القاهرة أ.ف.ب: يصور فيلم 'عصافير النيل' لمجدي احمد علي الذي
يمثل مصر في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان القاهرة
السينمائي
الدولي حالة انسانية متدفقة في حب الحياة في ظل واقع سريالي
مليء بالحياة
والاغتراب.
والفيلم المستند الى رواية تحمل العنوان نفسه للروائي ابراهيم اصلان،
قادر على المنافسة على جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان وكذلك المسابقة
العربية
بقوة، فهو 'قصيدة تشدو بحب الحياة رغم الواقع السريالي العبثي
المفروض على المواطن
المصري ان يعيشه' على ما يقول الناقد المصري المقيم في فرنسا صلاح هاشم.
ويصور
الفيلم الذي تتعدد مستويات السرد الروائي والبصري فيه، مسار عائلة تعيش في
منطقة
امبابة الشعبية في الثمانينات من القرن الماضي حين يأتي شاب من الريف (فتحي
عبد
الوهاب) للعيش مع شقيقته (دلال عبد العزيز) وزوجها (محمود
الجندي) لحصوله على وظيفة
ساعي بريد في القاهرة.
ويبدأ الفيلم بمشهد لقاء فتحي عبد الوهاب مع حبيبته
القديمة جارة شقيقته في السكن عبير صبري في المستشفى بعد سنوات فراق طويلة
وكلاهما
يعاني من مرض السرطان، مما يثير شجنهما ويعيدهما الى زمان مضى
في حالة من الاستذكار
الجميل.
ويتنقل الفيلم في الزمان من الماضي الى الحاضر والعكس، فيتذكران معا
بداية تعرفهما من خلال مشهد يشير الى سريالية الواقع المعاش حيث يذهب الشاب
الريفي
لصيد السمك فبدلا من ان تصطاد صنارته سمكة تصطاد عصفورا فلا
يملك سوى ان يبدأ في
الجري الى ان يصل الى قسم شرطة امبابة فيتم اعتقاله والاعتداء عليه.
هذا المشهد
السريالي بما يحمله من عبثية وفي الوقت نفسه من حالة تمرد ومواجهة مع
النظام القائم
تحمل اشارة واحدة ومحددة: محاولة الخروج للحرية الا ان ذلك يبدو بعيدا فلا
يحصل سوى
عودة بطل الفيلم الى روتين الحياة اليومية.
لكن هذا الحدث ايضا يؤسس لبداية
علاقة مع عبير صبري تعيش في داخلهما الى ان يلتقيا من جديد بعد
عشرات السنين في
المستشفى.
ويصور كيفية انتهاء العلاقة بينهما عندما ترفض الزواج منه بعد رفضه
الرد على سؤال وجودي بالنسبة لها وهو 'فيما اذا ما كان يؤمن بأن سمعتها
سيئة كما
يقول الجيران أم انها انسانة حقيقية تبحث عن حياة جديدة في
القاهرة بعد طلاقها من
زوجها في مدينة بورسعيد؟'
وعندما لم يجب على سؤالها بشكل مباشر اعتبرت ذلك ادانة
هجرت الحي بعد رفضها الزواج منه.
الا ان الحياة تستمر فيخطب من ممرضة تقوم
برعايته خلال اجرائه عملية في مستشفى لكنه يفترق عنها لانها
تجعل الحياة اكثر
تعقيدا من البساطة التي يراها فيها.
ثم يتزوج امرأة تعيش على راتب زوجها
المتوفي، سرا وعندما يطالبها بالاعلان عن زواجهما تطلب الطلاق
فينفصل مجددا عنها
ليتزوج فتاة ريفية من بلده حيث ينجب منها اطفالا لكنها لا تشكل جزءا حقيقيا
من
حياته لأن قلبه مع امرأة اخرى لم ينسها طوال عمره.
ويصور الفيلم ايضا اشارات الى
تصاعد دور المد الديني في المنطقة 'وهي الفترة التي دعم فيها
النظام الحركات
الدينية لمواجهة اليساريين والناصريين حتى انقلب السحر على الساحر وادى بعد
ذلك الى
مقتل الرئيس محمد انور السادات' كما يؤكد المخرج مجدي احمد علي في الندوة
التي
اعقبت عرض الفيلم.
وهناك الكثير من اللقطات الجميلة التي تضمنها الفيلم منها
قيام محمود الجندي بالقاء مقطع كامل من مسرحية هاملت لشكسبير 'ان تكون أو
لا تكون'
مرفقة بمشاهد حول مصائر شخصيات الفيلم.
كذلك الحوار بين محمود الجندي ودلال عبد
العزيز وخوفها من الظلام ورغبتها باضاءة قبرها لمدة اسبوع بعد
وفاتها الى جانب
العديد من المشاهد التي لها جماليتها التي جمعت فتحي عبد الوهاب مع نسائه
عبير صبري
ومنى حسين ومشيرة احمد وحواراته مع ابن شقيقته اليساري (احمد مجدي) ابن
المخرج.
القدس
العربي
في
21/11/2009 |