· اقضي معظم الوقت في متابعة معركة جسدي مع هذه الخلايا النشطة وأسجل بنفسي تفاصيل المعركة بالورقة والقلم · فتاة أرسلت لي إقرارا يفيد أنها وبكامل قواها العقلية على استعداد تام للتبرع لي بإحدى رئتيها لي حتى أشفى · أتمنى أن امثل وامثل حتى الموت فأنا لا اعرف أن اعيش بدون عمل وسط دعوات محبيه وتعلق قلوب جماهيره متمنية له الشفاء العاجل يرقد النجم العربي أحمد زكي في إحدى المستشفيات التخصصية بالقاهرة بعد اكتشاف إصابته بمرض سرطان الرئة، فما هي آخر تطورات المرض؟ وبماذا أدلى أحمد زكي في حواره مع العربية.نت" من فوق سريره؟ كيف يقضي يومه، وكيف استقبل نجله الوحيد خبر مرضه؟ ماذا قال له الرئيس مبارك في مكالمته الهاتفية معه؟ كل ذلك في التحقيق التالي. كان اكتشاف أحمد زكي لحقيقة المرض مفاجأة بكل المقاييس وبالصدفة البحتة أيضا ففي البداية عانى أحمد من نزلة برد مستمرة دون توقف لمدة أسبوعين متواصلين، واعتمد في هذه الفترة على المسكنات التي كان يأخذها ليستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعي بعيد عن الألم المتواصل، ولكن الألم لم ينتهي، ولم يتوقف بالمسكنات فطلب منه طبيبه الخاص د. حسن البنا الانتقال للمستشفى لإجراء بعض التحاليل. وهناك كانت المفاجأة وهي وجود حوالي 8 لترات من المياه المتجمعة على الرئة فتم إجراء عميلة بذل لها وبمجرد ظهور نتائج التحاليل الطبية تم إنهاء إجراءات سفر الفنان أحمد زكي لفرنسا وهناك عرف الحقيقة التي تقبلها بإيمان شديد وتقبل لقضاء الله وقدره. يعد احمد زكي من الشخصيات العنيدة التي لا تحب جو المستشفيات ولايحب أن يشغل الناس بمشاكله الخاصة لذلك لم يكن من السهل أبدا إقناعه بالسفر للعلاج أوحتى دخوله للمستشفى في البداية! يقول طبيبه الخاص د. حسن البنا إن إقناع أحمد زكي بالأمر كان غاية في الصعوبة فمن الصعب أن يقنعه أحد بغير ما في ذهنه، غير أن مكالمة الرئيس المصري محمد حسني مبارك كانت بمثابة حجر الزاوية في امتثال أحمد زكي لأوامر الأطباء بلا عناد حقيقي، فبعد أن اطمئن الرئيس مبارك على صحة احمد طلب منه أن يستمع لكلام الأطباء ونصائحهم حتى يمن الله عليه بالشفاء. وقد أكد بطل "ناصر 56، وأيام السادات" لطبيبه أن هذه المكالمة أشعرته لأول مرة في حياته أن هناك من يهتم بأمره وانه مسؤول من أحد بعدما كان طوال عمره مسؤول عن عائلة منوها إلى أن هذه المكالمة أشعرته بقيمته كثيرا ورفعت من معنوياته في مواجهة المرض. لم يكن في الإمكان إجراء حوار مباشر مع الفنان الكبير احمد زكي وجها لوجه خاصة عقب إعلان الأطباء لمروره بمرحلة حرجة اثر تعرضه لضعف شديد في جهاز المناعة كأثر جانبي لتلقيه العلاج الكيماوي والذي يعمل على إضعاف الجهاز المناعي بشكل كبير. وعلى الهاتف جاءنا صوت النجم الأسمر بعد أن وافق على إجراء حوار هاتفي مع "العربية.نت" فقط رغم تعليمات الأطباء له بعدم بذل أي مجهود حتى وان كانت مكالمة هاتفية. · كيف هي حالتك الصحية الآن؟؟ الحمد لله أعاني من بعض المشاكل الصحية مع جهاز المناعة ولكن الأطباء يتولون الأمر باهتمام. · هل ضايقك نشر وسائل الإعلام عن حالتك المرضية؟ لا أعتبر آلامي ملكا لي وحدي وتعودت في حالات مرضي السابقة أن أعالج نفسي في هدوء وصمت، ولكن هذه المرة لم أتمكن من ذلك، وأشعر من حولي أنه لا بد من مساعدتي بحب الناس ودعواتهم لي بالشفاء. مكالمات من الرئيسين المصري والسوري · من زارك في المستشفى ولم تتوقع زيارته بالمرة؟ قبل الزيارات هناك مكالمة هاتفية هامة جدا جاءتني من الرئيس محمد حسني مبارك للشد من أزري في محنتي وبصراحة لم أتوقعها، فهو رجل مسؤول وعلى عاتقه الكثير من المهام، فكونه أن يخصص لي بعض الوقت لمحادثتي فهذا كان أمر كبير جدا بالنسبة لي وقد اثر في حالتي المعنوية بشكل كبير وجعلني أشعر أنني ذو قيمة فعلا، كما جاءتني مكالمة من الرئيس السوري بشار الأسد شخصيا للاطمئنان عليٌ وهذا أمر عظيم أيضا لي. أما عن زملائي الفنانين فكل من زارني في المستشفى كانت زيارته لي واهتمامه بي مفاجأة ولا أريد أن أنسى أحدا ولا أستطيع أن أصف لك مدى تقديري للجميع وخجلي من انزعاجهم بحالتي الصحية، أما عن زملاء المهنة فكلهم أحاطوني بأصدق معاني الحب فقد جاء إلى باريس للاطمئنان عليّ رغدة ومحمد هنيدي نبيل الحلفاوي صفية العمري. وجاء لزيارتي في المستشفى بالقاهرة العديد من الفنانين على سبيل المثال لا الحصر فاتن حمامة عادل إمام نور الشريف يسرا ليلى علوي صلاح السعدني الهام شاهين منى زكي عزت العلايلي احمد السقا فاروق الفيشاوي. لكنني لم استطع مقابلتهم بسبب أوامر الأطباء، أما عن أصدقائي المقربون فلن أنسى لهم أبدا ما فعلوه لمساعدتي على مقاومة المرض. ورغم آلامي إلا أنني سعيد لأنني اكتشفت أني جمعت في سنوات عمري ثروة طائلة هي حب الناس وأدعو الله أن يمنحني القدرة على رد جميل كل من ساندوني ومبادلة كل هذا الحب بالحب. · كيف تقضي يومك خاصة انك تكره جو المستشفيات؟؟ أنا بطبيعيتي شخصية قلقة وعندي شغف بمعرفة تفاصيل الأشياء من حولي في بداية الأمر لم يرغب الأطباء أن يطلعوني على ما يدور داخل جسدي، ولكن بعد أن لاحظوا حرصي الشديد على معرفة كل شيء بدؤوا التعامل معي وكأنني طبيب يتابع حالة شخص آخر اسمه احمد زكي معهم ولذلك اقضي معظم الوقت في متابعة معركة جسدي مع هذه الخلايا النشطة. وأسجل بنفسي تفاصيل المعركة بالورقة والقلم درجة حرارتي مستوى المناعة الضغط معدل الهيموجلوبين والكريات البيضاء في الدم فهذه الأشياء كلها بعد كل جرعة دواء كيماوي تتعرض لمتغيرات وتحتاج إلى بعض الوقت لتعود إلى طبيعتها، وبعيدا عن متابعة معركة جسدي مع المرض ففي الأيام العادية استيقظ مبكرا في حوالي السادسة صباحا واخرج من غرفتي إلى حديقة المستشفى وأمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة حتى أحافظ على وزني، ثم أعود لغرفتي وامتثل لأوامر الأطباء. و في أيام الراحة التي لا يوجد بها علاج كيماوي اخرج من المستشفى مع بعض الأصدقاء المقربين لتغيير جو المستشفى ورائحته المعروفة، فمرة تناولت طعام الغداء مع واحد من اقرب الشخصيات لقلبي وهو الكاتب الصحفي عادل حمودة في أحد المطاعم في أحد الفنادق القريبة من المستشفى عند سفح الهرم. كما اقضي وقتا كبيرا في قراءة الكم الهائل من الرسائل التي تصلني يوميا على المستشفى من المعجبين والمعجبات الذين يشدون من أزري مع أنني لا اعرفهم ومع كلماتهم الصادقة وهم يتمنون لي الشفاء لا أستطيع أن امنع نفسي من الدموع أحيانا فهذا الرصيد الهائل من الحب لم اعرف مقداره إلا في محنتي هذه. · ما اكثر الرسائل التي هزت مشاعرك؟؟ ثمة رسالة لا أستطيع أن انساها وهي لفتاة أرسلت لي إقرارا يفيد أنها وبكامل قواها العقلية على استعداد تام للتبرع لي بإحدى رئتيها لي حتى أشفى! · وماذا عن علاقتك بأقرب الناس إليك ابنك الوحيد "هيثم" ؟ لقد اكتشفت قوته وصلابته الحقيقة مع ظروف المرض، لقد اثبت لي أنني انجبت رجلا شديد الصلابة والقوة مع اشد المواقف صعوبة، نعم لقد نضج كثيرا وأتمنى أن أحقق له أمنية خاصة وهي أن نعيش أنا وهو في بيت واحد بعد شفائي بإذن الله، فقد عشت بعيدا عنه فترة طويلة لظروف عملي، فهو كان يعيش مع جدته لوالدته الفنانة الراحلة ( هالة فؤاد) وذلك بسبب حياة التنقل التي أعيشها فمع الفن ليلي نهار ونهاري ليل، لذلك كنت أقيم في أحد الفنادق منذ زمن طويل وهذا ما لم اكن أريده لابني أن يعانيه معي. أما الآن فقد اختلفت الظروف ولقد طلبها مني هيثم بصراحة وسأعمل على تحقيقها عند شفائي إن شاء الله. · هل صحيح انك تكتب مذكراتك الشخصية ؟؟؟ ما أكتبه ليس مذكرات بالمعنى المتعارف عليه، ولكن أنا أكتب ما يدور حولي وما أمر به وأسجل مشاعري، فالكتابة تفرغ ما في داخل الإنسان من شحنات ألم وقلق وتوتر وهو شيء يساعدني كثيرا على تخطي حاجز القلق و إضاعة الوقت أيضا. · أعمال كثيرة كانت تنتظرك "حليم – المشير و الرئيس – من ضهر راجل – نقيب العذاب" هل تقرأ بعض السينايورهات بالفعل في المستشفى؟ أتمنى أن امثل وامثل حتى الموت فأنا لا اعرف أن اعيش بدون عمل أنني تواق بالفعل لأن ابدأ في تصوير فيلم "حليم" وهو عن حياة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ فهو حلمي منذ ثلاث سنوات مضت وتحديدا عقب فيلم "أيام السادات"، وعندما تسمح لي ظروفي الصحية اقرأ بعض الصفحات من السيناريو الخاص بالفيلم الذي صممت أن يكون معي في المستشفى وهو من تأليف الكاتب محفوظ عبد الرحمن وسيخرجه مجدي احمد علي وسيكون من إنتاج عماد الدين أديب بمشاركة التلفزيون المصري أنني لا استهين بالمرض، لكنني أعطي لنفسي أملا كبيرا، فبدون الأمل لا يحيا الإنسان. · وماذا عن فيلم الضربة الجوية؟ كنت قد صرحت قبل إصابتي بالمرض انني اعد لتمثيل دور الرئيس المصري محمد حسني مبارك في ثالث فيلم تاريخي يدور حول حياة زعماء مصر والأحداث التاريخية الهامة في عصورهم بعد فيلمي "ناصر 56" و"السادات"، و يتناول (الضربة الجوية) المعارك التي قادها سلاح الجو المصري بقيادة الرئيس مبارك. واحلم بالفعل بتقديم هذا الفيلم لأنني كمواطن مصري وعربي لدي توق شديد لمعرفة كيف تعرض الطيران المصري للضرب علي الأرض في 1967؟، وكيف استطاع في فترة قصيرة أن يعيد الوقوف على قدميه ويسترد عافيته وكيف استطاع طيارونا من تحقيق انتصارات باهرة بقيادة الرئيس مبارك الذي قاد الضربة الجوية الأولى في السادس من تشرين أول (أكتوبر)، والتي أصابت العدو بالشلل ومهدت لنصر أكتوبر. وقد كنت أتمنى قبل المرض أن يستطيع الرئيس مبارك وسط همومه ومشاغله أن يسمح لنا ببعض الوقت لنعرف وجهة نظره كقائد للطيران في أكتوبر.. ويوضح لنا كيف استطاعت الضربة الجوية أن تعزف لنا سيمفونية النصر في رمضان 1973. إن فيلم الضربة الجوية مشروع سينمائي عالمي ضخم كان سيتناول دور الرئيس حسني مبارك في انتصار أكتوبر 1973 وكيف حسمت القوات الجوية المعركة منذ اللحظة الأولى، والعمل كان سينتجه معي كل من وزارتي الدفاع والأعلام و كان بالفعل يجري التحضير له وكنت سأسافر بعد انتهاء إعداد السيناريو للاتفاق مع مخرج عالمي لإخراج المعارك الحربية، لكن محنة المرض أجلت كل المشاريع والحمد لله على كل شيء وأنا الآن في انتظار رحمته ليمن عليٌ بالشفاء. · رغبة تتمناها من جمهورك العربي في كل مكان؟ أتمنى أن يدعو لي بالشفاء حتى أستطيع أن أمتعهم بأعمال جديدة كرد جزء صغير من جميلهم علي بالتفافهم حولي في محنتي بكل هذا الحب والعطاء و الوفاء، كما اطلب منهم أن يعذروني إذا لم استطع الرد على مكالماتهم التي احاطتني بكل الحب في المستشفى أو حتى استقبالهم فتلك هي أوامر الأطباء. موقع "العربية" بتاريخ 6 يونيو 2004 |
أحمد زكي: أتابع مرضي بصفتي طبيبا القاهرة - منى مدكور |
|