المخرجة جيهان البحار لـ"سيدتي":
فيلمي "على الهامش" كوميديا سوداء من قلب الواقع
سيدتي - سميرة مغداد
محمد بلميلود
عرضت المخرجة المغربية جيهان البحار فيلمها الجديد "على
الهامش" ضمن بانوراما الأفلام المغربية في مهرجان الفيلم الدولي بمراكش،
وهو العمل الروائي الطويل الثاني للمخرجة بعد فيلمها الأول "بلاد العجائب"،
حاز مؤخراً على جائزة أفضل فيلم أجنبي في مهرجان سوهو بنيويورك.
لجيهان عدد من الأفلام التلفزيونية
والوثائقية التي جعلت منها أحد أهم المخرجات المغربيات، تكتب وتخرج أفلاماً
بهاجس فني يتناول قضايا المجتمع المغربي.
التقيناها في مراكش وكان لنا حوار عن فيلمها الجديد الذي
يقدم ثلاث حالات لحب صعب.
كوميديا ودراما
كيف حاولت المزج بين الكوميديا والدراما حيث تطرقت لموضوع
صعب وحساس وهو الإتجار في الأعضاء البشرية بمقاربة كوميدية، كنا أمام فيلم
قد لا نستطيع تصنيفه هل هو كوميدي أم درامي يحيل على سينما المؤلف؟
في الحقيقة أن هذا المزج أخافني أنا أيضاً في البداية، هو
عمل بين الكوميديا والدراما،
في فيلمي الأول "بلاد العجائب" استعملت مساحة أكبر في الكوميديا بسبب طبيعة
الموضوع.
هذا الفيلم أستطيع أن أقول عنه إنه كوميديا سوداء، رغم روح
الدعابة والمرح، ترى العنف، كان هذا هو رهاننا معا أنا والسيناريست نادية
كمالي مروازي التي كتبت معي السيناريو.
يعني استلهام الواقع ومنح الفيلم مظهراً درامياً ثقيلاً
جداً، لكن في الكتابة حينما كنا نشعر أننا نحتاج متنفساً للأحداث نعطي نكهة
المرح للتخفيف من حدة المواقف، هناك بطبيعة الحال أفلام محمولة بقصة ثقيلة
من بدايتها الى نهايتها، لكننا أردنا أن نمنح قليلاً من الفسحة لتجاوز
قتامة الموضوع كان هذا اختيارنا.
أين يمكن تصنيف فيلمك إذن؟
هو في تقديري كوميديا سوداء ودراما في نفس الوقت.
شيء آخر غامض ربما هو ذاك التقسيم أو الفقرات التي كانت
تقطع الأحداث بمقاطع شعرية راقية عن الحب بينما تعالجين علاقات حب شائكة
ومعقدة بين الأزواج الثلاثة الذين يعيشون في مجالات فقيرة ومهمشة جداً وحتى
لغتهم فقيرة.
أردت أن أحكي أن هناك فعلاً أناساً على الهامش، لكن ليس من
حقنا تجريدهم من إنسانيتهم، هم أناس مثلنا رغم كل العنف والعوز الشديد،
يمكنهم أن يعيشوا علاقات حب قوية مثل علاقة ياسر وياسمين حين ضحى ياسر
بقلبه ليزرع الحياة في قلب حبيبته المهددة بالموت.
الحب حق للجميع
لمَ لم يتم اختيار إشعار بالدارجة المغربية تنسجم مع بيئة
الحب الذي شاهدناه في الفيلم؟
هو اختيار شخصي، كما إنني أردت الانفتاح على اللغة العربية
كأداة تعبيرية، علاج القصة والحكي كان من وحي كتاب "النبي" لجبران خليل
جبران الذي أعشقه. أخذت مقاطع من كلامه عن الحب تتماشى مع أحداث الفيلم.
لمَ جاء عنوان الفيلم مخالفاً من الفرنسية إلى العربية؟
جاء هكذا صدفة، لأننا كتبنا عن ثلاثية حب أو ثلاث علاقات حب
في وضعية صعبة بسبب الفقر والهشاشة الاجتماعية، حضرني هكذا بتلقائية في
البداية، بعد ذلك جاءت فكرة عنوان "على الهامش" الذي يعبر عن علاقات حب
مضطربة غارقة في الهم وعسر الحال.
هل الاهتمام بالهامش بصفة عامة والشخصيات المظلومة
اجتماعياً تلهمك أكثر؟
شخصيا لا حدود لي في اختيارات المواضيع التي أشتغل عليها.
كل فيلم يأتي حسب الإلهام الذي يحضرني ساعة الكتابة، وفي حينه، ليس لدي
مخطط أو حدود معينة.
أنجذب فعلاً لشخصيات خاصة وليست نمطية وخارجة عن الإطار
الاجتماعي، أحب الشخصيات المختلفة التي يرفضها المجتمع، أحب التقرب من
أغوارها وتقديمها لأجل اكتشافها وتسليط الضوء عليها.
اختيار الممثلين
نجد أن نفس وجوه أفلامك تقريباً تكررت مع الفيلم الجديد
خاصة ماجدولين وعزيزداداس؟
أعرف قوة الممثلين الذين أتعامل معهم، يمنحونني الشخصية
التي أريد، هم متميزون ومشخصون بارعين، في نفس الوقت أنا منفتحة على كل
الكفاءات لكنني أثق في الممثلين الذين سبق وأن تعاملت معهم وعرفتهم.
هل تعدين فيلمك المقبل؟
هي الآن مجرد فكرة لا يمكن الإفصاح، نفكر فيها معاً أنا
وصديقتي السيناريست نادية كمالي.
النساء قويات وزوجي سندي
فيلم تطمحين له يعزز حضور المرأة أكثر؟
نشتغل معاً أنا ونادية على مواضيع مختلفة منذ خمسة وعشرين
عاماً، ونحاول ما أمكننا إخراج المرأة من الصور النمطية، وكما رأيتم في
الفيلم فالنساء قويات ولسن مستسلمات ولا يلعبن دور الضحية، المرأة قوية
ونحاول أن نتجاوز النظرة الذكورية ما أمكننا ولا نقيدها أبداً، ذلك بفسح
المجال للمرأة حتى تعبر أكثر، كما يهمني الاشتغال على وضعية الطفل وتمتيعه
بحقوقه وكل الأشخاص المختلفين.
ما هي الكلمة التي يمكنك توجيهها للنساء الراغبات في دخول
عالم الإخراج؟
ألا يترددن في تحقيق حلمهن، الإخراج ومهن السينما عامة
هي مهن جديدة قد لا يعرفها الكثيرون، وهي مهنة مفتوحة على الجميع، ولا يجب
التخوف منها هي أداة للتعبير والتواصل بشكل جيد وراقي ومتاحة لكل شغوف بها
وهي من الفنون التي تلائم المرأة للتعبير عن نفسها وقضاياها بشكل فني ولا
يوجد أمر سهل لابد من التحلي بالحب والمثابرة.
أعتقد أن دور زوجك أيضاً مهم في مسارك!
طبعا وجود زوج داعم ومتفهم مهم جداً خاصة وأني أم لطفلين،
أقولها بكل شفافية زوجي سند قوي لمسيرتي في مجال الفن والإخراج، وكل
نجاحاتي له يد فيها بكل تأكيد، المرأة لها مسؤوليات متعددة وتحتاج إلى من
يحفزها ويوفر لها أجواء مريحة للاستمرار في النجاح. |