ايزابيل أوبير، مغامرة غريزية
لئيمة!
ايطاليا/
المغرب
-
هوفيك حبشيان
ايزابيل
اوبير
في
الستين
اليوم،
ولا
تزال
تبهر،
بل
يزداد
وهجها.
تبهر
بنبرة
صوتها
القاطعة،
بنظرتها
الحادة
القاسية
التي
تعرّي
الأسرار،
بخياراتها
السينمائية
التي
تقلّها
من
غرب
الكرة
الأرضية
الى
شرقها،
بهذا
الظمأ
إلى
المعرفة
والتزود
من
التقنيات
والركون
الى
الغريزة
الذي
يرافق
واحدة
من
أكثر
ممثلات
السينما
الفرنسية
قيمة
منذ
ارليتي
وسيمون
سينيوريه.
لم
يبقَ
مهرجان
الا
كرّمها
ولم
يبقَ
مخرج
الا
لجأ
الى
هذه
الصفحة
البيضاء
ليرسم
عليها
استيهاماته،
من
ماركو
فيريري
الى
اندره
فايدا،
مروراً
بماورو
بولونييني
واوتو
بريمينغر.
واذا
استطاع
كلود
شابرول
أن
يمسك
بكاراكتيرها
ليسند
اليها
أكثر
أدوارها
انسجاماً
مع
الفكرة
التي
تكونت
عن
أوبير
عبر
الزمن،
فإنه
كان
عليها
أن
تنتظر
اللقاء
الحاسم
بميشاييل
هانيكه
كي
يحملها
هذا
النمسوي
الكبير
الى
التكريس
النهائي
مع
"عازفة
البيانو"،
في
كانّ
عام
2001.
في
الآتي،
صفحة
ــ
تحية
الى
أوبير،
تتضمن
مقابلة
معها
أجرتها
"النهار"
بين
مراكش
والبندقية،
تتبعها
شذرات
من
هذين
اللقاءين
معها.
·
ما
موقفك
من
قضية
الموت
الرحيم،
كونك
تمثلين
في
فيلم
ماركو
بيللوكيو
"الجميلة
النائمة"
الذي
يتناول
هذه
القضية؟
-
فعلاً،
وبصراحة
مطلقة،
لم
أفكر
في
الموضوع
جيداً.
من
البديهي
القول
ان
على
الانسان
أن
تكون
له
حرية
الخيار،
لكن
ما
يقوله
لنا
بيللوكيو
في
الفيلم
هو:
"ولكن،
ماذا
نفعل
بحريتنا؟".
اذاً،
لا يكفي ان نمتلك الحرية.
لكن
عندما تطرح أسئلة مماثلة في فيلم، ليس من السهل ايجاد أجوبة عنها.
أهمية
الفيلم في كونه يرينا ان من الصعب جداً أن يكون لنا رأي جازم في
هذه القضية.
الشخصيات المطروحة لا تختزلها اقتناعاتها.
انها
مفتوحة على أكثر من ذلك.
هذا
فيلم عن التناقضات حيث المشاعر لا تتداخل في الأفكار.
حتى
الشخصية التي أجسدها، تقول انها لا تريد التمثيل بعد الآن، ثم
نراها أمام المرآة حالمة بتقمص اللايدي ماكبث الخ.
هكذا
هي الطبيعة البشرية:
نريد
شيئاً ثم نضطر بحكم ظروف معينة إلى القيام بخيارات أخرى تكون على
نقيض خياراتنا أحياناً.
عندما
تكون الشخصية حاملة لهذا القدر من التناقضات، يسهل انجراري معها.
عموماً، لا انحاز الى الشخصيات ذات البُعد الواحد.
لا
يهمّني تجسيدها.
·
هل
تثقين
ثقة
مطلقة
بالسينمائيين
الذين
تعملين
معهم؟
-
نعم.
أقرأ
السيناريو
بالطبع.
هذا
بالنسبة
للسينمائيين
المعروفين
الذين
نعرف
ما
هم
عليه
جيداً.
أما
الذين
بدأوا
الآن
في
المهنة،
فمعايير
العمل
معهم
مختلفة
تماماً.
لا
أخفي
ان
هناك
العلاقة
الشخصية
والانجذاب
اللذين
يكونان
الفاصل
أحياناً
في
أسباب
اختيارك
العمل
مع
أحدهم.
·
تميلين
الى
القفز
بين
بلدك
فرنسا
والخارج؛
الأفلام
التي
مثلتِ
فيها
صُوّرت
في
كوريا
والفيليبين
وايطاليا،
الخ...
وقريباً
تصورين
في
فيلم
ايطالي
في
البرتغال...
-
لم
أكن
عملتُ
في
ايطاليا
منذ
زمن
طويل،
وهذا
يسعدني
جداً،
وخصوصاً
مع
شخص
مثل
بيللوكيو
وهو
صاحب
حسّ
جمالي
رفيع.
هناك
ايضاً
هذا
التقليد
العريق
في
السينما
الايطالية،
يبدأ
مع
الملابس
الأنيقة
والديكورات
الفاخرة
ويشمل
كل
ما
تتشكل
منه
عظمة
الفنّ
الايطالي.
كنتُ
أشعر
بالسعادة
لإعادة
التقاط
الخط
الذي
قادني
الى
كل
هذا
التراث.
أنا
فضولية
في
طبيعتي،
وأحبّ
أن
تحملني
المصادفات
والاهتمامات
الى
أماكن
بعيدة،
ولا
أمانع
في
المغامرة.
يعجبني
أن
أجد
نفسي
في
أماكن
أجهل
تماماً
كيف
تكون
فيها
الأشياء.
هذا
ما
حصل
خلال
تصوير
فيلمَي
مندوزا
وسانغ
سو.
أشياء
كهذه
محفزة
جيدة
للعمل
وتكاد
تكون
مسألة
طفولية.
أشبّه
المسألة
بعلبة
تفتحها
ولا
تعرف
محتواها.
يستهويني
هذا
مثلما
يستهويني
الاّ
أعرف
ماذا
ينتظرني
في
آخر
المشوار.
المفاجأة
في
العمل
السينمائي
مهمة
جداً
لي.
اعتقد
ان
لا
أحد
يصنع
الأفلام
ليصل
الى
نتيجة
كان
يتوقعها
مسبقاً.
السينما
رحلة
الى
المجهول
تحوّل
ابطالها
وصنّاعها
نفسياً
من
الداخل.
أستطيع
القول
انني
كنت
محظوظة
عندما
أُسندت
إليَّ
شخصيات
مختلفة
في
كل
مرة،
حتى
في
فرنسا.
وعليّ
التوضيح
ان
قلة
التنوع
في
فرنسا
ليست
هي
التي
جعلتني
ابحث
عن
أدوار
في
الخارج.
لا
أشعر
انني
أكرر
نفسي.
في
المقابل،
يجب
أن
اضيف
أنني
لا
أنجز
الأفلام
للشركات
السياحية
(ضحك).
اذا
اردتُ
أن
أزور
بلداً
ما،
يمكنني
أن
أفعل
ذلك
على
نفقتي
الخاصة.
برغم
كل
ما
سبق
وقلته،
تبقى
السينما
هي
الهدف
الأول
والأخير.
·
هل
تجدين
فرقاً
كبيراً
بين
التمثيل
بالفرنسية
والتمثيل
بالايطالية
أو
لغات
أخرى...
-
أن
تصوّر
فيلماً
في
ايطاليا،
فهذا
لا
يختلف
كثيراً
عن
تصويره
في
فرنسا،
لأن
الثقافتين
متقاربتان
الى
حدّ
ما.
لكن
أن
تذهب
الى
بلدان
مثل
الفيليبين
وكوريا،
فهنا
ستجد
ان
الفرق
كبير،
وهذا
يشكل
تحدياً
غير
مسبوق
على
الصعيد
التمثيلي.
كثر
لا
يتكلمون
كلمة
انكليزية
واحدة
في
كوريا،
وكوني
لا
أتكلم
الكورية،
فهذا
يزيد
الأمور
تعقيداً.
التواصل
معهم
ليس
سهلاً،
مع
انني
لستُ
بالشخص
الصعب.
·
أخبريني
قليلاً
عن
تعاونك
مع
المخرج
الكوري
الجنوبي
هونغ
سانع
سو
في
فيلم
"في
بلد
آخر".
يُقال
ان
لديه
طريقة
خاصة
في
العمل...
-
كانت
تجربة
ممتازة
بالفعل.
نعم،
يعمل
بطريقة
خاصة
جداً.
لا
يكتب
أيّ
سيناريو،
يكتفي
باعطائك
الدور
الذي
تضطلع
به
على
قصاصات
ورق
صباح
كل
يوم.
ولا
يرتجل
خلافاً
لما
يعتقده
بعضهم.
كل
شيء
يجري
بسرعة
قياسية.
فجأة،
يضعك
أمام
الأمر
الواقع،
فتصبح
مجبراً
على
أن
تصور
لمدة
24
ساعة،
ثم
يتوقف
عن
التصوير
لمدة
يومين
أو
ثلاثة.
ينتظره
الجميع
الى
ان
يستعيد
الالهام.
يكرر
كثيراً.
لديه
فريق
عمل
مصغر،
لذا
هو
يفعل
ما
يريده،
اذ
لا
ضغوط
انتاجية
عليه.
عملي
مع
مندوزا
كان
مختلفاً.
فـ"رهينة"
لم
يأخذني
فقط
جغرافياً
الى
ابعد
نقطة
عن
بلدي،
بل
ايضاً
كان
التصوير
فوضوياً،
ومندوزا
كان
يسعى
الى
خلق
هذه
الفوضى.
كنا
فعلاً
نجوع
ونخاف
ونشعر
بالتعب.
حتى
الرصاص،
وهو
رصاص
غير
حقيقي
بالطبع،
بدأ
يخيفني
عندما
راح
يلعلع
فوق
رؤوسنا.
كان
مندوزا
يعمل
كأنه
ينجز
فيلماً
وثائقياً،
علماً
ان
الفيلم
لم
يكن
وثائقياً.
هذه
تجربة
مذهلة
في
مسيرتي.
كل
سفر
من
اسفاري
السينمائية
كان
مختلفا
عن
الثاني.
سانغ
سو
لا
يبذر
في
الامكانات
ولا
يلجأ
الى
موازنة
كبيرة،
في
حين
اشبّه
مندوزا
بشخص
يجعلك
تغطس
في
وعاء
من
المياه
الساخنة،
ولا
يطلب
منك
ان
تحترق
فحسب،
بل
يطلب
منك
ان
تستمتع
بالسباحة
في
ذلك
الوعاء.
هذا
مخرج
يسعى
الى
اشاعة
جوّ
من
التشنج
خلال
التصوير
ينعكس
على
الممثلين.
·
يحكى
انك
تتدخلين
كثيراً
في
انجاز
الأفلام
التي
تشاركين
فيها.
وهنا،
آتي
على
ذكر
كلود
شابرول
مثلاً،
اذ
يبدو
ان
بعض
الأعمال
ولدت
من
النقاشات
بينكما...
-
هذا
ليس
صحيحاً.
بدايةً،
أنا
لا
أجري
استعدادات
لمشاركتي
في
فيلم،
لسبب
بسيط
ان
ما
من
شيء
ينبغي
تحضيره.
هناك
فقط
أشياء
يجب
التفكير
فيها.
ثمة
أفكار
مسبقة
أو
مغلوطة
حول
العلاقة
بين
الممثل
والسينمائي،
وما
تقوله
لي
جزء
من
هذا.
هكذا
كنتُ
أعمل
مع
شابرول،
لأنه
واحد
من
الذين
لا
يتحضرون
للتصوير
بطريقة
تقليدية.
كانت
لدينا
نقاشات
طويلة،
لكن
ليس
بالضرورة
لإنجاز
الأفلام
التي
أنجزناها
معاً.
الأشياء
كانت
تأتي
كما
تأتي،
قد
يعتقد
المرء
أنها
ثمرة
المصادفة،
لكنها
لم
تكن
المصادفة.
·
2012
كان
عام
ايزابيل
اوبير:
فيلم
في
برلين،
فيلم
في
كانّ،
فيلم
في
البندقية،
نسخة
جديدة
لـ"باب
الجنة"
في
الصالات،
تكريم
في
مراكش،
الخ...
-
عملية
توزيع
الأفلام
وتوقيت
نزولها
الى
الصالات
يجعلان
الممثل
يشعر
أحياناً
بأنه
عمل
كثيراً
في
المرحلة
الأخيرة،
وهذا
ما
حصل
معي
في
2012،
اذ
نزلت
كل
الأفلام
التي
كنت
عملتُ
عليها
في
الأشهر
الأخيرة
الى
السوق
خلال
عام
واحد.
ولكن،
هذه
صورة
غير
واقعية
طبعاً،
مع
انني
صورتُ
كثيراً،
وأشياء
مخالفة
للسائد...
·
في
الأمس،
وأنا
أشاهد
لقطات
من
الأفلام
التي
شاركتِ
فيها
على
مدار
كل
تلك
الأعوام
الماضية،
لاحظتُ،
مرة
جديدة،
التنوع
الذي
تقوم
عليه
اختياراتك.
لكن،
في
الحين
نفسه،
هناك
شيء
مشترك
في
كل
أدوارك،
من
الصعب
عليّ
تحديده.
هل
توافقينني
الرأي؟
-
نعم،
أوافقك
تماماً.
كان
الحظّ
حليفي
لألتقي
بالسينمائيين
الجديرين
الذين
سمحوا
لي
بأن
أضع
أقنعة
جديدة
في
كل
مرة
واحافظ
على
الجوهر،
وان
ابقى
في
موازاة
ذلك
حرة
وقادرة
على
عدم
انكار
ذاتي
والتخلي
عنها.
طبعاً،
أضعف
الايمان
ان
يحترم
المخرج
ذات
الممثل،
ولكن
يحصل
الا
نلتقي
بالأشخاص
المناسبين
أحياناً.
معظم
الممثلين
عندما
يعتقدون،
في
السرّ
او
في
العلن،
انهم
عاشوا
تجربة
مميزة
مع
سينمائي
معين،
يسعون
الى
ان
تتكرر
التجربة.
الاستثناء
هو
الاّ
يحصل
هذا
الشي.
لذا،
أجد
ان
من
الطبيعي
جداً
انني
انجزتُ
افلاماً
عدة
مع
شابرول
وهانيكه
وجاكو.
هذا
ما
يجب
ان
يحصل
دائماً.
·
نرى
كيف
يتورط
الممثلون
الأميركيون
في
الحياة
السياسية
والاجتماعية
والنضالية
ويدعمون
قضايا
معينة.
لماذا
لا
نرى
نماذج
مثل
هؤلاء
عند
الفرنسيين
مثلاً؟
-
ليس
عندي
جواب
عن
هذا
السؤال،
لكن
ما
تقوله
صحيح.
ليس
كل
الأميركيين
ملتزمين
قضايا
معينة،
لكن
الواحد
منهم
عندما
يلتزم
يفعلها
بشكل
جيد
ويذهب
بقضيته
الى
الآخر،
ويعلن
رأيه
وموقفه
بصراحة.
طبعاً،
يهمّني
هذا.
لكن
أعتقد
ان
الأدوار
التي
اخترتها،
على
الرغم
من
انها
ليست
نضالية،
تعبّر
عن
حالة
فكرية
معينة
تسكن
في
أعماقي.
في
النهاية،
يمكن
القول
ان
كل
ما
نفعله
ذو
طابع
سياسي.
لكن،
لا
أجد
حاجة
الى
أن
اكشف
عن
مواقفي
أكثر
من
ذلك.
hauvick.habechian@annahar.com.lb |