•
ليس عيبا أن يكون «الجونة» مهرجانا للفساتين ومروجا للمدينة
طالما يقدم بالتوازى برمجة حقيقية وجادة
•
ابنتى سارة سحبت مشروعها من المنصة بسبب عملى أنا وشقيقها
يوسف بالمهرجان
•
مهمتى المزيد من البناء لا الهدم والتغيير.. ونسعى لقاعدة
جماهيرية من مختلف الشرائح العمرية
•
الميزانية المفتوحة لـ«البحر الأحمر» تظلم المهرجانات
العربية المنافسة.. واستحواذه على الأفلام بالدعم يضر الجميع
•
استمرارية المهرجان مسألة مهمة لمصر وصناعة السينما وليس
فقط لمؤسسيه
5
أيام فقط تفصلنا عن عودة مهرجان الجونة السينمائى، لتقام دورته السادسة فى
الفترة من 13 إلى 20 أكتوبر الحالى، بعد غياب عامين من ختام دورته الخامسة
فى أكتوبر 2021.
وبهذه المناسبة، التقت «الشروق» بالمخرجة والمنتجة ماريان
خورى، المديرة الفنية للمهرجان، لتكشف عن أسباب موافقتها على العمل
بالجونة، وإلى أى مدى انسجمت مع الفريق الفنى، خاصة أن قرار تعيينها صدر
قبل فترة قصيرة، كما تتحدث عن انضمام ابنها يوسف الشاذلى مديرا لجسر
الجونة، وتأثير وجودهما على مشاركة ابنتها المخرجة سارة الشاذلى فى منصة
الجونة أو مسابقات المهرجان المختلفة.
تقول ماريان خورى: عندما تحدثت معى إدارة المهرجان، بشأن
منصب المدير الفنى، قلت لهم إننى مستعدة لقبول المهمة إذا كنتم مؤمنين بنفس
القناعات والأهداف التى أعمل من أجلها، فالمسألة بالنسبة لى مرتبطة
بالأفكار والتواصل، للمساهمة فى تطوير الصناعة ونشر الثقافة السينمائية،
وليس لمجرد تولى منصب مدير فنى، والحقيقة وجدت أن الأهداف مشتركة لذلك قبلت
المهمة.
وبالتالى أعتبر عملى مديرا فنيا لمهرجان الجونة استكمالا
للرحلة التى بدأتها منذ 20 عاما، فى نشر الثقافة السينمائية على أرض الواقع
وليس بشكل وهمى، بدءا من بانوراما الفيلم الأوروبى الذى انطلق عام 2004،
وتوزيع الأفلام المختلفة عن السائد، ثم مشروعى «زاوية» و«الدهشورية».
·
هل نفتقد فى مصر «الثقافة السينمائية»؟
ــ مصر فيها سينما منذ نشأة الصناعة فى عهد الأخوان لومير،
تطورت مع الوقت وأصبح لدينا قاعدة من الجماهير تحب السينما، لكن رغم ذلك
عندما تريد إدخال خط جديد بعيد عن السينما التجارية الذى اعتاد الجمهور
عليها، تجد صعوبة شديدة، لعدم وجود دور عرض كافية تستوعب ذلك، وهذه هى
المشكلة التى واجهتها بشكل شخصى عندما قررت إطلاق النسخة الأولى من
بانوراما الفيلم الأوروبى عام 2004، لأنه لا يوجد صاحب سينما مستعد للتضحية
بإيراداتها لمدة أسبوعين، من أجل نشر الثقافة السينمائية، فهذا قرار صعب
جدا، لأن المسألة بالنسبة لصاحب دار العرض مجرد أرقام، والطبيعى أنه دائما
سينحاز للفيلم الذى يحقق له الإيراد الأكبر.
·
لذلك أسست سينما زاوية؟
ــ مشروع «سينما زاوية» لكى يستمر 10 سنوات، واجه صعوبات
شديدة، فحقوق الأفلام أصبحت مرتفعة جدا، لكنه مستمر لأن القائمين عليه
مثقفون سينمائيا، ومؤمنون بأهدافه، وكذلك لأنهم قادرون على عمل معادلة فى
البرمجة بين الأفلام الناجحة تجاريا، والأفلام المهمة فنيا، لكى تعيش
وتستمر، وهنا أيضا يجب أن أشير لمبادرة مهرجان الجونة فى رعاية «زاوية»،
وعرض مجموعة من أهم أفلام الدورة السادسة فى نفس توقيت المهرجان بالقاهرة.
مثل هذه المبادرات تضمن الاستمرار أيضا للمشروع.
·
هل أحلامك بنشر الثقافة السينمائية هى التى دفعت المهرجان
لإطلاق السوق ومبادرة للشباب ولأطفال المدارس وكذلك منح مساحة أوسع للأفلام
القصيرة فى دورة هذا العام؟
ــ المهرجان بالفعل كانت لديه فكرة، أن العودة بعد توقف
عام، يجب أن تكون مختلفة، وتشهد اهتماما أوسع بصناعة السينما، من خلال
المبادرات التى أشرت إليها فى سؤالك، فنحن نسعى لبناء قاعدة جماهيرية،
واتصال حقيقى على الأرض مع الشرائح المختلفة، وهذا هو الهدف الذى أؤمن به،
وأعمل من أجله، وقد ترجمته على أرض الواقع من قبل عبر تجربتى فى بانوراما
الفيلم الأوربى.
وليس خافيا على أحد أن «الجونة» فى دورته السادسة، يهتم
بجميع الشرائح العمرية، الأطفال فى المدارس، والمراهقون المهتمون بالسينما،
بالإضافة إلى صناع السينما والجمهور العادى، فمثلا لدينا مبادرة الشباب،
وهى عبارة عن 200 شاب من مختلف محافظات مصر، يكون لهم علاقة بصناعة
السينما، وقد جاءنا 500 طلب، تم اختيار 200 منهم، وسيتم استضافتهم فى
الجونة، وتوجيههم للأنشطة الموجودة، فالمهرجان وضع لهم برنامجا خاصا حتى
يكون حضورهم مفيدا لهم وللصناعة وللمهرجان أيضا.
كما يوجد هذا العام أيضا مبادرة التعليم والسينما،
فالمهرجان يخصص 5 عروض، للأطفال، طلبة مدارس الجونة.
أما سوق المهرجان، فهو قلب المهرجان، الذى يشهد كل هذه
الأنشطة، بالإضافة إلى فكرة التشبيك بين الصناع فى مصر والعالم عبر منصة
الجونة، كما سيشهد عرض أفلام قصيرة للشباب لم تشارك فى المسابقة.
·
هل الترويج لفكرة نشر الثقافة السينمائية لتحسين الصورة
التى تلاحق الجونة بأنه مهرجان للفساتين يستهدف تسويق المدينة بالأساس؟
ــ ليس عيبا أن يساهم المهرجان فى زيادة القوة الشرائية
للمدينة، فالطبيعى أن المهرجان الناجح يحدث رواجا للمكان الذى يقام فيه،
كما أنه ليس عيبا أن يكون مهرجانا للفساتين، فهذا أيضا جانب بديهى فى
مهرجانات السينما، خاصة فى حفلى الافتتاح والختام، ولكن العيب أن يختزل
البعض المهرجان فى هذا الجانب، ولا يتم الإشارة لوجود محتوى حقيقى وجاد فى
المقابل، فالحقيقة أن كل شىء موجود فى مهرجان الجونة، البرمجة المحترمة
جدا، إلى جانب الفساتين والتسويق للمدينة، وهذا من وجهة نظرى سر قوة الجونة.
والمهرجان بشكل عام كما يهدف إلى خدمة السينما، وإعطاء
المشاهدين والصناع فرصا أكثر، هدفه أيضا أن يعود بالفائدة على المؤسسين،
ليتحمسوا ويواصلوا دعمه واستمراره، وهذا طبيعى لأن أى رجل أعمال لا يدخل
مشروعا لأنه فقط معه مال، ولكن لكى يكون لهذا المشروع معنى اقتصادى
واجتماعى وفلسفى، والحقيقة أن استمرارية مهرجان الجونة مسألة مهمة ليست فقط
للمدينة والمؤسسين ولكن لصناعة السينما ولمصر بشكل عام.
·
ما هى أصعب التحديات التى واجهتكم أثناء التحضير لهذه
الدورة؟
ــ على المستوى الشخصى، المهرجان كان بالنسبة لى تحدٍ كبير،
لأنه بدأ قويا وولد كبيرا، وفى كل دوراته السابقة كانت البرمجة من الناحية
الفنية قوية بشهادة الجميع، وبالتالى المطلوب منى هو المزيد من البناء وليس
الهدم أو التغيير، والحقيقة أن البناء على شىء ناجح والإضافة إليه مهمة فى
غاية الصعوبة.
التحدى الثانى أن الفترة التى عملت فيها على هذه الدورة
كانت قصيرة جدا، ولذلك ألزمت نفسى بالعمل ليل نهار والتفرغ الكامل
للمهرجان، حتى إن كل مشاريعى الخاصة، إما أوقفتها مؤقتا، أو استعنت بآخرين
لإدارتها، حتى لا أقصر فى أى شىء يتعلق بعملى فى المهرجان.
أما على مستوى المهرجان، فالتحدى الأول كان الإضراب فى
هوليود، الذى لم يتح لنا دعوة أحد من هناك، سواء فى لجان التحكيم أو
التكريم أو للحضور، والأزمة تمتد للنجوم الأوروبيين الذين يعملون فى
هوليود، والتحدى الثانى كان المنافسة مع المهرجانات الأخرى، التى تقام فى
نفس التوقيت.
·
ما هو مستوى التنسيق مع مهرجانات المنطقة خاصة أنكِ أشرتِ
فى المؤتمر الصحفى إلى الاحتياج للتواصل مع مهرجان البحر الأحمر تحديدا
بسبب استحواذه على الأفلام العربية؟
ــ التنسيق يحدث بشكل تلقائى، لأن خلال 3 أشهر فقط يقام أهم
مهرجانات فى العالم العربى، الجونة وقرطاج والقاهرة ومراكش والبحر الأحمر،
وبالتالى نحتاج إلى مستوى عالٍ من التنسيق حتى تستطيع هذه المهرجانات
الحصول على الأفلام التى تحتاجها، وتتمكن من تقديم برنامج فنى جيد.
·
ولكن التنسيق يؤثر على فكرة المنافسة؟
ــ ليس مقصودا من التنسيق أننا لا نريد المنافسة مع
المهرجانات الأخرى على الأفلام، فهذا أمر بديهى، ولكنى أقصد على سبيل
المثال ما يفعله مهرجان البحر الأحمر، من اشتراطه على الأفلام العربية التى
تحصل على دعم منه، بعدم المشاركة فى أى مهرجان آخر يسبقه فى المواعيد، وهذا
أمر من الصعب استمراره، لأننا بالفعل ليس لدينا فى العالم العربى أفلام
كفاية لتغطية المهرجانات العربية، وبالتالى الأزمة التى كانت موجودة بالفعل
تزداد بالشروط التى يفرضها «البحر الأحمر».
كما أن الأمر لم يعد يتوقف عند الأفلام العربية بل يمتد
للأفلام الدولية، فالمشكلة فى المنافسة مع «البحر الأحمر»، أن لكل مهرجان
فى المنطقة ميزانية لا يتخطاها، لكن مهرجان البحر الأحمر يعمل بميزانية
مفتوحة، وبالتالى المنافسة معه صعبة وظالمة.
·
ألم يحدث أى نوع من التواصل لحل الأزمة؟
ــ هناك تنسيق وتواصل فردى حدث بالفعل خلال التحضير للدورة
السادسة، بخصوص بعض الأفلام وتم ترتيب الأمر، ولكنى أعتقد أن هناك جلسة على
مستوى أكبر ستعقد فى المغرب على هامش مهرجان مراكش لمناقشة الأمر بشكل عام،
حتى يكون هناك حل نهائى لهذه الأزمة.
·
فى ظل وجود انتشال التميمى مديرا للمهرجان.. ما هى صلاحياتك
كمدير فنى؟
ــ عندما انضممت للمهرجان كان الفريق الفنى انتهى بالفعل من
50% على الأقل من برنامج الدورة السادسة، لأننى دخلت فى شهر يونيو على فريق
موجود بالفعل، كان قد بدأ العمل منذ شهر يناير الماضى، وهذا كان أمرا مخيفا
بالنسبة لى، لأننى حينها لم أكن قد شاهدت غالبية الأفلام الذى تم اختيارها،
ولكن الشىء الإيجابى أننا نجحنا سريعا فى الوصول لتوافق، وهذا ساعدنى كثيرا
فى أداء مهمتى بدون صدامات، ليس فقط فى برمجة الأفلام، ولكن فى مختلف برامج
المهرجان.
·
إذا لم تكونى حاضرة من البداية.. فما هى نسبة رضاك عن
إجمالى أفلام الدورة السادسة والتى وصل عددها إلى 82 فيلما؟
ــ راضية بنسبة 95%، لأنى قبل أن أكون مديرا فنيا، كنت من
المعجبين بالبرمجة التى يقدمها المهرجان، تحت إدارة انتشال التميمى، مدير
مهرجان، فهو شخص يهتم بكل التفاصيل، ولا يترك شيئا إلا ويقوم به على أكمل
وجه.
·
إلى أى مدى مهمتك فى المهرجان يمكن أن تتأثر بوجود ابنك
يوسف الشاذلى مديرا لجسر الجونة؟
ــ عملى أنا ويوسف بمهرجان الجونة ليس متقاطعا، كما أننى
قادرة على الفصل تماما بين أنه ابنى، وبين أنه مدير لقسم فى المهرجان.
ربما تأثير عملى أنا ويوسف بالمهرجان انعكس، على ابنتى
المخرجة سارة الشاذلى، فهى كان لديها مشروع فيلم بالفعل مشارك فى منصة
الجونة، وتم سحبه لأننى ويوسف نعمل بالمهرجان، حتى لا يرى أحد شبهة مجاملة
إذا فازت بجائزة، وبالتالى لن يكون لها حق المشاركة بأفلام طالما أعمل أنا
ويوسف بالمهرجان، وهى متقبلة ومتفهمة الأمر تماما.
·
فى المؤتمر الصحفى بدأت كلمتك بجملة «أتمنى يوسف شاهين يكون
فخور بيا».. هل تبحثين عن رضا «شاهين» فى كل خطوة بحياتك؟
ــ لم أكن أخطط للحديث عن يوسف شاهين فى المؤتمر الصحفى،
ولكن عندما جاءت هذه الجملة فى الكليب الذى يلخص الدورات الخمس الماضية،
وجدتنى أكررها تلقائيا.
والحقيقة أن إحساسى بيوسف شاهين، أنه موجود معى طوال الوقت،
ولكن علاقتى به فى حضوره مختلفة عن علاقتى به فى غيابه، فهو كان فى حياته
المهيمن على كل شىء، كنت أصارع طوال الوقت لكى أنفذ أفكارى، وكان هو طول
الوقت يرانى «مجنونة»، فمثلا عندما دخل المكتب عام 2004 وأنا أقوم بالتحضير
لأول دورة من بانوراما الفيلم الأوروبى، وهذه الدورة تحديدا نفذتها بالكامل
بمفردى، قال لى، ماذا تفعلين يا مجنونة؟.
ولكن رغم هذه الهيمنة، كان يوافق فى النهاية وبعد ضغوط
لتنفيذ أفكارى، التى لم تكن تشبهه، فعلاقتى به فى حياته كانت غريبة، لأنه
لم يكن يريدنى أن أعمل أى شىء خارج أفكاره، ولكنه فى الوقت نفسه كان معجبا
بتمردى. أما الآن فى غيابه، أشعر أنه معجب بتمردى وسعيد بخطواتى وما أحققه.
·
كانت لديكِ تجربة قصيرة مديرة فنية لمهرجان القاهرة عام
2012.. تقييمك لهذه التجربة ولماذا لم تستمر؟
ــ أعتقد أن هذه التجربة كانت من البداية مهمة مؤقتة وليس
مخططا لها الاستمرار، فهى كانت أول دورة بعد ثورة يناير، وكنت حينها بالفعل
قد تعاونت مع المهرجان فى تأسيس ملتقى القاهرة السينمائى، الذى انطلق عام
2009 تقريبا، بعد أن تأثرت بتجربة مهرجان روتردام فى هولندا، ثم مهرجان
دبى، فكان مهما أن تنتقل فكرة دعم مشروعات الأفلام إلى مهرجان القاهرة، لكن
حينها للأسف لم يتم التعريف بالملتقى جيدا، لدرجة أن كثيرين كانوا يعتقدون
أنه مسابقة للسيناريو، وليس منصة للدعم، لكن الأمر الآن تطور كثيرا سواء فى
منصة الجونة، أو ملتقى القاهرة وأصبحا يقدمان كثيرا من الدعم لمشروعات
الأفلام فى مصر والوطن العربى.
·
أخيرا.. هل اتفاقكِ مع الجونة أن تكونى مديرا فنيا لدورة
واحدة أم أنه اتفاق طويل المدى؟
ــ الاتفاق مع إدارة المهرجان على تولى المهمة لأكثر من
دورة. |