وراء كل فيلم من أفلام أحمد زكي حكاية.. تجسدها صورة بطل الفيلم.. يحتفظ الناس باسم البطل.. وملامحه.. وينسون تماماً أنه "زكي" بكل الوجوه التي جسدها.. وهي 55 وجهاً في أفلامه. علي مستوي الزعماء جسد "ناصر 56".. ورفض أن يتم اللجوء إلي طبيب التجميل لتعديل أنفه.. لكي يطابق أنف عبدالناصر.. وأعلن التحدي وقرر أن يلعب الشخصية من داخلها وليس بملامحها الخارجية فقط.. ونجح في التحدي ونسي المتفرج اختلاف الملامح.. وعاش مع ناصر .56 وعندما قرر تقمص شخصية السادات وهي علي اختلاف تام مع ناصر.. اتهمه البعض بالجنون.. ولكنه كان كالمعتاد.. قرر التحدي وراح يحلق شعر ر أسه بالموس حتي يقترب من صلعة الرئيس السادات.. واستعان بالبايب الشهير.. واستغاد من الحركات التي ارتبطت بالسادات.. بفمه وعينيه ويديه.. وجبهته. وقبل ذلك بسنوات.. وهو لايزال في المهد صاعداً.. كان يرتدي بدلة طه حسين.. ويتجول في السوربون. كأنه ولد كفيف يعيش بالبصيرة.. رغم فقدانه للبصر.. وفي "مستر كاراتيه" تعلم الرقص والغناء.. وقبلها في "كابوريا" أجاد الملاكمة وأدهش أهل الرياضة.. بطريقة أداء هذه المشاهد.. كأنه من أبطال اللعبة.. وتسريحة الشعر التي ظهر بها في الفيلم أخذت اسمها بعد ذلك من الفيلم ومن أحمد زكي.. إذا ظهر كسائق.. كما حدث في فيلم "طائر علي الطريق" تتوقع أن تراه في أي لحظة يقود البيجو أو الميكروباص علي الطرق السريعة بين المحافظات.. هو الكوافير في "موعد علي العشاء".. وتاجر المخدرات في "الإمبراطور".. والضابط في "زوجة رجل مهم" وعبدالسميع أو "البيه البواب".. وسبع الليل في "البريء".. والمحامي المحتال الذي يعيش علي التعويضات في "ضد الحكومة".. وهو الموظف النمطي. الذي يأخذ العهدة ويسلمها علي "الساركي" كما رأينا في فيلم "أربعة في مهمة رسمية".. هو تاجر السمك الطموح كما ظهر في "شادر السمك".. هو النصاب الذي يلعب ب"البيضة والحجر" الدجال المحترف.. وهو "الطبال" الذي يدق للراقصة "نبيلة عبيد".. وهو أيضاً المهندس والصحفي والمقاتل في حرب أكتوبر.. و"متولي" بطل حكايته الشهيرة مع شفيقة. هو المصور الغلبان الذي يهاجر مع ابنته طالبة الطب إلي القاهرة ليصطدم بالصراع فيها.. ومع ذلك يضحك لأجل أن تكون الصورة حلوة.. .. وما قولك عندما شاهدناه.. وهو الطيار الذي شارك في حرب أكتوبر والمفصول من الخدمة لخطأ غير مقصود. وتتخلي عنه زوجته. وينحرف.. كما جاء في فيلم "الرجل الثالث".. ومع كل هذه الوجوه والأقنعة الفنية.. التي وضعها علي وجهه.. وغيرت ملامحه.. لكنه دائماً كإنسان.. ظل بوجهه الواحد.. ولسانه الواحد.. وقلبه الواحد.. ورأيه الواحد.. مهما كان الثمن.. حكايات الأفلام ومنها * السادات: بطولة ميرفت أمين- مني زكي وإخراج محمد خان ـ ظهر زكي في أروع أدواره قصة حياة الرئيس الراحل أنور السادات من واقع سيرته الذاتية وقد نجح نجاحاً ساحقا في دور العرض وأشاد به النقاد وأصبح علامة في تاريخ السينما المصرية. * أرض الخوف بطولة سامي العدل- عزت أبو عوف- عبدالرحمن أبو زهرة واخراج داود عبدالسيد.. هو ضابط الشرطة المثالي لأعلي الدرجات. يوكل من قبل الإدارة العامة للمخابرات بأن يصبح فاسداً لخدمة الوطن في مهمة غريبة تسمي أرض الخوف. * ضد الحكومة: بطولة أبو بكر عزت. عفاف شعيب. لبلبة. أحمد خليل. المنتصر بالله.. اخراج عاطف الطيب. هو محام اعتاد استغلال سذاجة ضحايا حوادث الطرق فيأخذ من أسرهم توكيلا للمرافعة تعويضا ويحقق أرباحا مع مجموعة من زملائه ومنهم زميلته القديمة سامية. يفاجأ ذات يوم أن عليه أن يأخذ توكيلا من أسرة مطلقته ثم يعرف أنه ابنه. ويتغير سلوك مصطفي يسير في التعويضات. فيرفع قضية ضد الحكومة. ويواجه الكثير من المتاعب. فيتم توجيه التهم له. وتؤخذ قرائن ماضيه ضده لكنه يصر علي موقفه خاصة بعد أن تناصره زميلته. * الحادثة: بطولة كمال الشناوي وليلي علوي ونجاح الموجي مظهر أبو النجا وأمينة رزق وهو الشاب العصامي أمه واخته من دخل سيارة الأجرة التي يمتلكها. تصدمه الفتاة الثرية نيفين يحطم سيارته. يقودها إلي قسم الشرطة بعد أن يعتدي عليها ضربا. يصل والدها راتب بركات الكبير صاحب السلطة والنفوذ. يثور علي حسين ويرفض أن يعوضه عن خسارته. تصاب الأم ويحتاج حسين إلي المال لعلاجها ويحاول الحصول عليه من راتب ولكنه يرفض. تموت الأم وحسين يخطف نيفين ويطالب راتب بفدية كبيرة. يرفض راتب الاستسلام ويتحدي حسين. يصل بنفسه إلي المكان ومعهم راتب. ينهار حسين قبل أن يحدد موقفه وتنهال عليه طلقات رصاص ويلقي مصرعه. * الهروب: سيناريو مصطفي محرم واخراج عاطف الطيب وبطولة: هالة صدقي. حسن حسني. عبدالعزيز مخيون. محمد وفيق. زوزو نبيل وأبو بكر عزت. وهو الذي جاء من أقاصي الصعيد ليعمل بالقاهرة. يعمل في شركة تتولي سفر العمال إلي البلاد يكتشف أن المكتب الذي يعمل به يلجأ إلي التأشيرات المزورة. يدب الخلاف بينه وبين مدحت شريكه فيدبر له تهمة حيازة المخدرات. ويدخل السجن وعندما يخرج يفاجأ بابنة عمه الذي عقد قرانها قد استسلمت لرجوات التي تدفعها للانحراف. يقرر الانتقام من مدحت فيقتله. يتورط أيضا ويتم القبض علي منتصر إلا أنه يتمكن من الهرب وفي إحدي مرات القبض عليه يحاول صديقه ضابط البوليس سالم ولكن يطلق رجال الشرطة في اتجاهمها. * البيضة والحجر: بطولة معالي زايد. فؤاد خليل. أحمد توفيق. نجوي فؤاد. صبري عبدالمنعم. عبدالغني ناصر. نعيمة الصغير. محمود السباع. عبدالله مشرف. أحمد غانم. واخراج علي عبدالخالق وعن سيناريو كتبه محمود أبو زيد عن مدرس فلسفة يؤجر حجرة في أحد المنازل- يعتقد سكان المنزل أنه علي صلة بعالم الجن ينجح بلباقته في التوفيق بين زوجين تتكرر خلافاتهما. يتبارك به أهل الحي. يستغل هذا في التلاعب بمشاعر الناس وابتزازهم حتي يسقط. * اضحك الصورة تطلع حلوة: عن قصة وسيناريو وحوار وحيد حامد واخراج شريف عرفة بطولة: مني زكي. سناء جميل. ليلي علوي. كريم عبدالعزيز. عزت أبو عوف.. وهو مصور فوتوغرافي في مدينة صغيرة يعيش مع أمه روحية وابنته تهاني بعد وفاة زوجته منذ عشر سنوات تحصل تهاني علي مجموع يؤهلها للالتحاق بكلية الطب في جامعة القاهرة. فتقرر الأسرة سفرها إلي القاهرة. يتبادل سيد الحب مع نوسة الأرملة الشابة التي تدير كشكاً علي كورنيش الأمل سيد مصورا متجولا. تتبادل تهاني الحب مع زميلها طارق ابن أحد كبار رجال الأعمال. يحاول أن يمنع زواج ابنه من تهاني. ولكن طارق يتمرد علي والده ويتزوج من تهاني. * ناصر 56: بطولة فردوس عبدالحميد. أحمد ماهر واخراج محمد فاضل عن سيناريو لمحفوظ عبدالرحمن وفيه يجسد دور عبدالناصر عندما اتجه إلي يوغوسلافيا صيف 1956 للاجتماع مع تيتو ونهرو. يعلن البنك الدولي عدم تمويل مشروع بناء السد العالي في مصر. يعود عبدالناصر إلي مصر ويقرر تأميم قناة السويس. التأميم في 26 يوليو. وتتوالي ردود الفعل العالمية. ويبدأ العدوان الثلاثي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني علي مصر ويعلن عبدالناصر المقاومة. * الرجل الثالث: بطولة محمود حميدة. ليلي علوي. فتوح أحمد. مها عز الدين ومحمد الصاوي.. اخراج علي بدرخان يقوم بدور طيار مقاتل شارك في حرب 73 ولكنه يفصل من الخدمة بسبب خطأ غير مقصود أدي رلي إصابته أثناء المعركة. تتخلي عنه زوجته وتتزوج من غيره. يعمل كمال علي طائرة هليكوبتر. يتردد علي أحد النوادي الليلية حيث يتعرف علي سهام عشيقة المليونير رستم رجل الأعمال وتاجر المخدرات والتي تفقد الأمل في الزواج منه. يستغل حاجة كمال الملحة للمال ويحاول الايقاع به حتي يقبل العمل معه بأن ينقل بطائرته صفقة المخدرات التي ينتظر وصولها حتي لا يتعرض لمخاطر خفر الوساحل وتفتيش إدارة الجمارك إلا أن سهام وكمال يقع كل منهما في الفخ عندما يعلم رستم بمشاعرهما يتوعد لهما ولكن بعد تنفيذ المهمة. يقوم كمال بالتبليغ عن العصابة ويتم القبض عليهم. يشعر كمال بأنه استعاد كرامته وثقته في نفسه. * الامبراطور: بطولة رغدة.. وإخراج طارق العريان الذي التقي معه أيضا في فيلم "الباشا" مع مني عبدالغني.. وفي الامبراطور يلعب دور إبراهيم بعد الإفراج عنهما مع تاجر المخدرات سليم. يستقل عنه زينهم ويعاونه إبراهيم علي أعماله غير المشروعة. يخطط سليم للتخلص منه فيقتله زينهم ويتزوج من عشيقة سليم التي تضيق بتكالبه علي المال وجرائمه المتكررة وتستسلم للهيروين. يحقق معه مكتب المدعي الاشتراكي لمصدر ثروته المريب ولكن محاسبيه ومحاميه يثبتون براءته. يستسلم للهيروين بعد يأسه من مجيء الجنين الذي يتوق إليه. يقتل إبراهيم بعد أن يظن أنه قد خانه مع حياة ثم يلقي حتفه علي أيدي أحد منافسيه. * البرنس: بطولة حسين فهمي وهناء ثروت وفي الفيلم يتخلص من أفراد عائلته حتي يرثهم وليحمل لقب البرنس. ينفذ خطته ويقتل ستة أفراد منهم. يتزوج أمينة أرملة أحدهم. يتهمه رجال الشرطة بقتل سمير زوج حبيبته السابقة وردة بالإعدام. تتفق معه وردة علي تقديم دليل براءته مقابل أن يتخلص من أمينة ليتزوجها. ولكنه ينسي داخل الزنزانة مذكراته التي يعترف فيها بجرائمه الست. الجمهورية المصرية بتاريخ 28 مارس 2005 |
نجم .. و55 وجهاً .. وراء كل وجه حكاية رفض "أنف "عبدالناصر .. رغم " أنف" الجميع.. مع السادات لجأ إلي "الزيرو" البواب عبدالسميع .. البريء .. سبع الليل .. أدوار لا تنسي رجل مهم جداً .. وتاجر مخدرات خطير |
"هو" يلحق به .. وبها!! سمير فريد أمس لحق احمد زكي بصلاح جاهين وسعاد حسني وهم ثلاثي مبدع علي نحو فذ ولامثيل له علي كل المستويات. وقد جمعت بينهم اعمال فنية عديدة ومنها مسلسل "هو وهي". ذلك العمل الفني الشامل والعصري والمتميز في تاريخ الابداع التليفزيوني المصري. كما جمعت بينهم "صداقة" نادرة في الحياة. وأمس جمع بينهم ايضا الفراق التراجيدي المدوي لها. فلم يمت أي منهم موتاً عادياً. وانما موت الفرسان النبلاء. وفي ذروة العطاء. وإن اختلف مصيرهم من الظاهر. عندما علمت بمرضه عبر مكالمة تليفونية في فبراير من العام الماضي كنت متوجهاً الي موعد. فطلبت من سائق السيارة ان يتوجه الي المستشفي. وهناك في ذلك اللقاء وكان معنا صلاح السعدني ونبيل الحلفاوي. ولم يكن الخبر قد نشر في الصحف. كان ما يسعده مكالمة الرئيس مبارك. وكان مايقلقه قرار الرئيس بعلاجه علي نفقة الدولة في باريس.. قال "كما تعلمون لا أدخر ما يكفي ولكن الناس لاتدرك ذلك وسوف يقولون الفقراء أولي بالعلاج علي نفقة الدولة وليس نجوم السينما". لم يكن يعرف حقيقة مرضه. ولانحن. وعندما أصبح معروفاً أنه السرطان أصبح ذلك اللقاء الأخير معه. لا أملك القدرة علي أن انظر الي من أحب النظرة الأخيرة. أو ما يمكن أن تكون أخيرة. لم نكن نلتقي كثيراً. ولكن بيننا تاريخ مشترك طويل لمدة تزيد علي ثلاثين سنة حافل بالعديد من المواقف والمناقشات التي يطول الحديث عنها. كان اريستوفان يقول اكتب حتي لا انتحر. وكان احمد زكي يمثل حتي لاينتحر. وعندما أصيب بالمرض القاتل لم يقاومه لمدة سنة كاملة كما يبدو للوهلة الأولي. وانما قاومه بتمثيل دور عبدالحليم حافظ الذي حلم به طويلاً. وحقق له عماد اديب هذا الحلم. كان انتحاراً أن يمثل والمرض يستفحل كل يوم. ولكن كان هذا مايريده ومايسعده. ولو كان صحيحاً انه مثل أغلب دوره في الفيلم يكون قد حقق حلمه. ولو لم يكن صحيحاً فالافضل أن يصبح الفيلم عن حياة أحمد زكي وليس حياة عبدالحليم حافظ. وأن تستخدم المشاهد التي صورها كجزء من الفيلم الاخير في عمل درامي تسجيلي شديد الخصوصية. احمد زكي مثل صلاح جاهين وسعاد حسني ومن قبلهم محمود مختار وسيد درويش وعبدالعزيز فهمي وغيرهم من المبدعين الكبار في مصر في القرن العشرين يحملون جينات هذه الارض الطيبة صاحبة الحضارة العريقة التي انقطع فيها النحت ألف سنة ثم كان مختار وكأن فنان النحت المصري القديم انتهي لتوه من أحدث اعماله. التحق احمد زكي بمعهد الفنون المسرحية ليتعلم التمثيل. ولكن الحقيقة انه ولد ليمثل. ويعلم فن التمثيل من خلال ادواره الكثيرة والمتنوعة. ورحم الله سبحانه وتعالي استاذنا محمد مندور الذي قال ذات يوم في احدي محاضراته جامعاً بين فلاح الشرقية وخريج السوربون "الموهبة الكبري مثل الملوخية الشيطاني. فالفلاح يزرع الملوخية ويصبر عليها حتي تنمو. ولكن في نفس الحقل تظهر احياناً ملوخية لم يزرعها. وتكون أوراقها أكبر ومذاقها أجمل وأروع". عندما شاهد بازيل رايت فيلم "المومياء" في لندن عام 1970 سأل عبدالعزيز فهمي اين تعلمت التصوير فرد عليه لم أتعلم في مدرسة. وانما عبر الممارسة. فقام فنان السينما البريطاني والمؤرخ والمفكر الكبير من مقعده وركع علي ركبتيه قائلاً انني اقدم لك التحية علي طريقة المصريين القدماء وعندما شاهد روبرت دي نيرو في مهرجان موسكو احمد زكي في فيلم "زوجة رجل مهم" وكان دي نيرو عضواً في لجنة التحكيم. ذهب اليه في حفل الختام بعد اعلان الجوائز. وقال له انك ممثل عظيم. وكنت جديراً بالجائزة عن حق وعندما عاد عمر الشريف الي مصر بعد غياب طويل وشاهد بعضاً من افلام احمد زكي قال لو كان يعرف التمثيل بالانجليزية لاصبح من كبار نجوم العالم. هناك تمثيل بالعقل. وتمثيل بالقلب. وتمثيل بكل الحواس. وقد كان احمد زكي الذي فقدته مصر وفقده العالم العربي وفقده الابداع الانساني أمس من الذين يمثلون بكل حواسهم. وكأنه يغني مع كل دور جديد كما لو كان الدور الاخير. ولذلك أحبه جمهوره علي الشاشتين الكبيرة والصغيرة وكان انساناً كريماً يعطي في الحياة كما يعطي في الفن. ولذلك أحبه كل من عرفه ومنذ أعوام طلب مني أن أرافقه في البحث عن شقة جديدة. وقضينا فترة طويلة ومعنا صديقه ورفيق عمره محمد وطني نبحث. وما أن وجد الشقة الجديدة حتي عاد الي الفندق مرة أخري. الفنادق للاقامة المؤقتة. وقد شعرت ان احمد زكي من شدة صدقه ومن دون وعي كامل يفضل العيش في الفندق لانه مؤقت والحياة مؤقتة. الجمهورية في 28 مارس 2005
|