يخوض الناقد آندرو
محسن ،
تحديًا جديدًا في الدورة الـ ٤١ ل مهرجان
القاهرة السينمائي ،
فللعام الثاني على التوالي يتولى مهمة إدارة مسابقة "سينما الغد" التي حققت
رواجًا جماهيريًا كبيرًا بالعام الماضي، بخلاف عمله كمسئول عن برمجة منطقة
شرق أوروبا، ويكمن التحدي الحقيقي لديه هذا العام في حرصه على تقديم
مزيج من التنوع في هوية الأفلام المشاركة حتى يكون برنامجه مكتملًا.
رحلة آندرو
محسن تحمل
تجارب متنوعة بين عمله كناقد فني يجول في مهرجانات العالم، ومشاهد في
المقام الأول يعرف ويستكشف جيدًا مزاجية الجمهور، ولأن "سينما الغد" تحمل
برنامجًا مميزًا وثريًا بأفلام العرض الأول كان لـ "بوابة الأهرام" هذا
الحوار:
·
هل ساهمت الروح الشابة الطاغية على المهرجان هذا العام في
تنفيذ عدد من أفكارك بالبرنامج أو على صعيد عملك كمسئول عن اختيارات
الأفلام بالمناطق الجغرافية؟
بالتأكيد، فهناك نظام جيد جداً وضع هذا العام لأنه يحمل
تنوع وتوازن في مسألة التوزيع الجغرافي، وكنت مسئولاً هذا العام عن منطقة
شرق أوروبا والتي تنتمي إليها دول مثل رومانيا، المجر وبولندا وغيرها من
الدول الهامة في هذه المنطقة وصحيح أنني عملت في البرمجة سابقًا لكن الجديد
هذه المرة فكرة التركيز على منطقة معينة أفادني كثيرًا ومن ناحية أخرى فقد
أستفدت من الأمر بشكل كبير من حيث الوصول للأفلام في المراحل النهائية مما
وفر لدينا فرصة الحصول على العروض العالمية الأولى، ونتيجة الشكل الجديد
للبرمجة واضح هذا العام أمام الجميع، وهذا سيسهل علينا المهمة بشكل أكبر في
العام المقبل.
·
هل هناك فارق في طبيعة الاختيارات الخاصة بالأفلام بين عملك
هنا كمدير لهذا البرنامج وبين عملك بصفتك مبرمج لـ أوروبا الشرقية؟، وهل
ساهم وجودك كمبرمج أيضًا في دعم اختياراتك في مسابقة
سينما الغد ؟
بالتأكيد هناك فرق، فمثلاً ورد إلينا عدد ضخم من الأفلام
وصل إلى ١١٠٠ فيلم قصير، وهو رقم كبير فيما يتعلق فقط بالأفلام التي سجلت
عبر الموقع بخلاف الأفلام التي طلبانها لذلك أضفنا لفريق البرنامج هذا
العام الناقدة رحمة الحداد في المشاهدة، والناقدة مروة أبو عيش وهي المنسق
العام للبرنامج، والوضع مختلف تمامًا لأن يكون هناك فرص كثيرة لأن نشاهد
عدد ضخم من الأفلام، وفرص أكثر أن نجلب أفلام مختلفة تعرض للمرة الأولى،
والحقيقية أن العمل كمبرمج في شرق أوروبا أفادني كثيرًا في برنامج سينما
الغد لأنه في الواقع أن هناك بعض شركات التوزيع في محيط هذه الدائرة أعرفها
عن طريق الأفلام القصيرة والعكس صحيح فخلال بحثي مع شركات التوزيع وجدت أن
هناك فرصة للترشيحات الأفلام القصيرة.
·
هل طول مدة الأفلام هذه الدورة ما بين "١٤ دقيقة إلى ٣٠
دقيقة" يمنح المسابقة اختلافًا خصوصًا أنه بالسنوات الماضية كان هناك وجود
أكبر لأفلام الدقائق القصيرة؟
بالفعل متوسط مدة الأفلام أطول من العام الماضي، وهو أمر
خارج عن إرادتي لأَنِّي لم أحبذ فكرة أن تكون مدة الفيلم طويلة لأنها تكون
أصعب في البرمجة، كما أن الأمر يمثل إرهاقا لدى المشاهد من حيث فكرة مشاهدة
أكثر من فيلم في وقت واحد مدتهم طويلة، ولدينا فيلم واحد فقط مدته ثلاثين
دقيقة ولم أستطع رفضه لأن مستواه جيد جدًا وهو ما لا يخالف اللائحة أيضًا،
وكان لدي اختيارين أمام أن أضحي بأفلام جيدة من أجل مدتها أو أحافظ على
أفلام مدتها طويلة لكن مستواها الفني جيد وأعتقد أن المشاهد سيشهد متعة
كبيرة في أفلام المسابقة هذا العام.
·
كيف تمت عملية الاختيارات الخاصة بالأفلام وأقصد المعايير
التي بناء عليها تتم عملية الاختيار؟
المعيار الدائم هو المستوى الفني لا خلاف على ذلك، ثم نبدأ
نبحث عن فكرة العرض الأول والتوزيع الجغرافي وموضوعه، ومثلًا كان لدي فيلما
بعنوان "أبي الميت..كوميديا" التكنيك المستخدم فيه يعتمد على الممثل الواحد
ولقطات "كلوز أب " طويلة جدًا وهو ما رأيته في ثلاثة أفلام أخرى، والثلاثة
لهم علاقة بوجود شخص يمثل أمام الكاميرا وهنا نبدأ نشاهد ونقارن من خلال
عمليات الفرز، وبالمناسبة معيار العرض الأول ليس هو المسيطر على اختياراتنا
فالجودة لدينا هي الأهم في المقام الأول.
·
هناك اهتمام بوجود قضايا في مضمون الأفلام هذه المرة خصوصًا
السياسية.. فهل كان ذلك مقصودًا؟
القضايا هي التي تفرض ذاتها وليس العكس، ومثلًا هناك قضايا
مثل أزمات اللاجئين أو التي تخص الحروب في مناطق معينة بالفعل يقدم عنها
أفلام كثيرة في كل عام، وهذا يكون توجه لأننا يكون لدينا كمية كبيرة من
الأفلام في هذا الشأن وبالتالي من الصعب ألا يوجد لدينا فيلمًا من هذه
النوعية والفكرة الأساسية أن القضية تكون مطروحة بشكل جيد لأنه ليس مفيدا
للجمهور أو المشاهد أن يرى فيلمًا طرح موضوع سابقًا أكثر من مرة، ومثلًا
لدينا فيلم بعنوان "لم أر شيئًا رأيت كل شيء" للمخرج ياسر القصاب وهو
تسجيلي قصير، فبرغم ما شاهدناه عن الخرب ونتائجها في سوريا لكننا نرى هنا
شيئًا شاعريًا حي أن الفيلم مصور ما بين بلده وسويسرا والقضية التي يتحدث
عنها بعد نهاية الحرب وما الذي يحدث الآن.
·
دائمًا تظلم عروض المسابقة بسبب توقيتها المبكر، فهل تأخير
مواعيدها هذا العام يجعل الإقبال عليها أفضل؟
في العام الماضي لم يكن التوقيت جيدًا بنسبة كبيرة لكن مع
ذلك كانت العروض جميعها كاملة العدد، وأعتقد هذا العام حاولنا ننسق أن يكون
لدينا ميعاد أفضل، بالإضافة إلى نقلنا لقاعة أكبر وهي مسرح الهناجر وهي
أكبر حجمًا بما يعادل ٣٠٠ كرسي، وأعتقد هذا العام ستكون نسب مشاهدة الجمهور
أفضل خصوصًا أن صغر حجم القاعة كان عائقًا.
·
٢١ فيلمًا بعد إضافة فيلم مؤخرًا، فهل هذا العدد يسمح بفرص
مشاهدة أفضل من وجود عدد ضخم من الأفلام؟
٢١ فيلما مقسمة على أربعة برامج وكنت أفضل أن نجعلها عددا
أقل من الأفلام في كل برنامج خصوصًا أنني كما ذكرت لدينا هذا العام أفلام
مدتها طويلة لكننا في النهاية محكومين بعدد معين من الأفلام والعروض،
وأعتقد أنه رقم معقول حيث سنعرض يوميًا خمسة أفلام باستثناء يوما واحدا
سنعرض به ستة أفلام وهو عدد مناسبة للمشاهدة.
·
هناك خمسة أفلام مصرية وأربعة عربية يشاركون في المسابقة،
فكيف ترى هذا التوجه المصري والعربي في إنتاج أفلام قصيرة ومعقولة التكلفة
نسبيًا؟
هذا أمر جيد جدا في مسابقتنا هذا العام، خصوصًا أن هناك
تنوعا في الدول المشاركة من تونس وسوريا وفلسطين ولبنان والسعودية بالتوازي
مع وجود الأفلام المصرية والتي أضفنا إليها مؤخرًا فيلم بعنوان "صورة لكل
سيرنة غارة".
·
هل لدينا ثقافة في المجتمعات العربية في مسألة إنتاج
الأفلام القصيرة، وهل الدول العربية أكثر اهتمامًا بهذا الأمر لأنهم يضعون
فكرة المشاركة بالمهرجانات الدولية نصب أعينهم؟
هناك إنجاز هذا العام فيما يتعلق بالأفلام القصيرة في
السينما العربية فلدينا مثلًا الفيلم السعودي "الدنيا حفلة"، والذي سبق
وشارك في أكثر مهرجان منها "ساندانس" وحصد جوائز، كذلك الفلسطيني "أمبيانس"
كان مشارك في منحة مهرجان كان وحصد جائزة، والمصري " فخ" شارك في مهرجاني
كان وتورنتو، وكل ذلك يؤكد على حالة الحراك الموجودة عربيًا والمصري
القصيرة وأعتقد هناك اهتمام بدأ بالأفلام القصيرة لأننا نرى ذلك مع مرور
الوقت، حيث إن هذه النوعية من الممكن أن تحقق نجاحًا جيدًا ولا تكون
تكلفتها كبيرة، والحقيقة هناك دول فارقة في هذا المجال مثل تونس ولبنان عن
باقي الدول سواء في كم الإنتاج أو مستواها لدرجة أن الأفلام التي جاءت
إلينا من هاتين الدولتين يمكن عمل مسابقة خاصة بهم، ما يعكس فكرة الاهتمام
بمدارس تعليم السينما خصوصًا في تونس لكن العكس في مصر وربما كنا محظوظين
بوجود استثناء هذا العام من خلال مشاركة خمسة أفلام لأنني وجدت فرصة لتقديم
تنوع بهم، حيث يوجد فيلمان روائيان وآخر تحريك، وفيلمًا تجربيًا وآخر
تسجيلي ولكن مع الأسف الأفلام المصرية في الأغلب لا تكون بهذه الجودة.
·
هناك إحدى أعضاء لجنة التحكيم وهي ناتالي ميروب مسئولة
للترويج عن السينما الهولندية إلى أي مدى يمنح وجودها خبرة واختلاف بلجنة
التحكيم، وماذا عن وجود الفنانة حنان مطاوع ضمن اللجنة خصوصًا أن وجود
امرأتان في اللجنة ينصب نحو هدف اتفاقية ٥٠/٥٠ التي تم التوقيع عليها
مؤخرًا؟
ناتالي ميروب لديها خبرة في اختيار وبرمجة الأفلام وتوزيعها
كما أن فكرة الترويج بها جزء كبير من المشاهدة لأنهما الضروري أن تكون ملمة
بنقاط الضعف والقوة للأفلام، أما بالنسبة للإتفاقية ففي العام الماضي كان
لدينا امرأتان وهذا العام أيضًا لكني في النهاية أبحث عن التنوع في الأفكار
والخلفيات والأمر كله جاء صدفة مع الاتفاقية.
·
كيف تقييم حالة التفاعل الجماهيري مع برنامج المسابقة منذ
العام الماضي بعد توليتك لرئاسته؟
بالتأكيد هناك فارق واهتمام، والحقيقة أنه بمجرد وضع الجدول
الخاص بفعاليات المهرجان عبر صفحات السوشيال ميديا تم التفاعل معه بشكل
كبير، والدورة الماضية قدمت ضجة ومساحة ثقة مع المشاهد وصناع الأفلام
وأعتقد ما نراه هذا العام نتاج لذلك، وأتمنى أن تكون الدورة على قدر توقعات
المشاهد. |