تعرف على | 4 كتب تروي قصة السينما السعودية
جدة ـ «سينماتوغراف»
قبل نحو خمس سنوات، كُتبت ولادة جديدة للسينما السعودية
الحديثة، فقد شهد يوم 18 إبريل تدشين وزير الثقافة والإعلام حينها الدكتور
عوّاد بن صالح العوّاد أول صالة سينما تجارية في المملكة.
ويُعد هذا القرار نقطة تحول مهمة في تاريخ المملكة؛ إذ يفتح
الباب لعودة قوية للسينما إلى المشهد الثقافي السعودي، كما يفتح آفاقًا
رحبة تنعكس آثارها الإيجابية بعيدة المدى على الاقتصاد وغيره من مناحي
الحياة في المملكة.
تكامل المشهد مع انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي
الدولي في مارس 2020 كأول مهرجان سينمائي دولي في المملكة، في دورته
الأولى، فيما انهى المهرجان دورته الثالثة 9 ديسمبر الجاري، نستعرض أربعة
كتب تروي قصة السينما في السعودية.
نبدأ بكتاب "سينمائيات سعودية: قراءات في أفلام مختارة"
للناقد خالد ربيع السيد، وقد صدر عن جمعية الثقافة والفنون بالدمام، ضمن
الكتب الصادرة عن مهرجان أفلام السعودية في دورته الخامسة التي أقيمت في
عام 2019.
ويشمل قراءات شمولية وسردية تاريخية للحراك السينمائي في
السعودية، إذ يضم الكتاب المقالة التي كتبها الناقد والمخرج الأستاذ "فهد
الأسطاء"، ونشرها في مجلة المجلة في شهر مايو من عام 2013. وتعد هذه
المقالة قراءة مفصلة لتاريخ السينما في المملكة، وللأفلام السينمائية
السعودية التي كان لها حضور مشرف سواء في المهرجانات العربية والدولية.
فقد استعرض الكتاب ما ذكره الناقد والمؤرخ السينمائي
الفرنسي الشهير "جورج سادول" في كتابه المهم "تاريخ السينما في العالم"،
الذي قال فيه إن المملكة عام 1965 كانت فيها دور عرض سينمائي داخل المجمعات
السكنية للموظفين الغربيين من موظفي شركة أرامكو التي تعرض أحدث الأفلام
السينمائية وقتها. ويذكر الكتاب افتتاح الملك فيصل عام 1966م التلفزيون
حينها، بالإضافة لاتفاقات جارية مع شركات أمريكية لبناء شبكة من دور
السينما يرتادها السكان العرب، كما أشار أيضًا إلى شراء الملك فيصل نفسه
-حين إقامته في لندن- نسختين من فيلم «لورنس العرب» التحفة السينمائية
الشهيرة لـ"ديفيد لين"، والحائز أوسكار أفضل فيلم عام 1962.
وما حدث فيما بعد هو أن الصالات السينمائية افتتحت خلال
سبعينيات القرن الماضي عبر الأندية الرياضية على وجه التحديد للرجال فقط،
وفي بعض السفارات الأجنبية والبيوتات الشهيرة خاصة في جدة والطائف.
ويسرد التاريخ السينمائي للمملكة من حيث الأفلام وأماكن
العرض، فقد كانت الأفلام تعرض قبل نحو خمسين عامًا في مدن المملكة،
والأحواش، ومجالس البيوت والأسطح، لتعرض الأفلام في دور عرض سينمائية خاصة
مجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا العالمية.
الكتاب الثاني، (كما الماء.. تأملات في السينما السعودية)،
للدكتور محمد البشير، الباحث والناقد، وكاتب السيناريو، وقد صدر الكتاب ضمن
إصدارات مهرجان أفلام السعودية.
ويعد الكتاب ضمن مشروع كتابات وتأملات عن السينما السعودية
والانطباعات وردود الأفعال حول مشاهدة الأفلام، لتتشكل تلك الانطباعات عن
الأفلام على سطح الماء.
ويشرح الكتاب كيف أن المسافة كانت منذ عام 2006 تقترب بهون
عامًا بعد عام لتشهد المملكة حراكًا سينمائيًّا، فقد حصد فيلم "السينما 500
كلم" جائزة النخلة الذهبية عن فئة الأفلام التسجيلية في النسخة الأولى من
مسابقة أفلام السعودية عام 2008، لتكون المسابقة رابطة لتلاقي المهتمين
بالسينما من السعوديين على أرض الحقيقة بعد أن جمعهم الفضاء الإلكتروني
قبلها.
حتى بدأ جيل شاب يقلص المسافة أكثر، ويزيد سواد المهتمين
بعقول شابة من بنين وبنات، مقدمين من حيواتهم ما يمكن أن يُروى بعدساتهم.
لذلك عمل هؤلاء الشباب على الحديث بلسانهم، وعرض قصصهم
الواقعية بأعينهم وعدساتهم، أرادوا أن ينخرطوا بشكل فاعل في المجتمع، لم
يكتفوا بأن يكونوا فقط متلقين، فعصر الصورة لا يأذن أبدًا بالعودة للخلف،
ولا يتيح الحديث بالحروف حين يكون للصور أفواه أبلغ وأفصح وأجدر بكل أذن أن
تصغي إليها، لأن السينما في هذا العصر، هي الأقدر على توثيق كل الحوادث
بأدوات أكثر تبليغًا، وأن كل ما جاء من منجزات سينمائية شبابية هي وثائق
تاريخية للزمن.
يؤكد الناقد السينمائي المصري عصام زكريا في كتابه (السينما
السعودية قراءة نقدية تاريخية)، أن السينما السعودية تشهد حاليًّا ذروة
انتعاش واعدة، تتوافر الآن معظم المقومات التي تقوم عليها صناعة السينما:
المواهب، والتعليم والتدريب، والدعم الحكومي الكبير ماديًّا ومعنويًّا،
ودور العرض السينمائي التي تشهد نموًّا متسارعًا، ومواقع التصوير الجيدة،
وجمهور واعٍ متعطش لارتياد دور العرض السينمائي.
يأتي ذلك بعد أن حققت السينما السعودية خلال سنوات قليلة ما
تحققه سينمات أخرى في عشرات السنوات. فعلى عكس معظم دول العالم، كانت
المملكة حتى قبل شهر أبريل من 2018 لديها صناع أفلام، وجمهور، ولكن لا توجد
بها دور للعرض السينمائي. ويشير الكتاب إلى أنه لو رجعنا إلى الماضي أكثر
لعرفنا أن السينما كانت موجودة في المملكة منذ ثلاثينيات القرن الفائت.
ويشرح الكتاب كيف أن السعوديين لم يكونوا منقطعين عن
الوسائط البصرية أو الأفلام كما يظن البعض، بل هم من أكثر الشعوب استخدامًا
للوسائط الإعلامية.
وقد شهد العقدان الماضيان صناعة أفلام قصيرة ووثائقية،
وحركة سينمائية عرضت عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث عرضت
أعمال سعودية من خلال مسلسلات الإنترنت التي تعرف باسم
webisode.
ويستعرض رحلة السينما السعودية، وصولًا للأفلام التي تشهد
صعودًا تدريجيًّا في المملكة منها أفلام البحث عن الجذور والهوية مثل فيلمي
"الطريق" و"الرحلة".
ويتناول كتاب (من مكة إلى كان - سينما عبد الله المحيسن)،
للناقد اللبناني إبراهيم العريس سيرة الرائد السينمائي عبد الله المحيسن،
الذي أخرج أول فيلم سعودي عن تطوير مدينة الرياض، وشارك به في مهرجان
الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1976م. ثم قدم عام 1977 فيلمًا
سينمائيًّا أكثر أهمية وحسًّا فنيًّا وهو الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوان
"اغتيال مدينة" في عرض درامي حول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي
ألحقته هذه الحرب بمدينة بيروت الجميلة.
ويؤكد الكتاب أن سينما عبد الله المحيسن لا تنفصل عن سيرة
السينما في المملكة، وذلك كما نعرف، حال كل الرواد الذين يؤرَّخ لهم لحظة
مفصلية في تاريخهم الخاص وتاريخ السينما في بلادهم.
لهذا يمكننا أن نقرأ هذا في لحظة السينما السعودية الراهنة
والمفعمة بالوعود والآمال، والمضامين الفكرية والثقافية التي عمل المحيسن
على ترجمتها في مجموعة الأعمال السينمائية طيلة الفترة الماضية، وصولاً
للنهضة التي تُدهش العالم حاليًّا. |