**
أجر نجمين يكفي لإنتاج فيلم "إخناتون" ولا ينقصه سوى "الثقافة" لكي يخرج
إلى النور
ربما لم يجمع متابعو الدورة الرابعة من مهرجان الجونة السينمائي والمشاركون
فيه على شيء قدر ما أجمعوا على التكريم المستحق لمصمم المناظر ومهندس
الديكور الكبير أنسي أبو سيف، الذي يُعد من أهم صناع السينما المصرية عبر
تاريخها، وصمم ديكور وملابس أكثر من 45 فيلما من توقيع كبار المخرجين.. وقد
أُقيم في الجونة معرض استعادي لأعماله، بمناسبة حصوله على جائزة الإنجاز
الإبداعي للمهرجان هذا العام، يضم اسكتشات وتخطيطات المناظر الخاصة بأهم
أفلامه، والجوائز التي حصل عليها، وداخل المعرض دار معه هذا الحوار:
·
من بين المعروضات، توقفت عند اسكتش للشخصية التي أدتها سعاد حسني في فيلم
"حب في الزنزانة".. بورتريه لسيدة مقهورة ترتدي طرحة.. لماذا بدا لي تصورا
للشخصية نفسها وليس مجرد تصميم لملابسها؟
=
هذا ما استلهمته من السيناريو الذي قرأته.. وبشكل عام، التصميم عندي مرتبط
بالناس، لا يوجد تصميم لي يخلو من الأشخاص، لا أتعمد ذلك، لكنني أجده يخرج
على الورق دون قصد، حتى الديكور، فالمكان لا يكون إلا بناسه، تعلمت ذلك من
أستاذي المخرج والمصمم الكبير الراحل شادي عبد السلام، الذي كان يقول لي إن
الإنسان يُعرف من شيئين: مكانه وملابسه، بدءا من الإنسان الأول الذي كان
يعيش في الكهوف، وكانت ملابسه من جلود الحيوانات التي يصطادها وكانت ملائمة
لبيئته.
·
ربما يبدو سؤالا نمطيا، لكن أيهما تفضل أو أيهما يمتعك أكثر: تصميم الديكور
أم الملابس؟
=
الاثنان مرتبطان ولا ينفصلان عندي عن بعضهما البعض، بل يكمل كل منهما
الآخر، وهذا لا يمنع أن هناك أفلاما صممت لها الملابس فقط وأخرى اكتفيت
فيها بتصميم الديكور، خاصة بعد ظهور مهنة "الستايلست".
·
ما الفرق بين مصمم الملابس والستايلست؟
=
المصمم يقوم بتصميم الملابس خصيصا للفيلم، وهذا أفضل طبعا، أما الستايلست
فيأخذ من دولاب الممثل أو من السوق ما يناسب الشخصية، وبالطبع فإن كثيرا
منهم أصبح يصمم الآن.
·
ما هي حدود علاقتك بالواقع، بالمكان الحقيقي، لدى تصميم الديكور؟
=
سحر السينما يكمن في رأيي في الأخذ من الواقع دون نقله حرفيا، في استلهامه
مع إضافة وجهة نظر الفنان ورؤيته وما يريد أن يقول.. في فيلم "الكيت كات"
مثلا تصميماتي ليست نقلا للحي الحقيقي، لكن ما بنيته مستوحى منه، وكانت
النتيجة ما رآه المشاهدون على الشاشة وما يحمل وجهات نظر فناني العمل
وصناعه.. هذا هو سحر السينما.
·
وماذا عن علاقة عملك بعناصر الفيلم الأخرى؟
=
عملي يرتبط بشكل مباشر بالطبع بالتصوير والإضاءة ورؤية مدير التصوير لما
صممته، ومهمتي توفير زوايا التصوير المناسبة لمشاهد ولقطات السيناريو الذي
قرأته.. كما يرتبط بعناصر أخرى قد تبدو بعيدة عنه مثل المونتاج، الذي يجب
أن يوفر له الديكور إمكانية القطع السلس من لقطة إلى أخرى ومن مشهد لآخر
بما لا يُحدث تشوشا أو إزعاجا بصريا للمشاهد، وبما يخدم الدراما أولا.
·
والموسيقى؟
=
لا توجد علاقة مباشرة، لكنني أصمم الديكور بإيقاع موسيقي قد ينتقل لمؤلف
الموسيقى التصويرية أو لا، كما تؤثر الموسيقى بالطبع في تلقي المشاهد
للديكور لدى عرض الفيلم.
·
هل أنت مستعد لتحقيق حلم أستاذك شادي عبد السلام بتنفيذ فيلم "إخناتون" أو
"مأساة البيت الكبير" إذا توافر الإنتاج والمخرج المناسب؟
=
بالطبع ودون تفكير، فقد شاركت بالفعل مع شادي في تصميم ملابس ومناظر العمل،
والتمويل بالمناسبة ليس مشكلة، ومن الممكن توفيره، لأنه إذا افترضنا مثلا
أنه سيتكلف مائة مليون جنيه، فهذا أجر اثنين أو ثلاثة على الأكثر من نجوم
الملايين.
·
ماذا ينقص الفيلم إذن لكي يخرج إلى النور؟
=
نظريا لا ينقصه شيء، السيناريو جاهز والتصميمات كذلك، وعمليا ينقصه أمر
واحد: الثقافة، أن تتوفر ثقافة إنتاجه وإرادة تنفيذه.
·
ومن المخرج المناسب لتنفيذه؟
=
لا توجد لدي اقتراحات بأسماء محددة، لكن من يتصدى لإخراجه لابد أن يكون
دارسا للتاريخ وملما به مثل شادي.. وفي كل الأحوال، مهما كان المخرج
متمكنا، لن يخرج الفيلم كما كان سيخرجه صاحبه رحمه الله، حتى لو كان كل شيء
مكتوبا بالتفاصيل في السيناريو مثل تقطيع المشاهد إلى لقطات وأنواع العدسات
الواجب استخدامها، لأن هناك اختيارات شخصية تتعلق بأحجام اللقطات وسرعة
الكاميرا وما إلى ذلك. |