تيلدا سوينتون من مراكش: أنا محظوظة للغاية باتجاه مسيرتي
المهنية
تحدثت "اندبندنت عربية" مع السيدة الذهبية للشاشة الفضية
وناقشت علاقاتها مع زملاء العمل والأسرة وعالم الأزياء والخيال
ليلى عامر
تعتبر الإسكتلندية تيلدا سوينتون إحدى الممثلات الأكثر
غموضاً وتحطيماً للمسلمات في السينما، وهي ضيفة معتادة في مراكش حيث ترأست
الدورة الثامنة عشرة للمهرجان عام 2019، واستلمت جائزة النجمة الذهبية من
يدي المخرج السويدي، الحائز على جوائز عدة، روبن
أوستلوند،
عن مسيرتها المهنية المتميزة التي امتدت على مدى أربعة عقود.
وفي الدورة الحالية للمهرجان
الدولي للفيلم بمراكش عام
2023، تعود سوينتون للمشاركة في جلسات نقاش بعنوان "حوار مع" مع زملائها
الممثلين والمخرجين والمنتجين مادس ميكلسن، ووليام دافو، ومات ديلون، وفيغو
مورتنسن، وبرتراند بونيلو، وأنوراغ كاشياب، وأندريه زفياغينتسيف. إنها
مناسَبة للممثلة لمناقشة خياراتها الإبداعية، كمنتجة ولكن في الغالب
كممثلة، والنابعة من العلاقات القوية التي ترعاها مع صانعي الأفلام الذين
تعمل معهم بشكل متكرر.
قصة علاقات
تيلدا سوينتون هي بالفعل جزء من "عائلات الأفلام" العديدة
والتي تعود إليها بسعادة بمجرد أن تأتي المشاريع المثيرة في طريقها.
"عائلات العمل هذه متميزة للغاية ولكنها تعمل جميعها معاً، عائلتي مع بونغ
جون-هو، مع جيم جارموش، مع ويس أندرسون أو مع جوانا هوغ، جميعهم يتعايشون،
جميعهم يعرفون بعضهم البعض ومن السهل بالنسبة لي العمل معهم"، تقول الممثلة
التي شاركت في فيلم هوغ الأخير "الابنة الأبدية" الذي عرض للمرة الأولى في
البندقية العام الماضي.
على حد تعبيرها، تعترف سوينتون بأنها محظوظة للغاية
بالطريقة التي سارت بها مسيرتها المهنية حتى الآن، وعندما سُئلت عن المخرج
الذي ندمت على عدم العمل معه، أجابت على الفور: "لحظة، إنني أقوم بمسح
ذهني!"، لكنها تجيب أنه لا يوجد مخرجون تأسفت على رفضها العمل معهم. "هناك
مخرجون لم أعمل معهم بعد، لكن كلانا يعلم أننا نريد أن يحدث ذلك. تماماً
كما حدث مع أبيتشاتبونغ (ويراسيتاكول)، كنا نعرف ونقدر بعضنا البعض لفترة
من الوقت ولكننا لم نعمل معاً أبداً. ثم تعاوننا على فيلم "ميموريا"
Memoria
وانطلقنا بالتعاون".
كما ذكرت أيضاً فيلم "صوت الإنسان"
The Human Voice
وتعاونها مع المخرج الإسباني بيدرو
ألمودوفار،
المعروف بالعمل حصرياً باللغة الإسبانية (التي لا تتحدثها الممثلة). "لقد
فوجئت جداً برغبته في التعاون معي لأنني لا أبدو مثل أي من النساء الذين
يشركهم عموماً بأفلامه! لقد شعرت بالامتنان للعمل معه حتى أنني عرضتُ أن
أكون صامتة!" لكن المخرج وقّع على أول فيلم ناطق باللغة الإنجليزية مع
سوينتون بمفردها مع كلب وفستان أحمر.
ديفيد بوي السينما - أيقونة الموضة
لكن علاقات سوينتون تتجاوز عالم السينما. وكما قال المخرج
السويدي روبن أوستلوند عندما سلم الممثلة جائزة التكريم العام الماضي في
مراكش: "إنها ديفيد بوي السينما". تشتهر تيلدا سوينتون بمظهرها الفريد
وإحساسها العميق بالأناقة، وربما تكون أفضل مناصرة للمصممين الذين يسعون
إلى التميز.
هذا العام، تعود إلى المهرجان من جديد إلى جانب رئيسة لجنة
التحكيم جيسيكا شاستين وملكة السينما الفرنسية إيزابيل هوبير، مرتدية
معطفاً أبيض كبير الحجم من تصميم هايدر أكرمان على مسرح قصر المؤتمرات
بمناسبة حفل الدورة العشرين.
"عندما أرتدي الملابس، تماماً كما هي الحال عندما أعمل مع
مخرج، ينطبق نفس المبدأ. يتعلق الأمر بالتواصل والعلاقة. لذلك أنا لا أرتدي
ملابس حقاً، بل أرتدي علاقات، عندما أرتدي شانيل يكون ذلك بسبب علاقتي ببيت
شانيل، وعندما أرتدي هايدر أكرمان، فهو أحد أصدقائي المقربين. نحن نعمل
سويةً بطريقة تجريبية للغاية، إنها طريقة جذابة للغاية وأحبها!"، تشرح
الممثلة، التي تعترف أيضاً بأنها كشخص خجول ترى بأن الخروج بهذه الهيئة هو
طريقة لإمضاء الوقت في صحبتهم.
إن قرب الممثلة من عالم الموضة هو السبب الذي جعلنا نراها
أيضاً تحضر مهرجان هييريس للأزياء في فرنسا عام 2018 على سبيل المثال،
والذي ترأسه آنذاك صديقتها أكرمان، وهو منصة انطلاق للمصممين الشباب
الطموحين الذين تكتشفهم دور الأزياء الكبرى.
"أنا لست في هوليوود، أنا على كوكب آخر"
تفتخر عملاقة السينما بنهج دائري حقيقي، حيث يعد العمل مع
صانعي الأفلام للمرة الأولى (والفنانين بشكل عام) على تطوير العمل أمراً
بالغ الأهمية. "إذا كان هناك أي شيء، فإن عملي أصبح أكثر فأكثر إثراءً
بالنسبة لي. يبلغ عمر أطفالي الآن 26 سنة (توأمها أونور وكزافييه سوينتون
بيرن)، مما يعني أن لدي الآن مسؤوليات تنظيم أقل لأقوم بها، وعدد أقل من
الزيارات المدرسية، وهو ما يسمح لي حقاً بالمشاركة أكثر في العمل الذي
يستغرق وقتاً أطول لإنجازه.
هذا التصريح لا يعني أن الممثلة والمنتجة مستعدة لإخراج أول
فيلم روائي طويل لها حتى الآن، على رغم أنها قدمت إنتاجات أولية وفيلماً
قصيراً، "لست أحاول تجربة الإخراج! لكني أحب حقاً الإنتاج، وتهيئة الظروف
لصانعي الأفلام للقيام بعملهم. لكن لا تقل أبداً أبداً..." تقول وتبتسم.
على رغم نيلها جائزة "الأوسكار"، و"البافتا"، و"الأسد
الذهبي" من مهرجان البندقية، ونيلها ترشيحات في أكبر مسابقات الأفلام مثل
"غولدن غلوب" عدة مرات واحتلالها المرتبة 13 في قائمة صحيفة "نيويورك
تايمز" لـ"أعظم الممثلين والممثلات في القرن الحادي والعشرين" عام 2020،
تصر سوينتون: "أنا لست في هوليوود، أنا على كوكبي الخاص! بالنسبة لي، الجزء
الأصعب عاطفياً في حياتي هو أنني أعيش في مكان جميل جداً في مرتفعات
اسكتلندا وأضطر أن أجهز نفسي لمغادرة المنزل للعمل، وتكون هذه عادةً أكبر
رحلة عاطفية يجب أن أقوم بها، تماماً مثل فيلم "نارنيا"
Narnia
تقول مازحة.
دائماً ما تكون في أفضل مكان تقدمه السينما، ولكن دائماً
بعيداً من جنون هوليوود، ترى سوينتون أنها طورت عالمها الخيالي الخاص.
الأوهام - ممثلة سريالية
غالباً ما تلعب الممثلة أدواراً في قصص سريالية، ولا تمتلك
إجابة واضحة عن سبب هذا الاختيار المحدد في حياتها المهنية. وتقول "ألاحظ
ذلك أيضاً، إنها مسألة شعور أشاركه كثيراً مع زملائي. نحن جميعاً في عالم
الخيال ولكن ليس بالضرورة عالم رائع. على سبيل المثال، يبدو العمل الذي
أقوم به مع جيم جارموش دائماً وكأنه خيال حتى عندما نكون في ديترويت وأنا
مصاصة دماء عمرها 3000 عام (فيلم "الموتى لا يموتون"
The
Dead Don’t die)!
أو عملي مع بونغ جون-هو (فيلم "أوكيا"
Okja)،
هناك دائماً هذه القفزة إلى الخيال وهذا هو اهتمامي". وتضيف "بعد قولي هذا،
فإن عملي مع جوانا هوغ هو في "عالم واقعي" أكثر، حتى لو كان فيلمنا الأخير
معاً، "الابنة الأبدية"، يتناول الأشباح، إلا أنه كان يحتوي على عنصر أكثر
واقعية".
تدرك سوينتون تفردها جيداً، وتعترف بكل تواضع بأنها محظوظة
للغاية لأن المخرجين الذين تعمل معهم "يخلقون لها عالماً صغيراً" حيث تشعر
أنها تستطيع دائماً أن تعبر عن نفسها في هذا الدور.
تمتلك شعوراً نادراً بالامتنان في عالم يمكن أن يأتي فيه
التقدير بذات السرعة التي تموت بها المسيرة المهنية. من ناحية أخرى، تستمر
سوينتون في الازدهار وسنراها في أول فيلم روائي طويل لجوشوا أوبنهايمر، وهو
مسرحية موسيقية تسمى "النهاية"
The
End
حيث ستغني هي وجميع الممثلين الستة الآخرين في فريق التمثيل في هذه القصة
المروعة التي جرى تصويرها تحت الأرض. |