من أثاروا أزمة ليلوش لهم أهداف أخري غير خوفهم علي الوطن
يستعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حاليا
لدورته الـ40 التي من المنتظر أن تكون مختلفة عن الدورات السابقة
مع تولي المنتج والسيناريست محمد حفظي, والذي يسعي لتغيير شكل
المهرجان محليا وعالميا والتواصل مع الجمهور من جديد,
وكلما اقترب موعد انطلاق المهرجان المقرر في الفترة
من20 وحتي29 نوفمبر المقبل, يحيط بالمهرجان الكثير من الجدل بسبب
اعتراض عدد من النقاد والسينمائيين علي تكريم المخرج الفرنسي كلود
ليلوش لزياراته السابقة لإسرائيل وهو الجدل الذي لم تحسمه إدارة
المهرجان حتي الآن, وفي هذا الحوار يتحدث حفظي لـاالأهرام المسائي
عن الشكل الجديد للمهرجان في هذه الدورة وعن موقفه من هذا الجدل:
·
مع تولي رئيس جديد لإدارة المهرجان يتوقع الجميع
الكثير من هذه الدورة, فما هي الرؤية الجديدة التي تسعي لتحقيقها؟
نعمل هذا العام علي أكثر من عنصر لتعويض النقص في
بعض الجوانب التي كانت تؤثر علي عمل المهرجان وتحتاج لدعم أكبر حتي
يشعر الناس بوجود اختلاف حقيقي في هذه الدورة, المهرجان كان يعاني
من بعض المشاكل التنظيمية التي نحاول تجنبها وعلاجها بقدر الإمكان,
وعلي رأسها ضعف التواصل مع الجمهور عن طريق الإعلام واالسوشيال
ميدياب وليس فقط علي مستوي الدعاية في الشوارع, وإنما أيضا فكرة
التفاعل مع الجمهور وكيفية الإعلان عن برنامجنا بشكل جيد ووصول هذا
البرنامج للناس قبل بداية المهرجان بشكل كاف للتعرف علي الأفلام
المهمة ومواعيد عرضها, حتي يحضر الناس الأفلام خلال فترة انعقاد
المهرجان, فعدد التذاكر المباعة ونسبة حضور الجمهور في الأعوام
السابقة كانت ضعيفة جدا مقارنة بحجم المهرجان ولهذا أعتبر استعادة
الجمهور والترويج للمهرجان من أولوياتنا في هذه الدورة, ولهذا قمنا
بالتعاقد مع شركة سوشيال ميديا جديدة تعتبر من الشركات المهمة
والكبيرة التي تعمل في مصر, ونعمل معهم علي شكل المهرجان بشكل عام
والطريقة التي سيظهر بها بداية من تصميم اللوجو والبوستر والبرومو
الدعائي المعبر عن فكر جديد وسيظهر هذا في المؤتمر الصحفي الإثنين
المقبل, الذي سيقدم فيه المهرجان نفسه بالشكل الجديد للجمهور
ووسائل الإعلام لأول مرة, ونعمل أيضا علي تطوير التقنية الإعلامية
فيما يتعلق بالتعامل مع الصحافة الأجنبية لأن تواجدها في الدورات
السابقة كان ضعيفا جدا, حيث نعمل حاليا مع شركات أجنبية مهمة
ومستشار إعلامي للتسويق الإعلامي للمهرجان خارجيا, وسيكون لدينا
هذا العام تغطية إعلامية من صحف ومجلات عالمية كبيرة مهتمة
بالسينما.
·
وماذا عن دور المهرجان في صناعة السينما, وما
الجديد بالنسبة للبرمجة ؟
من الأشياء المهمة التي نعمل عليها هي أن يكون
للمهرجان دور في الصناعة لا مجرد حدث لعرض الأفلام فقط, حيث يقوم
بدعم مشاريع السينمائيين والمحترفين ويوفر لهم الفرص لحضور دروس
سينمائية وورش وندوات ولقاءات, الدعم سيكون من خلال ملتقي القاهرة
السينمائي الذي يقام هذا العام للمرة الخامسة, ونجحنا في الحصول
علي جوائز تفوق مالية قيمتها100 ألف دولار يتنافس عليها15 أو16
مشروعا سينمائيا, وهي أفلام في مرحلة التطوير أو مراحل ما بعد
التصوير, ونطلق منصة القاهرة لصناعة السينما خلال الفترة من25
وحتي29 نوفمبر والتي يشارك فيها عدد كبير من السينمائيين من منتجين
وموزعين ومسئولي منح ومبرمجين مهرجانات, وتشمل كل ما تحدثت عنه
وأهم جانب فيها هو ملتقي القاهرة السينمائي الذي يمنح جوائز الدعم,
أما البرمجة فستكون مختلفة نوعا ما, فلدينا عروض اجالاب كل ليلة
علي السجادة الحمراء أسوة بالمهرجانات العالمية الكبري مثل كان
وبرلين, فلن تكون قاصرة علي حفلي الافتتاح والختام فقط, وسيحضرها
الضيوف والنجوم والمخرجون والمنتجون المشاركون بأفلامهم.
·
أغلب مشكلات المهرجان تنحصر في الميزانية وعدم وجود
الدعم المادي الكافي لتحقيق كل ما تحدثت عنه فكيف تغلبت علي هذه
المشكلة ؟
لم نتغلب عليها بنسبة100% لكنها في طريقها للحل,
فقد حصلنا علي دعم من وزارة الثقافة ودعم إضافي من وزارة المالية
كما يحدث كل عام, لكن هذا الرقم لا يصنع مهرجانا بالمستوي المطلوب,
إذا كنا نسعي لمنافسة المهرجانات الكبيرة في العالم العربي علي
الأقل, مثل دبي أو الجونة أو مراكش, التي من المفترض أن نتصدي لها
ولا نكون مجرد منافسين فقط, لهذا نسعي للحصول علي دعم ورعاية من
مصادر مختلفة, ومن بين هذه النماذج الشريك الإعلامي حيث يجري حاليا
الاتفاق مع شركة دي ميديا وشبكة قنواتdmc
للرعاية والشراكة الإعلامية وتغطية فعاليات المهرجان وبالتحديد
حفلي الافتتاح والختام, كما نعمل علي جذب رعاة آخرين من شركات
القطاع الخاص وأيضا مؤسسات تابعة للدولة مثل هيئة تنشيط السياحة,
فالمهرجان له جانب سياحي كبير ومهم للدولة, ووقعنا بروتوكول تعاون
مع امصر للطيرانب لتوفير جزء من التذاكر, نحاول التغلب علي المشكلة
بهذه الطريقة, وتعتبر هذه الدورة الأعلي ميزانية في تاريخ المهرجان
مقارنة بالدورات السابقة, باستثناء دورة العام الماضي التي ضخت
فيها اdmcب
مبالغ كبيرة وتولت بشكل شبه كامل تنظيم حفلي الافتتاح والختام
واستضافة النجوم الأجانب ورصدت لهم ميزانية كبيرة جدا, هي من وجهة
نظري كبيرة أكثر من اللازم, لا أعرف قيمة الميزانية بالتحديد ولكن
الأرقام التي نسمع عنها مبالغ فيها جدا وجزء كبير منها كان موجها
لاستضافة النجوم العالميين.
·
وما هي قيمة الميزانية الإجمالية للمهرجان هذا
العام؟
حصلنا علي دعم رسمي من الدولة يقدر بـ16 مليون
جنيه, بينما سيتكلف المهرجان أكثر من ذلك بكثير, فالميزانية التي
قدرناها تتخطي الـ30 مليونا وربما تصل إلي40 مليون جنيه, وبالتأكيد
لن ننجح في الوصول لهذا الرقم حتي بعد الاستعانة بالرعاة لذلك
نحاول أن نعمل في إطار المبالغ المتاحة.
·
هل يعني ما قلته أنك ترفض فكرة استنزاف الميزانيات
في استضافة النجوم الأجانب؟
نعم, لا أسعي لدفع مبالغ مالية حتي يحضر النجوم
المهرجان علي عكس ما كان يحدث من قبل في المهرجانات العربية
ومهرجان القاهرة, حيث أحاول الترسيخ لفكرة أن يحضر النجوم وصناع
الأفلام للمهرجان لهدف سينمائي وهو الترويج لأفلامهم من خلال
المهرجان, وبالفعل كل من سيحضر هذه الدورة من نجوم ومخرجين مهمين
سيحضرون لدعم أفلامهم المشاركة والترويج لها, أو لارتباطهم
بالمشاركة في حدث ما مثل المكرمين وهؤلاء عددهم قليل جدا فنحن لن
نكرم10 أشخاص وإنما يقتصر الأمر علي شخصيتين أو ثلاثة فقط وسنعلن
عنهم وعن السبب في المؤتمر الصحفي.
·
وهل دفع مبالغ مالية للنجوم للحضور متعارف عليه في
المهرجانات العالمية ؟
لا, بعض المهرجانات تتبع هذا الأسلوب لكنها
مهرجانات صغيرة وليست بعراقة مهرجان القاهرة ولا تمتلك تاريخه,
ولكن أن يصل عمر المهرجان إلي40 دورة ومازال يدفع للنجوم للحضور,
فهذا يعيبه بدرجة كبيرة.
·
وما الذي ينقص مهرجان القاهرة؟
المشكلة هي أن مهرجان القاهرة ليس لديه سوق للفيلم,
فمهرجانات مثل ابرلينب واكانب مهمة جدا لترويج الأفلام, والموزعين
يهتمون بتوزيع أفلامهم وبيعها في جميع أنحاء العالم, ولهذا يوجهون
النجوم للذهاب للمهرجانين للترويج للأفلام حتي تهتم الصحافة بها
وتسلط الضوء عليها وبالتالي يهتم الجمهور بالأفلام ويسهل توزيعها
من خلال السوق, بينما مهرجان القاهرة لا يمتلك سوقا بهذا المعني,
وبالتالي لكي يحضر النجوم كان لابد أن يكون لديهم سبب آخر إما
زيارة مصر للسياحة أو مقابل مبلغ مالي أو أي سبب آخر في حين أنه من
المفترض أن يكون السبب الرئيسي لحضور أي نجم لمهرجان هو الترويج
لفيلمه ومساعدة المنتج والموزع في تسويقه, ولهذا نسعي لتغيير ذلك
الآن.
·
وما الخطوة البديلة للسوق حاليا؟
البديل هو أنه كما استطاع مهرجان فينسيا أن يكون
أحد أهم مهرجانات العالم بدون أن يكون لديه سوق, نحاول نحن أيضا أن
نجعل القاهرة مهرجانا له احترامه بشيئين مهمين وهما مستوي الأفلام
التي يعرضها وقوة مسابقته, والاهتمام الإعلامي الذي يحققه
المهرجان, وثانيا السوق الخاصة بالإنتاج المشترك ودعم المشاريع
السينمائية املتقي القاهرة السينمائي, فهي الوسيلة التي نسعي من
خلالها تدريجيا لخلق سوق للفيلم, والذي سيتطلب وقتا لتحقيقه
وتأسيسه خطوة خطوة لكنه شيء أساسي جدا وبدونه لن يكون للمهرجان
تأثير علي المستوي العالمي والعربي بشكل خاص.
·
كيف نتغلب علي مشكلة عدم قدرة المهرجان علي اجتذاب
أفلام مصرية للمشاركة؟
حاولنا التغلب علي أزمة جذب الفيلم المصري والعربي
أو حتي الدولي بشكل عام, عن طريق إضافة جائزتين إجمالي قيمتهما
المالية35 ألف دولار, الأولي هي جائزة تصويت الجمهور لأفضل فيلم في
المسابقة الدولية وقيمتها20 ألف دولار يقدمها أحد الرعاة, ويتم
تقسيمها بين المنتج وموزع الفيلم في مصر, والجائزة الثانية هي أفضل
فيلم عربي في جميع المسابقات االمسابقة الدولية وأسبوع النقاد
وآفاق السينما العربيةب تمنحها لجنة تحكيم مستقلة وقيمتها15 ألف
دولار يقدمها أحد الرعاة أيضا وتقسم بين المنتج والموزع, والهدف من
تقسيمها بهذا الشكل هو تشجيع وتحفيز الموزعين المصريين علي
الاهتمام بتوزيع الأفلام العربية والدولية بدلا من الاهتمام
بالأفلام الهوليودية والمصرية فقط, ومن جانب آخر غياب مهرجان دبي
السينمائي هذا العام علي الرغم من أنه أمر محزن جدا لكل
السينمائيين العرب إلا أنه منحنا الفرصة للحصول علي أفلام مصرية
كانت علي الأغلب ستشارك في مهرجان دبي, ولذلك لا توجد أزمة هذا
العام في المشاركة المصرية, وعلي العكس المشاركة المصرية موجودة
بقوة حيث يوجد فيلم مصري واحد علي الأقل في كل مسابقة, وهناك أفلام
مصرية خارج المسابقة, وسبق أن أعلنا عن مشاركة اليل خارجيب للمخرج
أحمد عبد الله السيد, وباقي الأفلام سيعلن عنها قريبا.
·
وهل تغلبت علي أزمة جذب الرعاة لدعم المهرجان ؟
لا لم نتغلب عليها بشكل كبير فمازلنا نعاني من
صعوبات في جذب الرعاة, ولكن هناك تحسنا في هذا الصدد وأعتقد أن
الأمر سيكون أفضل في الأعوام المقبلة, وأتمني أن تحقق هذه الدورة
النجاح حتي تكون حافزا لمشاركة أكبر من الرعاة.
·
وما السبب في عزوف رجال الأعمال عن دعم المهرجان؟
الشكل العام للمهرجان الذي كان يظهر فيه سوء
التنظيم صدر انطباع سلبي عنه خلال السنوات الماضية, والإعلام ساهم
في تجسيد هذا الانطباع, فقد ظلم مجهودا يحترم للبعض, فالدورة التي
قام بإدارتها الناقد الراحل سمير فريد كانت من أنجح الدورات في
مهرجان القاهرة علي مستوي البرمجة بشكل خاص, بينما كان الإعلام
قاسيا جدا علي هذه الدورة بالتحديد.
·
وهل دفعتك مشكلات المهرجان للتردد في قبول رئاسته؟
كنت قلقا في البداية لكنني قبلت التحدي وأتمني ألا
أندم علي ذلك فيما بعد.
·
بعد الأزمة الأخيرة والهجوم الموجه للمهرجان بسبب
تكريم كلود ليلوش هل ندمت علي قرارك؟
سأندم فعلا إذا لم يشعر الناس أني صنعت فارقا وأن
المهرجان تغير, وسبب ندمي سيكون أن المجهود الذي بذلته لم يصل إلي
نتيجة في النهاية, ولكن بالرغم من هذه الأزمة ــ والتي سنتخطاها
قريبا ـ إذا خرجت الدورة بالشكل الذي نتمناه علي أفضل وجه, فأنا
علي يقين أن الناس لن يتذكروا إلا النجاح الذي حققه المهرجان, و لن
يتذكروا الأزمة التي واجهت إدارة المهرجان فنحن في النهاية لا
نستطيع إرضاء الجميع, إلغاء التكريم يرضي البعض ويغضب البعض الآخر
ومهما فعلنا سيظل هناك طرف غاضب منا ويهاجمنا, ولهذا نتخذ القرار
الذي نراه مناسبا من جانبنا ونراعي مشاعر الناس إلي حد ما, وفي
النهاية المهرجان هو الذي سيبقي والنتيجة ستظهر خلال الدورة.
·
ولماذا تأخر الإعلان عن القرار النهائي علي الرغم
من كل هذا الجدل؟
لم نتسرع في إعلان قرارنا الرسمي احتراما لاجتماع
المجلس الاستشاري الذي لم يكن قد عقد حتي الأمس, وليلوش نفسه قرر
عدم الحضور بعد أن علم بهذا الجدل حول تكريمه.
·
وما تعليقك علي الحملة التي يواجهها المهرجان بسبب
هذا التكريم؟
لم أكن أحب التحدث عن ذلك, ولكن ما أشعر به هو أنه
ليس كل من شارك في إثارة هذه الأزمة قلبه قوي علي المهرجان وعلي
البلد وهذا كل ما أستطيع قوله في هذا الشأن. |