الأسمر هو الممثل الوحيد الذي من الممكن مجازا ان ننسبه الي هذا التصنيف ففي معظم أفلامه يرفض "الدوبلير" الذي يؤدي الأدوار الصعبة بدلا منه لأنه يعيش بكل كيانه في الدور. فالذين شاهدوا فيلم "النمر الأسود" أدهشتهم الطريقة التي يمسك بها "المبرد" والطريقة التي يقف بها أمام المخرطة فقد كان هذا تحصيلا لفترة دراسته بمدرسة الزقازيق الصناعية حيث كان في تلك الفترة مشروع ميكانيكي ناجح. في فيلم "أحلام هند وكاميليا" كانت أحداث الفيلم تتطلب منه أن يقفز من الأتوبيس أثناء سيره عدة مرات وفي أول أيام التصوير لأحد هذه المشاهد قام المخرج باحضار دوبلير لكي يقوم بهذه المهمة حفاظا علي حياته ولكن النجم الأسمر نظر الي المخرج وقال له ضاحكا: "ياعم إيه إحنا اتبهدلنا شعبطة في الأتوبيسات وزوغان من الكمساري" ثم قام بإعطاء الدوبلير أجره وبدأ التصوير. مشاهد لاتنسي أما المفاجأة الكبري فقد حدثت في فيلم "موعد علي العشاء" وكانت في المشهد الذي تدخل فيه سعاد حسني "المشرحة" لكي تتعرف علي جثة زوجها "أحمد زكي" فقد كان ينوي المخرج ان تستعرض الكاميرا الجثث الموجودة بالمشرحة ولكن المفاجأة عندما طلب أحمد زكي إخلاء الثلاجة من الجثث لكي ينام بنفسه داخل المشرحة ووقف المخرج ومدير التصوير في حالة ذهول لما قاله النجم الكبير وبالفعل دخل زكي المشرحة وبدأ تصوير المشهد عدة مرات وهو لايزال نائما في الثلاجة وبمجرد أن تم تصوير المشهد نسي أحمد الظلام والدماء التي كانت حوله وخرج يسأل "المشهد طلع كويس ولا نعيده".. ولاينسي أحد المشهد الذي كان يجري فيه أحمد زكي عاريا في الشوارع والناس تنظر اليه بدهشة في فيلم "ولاد الايه" وكانت الجماهير الواقفة في الشارع تبتعد عنه ظنا منهم أنه مجنون حيث أصر أن يكون المشهد طبيعيا. ولذلك يصنف أحمد زكي بأنه أحد القلائل الذين تجاوزت أدوارهم حدود فن "التشخيص" وأصبحت جزءا من وجدان الوطن وذاكرة الأجيال بفضل أدوار سينمائية ساهمت في احياء ذاكرة الأمة وإلقاء الضوء علي بعض صفحات التاريخ المصري. دائما يختلط المرض لدي أحمد زكي بالفن فمنذ سنوات طويلة قبل زواجه من الفنانة الراحلة هالة فؤاد هاجمته آلام وأورام تحت إبطه وبعد الكشف والتحاليل علم أنها غدة ويجب إجراء جراحة لاستئصالها وقبل اجراء العملية اتصل بالمصور سعيد الشيمي والمخرج محمد خان وطلب منهما ان يأتيا لتصوير العملية فربما تنفع في فيلم يقوم به مستقبلا ولكنهما اعتبراه مجنونا.. وعندما خرج من غرفة العمليات أخذ معه غدته وعلقها في مرآة سيارته بدلا من "العروسة" لتهتز الغدة يمينا ويسارا مع موسيقي السيارة وكانت هذه هي المرة الأولي التي يدخل فيها حجرة العمليات. المرة الثانية في لندن داخل الغرفة "800" بمستشفي "لندن كليك" عام 86 وفي هذه المرة شعر بالقلق لأن الطبيب الذي سيستأصل له المرارة وجزءا من الكبد هو نفسه الطبيب الذي كان يعالج عبدالحليم حافظ والمستشفي نفسه هو الذي توفي فيه العندليب لكنه خرج سالما. يبقي أن أصعب المواقف المرضية التي تعرض لها النجم الأسمر هي تلك التي تعرض لها في يناير 2004 عندما هاجمته آلام الرئة وضيق التنفس واعتقد انها التهاب رئوي ولكن ساءت حالته فاضطر الي اجراء التحاليل والاشاعات التي أثبتت وجود أورام سرطانية خبيثة في الرئة وتمت عملية بذل الماء المتواجد علي الرئة. حليم وعندما علم الرئيس محمد حسني مبارك أمر بسفره وعلاجه علي نفقة الدولة بمعهد "جوستاف" بباريس وتابع حالته الدكتور شيفالييه الذي رأي علاجه بمصر وبالفعل استطاع أحمد زكي النهوض وكان في قمة سعادته لتحقيق حلمه بأداء شخصية عبدالحليم حافظ في الفيلم الجديد "حليم" الذي قام بتصوير معظم مشاهده قبل دخوله للمستشفي مرة أخري بعد سقوطه أثناء التصوير لينتصر عليه المرض وتنفذ إرادة الله سبحانه وتعالي في 27 مارس 2005 ولعشق أحمد زكي لفنه فقد طلب من شريف عرفة مخرج فيلم "حليم" بتصوير جنازته وعرضها في الفيلم كأنها جنازة عبدالحليم حافظ التي لم تصور سينمائيا ولذلك لم يكن غريبا ان يولد أحمد زكي يتيما ويفارقنا ملفوفا بعلم مصر تكريما له بعد موافقة الرئيس محمد حسني مبارك علي طلبه. موقع "شاشتي" بتاريخ 2 أبريل 2005 |
"البريء" لم يستطع "الهروب" من السرطان اللعين رصيد ضخم من الألم والمعاناة فجر الطاقات داخله موهبته حطمت أسطورة البطل الوسيم صاحب العيون الجميلة عاش طفولة "رمادية"..ومرحلة "جنون" فني أمجد مجدي |
أحمد زكي نجم وصل إلى الناس بصدق أدائه وتنوع أدواره الموضوع هدهد سليمان ثم ألقت المسرحية الشهيرة (مدرسة المشاغبين) أضواء على موهبته التي تفجرت فيما بعد في مسرحية (العيال كبرت) ومسلسل (الأيام) الذي جسد فيه حياة عميد الأدب العربي طه حسين. من سعد القرش القاهرة – الوطن - - يعتبر الفنان المصري أحمد زكي الذي توفي اليوم الاحد بعد صراع مع مرض السرطان استمر أكثر من عام من أبرز نجوم السينما المصرية في الأعوام الثلاثين الأخيرة. وبرع زكي في أداء أدوار متنوعة وقدم أفلاما كوميدية وأخرى تناولت قضايا اجتماعية وسياسية مهمة. ولد أحمد زكي يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني عام 1949 بمدينة الزقازيق في شمال مصر. والتحق بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة وتخرج فيه عام 1973. وأثناء دراسته جذب إليه الأنظار بدور صغير في مسرحية (هالو شلبي) أمام الفنانين عبد المنعم مدبولي وسعيد صالح. ثم ألقت المسرحية الشهيرة (مدرسة المشاغبين) أضواء على موهبته التي تفجرت فيما بعد في مسرحية (العيال كبرت) ومسلسل (الأيام) الذي جسد فيه حياة عميد الأدب العربي طه حسين. وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار سينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها زكي ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي (زوجة رجل مهم) و(البريء) و(أحلام هند وكاميليا) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(اسكندرية ليه) و(أبناء الصمت). وكان فيلم (أبناء الصمت) الذي أنتج عام 1974 من المحطات الأولى في مسيرته وقام ببطولته الفنان المصري محمود مرسي الذي توفي عام 2004. ثم جمع زكي ومرسي فيلم آخر هو (سعد اليتيم) الذي أخرجه أشرف فهمي عام 1985. واعتبر كثير من النقاد أحمد زكي من أهم المواهب في فن التمثيل في مصر في الاعوام الثلاثين الأخيرة إذ يأتي في مقدمة من استطاعوا أن يجمعوا بين النقيضين.. (النجم) و(الممثل) من خلال عدد من الأفلام من بينها (النمر الأسود) و(العوامة 70) و(عيون لا تنام) و(البيه البواب) و(سواق الهانم) و(أرض الخوف) و(شفيقةومتولي) و(كابوريا) و(مستر كاراتيه) و(البطل) و(ضد الحكومة) و(هستيريا) و(ضد الحكومة) و(الهروب) و(اضحك الصورة تطلع حلوة). وحقق زكي نجومية هائلة كسر بها نموذج البطل شديد الوسامة فوجد فيه الكثيرون نموذجا للشاب المصري العادي الذي استطاع أن ينطلق في عالم السينما ويغير الكثير من قواعده القديمة. وتميز زكي بأداء صادق وتقمص كامل لكل شخصية أداها فتمكن من الوصول إلى كل المشاهدين على اختلاف ثقافاتهم ووجد فيه كثير من الشبان نموذجا حتى إن كثيرا منهم قلدوا بعض شخصياته في الملبس وقصة الشعر التي عرفت بينهم باسم فيلمه (كابوريا). وحصل زكي على عشرات الجوائز آخرها من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2002 عن دوره في فيلم (معالي الوزير). وقالت الناقدة المصرية ماجدة موريس لرويترز إن أداء زكي التمثيلي يمكن أن يوضع في كفة ميزان ويصبح أكثر عمقا وثقلا من أعمال فناني جيله لأنه "الوحيد الذي تماهى مع الشخصيات التي أداها بصدق يصل إلى درجة الجنون. ومن الطبيعي أن يصل هذا الصدق إلى النقاد والجمهور." وأضافت أن زكي تلخيص لنموذج وقيمة غير موجودة الآن في الوسط الفني في مصر إذ كان يعمل بلا حسابات كتحقيق شهرة أو مكانة لدى سلطة ما أو اكتساب ثروة "ولكنه كان مخلصا لفنه بصورة دفعت الناس إلى تصديقه بدون أي تنظير. أما النقاد فوجدوا في أعماله مستوى رفيعا." وأشارت إلى أن المشاهدين العاديين بوعي فطري حاولوا في التعبير عن حبهم لزكي الإمساك ببقية النماذج الحقيقية في الحياة حتى أن بعض هؤلاء "كتبوا في سجل الزيارة في المستشفى الذي كان يعالج به أنهم مستعدون للتبرع له بأي شيء.. من المال إلى الأعضاء كي يواصل حياته." ووجد المخرجون من جيل الواقعية الجديدة في السينما المصرية في الثمانينيات في موهبة أحمد زكي فرصة لإنجاز مشاريعهم المؤجلة وهم رأفت الميهي ومحمد خان وخيري بشارة وداود عبد السيد وعلي بدرخان وعاطف الطيب. وجسد زكي دور الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في مرحلة صعوده من خلال فيلم (ناصر 56) الذي تناول مقدمات تأميم شركة قناة السويس عام 1956 وانتهى الفيلم بإعلان العدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الإسرائيلي) على مصر. كما جسد حياة الرئيس المصري السابق أنور السادات في فيلم (أيام السادات) ومنحه الرئيس المصري حسني مبارك وساما عن أدائه الذي تماهي فيه مع السادات تماما حيث كان زكي مغرما بتقليد السادات حتى في حياة الأخير. وشارك أحمد زكي الفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني بطولة المسلسل التلفزيوني الشهير (هو وهي) ويعد مرحلة في تعاونها الفني المشترك الذي أثمر عددا من الأفلام من بينها (شفيقة ومتولي) و(موعد على العشاء) و(الدرجة الثالثة) و(الراعي والنساء). ولأحمد زكي ابن وحيد (هيثم) من الفنانة المصرية الراحلة هالة فؤاد (1958 -1993) ابنة المخرج الراحل أحمد فؤاد. موقع "عرب أمريكا" 27 مارس 2005
|