مهرجان الجونة السينمائي يسعى لخلق تواصل أفضل بين
الثقافات، ويصل بين صناع الأفلام في منطقة الشرق الأوسط من أجل تعزيز روح
التعاون.
تنطلق الخميس النسخة الثالثة من مهرجان الجونة السينمائي
وسط تفاؤل كبير من القائمين عليه، مؤكّدين أن المهرجان سيقدّم هذا العام
وعلى مدار تسع ليال وجبة سينمائية تعتمد على توليفة من مختلف الثقافات
السينمائية، حيث يضم المهرجان العديد من الفعاليات والأفلام من أغلب دول
العالم، والتي توفر لمحبي السينما أفضل الإنتاجات التي عرضت بالمهرجانات
العالمية.
الغردقة (مصر)- حجز
مهرجان الجونة السينمائي مكانة مهمة وسط المهرجانات العالمية منذ دورته
الأولى قبل عامين، ويعرض مجموعة من الأفلام المتنوعة للجمهور الشغوف بفن
السينما، ويسعى لخلق تواصل أفضل بين الثقافات، ويصل بين صناع الأفلام في
منطقة الشرق الأوسط من أجل تعزيز روح التعاون، ويلتزم باكتشاف الوجوه
السينمائية الجديدة، والتحول إلى محفز لتطويرها.
وقال عمرو منسي الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك للمهرجان
لـ”العرب” “رغم النجاح الذي حققته الدورتان السابقتان، إلاّ أنني لا أزال
أشعر بالقلق مع بداية دورة جديدة، أتمنى أن تكون دسمة وثرية وفيها العديد
من النجوم العالميين، ومنهم الفنان العالمي (من أصل مصري) مينا مسعود بطل
فيلم (علاءالدين)”.
وأوضح انتشال التميمي مدير المهرجان لـ”العرب” “الجونة
السينمائي مهرجان دولي موجود في المنطقة العربية، وتعتمد هويته على التوازن
بين الجوانب المصرية والعربية والدولية، ويعد النجاح العالمي لأي صانع
أفلام عربي فرصة للاحتفاء بصناع الأفلام العرب في كل مكان”.
وكشف التميمي أنهم وجّهوا دعوة للممثل المصري-الكندي مينا
مسعود، والمصري-الأميركي رامي مالك، وافق الأول لأن جدول أعماله سمح له
بالحضور، بينما ظلوا إلى الآن ينتظرون موافقة مالك الذي يعمل على فيلمه
الجديد “لا وقت للموت”.
وأضاف عمرو منسي أنه تم تفادي الأخطاء السابقة في الدورة
الجديدة التي تتواصل حتى الـ27 من سبتمبر الجاري، والاستعانة بشراكات مع
منظمة اليونسيف، وإقامة معرض للأديب المصري الراحل إحسان عبدالقدوس، الذي
تحولت الكثير من رواياته لأعمال سينمائية مؤثرة، ويقول “هناك منطقة جديدة
لعرض الأزياء التي تجلب دخلا ماديا للمهرجان، لأن هناك فنانين وفنانات
يهتمون بها، وأصبح فريق العمل نفسه أكثر انسجاما”.
عمرو منسي: تفادينا
الأخطاء السابقة وأشعر بالقلق من الدورة الجديدة
وأشار لـ”العرب” إلى أن ميزانية المهرجان هذا العام مثل
العام الماضي 70 مليون جنيه (نحو 6 ملايين دولار)، نافيا أن يحقّق المهرجان
ربحا أو فائضا هذا العام، ويحتاج هذا الأمر حوالي ست سنوات.
وذكر انتشال التميمي لـ”العرب” أن الاستدامة المالية واحدة
من أهم أهداف مهرجان الجونة السينمائي، وبالرغم من التوسّع في فعاليات
وبرامج المهرجان، “إلا أننا لا نتطلع لميزانية أكبر، حيث شكلت علينا عبئا
في الدورة الأولى من المهرجان، إذ تم تأمين 85 بالمئة من الميزانية من
المؤسسين، وهم عائلة ساويرس، وفي الثانية شاركوا بـ55 بالمئة فقط من
الميزانية، وهذا العام يشاركون بنحو 50 بالمئة من الميزانية، وتم تأمين
بقية الميزانية من الشركات والمؤسسات المتحمسة لتكون جزءا من المهرجان، وهي
في تزايد طوال الوقت”.
وقال التميمي “هناك اهتمام ملحوظ من وزارة الثقافة المصرية
ومؤسسات حكومية أخرى لدعم المهرجان، وتشارك بشكل دعم لوجيستي، وفي هذه
الدورة تلقينا دعما من شركات محلية وإقليمية ودولية عديدة”.
وعن موقع المهرجان وسط المهرجانات العالمية، أكد عمرو منسي
“عندما نذهب لأي مهرجان في الخارج نقوم بدعاية جيدة، وتكون لدينا قنوات
فضائية عالمية، وعندما استضفنا سلفستر ستالون وباتريك ديمسي تم نشر أخبار
المهرجان في الخارج، وقد لاحظت أن عددا كبيرا من ضيوف المهرجان كانوا
يعرفون الكثير عن مهرجان الجونة”.
وحول ما أثير عن اعتراض البعض على تكريم الفنان محمد هنيدي
بجائزة الإنجاز الإبداعي بعد عادل إمام في الدورة الأولى والمخرج داود
عبدالسيد في الدورة الثانية، أكد منسي لـ”العرب” “لا يجب أن يتدخل أحد في
الأمور الفنية، نحن لم نركز على السينما الكوميدية، لكن هناك نقاد يرون أن
هنيدي فتح الطريق أمام الكثيرين، بداية من فيلم ‘إسماعيلية رايح جاي’، حيث
كان أول من استقل من فناني هذا الجيل، وشاهده الجمهور على نطاق واسع”.
وتشهد الدورة الثالثة من عمر المهرجان تكريم ثلاثة نجوم من
خلال منحهم جائزة الإنجاز الإبداعي، وتخصص الجائزة للسينمائيين الذين ترك
عملهم والتزامهم بالسينما علامة لا تمحى في مجال إنجازهم الإبداعي، وهم:
الفنان محمد هنيدي والمخرجة الفلسطينية مي المصري وفنان عالمي فضّلت إدارة
المهرجان عدم الإعلان عنه، إلاّ في حفل افتتاح المهرجان الخميس، ليكون
بمثابة مفاجأة للحضور.
ومن المقرر أن تتولى تقديم الحفل الإعلامية اللبنانية ريا
أبي راشد، وسبق لها أن قدّمت حفل افتتاح الدورة الثانية، ونشرت عبر صفحتها
الخاصة على إنستغرام أنها متشوقة لحضور فعاليات الدورة الثالثة من
المهرجان، بينما سيكون فيلم الافتتاح هو “الإعلان أسترا” بطولة براد بيت
وتومي ليجونز وليف تيلر وروث نيغا.
طفرات تنظيمية
أوضح انتشال التميمي مدير مهرجان الجونة السينمائي، أن
الدورة الثالثة للمهرجان تشهد طفرات في التنظيم، قائلا “نجحنا في خلق
التناغم بين كل أقسام المهرجان، من موارد بشرية، وإدارة قواعد البيانات
والفعاليات، عن طريق نظام رقمي يقلّل من نسب الخطأ البشري وينظم المعلومات
بشكل ممتاز، وهناك فرق في مجرى الأمور، ونتوقع أن يشعر به الجمهور والضيوف
هذا العام”.
ولفت التميمي لـ”العرب” إلى أن المهرجان توسّع هذا العام
بشكل جيد، حيث يعمل على إطلاق عدة مبادرات مؤثرة من شأنها دعم مشهد صناعة
الأفلام في مصر والدول العربية.
مهرجان الجونة يعمل هذا العام على إطلاق عدة مبادرات مؤثرة
من شأنها دعم مشهد صناعة الأفلام في مصر والدول العربية
وأكد أن فريق البرمجة قام بمجهود عظيم على مستوى اختيار
الأفلام لخلق برنامج لا يقل عن الدورتين السابقتين، قائلا “ونعدكم بعرض نحو
80 فيلما من أحدث إنتاجات السينما، من الأفلام الروائية والوثائقية
الطويلة، والقصيرة أيضا، والتي فازت بالعديد من الجوائز، أو حظيت بعروضها
العالمية الأولى، إضافة إلى برنامج خاص يحتفي بأعمال كلاسيكية خالدة تركت
أثرا في نفوسنا على مدار الزمن”.
وأوضح أن المهرجان أصبح نموذجا، فهو مهرجان في مدينة “كنت
أنا وكثيرون لا نعرف عنها شيئا، وكبرت لتحظى بمكانة مهمة على خارطة السينما
العالمية، ولم يكن من الممكن تحقيق هذا الأمر دون عدد من العناصر، أهمها
عقلية رجل الأعمال نجيب ساويرس، الذي يعرف كيف ومتى يبدأ حدثا عالميا،
والمهندس سميح ساويرس، الذي أسّس مدينة مذهلة من الصفر، وخطّط لهذا
المهرجان منذ 26 عاما، ويعمل الآن على إنشاء مركز الجونة للمؤتمرات
والثقافة”.
وأضاف “ما تم تحقيقه في الثلاث سنوات الأخيرة، يفوق الخيال،
وأعتقد أنني شخصيا قد تعلمت الكثير من العمل في مهرجان الجونة، واكتسبت ثقة
أكبر في عملي مع اقتراب الدورة الثالثة”. ويعرض المهرجان 80 فيلما من أهم
وأحدث الأعمال السينمائية العربية والدولية، من خلال خلق تواصل أفضل بين
الثقافات في فن السينما، وتواصل صناع الأفلام من المنطقة بنظرائهم
الدوليين، لتعزيز روح التعاون والتبادل الثقافي.
وتبلغ قيمة الجوائز المقدمة نحو 224 ألف دولار أميركي،
إضافة إلى الجوائز العينية، حيث يتكوّن برنامج المهرجان من ثلاث مسابقات
رسمية، هي: مسابقة الأفلام الروائية الطويلة والوثائقية الطويلة ومسابقة
الأفلام القصيرة، والبرنامج الرسمي خارج المسابقة، إضافة إلى البرنامج
الخاص.
وتُعرض جميع الأفلام بترجمة إنكليزية، ومعظمها مترجم
للعربية أيضا، وتعقب معظم العروض ندوات مع صناع الأفلام، أو طاقم العمل في
الفيلم، في محاولة لوصل صناع الأفلام بجماهيرهم.
القائمون على المهرجان يعدون الجمهور بعرض نحو 80 فيلما من
أحدث إنتاجات السينما العربية والعالمية، من الأفلام الروائية والوثائقيات
الطويلة والقصيرة
وفي إطار “البرنامج الخاص” يستعيد مهرجان الجونة عروض
الأفلام المرمّمة حديثا، وتعد من كلاسيكيات السينما العربية والعالمية،
ومنها “بئر الحرمان” للمخرج كمال الشيخ، بطولة سعاد حسنى ونور الشريف
ومحمود المليجى.
علاوة على الفيلم الفرنسي “قبلات مسروقة” إخراج فرنسوا
تروفو ومن إنتاج عام 1968، والتونسي “كاميرا أفريقية” للمخرج فريد بوغدير،
والفيلم الإيطالي “إستراتيجية العنكبوت” للمخرج برناردو برتلوتشي و“الشيخ
الأبيض” من إيطاليا إخراج فيدريكو فيلليني، و“محطة البرازيل” من إخراج
والتر سالس، وهو إنتاج برازيلي فرنسي.
أما بالنسبة لمنصة الجونة السينمائية التي تهدف إلى خلق
مساحة إبداعية للأشخاص والأسواق السينمائية، وتعد جزءا لا يتجزأ من مهرجان
الجونة السينمائي، فهي فعالية موجهة لصناعة السينما، وتقدّم مبادرتين، هما
“منطلق الجونة السينمائي” و“جسر الجونة السينمائي”، حيث تقدّمان فرصا
متنوعة للتعلم من خلال ورش لصناعة الأفلام وحلقات نقاش وطاولات مستديرة
ومحاضرات لخبراء في صناعة السينما.
وقد تم استلام طلبات التقديم لمشاريع الأفلام الروائية
والوثائقية الطويلة في مرحلة التطوير، والأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج،
من خلال دعوة تقديم مفتوحة، وتمت مراجعة هذه الطلبات من قبل لجنة أفلام من
السينمائيين المتخصّصين لاختيار 12 مشروعا في مرحلة التطوير، وستة في مرحلة
ما بعد الإنتاج لتتنافس على جوائز منطلق الجونة السينمائي في دورته الثالثة.
وتمنح منصة الجونة السينمائية 175 ألف دولار للمشاريع
الفائزة في مرحلة التطوير، والأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج. ويتم توفير
الجوائز من قِبل مهرجان الجونة السينمائي وشركائه.
المهرجان سيعرض نحو 80 فيلما من أحدث إنتاجات السينما
العربية والعالمية، من الأفلام الروائية والوثائقيات الطويلة والقصيرة
ويضم فريق عمل مهرجان الجونة السينمائي كلا من مؤسّس
المهرجان نجيب ساويرس ومؤسّس مدينة الجونة سميح ساويرس، علاوة على الرئيس
التنفيذي والمؤسّس المشارك لمهرجان الجونة السينمائي عمرو منسي ورئيس
العمليات والمؤسّس المشارك الفنانة بشرى عبدالله رزة ورئيس القطاع المالي
والمؤسّس المشارك كمال زاده ومدير المهرجان انتشال التميمي والمدير الفني
أمير رمسيس، كما يضم فريق البرمجة نيكول جيميه وتيريزا كافينا ومحمد عاطف
ومستشار المهرجان رامان شاولا.
خمسة أفلام عربية
يضم المهرجان هذا العام خمسة أفلام عربية، في المسابقة
الرسمية، أربعة منها من دول أفرو-عربية، وواحد من الجانب الآسيوي للمنطقة
العربية، وهي: تونس والجزائر والسودان والمغرب ولبنان، وتمثل هذه الأفلام
التجارب الروائية الأولى لمخرجيها، وبعضها قد تم دعمه من الدورتين
الماضيتين من منصة الجونة السينمائي، مثل “1982” و”حلم نورا”.
ويقدّم المهرجان أيضا في دورته الثالثة فيلمين طويلين
مصريين (خارج المسابقة)، وهما “الفارس والأميرة” وهو أول فيلم تحريك مصري
طويل، من كتابة وإخراج بشير الديك، والفيلم الموسيقي “لما بنتولد” من إخراج
تامر عزت، واللذين يحظيان بعروضهما العالمية الأولى في الجونة السينمائي.
كما يقيم المهرجان هذا العام معرضا بمناسبة مرور مئة عام
على ميلاد الأديب الراحل إحسان عبدالقدوس، وذلك تخليدا لذكرى الأديب المصري
الذي أسهمت كتاباته في العديد من الأفلام السينمائية، ويتضمن المعرض
مقتنيات مادية خاصة بعبدالقدوس، مثل قطع أثاث من بيته وبعض اللوحات الفنية
وشهادات التقدير التي حصل عليها الكاتب ووثائق مكتوبة بخط يده من أعماله
الروائية والصحافية، وصورا نادرة.
كاتبة مصرية |