شارك اكثر من ٥١ الف شخص بينهم الكثير من الفنانين والمسؤولين أمس الاثنين في تشييع جنازة الفنان المصري احمد زكي وسط اجراءات امنية مشددة شكلت عائقا امام مشاركة آلاف اخرين وقفوا بمحاذاة مسجد مصطفى محمود في ضاحية المهندسين في العاصمة المصرية. وانتظر الآلاف تحت وهج الشمس وصول جثمان زكي بينهم نساء محجبات والى جانبهن طالبات جامعة ونساء بالثياب العصرية السوداء من المعجبات بالفنان الراحل. وتدافع الرجال والشباب في محاولة لاختراق صفوف رجال الامن للاقتراب من مدخل مسجد مصطفى محمود لمتابعة الجنازة والمشاركين فيها من الفنانين والفنانات. وقبيل صلاة الظهر وصل عدد كبير من نجوم السينما وعالم الفن المصري للمشاركة في جنازة زكي الذي رحل صباح الاحد بعد معاناة استمرت اكثر من عام من مرض سرطان الرئة الذي شخصت اصابته به في يناير ٤٠٠٢. ومن المشاركين زميلاه في مسرحية »مدرسة المشاغبين« التي عرفت الجمهور المصري والعربي به وهما الفنانان عادل امام وسعيد صالح. وضربت قوات الامن المصرية طوقا في منطقة مسجد مصطفى محمود الذي انطلقت منه الجنازة ومنعت الصحافيين والجمهور من الدخول على بعد اكثر من خمسين مترا من مقدمة بوابة المسجد بعدما ألغت اقامة الصلاة على جثمان الراحل في مسجد عمر مكرم في ميدان التحرير بناء على وصية زكي قبيل وفاته. ورغم ذلك استطاع عدد كبير من الفنانين دخول المسجد وبينهم محمود ياسين ومحمود عبد العزيز وفاروق الفيشاوي والمطرب محمد منير والفنانات رجاء الجداوي ومنى زكي وفردوس عبد الحميد وكريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب وماجد كدواني وكمال سليمان ومحمد هنيدي ومنى عبد الغني وحنان ترك وآخرون. وعلى الصعيد الرسمي، حضر عدد من الوزارء منهم وزير الثقافة المصري فاروق حسني ووزير الصحة محمد عوض تاج الدين ومدير مكتب رئاسة الجمهورية زكريا عزمي ورئيس مجلس الشورى وامين عام الحزب الوطني الديمقراطي صفوت الشريف. وفور انتهاء صلاة الظهر نقل النعش محمولا على الاكتاف وملفوفا بالعلم المصري الى سيارة نقل الموتى التي انطلقت به الى المدفن الخاص الذي اشتراه الفنان الراحل في مدينة ٦ اكتوبر (٠٤ كيلومتراً جنوب غرب القاهرة) ليكون قريبا من شريكته في بعض اهم افلامه الفنانة سعاد حسني التي دفنت هناك قبل ثلاثة اعوام. خياراته نوعية.. وتمثيله متفرد يعتبر زكي من اهم الممثلين العرب والذي عرف شعبيا بلقب »النمر الاسمر«. وقد استطاع ان يحيي ذكرى شخصيات تاريخية اثرت على حياة الشعب المصري مثل عميد الادب العربي طه حسين من خلال مسلسل »الايام« الذي ابدع فيه في اداء دور الضرير اضافة الى »ناصر ٦٥« و»ايام السادات« اللذين جسد فيهما شخصية الزعيمين جمال عبد الناصر وانور السادات. اكتسب زكي حب الجمهور المصري من خلال تجسيده لمعاناته ومشاكله في العديد من افلامه خصوصا تلك التي قدمها مع المخرج الراحل عاطف الطيب ومنها »الحب في هضبة الهرم« و»البريء« و»الهروب« اضافة الى »زوجة رجل مهم« لمحمد خان و»احلام هند وكاميليا« و»المدمن« و«ضد الحكومة« و»ارض الخوف« لداود عبد السيد. ولم يكن زكي يقبل ان يقوم اي بديل بتأدية اللقطات الخطيرة التي تتضمنها مشاهد الفيلم مثل قيامه بحمل اسطوانة غاز مشتعلة ليلقي بها خارج المبنى في فيلم »عيون لا تنام« كما تعلم السباحة خلال اسبوعين فقط حتى لا يستعين ببديل في فيلم »طائر على الطريق«. ولم يتورع عن دخول ثلاجة الموتى لعشر دقائق كي يصور لقطة الموت في فيلم »موعد على العشاء«. ومن اشهر افلام الراحل الاخرى »الباطنية« و»البيه البواب« و»سعد اليتيم« و»العمر لحظة« و»الامبراطور« و»الباشا« و»الرجل الثالث« و»امرأة واحدة لا تكفي« و»وراء الشمس« و»اسكندرية ليه«، في اول وآخر لقاء له مع المخرج المصري الكبير يوسف شاهين، و»النمر الاسمر« و»كابوريا« و»استاكوزا«. احيا احمد زكي بادائه شخصيتي الرئيسين جمال عبد الناصر في »ناصر ٦٥« وانور السادات في »ايام السادات« لحظات تاريخية هامة في تاريخ مصر المعاصر وخصوصا حدث تأميم قناة السويس في »ناصر ٦٥« الذي لم يعشه ابناء الجيل الجديد والذين كانوا من اهم مشاهدي هذا الفيلم. رحل الفنان قبل ان ينتهي من تصوير فيلم »حليم« عن حياة المطرب عبد الحليم حافظ، الذي كان تنفيذه حلم عمره، لما هناك من تشابه بين حياة كل منهما بسبب اليتم وصعوبة العيش وصولا الى الى القمة والمعاناة قبيل الموت من المرض. وهكذا رحل النمر الاسود النجم الذي وضع مقاييس جديدة لقدرات الممثل بعد ان قدم للشاشة العربية ٦٥ فيلما انحازت بغالبيتها للبحث عن العدالة والتمرد في سبيل الانسان. زكي من اكثر المتفوقين في هذا الفن على ابناء جيله واكثرهم تفاعلا مع للشخصيات التي قام بادائها بطريقة وصفها النقاد بالعبقرية حتى ان المخرج المصري يوسف شاهين وصفه »بعفريت تمثيل« رغم انه لم يشارك معه سوى في عمل واحد هو فيلم »اسكندرية ليه« الذي قدم فيه شخصية الشاب الشيوعي. وكانت خيارات أحمد زكي الدائمة في اختيار ادواره البحث عن العدالة والتساند بين الاصدقاء ومواجهة الظلم خصوصا في فترة عمله مع المخرج الراحل عاطف الطيب في كثير من الافلام بينها فيلم »الهروب«. واثار احمد زكي بأدائه لشخصيتي الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبد الناصر في فيلم »ناصر ٦٥« وانور السادات في فيلم »ايام السادات« الكثير من الحوارات بين المؤيدين لعبد الناصر وبين المعارضين للرئيس السادات. لكنه استطاع ان ينقل لابناء الجيل الجديد جدلا سياسيا لم ينته في المجتمع المصري حتى الآن. شخصيته تلخيص لنموذج غير موجودة الآن اعتبر نقاد سينمائيون النجم السينمائي المصري أحمد زكي من أبرز الفنانين الذين خرجوا من »أحراش المجتمع« ليمنحوا فن التمثيل أهمية ترجع إلى طبيعة الشخصيات التي اختار تمثيلها فضلا عن إبداعه الشخصي في طريقة الأداء. وقال الناقد السينمائي كمال رمزي إن أداء زكي يعد إضافة لفن التمثيل مشيرا إلى أن تفوقه على معظم الممثلين المصريين يرجع إلى قدرته على الإبداع الشخصي والجدية في الإلمام بتفاصيل الشخصية قبل أن يؤديها »بطريقة رفيعة المستوى تنتمي إليه وحده فعندما قدم شخصية الدكتور طه حسين شعرنا أن جسد زكي كأنه تحول إلى آذان وكانت ملامح وجهه تجسيدا للعزيمة والعناد معا«. وأضاف أن زكي قدم في أفلامه بانوراما لشخصيات تعطي تفاصيل واضحة لخارطة المجتمع المصري خلال ربع القرن الأخير »من الأحراش إلى القمة كانت أدواره معرضا شديد الثراء والصدق بفضل عينيه اللتين تجيدان تجسيد وتلخيص اللحظة المركبة كما في المشهد الأخير من فيلم (ناصر ٦٥) وهو خطبة ناصر في الأزهر. نظرة عيني زكي وهما تكادان تدمعان تعبران عن الخوف والتصميم والشعور بغموض المستقبل وقوة الإرادة أيضا. وقال المخرج المصري عادل أديب الذي أخرج لزكي قبل سنوات فيلم (هستيريا) لرويترز إن زكي صور معظم مشاهد دوره في فيلم (حليم) وأهمها مشهدا البداية والنهاية وهما أغنيتا (رسالة من تحت الماء) و(قارئة الفنجان). وأضاف أديب المشرف على إنتاج فيلم (حليم) الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن ويخرجه شريف عرفة إن المتبقي من الفيلم مشاهد قليلة جدا عبارة عن خلفيات لأغاني عبد الحليم في شوارع بيروت وباريس والمغرب. من جهة أخرى قال محمود سعد رئيس تحرير مجلة الكواكب المصرية إن زكي »كان ممثلا فريدا وموهبة فريدة للغاية لا تتكرر إلا مرة واحدة كل مئة أو ٠٠٢ أو حتى ٠٠٣ عام«. وقالت الناقدة المصرية ماجدة موريس إن أداء زكي التمثيلي يمكن أن يوضع في كفة ميزان ويصبح أكثر عمقا وثقلا من أعمال فناني جيله لأنه »الوحيد الذي تماهى مع الشخصيات التي أداها بصدق يصل إلى درجة الجنون. ومن الطبيعي أن يصل هذا الصدق إلى النقاد والجمهور«. وأضافت أن زكي تلخيص لنموذج وقيمة غير موجودة الآن في الوسط الفني في مصر إذ كان يعمل بلا حسابات كتحقيق شهرة أو مكانة لدى سلطة ما أو اكتساب ثروة »ولكنه كان مخلصا لفنه بصورة دفعت الناس إلى تصديقه بدون أي تنظير. أما النقاد فوجدوا في أعماله مستوى رفيعا«. وأشارت إلى أن مواطنين مصريين عاديين حاولوا بوعي فطري في التعبير عن حبهم له الإمساك ببقية النماذج الحقيقية في الحياة حتى أن بعض هؤلاء »كتبوا في سجل الزيارة في المستشفى الذي كان يعالج به أنهم مستعدون للتبرع له بأي شيء.. من المال إلى الأعضاء كي يواصل حياته«. بخيط رفيع من الأمل كان ينظر إلى الحياة في الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام ٦٩٩١ اختار سينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها زكي ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي (زوجة رجل مهم) و(البريء) و(أحلام هند وكاميليا) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(اسكندرية ليه) و(أبناء الصمت). وليس غريباً على تاريخ أحمد زكي الفني كل ذلك، فالحديث عن فنان بحجمه يحتاج الى أدوات خاصة فى الكتابة لانه نجم من طراز خاص.. أحاسيسه مرهفة.. وارادته صلبة قوية كان عذبا فى الحديث حين يسرق لحظات الافاقة من المرض وكان طفلا حين تقوى عليه نوبات الالم في جسده النحيف للاقدار.. وعندما يفيق مرة أخرى يبدو قويا ومشاكسا وصاحب نكته حتى فى اخر لحظات حياته. هكذا ظل الفنان الراحل احمد زكى يصارع المرض اللعين الذى انتشر في جميع جسده حتى اللحظات الأخيرة من حياته متمسكا بخيط رفيع من الامل لايكاد يراه من حوله من قسوة المرض وعذاباته التى تحملها فى صمت ورضا بقضاء الله حتى انه يكاد يوهم من حوله بانه لايتألم. وبالحديث عن رحلته مع الجوائز التي تجاوزت الثمانين كانت بدايته مع ادواره في السينما في عام ٩٧٩١ عندما حصل على أربع جوائز هي جائزة وزارة الثقافة عن دوره في »العمر لحظة« وشهادة تقدير في نفس العام من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم »شفيقة ومتولي« الذي نال عنه ايضا جائزة مهرجان جمعية الفيلم وهي الجهة التي منحته جائزة ثانية في نفس العام عن دوره في فيلم »وراء الشمس«. ومنحه مهرجان دمشق جائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم »زوجة رجل مهم« عام ٦٨٩١ وهي نفس الجائزة التي نالها عن دوره في نفس الفيلم من مهرجان جمعية الفيلم المصرية. وفي العام التالي حصل ايضا على نفس الجائزة على دوره في فيلم »البريء« عام ٨٨٩١ وحصل ايضا على نفس الجائزة من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في فيلم »امرأة واحدة لاتكفي«. وكان من اواخر الجوائز التي حصل عليها جائزة المهرجان القومي للسينما المصرية عن دوره في فيلم »ارض الخوف« لداوود عبد السيد عام ٠٠٠٢ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن دوره في فيلم »معالي الوزير« لوحيد حامد عام ٣٠٠٢. وأصيب الفنان الراحل بعدة جلطات في أوردة الركبة والساقين أثناء قيامه بتصوير فيلم عن المطرب الراحل عبد الحليم حافظ إلا انه كان سرعان ما عاد لاستكمال التصوير الذي أنهى منه ما يقارب ٠٩ في المائة من المشاهد التي يتضمنها باستثناء مشهد الوفاة. الأيام البحرينية بتاريخ 29 مارس 2005 |
جنازة مهيبة لـ«النمر الأسمر».. ودفن بالقرب من سعاد حسني |
رحل.. وترك الحزن يدخل كل بيت صلاح مغاورى رحل أحمد زكى بعد حياة حافلة.. قصة كفاح.. شاب ريفي استطاع أن يفرض نفسه بقوة وأن يحقق طموحاته وأحلامه.. حياته مزيج من الألم والأمل.. تماما كما في قصص الأساطير.. عندما يحقق بطل الحكاية أحلامه - ويقفز فوق معاناته - ويحول مأساته الى قوة جبارة تقهر أي صعب.. استطاع الفتى الأسمر أحمد زكي أن يغير مقاييس البطولة فى السينما العربية.. وهذا الحضور - وتلك الموهبة جاءت وليدة سنوات العذاب والمعاناة.. فأحمد زكي عانى في حياته كثيرا - ويبدو تصميمه على أداء شخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في فيلم سينمائي استجابة لنداء داخلى - يؤكد فيه أنه لن يمثل فى هذا الفيلم الذي انتهى من ٠٩ في المائة من مشاهده قبل رحيله.. واذا قدر للفيلم أن يرى النور فيلمس المشاهد أن أحمد زكي لم يمثل فيه بل سيؤدي قصة حياته - تلك القصة التي تشبه الى حد كبير - وفى تفاصيل كثيرة تكاد تكون متطابقة فى بعض فصولها حتى مصادفة توقيت الرحيل الذي جاء قبل أيام من ذكرى رحيل العندليب.. فحتى سنوات المعاناة والحرمان شاركه فيها وكذلك شعور كلاهما بالكبرياء والرغبة القوية الطموحة فى تحقيق الأمال التي كانت فى بداياتها مجرد أحلام يقظة.. وحتى معاناة أحمد زكي مع المرض.. والعلاج.. والتفاف الجميع من حوله وتعاطف الكثيرين مع حالته الصحية.. انها المشاعر والأحاسيس نفسها التي صادفت حالة عبد الحليم حافظ وان اختلفت مسميات المرض أو تباينت بعض التفاصيل الصغيرة.. واختلف الزمن.. الأيام البحرينية 29 مارس 2005
|
وفاته صادفت اليوم العالمي للمسرح.. وملامح التشابه بينه وبين حليم مؤثرة «الإمبراطور» أحمد زكي.. وداعاً بقلم- خالد الرويعي: تماماً- مثلما يغرم الجمهور بأي نجم، كان حبنا لأحمد زكي بهذه البساطة وبهذه العفوية، ممثل يفرض عليك محبته لأنه بارع في تقديم نفسه كفنان، كصاحب موهبة مؤثرة وليست على غرار آخرين ممن يقفون على هاوية »المواهب«، وهم كثر. ما يميز أحمد زكي عن غيره بالضبط أنه عاصر مراحل مهمة -بمعنى الكلمة- في تاريخ السينما المصرية، ففي الوقت الذي يعمل فيه مع يوسف شاهين وعاطف الطيب ونادر جلال آنذاك كان يرى »سينما المقاولات« في تلك الفترة ولم يحرك ساكناً بالرغم من العروض التي كانت تنهال عليه. وهو »تلخيص لنموذج وقيمة غير موجودة الآن في الوسط الفني إذ كان يعمل بلا حسابات كتحقيق شهرة أو مكانة لدى سلطة ما أو اكتساب ثروة بل كان مخلصا لفنه بصورة دفعت الناس إلى تصديقه بدون أي تنظير. أما النقاد فوجدوا في أعماله مستوى رفيعا«. أحمد زكي متفرد.. ولا أدري حقيقة من سيخلف زكي في المرحلة القادمة، أحمد زكي أحد الممثلين القلائل ممن نقرأ عنهم في الكتب، مثابر وباحث، قلما تجد مثل هذه النواحي في ممثل عربي معاصر ونجم بالتحديد. وأنا أكتب عن أحمد زكي في هذه اللحظة، ينتابني الشعور بأن الحديث عنه سيكون مجحفاً، فلا أدري بأية شخصية أكتب - إن جاز لي الفصل- هل أكتب بقلم الصحفي؟ أم بقلم الممثل الذي كان يرى في أحمد زكي نموذجاً لروعة فن التمثيل. عندما شاهدته للمرة الأولى في القاهرة وكان حينها يسكن -ولسنوات عدة- في فندق هلتون رمسيس، رأيت قامة قصيرة، وجه أسمر وشعر يكتسيه البياض، قلت في نفسي: هذا هو أحمد زكي اذاً.. هذا الشخص الماثل امامي هو الذي جسد شخصية »منتصر« في فيلم »الهروب«.. وهو ذاته الذي أرانا وهم السلطة والسقوط في »زوجة رجل مهم«، صاحب القلب الكبير في فيلم »اضحك تطلع الصورة حلوه«، المتقمص لرزانة الرئيس عبدالناصر ودهاء السادات، أحمد زكي الذي جسد هذا كله وبالكوميديا وتعرية المجتمع في فيلم »البيضة والحجر« ، هل بإمكاني القول بأني أحب أفلام أحمد زكي كلها بلا استثناء، بالتأكيد يمكنني لأني لا أحبه فقط، بل كنت أتعلم منه، أتعلم من هذه القامة القصيرة كيف لعبت هذه الأدوار بأمانة وحب بالغين، زكي لا يكرر نفسه البتة، وبقى شامخاً يصارع المرض حتى أثناء تصويره لفيلم »حليم« الذي شاء القدر أن يحقق حلمه بتمثيله، وبذلك تتقاطع حياتين تفصلهما ٠٣ عاماً، يتقاطعان في اليتم ومحبة الجمهور والتأثير ورهافة الاحساس وفي نظرة عينيهما الحادة.
ومن
بين أبناء جيله هو »الوحيد الذي تماهى مع الشخصيات التي أداها بصدق يصل إلى
درجة الجنون.
ومن الطبيعي
أن يصل هذا الصدق إلى النقاد والجمهور«. رحل أحمد زكي، الذي ولد على المسرح وفي اليوم العالمي للمسرح في ٧٢ من مارس توفي . أحمد زكي.. وداعاً. الأيام البحرينية 29 مارس 2005
|