الهجرة غير الشرعية تعيد السينما المصرية للمشاركة في
الأوسكار
أحمد جمال
قرار التوقف عن الترشيح العام الماضي دق الجرس للنظر في
مشكلات السينما.
بعد امتناع اللجنة التابعة لوزارة الثقافة المصرية عن ترشيح
أفلام لجوائز الأوسكار العام الماضي، يبدو أن منتجي السينما أدركوا تدني
مستوى الأفلام، فسارع البعض منهم لتدارك الأمر بطرح أعمال جدية منها فيلم
“ڤوي! ڤوي! ڤوي”، الذي رشحته اللجنة لجوائز الأوسكار للعام المقبل، بعد أن
رأت فيه جدية في الطرح وتكاملا بين أغلب عناصره.
القاهرة
- عادت
السينما المصرية للمشاركة في قطاع المنافسة على أفضل فيلم أجنبي في سباق
مهرجان أوسكار بعد أن غابت العام الماضي بسبب تراجع جودة الأفلام المعروضة،
وجذبت قصة حول استغلال المكفوفين للهجرة غير الشرعية، نقابة المهن
السينمائية للاتفاق على ترشحيه العام الجاري، بما يوحي بتحسن جودة الأفلام
في دور العرض هذا العام.
وأعلنت لجنة اختيار الفيلم المرشح لتمثيل مصر في أوسكار
ترشيحها فيلم “قوي! قوي! قوي” للمشاركة في الدورة المقبلة المقرر انعقادها
في مارس المقبل، ويعبر اسم الفيلم عن مصطلح إسباني يستخدم في رياضة كرة
الجرس للمكفوفين التي تم توظيفها في سياق مشوق ضمن أحداث عمل يناقش أيضا
قضية الهجرة غير النظامية، وحجم الاستغلال الذي يتعرض له المكفوفون في مصر.
وتدور قصة الفيلم حول “حسن” حارس الأمن الذي يعيش حياة
فقيرة مع والدته، ويحلم بالفرار إلى خارج البلاد، وبدهاء يجد الفرصة حين
يُعلن عن تشكيل فريق كرة قدم للمكفوفين ينافس في بطولة كأس العالم المقامة
في بولندا، ويتفق “حسن” مع مجموعة من الشباب اليائسين ويذهبون إلى أبعد
الحدود لتحقيق هذا الحلم.
سمير الجمل: الفيلم
جيد بقصة غير مستهلكة ويغلب عليها الطابع المصري
يلتقي البطل خلال هذه الرحلة العديد من الشخصيات، منها
صحافية شابة وجذابة تهتم بالكتابة عن الفريق وعلى وجه الخصوص عن “حسن”،
ومدرب في منتصف العمر يبحث عن فرصة، إلى جانب صديقيه اللذين يشاركانه في
الذهاب لتحقيق حلمه ويكونوا مع الفريق على أمل أن يوفر هذا تذكرتهم للحياة
والمزيد من الفرص.
استوحى مؤلف الفيلم ومخرجه الشاب عمر هلال فكرته من أحداث
حقيقية وقعت في مصر خلال العام 2013، والفيلم من بطولة محمد فراج ونيللي
كريم وبسنت شوقي وبيومي فؤاد وطه دسوقي وأمجد الحجار وحنان يوسف وحجاج
عبدالعظيم.
ووجد الفيلم المصري فرصة للترشح إلى الأوسكار بعد أن اختار
قضية تستغرق في المحلية التي تشكل عاملا مهمًا في الترشيح لجوائز المسابقة
العالمية، إذ أن ما حدث في قضية الهجرة غير الشرعية للخارج عن فريق لكرة
الجرس من المكفوفين يتماشى مع حجم الفساد الذي تشهده المنظومة الرياضية،
وتوظيف ذلك عبر تقديم أحداث أشبه بالكوميديا السوداء إلى جانب عوامل الصوت
والصورة والإخراج المتطورة ما تجعله مؤهلاً للمنافسة في مسابقة الأفلام
الأجنبية.
ويعد تسليط الضوء على قضية الهجرة غير الشرعية التي تأخذ
اهتماما عالميًا حاليا مع صعوبات اقتصادية تواجهها الكثير من الدول النامية
وسيلة يمكن أن تسلط الضوء على الفيلم وقد يحظى بقدر من الموضوعية المطلوبة،
ومثل هذه الأفلام دائما ما يتم التعامل معها على أنها تُعبر عما يدور داخل
المجتمعات الفقيرة.
وقالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي، عضو لجنة اختيار الفيلم
المرشح لتمثيل مصر في سباق الأوسكار، إن عوامل اختياره لا تركز على القصة،
فمن المهم أن تتوافر جودة عالية في مكوّناته، وأن المعالجة الفنية
والسيناريو والحوار والإخراج هي أساس تقييم العمل، مؤكدة أن الفيلم الذي
وقع عليه الاختيار هو الأكثر اكتمالاً في هذه العناصر.
فايزة الهنداوي: الفيلم
المرشح هو الأكثر اكتمالا من حيث المكونات
وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن أعضاء اللجنة توافقوا على
اختيار “ڤوي! ڤوي! ڤوي” ولم يكن هناك تردد في اختيار أفلام أخرى تمت
المقارنة بينها، وفكرة وجود فيلم سينمائي واقعي وصادق تظهر فيه خصائص
الحالة المصرية والتطورات التقنية في الصورة، ذلك أن الصورة من جانب المخرج
عمر هلال هي التي دفعت لاختياره.
ونافس فيلم “ڤوي! ڤوي! ڤوي” قائمة قصيرة من الأفلام ضمت “وش
في وش” من إخراج وليد الحلفاوي، و”19 ب” إخراج أحمد السيد عبدالله، و”الباب
الأخضر” إخراج رؤوف عبدالعزيز، و”بيت الروبي” إخراج بيتر ميمي، بخلاف العام
الماضي الذي قررت فيه لجنة اختيار فيلم للأوسكار عدم صلاحية جميع الأفلام
المصرية المنتجة للمنافسة.
وأوضحت الهنداوي في تصريحها لـ”العرب” أن اللجنة لم يكن
هدفها هذا العام عدم ترشيح أفلام مصرية للمسابقة، وقرارها العام الماضي كان
جرس إنذار للجهات الرسمية والقائمين على قطاع السينما في مصر بأن هناك
مشكلات كبيرة تواجهه، ما يدفع للتحرك لتحسين جودة الأعمال المقدمة، وهو ما
تحقق هذا العام، سواء أكان نتيجة لقرار العام الماضي أو رغبة من القائمين
على مجال الإنتاج السينمائي تقديم أفلام جيدة.
وليس لدى الناقدة الفنية تصورات حول ما إذا كان الفيلم
المصري المرشح هذا العام سوف يتمكن من المنافسة وكسر القاعدة السابقة التي
لم تحقق فيها الأفلام المصرية الطويلة نجاحات تذكر في مسابقة الأوسكار.
واعتبرت أن التعرف على جميع الأفلام الأجنبية المرشحة يمكن
من خلالها توقع مستقبل الفيلم المصري في المسابقة، كما أن رؤى اللجان
تختلف، وقد يكون هناك إجماع على منافسة أيّ من الأفلام من دون أن يتحقق
ذلك، والعكس صحيح.
ومن المنتظر أن تعلن أكاديمية فنون وعلوم السينما الأميركية
القائمة الأولية للأفلام المتنافسة على الجائزة في ديسمبر المقبل، قبل
إعلان القائمة القصيرة في يناير، ويقام حفل الأوسكار في العاشر من مارس
القادم في مدينة لوس أنجلس.
الفيلم المصري وجد فرصة للترشح إلى الأوسكار بعد أن اختار
قضية تستغرق في المحلية التي تشكل عاملا مهما في الترشيح
ومنذ انطلاق جائزة الأوسكار عام 1947، ترشح عن مصر نحو 35
فيلما، وكانت البداية مع فيلم “باب الحديد” للمخرج الراحل يوسف شاهين، وهو
أول فيلم أفريقي وعربي ينافس على الجائزة، وتم إرسال ثلاثة أفلام أخرى لنفس
المخرج في سنوات مختلفة، وهي “إسكندرية.. ليه”، و”إسكندرية كمان وكمان”،
و”المصير”.
وتراجع عدد الأفلام المصرية المشاركة في الأوسكار في الفترة
ما بين عامي 1982 و2001، حيث تم إرسال ثلاثة أفلام فقط، لكن عادت القاهرة
من جديد لإرسال الأفلام بشكل منتظم عام 2002، ولم ترسل مصر فيلما إلى
الأوسكار خلال عام 2015، بعد اختبار فيلم “بتوقيت القاهرة” للراحل نور
الشريف، وتأخر مخرج العمل عن موعد التسليم ولم يستطع اللحاق بمرحلة التقديم.
وأكد الناقد الفني سمير الجمل أن اختيار الفيلم المصري
للمشاركة في الأوسكار لا يخضع للمجاملات، ووجود عدد من الأفلام والمفاضلة
بينها يخدم السينما المصرية ويشير إلى تقدم ملحوظ على مستوى الأعمال
المقدمة هذا العام، وأن استكمال مسار التنافس يبقى غير مضمون ويخضع لوجهات
نظر مختلفة، كما أن مسألة الترشح في حد ذاتها لا تعنى أن الفيلم يستحق
الوصول إلى القائمة النهائية.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الفنان المصري محمد فراج
قدم فيلما متميزا، كما أن القصة ليست مستهلكة ويغلب عليها الطابع المصري،
ومشاركة مخرج شاب يقوم بأول تجاربه الإخراجية في السينما مؤشر آخر على أن
الفيلم يحمل عوامل تميز لما لدى المواهب الصاعدة في مجال الإخراج من قدرة
إبداعية في حاجة لتخرج إلى النور.
وأشار الجمل إلى أن ما يساعد على نجاح المخرج أنه كتب أيضا
قصة الفيلم برؤية بصرية، ساعده في ذلك وجود فنان مثل محمد فراج يمكن تشبيه
بـ”الصلصال” الذي يسهل تشكيله وفقا لرؤية المخرج، وأن الفيلم تغلب على
عقبات الكتابة والتأليف التي تعد من أبرز مشكلات السينما والدراما في مصر.
وبدأ عرض الفيلم في دور السينما المصرية في الثالث عشر من
سبتمبر الجاري، وحقق إيرادات بلغت 4 ملايين جنيه (129.4 ألف دولار) في
الأيام الستة الأولى للعرض.
صحافي مصري |