أزمات.. ثم المزيد منها : مأساة «مهرجان القاهرة»!
كتب : محمد عادل
كُنا قد عقدنا مُقارنة فى العدد السابق عن
«بانوراما الفيلم الأوروبى» والذى نجح ببساطة الشكل وبِتحديد
أهدافه فى جَذب السِينمائيين وغيرهم لمشاهدة 50 فيلمًا بدورى عرض
بالقاهرة فقط - وبدون حفل افتتاح مُبهرج - بل وبمجهود عددٍ محدود
من الأشخاص بجانب الشراكة مع عددٍ من الجهات الأوروبية، وبين
مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 39 الحالية بحفلٍ
أقوى «فى الشكل فقط» وبعدد أكبر من العاملين فيهِ «العدد فى
الليمون» وبعددٍ أكثر من الأفلام «لا يُمكن مُلاحقتها جميعاً»
وبوجود كيانات أضخم «اسماً فقط».. كان هذا قبل افتتاح المهرجان فى
21 نوفمبر بأيام .. لكن ما خشينا منه قد حدث!.
فلاش باك
صُور باهتة، قديمة، يغلب عليها اللون الأصفر، نشرها
«يحيى حُسنى» على الـ
Facebook
قبل افتتاح «مهرجان القاهرة السينمائى».. الصور تُلخص ذِكرياتنا مع
مهرجان اقترب من الأربعين.. كانت الصِور لدارى عرض «فاتن حمامة»
و«كايرو بلاس» أثناء انعقاد المهرجان عام 1985 .. وقد علقت دار عرض
«فاتن حمامة» لافتة كُتِبَ عليها : «تُعلن إدارة السينما عن عرضها
للأفلام المُميزة بالمهرجان والذى سيبدأ من 2 ديسمبر وحتى 12
ديسمبر»
.
هذه الصور تبدو أكثر بهجة مِن مهرجان هذا العام !..
هى أيضاً تُلخص رُوشِتة نجاح أى مهرجان .. فكيف يكون المهرجان بدون
أفلام مُميزة ؟.. أو دُور عرض وجِهاتٍ أُخرى مُتحمِسة للأفلام
والسينما أولاً قبل أى شىء آخر بنفس حماس إدارة المهرجان ؟.. أو
إقبال جماهيرى كبير؟.. وبدُون هذهِ العوامل الثلاثة فالمهرجان ينزل
درجة بعد أُخرى.. بِالنِسبة لِلعامل الأول يُحققها المَهرجان بشكلٍ
ما، لكن العاملين الثانى والثالث فيهبط بالمهرجان درجاتٍ لا درجة
واحدة!.
DMC
شراكة المهرجان مع إدارة قنوات
DMC
كان هناك بعض التحفُظ حولها.. أولها أن الإعلان عن هذهِ الشراكة تم
قبل افتتاح المهرجان بِشهرين فقط، وهى فترة غير كافية وضيقة لعقد
جلسات عمل ومُحاولة التنسيق بين الإداراتين حتى لا يحدث تخبُط،
ولإشراك القناة فى مسائل أكثر أهمية منها أن المهرجان للسينما
أولاً وأخيراً، ورغم ما هو معروف عن المسئول عن
DMC
والمُنتج «هِشام سليمان» وعِشقه لِلفنون إجمالاً، لكن شعر الكثير
من حُضور المهرجان بأن هناك شيئًا ما غائبًا فى العُروض.. بِبساطة
هو الحماس والأهم أن المَهرجان أولاً وأخيراً لِلجُمهور وليس
لِلضُيوف أو للدعاية أو للاستعراض أو غيرها.. وقد كتب أحد الناشطين
سينمائياً على موقع التواصل الاجتماعى
Facebook
يُلخص ما ذكرناه، فقال : «ذهبت إلى الأوبرا.. أتلفت وأتساءل: أين
المهرجان؟.. أين الناس؟.. الشباب؟.. الحماس فى العيون؟.. الأحاديث
عن الأفلام والجداول والكتالوجات؟.. الدنيا غائمة.. خافتة..
القلائل الموجودون ليسوا سُعداء بل مصدومين»
! .
ثانى هذه التحفُظات تصدير المهرجان كُل عام لوجود
مُشكِلاتٍ قبل انعقادهِ - مالية تحديداً - ومُحاولة إظهار قناة
DMC
بأنها «المُنقِذ» للمهرجان - حتى وإن حاولوا إظهار العكس أو إنكار
ما نقوله - كُل هذا لن يخدم المهرجان، ولن يُقدمه على أنه «الضحية»
وأن
DMC
هى السبب فيما وصل إليه حال هذه الدورة، وهو ما تردد فِعلياً فى
أروقة المهرجان !.. فى النهاية أسباب النجاح أو الفشل ستعود لإدارة
المهرجان - مهما كانت المُبررات - فالجُمهور سيُعامل المهرجان
بقسوة كما يتعامل مع الأفلام وصُناعها، فلا يشغلهُ كثيراً أزمات
المهرجان قبل أو أثناء أو حتى بعد انتهائه، فكُل ما يهمهُ هو تنظيم
جيد وأفلام مُميزة والحماس ووجود بعض صُناع هذه الأعمال لِلمُناقشة
.
ثالث هذه التحفُظات ما قالهُ أحد الجُمهور وهو أن
كل ما نحنُ فيه سببه أن «القناة اشترت المهرجان» أو أننا يجب أن
نُسمى المَهرجان بـ«مهرجان
DMC
السينمائى الدولى»!.. هى جُمل قاسية جِداً، وليست صحيحة، فعُمر
القناة لا يُوازى أبداً عُمر المهرجان، لكن يظل شُعور الجُمهور
بِمَا لا يُقال أو ما بين السُطور يؤدى لتزعزع مكانة المهرجان
وأهميته كـ«مهرجان سينمائى» أولاً وأخيراً، فمِن المُفترض أن تكون
اليد العُليا لإدارة المهرجان وليس لأى كيانٍ آخر مع كامل التقدير
لِكُل من يُحاول مُساعدة المهرجان فى الخُروج من كبوتهِ، لكن
احتكار
DMC
لتواجُدها - كما حدث بِحفلى الافتتاح والخِتام - وكذلك فى العُروض
المُهمة - مثل العرض الثانى لفيلم
The mountain between us
لِمُخرجه «هانى أبو أسعد» - وتُهمل أُخرى مِثل احتفالية المُخرج
الراحل «جان شمعون».. كُل هذا لا يُرسل أى رسائل إيجابية لِلجُمهور
سوى ما يحرص البعَض على إنكارهِ
! .
ما
قبل الافتتاح
التنسيق كان غائباً.. غياب بِطاقات هوية المَهرجان
لأيام، فمثلاً كُنت قد استلمت بطاقتى فى ثالث أيام المهرجان!.. رغم
أن عملى يتطلب وجودى مُنذ اليوم الأول، وبِمُساعدة من أحد العاملين
والأصدقاء فى المهرجان حصلت على بطاقتى، وقد قال لى حَرفياً أنه
لولا «الزن» لما كانت البطاقة!.. هذا ليس حالى فقط، بل حال
الكثيرين أيضاً، فمثلاً أحد النُقاد - والذى كان مسئولاً عن
مُناقشات الأفلام - لم يستلم بطاقته أبداً من المَهرجان بِدعوى أنه
«ناقد غير مُنتم لمؤسسة صحفية ما»، وطلبوا مِنه أن يَأتى يومياً
للمركز الصَحفى لِلحُصول على دَعواتٍ مَجانية ! .. وهناك من الـ
«سينفيليين»- أو المُحبين والمُتابعين للسينما- لم يحصل على بطاقة،
ويضطر أن «يطلب» دعوة مجانية قد يحصل عليها أو العكس، وهولاء هُم
الأهم برأيى فى الحُصول على البطاقات لأنهم الأكثر تواجداً بعروض
الأفلام والأكثر حُباً لِلنقِاش مع صُناعها.. هذا بِخِلاف ما حدث
مع المُصورة الخاصة بِنا، والتى لم يتصل بِها أحد تماماً مِن
الإدارة المَسئولة عن المُصورين بِالمَهرجان، مِمَا جعلنا نحضر
العُروض دُون مُصور!.
تبدو عوامل بسيطة - رغم أنها العكس - لكنها تُساهِم
فِى المزيد من الشعور بالتخبُط وقراءة ما يحدُث بِطريقةٍ مُحبِطة،
فقد قال لى أحد النُقاد إن هذهِ العوامل لا تُسهم سوى بِالمَزيد
مِن الدَفع بالجُمهور - وحتى المُتخصصين
-
بعيداً عن «المهرجان»، فلا حاجة لـ «عِقاب الجُمهور» على «حُبهِ
لِلسِينما»!.
الحفل
كُنتُ قد آثرت عدم حُضور حفل الافتتاح .. أولاً لأن
اختيار مكان بعيد بِالنِسبة للكثيرين فى «التجمُع الخامس» غير
مُناسب وغير مُوفق، وثَانِيها أن دعوات حفل الافتتاح كان المسئول
عنها
DMC
ثُم قِيل أنها أصبحت مسئولية إدارة المَهرجان، كُل هذا ساهم فى
وصول عددٍ من الدعوات لأناس لن يهتموا بِحُضور فعاليات المَهرجان،
بل اهتمامهم الأكثر بـ «العشاء» المُصاحب لِلحَفل، وهو ما حدث
حرفياً بالفِعل
! .
كان السبب الثانى هو رغبتى فى رُؤية تغطية
DMC
لِلحَفل، فهى التى تحتكر كُل شىء، وفى الحقيقة لم تُخيب القناة
«خيبة الأمل» التى تمنيت ألا تطالنى!.. باستثناء المُذيعة «جاسمين
طه زكى» المعروفة بثقافتها السينمائية - والتى لم تُستغل! - تبدو
باقى المُذيعات لا هم لهن سوى «الشكل» و«شُكر بعضهن البعض» وهو ما
غلب على حفل الافتتاح ذاته!.. بل وصل الأمر لأن تجد أسئلة مُكررة
لجميع الضُيوف، مِنها : ما الذى تقوله لـ «شادية»؟.. رأيك فى غياب
الفيلم المَصرى بِالمَهرجان؟.. وهذا الذى ترتدينه مِن أى بيتٍ مِن
بيوت الأزياء العالمية؟!.
لم تكُن الأحاديث من بعض الفنانين سوى أحاديث
مُكررة، فمثلاً «إلهام شاهين» عادت لتحكى حكايتها لِلمَرة الألف مع
«شادية» فى فيلم «لا تسألنى من أنا» ! .. و«جميلة عوض» لا تعرف
ماذا تقول تقريباً ! .. وباستثناء القليلين مثل «هند صبرى»، «ماجد
الكداونى»، «د. مدحت العدل»، وحتى «سمير غانم» ببساطته وبهجته،
فيبدو باقى كلام الضُيوف المُفترض أنهم سينمائيون بعيداً عن
السينما وأكثر قُرباً من فكرة الـ
Show
لا أكثر!.
لهذا لم تفرد القناة طويلاً للحديث عن «المهرجان
السينمائى» بقدر الحديث عن فستان «بُشرى» والثُعبان الكبير الذى
يُزينه باعتبار هذا العام هو «عام الأفعى» ! .. ولم أندهش كثيراً
مِمَا حدث من «أصالة» وتلعثُمها فى أُغنية الافتتاح بتختٍ شرقى -
والذى لم أستسغه حتى الآن - واختيار أُغنية «الفن» لتُغنيها،
وتقريباً نسى أحدهُم أن يقول لها أن الأغنية فى مدح «الملك فاروق»
ونحنُ فى عصر «الجُمهورية» !.. أو ما حدث من هرولة الضُيوف على
«العَشاء» ليتركوا المُخرج «هانى أبو أسعد» مع عددٍ قليل مِن
الضُيوف لِمُشاهدة فيلمه برداءة صوتًا وصُورة، بل ولم يحترموا
تواجُده، فبدأ العُمال بِفَك الدِيكور أثناء عرض الفيلم!.. فى هذا
كُله حديثٍ يطول عن احترامنا لِلسينما وللأفلام ولِصُناعها.. وهذا
ما لم يستطع الحفل تذكير المُشاهد بِهِ، لنخُرج من الحَفل فى
النِهاية بأشياء مثل أن فُستان «كِندة علوش» من تصميم «إيلى صعب»
! .
الكثيرون أعربوا عن خيبات أملهم مُنذ حفل الافتتاح،
فمثلاً المُنتج «محمد حفظى» - والذى شارك ضِمن اللجنة الاستشارية
العُليا لِلمَهرجان لِمُدة عامين - كتب على صفحته بـ
Facebook : «خيبة
أمل كبيرة، فالملايين والنجوم للأسف لا تصنع وحدها مهرجاناً عَريقا»
.
مُدير النَدوات
شرُفت باختيارى - بجانب عدد مِن الكُتاب والنُقاد-
كمُدير لعددٍ من الندوات مع مجموعة مِن صُناع الأفلام، مِمَا قربنى
أكثر مِن الاحتِكاك بِـ«مطبخ المهرجان» إن استطعنا أن نقول هذا،
وللأسف مُنذ اليوم الأول لِلعُروض شهدتُ بنفسى عدداً مِن الوقائع،
إلى درجة أن المُخرج الفِرنسى «سيرجى إيوان سيلبيداتشى» - مُخرج
فيلم
Octave -
طلب منى أن أُبلغ المَهرجان رسالة حادة مَفادها : «ما حدث من عرض
لفيلمى فى اليوم قبل الأخير للمهرجان يُمثل إهانة لِى ولِكُل
العاملين فى الفيلم، فهذا مهرجان مُصنف كمهرجان من المهرجانات
العالمية
(A)
وما حدث شىء غير مِهنى بِالمَرة، ولا يدُل سوى على عدم التنظيم
وعدم الاحترافية»
.
وللأسف الشديد رغم أن اختيار الأفلام مُنوع ومُميز،
لكن هذا المَجهود يضيع مع «عدم التنسيق» مُجدداً، لدرجة أن أحد
الفنيين بـ «مركز الإبداع» قال لى أنه مِن كثرة الجِهات التى
يتعاملون معها، فلا يعرف تحديداً ما الذى تُريده جِهة بِخلاف
الأُخرى!.. مثلاً فى عرض اليوم الأول بالمهرجان لِلفيلم الفِرنسى
Visiting Ours
بِحُضور بطلته الفرنسية جزائرية الأصل «جميلة ليمودا» لم يكُن
بِالفِيلم تَرجمة إنجليزية أو عربية - رغم أنه ناطق بالفرنسية -
وحينما قُلنا لها بِأن المُشكلة فى نُسخة الفيلم التى أُرسلت
لِلمَهرجان، كانت المُشكلة فى أن القاعة حجبت صُوت الفِيلم تماماً،
فالفيلم قد شاهدهُ الجُمهور كاملاً «بِدُون صوت»!.. ونفس مسألة
الترجمة حدثت أيضاً مع الفيلم الفِرنسِى
Do it right
لِمُخرجه «تشاد تشينوجا»، بجانب التأخير لأكثر مِن نِصف ساعة لأن
النُسخة يتم الإتيان بها من الفُندق، بعدما فشلت المُحاولات فى
تشغيل نُسخة الفيلم بـ«سينما الهناجر» لِعُيوب تقنية!.. ورغم ما
حدث فإن الفِيلمين مُميزان، حيث يسرد
Visiting Ours
قِصة مجموعة مِن النِساء فى زيارة لأقاربهن فى السجن، مِمَا
يُعرضهن لِلكثير مِن الأُمور، ويسرد
Do it right
قِصة حقيقية لِمُخرج الفِيلم الذى تُوفيت والدتهُ، فعاش فى دار
«رعاية للأيتام»، لكن بطريقة روائية.. وكان من بين الجُمهور اثنان
من أفراد الأمن، واللذان أُعجبا كثيراً بـ
Visiting Ours
خاصةً وهو يتعرض لمسألة العِلاقة بين «أفراد الأمن» وقريبات
السُجناء، وهو موضوع دقيق وحساس جِداً كما قالا لى.
وأيضاً فى العرض البرازيلى لفيلم
Rifle،
ورغم حُضور سفير البِرازيل «روى أمرال» بنفسه العرض، فلم يهتم
المَهرجان باستقبال السفير أو حتى مُخرجه «دافى بريتو» أو الدعاية
لِلفيلم بالشكل اللائق، وكان الاهتمام مُنصباً أكثر على حُضور
ندواتٍ أُخرى كندوة «هند صَبرى» أو العرض الثانى لِفِيلم
The mountain between us
والذى أٌقيم ارضاءً لِمُخرجه «هانى أبو أسعد» بسينما «الزمالك» -
بعد ما حدث له فِى فِيلم الافتتاح - ويأتى فيلم «أبو أسعد» الجديد
كفيلم هوليوودى تماماً مُختلف عن أفلامهِ الأُخرى وأقلهم قيمة، على
العكس مِن فيلم
Rifle
والذى يُظهر لك جانباً آخر ومُختلفاً وهو «الريف البرازيلى»، حيثُ
نُتابع قِصة شَاب وصِراعه مَع مُشترى الأراضى الكِبار الذين يرغبون
بشراء أرضهِ.. وهذا الشىء نفسه ستجدهُ فى فيلم
Agam
الهِندى، والذى يبتعد عن الشكل «البوليوودى» التقليدى الذى حفظناه،
لكن تشعُب الفيلم أكثر فى الطُقوس الروحانية والتصوير المُميز
باستخدام الظِل والنُور والألوان - خاصةً أن مُخرجه «سوميت ميشرا»
رسام أيضاً - هو ما أدى إلى أن يكون السرد والقِصة فِى مهب الرِيح!.
المَهرجان يشهد حالة مِن الزَخم سَواء بِالنَدوات
أو العُروض أو الأفلام - ونحنُ نتحدث عن أكثر من مائة فيلم - فهو
شىء ضِد وليس فِى صالح المَهرجان، فكيف لِلمُتابعين وغيرهم مُتابعة
كُل هذا الكم من العُروض والندوات؟.. بِالتالى سيتم ظُلم أفلام أو
ندوات على حِساب أفلام وعُروض أُخرى، هذا بِجانب أن الكثيرين قد
خرجوا لتوهم من «البانوراما»، وهو شىء ينبغى أن يُوضع فى الحِسبان
عِند التفكير فِى «حشر» هذا الكَم الهائل من كُل شىء.. وهو نفس رأى
ضيف المَهرجان والمُخرج الكوسوفى «إدون رزفانولى» مُخرج فيلم
Unwanted
والذى قال لى شَخصياً بأنه اندهش مِن عدم الدِعاية المُلائمة
لِلفيلم السنغافورى / التايلندى
Pop Eye
رغم أنه كان فيلم افتتاح مهرجان «صندانس السينمائى»، بل وحصل
الفيلم على جائزة أحسن سيناريو، ولم يكُن فِى القاعة سِواه وزوجتهِ
! .
مُشكلات أُخرى
تغيير مواعيد النَدوات والعُروض بِشكلٍ مُفاجئ، وهو
ما حدث معى شخصياً، حيث طالب صُناع الفيلم الباكستانى
Rahm
بإعادة عرض فِيلمهم بعد المُشكلات التِقنية فِى عرضهم الأول، ليتم
إبلاغى بتغيير الفيلم قبلها بيوم، ثم قبلها بساعة تقريباً أن
الفيلم الذى سأدير مُناقشته لم يعُد فِيلم
Rahm,
بل الفيلم الألمانى
Luna's revenge!.
ونفس ما طالب بِه صُناع فِيلم
Rahm,
طالب بِه أيضاً صُناع الفِيلم الرُومانى
Fault Condition
ليُعرض الفِيلم مُجدداً بِسينما «الزمالك»، مِمَا أدى إلى تغييرات
مُفاجئة فِى جَدول العُروض، ناهيك عن تبديل الأفلام فَجأة، فمثلاً
تم التنويه عن عرض فِيلم «قذر» بَدلاً مِن فيلم «ساحل كينيدى» فى
نفس اليوم، وفى اليوم الأول من المهرجان تم تغيير فيلم
The Prime Ministre
بِفِيلمٍ آخر دون أى تنويه!.
هذا نَاهيك عن «البيروقراطية» فى التَعامُل، سواء
فى قطع التذاكر بِدار الأُوبرا والتى تستغرق وقتاً طويلاً جِداً
دُون داعى، بل وحتى مع المُوظفين، الذين يمنعونك مِن دُخول القاعة
لو لم يكُن معك تذكرة، حتى لو كُنت مُديراً لندوة الفِيلم، فقط
لأنه لم يتم ارسال «إيميل» لهم بهذا الأمر
! .
ورغم هذا كُله فقد استمتعت بفيلمى
Luna's Revenge
وFault
Condition
والاثنان يستمدان أحداثهما مِن وقائع حقيقية، رغم أن
Luna's Revenge
يميل أكثر للطابع التُجارى على العكس من
Fault Condition
والذى ينتصر أكثر لقضية وأهمية الرعاية الصِحية وما يتسبب فيه
إهمال المُستشفيات وتأثير هذا كُله على المَرضى وذويهم، وهو ليس
ببعيدٍ كُلياً عن مصر!.
أما الفِيلم الأهم
In the fade
لـ «فاتح أكين» فلم يُعرض ولا مَرة!.. بل إن سُخرية الأمر بِأن
دار عرض سينما «الزمالك»- والتى كان مِن المُفترض عرض فيها الفِيلم
أولاً - أبلغت أحد المُشاهدين بِأن إدارة المَهرجان لم تُبلغها بِـ
«عرض الفِيلم» لديها، وأنه لِحَجز التذكرة لا يُمكن أن يتم هذا قبل
وقتٍ طويل، بل قبل وقتٍ قصير مِن العرضَ، وهو ما يعنى أنه قد تحدُث
مُضايقات لأن الكثيرين كانوا مُنتظرين هذا الفيلم، وفى النهاية لم
يُعرض الفيلم!.. بل إن القِصة الأكثر سُخرية حكاها لى أحد صُناع
الأفلام، والذى ذهب لِمُشاهدة فِيلم
Moulin Rouge
لِعِشقه لِهذا الفِيلم، فذهب قبل ثلاث ساعات لدار عرض سينما
«أوديون» لأول مرة، وأخبروه بعدها أن الفِيلم لن يتمكنوا مِن
تشغيله، واضطر لأن يذهب فِى يومٍ آخر لِمُشاهدتهِ!.
حادث العريش والاستقالة
تبدو الأحداث المُؤثرة خارج المَهرجان ليست بعيدة
عن جُمهورهِ، فحادث مسجد «الروضة» بـ «العريش» المُؤلم، دفع بأهل
المُخرج الرُومانى «كاتالين سايزسكو» فى رومانيا - كما أخبرنى -
إلى أن يتصلوا بِهِ للاطمئنان عليهِ، فأكد لهم أن كُل شىء على مَا
يُرام وأن «مصر بِخير».. وقرار رئيس المَهرجان «د. ماجدة واصف»
باستمرار المهرجان وعدم توقفه هو قَرار سَليم، فهدف هولاء أن تتوقف
الحياة و«السينما هى الحياة»، وأن إيقاف أى مَظهر مِن مظاهر
المَهرجان انتصاراً للإرهابيين.. لكن هل نستفيد حقاً مِن هذا فِى
الدَعاية لنا ولِلسِياحة التى ما زالت مَضروبة فى مَقتل؟.. فى
الحقيقة لا !.. ففى الوقت الذى نتعالى فيه بأن أحد «انجازاتِنا» هو
زِيارة 5 ملايين سائح فى 9 أشهر فى 2017، ففى 2016 زار «تايلاند»
فقط 32 مليون سائح، وزار «إسبانيا» 17 مليون سائح، و«إسبانيا»
تحديداً تشهد حوادث إرهابية!.. ودور المَهرجان فى التسويق
لِلسِياحة يبدو مَحدوداً لِلغاية، فالضِيوف يُحبون عُروض الأفلام،
لكنهُم يُحبون أيضاً الزِيارة والتَعرف على «الحياة المِصرية
الحقيقية» وليس على «الفنادق المِصرية»، وكان بعض الضِيوف يقومون
بِهذا باجتهادٍ شخصى، مثلما قال لى الكاتب البِريطانى «جيمس أوليفر»!.
أيضاً مسألة استقالة رئيس المَهرجان لا تُسهم فى
تَحسين صُورتنا أمام الضُيوف، والقَبض على مُشاهدى فيلم «حادث
النِيل هيلتون» ومنع عرضه فى مركز ثقافى مَحدود لا يُسهم فى هذا
أيضاً، وقد اجتمعت بعددٍ مِن السِينمائيين والنُقاد العَرب، والكُل
يُجمع على أهمية مَهرجان القاهرة، لكنهم أيضاً يتفقون على مَحدودية
التأثير، وهالنى أن اقترح أحدهم الغاء المَهرجان، والبِدء مِن
جَديد، أو الإستعانة بِفريق أوروبى لإدارتهِ!.. وكأننا تناسينا
دورة الناقد الراحل «سمير فريد»، والتى أجمع الكُل على تميُزها،
بِدُون «عُقدة الخَواجة» .. بَقى أن أقول أن هذا الاقتراح صَدق
عليهِ أحد أفراد إدارة المَهرجان!.
الدِفاع والخِتام
المَهرجانات لا يتِم الدِفاع عَنها بِالأقوال لكن
بِالأفعال، فسوء دورة هذا العام تحدث عنها الكثيرون، بِالتالى لا
حاجة لأن تكتب المُخرجة «هالة خليل» - وهى عُضو فى الهيئة
الاستشارية للمهرجان - على صَفحتها بالـ
Facebook
دِفاعاً عن رئيس المَهرجان «د. ماجدة واصف» بأنها قد «تحملت
الضُغوط» و«بذلت الكثير مِن المَساعى» لأن هذا دور «رئيس
المَهرجان»!.. أو أن تكتب الناقدة «صَفاء الليثى» على صَفحتها على
الـ
Facebook
بأن «المَهرجان بخير» وأن «فنيى العرَض مِن كوادِر المَركز القومِى
لِلسِينما»!.. كُلها أقاويل لا حاجة لقولها أمام من شَهد الكَثير
مِن التخبُط.. بقى أن نقول «وداعاً شادية» و«المهرجان ليس بخير»!.<
####
المُخرج الرُومانى «كاتالين سايزسكو»:
اكتفينا من الإرهاب.. ونبحث عن الحُب
كتب : محمد عادل
رغم عرض الفيلم الرومانى
Fault Condition
فى القسم الرسمى «خارج المُسابقة»، فإنه شهد إقبالًا كبيرًا بِسبب
قُرب قِصته مِن واقعِنا المِصرى.. وتدور أحداث الفِيلم عن قِصة
حقيقية لحادث حريق شهير أودى بحياة الأطفال الرُضع فى مُستشفى بسبب
العديد من العَوامل، أهمها مُحاولة تقليص عدد العاملين
بِالمُستشفيات وقرارات حُكومية خاطئة.
إلا
أن الفيلم لا يُدين أحدًا، ففى مَشهد مُهِم لِمُدير المُستشفى
يقول: «الجميع على صواب، فالحُكومة ليس بيدها شىء لتُقدمه،
والمَرضى يجب أن يصرخوا بِسبب مُعاناتهم، وأنا كمُدير لِمُستشفى لا
يوجد ما يمكننى فعله».
التقينا بِالمُخرج «كاتالين سايزسكو»، والذى يُعتبر
هذا ثانى فِيلم روائى طويل له، ويعتبرهُ هو الأول أيضًا بسبب
«أحداث مؤسفة» كما وصفها فى مشروعه الأول، وإن قال إن عرض «فيلم
دراما» فى رُومانيا يُمثل مُخاطرة لأن الجُمهور هُناك مثل الجُمهور
المِصرى يعشق الأفلام الكوميدية!.
·
فى فيلمك لديك هذه الرسائل القوية ضد وسائل الإعلام
والكهنة والحُكومة.. ألم تخَف بِأن تُصنف باعتبارك ضِد النِظام فى
رومانيا، خاصةً أنهُ مُنذ أيام شهدت رومانيا خُروج الناس للاحتجاج؟
-
أنا لا أحاول أن أضع إصبعى مُباشرةً على من هو المسئول عن الوضع
المُتفاقم، وذلك لأننى لا أشعر بأننى أستطيع أن أحل المُشكلات أو
أن أُشير لمَن من هو المسئول عما وصلنا إليه، ولكنى أشعر بِأنه من
واجبى كفنان أن أتحدث عن المُشكلات ذاتها وأن أفضح ما يحدث حقًا..
وكما قلت السيناريو يستند إلى الكثير من الحقائق بِالفِعل.. وهى
رسالة مِنى لأولئك الذين يشعرون بالذنب، أعتقد أنه يجب التعمُق
أكثر للبحث عن مَعانٍ أُخرى فِى الفيلم.
·
يتحدث الفيلم عن مُشكلات الرعاية الصحية فى
«رومانيا» التى تُشبه إلى حدٍ كبير نفس المُشكلات فى مصر.. هل كُنت
تدرك أن قصتك هذهِ تُعتبر قصة عالمية على الرغم من أن الفيلم يقوم
على قصة «رُومانية» حقيقية؟.. أم أن هذا كان من قبيل الصُدفة لا
أكثر؟
-
صحيح أن قصتى تقوم على حادث، لكنها يُمكن أن تحدُث بِرأيى فى جميع
أنحاء العالم، ولكن ذلك يعتمد على كيفية معالجة القصة.. أنا أتحدث
عن المسئولية التى يجب أن تكون الأولوية فى كيفية التعامل مع
الحياة بشكل عام.. فإذا كنت ترغب فى تغيير العالم، فعليك أن تبدأ
ذلك من خلال تغيير نفسك.. عندما نتحدث عن «النُظم السياسية»، فنحنُ
فى الحقيقة نتحدث عنا، والناس الذين يُعانون أو يقبلون ذلك، والناس
الذين يمكنهم تغيير هذا إلى الأفضل.. ولكن الفيلم برأيى أكثره عن
الحب.. الحب فى جميع الأشكال، وأعتقد أن الحب هو الطريقة التى
تُمكننا مِن التغلب على هذه القضايا.
·
هل يمكن أن تخبرنا عن مشروعك المستقبلى؟.. هل سوف
يكون ضد الحُكومة أيضًا؟
-
مشروعى المستقبلى هو أيضًا عن الحب والإنسانية والسلام، لأننا
نستحق حياة سلمية بدلاً من الصِراعات العالمية والإرهاب الذى
يُصيبنا جميعًا.. الكثيرون يتحدثون عن الكراهية والعُنصرية، وآمل
أن يُغلق أحدهم هذا الباب وألا يفتحه مرةً أخرى!.<
####
المخرجة «صوفى بطرس»:
فيلمى ضد التنظير وتوجيه الاتهامات
كتب : هبة محمد علي
لمع اسم «صوفى بطرس» على مدار الأحد عشر عامًا
الأخيرة كمخرجة أغانٍ مصورة لمعظم نجوم الغناء العربى، وقد تمكنت
من خلال أول أفلامها الروائية الطويلة «محبس» الذى عرض ضمن قسم
(مهرجان المهرجانات) فى مهرجان القاهرة السينمائى الأخير، أن تحقق
النجاح النقدى، حيث شارك الفيلم فى العديد من المهرجانات الدولية
بعد عرضه الأول فى مهرجان دبى العام الماضى، أيضًا نال الفيلم
نجاحًا جماهيريًا من خلال تحقيقه لإيرادات مرتفعة فى دور العرض
اللبنانية.
شاركت «صوفى» فى كتابة الفيلم مع «ناديا عليوات»
وقامتا باقتحام واحدة من الأزمات المسكوت عنها فى العالم العربى
منذ سنوات طويلة، وهى العلاقة المتوترة بين الشعبين السورى
واللبنانى، والتى مازالت مستمرة رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على
الاجتياح السورى للبنان.. بداية الحديث مع «صوفى» كان حول اقتحام
هذه المنطقة المعتمة بغلاف من الكوميديا التى اتسم بها الفيلم،
فقالت:
«طغيان
الجانب الكوميدى جاء لأننى لا أريد التنظير، أو إثبات أن هناك
طرفًا مخطئًا وآخر مصيبًا، وشعرت أن المباشرة من الممكن أن تؤذى
المشاهد سواء كان لبنانيًا أو سوريًا، فالهدف كان تسليط الضوء على
أحوالنا، وليس الإشارة بإصبع الاتهام نحو أى طرف».
·
هل عملك لسنوات طويلة فى إخراج الأغانى المصورة هو
ما جعل الصورة فى الفيلم أقرب لصورة «الكليبات»؟
-
لم أقصد بالتأكيد، لكن إذا كنت تقصدين مشهد تحدث الأخ المتوفى عبر
صورته المعلقة على الجدران فلا أخفيكِ سرًا أننى كنت قلقة منها،
وترددت كثيرًا عند تنفيذها، لكنى أقنعت نفسى بها لأننى كنت أريد أن
تصل رسالة من خلالها بأن الأخ لايزال حيًا فى ذكريات البطلة، وكنت
أعلم تمامًا أن هناك بعض الناس لن يتقبلوا تلك المشاهد.
·
لماذا اتجهت لإخراج الأفلام الروائية وكنت قد حققت
مكانة وشهرة فى إخراج الأغانى؟
-
كانت لديَّ طوال الوقت رغبة فى الاتجاه إلى السينما، فقد درست فى
الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة وحصلت على شهادة البكالوريوس
فى الإخراج المرئى والمسموع، وكانت خطوة مهمة وقادمة لا محالة.
·
ولماذا قررت المشاركة فى كتابة سيناريو الفيلم؟
-
أحببت جدًا أن أقدم تجربتى السينمائية وأنا شريك أساسى فى كل مراحل
العمل، وهو أمر مرهق جدًا، خاصة أننى وشريكتى «ناديا عليوات» قد
أعدنا كتابة السيناريو أكثر من خمس مرات، وكان يشرف علينا أستاذ
إيطالى متخصص فى كتابة السيناريو، فكنا نرسل له النسخة ويرسل لنا
نصائحه، حتى خرج الفيلم فى شكله النهائى، وهو ما جعلنى أطالب
الممثلين أثناء التصوير بعدم تغيير أى جملة واردة فى النص،
فالسيناريو بالنسبة لى مقدس، وأى جملة كتبت به لها أبعادها
المقصودة.
·
وهل يمكن أن تكررى تجربة كتابة السيناريو فى أعمالك
القادمة، لتصبحى كاتبة سيناريو محترفة أم ستكتفين بالإخراج؟
-
أنا أنوى أن أكرر التجربة، وأن تكون كل أفلامى من كتابتى وإخراجى،
وليس فى مخططى أن أخرج سيناريو جاهزًا ومكتوبًا، والأجمل بالنسبة
لى أن أكتب سيناريو بالمشاركة مع كاتب آخر، فهى تجربة ممتعة، خاصة
عندما يكون شريكى معى على نفس الموجة، ونتفق فى رؤيتنا الفنية
سويا، كما فى حالتى مع «ناديا».
·
تنتمين إلى عائلة فنية فأختك هى المطربة «جوليا
بطرس» وأخوك هو الموسيقار «زياد بطرس».. هل كان ذلك هو الدافع لأن
تقدمى أغنية النهاية فى الفيلم بصوتك؟
-
لقد عارضنى فى ذلك أخى «زياد بطرس»، حيث إنه هو من وضع الموسيقى
التصويرية للفيلم، لكننى أصررت على خوض التجربة، حيث كنت أرغب أن
تكون أغنية النهاية شبيهة بروح الفيلم ككل.
·
هل ستعودين لإخراج الأغانى مرة ثانية؟
-
عندى مشروع كليب أعكف على تقديمه حاليًا، خاصة أن آخر أغنية مصورة
قدمتها لـ«أحلام» الكويتية فى عام 2012، لكن الأغانى المصورة لن
تكون ضمن أولوياتى أكثر من ذلك، وستنال السينما كل تركيزى، فلديَّ
مشروع سينمائى يجرى التجهيز له الآن قوامه الأساسى أيضًا هو
العلاقات الإنسانية.< |