تُمنح السعفة الذهبية الفخرية 14 مايو الجاري
..
ميريل ستريب .. «أسطورة هوليوود» ومعجزة الأوسكار
لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»
علقت النجمة الأميركية ميريل ستريب على منحها جائزة السعفة
الذهبية الفخرية لمهرجان كان السينمائى الدولى، وتكريمها ليلة الافتتاح 14
مايو بقاعة مسرح «جراند لوميير» وكونها ضيف شرف دورته لـ77، قائلة :
«يشرفنى للغاية أننى سأحصل على هذه الجائزة المرموقة.. فالفوز بجائزة فى
مهرجان كان، بالنسبة للفنانين حول العالم يمثل دائما أعلى إنجاز وتميز فى
فن صناعة الأفلام، والوقوف فى نفس المكان الذى وقف فيه أولئك النجوم العظام
الذين تم تكريمهم سابقا هو أمر مثير للتواضع والإثارة، لا أستطيع الانتظار
حتى آتى إلى فرنسا لأشكر الجميع شخصيًا»..
ويعد هذا التكريم الفخرى عودة للنجمة ميريل ستريب إلى
مهرجان «كان» بعد 35 عاماً، إذ تعود مشاركتها الأخيرة فى المهرجان إلى عام
1989 مع عرض فيلمها «ملائكة الشر» للمخرج فريد شبيسى، الفائزة عنه بجائزة
أفضل ممثلة عن تجسيدها شخصية ميراندا بريستلى.
وقالا إيريس نوبلوخ رئيس المهرجان، وتيرى فريمو المندوب
العام: «لدينا جميعًا شىء ما من ميريل ستريب فى داخلنا.. من تأثرنا بأفلام
مثل «كرامر ضد كرامر»، أو«الخروج من إفريقيا»، أو «على الطريق إلى
ماديسون»، أو حتى «ماما ميا»، نظرًا لأنها عاشت ما يقرب من 50 عامًا من
السينما، وسكنت عددًا لا يحصى من الروائع، فإن ميريل ستريب جزء من خيالنا
الجماعى، ومن ولعنا المشترك بالسينما».
الأرقام لا تصنع المعجزات، وإنما تجسدها فقط، حيث تعد نجمة
هوليوود المعروفة «ميريل ستريب» (74 عاماً)، أعظم ممثلة أمريكية على قيد
الحياة، وأكثرهن ثقافة ومؤهلات، كما أنها تجاوزت كل زميلاتها في الماضي
والحاضر للترشح لعدد الجوائز أو تلك التي حصدتها عن أدائها الرائع وحضورها
القوي على الشاشة والمسرح، وتقمصها أدواراً نسائية معقدة.
وتأتي مناسبة حصولها على السعفة الذهبية، لكي نتعرف على
ستريب أكثر ونعرف سر تألقها الدائم، ونجول في بعض أرقامها المتميزة.
تعد «ميريل ستريب» الأكثر ترشيحاً في تاريخ جوائز الأوسكار
بـ 21 ترشيحاً، منها 17 ترشيحا لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، وأربع ترشيحات
لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة. وكان أول ترشيح لها للجائزة في عام
1979 عن دورها في فيلم صائد الغزلان.
وسبق أن نالت نجمة هوليوود ميريل ستريب جائزة الأوسكار ثلاث
مرات عن أدوارها في أفلام «كرامر مقابل كرامر» (1979) و«اختيار صوفي»
(1982) و«المرأة الحديدية» (2012)، وكان آخر ترشيح لها للفوز بالأوسكار عام
2014 عن فيلم «أغسطس : مقاطعة أوساج»، وعام 2015 عن فيلم في «الغابة، وعام
2016 عن فيلم
«فلورنس
فوستر جينكينز».
وستريب، واحدة من أقوى الممثلات الموجودات حاليا في العالم،
وليس في الولايات المتحدة فقط، وتعرف بقدرتها الكبيرة على إتقان عدد من
اللغات، وهو ما تبرره بأن مساعديها يعاونونها في ذلك. وإلى جانب ترشيحها 21
مرة للأوسكار، رُشحت لـ 32 جائزة غولدن غلوب، أكثر من أي شخص آخر، وفازت
بثمانية
وتمتاز «ستريب» بقدرة رائعة على التلون بين الشخصيات، فقدمت
الكوميديا والاستعراض في «ماما ميا»، كما تستطيع تقمص الشخصيات الحقيقية
مثل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، وهو ما تحدثت عنه في
تصريح لها مع برنامج «إن سايد»: “يبدو أنني أفلت من قاعدة حبس الممثلات في
لون محدد، فلا تسألوني مثل هذا السؤال واتركوني حرة على الأقل في تنويع
أدواري السينمائية، بما أنني لست حرة في الانتقال على مزاجي بين السينما
والمسرح، صحيح أن الدور الذي أطلقني حقيقة هو من النوع الدرامي في فيلم
«كرامر ضد كرامر»، لكنني اتجهت بسرعة نحو الكوميديا من خلال فيلم
«مانهاتان»، ثم المغامرات الرومانسية الكبيرة في كل من «عشيقة الملازم
الفرنسي» و«جسور ماديسون كاوتي»، فهل يعتبرني جمهوري فنانة متقلبة؟ هذا ما
لا أعرفه أبدا”.
وتبقى أدوارها التي تنتقيها، وتبرع في تقديمها، علامة فارقة
عبر تاريخ سينمائي طويل يستحق الرصد، فقد حققت ميريل ستريب نجاحاً كبيراً
وأشاد بها النقاد عن دورها في فيلم
«The Deer Hunter» “صائد
الغزلان” عام 1978 حيث رُشحت لجائزة الأوسكار للمرة الأولى كأفضل ممثلة
مساعدة عن هذا الفيلم، ولكنها حازت الجائزة من ثاني ترشيح عام 1979عن دورها
الرائع في فيلم «كرامر مقابل كرامر أو
Kramer vs Kramer»،
بعدما قدمت دور الأم الشابة التي تتنازع على حضانة ابنها الوحيد مع زوجها
وقام بدوره النجم داستين هوفمان.
ولم تنتظر ميريل كثيراً في رحلتها السينمائية لتحصل على
مقعدها ضمن المرشحات للأوسكار، ففي عام 1981 كانت على موعد مع «الآنسة
مأساة» أو سارة بطلة أحداث «امرأة الملازم الفرنسي ـ
The French Lieutenant’s Woman»،
الفيلم المقتبس عن الرواية الشهيرة للكاتب جون فوليس، إلا أن الممثلة
الكبيرة «كاترين هيبورن» خطفت الجائزة منها عن دورها في فيلم «فوق البحيرة
الذهبية». ولكن يبقى لهذا الدور رقم غير مسبوق في عالم السينما فقد حصلت
ميريل على أول مليون دولار كأجر.
هل يمكنك ان تختاري من بين ابنيك من ينجو ومن يذهب للمحرقة؟
هذا هو «اختيار صوفي أو
Sophie’s Choice»
الذي منح ميريل ستريب جائزة الأوسكار عام 1983.
وفي العام التالي مباشرة كانت على القوائم نفسها بعد
بطولتها فيلم «سيلك وود
Silk wood»،
وقدمت فيه قصة واقعية لسيدة اسمها كارين سيلك وود، وهي مهندسة تقنية لدى
محطة نووية وناشطة في اتحاد العمال تحتج على مستوى السلامة في المفاعلات
النووية، وتثور ضد النظام الذي يستهتر بصحة العمال، وتموت في حادث سير
غامض، ولكنها خسرت الجائزة أمام المعجزة شيرلي مكلاين التي فازت عن دورها
المميز في فيلم “شروط المحبة”.
وفي عام 1985 وهى على مشارف عامها الأربعين كانت ميريل على
موعد مع شخصية البارونة الدنماركية كارين بيلكسن في فيلم
«Out of Africa» “خارج
أفريقيا”، المقتبس عن مذكراتها الحقيقية أثناء تواجدها في مزرعتها بكينيا
في الفترة من 1914الى1931 وتحكى فيه قصة حيرتها بين غرامها بالصياد الذى
يعشق الحرية وعدم الارتباط والبساطة في الحياة من جهة، والزوج المشغول في
ملاحقة النساء من جهة ثانية، وقد حاز الفيلم على 7 جوائز أوسكار من بينها
أفضل فيلم لعام 1985، أفضل مخرج، سيناريو وموسيقى، كما حاز على 3 غولدن
غلوب.
وأهلت القصص الواقعية ميريل مجددا لقوائم ترشيحات الأوسكار
في العام 1988 عن فيلم «صرخة في الظلام ـ
a cry in the dark»،
حيث قدمت دور أم أسترالية تفعل المستحيل لتثبت براءتها من تهمة قتل طفلها
الوحيد، وقد نالت جائزة مهرجان كان كأفضل ممثلة عن هذا الفيلم، ولكنها خسرت
الأوسكار.
ولم تكن الكوميديا غائبة عن مسيرة أعظم ممثلة على وجه
الأرض، وأهلتها أيضا للترشح لنيل الأوسكار عن شخصية الكاتبة مادلين أشتون
في فيلم «الموت تجسد فيها ـ
Death Becomes Her»،
الذى انتج عام 1992، ومن بطولة النجم بروس ويلز، وتدور أحداث الفيلم حول
امرأتين تشتعل الغيرة بينهما منذ الصغر وتتصارع كل منهما كي تصبح أفضل من
الأخرى إلى أن تسرق إحداهما (ميريل ستريب) من الأخرى (غولدي هون) خطيبها
(بروس ويليز) وتغريه حتى تتزوج منه، ولذلك يزداد الصراع بينهما، ولكن بعد
أن يتقدم بهما العمر تحاول كل منهما أن تكون الأجمل حتى تعثر إحداهما على
دواء سحري يجعلها تعيش للأبد، ويحافظ على شبابها. وبعد ذلك تعود غولدي
لخطيبها السابق وتخطط معه لقتل ميريل ولكنهما يقتلانها وهي لا تموت!.
أجمل قصص الحب قدمتها ميريل عام 1996 في شخصية فرانشيسكا
السيدة الإيطالية التي تقع في غرام خاطف مع مصور صحافي عابر سبيل، في فيلم
الدراما الرومانسية
«The Bridges of Madison County
أو جسور مقاطعة ماديسون»، وهو مأخوذ من رواية تحت نفس الاسم للكاتب روبرت
جيمس ولر، وقد رُشحت لجائزة الأوسكار أفضل ممثلة.
أما فيلم
«The Manchurian Candidate
أو المرشح المنغولي»، والذي جمع ميريل ستريب ودينزل واشنطون عام 2004
فقادهما معا للترشح للأوسكار، وقدمت فيه شخصية السيناتور إيلينور برينتس شو
التي تعد لترشيح ابنها لمنصب نائب الرئيس مستخدمة كل الأكاذيب والحيل لصنع
بطولات عسكرية وسياسية له.
وفي عام 2006 ومن كواليس عالم الموضة تخرج ميرندا بريستلي
أقوى امرأة في مجال الأزياء والموضة، الشخصية القاسية المقتبسة عن القصة
الحقيقية لرئيسة تحرير مجلة فوغ آنا وينتور، لتدفع ميريل لقوائم الأوسكار
عن فيلم «الشيطان يرتدي برادا
The Devil Wears Prada»،
ولكنها هذا العام تكتفي بجائزة الغولدن غلوب كأفضل ممثلة دور رئيسي عن
الفيلم نفسه.
وفي العام التالي مباشرة تغير ميريل ستريب من جلدها في فيلم
«أسود في مواجهة الحملان ـ
Lambs for Lions»،
لتقدم دور صحافية مجتهدة ترافق الرئيس الأميركي في جولاته، وتبحث عن أسباب
الحرب على أفغانستان، وعلاقته بالنفط وترشحت كالعادة ولكنها خرجت من حفل
الأوسكار خالية الوفاض.
وجذبت أفلام الموسيقى هي الأخرى ميريل ستريب التي تألقت
وحازت كالعادة على ترشيح للأوسكار عام 2008 عن فيلمها
«Mamma Mia»
المقتبس عن قصة رومانسية كوميدية للكاتبة البريطانية كاثرين جونسون، تدور
أحداثها حول امرأة اسمها دونا قضت ريعان شبابها تخرج من كل تجربة حب فاشلة
أكثر رغبة في استخدام جسدها في الحب، وبعد شهر صاخب من العلاقات العابرة
تصبح حاملاً، وتنجب فتاة اسمها صوفي لا تعرف عن أبيها شيئاً وعندما تكبر
الفتاة وتقرر أن تتزوج باكراً تتذكر أنها بحاجة لمعرفة أبيها ولقائه، فتفتح
مذكرات أمها السرية وتدعو كل من عاشرتهم الأم لحضور زواجها، لعل أحدهم يكون
الأوفر حظاً في حملها إلى مذبح الزواج، المشكلة هنا أنهم أو الفتاة أو الأم
لا يعرفون من هو الأب المتوج لهذه الفتاة اليافعة فعلاً، والمفارقة أن
ميريل هي من طلبت القيام بدور الأم، وكانت المرشحة الأولى النجمة نيكول
كيدمان.
وفي العام نفسه كانت ميريل مرشحة للجائزة نفسها، عن دور
بوفير الراهبة القاسية في فيلم «الشك ـ
Doubt»،
المقتبس عن نص مسرحي يحمل نفس الاسم للمؤلف والمخرج الأيريكي جون باتريك
شانلي.
وعام 2010 قادت شخصية السيدة جوليا تشايلد زوجة الدبلوماسي
الأميركي في باريس، التي تحولت الى طباخة فرنسية ماهرة ميريل ستريب لقوائم
الترشيحات عن فيلمها الكوميدي أيضا«Julie
and Julia»،
والفيلم مقتبس عن قصة مدونة حقيقية اسمها جولى استعارت وصفات السيدة جوليا،
وقد ذهبت الجائزة وقتها للنجمة ساندرا بولوك عن فيلمها «الجانب الآخر
The Blind Side».
ثم استطاعت عام 2012 ببراعة منقطعة تجسيد الحياة الشخصية
والمهنية المركبة لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، في
«المرأة الحديدية ـ
The Iron Lady»
كان نهاية طابور انتظارها الطويل في موقف الترشيحات، فعن هذا الدور حصدت
جائزتها الثالثة والثانية كأفضل ممثلة دور رئيسي.
وفي عام 2014، رشحت عن فيلم «أغسطس: مقاطعة أوساج»، والتي
قدمت خلاله دور السيدة الأرملة فايلوت المصابة بسرطان الفم ومع هذا تدمن
التدخين والمهدئات، الحريصة على تصفية حساباتها مع بناتها الثلاث وتخشى على
حفيدتها من أي مكروه، العنصرية حتى النخاع والمحبة أيضاً لخادمتها السمراء.
وهكذا حققت نجمة هوليوود الشهيرة ميريل ستريب، رقماً
قياسياً فى عدد الترشيحات لنيل جائزة الأوسكار والتى تعد أهم جائزة فنية فى
العالم، حيث اعتبر الكثيرون من المعنيين بالسينما بأنها إيقونة الأوسكار
الرئيسية، حيث حصلت على تسعة أضعاف الترشيحات لأهم نجوم العالم مثل كاثرين
هيبورن وجاك نيكولسون. |