|
حضور مصري بـ7 أفلام في مهرجان الجونة
"المستعمرة"
و"كولونيا" و"الحياة بعد سهام" أبرز المشاركين و"السادة الأفاضل" ضيف شرف
الدورة الثامنة
نجلاء أبو النجا
ملخص
في عودة قوية، حجزت السينما المصرية مكانها في مهرجان
الجونة بـ7 أفلام مميزة، عكست نضج جيل جديد من المخرجين، وتنوعت بين دراما
نفسية، قضايا اجتماعية، وحكايات إنسانية وفلسفية مثيرة للجدل.
بعد غياب عن المشاركات في المهرجانات السينمائية، خصوصاً
المصرية، شاركت السينما
المصرية هذا
العام في الدورة الثامنة من مهرجان
الجونة بسبعة
أفلام دفعة واحدة.
وتنوعت المشاركات بين المسابقات الرسمية وخارج المسابقة،
وشملت مواضيع مختلفة بين الدراما والرومانسي
والقضايا الاجتماعية الخطرة وحقوق العمال ومشكلات الطفولة والفقر.
جيل واعد
وجاءت معظم تلك الأعمال بتوقيع جيل جديد من المخرجين
الواعدين الذين أثبتوا أن هناك تطوراً ملاحظاً في الفكر والتناول واللغة
السينمائية يتم في هدوء، ليعد بأعمال مختلفة ومهمة وثرية، سيكون لها بصمة
لا يستهان بها في إنتاج السينما المصرية عبر السنوات المقبلة.
وتضمن البرنامج هذا العام عرض سبعة أفلام مصرية، في مختلف
مسابقات المهرجان.
كولونيا رائحة أبي
في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة عرض الفيلم المصري
"كولونيا"، وهو من إخراج المصري محمد صيام، في أول تجربة روائية طويلة له،
والفيلم إنتاج مصر والنرويج
والسويد والسعودية وقطر وفرنسا.
وتدور الأحداث حول فاروق الشاب الفاسد أخلاقياً، الذي فشل
في التخرج من كلية الصيدلة ويعاني أزمات عدة مثل علاقاته النسائية المحرمة،
وأهم مشكلاته هي ارتباك علاقته بوالده، للدرجة التي توحي بوجود أزمة عميقة
جداً سببت تدهور في المسارات والتعاملات بينهما.
وتتصاعد الأحداث بمزيد من التوتر، وتأتي وفاة الأب المفاجئة
لتكشف عن كثير من الأمور والأسرار.
ويتعمد المخرج أن يرجع ليلة كاملة بطريقة فلاش باك قبيل
وفاة الأب بساعات لنكتشف أسرار الأب والابن وسبب تدهور علاقتهما، وتجيب
الـ24 ساعة التي تسبق الوفاة على كل الأمور الغامضة.
واستخدم المخرج الشهير بالأفلام الوثائقية الكاميرا بمهارة
شبه توثيقية، إذ يقترب من وجوه الممثلين في بعض المشاهد مما يثير التوتر
ليرمز أننا أمام اعتراف مطول يفضح هشاشة الشخصية.
وكشفت الأحداث بصورة غير مباشرة عن أن الصراع الأسري بالعمل
يعبر عن الهوية الممزقة والبحث عن الذات، ومعاناة التعامل مع الانهيارات
الأخلاقية.
وامتزج البعد النفسي بالسياسي، فكان الفيلم وجبة إنسانية
ونفسية وسياسية خالية من الشعارات وطرق السرد التقليدية.
وبرع أحمد
مالك في
تجسيد شخصية فاروق بأداء متوتر ومشحون بالعصيان والصراعات الداخلية والتمزق
النفسي، وكذلك تألق الممثل الفلسطيني كامل الباشا في دور الأب الغامض، ونجح
في تجسيد سلطة الأب المكسورة ببراعة.
وخلا الفيلم من الموسيقى تماماً، واحتلت مساحات الصمت معظم
المشاهد ليشكل الفراغ والصراع أبرز معالم صفات الشخصيات الأساسية.
ونال الفيلم إعجاب الحاضرين، خصوصاً أنه يحمل لغة سينمائية
خاصة تميز المخرج بصورة غير متشابهة مع أحد، وتؤكد تفرده بمدرسة إخراجية
خاصة.
وسبق وحقق المخرج محمد صيام نجاحاً ملفتاً في عدد من
المهرجانات العالمية، مثل أمستردام للأفلام الوثائقية.
وفيلم "كولونيا" كان مشروعاً في البداية، وشارك مهرجان
الجونة في تطويره من خلال برنامج سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام - مرحلة
التطوير 2021.
المستعمرة
وفي مسابقة الأفلام الطويلة شارك فيلم للمخرج محمد رشاد في
أول عمل روائي طويل له بعنوان "المستعمرة"، والفيلم من إنتاج مصر وفرنسا
وألمانيا وقطر والسعودية.
والعمل مستوحى من أحداث حقيقية، ويدور في إطار تشويقي
اجتماعي إنساني.
وبطلا العمل شقيقان يبحثان عن حقيقة مهمة تخصهما، وهي هل
موت والدهما في حادثة مجرد صدفة بالفعل؟ أم وراءه كثير من الأسرار؟
وعلى رغم أنها التجربة الروائية الطويلة الأولى للمخرج محمد
رشاد، إلا أنه نجح في جعل قوة الفيلم تكمن مشاهد التوتر واستخدام الإضاءة
الخافتة.
واحتفظ الفيلم ببعض الغموض لآخر لحظة ليجعل التساؤل قائماً
أثناء وبعد المشاهدة حول ماهية العالم الذي نعيشه، وهل هو مستعمرة، ونحن لا
نختار فعلياً ما يحدث لنا ونقوم بفعله؟
ويعتبر الفيلم خطوة جيدة نحو مدرسة السينما التشويقية ذات
المضمون الفلسفي، واللغة البصرية المبتكرة غير التقليدية.
"المستعمرة" عرض عالمياً للمرة الأولى ضمن مسابقة وجهات نظر
في مهرجان برلين السينمائي.
وقد حصل كذلك على دعم "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام -
مرحلة ما بعد الإنتاج 2024".
صراع الآباء والأبناء
ولم تخل مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة من المشاركات
المصرية المميزة، وعرض فيلم "50 متراً" للمخرجة يمنى خطاب. والفيلم إنتاج
مصري – سعودي - دنماركي.
ويستعرض رحلة المخرجة الشخصية وعلاقتها مع والدها، ومحاولة
ترميم آثار الذكريات والمواقف التي شكلت منعطفات وثغرات في حياة الفتاة
وأبيها.
وفي هذا الفيلم تسلط المخرجة الضوء على فئة مهمشة في
السينما العربية، وهي فئة كبار السن من خلال والدها ورجال من جيله.
وتطرح تساؤلات مهمة حول العلاقة بين الأب والابنة، خصوصاً
عندما تقع في ارتباك كبير بسبب اعتراف والدها بندمه على الأبوة.
وتستخدم يمنى السينما كوسيلة للحوار والمصالحة، حتى يجري
التقارب مع الأب.
وسيطر على العمل حيرة من نوع آخر، إذ ارتبكت دوافع المخرجة
في مشاهد العمل، فتارة تعتقد أنها قدمت الفيلم بسبب حبها لأبيها، ومرة تفهم
أنها أرادت التعبير عن المسنين ومشكلاتهم.
وبنهاية العمل تفصح يمنى عن صراعها بين رغبتها في تجاوز
صورة والدها، وبين حرصها على عدم فقدان جذورها العائلية.
فيلم "50 متراً" عرض عالمياً للمرة الأولى في مهرجان "نيكست
ويف" في كوبنهاغن ضمن قسم الأفلام الوثائقية، وشارك أيضاً في "برنامج سيني
جونة لدعم إنتاج الأفلام - مرحلة التطوير 2021".
ويمنى خطاب هي مخرجة وكاتبة سيناريو وكتبت فيلم "ربيع يوم
عادي"، الذي شارك في مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الجونة السينمائي
2023.
الحياة بعد سهام
وضمن المسابقة الوثائقية الرسمية عرض الفيلم المصري "الحياة
بعد سهام" للمخرج نمير عبدالمسيح، ويستعرض الفيلم قصة المخرج الشخصية
وأزمته النفسية بعد رحيل والدته.
ويرصد عبدالمسيح المشاعر والأحزان التي تترتب على الفقد
والعزلة والألم، والتغير الحتمي الذي يعقب وفاة أقرب المقربين، خصوصاً
الوالدين.
وتتبع نمير تاريخ العائلة في لقطات متوالية، ليعبر عن
الحياة الاجتماعية المصرية وترابط الأسرة والتفاصيل الحياتية البسيطة
والدقيقة.
وقد شارك الفيلم من قبل في مهرجان كان السينمائي الدولي،
وكان من ضمن الأعمال المختارة في "سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام - مرحلة ما
بعد الإنتاج 2024".
ولنا في الخيال.. حب
وخارج المسابقات الرسمية شارك في مهرجان الجونة السينمائي
بدورته الثامنة فيلم "ولنا في الخيال.. حب"، في عرضه العالمي الأول، وهو
أول تجربة سينمائية طويلة للمخرجة سارة رزيق.
ويمزج بين الرومانسية والخيال، وتدور الأحداث حول أستاذ
جامعي انطوائي يعيش حياة هادئة ومنعزلة، وتنقلب الأمور عندما تدخل طالبة
جامعية حياته فجأة، وتبدأ مشاعره تتغير مما يضعه في مواجهة بين العقل
والقلب، خصوصاً عندما تعترف له الفتاة بحبها لشاب من عمرها.
والفيلم من تأليف وإخراج سارة رزيق، وبطولة أحمد السعدني،
ومايان السيد، وعمر رزيق، وعدد من الوجوه الجديدة.
السادة الأفاضل
وخارج المسابقات الرسمية عرض أيضاً فيلم "السادة الأفاضل"
للمخرج كريم الشناوي، ومن تأليف مصطفى صقر ومحمد عز الدين، وبطولة محمد
ممدوح وبيومي فؤاد وطه دسوقي وأشرف عبدالباقي وانتصار.
والعمل يمزج بين الكوميديا والتشويق، من خلال دراما
اجتماعية تكشف عن الاختلافات الطبقية والثقافية.
وتدور الأحداث حول أسرة أبو الفضل التي تعيش في قرية مصرية
بسيطة، ويتعرض استقرار العائلة لهزة عنيفة بعد موت الأب أبو الفضل بصورة
مفاجئة، ويضطر طارق الابن الأكبر إلى أن يتولى المسئولية خلفاً لأبيه فيحدث
صراع بينه وبين أشقائه، وتنكشف كثير من الأسرار والخبايا حول الأب وما
يحمله ماضيه من مفاجآت وديون.
عروض متوالية
واختار المسؤولون عن برنامج الأفلام أن يكون التجربة الأولى
للمخرجة الشابة سارة جوهر هو فيلم افتتاح مهرجان الجونة وهو "عيد ميلاد
سعيد"، الذي عرض ثلاث مرات بناء على رغبة الجمهور بعد تحقيقه نجاحاً فنياً
ونقدياً وجماهيرياً منذ العرض الأول له في الجونة.
وسبق للفيلم أن حظي بنجاح كبير في الدورة الأخيرة من مهرجان
ترايبيكا السينمائي 2025، إذ حصد ثلاث جوائز رفيعة: أفضل فيلم روائي دولي،
أفضل سيناريو دولي، وجائزة نورا إيفرون لأفضل مخرجة التي نالتها جوهر.
كما وقع اختيار اللجنة المشكلة من نقابة السينمائيين على
الفيلم، ليمثل مصر رسمياً في مسابقة الأوسكار لأفضل فيلم دولي (غير ناطق
بالإنجليزية)، والفيلم من تأليف مشترك بين سارة جوهر ومحمد دياب (مخرج
فيلمي 678 واشتباكاً).
ويضم الفيلم في بطولته نيللي كريم وحنان مطاوع والطفلة ضحى
رمضان، ويتناول العمل قصة القهر الذي يسببه الفقر، ومعاناة الأطفال الذين
يساعدون عائلاتهم ويقومون بالعمل في البيوت، والآثار النفسية للفوارق
الطبقية.
يروي فيلم "عيد ميلاد سعيد" قصة توحه، الطفلة التي تعمل في
منزل أسرة ثرية، وتتضح الفجوة الكبيرة بين حياتها وحياة ابنة العائلة التي
تدعى نيللي.
صحافية @nojaaaaa |