الفنانة اللبنانية منال عيسى.. لا يهمني أن أخسر فني من أجل
فلسطين
د. أمــل الجمل
يشهد لها الكثيرون بقدرتها على تثبيت قدميها بقوة في أرض
فنون الأداء، نجوميتها في أفلام عربية وفرنسية تؤكد ذلك. حققت تلك المعادلة
الصعبة في اختياراتها الفنية، في تحقيق التوازن بين فنها بما يُحقق لها
جماهيرية وإشادة نقدية، وبين الإلتزام بمناقشة قضايا وطنها
لبنان، والدفاع عن عشقها الأبدي فلسطين، متأثرة بما يدور من
حولها في العالم بأسره في تلك الأيام الصعبة. مع ذلك لاتزال ضحكتها البريئة
الطفولية تسبق حديثها الفطري التلقائي غير المنمق، تشبه نفسها وفقط، نصدقها
حين تقول «أحب فن الحياة، لا أحب الكذب، ولا أجيده.».. إنها الفنانة
اللبنانية الشابة منال عيسى بطلة «الباريسية» لدانيال عربيد، و«البحر
أمامكم» لإيلي داغر، و«دفاتر مايا» وغيرهم من الأعمال. بمناسبة عرض فيلمها
للثنائي جوانا حاجي توما وخليل جريح ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي الثالث والأربعين كان لنا معها هذا الحوار.
·
دخلت عالم الفن السابع بمحض الصدفة. بفيلمك الأول: «الخوف
من اللاشيء» أو «الباريسية»، عمرك وقتها لم يتجاوز الثالثة والعشرين، لكنك
استطعت أن تلفتي إليك الأنظار بقوة، بتلقائية أدائك، تٌوجتِ بجائزة أفضل
ممثلة من مهرجان الأقواس.. ماذا كان شعور؟ أليس أمراً مربكاً؟ وهل شعرت بأن
الجائزة منحتك ثقة في أدائك واتجاهك للتمثيل؟
منال: كان فيلم دانيال أول شيء لي، كنت أقدم امتحان نهاية
الجامعة، وأصور الفيلم بنفس التوقيت، بعدها مباشرة عدت إلى لبنان، فلم أشعر
بأني ممثلة، لم أشعر بجو الأضواء والشهرة، أكملت حياتي بشكل عادي، كنت أقوم
بأشغال لها علاقة بدراستي للهندسة. بعد قليل بدأنا نحضر مهرجانات مع دانيال
وحدث حول الفيلم ضجة كبيرة، ثم حصلت على جائزة عنه، لم أكن موجودة بتلك
المرة مع دانيال. ثم في مسابقة
«سيزار»
كنت بين ١٥ ممثل يتنافس على جائزة
«أحسن
موهبة واعدة»،
كانوا يمتدحونني فقلت بدهشة:
«كيف
تعطوا جائزة لشخص لا يعرف إن كان سيمثل مرة ثانية بشكل جيد أم لا؟ يمكن أنا
محظوظة إني مثلت جيد هنا، وربما لن أستطيع التمثيل مرة ثانية.»
لأني كنت أشعر بكذبة ما في موضوع النجومية. عموما، كان هذا
العالم جديد وغريب علىَّ، لكنه كان لذيذ. أتذكر أنني أخذت جائزة في لبنان
أيضاً، وكان أمر مضحك، لم أكن أعرف ماذا أقول، قلت بارتباك: آه أوكي، بس
أنا مش مبسوطة بحياتي، وشكرا، ولا أدري إذا كان المفروض أن أشكركم.» كنت
أشعر بأنني لست بخير، ولا في حالة جيدة.. كنت بأشعر باللامبالاة. وحتى
أثناء تصوير فيلمي الثاني كنت مقتنعة بأني لن أكمل تمثيل. كنت أتنقل بين
حياتين وبين عمل وآخر مختلف عنه. مع ذلك كنت أقول لدانيال: أكثر شيء أحبه
ما بين الأكشن والقطع، لا أحب عمل الحوارات، ولا أحب أن أحكي عن حالي. كنت
دائما بهذه الحالة المزاجية. لا أفضل تسليط الأضواء على. كنت هروبية، وأفضل
الإختباء.
·
ألم يثاورك القلق لبعض اللحظات من جرأة الدور في بعض
مشاهده؟
منال: بالفيلم كثير من قصص حب، والأشياء التي تحدث بين
الحبيبين. لكني لم أشعر بالقلق. دانيال تعرف جيدا كيف تشتغل مع الممثل
طويلا، فلم أشعر بصعوبة في أداء هذا الدور، عادي، الممثل لابد أن يعرف كيف
يؤدي كل المشاعر.
·
ألم ينتابك الخوف أن يتم حبسك في هذا النمط من الأدوار إذا
بدأت به مشوارك الفني؟
لا. أنا أصلا أثناء تصوير هذا الفيلم لم أكن أعرف هل سأكمل
تمثيل أم لا؟ إنها أكثر فترة في حياتي كنت أفكر: ماذا أريد أن أفعل في
حياتي؟ وماذا أريد أن أكون.؟» تقريباً، منذ الفيلم الخامس أو السادس بدأت
أقول أوكي، أريد أن أكون ممثلة، وأريد أن أمثل هذا الدور، فلم أكن أخشى من
أن يتم حبسي في دور نمطي، برأيي، إذا لم يكن الممثل موهوب ومحترف فلن يجد
عالم يشتغل معهم، لكن لا أحد يقدر يحبسني في دور. جاءتني أدوار فيها عُري
ورفضتها. لأن بالنهاية فيلم دانيال كان مختلف، ليس مجرد مشهد بين شاب فتاة،
هناك أشياء أعمق بالفيلم يتم مناقشتها.
·
إذاً، ليس العري هو الفيصل.. بدليل جاءتك أدوار بها لقطات
مماثلة وقمت برفضها.. لماذا؟
منال: جاءتني أفلام وعملت كاستنج، أرفض الفيلم لما أحس أني
غير قادرة على تمثيل الدور، أو عندما لاأحب الفيلم. عمري ما رفضت فيلم بسبب
مشهد، لأن مَنْ يرفض الفيلم لهذا السبب لا يكون ممثل، أنا لابد أن أحب
الفيلم، والشخصية، حتى لو اضطرني ذلك للسقوط من البلكونة، أو «هيشحروني»
على الأرض، مهما صار لي بالفيلم. بينما أرفض الفيلم إذا به فكرة أزعجتني،
خارجة من إسرائيل أو دفاع عن إسرائيل، أشياء من هذا القبيل. هناك أفلام
عملتها ثم قلت: «ياريتني ما عملتها»، لكن فكرة الندم بسبب مشهد؟ لا.. المهم
بالنسبة لي وجود الاحترام والشغف. أما إذا كان الموضوع عُري وفقط فأكيد
سأدرك هذا وسأشعر به، وأكيد لن أصور المشهد أو الفيلم.
·
هل تركت لك مساحة من الارتجال أو حرية التعبير؟ هل كان
بينكما نقاشات واختلاف في الرأي حول بعض المشاهد؟
منال تضحك: كان معنا ممثل يحب الارتجال فكنت أنا وهو نرتجل
سويا. دانيال عربيد فنانة لا تقبل أن يكون هناك غلطة واحدة في المشهد،
دانيال محاربة مع الإنتاج، وتصارع الوقت، تحاول أن تصور أكثر، فبين كل هذه
الأشياء لم نكن نختلف بالرأي. كنا نحاول أن نحكي لنفهم المشهد، وما يحدث
لهذه الشخصية. أنا محظوظة أنني بدأت بهذا الفيلم. عمل جماعي لا وجود فيه
للأنانية. كان فيه شفافية بيني وبين دانيال. فقط كنت أتصور أن أدائي سيء،
وأن الفيلم سيفشل بسببي، كنت مشحونة بالخوف، ومضغوطة بسبب الثقة في. كنت
قطعت اتصالي بالعالم، لا أحكي مع أحد، أركز فقط بالدور، لم يكن هناك مجال
للتفكير بشيء آخر، مَنْ يعمل بالسينما ليس عنده حياة آخرى.. ١٢ أو ١٣ ساعة
تصوير، مسئولية كبيرة، لأني كنت مهمومة طول الوقت أن يخرج الفيلم بشكل جيد،
أما أجمل لحظة لما المنتجين قالوا لي: «إن دانيال سعيدة بأدائي..» هنا
ارتحت، وزال الضغط وخوفي من فكرة أني أدمر الفيلم.
·
هل تضعين لنفسك مشروعاً أو طموحاً معيناً تريدين تحقيقه؟ أم
تتركين الأمر للصدفة، واختيارات السوق؟
منال: فيلم «الباريسية» أعطاني أشياء جميلة وأضواء. طموحي
الآن للسينما عموما، فهناك نتفليكس موجودة وممكن نقدم أفلام من إنتاجها،
خصوصاً أن الناس لم تعد تذهب للسينما كثيراً، خصوصاً مع الإغلاق بسبب
كورونا، وهذا خلق التساؤلات عن أهمية السينما، ولماذا نعمل بها؟ طموحي أن
أمثل أفلام كثيرة جميلة، مستوى أعلى وأعلى، وبصراحة أحب أن أعمل مع عالم في
تجاربهم الأولي وأتعرف على وجهات نظرهم، أريد العمل في أفلام تجعلني أكبر،
أحب أن أشعر أنني أقدم شيئاً لحالي، وللعالم الذين يشاهدون الفيلم.
·
هل تقرأين في الأدب والسير الذاتية وتبحثين أحياناً عن
أدوار؟ وهل يمكن أن تفكري ذات يوم في الإنتاج للقيام ببطولة أدوار أنت
شغوفة بتجسيدها؟
منال: لا أفتش على أدوار، أغلب الأفلام تصلني بالصدفة أو
عبر الترشيح وأنا أقرر بالإيجاب أو الرفض. وأنا أعرف إلي أين أذهب وأي
أدوار أحب أن أعمل. المهم أن أجد شخصاً أتفق معه ونعمل سوياً عملاً جميلاً
جدا. لكن فكرة أن أنتج فيلم؟ لا، أراها فكرة غريبة، ولا أدري لماذا يقرر
ممثل أن يدفع أموال حتى يمثل دور؟. لكن ممكن أكتب سيناريو مع آخرين.
·
هذا حدث في السينما المصرية.. نور الشريف أنتج أفلام لنفسه
لأنه كان مغرم بأداء شخصيات أو أدوار معينة، فريد شوقي أنتج لنفسه لما
المنتجين حاصروه بأدوار نمطية فأعاد إكتشاف نفسه وأفلت من فخ النمطية
ببراعة، كذلك في السينما العالمية سنجد توم كروز أحياناً يُنتج لنفسه،
إيثان هوك، وجودي فوستر وغيرهم كثير.. والآن فيما يخص السيناريو.. هل خضت
تجربة الكتابة السيناريو بنفسك؟
منال: كتبت سيناريو طويل، تقريباً منتهي، لكن الكتابة ليست
سهلة، كذلك الإنتاج والسينما، عندي استراحة الآن، عشت فترة في لبنان، ثم
رجعت لفرنسا من ثلاثة أشهر. فيه بعض التردد، السيناريو كتبته كله في أربع
أيام فقط، ثم بدأت إعادة الكتابة، وأعود إليه بين وآخر عندما يسألني أحد
عنه.. لكن لابد أن أبحث عن تمويل، أحتاج أن يكون عندنا عالم صح حتى نعمل
على الفيلم.
·
قلت ذات يوم: «أعرف جيدًا ما يمكنني قبوله من أفلام تشعرني
بالرضا، وما لا يمكنني قبوله من أفلام.» فهل تحدثينا عن معيار اختيارك
للأفلام أو الأدوار التي تعشقين تمثيلها؟ وهل من الممكن أن يُغويك دور مهم
جدا، لكن مضمون الفيلم يكون ضد قناعاتك؟؟
منال: إذا الدور كان حلو جداً والفيلم ضد قناعاتي أكيد لن
أمثله. مستحيل. لا أقدر. أصلاً إذا الفيلم لم يعجبني لا أطيق الكاركاتر
أصلاً. في بعض الأوقات أقبل فيلم، وأشعر أني كنت أتخيل أنه جيد، فأحاول على
قدر ما أستطيع تجميله بالاشتغال عليه كثيرا. أغلب الأوقات الأفلام التي لم
تعجبني كانت قليلة. الأفلام التي مثلتها أغلبها حلوة، مهما كان التصوير
صعب. أوقات اشتغلنا على أفلام كان تمويلها قليل جداً، وحاربنا وحاولنا بكل
طاقتنا لأجل أن نُكمل الفيلم، إنها ساحة حرب.
·
أنت فنانة تحملين الجنسية اللبنانية والفرنسية؟ تجيدين
ثلاثة لغات؛ العربية والفرنسية والإنجليزية، فهل ترين التزاوج الثقافي ميزة
أم نقمة؟
منال: أنا لبنانية، وفلسطينية بالقلب. أعتقد أن كل شيء فيه
تزاوج به ميزة، لكن ممكن الإنسان يُحيله إلى نقمة، حسب الشخصيات وقناعاتها،
ممكن يكون هناك مجموعة أشخاص متفقين على فكرة معينة، شيء معين محدد وتسير
الأمور وتُنجز. أنا عموما عرفت أنني أستريح أكثر مع الناس «الرواق»، الناس
البسيطة، التي لا تَدَّعي بأنها شخصيات مهمة.
·
ولماذا أشعر أحياناً من حديثك أنك غاضبة من شيء ما .. ففي
أحد حواراتك قلت: «بأحس حالي شخص على باله يلاقي شيء.. لأنه ما عنده شيء،
أو ما ظل عنده شيء، بأدور على شيء، لأن ما صار عنده شيء، أو ما حس أن عنده
شيء..»
منال: أعتقد أن كل العالم هكذا.. «على باله يلاقي شيء..
لأنه ما عنده شيء، أو ما ظل عنده شيء. أو بيدور على شيء، لأن ما صار عنده
شيء، أو ما حس أن عنده شيء..» لكن أنا الأمر اختلف بالنسبة لي الآن، لأن
صار عندي ابنتي - «تقبر قلبي» - أحبها، وأتجنن عليها. لا أتذكر متى قلت هذه
الجملة لكن ربما لأني كنت مقيمة في لبنان وسعيدة ببلدي، فشعرت أنه راح مني،
مع ذلك عندي أمل إني سأجده.. لا أعرف.
·
لك تصريح آخر: «بأحس حالي لا أنتمي لأي بلد.. يمكن اللاجيء
محظوظ أنه ينتمي لبلد،، لكن أنا ما أنا فخورة أني أنتمي للبنان؟» .. طبعاً
أقدر شعورك، وكثير منا فات في مثل هذا الشعور في أوقات الضعف التي قد تمر
بها بلاده.. لكن ألا تعتقدين أن هناك جوانب إيجابية لاختلاطك بثقافات عدة؟
منال: كلماتي قلتها لأن كان عندي غضب بسبب العنصرية بلبنان،
وأسلوب التعامل مع العاملات، وضع جنسية الولد، ومليون قضية، منها فساد
السياسيين والنظام وانهيار البلد. أكيد هناك، جوانب إيجابية للاختلاط
الثقافي، لكن المحزن أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في بلده، أنا بصراحة لا
أحب الاختلاط أثناء الشغل، أفضل أن أجلس في البيت أنا وابنتي نلعب فيديو
جيمز، نختلط مع أصحابها، عملي أيضاً في الأفلام اليونيفريسال أمر إيجابي
أيضاً.
·
اشتهرت بردود أفعالك السياسية، التي تعبر عن موقف سياسي في
محافل ومهرجانات دولية، مثلما فعلت في مهرجان كان السينمائي الدورة الحادية
والسبعين، حين قمت برفع لافتة كبيرة مدون عليها جملة «لا للهجوم على غزة»
لتسجّيل موقف من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني خلال التظاهرات
المنددة بتدشين السفارة الأميركية في القدس. بالطبع تصرفك فيه نبل وتعبير
عن الغضب.. وقد لاقت هذه اللفتة تعاطفاً وتأييداً كبيراً علي مواقع
السوشيال ميديا بعد نشر صورتك هذه.. لكن سؤالي؛ ألا تخشين أن مواقفك
السياسية، أو ردودك أفعالك هذه، قد تؤثر سلباً على مشوارك المهني في عالم
فن الأداء؟ فمثلاً يمكن أن تهتم الميديا أكثر بمواقفك السياسية أكثر من
مناقشة أعمالك؟ أو أن لوبي الإنتاج الأجنبي يعاقبك على دعمك لفلسطين؟
والدليل على ذلك أنه أصبح يُطلق عليك لقب المشاغبة.
منال بصوت ضاحك يمتزج بالجدية الساخرة: نعم أنا مشاغبة.
مَنْ لا يعجبه هذا هو حر. وأنا لا أخشى على مشواري المهني أبدا أبدا، وإذا
لم يريدونني في أفلامهم فلن يهمني ذلك. بصدق، لا يهمني هذا الشيء، الصراحة
أنه بعد هذا الموقف عملت مع ناس رائعين. من ناحية آخرى يوجد إسرائليون
يُريدون العمل معي، ويحاولون التحدث معي وأنا أقول لهم: «ابعدوا عني..
ابعدوا عني»، وأظل أتخانق معهم.. هناك امرأة قالت لي: «إذا لم تشتغلي معهم
لن تصلي إلى أي مكان،» فقلت لها: «أنا لا أريد أن أصل لمكان أصلاً. ليس
مهماً». لأنه لاشيء يفرق معي، وأكون سعيدة جدا عندما أتصرف هكذا. ربما أموت
غدا وكله يروح، فأريد لما أموت أكون سعيدة بنفسي وفخورة بها. طبعا أوقات
أنخدع، مثلاً صورت فيلم واكتشفت أن المخرجة تعمل مع سياسي بلبنان، عرفت
بالصدفة، لن أقول اسم الفيلم، ولن أذهب لأي مكان معه عندما ينتهي، سأكمل
تصويره فقط لأني ملتزمة بالتوقيع على عقد، لكني لن أتحدث عنه ولن أنشر عنه
شيء وكأنه لم يكن وإذا سُئلت عنه سأقول أني لا أحب الحديث عنه، لأن المخرجة
لم تكن صريحة معي ولم تخبرني أن أحد السياسين الفاسدين ساعدها بالتمويل.
ومرة مخرجة اسرائيلية حاولت كثيرا أن أعمل معها، وتدعي أنها تحب لبنان
وفلسطين، فرفضت تماما، لأنها لن تضحك علىَّ.. فحبي لفلسطين إلى الأبد.
·
عندما تم اختيارك لتجسيد مشهد فيديو حي مع مؤسسة «أبعاد»
بعنوان «حاكم المغتصب وما تحكم عالضحية»، والفيديو جاء نتيجة عرض تفاعلي
على طريقة عروض «الهابينينغ».. قرأت تصريحاً لك بأنك طلبت من المؤسسة أن
يترك لك مساحة من الارتجال .. فهل يتحق ذلك في أدوارك بالأفلام الروائية؟
منال: صحيح طلبت منهم أن أرتجل رغم أن السيناريو كان
مكتوب.. كان هدفي من الإرتجال أن نمنح فرصة لتفاعل الناس، كي يصدقونا.. لكن
الحقيقة كان رد فعلهم فيه قسوة، وكان مخيف. عندما انتهيت منه كنت أشعر أني
لست بخير. فكل ما كنت أطلبه منهم مجرد تليفون أتحدث فيه، أو أن أحدهم
يسلفني ٢٠٠٠ ليرة حتى أركب سيرفيس وأعود لأهلي، لكنهم رفضوا مساعدتي.
تخيلي. بخصوص أعمالي الآخري ومساحة الارتجال فيها فإنه يتوقف على العمل
وطبيعة المشهد.. «دفاتر مايا»، مثلا كان اتفاق بيني والمخرجين جوانات حاجي
وخليل جرييح أننا نشتغل على المشهد ونطوره.. هو في الأساس عمل بيني وبين
المخرج ونقرر ماذا سنفعل سوياً.
·
هل الأفلام التي مثلت فيها وتناولت إشكاليات لبنانية عبرت
عن كل هواجسك تجاه لبنان؟ أم لازال لديك أفكار ترغبين في تجسيدها والتعبير
عنها؟ سواء في لبنان أو الوطن العربي؟
منال: فيلم «دفاتر مايا» و«البحر أمامكم»، وفيلم
«الباريسية»، كلهم حسيت فيهم بمشاكل لبنان، وفيه أكيد مليون خبرية وناس
نحكي عنهم، وحالات نفسية وشباب وأمهات، ممكن يعملوا مليون فيلم.. أهم شيء
أن يتواجد التمويل والدعم لهؤلاء الموهبين والعالم الصح، أن يتوفر إنتاج
يساعد العالم الصح بأفلامها، فيكون المخرج مُحاط بناس تساعده علي تحقيق
فيلمه. مثلاً؛ أنا بفيلمي الذي أكتبه أحكي عن الشباب في لبنان الذين بدون
أهل، أو تُركوا ويعيشون بمفردهم، هذا الموضوع يشغلني كثيراً. هناك قضايا
آخرى كثيرة.
·
أنت مشهورة بالجرأة، وبالقدرة على امتصاص ردات الفعل
الجماهيري والتفاعل معها .. من أين اكتسبت تلك الجرأة.. من والدتك أكثر أم
من والدك؟ وأيهما كان له التأثير الأقوى على شخصيتك؟ ولماذا كنت تخافين من
والدك؟ وهل تشعرين أحيانا بأن الجرأة تكون مُضرة؟
منال: الجرأة عمرها ما كانت مضرة .. أبداً. لا أعرف هل
تأثرت بماما أو بابا. أعتقد أن الجرأة تأتي من التجارب ومن الخبرة.. فأن
يكون لديك القدرة على أن تحاول أن تعيش تحتاج جرأة. بالنسبة لي تصرفاتي لا
أعتبرها تتصف بالجرأة، المسألة أن لاشيء يفرق معي، لا أهتم بما يقول الناس،
يهمني فقط هل سيكون المخرج سعيد بأدائى؟ وهل الفكرة أنا مقتنعة بها؟. غير
هذا لا يهمني الكثير. أنا أحب الحقيقة، أكره الكذب والنفاق، أنا شخص بسيط.
بخصوص علاقتي بأبي؛ أنا أحبه كثيراً، أما الخوف فلا أعتبره شيئاً غريباً،
كان طبيعي أن أشعر بذلك أثناء تصوير بعض مشاهد الفيلم.. لأنه برأيي أنه حتى
لو كان أب فرنسي شاهد ابنته تُقبل شاب سيُصاب بالجنون.. مع ذلك قلت
لدانيال: «هذا شغل، ويُمكنه ألا يشاهد الفيلم لو أراد.» لأنه ممكن أشتغل
بعمل آخر فلا يحبه، ممكن أختار مهنة آخرى ولا يحبها كما يفعل الأهل
أحياناً.
·
ماذا عن أحلامك؟ وهل هناك مشروع حاليا تعملين عليه؟
منال: اشتغل على مشروع فيلم للمخرجة سالى الحسيني بعنوان
«السباحات» يحكي عن سارة مارديني ويسرا مارديني، المهاجرتين من سوريا، عبر
البحر والبر، رحلتهما إلي ألمانيا والقبض على سارة، في ليسبوس باليونان، هى
وأصدقائها المتطوعين بتهمة تبيض أموال والتجسس بينما الحقيقة أن القبض
عليهم تم لأنهم يساعدون اللاجئين. بالفيلم أُجسد دور سارة، نشتغل عليه
لصالح نتفليكس. نحاول أن نحكي عن الفتاتين بطريقة نتمنى أن العالم يقدر أن
يفهمها، فقد اضطروا أن يهربوا، وأصبحوا بلا وطن. ثم أخيرا للأسف تم تأجيل
محاكمتها، فلاتعرف سارة ماذا ستفعل بحياتها.. لكن كل هذا له دلالة، إذ يكشف
مدى كره الدول للاجئين، هذا الشيء مزعج جدا، لا أعرف ما الذي يُمكن أن
يحققه الفيلم لتلك القضية، لكننا نحاول أن نبذل أقصى ما بوسعنا للتوعية
بها، وان شاء الله خير. أيضاً، لدى أفلام آخرى، انتهيت من العمل على فيلم
ألماني. كذلك أنتظر فيلم «فوليا»، وفيلم«إلكترا حبيبتي».
|