كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

بيروت رفعت قبّعتها:

محمد خان مرَّ من هنا

بانة بيضون

عن محمد خان وفيلمه الجديد «فتاة المصنع»

   
 
 
 
 

أحد أبرز رواد الواقعية الجديدة، دخلت أفلامه ذاكرة السينما المصرية منذ نهاية السبعينيات. «فتاة المصنع» حاز جوائز عدة في المهرجانات، وتصدّر شباك التذاكر في المحروسة. في مناسبة طرح «متروبوليس أمبير صوفيل» الشريط بدءاً من الغد، حلّ المخرج المعروف محمد خان (1942) ضيفاً على بيروت. «الأخبار» التقته لدردشة حول العمل ومشاريعه الجديدة ونظرته إلى التطوّرات والأحداث السياسية

أكثر ما هو ملفت في «فتاة المصنع» هو جمالية لغته البصرية رغم صعوبة ذلك لأنّ أحداث الفيلم تدور في الحارات الشعبية والبيوت الضيقة والمزدحمة، لكنك تخلق من كل ذلك جمالية خاصة يمكن تسميتها بجمالية العشوائيات (كادرات فوضوية وغير تقليدية، حيث تستكشف عبر الكاميرا مساحات العشوائيات الضيقة في ما يشبه المتاهة)، من أين تنبع هذه الرؤية الإخراجية وكيف نجحتَ في تحقيق ذلك تقنياً؟

المكان يفرض عليك الأسلوب السينمائي. أماكن التصوير كانت كلها ضيقة وأنا شخصياً أحب الأماكن الضيقة في الأفلام. لا أحب الاستوديوهات. كانت أكبر مشكلة عندي أنّ البيوت في الحارات حيث صور الشريط قديمة ويصعب إدخال المعدات داخلها. كان يستحيل أن تتحرك الكاميرا فيها على «شاريو» (عربة تصوير)، فاكتشفت تقنية الـ «سلايد» في التصوير التي لم أستخدمها قبلاً وهي اختراع سمح لي بأن تتحرك الكاميرا من دون الاستعانة بمعدات ضخمة. أضفتُ حيوية على التصوير في هذه الأماكن الضيقة من خلال الكاميرا المتحركة، وإلا كان الجماد سيطغى على اللغة السينمائية. أحياناً، تلعب المعدات دوراً في طريقة التعبير. والفيلم في النهاية حصيلة ثقافة ورؤية. أما الأسلوب فيأتي بصورة عفوية. لا ألجأ كثيراً إلى التقطيع السينمائي المسبق، وأتعامل غالباً مع المكان الذي يفرض نفسه كما نرى في اللقطة التي تُظهر هيام (ياسمين رئيس) وهي تمشي بجانب السور والمترو الذي يمر حيث نرى غرافيتي من الثورة لسعاد حسني. ثم هناك الخطوط السينمائية التي يرسمها التقاطع بين اتجاه هيام والمترو الذي يمرّ. لكن ذلك كان مقصوداً. هكذا تخيلت المشهد بعيني المجردة لكن لم يكن سهلاً تحقيق ذلك، فاضطررت لاستخدام سيارة نقل كي آخذ اللقطة من الزاوية التي أريدها.

في أفلام سابقة، صوّرت العشوائيات والمناطق الفقيرة في القاهرة بطريقة أكثر سوداوية كـ «أحلام هند وكاميليا» أو مشهد يحيى الفخراني في «خرج ولم يعد» وهو يجوب الحارات المتسخة والمهملة بينما في «فتاة المصنع» تظهر العشوائيات والحارات الشعبية بطريقة مختلفة أكثر إيجابية إلى حد ما؟

كان هناك اتفاق بيني وبين مصممة الأزياء والمصوّر على أن تكون ألوان الفيلم حيوية ومبهجة كي تتناقض مع الواقع. وهذا ما طغى على أسلوب الفيلم. حتى لو كانت المناطق التي نصوّرها فقيرة، فليس ضرورياً أن نراها بطريقة سوداوية. أردت من خلال ذلك أن أدخل شيئاً من البهجة على الشريط.

المشهد الأخير لهيام في عرس صلاح حين تخلع حجابها وتضعه حول خصرها وترقص بشعرها القصير ونظراتها الملتبسة بين الحضور والغياب، هو من أقوى مشاهد الفيلم وأكثرها تعبيراً كأنها تتحرر من الحلم و الواقع معاً، كيف اخترت هذه النهاية وماذا تمثّل لك؟

الثورة كانت تجربة مهمة لكنّها سُرقت ونحن نطالب بدولة مدنية علمانية وليس عسكرية

في ذلك المشهد، تحرّر هيام روحها. في نهاية فيلم «شقة مصر الجديدة»، تركب البطلة وراء حبيبها على الدراجة النارية وتفك شعرها أيضاً. وهذا يمثل لي نوعاً من التعبير عن تحرّر المرأة وانعتاقها من كل القيود والمحظورات حتى من قيد الواقع الذي يمثله العريس صلاح الذي لا نراه بشكل واضح بل بشكل مشوش بينما هيام ترقص. تقصدت ذلك. أحياناً، تكون اللغة السينمائية أكثر بلاغة من الكلام.

كيف اخترت ياسمين رئيس لأداء بطولة الفيلم الذي تألقت فيه رغم أنها ممثلة غير معروفة؟

ياسمين رئيس لم تتقدم في البدء لأداء بطولة العمل. كنتُ قد شاهدت أداءها في فيلم «واحد صحيح» لهادي الباجوري الذي هو زوجها. لفتتني خلال تجارب الأداء لأنّها تكلمت عن نفسها وأعجبت بهذه المصارحة مع الذات. في اختياري للممثلين، أعتمد على الحدس. ياسمين رئيس امرأة جميلة والتحدي الحقيقي كان أن يتخطى المشاهد جمالها من خلال أدائها لشخصية «هيام» لأنّ ما يتناوله الفيلم هو صلبها وليس جمالها.

منذ فيلمك الأول «ضربة شمس» حيث نرى المشهد الأول لنور الشريف مع نورا في شقته مصوّراً علاقة الحب الحرة بينهما خارج إطار الزواج الذي يميل في أسلوبه إلى تيار الموجة الجديدة في السينما وصولاً إلى «فتاة المصنع» في الحارات الشعبية حيث كل الفتيات محجبات، كيف تقرأ التغيرات التي حدثت في مصر وفي الأفلام التي قدمتها للسينما بتنوع الشخصيات التي عرضتها وخلفياتها الاجتماعية والطبقية المختلفة؟

حين قدمت هذا المشهد الافتتاحي في «ضربة شمس» (1978)، كان جريئاً حتى بالنسبة إلى تلك الحقبة وفي مجتمع شرقي. ربما ذلك يعود إلى دراستي السينما وإقامتي في إنكلترا لمدة 12 سنة. كان من حظي أن أعيش في انكلترا في الستينيات لأنها كانت مرحلة ثرية في السينما والفنون مع الـ «بيتلز»، والـ «رولينغ ستونز». كانت هناك موجة من التمرّد في الفن والاستفادة الحقيقية لم تكن فقط من مدرسة السينما، بل من وجودي هناك في هذه الفترة وتأثري بالموجة الجديدة وبأنطونيوني. حين يبدأ المرء، لا يعرف السينما التي يريد الخوض فيها. لكن في رابع أفلامي «طائر على الطريق»، عرفت أنّ تلك هي نوعية الأفلام التي أريد إخراجها لاحقاً. «سينما الشخصيات» تجذبني ومن خلالها أخلق الحكاية. أما بالنسبة إلى التغيرات التي ألمت بمصر، فهناك مشهد معبّر في «فتاة المصنع» حين تخرج الأم الفساتين المكشوفة التي كانت ترتديها قديماً من الصندوق، فتقول لها بناتها: «ده عريان» فترد عليهن: «في زماني أنا ما كانش عريان». لكن مع كل الثورات التي حدثت، أعتقد أنّ الأشياء هي قيد التحول، وهناك عدد متزايد في مصر من الفتيات اللواتي يخلعن الحجاب يوماً بعد آخر.

في أحد مشاهد «فتاة المصنع» نرى هيام واقفةً عند الجسر، تتكلم عن الرغبة الجنسية ولو بأسلوب غير مباشر. كذلك الأمر في مقاطع أخرى من الفيلم، وأيضاً في فيلمك السابق «بنات وسط البلد» تسأل هند صبري في مشهد اعتبر صادماً الرجل الذي تواعده متى فقد عذريته. إلى أي درجة ما زال الجنس تابو في السينما المصرية والعربية؟

لا أستطيع أن أخرج فيلماً صريحاً جنسياً للأسف، مع أن الجنس جزء من حياتنا. لا نستطيع التعبير عنه لكن نلمح إليه. ذلك هو الحجاب الافتراضي الذي نضعه. القيود التي تحاصرنا. في فيلمي المقبل «قبل زحمة الصيف»، أرغب بأن يعبر الفيلم بشكل أساسي عن الرغبة الجنسية من دون أن نرى فعلياً مشاهد جنسية. هذا يمثل تحدياً بالنسبة إلي. فكرة الفيلم خطرت لي حين ذهبت مع زوجتي في عطلة في أحد أيام الشتاء إلى ما يشبه قرية على البحر مؤلفة من الشاليهات، وكنا فقط بمفردنا برفقة شخص آخر. تخيلت فيلماً تدور أحداثه في فترة مماثلة وفي مكان مشابه مع خمس شخصيات من طبقة مختلفة تماماً عما رأيناه في «فتاة المصنع».

أرغب بأن يعبّر فيلمي المقبل «قبل زحمة الصيف» عن الرغبة الجنسية بشكل أساسي

حصلت أخيراً على الجنسية المصرية بعد انتظار طويل، لمَ لم تمنح الجنسية قبلاً ولم الآن؟

حصلت على الجنسية المصرية قبل سفري أخيراً إلى لبنان. كانت هذه المرة الأولى التي أستخدم فيها الباسبور المصري بدلاً من الإنكليزي رغم أنني ولدت وعملت وعشت في مصر وأنا في الحقيقة قدمت للجنسية منذ فترة طويلة وهي لم ترفض فعلياً، إلا أنه لم يحرك أحد ساكناً ولم تتخذ خطوات إيجابية في هذا الشأن وبقيت مسألة معلقة إلى أن قمت بتصريح إعلامي أعلنت فيه أنني لا أريد الجنسية إلا إذا هي قدمت لي. وهذا ما حدث. حصلت على الجنسية بقرار جمهوري وأحسست بأن ذلك كان رد اعتبار لشخصي.

كيف عشت الثورة؟

أكيد الثورة كانت تجربة مهمة جداً لكنها لم تكتمل. لقد سرقت، لكن أعتقد أنه سيأتي يوم ستقوم فيه ثورة ثانية.

من الذي سرق الثورة؟

الذين لا يريدونها، الذين يستفيدون من غيابها.

هل يتحمّل الإخوان المسؤولية الأكبر في ذلك؟

ليس فقط الإخوان. ليس لهؤلاء أسماء، فهم طبقة. لو أدار الإخوان البلاد بطريقة جيدة، لتقبّلهم الناس. لكنهم لم يعرفوا كيف يديرونها ونشروا الفساد، و لم يقوموا بأي تغيير إلا نحو الأسوأ.

في «فتاة المصنع»، ألا توجّه انتقاداً للإخوان في المشهد الذي تتحرّر فيه هيام من حجابها؟

كلا، هيام لا تفكر بهذه الطريقة. الثورة في الفيلم عندي ليست سوى خلفية في مدينة متوترة، يعني حتى حين تمرّ تظاهرة أمام هيام، لا تلفت انتباهها.

لماذا اخترت أن تضع الثورة في خلفية الفيلم ولا تصوّرها فعلياً؟

لأني إذا تجاهلت ذلك، لن يتمتع الفيلم بالمصداقية لأن المدينة فيها ثورة وهي في حالة توتر دائم. نسمع في الفيلم صفارات الإسعاف ونرى الغرافيتي على الحيطان. كان الوقت مبكراً جداً والثورة لم تنضج بعد. أنا كنت ضد صناعة أفلام عن الثورة في هذه المرحلة.

هل تظن أن وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم سيكون مفيداً لمصر؟ وألا يتعارض ذلك مع الأهداف التي قامت عليها الثورة؟

هو وصل فعلاً، وعملية التأليه هي المخيفة. أنا لا أشك أنه رجل وطني ويريد صالح بلاده، لكن نحن نريد الخطو بمصر نحو دولة علمانية مدنية وليس عسكرية. لكن في الوقت عينه، أنا أختلف مثلاً مع أولادي الذين هم ضد آرائي. أولادي ربما ثوريون أكثر مني. أنا أحس أن مصر اليوم بحاجة إلى حل صارم. هناك فوضى لا يمكن تخيلها، تحتاج إلى يد من حديد لإدارة البلاد لأنّها تنهار اقتصادياً، والمشاكل ليست من الداخل فقط بل هناك أطماع من الخارج في مصر، أميركية بالذات. هي لا تريد أن تكون مصر قوة في المنطقة لأنها تهدد مصالحها والعرب بدأوا يتوحّدون للمرة الأولى وهذا أيضاً يهدّد مصالحها.

هناك خيار محير يحكم الحبكة الروائية لـ «فتاة المصنع» هو أنّ هيام لا تبرر أو تدافع عن نفسها حين تتّهم بأنّها حامل بل تكتفي بالصمت لكن في نهاية الفيلم نكتشف أنها عذراء؟

الأمر الوحيد الذي ندمت عليه في الفيلم أنّه عندما يزور صلاح صديقة هيام في المستشفى تخبره أن هيام ما زالت عذراء: «سليمة، بختم ربها» لأنّ هذه ليست القضية. كانت هذه الجملة مكتوبة في النص الأصلي الذي كتبته زوجتي وسام سليمان لكنني رأيتها غير مناسبة، وهي اقتنعت معي لكن كان الوقت متأخراً لتغيير ذلك.

في عدد من أفلامك كما في «فتاة المصنع» حيث هيام تحلم بسعاد حسني، تصوّر علاقة شخصياتك مع أبطال السينما والأفلام ، كأنّ هناك دائماً السينما داخل السينما؟

منذ نشوء السينما، هناك أجيال تربت على أفلام معينة وتأثرت بها لأن دماغنا يخزّن تأثير هؤلاء النجوم (الأيقونات) في طريقة حياتنا.

كيف كانت علاقتك بسعاد حسني ولمَ قررتَ إهداءها هذا الفيلم؟

أفتقد سعاد حسني جداً. كانت صديقة، وشيء حزين أنها انتحرت، منذ زمن طويل. حين كنت في بيروت عملت مساعد مخرج وكان هناك مخرج اسمه سيف الدين شوكت أخرج لسعاد عدداً من الأفلام. كان يروي لنا أنّها كانت متحررة، وكان حبّها للحياة متطرفاً وعاشت طفولة صعبة. كل ذلك نضج معها عبر السنين من خلال أفلامها. حين عملت معي في فيلم «موعد على العشاء»، كانت تهتم بأدق التفاصيل في تمثيلها. كانت ممثلة نادرة وعزيزة على قلبي، وأنا كنت أريد عبر هذا الفيلم أن أصوّر سعاد الحية في وجدان «هيام» ومئات البنات مثلها. كنت أريد أن يتعرف إليها من لا يعرفها ويتذكرها من نسيها. أحسست أنني مدين لها بهذا الإهداء وهي بصوتها أنتجت طاقة في الفيلم كالنشوة. أنا استخدمت مقاطع من برنامج تلفزيوني حيث تغني سعاد من دون موسيقى. فكرة إضافة أغنيات سعاد حسني إلى الشريط الصوتي للفيلم خطرت لي أثناء المونتاج وليس خلال التصوير.

الأخبار اللبنانية في

23.04.2014

 

روح شابة لا تتعب من التجريب

محمد خير/ القاهرة 

على أنغام أغنية أم كلثوم «ليلة حبّ»، ترقص «فتاة المصنع» هيام (ياسمين رئيس) في فرح المهندس صلاح (هاني عادل). في تلك العبارة السابقة، لم يظهر اسم سعاد حسني إطلاقاً. لكن الرقصة والمشهد إحالة قوية واضحة إلى مشهد أغنية السندريلا الشهيرة «بانوا بانوا» من فيلم «شفيقة ومتولي» (علي بدرخان 1978). تكاد نظرات هيام إلى صلاح تنطق بكلمات صلاح جاهين في أغنية السندريلا «جربنا الحلو المتعايق (...) فاكرينه شريف..

أتاريه مش كده على طول الخط/ الطبع الردي من جواه نط/ خلاص بقى مهما اتشال وانحط/ مافيش دمعة حزن عشانه». وبالفعل، تؤدي هيام رقصتها بقوة، وبعيون لامعة وبلا «دمعة حزن عشان» المهندس صلاح. لقد انطلقت، تماماً كالسندريلا التي يهدي محمد خان فيلمه إليها، متحديةً غدر الرجل/ المجتمع وقيم الذكورة السائدة. من أجل هذا، من أجل تلك القدرة على الإحالة بين مشهد سينمائي وآخر أقدم بما يقارب 4 عقود، بلا تصريح بل باستخدام لغة السينما وحدها (الصورة والطلّة والإضاءة وعيون الممثلة وطريقة رقصها)... لهذه القدرة والأسباب، وهذه الرغبة ــ والإمكانية ــ في صنع الألعاب السينمائية، تبقى لمحمد خان (1942)، أهميته الكبرى في الساحة السينمائية المصرية. وتبقى أفلامه الأخيرة المتباعدة التي تعاني باستمرار من عثرات الإنتاج، إضافةً إلى السينما. حتى لو اختُلف حول بعضها، يبقى الخلاف النقدي في سياق السينما النوعية التي يقدمها خان. و«النوعية» هنا لا يقصد بها سينما النخبة، بل للأسف، فإنّ مجرد تقديم شريط يعتمد لغة السينما وأدواتها وأحلامها، صار يعدّ ــ في السوق المصرية ـ عملاً نوعياً. ومن إشارات «لغة السينما» في «فتاة المصنع»، ارتداء هيام دائماً الإيشارب «البمبي» في إشارة أخرى إلى السندريلا التي ملأ صوتها ــ المنقّى من الموسيقى ــ مشاهد الفيلم معلّقاً على الأحداث، مبتهجاً تارة ومرتبكاً طوراً، عبر كلمات أغنياتها من «بمبي» إلى «صغيرة على الحب» إلى «شيكا بيكا»... مقاطع صوتية رافقت هيام وهي تلتقي المهندس الجديد في المصنع، بعد رحيل القديم (خيري بشارة). أما الجديد (هاني عادل) فهو « 5 إدوار» في إشارة إلى طول القامة، والهيبة التي ملأت عيون وقلب فتاة المصنع التي «تمت واحد وعشرين سنة»، فاشتعلت في قلبها نار «لا بتهدي ولا عايزة تطفيها». بين الفتاة والمهندس فارق طبقي طفيف، لكنه يتضخم كالعادة في الطبقة الوسطى المرعوبة، وهي لعبة أثيرة عند جيل محمد خان، لعبها عاطف الطيب قبلاً في «الحب فوق هضبة الهرم»، متمثلاً الفارق بين أسرتي موظفين كبير وصغير. أما مع خان «المصنع»، فثمة خطوات غير بعيدة تفصل العاملة والمهندس الذي يسكن «المنيرة يعني مش المعادي أو المهندسين»، في إِشارة من خالتها (سلوى محمد علي) إلى عدم ثراء المهندس «المتعايق»، ثم انتفاء المبرر لتعاليه على مَن هم في ظروف «فتاة المصنع». لكن كالعادة مع خان، وهنا مع سيناريو وسام سليمان، ننتهي مع مزيج من المأساة والانعتاق، بعد فضيحة أخلاقية كاذبة. وبعد قبلة من المهندس تبني عليها الفتاة أحلامها، إذا به يكشف عن نذل تام، وقاس، وتكشف هي ـ تحت ضغط الأهل وأقدام الجدة ــ عن قوة كانت مخبأة في هشاشتها البريئة وأحلامها «البمبي».

استُقبل «فتاة المصنع» بترحيب نقدي يليق به وبصاحبه الذي نال أخيراً، وكخبر صحيح هذه المرة، الجنسية المصرية، بعدما كان الأمر قد تحول إلى نكتة سخيفة، تمثلت في قرارات تصدر إعلامياً بلا أثر رسمي.

هذه المرة زاره مستشار الرئيس وسلمه الوثائق في بيته في المعادي، وصار خان مصرياً رسمياً، هو الذي صنعت أفلامه جزءاً أصيلاً من السيرة السينمائية والوجدان العام في هوليوود الشرق. حتى أنّ القول بأنّ أربعة من أفلامه اختيرت ضمن القائمة الأولى لأهم 100 فيلم مصري «خرج ولم يعد» (1984)، «زوجة رجل مهم» (1987)، و«أحلام هند وكاميليا» (1988)، «سوبر ماركت» (1990)، هو اختصار لا يفي خان حقه. بتأمل الأفلام الأربعة المهمة، ينطلق السؤال: وأين فيلم «الحريف» (1983) ؟ وأين «موعد على العشاء» (1981)؟ و«طائر على الطريق» (1981)؟ بل أين باكورته المهمة «ضربة شمس» (1978)؟ اللافت هنا أنّ حقبة الثمانينيات التي لطالما وصفت بأنها فترة «سينما المقاولات» وعصر الفيديو، شهدت أهم أعمال خان وأبناء جيله من خيري بشارة إلى عاطف الطيب، بل حتى مروراً بالمجايلين الذين لا ينتمون إلى «المجموعة» نفسها، أمثال علي عبد الخالق في ثلاثيته الثمانينية الشهيرة «العار « و«الكيف» و«جري الوحوش». وأياً كانّ، فإن محمد خان، في عمره السبعيني، أحد القلائل جداً الذين بقوا ممن يحملون همّ وأحلام السينما صاحبة المعنى واللغة، والأهم، روحاً شابة، تجعله لا يصنع فيلماً ملوناً كـ «فتاة المصنع» فحسب، بل يتجرأ أيضاً، فيدفع إلى السينما بسندريلا جديدة.

سيرة

منذ فيلمه الأول «ضربة شمس» أواخر السبعينيات، ذهب محمد خان (الصورة) نحو خلق لغة سينمائية خاصة جعلته واحداً من أبرز رموز الواقعية الجديدة في السينما المصرية خلال النصف الثاني من القرن العشرين. في شريطيه «موعد على العشاء» و«طائر على الطريق»، وصل خان إلى صيغة جديدة لمحتوى أفلامه بعدما نجح في التخلي عن الحدوتة التي تعدّ أحد مقدّسات السينما التقليدية المصرية. هكذا، أخذ التجريب والابتكار إلى أقصاهما، كما في فيلمه «الحريف»، مع انخراطه أكثر في الشخصيات والغوص في أعماقها واضطراباتها ومشاعرها على حساب الحدوتة، التي أصبحت وسيلة لا أكثر في أعماله.

في طرحه للشخصيات المصرية البسيطة والهامشية، تخطى خان أيضاً الشخصيات النمطية والتقليدية التي اعتدنا مشاهدتها في السينما المصرية. وتركيزه على هذه التفاصيل الدقيقة للشخصيات، وأبعادها الإنسانية، وانشغالاتها الصغيرة، ما هي إلا مرآة لحالة مجتمع بأكمله. هذا الأسلوب الخاص، جعل المخرج المصري لا يهتم لنوع الفيلم أو اتجاه العمل بقدر اهتمامه بالعثور على شخصيات مميزة. هكذا، انعكست علاقته مع الحالات الفردية أيضاً، على علاقة أساسية أخرى في أعماله تمثّلت في دقّة اختياره للممثلين، فتعامل مع أبرز نجوم الشاشة المصرية كنور الشريف، وحسين الشربيني، ومحمود ياسين، ويسرا، وأحمد زكي، وسعاد حسني، وحسين فهمي، ومحمود عبد العزيز، وعادل إمام، وصولاً إلى ياسمين رئيس بطلة فيلمه «فتاة المصنع» الذي افتتح «مهرجان دبي السينمائي» في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. خلال المهرجان، حصد «فتاة المصنع» جائزتين، بعدما منح «الاتحاد الدولي لنقّاد السينما» محمد خان جائزة الأفلام الروائية، وفازت ياسمين رئيس بجائزة أفضل ممثلة في «مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية».

الأخبار اللبنانية في

23.04.2014

 
 

محمد خان:

أحداث «فتاة المصنع» بوصلة لبلد

بيروت – فجر يعقوب 

زار المخرج المصري المعروف محمد خان العاصمة اللبنانية قبل أيام لحضور العرض الخاص بفيلمه الجديد «فتاة المصنع»، قبل أن تنطلق عروضه الجماهيرية في صالات بيروت 24 نيسان (أبريل) الجاري. الفيلم الذي يبدو مستقلاً تماماً عن تجارب خان السابقة لجهة مضمونه، يبدو أنه سيحقق نقلة خاصة به حتى على صعيد عروضه في دبي، أبو ظبي، البحرين، قطر، الكويت، سلطنة عمان، وبالطبع في مصر وبيروت، وربما في الأردن كما يتوقع خان في حواره مع «الحياة». السؤال عن السبب ليس نافلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى. يعلق خان: «يُفترض السؤال في مكان آخر عن سبب عروضه هناك وتخلف الدول الأخرى عن ذلك» ويضيف: «ربما بسبب عدم وجود نجوم فيه». ليس في الأمر مزحة، فقد يعبر فيلم محمد خان الجديد مطب الأزمات الإنتاجية كلها، ولكن يبقى التساؤل معلقاً عن صناعة السينما نفسها التي تعبر «مضيقاً» غير مسبوق يحتّم على السينمائيين المصريين شحذ الهمم.

محمد خان حصل أخيراً على الجنسية المصرية. ومن المؤكد أن رفع الجور عنه سيترك تأثيرات كبيرة فيه على رغم انتظاره الطويل والمكلف لها. ليس مطلوباً بالطبع أن يعبّر عن ذلك في شكل مباشر. الواقع يبدو أحياناً غير واقعي حين يتعلق الأمر بتفصيل شخصي بهذه الأهمية لمخرج تعلق بهوية البلد الذي عشقه، ورسم له في أفلامه صورة تكاد تخص محمد خان وحده من بين كل السينمائيين المصريين على رغم تأخره في الحصول على جنسيته حيث لم تشفع له مكابدات عشقه لهذا البلد وإخلاصه وحنينه له حتى في اللحظة التي تدور فيه الكاميرا لتقدم همومه ومشاغله بعين مختلفة وكاشفة. لقد جاء صاحب «زوجة رجل مهم» وأفلام بلغ تعدادها 23 فيلماً، إلى بيروت في لحظة فاصلة يمكن الشغل والتأسيس عليها لجهة التأخير الذي أصبح علامة في منطقة مضطربة ومتأججة الصراعات المفتوحة على احتمالات كثيرة. يقول خان إنه أراد أن يقدم فيلماً سينمائياً عن فتاة كادحة فقيرة لديها طموحات وأحلام عادية وبسيطة، ولكن المجتمع بقوانينه الصارمة يقف عائقاً أمام تحقيقها. أين يمكن أن تكون هذه القوانين الصارمة؟ يرد خان بقوله: «لا يمكن اكتشاف هذا التفصيل المغرق بأهميته، إلا حين مشاهدة الفيلم. ليس الحديث عنه عدالة. العدالة تكمن هناك حين تشعر الفتاة بأنها ستتحرر في اللحظة التي لا تحصل فيها على من تحب». أما عن مشاعر هذه الفتاة فيقول صاحب «شقة في مصر الجديدة»: «أنا هنا أتكلم عن فتاة من طبقة محددة، وفي الوقت نفسه يهمني إدراك هذه المشاعر الإنسانية التي تتكون أيضاً في طبيعة الطبقات التي نذهب إليها محملين بأبسط المشاعر وأكثرها حميمية في اللحظات التي يمكن أن تحدث قطيعة فيها بين فتاة فقيرة، ومهندس من عالم آخر».

بلد متوتر

أما عن سبب اختياره مصنعاً لتدور فيه أحداث فيلمه الجديد بما يعني ذلك من روتين العمل فيه، ورتابة إيقاع الآلات التي تهدر فيه فيقول: «أحداث الفيلم تدور في بلد متوتر أصلاً، حتى أنه يمكن أن نلاحظ ذلك على مستوى الشارع العادي، ففي مشهد تلتقي فيه الفتاة بحبيبها في مكان عام تعبر أمام واجهة المحل تظاهرة تنتمي إلى وضع سياسي أكثر تأزماً، وهي تعرف أنها لا شأن لها بها من حيث المبدأ، إذ تبدو العلاقات الدرامية التي تدور بين جدران المصنع هي التي ترسم وجهة الفيلم وتعير بوصلته لبقية الأحداث».

ويقف محمد خان مطولاً أمام سبب اختياره ياسمين رئيس بطلة لفيلمه الجديد: «لقد جاءت ياسمين إلى الكاستنغ وهي لا تعرف شيئاً عن الدور، وكان عندي روبي كبطلة محتملة للفيلم، ولكن ارتباطها بفيلم آخر ومخالفتها الصريحة لشروط العقد دفعاني للاستغناء عنها في اللحظة التي ظهرت فيها ياسمين. صحيح أنها لفتت انتباهي من قبل في فيلم «واحد صحيح» لزوجها المخرج هادي الباجوري، وكذلك في مسلسل تلفزيوني، ولكني هنا وجدت نفسي أمام ممثلة من طينة مختلفة». هل يعني هذا سبباً في الاحتفاء بسعاد حسني في الفيلم بما تحمله ياسمين من قسمات في الوجه تذكر بذلك: «السندريلا هي في وجدان كل فتاة عربية ومصرية، وفكرتي أن أهدي الفيلم لها جاءت بعد إنجازه بالكامل».

أزمة فيلم

صحيح أن محمد خان كان يستعد للسفر في هذه اللحظات إلى القاهرة بعد أن أنجز مهمة إطلاق عروض الفيلم في بيروت قبل يوم واحد، لكنه لم ينس أن يعرج على «أزمة» فيلم «حلاوة روح» بالقول إنه ليس فيلماً تجارياً. ليته كان كذلك - يقول - هو فيلم رخيص ومرفوض، وضع السينمائيين المصريين في مأزق كبير، فنحن الذين نرفض قراراً ديكتاتورياً يقضي بمنعه من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، نجد أنفسنا مع الأسف مضطرين للدفاع عنه ليس بسبب أهميته، بل بسبب خوفنا من أن تتكرس ظاهرة المنع التي تتعدى هنا المظاهر العادية لعمل الرقابة التي يكفينا وجودها بيننا، ويكفينا ما عانينا منها في السابق.

الحياة اللندنية في

25.04.2014

 

فيلم "فتاة المصنع"..

خلطة محمد خان السرية

رشا حسنى 

لم تتفضل الحكومة المصرية ولا الدولة المصرية على محمد خان  بمنحه الجنسية المصرية أخيراً بل خان هو من تفضل عليها وعلينا وعلى كل عاشق ومحب للسينما وعلى كل مشتاقٍ لسبر أغوار ذلك المجتمع المتناقض والمتضاد تضاد الجاهلية وظهور الإسلام، الظلام والنور أو الأمل واليأس. فقد عبر خان عن تفاصيل هذا الوطن بكل طبقاته بكل فئاته بكل تفاصيله كما لم يعبر غيره، عن شجونه، أحزانه، أفراحه إنكساراته وهزائمه، تغيراته، و تبدل أوضاعه السياسية والإجتماعية والطبقية وحتى النفسية والعاطفية.

يتألق خان ويزداد بريقاً كلما إقترب من الطبقات المهمشة والتي يعتبرها البعض جزراً منعزلة عن هذا الوطن طالما لا يحدث بينهم وبينها أي إحتكاكٍ أو تلاقى، فيأتي محمد خان من خلال روائعه "أحلام هند وكاميليا" و"الحريف" على سبيل المثال، ليؤكد على أحقية هؤلاء في الحلم قبل الحياة فبطلة أحدث أفلامه وليس آخرها "فتاة المصنع" هيام- كل ما تحلم به وتتمناه هو قصة حب وأن يبادلها من تسبب في زيادة ضربات قلبها وعدم إنتظامها نفس الشعور، وكل ذنبها في الحياة أنها لم تلتفت لإحتمالية حدوث ذلك من عدمه هي فقط حلمت وأحبت ليس أكثر ولم ترتكب جرماً بذلك.

تكمن عبقرية خان وتفرده وتميزه عن غيره في كونه جعلنا نرتبط بشخصيات أفلامه بشكل واقعي مع علمنا المسبق بأننا سنشاهد فيلماً وما يحدث به تمثيل وغير حقيقى ولكن معادلات خان البصرية ورصده تفاصيل شخصياته وبلورتها من خلال أفلامه يجعلنا نرتبط بها وكأنها أصدقاؤنا وجيراننا وفتيات أو فوارس أحلامنا.

يساعدنا محمد خان في رؤية أنفسنا ليس عبر المرآة ولكن عبر شاشة السينما فكل منا يرى نفسه وجانبا من شخصيته وتصرفاته من خلال أحد أعمال محمد خان وربما في أكثر من شخصية وأكثر من عمل، فكم من فتيات توحدن مع هيام في حلمها بالحب وإن إختلفت أشكاله ودرجاته، وكم من قلوب خفقت في مشهد زيارة هيام للمهندس صلاح في المستشفى عندما كان مريضاً وحين أطلت علينا سعاد حسنى بصوتها الحنون الدافئ في أغنية من أجمل ما غنت سعاد "آه يا هوا يا هوا يا هوا ...إمتى يا هوا تيجى سوا".

إختار محمد خان ووسام سليمان إهداء فيلمهما إلى سعاد حسنى، وإستطاع خان ببراعة العاشق المخضرم إستلهام سعاد حسنى وإضفاء روحها بمختلف حالاتها الشقية منها والرومانسية أو الغاضبة والمصدومة على أحداث الفيلم وعلى إحساس هيام، بدءاً من نظرتها الحالمة لقبلة بين سعاد حسنى وشكري سرحان من خلال فيلم "السفيرة عزيزة" بل تكاد تكون أكثر لقطات الفيلم تغبيرا عن حلم هيام فهي فقط تريد مثل هذا الحب الذي أوصل إلى مثل هذه القبلة التي تعلقت بها عيناها وخفق لها قلبها.

كل عنصر في الفيلم يتسق مع روح خان تلك الروح التي عبر ونفذ بها نص وسام سليمان من خلال الجمل الحوارية للموسيقى وخصوصا نغمات آلة الأكورديون التي عبرت عن حالة العمل كما عبرت بقية عناصر العمل بكل ما تحمله من فرح وشجن معاً، صوت يسرا الهوارى على تتر نهاية الفيلم متحدثاً بلسان حال هيام وغيرها كثيرات "ببتسم من كتر حبى للعالم .... ببتسم من كتر خوف وعيت عليه وعنيا المفتوحة على الألم كأنها وجع يبص ويبتسم"، حوارات البنات فى المصنع، طلبات الطعام مع إختلاف الكمية ونوع الطلبات إلا إنها كلها تصب فى بوتقة واحدة لتلخص ما يمكن أن يقال ويعبر عنه فى صفحات وصفحات عن الحالة الإجتماعية والإقتصادية الصعبة لهاته الفتيات وتلك الشريحة الإجتماعية،

جوهر الإنسان

رصدت وسام سليمان ببراعة من خلال شخصيات فتاة المصنع جوهر الإنسان ذكراً كان أم أنثى، وأهم ملمح من ملامح هذا الإنسان وهو التناقض فكلنا بداخلنا قدر من التناقض كشخصيات ذلك العمل، مثلا كتناقض شخصية عيدة والتى أدتها ببراعة وتلقائية المخضرمة سلوى خطاب فى كونها تواجه تلك الأزمة العاصفة التى تمر بها إبنتها وبطبيعة الحال هي معها، ولكنها أبداً لم تنس كونها إمراة تشعر بالإطمئنان والحماية من خلال نظرة زوجها لها أو من خلال إحتضانها له مساءا.. أيضاً مشاعر أختها سلوى محمد على تلك الممثلة التي تستطيع بمنتهى البساطة والعمق معا تطويع كل شخصية وإستيعابها بمنتهى السلاسة وتقديمها دون فاصل بينها وبين الشخصية، فلم نشك لحظة بأنها الأخت المحبة لأختها ولبناتها ولكن أيضاً فهى لا تستطيع أن تمنع الأنثى التي بداخلها من الغيرة من أختها أيضا فقط لكونها لازالت متزوجة وتنام بحضن رجل أما هي فلا..

وعلى جانب أخر من تلك التناقضات هي تحزن لسوء ظن إبنتها بها وهى بالفعل تستسلم لإرضاء رغباتها الإنسانية من خلال تجاوبها مع زميلها فى السنترال الذى تعمل فيه. شخصية نصرة التى أدتها أيضاً إبتهال الصريطى بمنتهى الفهم، فهى تحب هيام وتتخذها كأخت لا كصديقة فقط فتدافع عنها وعن سمعتها وتنصحها ولكنها تغار منها ومن علاقتها بالمهندس صلاح، تناقض صلاح نفسه فهو لا يتوانى عن إقتناص فرصة ملائمة لتقبيل هيام ولكن فكرة الزواج منها هي أبعد ما يمكن أن يفكر فيه. ثم تناقض هيام نفسها فهى تلك الفتاة صاحبة الكبرياء والإعتزاز بالنفس كما ظهر جلياً فى مشهدها مع صلاح فى جروبى وقتما كان يهينها ويخبرها بأن تبحث عن أب غيره لمن تحمله فى بطنها وأنه من رابع المستحيلات أن يفكر بالإرتباط بها أو فى المشهد الذى أقدمت فيه على الإنتحار عندما شاهدت زوج أمها وأخوالها يأتون بصلاح  تبدو عليه علامات الإكراه والضرب، وهى صفات تتنافى تماما مع تصرفاتها فى بداية تعلقها وحبها لصلاح فقد تدنت بنفسها وأشعرته هو وعائلته بأنها خادمة له ولهم من أجل نظرة رضا منه أو تجاوب ولو طفيف حتى أفاقتها الأم من ذلك الوهم عندما أعطتها عشرين جنيها نظير تعبها معهم أثناء فترة مرض صلاح.

جمال الفيلم

جمال السينما فى تفاصيلها وجمال سينما محمد خان يكمن فى تلك التفاصيل وفى إختيار زوايا الكاميرا وأحجام اللقطات مثلاً للتاكيد على تلك التفاصيل فلا شئ زائد ولا شئ ناقص كمشهد قص الجدة لشعر هيام وتلك الدمعة الأفقية العابرة على وجهها والمعبرة عن ألمها، أو مشهد القبلة بين صلاح وهيام فلم يأت خان بالقبلة كاملة، فلم نر سوى تلامس شفاههما فقط ولم يطل المشهد كثيراً بعدها فقد ركز خان على حلم هيام ذلك التلامس الذى ذهب بها وبقلبها وبكل حواسها بعيداً إلى دنيا أخرى عشناها معها من خلال لقطات قريبة لهما ولعيني هيام بالتحديد. لقطاته لهيام فى المواصلات وهى تتكأ على زجاج الميكروباص هائمة حباً أو حزناً تلك التى تذكرك بلقطات نجلاء فتحى مثلا فى "أحلام هند وكاميليا" وهى تتكأ على شباك الترام وكأنه يريد أن يجعل المشاهد يتوحد مع بطلته فى تلك اللحظات من التأمل أو التفكير أو الحلم أو الحب.

هناك أيضا اهتمام بتفاصيل الملابس وإكسسوارات وفرش البيوت: بيت عيدة وأختها وبيت الجدة، أنواع مكياج فتيات المصنع وألوانه، أنواع ملابسهن وأحذيتهن وألوانها كلها تفاصيل تبدو صغيرة ولكنها تنضم لأبطال ذلك العمل لتصنع منه فيلما بخلطة محمد خان، بروحه المحبة والمرحة والشابة، التي تجعلك تشعر بهأنه دائما يطل عليك بإبتسامته ليذكرك قائلا: مسيرها تروق وتحلى!    

عين على السينما في

25.04.2014

 
 

"فتاة المصنع" يصل لبنان ويحصد المليون الثاني

كتب- محمد فهمى

انطلق عرض فيلم فتاة المصنع للمخرج المصري الكبير محمد خان في لبنان، من خلال سينما Metropolis Empire Sofil، وذلك بعد أسبوع من العرض الخاص للفيلم الذي أقيم في العاصمة اللبنانية بيروت بحضور مخرج الفيلم محمد خان والمنتج محمد سمير.

وطبقاً لبيانات الإيرادات التي أعلنت عنها ،MAD Solutions يقترب الفيلم من المليون الثاني في شباك الإيرادات بمصر وخمس دول خليجية انطلق بها، بعد معادلة قيمة عملات تلك الدول بالجنيه المصري.

مخرج الفيلم محمد خان علق عن أرقام الإيرادات المشجعة قائلاً "تفاعل الجمهور الإيجابي مع فتاة المصنع يعكس النجاح التجاري الذي لاقاه واقتراب إيراداته من مليوني جنيه، مدعوماً بحماس النقاد نحوه، مما ساهم في توزيعه بأنحاء العالم العربي، من دبي وأبوظبي، إلى قطر، البحرين، الكويت وسلطنة عُمان، وأخيراً وليس آخراً في لبنان".

فتاة المصنع هو فيلم المخرج الكبير محمد خان، وقامت بتأليفه وسام سليمان، وأنتجته شركة داي دريم للإنتاج الفني التي أسسها المخرج والمنتج محمد سمير وتدور أحداث الفيلم حول هيام، وهي فتاة في الواحد والعشرين ربيعاً، تعمل كغيرها من بنات حيها الفقير في مصنع ملابس، تتفتح روحها ومشاعرها بانجذابها لتجربة حب تعيشها كرحلة ومغامرة بدون أن تدري أنها تقف وحيدة أمام مجتمع يخاف من الحب ويخبئ رأسه في رمال تقاليده البالية والقاسية.

الوفد المصرية في

27.04.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)