علي عبدالخالق.. اعتزل الإخراج عن طيب خاطر ووصفته صحف
إسرائيل بالمخرج الأكثر كراهية لها
إيناس عبد الله
بعد صراع طويل مع مرض السرطان، توفي المخرج الكبير علي عبد
الخالق، تاركا مسيرة فنية طويلة ومشرفة، بدأها عقب تخرجه في المعهد العالي
للسينما قسم إخراج، عام 1966، حينما عمل مساعدا لفترة، ثم اتجه إلى إخراج
الأفلام التسجيلية، ومن أشهر هذه الأفلام فيلمه التسجيلي «أنشودة الوداع»
الذي حصل على العديد من الجوائز الدولية من مهرجانات الأفلام التسجيلية
والقصيرة ومنها الجائزة الثانية من مهرجان «ليبزج» السينمائي بألمانيا، كما
حصل فيلمه «السويس مدينتي» على الجائزة الأولى من مهرجان وزارة الثقافة
الأول للأفلام التسجيلية عام 1970.
قدم أول أفلامه الروائية الطويلة عام 1972 بعنوان (أغنية
على الممر) عن مسرحية بنفس الاسم للأديب (على سالم)، وحقق الفيلم نجاحا
فنيا هائلا، وحصل على الجائزة الثانية من مهرجان (كارلو فيفاري)، وجائزة من
مهرجان (طشقند) السينمائي.
شكل خلال فترة الثمانينات ثنائيا فنيا مع المؤلف محمود أبو
زيد في عدة أفلام سينمائية ناجحة مثل(العار) 1982، (الكيف) 1985، (جري
الوحوش) 1987، (البيضة والحجر) 1990.
بداية من التسعينات قل عدد الأفلام التي قام بإخراجها،
ليتجه للدراما التليفزيونية، ويقدم مسلسل (نجمة الجماهير) 2003، وأخر
أعماله التليفزيونية مسلسل (البوابة الثانية) 2009.
كان لـ"الشروق" أكثر من لقاء معه، تحدث من خلاله عن اعتزاله
الإخراج برغبته الخاصة، دون اجباره عن هذا، بل قال صراحة: لم يعد لدي أي
حنين للإخراج السينمائي".
وظل مكتفيا بعضوية لجان تحكيم المهرجانات السينمائية،
ورئاستة لهذه اللجان منها رئاسته للجنة التحكيم بمهرجان الإسكندرية
السينمائي، واعتبر هذا الأمر، تكريما له، ولمشواره.
كان له رأيا واضحا فيما وصل إليه حال السينما حينما قال في
تصريحاته لـ" الشروق"الحنين للسينما ليس موجودا، لأنني لست مشتاقا لها وهي
بهذه الحال في ظل سيطرة النجم علي العمل الإبداعي وأصبح هو الآمر الناهي
ليس لأبناء جيلي مكان.
وقال: أنا اعتزلت بمزاجي فحتى وقت قريب كانت هناك عروض
للإخراج وكنت أرفضها فلن أقبل أن يتدخل ممثل في عملي كما أن كثير من
الموضوعات التي تطرح عليّ قدمتها من قبل، وهناك كثير من النجوم يرفضون
التعاون معي ومع جيلي لأنهم يعلمون أنهم لن يستطيعوا أبت التدخل في عملنا.
اعتبر علي عبد الخالق أن فيلم "يوم الكرامة" هو الأصعب في
مشواره، بعد أن قضى 6 أشهر ونصف في المياه، يصور بين الإسكندرية وبورسعيد،
وكان هذا الأمر مرهقا جدا، كما أن الفيلم كان يوجد به ذخيرة حية، وبسبب
الأحداث والوقائع الحقيقية للفيلم، جعل من "تضفير" السيناريو صعبا، وصعوبة
التنفيذ في المياه كانت تكمن أيضا في إصابة فريق العمل بدوار البحر.
شارك علي عبد الخالق كممثل في أكثر من عمل وحكي عن هذا:
ظهرت ضيف شرف في فيلم "إعدام ميت"، وفيلم "الكيف"، في الأول طلبنا عدد من
النجوم للظهور كضيوف شرف، إلا إنهم اعتذروا، خاصة أن الدور كان لضابط
إسرائيلي، فاقترح المنتج أن أظهر كضيف شرف.أما فيلم "الكيف" فأقنعني محمود
أبو زيد أن أظهر في المشهد الأخير مع سائق التاكسي، لألخص وجهة نظر الفيلم،
بأن الأغنية الهابطة كالمخدرات بل من الممكن أن تكون أسوأ، وهذا ما نعاني
منه الآن، ففي وقتها كانت هذه الأغاني إسفافا، فما بالنا الآن بما نراه
ونسمعه.
كانت له ذكرى خاصة بفيلمه الكبير" أغنية على الممر" حينما
قال:
بعد عرض فيلم "أغنية على الممر" دعاني اتحاد الطلبة بجامعة
القاهرة لعمل ندوة عن الفيلم ومعي صلاح السعدني وسامي السلاموني، عرض
الفيلم في مدرج به 1000 متفرج، ولم تقام الندوة بل تحولت إلى هتافات ضد
الرئيس أنور السادات والنظام فيما سمي بعام الحسم سنة 1971، وخرج الطلبة
وعمال حلوان في مظاهرات، وفضت المظاهرة في الرابعة صباحا بالمياه، تلك
الفترة كانت ساخنة على المستوى السياسي، بعدها بيومين فوجئنا بأسمائنا في
جريدة الجمهورية على أننا ضمن القائمة التي فصلت من الاتحاد الاشتراكي، لم
نكن يوما أعضاء فيه وصدرت تعليمات بعدم تعامل أجهزة الإعلام معنا، المسموعة
منها والمرئية والمكتوبة، كانت الأسماء هي على عبد الخالق وسامي السلاموني
وصلاح السعدني وكل يسار مصر مثل محمود أمين العالم ولطفي الخولي، توقفت
بعدها عن العمل لفترة.
اعتبر الراحل أن فيلم "عتبة الستات" استراحة محارب خاصة له،
وقال أن حسين كمال هو من كان سيخرجه، لكنه اعتذر، فتحدث معه المؤلف محمود
ابو زيد، وقال له "إحنا مزنوقين فيك لأن فيه فيلم كان المفروض حسين يعمله
واعتذر عنه لمشاكل مع نبيلة عبيد.
وقال علي عبد الخالق: قرأت السيناريو فلم يعجبني إلا أنني
صورته وأخذ فرصته في العرض، وللعلم كل مخرج قد يضطر لتقديم أعمال غير راضي
عنها كليا، إلا أن الالتزامات التي يجب عليه أن يقوم بها تحتم عليه العمل،
كما نقول أكل عيش، كما أن مجاملات الأصدقاء وانقاذ موقف مطلوبة، فقد كانت
بيننا تلك المساحة على عكس ما يحدث الآن فنحن نعيش عصر الأقزام في كل شيء.
وأضاف أنه خالف كل مخرجين عصره وبدأ مشواره السينمائي بفيلم
حربي ولكنه كتب شهادة ميلاده السينمائي وأنه يفخر بأن صحف إسرائيل كتبت أن
"علي عبد الخالق أكثر المخرجين كراهية لها بعد إخراجه 7 أفلام ترسم ملامح
الصراع المصري الإسرائيلي في مقدمتها: "أغنية على الممر" و"إعدام ميت"
و"بئر الخيانة" إلى جانب فيلمه "يوم الكرامة" وهو الوثيقة الأهم لبطولة
الجيش المصري في نصر اكتوبر، وهو صاحب الـ40 فيلما سينمائيا. |