مهرجان كان أفضل مكان لأحكي قصتي للعالم
المخرج السعودي توفيق الزايدي: أحب صناعة سينما للتاريخ
البلاد/ مسافات
دشن فيلم "نورة" للمخرج توفيق الزايدي مؤخرا حضور السعودية
الأول في مهرجان كان. وتم عرضه في إطار مسابقة "نظر ما" الموازية للمنافسة
الرسمية، والتي حظي فيها بتنويه خاص. ولقي العمل ترحيبا كبيرا من طرف
الجمهور الذي صفق له طويلا عند انتهاء العرض.
وهذا الحضور تمنى المندوب العام للمهرجان تيري فريمو، في
كلمة قبل بدء العرض، أن يتواصل في السنوات المقبلة. كما شكر المخرج الزايدي
المهرجان على منحه الفرصة لانفتاح السينما السعودية على العالم في سابقة،
سيكون لها ما بعدها لا محالة مع الفورة السينمائية والفنية عموما التي
تشهدها المملكة.
يبدأ الفيلم، الذي وضع المخرج سنوات التسعينيات إطارا زمنيا
له، بمشهد يظهر شابة في قرية سعودية نائية تنعدم فيها حتى شروط الحياة من
ماء وإنارة وصحة إضافة لغياب تام للبنية التحتية.
وفي هذه المدينة تواجه "نورة"، بطلة الفيلم التي تجسد دورها
الممثلة الشابة ماريا بحراوي باقتدار كبير، مصيرها وكأنها في سجن، ووسيلتها
الوحيدة للخروج منه هي المجلات التي تشتريها خلسة من بقال القرية أو
أحلامها كما تقول في الفيلم.
والفرصة الوحيدة التي أتيحت لها للهروب من هذه المنطقة،
كانت بفضل معلم القرية، لكن أحد سكانها تفطن للأمر وأعادها لسجنها الكبير،
والذي يظهر المقيمون فيه يعادون الفن وكل ما له علاقة به. وأدى ثمن هذا
العداء معلم القرية الذي طرد منها بسبب حديثه للتلاميذ عن الرسم الممنوع
التعاطي له.
للإحاطة أكثر بهذا الاختراق الذي تسجله السينما السعودية
عالميا، والحيثيات التي جاء فيها هذا الفيلم، ومواقف صاحبه من الأجواء
السينمائية التي تعيشها بلاده في الآونة الأخيرة، حاورت فرانس24 مخرج
"نورة" توفيق الزايدي وكان التالي:
·
ماذا يعني لك أنك مخرج أول فيلم سعودي يعرض في مهرجان كان؟
أنا سعيد جدا لتمثيل بلادي في مهرجان كان وهو فخر لي. أتيت
في مراتٍ سابقة كضيف، لكن هذه المرة مختلفة جدا. فهي من قلب المهرجان وبقيت
داخل قصره أكثر من خارجه.
·
يمكن القول إن اسمك دخل تاريخ السينما السعودية من بابه
الواسع. لأن الأجيال المقبلة ستقول عنك أنك أول من نقلتها للعالمية؟
أنا دائما أحب أن أصنع سينما للتاريخ. يعني أفلام تبقى…وهذا
تعلمته من أفلام ستانلي كوبريك…وفيلم "نورة" قص الشريط أمام أفلام سعودية
أخرى في المستقبل.
·
لماذا "نورة"؟
هو قصة محلية وبسيطة لكنه أنجز بطريقة عالمية. مناسب
للسينما العالمية. فحكاية القصص على الشاشة الكبرى تحتاج إلى صناعة
المشاعر. مع التكنولوجيا الحديثة من السهل أن تخرج فيلما، لكن من الصعب أن
تصنع فيلما تشعر به.
·
هل استهدفت العالمية باختيارك لقصة "نورة"؟
نعم استهدفت العالمية. من البداية عندما وضعت الرؤية الفنية
والإخراجية، كنت أهدف منذ البداية أن يكون الفيلم بمستوى دولي، وكانت هناك
مجموعة من الصعوبات. كما تعلم أن الصناعة السينمائية في السعودية حديثة.
الثقافة السينمائية موجودة لكن صناعة الأفلام حديثة كما هو موجود على
الصعيد العالمي بصناعة أفلام روائية طويلة.…عملت على أن تكون مشاهد الفيلم
بأبعاد عالمية، عندما تشاهده يصعب أن تعرف جنسيته، ويتحدث لغة سينمائية
عالمية.
·
هل كنت تتوقع هذا النجاح الذي حققه الفيلم؟
حقيقة لا أتوقع النجاح ولا أبحث عنه. بالنسبة لي النجاح هو
طريق. بالنسبة لي أضع أهدافا وأبحث عن هذه الأهداف. كانت أهمها أن أحكي قصة
للعالم. ومهرجان كان أفضل مكان لأحكيها.
·
أثار الفيلم عددا من القضايا التي كان الخوض فيها بالسعودية
إلى عهد قريب ممنوعا. هل المراد من ذلك القول للعالم إن سعودية الأمس ليست
هي بسعودية اليوم والسخرية سينمائيا من ماض قريب للبلاد؟
أولا أنا لا أومن بأن السينما تحمل رسائل. السينما مثل
الأدب، مثل الرواية، مثل الموسيقى…هي تحكي قصة فقط. وكل واحد يمكن أن يفهم
الفيلم على طريقته بسبب علاقته الخاصة بالفيلم. الفن موجود بداخل كل سعودي
وما قمت به هو أني أخرجت هذا الفن ووضعته على الشاشة.
·
مع الإصلاحات التي شهدتها السعودية هل الحديث في الممنوعات
اجتماعية كانت أو سياسية والاشتغال سينمائياً عليها أصبح ممكنا بالنسبة
للمخرج السعودي؟
بكل تأكيد. أنا دائما أقول إني محظوظ. أي مخرج في العالم
يرى أن بلاده تدعمه من الناحية الإبداعية وتحقق طموحاته سيكون سعيدا. هذا
شيء رائع وأنا فخور به جدا. فالشعب السعودي، قيوده وأفكار مبنية من علاقته
مع عائلته، ولا أحد يملي عليه. فهو لديه الخطوط الحمراء الداخلية التي
يتعامل وفقها مع أبيه مع أمه، تربى على طريقة فهم كيف يعبر بشكل رائع
وبحرية.
·
هل أنت مطمئن لمستقبل السينما السعودية؟
طبعا، أنا مطمئن حتى مشاركتنا في مهرجان كان. لأنه عندما
يكون شخص في الداخل يختلف عما يراه الشخص الذي يكون في الخارج. وأنا في
داخل السعودية أرى الدعم الرائع للسينما، أرى الاستوديوهات التي بدأت تفتح
في المملكة، أرى السينما في تطور. كل شهر شهرين نرى الكثير من الأخبار
الإيجابية. أرى أن السينما في السعودية ستكون في السنوات المقبلة رائدة في
صناعة الأفلام بالشرق الأوسط.
هل المنطقة محتاجة لتعاون عربي عربي سينمائيا لتطوير الفن
السابع بها أكثر؟
التعاون العربي العربي ضروري. وصندوق البحر الأحمر دعم
أفلاما عربية وحتى أفلاما أفريقية وأجنبية. وشخصيا مع جميع أشكال التعاون
سواء كان عربيا عربيا أو عربيا أجنبيا. فالسينما قائمة على التنوع.
·
ما هي مشاريعك السينمائية المقبلة؟
أنا كشخص لا أحب التحدث عن مشاريعي (يبتسم). عندما أتحدث
ألتزم. الآن أركز مجهودي على مهرجان كان وبعد ذلك سأذهب حيثما يأخذني
المشوار السينمائي
·
هل بالإمكان يوما أن نرى في المنطقة مهرجانا سينمائيا يضاهي
المهرجانات الكبرى في العالم كمهرجان كان؟
مهرجان البحر الأحمر في دورته الأخيرة كان بمستوى عال جدا.
وهو الآن بصدد التطور، وهو لايزال في دورته الخامسة، مهرجان كان في نسخته
77، أعتقد في السنوات المقبلة يمكن أن يضاهي مهرجان البحر الأحمر أكبر
المهرجانات العالمية. ونحن في الشرق الأوسط محتاجين لمثل هذه المهرجانات
بحسب france24.com. |